مقال عن قضايا الخلع في السعودية .. هل هو حق أم تمرد على العادات؟.

يعتقد البعض أن لجوء بعض السيدات السعوديات للخلع كحل جذري للتخلص من زوج لا يرغبن به تمرداً على العادات والتقاليد، بينما تجد الكثير من النساء ذلك وسيلة مثالية لاسترجاع حقهن في الحياة، بعيداً عن رجل متجبّر قد يعلّق رغبتهن في الحرية بقيوده لسنوات.

وبين مؤيد ومُعارض كانت لنا هذه الوقفة مع ملف «الخُلع» وآثاره على الزوجين بعد حياة زوجية انتهت بينهما بكل ما كانت تحمله من سلبيات وإيجابيات.

نبذ المخلوع

تقول غادة، مواطنة سعودية: «لست مجبرة على الزواج من رجل مخلوع، ولا يوجد سبب يجعلني أتزوج من رجل مخلوع ومرفوض من امرأة أخرى»، مضيفة: «سأبدأ حياة جديدة بالزواج ولا أريدها أن تكون مع رجل مخلوع».

حذر

بينما يقول أبوبدر: «بالطبع لن أقبل أن أتزوج من امرأة خلعت زوجها، إذ إنه من المؤكد أنها قد تخلعني لأبسط الأسباب».

مدمن وحاضن

يقول الشيح خالد الصقعبي: «مثل لافت على هذا الأمر أن بعض الزوجات تطلب الخلع لأن زوجها مدمن مخدرات ومع ذلك يحكم بعض القضاة بحضانة الأولاد لهذا المدمن، كيف لهم بمعرفة سبب مماثل فيعطونه حق الحضانة من دون دراسة».

تجربة ناجحة

من جهة أخرى، يقول الكاتب لطفي عبداللطيف: «حالات الخُلع التي تصل إلى هيئة حقوق الإنسان أو لجنة حقوق الإنسان، تظهر أن هناك خللاً ما يجب علاجه، ولعل اتجاه وزارة العدل للتوسع في افتتاح مكاتب الصلح داخل المحاكم وتطوير عملها ودعمها بعديد من الكوادر المؤهلة خطوة مهمة لمعالجة بعض الخلل،

خاصة بعد أن أثبتت التجربة نجاحها، إذ تنوي الوزارة استحداث 200 وظيفة بمسمى عضو لجنة إصلاح، وتسهم مكاتب الصلح الجديدة في حل كثير من الخلافات الزوجية وقضايا الأحوال الشخصية من قاضي الصلح، ما يحقق أهداف المحكمة الجزئية للضمان والأنكحة».

حق للمرأة

في هذا الجانب يقول الإخصائي الاجتماعي محمد خضر الشريف: «إن الخلع حق للمرأة أعطاها الشرع إياه في حالة الوصول لطريق مسدود في الطلاق من زوجها».
ليسا سواء!

بينما تقول الناشطة روضة اليوسف: «إن الخلع يختلف عن فسخ النكاح لسوء العشرة الزوجية، وذلك لما يوجد من لبس لدى البعض بأن المصطلحين يعنيان الإجراء نفسه».

مراجعة الحسابات

أما إخصائي الاجتماع الأسري فرحان العرفج فيرى من وجهة نظر دينية أن الله، سبحانه وتعالى، جعل الطلاق بيد الرجل لأنه يقدم العقل على العاطفة أما الخلع فجعله للمرأة لأنه يحصل بعد مراجعة للحسابات، بينما الطلاق يحصل بكلمة واحدة.

شروط الخلع

الشروط الواجب توافرها لصحة الخلع هي نفس الشروط الواجبة لصحة الزواج، وإن كان هناك اختلاف بسيط للزوجة، فبالنسبة للرجل يشترط أن يكون عاقلاً،

وبالتالي لا يصح الخلع من الصبي والمجنون والمعتوه، ويشترط في المختلعة أن تكون محلاً للطلاق وأهلاً للتبرع، وألا يشوب إرادتها أي عيب من عيوب الإرادة،

وأن يبنى الخلع ابتداء على بذل المال من الزوجة، وأن يكون هناك تراضٍ بين الزوجين على المخالعة، وذلك بدفع المرأة للمهر المسلّم إليها، وفي حالة عدم التراضي بينهما، فللقاضي إلزام الزوج بالخلع متى ما توافرت كافة شروط الخلع.

حق التقاضي

نشر الشيخ محمد بن إبراهيم الصائغ، قاضي المحكمة العامة بضباء، دراسة قضائية أعدها بعنوان «حق المرأة في التقاضي» وضح من خلالها حقوق المرأة القضائية، جاء فيها: «المتتبع للشرع والنظام يلمس أن المرأة أعطيت كامل حريتها للتعبير عما في نفسها، وأن ترفع تظلماتها لولي الأمر، ليزيل الظلم عنه، ويستمع إليها،

وهذا هو الواجب على من ولي أمراً من أمور المسلمين، والمرأة والرجل في هذا سواء، ومن حق المرأة الاستماع إليها، وإعطاؤها حقها في جميع الأمور ومنها القضاء، فإن كانت مدعية مكنت من تحرير دعواها،

وإن كانت مدعى عليها، أتيحت لها الفرصة للإجابة عن الدعوى»، وتابع: «أطالب وسائل الإعلام المختلفة بالقيام بواجبها في تثقيف المرأة بحقوقها التي جاءت في الشرع وأكدها النظام،

فمن خلال الاطلاع على عديد من القضايا التي تكون المرأة طرفاً فيها، خصوصاً القضايا الزوجية، نلمس أن بعض النساء تكون مترددة في دعواها، فتارة تطلب فسخ نكاحها من زوجها، وتارة تطلب الخلع، ثم تعود ثالثة وتقول لا أريد الطلاق، وإنما أريد إلزامه بحسن المعاشرة».

إشكالية الأطفال

سجلت المحاكم السعودية خلال العام الماضي أكثر من مئة حالة خُلع،

إلا أن علماء الدين يحملون على عاتقهم قضية حضانة الأطفال بعد الخلع وليس قضية الخُلع نفسها لما فيها من تشكيك بمدى مناسبة الأب الذي لطالما تقف المحاكم في صفه مُعطية حق الحضانة له بنهاية المطاف،

ويُشير العلماء إلى أن خروج المرأة بقرار الخلع من زوجها بكل ما يحمله هذا القرار من خسائر معنوية ومادية يضع الكثير من علامات الاستفهام على هذا الرجل ومدى مناسبته ليكون حاضناً للأطفال، بغض النظر عن بعض قضايا الخلع التي تهدف النساء من خلفها لأمور لا يقبلها عقل أو دين.

وبالنسبة لآثار الخلع على الزوجين بعد الطلاق، فقد أظهر استطلاع للرأي عدم رغبة غالبية السعوديين والسعوديات في الارتباط بامرأة خلعت زوجها أو رجل خلعته زوجته.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت