رداً على جهة التحقيق – البلاغ الكاذب +الادعاء الكيدي و الفرق بينهما

مفهوم البلاغ الكاذب
يقصد به أن يتقدم شخص ما للسلطات المختصة ببلاغ عن حصول جريمة ما سواء ادعى أنها حصلت معه أو مع شخص آخر و مثال الأول أن يدعي شخص سرقة سيارته و مثال الثاني أن يدعي شخص أن المحل الفلاني تمت سرقته كما لو قال انه مر بالمحل فراه مكسوراً و خاليا من البضائع.
مفهوم السلطة المختصة
و يقصد بها الجهة التي خولها القانون حق سماع البلاغ و التحقيق فيه و اتخاذ إجراءات قانونية بشأنه و ينحصر ذلك في جهاز الشرطة و النيابة العامة و في حالات استثنائية الشرطة العسكرية و النيابة العسكرية فلا يعتبر بلاغا البلاغ الذي يقدم للمستشفى أو للمدرسة لأنها جهات غير مختصة و كل ما يحصل هو أن هذه الجهات قد تقوم بتحويل الشخص إلى الجهة المختصة أو تحويل إفادته

حجية المحرر لدى الجهات غير المختصة لا يمثل المحرر المشار إليه حجة إذا كان مجرد كتابة ممن سمع البلاغ لكنه لو كان موقعا ممن أدلى بالبلاغ فيعتبر قرينة في التهمة إذا تضمنت اتهام معتبر قانونا كالاتهام بالتشهير أما تهمة البلاغ الكاذب فلا تقوم قانونا
مفهوم الادعاء الكيدي

و يقصد به أن يدعي شخص ما و على خلاف الحقيقة لدى أيا من الشرطة أو النيابة العامة أو أمام القضاء الجنائي (الجزائي) ضد شخص آخر بان ينسب إليه اتهاما بارتكاب جريمة أو أمام القضاء المدني أو يطالبه بمال أو بأداء عمل بدعوى انه مدين له بذلك و لكن على خلاف الحقيقة و يريد به الإضرار بالمدعى عليه فقط سواء كان إضرار ماليا أو معنويا كتشويه سمعته.

من صاحب الحق في تحريك الدعوى
يتضح مما سبق أن هناك فرقا بين المفهومين السابقين و اختلافا في المصلحة التي حماها القانون كما أن هناك اختلافا في الجهة المتضررة في كلا الحالتين و نزيد إيضاحا فنقول :البلاغ الكاذب هو جريمة محضة تتعلق بالحق العام ففيها إزعاج للسلطات و حثها على القيام بإجراءات تحقيق و صرف نفقات تحقيق و ضياع وقت السلطات من اجل كشف ملابسات جريمة لم تحصل واقعا .. و عليه فان صاحب الحق في تحريك هذا الدعوى هي النيابة العامة و لا يملك الأفراد الحق في تحريكها و بحسب الأصل فان العقوبة تتراوح بين السجن و الغرامة و لكن يمكن أن تطلب النيابة تضمين المتهم بالنفقات و التعويض عن الجهد و الوقت الضائع هباء.الادعاء الكيدي و هو قد يكون جريمة كما لو ادعي شخص على شخص آخر انه ارتكب جريمة مع علمه الأكيد ببراءة ذلك الشخص و قد يكون كما أسلفنا بإقامة دعوى أمام القضاء المدني لمطالبة شخص ما بأموال أو أعمال مع علم المدعي بان الشخص المدعى عليه غير مطالب –في الواقع – بأي شيء من ذلك و أن ذمته بريئة من تلك الالتزامات المدعاة و عليه فان صاحب الحق في تحريك هذا الدعوى هو الشخص المتضرر الذي وقع ضحية لذلك المدعي الكاذب و ليس للنيابة العامة تحريك هذه الدعوى بحسب الأصل كما أنه بحسب الأصل يكون الحكم بالتعويض المالي فقط لصالح المتضرر و ليس حبس المدعى عيه في هذه الدعوى.

اجتماع البلاغ الكاذب و الادعاء الكيدي
يجتمع مصداقا المفهومين المذكورين في حالة تقدم ببلاغ للشرطة أو للنيابة العامة ضد شخص آخر و اتهامه بتهم باطله ففي هذا الحالة يتحقق مفهوم البلاغ الكاذب وهو حق السلطات العامة كما يتحقق مفهوم الادعاء الكيدي و هو حق الشخص المتهم البريء المتضرر وفي هذه الحالة يحق توجيه تهمة البلاغ الكاذب برفقة تهمة الادعاء الكيدي بشرطة وجود طلب موقع من المتهم المدعي عليه كذبا و افتراء (المتضرر)و يكون لصاحب كل دعوى حق التنازل عنها و ليس لأي منهما إجبار الآخر على التنازل أو على المضي في الدعوى على تفاصيل و إجراءات نظمها القانون في هذا الشأن
المحكمة المختصة بنظر الدعوى
تهمة البلاغ الكاذب تختص بها المحاكم الجزائية اختصاصا حصرياً ..أما تهمة الادعاء الكيدي فللمدعي (صاحب الحق خياران) إما إقامتها أمام القضاء المدني للمطالبة بالتعويض و إما إقامتها بمعية الدعوى الجزائية الأصلية التي تم اتهامه فيها فيطلب من القاضي أن يصدر حكمه ببراءته و بتعويضه عن الادعاء الكيدي و نرى نحن انه متى أقامت النيابة العامة دعوى ضد المبلغ بتهمة البلاغ الكاذب يحق للشخص الذي اتهم كذبا أن يتقدم بطلب لتعويضه في ذات الدعوى للادعاء الكيدي و قد أشار قانون الإجراءات الجزائية لما سبق و نحن تناولاه بأسلوب مفصل تدريسي .. و الله الموفقبمناسبة حضوري مع احد المتهمين للتحقيق معه وحيث أني طلبت في ختام التحقيق بتوجيه تهمتي البلاغ الكاذب و الادعاء الكيدي ضد المدعي على موكلنا و حيث أن جهة التحقيق أنكرت على ذلك متذرعة بوجود مفهوم البلاغ الكاذب فقط فنحن نذكر المفهومين مع شرحهما.

الشيخ عبد الهادي خمدن

إعادة نشر بواسطة محاماة نت