اثبات الموطن :

إن إثبات الموطن هو إثبات لواقعة من الوقائع ، وإثبات الوقائع يكون بالأدلة كافةً ويقع عبء الإثبات (طبقا للقواعد العامة في الإثبات ) على من يدعي توطنه أو فقدان موطنه في إقليم معين(1) . وان تقدير قيام عنصر الإقامة ونية التوطن (الاستيطان) اللازم توافرهما في الموطن من الأمور الواقعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة التمييز عليه حيث يتمتع القاضي بسلطة تقديرية في هذا المجال(2).وإثبات الموطن لا يحتاج إلى شهادات رسمية وإنما يحصل إما بالقرائن وإما بإثبات الوقائع التي تدل على توافر ركنيه المادي والمعنوي .

أولاً : الإثبات بالقرائن : ويستعان بها عند عدم التحقق من توافر ركني الموطن وبمعنى آخر عند عدم قيام دليل صريح على أن الشخص كان مقيما في دولة معينة بنية التوطن فيها يرى الفقيه دايسي ان هناك قرينتين قانونيتين يمكن ان يستدل منهما على الموطن وهما :

القرينة الأولى : إن وجود الشخص في دولة معينة ، يعتبر قرينة على توطنه فيها إلى أن يثبت العكس ، أي إن وجود الشخص في دولة معينة يعتبر دليلا مبدئيا على توطنه فيها إلى أن يثبت العكس ، فإذا لم يعلم عن الشخص شيء إلا أنه ولد في دولة معينة ، فإن هذه الدولة تعتبر موطنه إلى أن يثبت العكس وعلى أساس هذه القرينة قيل إن موطن اللقيط يكون في البلد الذي ولد فيه إن علم أو في البلد الذي وجد فيه إن لم يعلم(3) .

القرينة الثانية : إن توطن الشخص في دولة معينة يعتبر قرينة على أنه ظل متوطنا فيها إلى أن يثبت العكس ، أي إذا اثبت أن الشخص كان متوطنا في بلد معين في وقت من الأوقات فيعتبر انه ظل متوطنا به مادام لم يثبت أنه قد غيره(4) .

ثانياً : الإثبات بالوقائع : بما أن الموطن يتكون من عنصرين هما الإقامة ونية التوطن ، فيمكن إثبات الموطن بإثبات الوقائع التي تدل على عنصريه فإثبات الإقامة هو إثبات لواقعة مادية لا تحتاج إلى عناء لأنها تقوم على وقائع محسوسة يمكن التأكد منها ، فوجود منزل للشخص مثلا وسكن عائلته أو محل أعماله ومركز ثروته في دولة معينة يكفي لإثبات إقامته بها ، وعلى العكس فان إثبات النية يواجه عقبات لأنها مسألة نفسية من المتعذر التأكد منها على نحو قاطع ، ومع ذلك يمكن الاستعانة بالوقائع المادية لاستخلاص توافر نية الإقامة. ومما قيل في هذا الصدد إن احتراف الأجنبي للتجارة في دولة معينة ودفعه الضرائب ، يكفي لإثبات انه يعتبر هذه الدولة موطنا له ، كما قيل إن استعمال الشخص حقوقه السياسية في بلد من البلاد أو تجنسه بجنسيتها أو تعلم أولاده فيها ، كل هذه قرائن على النية إذا أضيفت إلى الإقامة في ذلك البلد تكفي للحكم بأنه موطنه(5) .

وفي القانون العراقي لا يمكن إثبات توطن الأجنبي إلا بوثيقة الإقامة لان الركن المادي الذي يستند إليه الموطن في القانون العراقي لا يمكن إثباته بغير الإقامة العادية المشروعة وفقا لقانون إقامة الأجانب رقم 118 لسنة 1978 إذ يشترط أن تكون هذه الإقامة قانونية (6). وقد نصت المادة (22) من قانون إقامة الأجانب في العراق على (تعتبر المدة التي يمضيها الأجنبي في العراق بدون وثيقة إقامة أو بدون تجديدها في الموعد المقرر قانونا إقامة غير مشروعة).

________________

[1]- د.غالب علي الداؤدي ، (الموطن في القانون الأردني والمقارن) ، مصدر سابق ، ص272 .

2- الأستاذ حسن الفكهاني ، الأستاذ عبد المنعم حسني ، الموسوعة الذهبية للقواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض المصرية ، الإصدار المدني ، ج9 ، ص544 .

3- د.غالب علي الداؤدي ، د.حسن الهداوي ، مصدر سابق ، ص202 .

4- د.علي الزيني ، مصدر سابق ، ص532 .

5- د.علي الزيني ، مصدر سابق ، ص533-534 .

6- د.غالب علي الداؤدي ، د.حسن الهداوي ، مصدر سابق ، ص203 .

استرداد الموطن :

يستطيع الشخص الذي فقد موطنه واكتسب موطنا آخر أن يسترد موطنه الأول وذلك بترك الموطن الثاني والإقامة في الموطن الأصلي على وجه الدوام وان يجعل فيه مقر أعماله فيسترد موطنه بشرط أن تتوافر لديه نية البقاء على وجه الاستمرار(1). وفي العراق فان الوطني الذي سحبت منه الجنسية العراقية وابعد عن العراق فانه اذا اعيدت اليه الجنسية العراقية فانه يسترد موطنه في العراق لمجرد عودته واقامته فيه ولا يعتبر ذلك اكتسابا لموطن اختياري بل استرداد لموطن سابق ، وكذلك يجوز للاجنبي الذي فقد موطنه في العراق ان يكتسب من جديد موطنا في العراق بعودته اليه واقامته بعد السماح له بالعودة ودخوله العراق بصورة مشروعة (2).

______________________

[1]- د. أبو العلا علي أبو العلا ، القانون الدولي الخاص ” الموطن ” ، دار النهضة العربية ، بدون سنة طبع ص128 .

2- د. غالب علي الداؤدي ، د. حسن الهداوي ، مصدر سابق ، ص210 .

المؤلف : ريا سامي سعيد الصفار
الكتاب أو المصدر : دور الموطن في الجنسية
الجزء والصفحة : ص16

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .