هنالك فرضيات ثلاث بصدد تحديد وقت تعلق الوصية بالتركة :

الفرضية الاولى : ان الوصية تتعلق بالتركة قبل الموت .

الفرضية الثانية : ان الوصية تتعلق بالتركة وقت الموت .

الفرضية الثالثة : ان الوصية تتعلق بالتركة بعد الموت .

ويقصد بالفرضية الاولى ان الوصية تتعلق بتركة الموصي قبل موته . وفي معرض مناقشة هذه الفرضية فاننا نقول ان هذه الفرضية غير صحيحة ، آية ذلك انه يصح للموصي ان يرجع عن وصيته ” في لحظة ما قبل الوفاة ” ، ولا يصح للموصى له نقض تصرفات الموصي التي تقع منه في مرض موته ولا الاعتراض على شيء منها ، وهذا بخلاف الدائنين والورثة ، فان حقوقهم تتعلق بالتركة مستندة في الصحيح الى اول وقت المرض ، ولذا كان لكل من الفريقين نقض التصرفات التي في مرض الموت اذا كانت ضارة بحقوقهم .ويبدو أن دليل هذه الفرضية يكمن في قياس الحق في الوصية على حق الوارث والدائن في التركة ،وهذا قياس مع الفارق ولاريب .

ويراد بالفرضية الثانية ، ان الوصية لا تتعلق بتركة الموصي قبل موته ، بل عند موته . وهذه الفرضية بدورها ايضا غير صحيحة ، ذلك لان التركة مشغولة بحوائج الموصي الاصلية ، من تجهيز وقضاء ديون ، فلا تلزم الا بعد استغنائه ، وقضاء حوائجة الضرورية (1).

ولم يتبق معنا الا الفرضية الثالثة ، تلك الفرضية القائلة بان الوصية لا تتعلق بتركة الموصي الا بعد موته ، وهي الفرضية الصحيحة في هذا المقام ، لذلك فان الفقهاء عرفوا الوصية بانها ” تمليك مضاف الى ما بعد الموت “

وعلى الرغم من تعلق الوصية بالتركة بعد الموت ، الا انها تكون مستندةً الى وقت الموت ، لانها تخرج من ملك الموصي بمجرد وفاته ، فيجب ان تنتقل الى ملك الموصى له فور خروجها من ملك الموصي حتى لا تبقى في تلك الفترة بدون مالك (2). وبناءا على ذلك فان حق الموصى له يتعلق بتركة الموصي بعد موته لا قبل موته ، ولا عند موته ، بمعنى ان القدر الموصى به يخرج من ملك الموصي ويدخل في ملك الموصى له بعد موت الاول .

________________________

[1]- لمزيد من التفاصيل : يراجع موضوع : اسبقية حق التجهيز على سائر الحقوق في المبحث الثاني من الفصل الأول.

2- الكشكي ، الميراث المقارن ، ص107 ، د. ياسين درادكه ، الميراث في الشريعة الاسلامية ، ص101 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .