رفض التعامل بين الشركات
د. ملحم بن حمد الملحم
الأصل أن تبني الشركات قراراتها بناء على ما تراه يتوافق مع مصالحها استنادا إلى المبدأ الأساس وهو حرية السوق، فالشركة لها قرارها أن تتعامل مع من تشاء أو لا تتعامل، وهو ما يمكن فهمه من المادة الرابعة من نظام المنافسة السعودي 1440هـ.

إلا أن هذا المفهوم يوجد لها شيئا من القيود التي تفرضها قوانين المنافسة بشكل عام ونظام المنافسة السعودي 1440هـ بشكل خاص. من الممارسات التي يحظرها نظام المنافسة السعودي رفض تعامل المنشأة المهيمنة مع منشأة أخرى دون سبب موضوعي من أجل الحد من دخولها في السوق.

هذه الفقرة المذكورة وإن كانت تدخل بشكل عام ضمن تصنيفات الدول المقارنة ضمن مفهوم رفض التعامل، إلا أن الفقرة جاءت بشكل إيجابي من وجه وغير واضح من وجه آخر. فرفض التعامل من قبل المنشآت يكون لأسباب كثيرة وتحديدا الموضوعي منها إن لم يوضع له معيار فستكون التجربة والوقائع وقرارات الهيئة واللجنة هي المعيار مع مرور الوقت، لكن الأفضل وجود شيء من المعيارية والوضوح يمكن الانطلاق منه ولا يمنع تحديثه أو تحسينه حسب تغير ظروف السوق أو القطاع.

الجانب الذي قد يقال عنه إنه إيجابي هو أنه ليس كل رفض تعامل مخالفا لنظام المنافسة السعودي 1440هـ، بل يفترض أن يكون الأصل هو الجواز وللشركات أو المنشآت بشكل عام الحرية في التعامل مع من ترى ورفض من ترى وأنه ليس على أي منشأة أو شركة التزام بالتعامل مع من لا ترغب المنشأة في التعامل معه.

هذا يعني أن مخالفة رفض التعامل يفترض أن تكون مقيدة بما نص عليه النظام ولا يتوسع في تفسيرها إضافة إلى وجود الحاجة إلى ضوابط تمنع التوسع في تكييف رفض التعامل كمخالفة.

من أكثر الأحداث التي أثرت في التوجه الأمريكي فيما يخص مفهوم رفض التعامل هو ما ذكرته المحكمة العليا الأمريكية في تسبيبها في إحدى القضايا بعد قانون شيرمان الأمريكي بسنوات هو أنه عند غياب أي غاية لإيجاد أو إبقاء الاحتكار، فإن القانون لا يقيد الحق المعروف قدما لتاجر أو مصنع مشتغل بأي تجارة خاصة في أن يقوم باجتهاده المستقل بحرية مع من يتعامل أو يتعاقد، كما بالطبع يمكنه أن يعلن في فترة الظروف التي تحتها أنه سيرفض التعامل.

مع تجنيب فرضية أن الاحتكار يحفز على دخول استثمار لمنافسة المحتكر، فيفترض أن تكون سياسة النظر في مفهوم رفض التعامل مبنية على أن الأصل هو أن الشركات حرة مع من تتعامل أو من ترفض التعامل، وأن يقتصر دور الهيئة العامة للمنافسة على الحد الأدنى وهو التدخل فقط في حالة كان رفض التعامل ثبت بالأدلة القصد منه إيجاد احتكار أو استمراره.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت