العمل أثناء تأشيرة الزيارة
زامل شبيب الركاض
يعتبر استعمال الشخص الأجنبي تأشيرة الزيارة لغرض العمل مخالفة لأنظمة العمل والإقامة والمهنة التي يتبع لها، حيث أنه إذا كان الأجنبي طبيبا مثلا فتعتبر ممارسته للعمل الطبي أثناء قدومه بتأشيرة زيارة مخالفة لنظام مزاولة المهن الطبية ونظام العمل الذي ينص على أنه: لا يجوز استقدام الأجانب بقصد العمل أو التصريح لهم بمزاولته لدى الشركات والمؤسسات الخاصة إلا بعد موافقة وزير العمل والحصول على رخصة.

وقد قصد المنظم من ذلك توفير الحماية باشتراط الترخيص لمزاولة المهنة من الجهة المختصة نظاما، وبذلك تكون عودة الأجنبي بتأشيرة زيارة للممارسة العمل جريمة في حق المجتمع خاصة تلك المهن التي تتعدى أثارها السلبية إلى الغير، ومخالفة للمادة 83من نظام العمل التي تنص على أنه :إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمح له بمعرفة عملاء صاحب العمل أو بالاطلاع على أسرار عمله، جاز لصاحب العمل أن يشترط على العامل ألا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته أو إفشاء أسراره، ويجب لصحة هذا الشرط أن يكون محررا ومحددا، من حيث الزمان والمكان ونوع العمل، وبالقدر الضروري لحماية مصالح صاحب العمل المشروعة، وفى كل الأحوال يجب إلا تزيد مدة هذا الاتفاق على سنتين من تاريخ إنتهاء العلاقة بين الطرفين.

وحيث أن بعض الأجانب عندما تنتهي علاقتهم العمالية مع كفلائهم ويغادر بتأشيرة خروج نهائي، تجده يعود بعد فترة وجيزة بموجب تأشيرة زيارة ويعمل بكل حرية ضاربا بنصوص النظام عرض الحائط، والمشكلة لا تتمثل وحدها في هؤلاء الذين يدخلون المملكة بتأشيرة زيارة ويقومون بممارسة العمل كالطبيب والمهندس والمبرمج ومديري المصانع والشركات والمستشارين وغيرهم، ولكن المشكلة الأهم تكمن في قضية الإضرار بحقوق الآخرين فقد يعمل هذا الزائر لدى جهة منافسة لصاحب العمل السابق مما ينتج عنه تهديد لمصلحة المستثمر الوطني وسمعة الاستثمار في المملكة بشكل عام، وتهديدا للحقوق الوطنية.

ونعتقد أن هذه الفراغات القانونية جعلت هذه القضية تدور في حلقة مفرغة فإدارة الجوازات قد تنظر إلى هذه الإشكالية من جانب أن هذا الأجنبي دخل إلى البلد بطريقة نظامية، والجهة المسؤولية عن تراخيص العمل المهنية كالأطباء على سبيل المثال ربما تكتفي بإيقاع الغرامات لأن صلاحيتها محددة، وبالتالي تبقى القضية في نطاق نظام العمل والجهة المشرفة عليه هي وزارة العمل ولكن الواقع العملي يؤكد أن الجهة المختصة بنظر هذه المخالفات أو إدارة التفتيش في وزارة العمل تحتاج إلى الكثير من وضوح الرؤية النظامية حول هذه القضية فهنالك من يرى أن لجان التفتيش غير قادرة على التعامل وبشكل حازم مع إشكاليات العمل أثناء تأشيرة الزيارة لعدم وجود نص نظامي واضح في هذه الجزئية، بالرغم أن الرأي القانوني الصحيح يتجه إلى أن العبرة ليست بنوع التأشيرة ولكن بممارسة العمل فعليا.

ونخلص إلى أن هذه قضية وطنية تتطلب أن يكون لدينا أنظمة وعقوبات مرنة وملائمة لتطور الجريمة، تعمل على معاقبة كل من يقوم بممارسة العمل تحت غطاء تأشيرة الزيارة ليتم إبعاده فورا إلى بلده ويوضع اسمه على قائمة الممنوعين من الدخول في السفارات والمنافذ الحدودية ولا تمنح له تأشيرة زيارة لمدة سنتين لمخالفته الأنظمة، بمعنى أن يكون لدينا منظومة عمل متجانسة ومنتظمة بين كل من وزارة الداخلية ممثلة في إدارة الجوزات ووزارة الخارجية ممثلة في السفارات ووزارة العمل ممثلة في مكاتب التفتيش تضمن حقوق المستثمر الوطني وتوفر الحماية الكاملة للجمهور الذى يتعامل مع شخص غير مرخص له بالعمل نظاما، وأخيرا حماية هيبة النظام واكتماله من الناحية التطبيقية.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت