استعراض قضايا حسمت لصالح الموظفين..
مكافأة نهاية الخدمة.. لا يجوز حرمان الموظف منها إطلاقاً

مكافأة نهاية الخدمة حق للموظف لا يجوز أن يتنازل عنها أو حرمانه منها ( أرشيف «الرياض»)

مكافأة نهاية الخدمة هي التزام مصدره (نظام العمل) يلتزم بموجبه صاحب العمل ان يسلم العامل مبلغاً من المال وفق تنظيم ينص عليه النظام على ضوء مدة خدمته وآخر راتب كان يتقاضاه، وهذا الالتزام نصت عليه كافة التشريعات العمالية في كافة البلاد التي لديها تشريعات عمالية وعضوية في منظمة العمل الدولية، ومنظمة العمل العربية ولا يخفى ان القصد منه هو تأمين مستقبل العامل بعد انتهاء عمله وحمايته من خطر البطالة والعجز عن العمل وعند الشيخوخة لتكون له عوناً في تأمين مستقبله وتأمين حياة أفراد أسرته ووقايتهم من العوز وفي هذا الصدد يقول د. محمود جمال الدين زكي أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق بجامعة القاهرة في كتابه القيم (عقد العمل في القانون المصري) يتأسس الحق (في مكافأة نهاية الخدمة) على اعتبارات العدالة في جانب العامل، واعتبارات المصلحة في جانب المجتمع فتأبى العدالة في جانب العامل في شيخوخته، وفي كهولته، بغير الحصول على ما يخفف الحرمان الذي يعانيه في آخريات سنيه أو الضيق الذي يحس به في حال نقص قدرته على العمل بعد ان أفنى جل عمره أو زهرته في خدمة صاحب العمل، ورعاية مصالحه، وساهم سنوات طويلة في نجاح المشروع عاملاً فيها على تنميته فكيف يسمح لصاحب العمل الذي يقدر استهلاك الآلة، ويدخر تدريجياً ثمنها لاستبدال آلة جديدة بها عند فقدها الصلاحية للعمل، ان يغفل (استهلاك العامل) ولا يدخر له مبلغاً يقيه قسوة الحرمان عندما يستبدل به عاملاً جديداً عند فقد القدرة على العمل.

وقد اختلف الفقهاء في الطبيعة القانونية لهذه المكافأة فقد قيل هي نوع من التعويض عن الأضرار التي تلحق بالعامل من جراء فقدانه العمل على أي وجه كان سواء بالتقاعد النظامي، أو بالعجز أو نحو ذلك وقد أخذ بهذا الرأي الفقهاء الفرنسيون.

ويرى رأي آخر ان مكافأة نهاية الخدمة ما هي إلاّ أجر إضافي لما يستلمه العامل لكن لا يستلمه إلاّ في نهاية خدمته.

ويرى رأي ثالث ان هذه المكافأة هي حق للعامل مصدره النظام الذي يلزم به صاحب العمل وهو نوع من التأمين للعامل ولكن لا يستحقه إلاّ بعد نهاية خدمة العامل حماية له ولعائلته من مخاطر المستقبل عندما لا يكون قادراً على العمل.

2- النصوص النظامية التي تحكمها في نظام العمل السعودي: تنص المادة (87) من نظام العمل السعودي الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 745 وتاريخ 24/8/1389هـ والمتوج بالمرسوم الملكي رقم م/21 وتاريخ 6/9/1389هـ ونشر بصحيفة أم القرى العدد رقم 2299 وتاريخ 19/9/1389هـ ما يلي: (إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة أو كان الفسخ صادراً من جانب صاحب العمل في العقود غير المحددة المدة وجب على صاحب العمل ان يدفع للعامل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية ويتخذ الأجر الأخير أساساً لحساب المكافأة ويستحق العامل مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل كما يستحق العامل مكافأة مدة الخدمة المنصوص عليها في صدر المادة).

يفهم من هذا النص ان العامل يستحق مكافأة نهاية الخدمة في نهاية خدمته، سواء كان عقده محدد المدة أو غير محدد المدة، وهذه المكافأة تحتسب عند دفعها على أساس الراتب الأخير الذي يتقاضاه العامل، ويتم دفعها عن مدة خدمة العامل تحسب على أساس أجر نصف شهر عن مدة خدمته عن الخمس السنوات الأولى وأجر شهر كامل عن كل سنة من السنوات التالية من خدمته، كما يستحق العامل هذه المكافأة عن كسور السنة من خدمته بمقدار ما قضاه في العمل، أيضاً يستحق العامل هذه المكافأة إذا كان كلف بالخدمة العسكرية بحيث تعتبر خدمته مستمرة، أو استقالت العاملة بسبب الزواج أو في حالة الانجاب وانقطاعها عن العمل، وأيضاً يستحق العامل هذه المكافأة إذا ترك العامل عمله بسبب قوة قاهرة ليس له يد فيها. هذا وقد نصت المادة (88) من نظام العمل على تفصيلات أخرى عند صرفها وعلى هذا يكون ما نص عليه نظام العمل السعودي في المادة (87) منه يعتبر نصاً أمراً متعلقاً بالنظام العام لا يجوز مخالفته تحت أي ظرف ومن ثم يلتزم صاحب العمل بدفع حق العامل بمكافأة نهاية الخدمة سواء كان عقد العمل محدد المدة أو عقد غير محدد المدة ويلزم صرف هذه المكافأة في نهاية خدمته فقط وليس في أي وقت آخر.

3- متى تصرف مكافأة نهاية الخدمة للعامل؟

تصرف مكافأة نهاية الخدمة للعامل عند نهاية خدمته وهذا نص نظامي لا يجوز مخالفته أو التعدي عليه فهي كما تسمى مكافأة نهاية الخدمة لا تصرف إلاّ في نهاية الخدمة وأي مبلغ آخر يصرف للعامل قبل نهاية الخدمة لا يمكن ان يندرج مفهومه تحت مفهوم مكافأة نهاية الخدمة وهذا أمر متفق عليه في كافة التشريعات العمالية، وهذا المفهوم يشمل كافة أنواع عقود العمل على اختلاف فئاتها ومقدار رواتبهم وصرفها في غير هذا الوقت يكون خلافاً للنظام وينحى بها عن الهدف الأساسي من سن هذه المكافأة.

4- هل يجوز ان يتنازل العامل عنها؟

إن حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة هو من النظام العام، وقد نص عليه نظام العمل السعودي لا يجوز حرمانه منها تحت أي اتفاق بين العامل وصاحب العمل ولقد درجت بعض الشركات والمؤسسات والأفراد على التخلص من مسؤولية مكافأة نهاية الخدمة وصرفها له كل سنة حتى لا تتجمع على عاتق صاحب العمل ويتعذر عليه دفعها وهذا أمر لا يجوز ومخالف لمفهوم سن مبدأ مكافأة نهاية الخدمة للعامل في نهاية مدة خدمته ومن جهة أخرى فإن الشركات الأجنبية العاملة في البلاد استوردت معها أنظمة هي غريبة عن نظام العمل فتنص في عقودها مع عمالها بما يسمى الراتب الثالث عشر وتقول للعامل هذه هي مكافأة نهاية الخدمة والبعض يصرف هذا الراتب كمنحة للعامل في نهاية كل سنة، وهذه الشركات بهذا التصرف تتحايل على العامل لأجل حرمانه من حقه في مكافأة نهاية الخدمة وتدعى ان ما يصرف للعامل تحت اسم الراتب الثالث عشر أو المنحة أنها مكافأة نهاية الخدمة.

وتحت أي اتفاق بين العامل وصاحب العمل يؤدي إلى حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة بالتنازل عنها أو الانتقاص منها أمر يحرمه النظام، فلا يجوز التنازل عن حقه في المكافأة طبقاً لنص المادة 6 من نظام العمل إذ تنص أنه (يقع باطلاً كل شرط يرد في عقد أو اتفاق يتنازل العامل بموجبه عن أي حق مقرر له بموجب أحكام هذا النظام ولو كان سابقاً على العمل به) قرار اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات بالدمام رقم (…) وتاريخ 25/12/1400هـ ، إذ ينص على ما يلي:

إن الاتفاق الذي تنازل (العامل) عن جزء من أجره الشهري يعتبر اتفاقاً باطلاً حسب ما ترشد إليه المادة (6) من نظام العمل إذ ان أجر العامل يرد في مقدمة الحقوق التي يجب صيانتها وعدم المساس بها بيد أنه متى ما تم استلام العامل حقه في المكافأة بعد استحقاقه لها واستلامها عند نهاية العقد من قبله يجوز ان تتم المصالحة عليها وإجراء مخالصة بشأنها وفي هذا الصدد أصدرت اللجنة العليا لتسوية الخلافات قرارها رقم (…) وتاريخ 29/2/1401هـ من أنه يجوز اقرار المخالصة الموقع على ا العامل في وقت يملك فيه الحق في توقيعها والتنازل بعد انتهاء علاقة العمل بين الطرفين واستلامه لها جاء فيه (ان اللجنة العليا لا يسعها إلاّ أعمال المخالصة التي وقع عليها العامل واعتبار اقراره بأنه لم يتبق له أي مطالبة حقوقية ضد الشركة «المدعى عليها» منهية لكل ما يترتب على عقد العمل وانهائه).

من أحكام اللجنة العليا لتسوية الخلافات السابقة في ظل نظام العمل السابق:

في أحكام سابقة أصدرتها اللجنة العليا لتسوية الخلافات العمالية السابقة في ظل أحكام نظام العمل السابق الصادر في 25/11/1366هـ الموافق 10/10/1947م والذي انتهى مفعوله بصدور نظام العمل الجديد بتاريخ 1389هـ والساري المفعول الآن حول هذا الموضوع قرارها رقم (…) وتاريخ 26/10/1383هـ جاء فيه :مكافأة نهاية الخدمة تستحق للعامل عند انتهاء الخدمة ولا عبرة لما تقوله الشركة بأنها صرفت للعامل بدلاً عنها مكافآت سنوية تزيد على المكافأة النظامية، وذلك ان قصد المشرع من مكافأة نهاية الخدمة هو تأمين مبلغ من المال للعامل يسد به حاجته ريثما يجد عملاً جديداً فلا يتحقق ذلك بالمكافأة السنوية، وهذا يتفق على ما نص عليه نظام العمل الجديد وقرارات اللجنة العليا لتسوية الخلافات بتشكيلها الجديد وفق هذا النظام على ما سوف نرى.

من أحكام اللجان العمالية لتسوية الخلافات في ظل نظام العمل الجديد الحالي:

بعد ان صدر نظام العمل الجديد المشار إليه من قبل مجلس الوزراء تم تشكيل لجنة عليا ولجان ابتدائية جديدة وأصدرت الأحكام الآتية التي تنص (ان مكافأة نهاية الخدمة لا تصرف إلاّ في نهاية الخدمة أما ما دفعه صاحب العمل قبل نهاية خدمة العامل لا يقوم مقام مكافأة نهاية الخدمة وتعتبر مكافأة تشجيعية) فقد أصدرت اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات بالدمام قرارها رقم (…) وتاريخ 8/8/1400هـ جاء فيه:

(اما ما دفعته الشركة المدعى عليها للمدعي وقالت عنها انها مكافأة نهاية الخدمة فإنها تدفع في كل سنة وهي تختلف من سنة الى اخرى حسب مدة الخدمة كما ان العامل لا يستحقها حينما يستقيل مطلقاً حتى وان كانت خدمته اكثر من سنتين لذا فان ما دفعته الشركة المدعي عليها للمدعي من مبالغ لا يقوم مقام مكافأة نهاية الخدمة وقد تكون تشجيعية لذا تلزم الشركة المدعى عليها ان تدفع للمدعي مكافأة نهاية الخدمة….).

وبرقم (..) وتاريخ 1398هـ أصدرت اللجنة العليا لتسوية الخلافات العمالية قرارها في هذا المعنى جاء فيه:

(حيث ان الشركة المستأنفة للقرار تحصر استئنافها بعدم احقية العامل لمكافأة نهاية الخدمة بسبب انها كانت تصرف له مقابلها عند نهاية عقده حسب الاتفاق بينهما وحيث انه بموجب نصوص النظام فان مكافأة نهاية الخدمة لا تصرف للعامل الا في نهاية خدمته لدى صاحب العمل وحيث انه بناء على ذلك لا يندرج ما دفعت له الشركة المستأنفة عند وقت استحقاق المكافأة المنصوص عليها في العقد تحت مفهوم مكافأة نهاية الخدمة لاسباب واعتبارات توخاها المنظم في احقية العامل لمكافأة نهاية الخدمة عن نهاية خدمته وفك الرابطة العقدية بينهما، اما بخصوص ما اشارت اليه الشركة من انه لا يجوز للعامل ان يجمع بين المكافأة النظامية والمكافأة الاتفاقية لنهاية الخدمة فالنظام عندما نص على مكافأة نهاية الخدمة نص انها تدفع عند نهاية خدمته، ثم ان النظام في نصوصه قد نص على احقية العامل لعدة صور من المكافآت التي تدفع للعامل متى اتفق عليها او جرى العرف به منها للعامل وليست لكل ذلك علاقة بمكافآة نهاية الخدمة واقرب ما اتفق عليه كل من الشركة و العامل في هذه الحادثة التي نحن بصددها الى هذا النوع من المكافآت.

وبتاريخ 26/5/1400هـ اصدرت اللجنة الابتدائية بالدمام قرارها رقم (…) إذ قررت (ان ما كان يدفع للعامل من مكافآت قبل نهاية الخدمة لا تعتبر مكافأة نهاية الخدمة وانما يعتبر من قبيل التبرع) إذ جاء فيه (يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة عن كامل المدة ولا ينظر الى قول وكيل الشركة المدعى عليها في مذكرتها الا انه لا يستحق الا مكافأة السنة الأخيرة وذلك لإنهاء خدمته مبكراً على اساس انه قد اخذ مكافأة نهاية الخدمة عن المدة السابقة لهذه السنة الأخيرة وذلك لان مكافأة نهاية الخدمة حسبما تنص عليه المادتين 87 و88 من نظام العمل والعمال لا تحسب إلا عند نهاية الخدمة وعلى اساس الأجر الأخير ولم تنصا على حساب مكافأة نهاية الخدمة عن كل سنة بنهاية تلك السنة وما فعلته الشركة مخالفة لمقتضى حكم المادتين آنفتي الذكر وكل مخالف لأحكام النظام باطل، بمقتضى حكم المادة (6) من نظام العمل.

ثم ان الشركة المدعى عليها قد قبلت إنهاء الخدمة من جانبه بقبولها الاستقالة قبل إكماله مهلة الإخطار المنصوص عليها في عقد عمله إذ كان عليها ان لا تقبل الاستقالة الا بعد اكماله مهلة الاخطار.

لذا واستناداً الى حكم المادتين (88,87) من نظام العمل فإنه يستحق ثلثي المكافأة عن كل سنة خدمة ويبلغ ذلك. اما ما دفعته له الشركة قبل انتهاء خدمته واسمته مكافأة نهاية الخدمة فانه يعتبر من قبيل التبرع).

وفي هذا المعنى صدر قرار اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات بالدمام رقم (…) وتاريخ 8/8/1400هـ حيث قامت شركة،،،، بدفع مكافأة سنوية للعامل الذي يعمل لديها وعند انتهاء العلاقة العقدية بينهما قررت الشركة انه لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة حيث انه يستلمها سنوياً، إذ جاء في القرار المشار إليه (لذا فان ما دفعته الشركة المدعى عليها للمدعي من بالغ لا يقوم مقام مكافأة نهاية الخدمة وتعتبر مكافأة تشجيعية لذا تلزم الشركة المدعى عليها ان تدفع للمدعي مكافأة نهاية الخدمة…).

5- هل يجوز حرمانه منها بموجب قرار قضائي؟

والجواب انه لا يجوز حرمان العامل من حقه في مكافأة نهاية الخدمة بموجب حكم صادر من هيئة قضائية او شبه قضائية ذلك انه لا يجوز مخالفة النظام ولان مهمة القاضي هي تطبيق النظام فقط ولا يجوز له تجاوز او الاجتهاد مع ورود نص نظامي لان نصوص النظام قواعد آمره لا يجوز مخالفتها، ومن المعلوم ان حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة منصوص عليه في نظام العمل طبقاً لنص المادة (87) السابق ذكرها اذ انها نصت ان هذه المكافأة تصرف في نهاية خدمة العامل وانتهاء العلاقة بين العامل وصاحب العمل وأي حكم يخالف هذ النص يعتبر مخالفاً لنص النظام، ذلك ان الاجتهاد في هذا الامر ليس له محل قواعد وضوابط لا يجوز مخالفتها والتعدي عليها ومن شروط الاجتهاد ان الامر المراد الاجتهاد فيه لا يكون قائماً بموجب نص نظامي، ولقد اجتهد الفقهاء المسلمون في امور كثيرة في الشريعة الاسلامية لا يوجد نص بها لأن الاجتهاد مع ورود النص يكون غير شرعي وباطل.

وهناك شركات كثيرة في القطاع الخاص تتحايل على نظام العمل محاولة منها لحرمان العامل من حقه في مكافأة نهاية الخدمة وخصوصاً الشركات الاجنبية اذ يوجد لديها ما يسمى بالراتب الثالث عشر يصرف عادة للعمال على اساس اكرامية منها للعامل وبعض الشركات تحتاط لنفسها وتأخذ إقرار من العامل ان ما يصرف له في نهاية كل سنة إنما هو مكافأة نهاية الخدمة وفي نهاية خدمة العامل تعتبر هذه الشركات ان ما استلمه العامل هو مكافأة نهاية خدمة وبالتالي تحرم العامل من حقه فيها، وهذا طبقاً لما اسلفنا امر يحرمه نظام العمل، فمكافأة نهاية الخدمة لا تصرف للعامل إلا في نهاية خدمته وانقطاع العلاقة بينهما وما يصرف له سنوياً يعتبر منحه او هبة او اكرامية او اي شي آخر عدا كونها مكافأة نهاية الخدمة وأي اجتهاد في هذا المجال هو اجتهاد باطل لا يتفق مع نظام العمل السعودي والتشريعات العمالية التي تهدف الى حماية العامل عند شيخوخته وعجزه عن العمل.

وحول هذا الموضوع نشأت قضية عمالية بين احد اجهزة الدولة واحد عمالها حيث كان هذا العامل يعمل لدى آجره منذ سنوات عديدة وكان الآجر….. يصرف له مبلغاً يعادل راتب في نهاية كل سنة مع نهاية عقده السنوي ثم يستمر العقد وبالتالي تستمر خدمته طبقاً للمادة (6) من نظام العمل، وعند انتهاء مدة خدمته وانقطاع العلاقة بينهما طلب العامل بمكافأة نهاية الخدمة ولكن الآجر رفض طلبه بحجة انه كان يستلمها سنوياً.

وقد تقدم العامل بشكوى الى مكتب العمل وعندما لم يتم الصلح احيلت الدعوى الى اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات بالرياض حيث اصدرت قرارها رقم (….) وتاريخ 5/4/1422هـ غيابياً بإلزام الاجر بدفع مستحقات العامل عن مكافأة نهاية الخدمة طيلة مدة خدمته لدى الآجر.

ولعدم قناعة الآجر…. بهذا القرار استأنفه امام اللجنة العليا لتسوية الخلافات بالرياض التي اصدرت قرارها رقم (…) وتاريخ 27/2/1425هـ المتضمن إلغاء القرار المستأنف ورد طلب العامل بمطالبته بحقه بمكافأة نهاية الخدمة طبقاً لنص المادة (87) من النظام واعتبار ان ما كان يصرفه الآجر للعامل سنوياً هو بمثابة مكافأة نهاية الخدمة.

على ضوء هذه الاسباب التي اعتمدت اللجنة العليا لتسوية الخلافات العمالية في اصدار قرارها آنف الذكر نستخلص منها ما يلي:

1– ان هذه الاسباب التي توصلت اليها اللجنة العليا لتسوية الخلافات لا تعتمد على نص نظامي في نظام العمل ذلك ان القرار المشار اليه قد اقر ما اتخذه صاحب العمل من ان ما يصرف للعامل نهاية كل سنة يعد مكافأة نهاية الخدمة حيث تم تعديل العقد في مادته الرابعة منه بعد مرور سنوات من خدمته من ان مكافأة نهاية الخدمة تصرف للعامل سنوياً في نهاية كل سنة ويتضح ان هذا القرار الصادر من اللجنة العليا قائم على الاجتهاد وبالتالي فانه يكون مجانباً للنظام والصواب، إذ لا يوجد في نظام العمل نص نظامي يتيح لصاحب العمل صرف المكافأة المتعلقة بنهاية الخدمة سنوياً، بل ان نظام العمل السعودي ينص في المادة (87) منه على ان مكافأة نهاية الخدمة تصرف للعامل في نهاية الخدمة وانتهاء العلاقة العمالية بين صاحب العمل والعامل وعلى هذا يكون هذا القرار مخالفاً لنظام العمل السعودي والقواعد المستقرة في التشريعات العمالية.

2- ان الاجتهاد في ورود نص نظام باطل اذ لا اجتهاد مع وجود نص نظامي ونظام العمل ينص في المادة (87) ان تصرف المكافأة في نهاية خدمة العامل.

3- من جهة اخرى جاء في الاسباب والنتيجة التي اعتمد عليها القرار المذكور ان هناك تعديل طرأ على العقد الذي يربط بين العامل وصاحب العمل في المادة الرابعة منه يوضح ان ما يصرف للعامل سنوياً هو مكافأة نهاية الخدمة وإذا ما افترضنا صحة هذا التعديل من الناحية النظامية (وهذا مجرد افتراض) فان هذا التعديل كان بتاريخ ……، والسؤال لماذا لا يصرف للعامل حقه في هذه المكافأة قبل هذا التعديل ولماذا يحرم منه العامل؟؟؟

4- لقد ذكر القرار في الاسباب والنتيجة في عدم احقية العامل لهذه المكافأة على موافقة العامل على هذا التعديل وتجاهل القرار ان نظام العمل في المادة (6) لا يسمح بتنازل العامل عن حق من حقوقه النظامية في نظام العمل فالواضح من هذه المادة الرابعة من العقد ان ما كان يستلمه العامل سنوياً ليس منصوصاً عليه انه مكافأة نهاية الخدمة وبموجب المادة الرابعة تنازل العامل عن حقه في مكافأة نهاية الخدمة واستبدل عوضاً عنها في تلك ال المكافأة السنوية وهذا امر لا يجوز فالمادة السادسة من نظام العمل كما سبق لا تجيز للعامل ان يتنازل عن اي حق من حقوقه المنصوص عليها في نظام العمل اذ يكون باطلاً اذ تنص (ويقع باطلاً) فما دام ان هذا النص صريح فما هو النص في نظام العمل الذي اعتمدت عليه اللجنة العليا لتسوية الخلافات في اصدار قرارها المشار اليه بقولها (وعملا باحكام نظام العمل) قبل النطق بالقرار كما جاء في ص (7) من قرارها المومى إليه.

ولا أدري كيف يفهم ذلك من قبل المشرعين في منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية وفقهاء قانون العمل والقرارات الصادرة من المحاكم العمالية والهيئات القضائية العمالية التي تحرم صرف مكافأة نهاية الخدمة قبل انتهاء العلاقة العقدية بين صاحب العمل والعامل على النحو الموضح سابقاً.

٭ محام ومستشار قانوني

عضو اللجنة العليا لتسوية الخلافات سابقاً
إعادة نشر بواسطة محاماة نت