هل نجحت مدونة الشغل في تنظيم العلاقة بين الأجير والمشغل؟

تنظيم مؤسسة مندوبي الاجراء كآلية التواصل بين الأجراء والمشغل

يرجع تاريخ العمل بنظام مندوبي الاجراء بالمغرب لأول مرة الى سنة 1955، وذلك بمقتضى ظهير 16 شتنبر 1955، بحيث أخذ المشرع المغربي مقتضياته من القانون الفرنسي رقم 46 بتاريخ 16 أبريل 1946، وقد جاء هذا الظهير في حقيقة الأمر مبلورا لفكرة “المجموعة العمالية”([1])، كإطار لتجمع الأجراء المغاربة، وذلك من أجل إبعادهم من الانخراط في العمل النقابي، خصوصا وقد عرف المغرب في نفس السنة ميلاد أول اتحاد عمالي مغربي([2])، الذي جاء كرد فعل عن مطالبة الاجراء المغاربة بالحق في الحرية النقابية.بحيث أريد لنظام مندوب الاجراء أن ينهض بكل اختصاصات المنظمة النقابية ذات الطابع المطلبي([3])، وإلى غاية سنة 1962 ألغي ظهير 1955 بموجب ظهير 29 أكتوبر 1962، حول مندوبي الأجراء، بحيث كان من الضروري مراجعته والبحث عن صيغة جديدة لتمثيلية العمال، في إطار وضع تشريعي يتسم بتعدد النصوص التي تجاوزت سلبيات القوانين الاستعمارية، كما يعتبر أخذ المشرع بهذه المؤسسة حدثا اجتماعيا مهما، يأتي بعد سنوات قليلة من استقلال المغرب.

وبصدور مدونة الشغل الجديدة بموجب القانون رقم 65.99 الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424 الموافـــق ل11 شتنبر 2003([4])، تم الغاء ظهير 1962 بمقتضى المادة 586 من مدونة الشغل، وقد تناول المشرع المغربي في هذه المدونة مختلف جوانب نظام مندوبي الأجراء في القسم الثاني من الكتاب الثالث من المدونة من خلال المواد من 430 إلى 463.

إن مدونة الشغل الجديدة دخلت كأهم حدث طبع هذه المرحلة ضمن سلسلة من الإصلاحات القانونية والقضائية التي عرفها المغرب في بداية الألفية الثالثة، واندرج إقرار مدونة الشغل ضمن إصلاح المنظومة القانونية، الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بالتنمية البشرية المستدامة وتكريس الحقوق الأساسية للأجراء وتعزيز دولة القانون والتأهيل الشامل لمواجهة مختلف التحديات التي تفرزها عولمة الاقتصاد([5]). بحيث أمام اتساع نشاط المقاولة وتطويرها الذي ادى إلى الرفع من عدد الأجراء، جاءت مدونة الشغل بمقتضيات مهمة لمحاولة الاستجابة الى ضرورة الحاجة إلى تنظيم متطور ومتوازن للعلاقة بين الأجراء والمشغلين، في ظل تطور مفهوم المقاولة، الشيء الذي دفع بالمشرع المغربي إلى تنظيم مؤسسة مندوبي الاجراء وفق المتطلبات الحديثة كآلية التواصل بين الأجراء والمشغل، ثم إن إيجاد نوع من التوازن الذي سعت إليه مدونة الشغل، من خلال خلق آليات لتمثيل الأجراء على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، يقتضي الحفاظ للمشغل بسلطة التدبير، ما يسمح بالقول بضرورة دعم مبدأ المقاولة المواطنة([6]).

مجال نطاق تطبيق نظام مندوبي الاجراء

إن نظام مندوبي الاجراء يسري أحكامه حسب المادة الاولى والثانية من مدونة الشغل على جميع المؤسسات والمقاولات الصناعية والتجارية، ومقاولات الصناعة التقليدية، كما يسري أيضا على الاستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها، وكذلك على المقاولات والمؤسسات التابعة للدولة والجماعات المحلية، إذا كانت تكتسي طابعا صناعيا أو تجاريا أو فلاحيا، وعلى التعاونيات والشركات المدنية، والنقابات والجمعيات والمجموعات على اختلاف أنواعها. كما تسري أيضا أحكام نظام مندوبي الاجراء على المشغلين الذين يزاولون أشغال حرة، وعلى قطاع الخدمات، إضافة إلى فروع ووكالات تلك المؤسسات.

وقد ذهب المشرع المغربي بالعمل بنظام مندوبي الأجراء في جميع المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء دائمين حسب نص المادة 430 من مدونة الشغل، لكن المشرع رغبة منه في تشجيع نظام مندوبي الاجراء، فإنه خول مع ذلك للمؤسسة التي تشغل أقل من عشرة أجراء دائمين إمكانية اتباع نظام مندوبي الاجراء وذلك بمقتضى اتفاق كتابي فيما بينها وبين أجرائها أو فيما بينها وبين منظماتهم النقابية حسب المادة 431 من مدونة الشغل والمادة الثالثة من قرار وزير التشغيل رقم 2288.08 بتاريخ 17 دجنبر 2009.

لكن أحكام هذا النظام يبقى مجرد حبر على ورق بالنسبة لبعض المؤسسات التي تتوفر على الشروط الخاصة بإحداث مؤسسة مندوب الاجراء، ولكنها غير راغبة في تأسيسها، حتى ولو أن المشرع المغربي يعاقب كل من توفرت فيه الشروط ولم يعمل على تنظيم انتخابات مندوبي الأجراء، بحيث نصت المادة 463 على أنه ((يعاقب بغرامة من 25.000 درهم إلى 30.000 درهم عن عدم إجراء الانتخابات المنصوص عليها في المادة 447 وفي حالة العود تتضاعف الغرامة المذكورة أعلاه))، فهل هذا راجع الى غياب المراقبة والبحث والتحري للسهر والتأكد على مدى تطبيق الاحكام القانونية والتنظيمية من طرف ذوي الاختصاص؟

المهام القانونية المسندة لمندوبي الأجراء

تضمنت مدونة الشغل العديد من المهام الأخرى التي أسندت لمندوبي الأجراء ويستشار فيها والتي تهم تنظيم الشغل بالمقاولة، سواء تعلق الأمر عند وضع النظام الداخلي(المادة 138 من م ش)، أو عند تشغيل الأجراء خارج مدة الشغل العادية(المادة 196 من م ش)، أو عند تنظيم الراحة الأسبوعية (المادة 211 من م ش)، أو عند تولي المشغل تحديد توزيع تواريخ العطلة السنوية(المادة 245 من م ش)، أو عند المشاركة في التدبير الاقتصادي والاجتماعي للمقاولة من خلال عضويتهم الالزامية في لجنة المقاولة([7]) (المادة 465 من م ش) ولجنة السلامة وحفظ الصحة (المادة 337 من م ش)، ومؤازرة الأجراء عند تأديبهم(المادتان 37 و 62 من م ش)..الخ، بالإضافة كذلك إلى أن مدونة التجارة عند الحديث عن الوقاية الخارجية والتسوية المادية نصت في مادتها 548 على أنه ((…يمكن لرئيس المحكمة، على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة، أن يطلع على معلومات من شأنها إعطاءه صورة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمدين وذلك عن طريق مراقب الحسابات أو الادارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال أو أي شخص أخر)).

حق مندوبي الاجراء في الاجتماع و التواصل مع الاجراء

حتى يتسنى لمندوبي الأجراء من القيام بمهامهم المسندة لهم قانونيا وبالخصوص امكانية اطلاعهم على مختلف الشكايات الفردية للأجراء المتعلقة بظروف الشغل، أوجب المشرع المغربي على المشغل بأن بضع رهن إشارتهم، المكان اللازم ليتمكنوا من أداء مهامهم، ولاسيما لعقد اجتماعاتهم، وكذا الاتصال بزملائهم الأجراء، كما خول لهم المشرع كذلك أن يعلنوا بواسطة الملصقات البيانات التي تقتضي مهمتهم إبلاغها إلى علم الأجراء، وذلك في الأماكن التي يضعها المشغل رهن إشارتهم، خاصة في مداخل أماكن الشغل، بل ويمكن لهم باتفاق مع المشغل، استعمال كل وسائل الإخبار الأخرى غير الملصقات حسب المادة 455 من مدونة الشغل، وكل مخالفة لأحكام مقتضيات هذه المادة يعاقب عليها القانون وفق المادة 462 من مدونة الشغل.

إلا أن جانب تواصل مندوبي الأجراء مع الأجراء سواء عن طريق الهاتف أو الفاكس أو المواقع والبريد الالكتروني الداخلي، يبقى تحت رحمة المشغل وحكرا على إدارة المقاولة أو المؤسسة التي تتحكم في زمام الأمور في توقيف وسائل الاتصال أو عدم توقيفها.

لاشك أن مندوبي الأجراء بإمكانهم خلق ديمومة في المكان المخصص لهم لأداء مهامهم، علما من أن الأجراء قد لا يتمكنون من الاتصال بهم أمام إكراهات العمل المنوط بهم، مما يتطلب من مندوب الأجراء أن يكون على إطلاع بالظروف العملية للشغل وعلى دراية بتشريع الشغل والمراسيم التطبيقية أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي ومذكرات ودوريات لمصلحة، يسمح له بالاتصال المباشر مع الإجراء، ومدى تدخله في الوقت المناسب لمعالجة الشكايات لدى المصالح المختصة.

كما أن المشرع أوجب كذلك على المشغل تمكين مندوبي الأجراء من خمسة عشرة ساعة في الشهر لكل مندوب لأداء مهامه داخل المؤسسة أو خارجها، لكن الاجتماع عادة ما يتم أثناء ساعات الشغل، بحيث نصت المادة 456 من مدونة الشغل على أنه (( يجب على المشغل، أن يتيح لمندوبي الأجراء الوقت اللازم لتمكينهم من أداء مهامهم داخل المؤسسة وخارجها، وذلك في حدود خمسة عشرة ساعة في الشهر، بالنسبة لكل مندوب، ما لم تحل ظروف استثنائية دون ذلك، وعليه أن يؤدي إليهم أجر ذلك الوقت، باعتباره وقتا من أوقات الشغل الفعلي. يمكن، باتفاق بين المشغل ومندوبي الأجراء، تنظيم استعمال الوقت المخصص لهؤلاء المندوبين للقيام بمهامهم))، وعدم تقيد المشغل بهذه المقتضيات يعاقب عليه بغرامة مالية طبقا للمادة 462 من مدونة الشغل.

حق مندوبي الأجراء في استقبالهم من طرف المشغل

إذا كان المشرع قد عمل على توسيع مهام وصلاحيات مندوبي الأجراء من حيث المشاركة في التدبير الاقتصادي والاجتماعي للمؤسسة أو المقاولة، فإنه بالمقابل عمل على إحداث آليات قانونية تتجلى في تخويل الحق لمندوبي الأجراء في استقبالهم جماعيا من طرف المشغل أو من ينوب عنه، والذي هو نابع من التزام قانوني، يتم شهريا على الأقل في أوقات محددة وبطلب منهم في حالة الاستعجال، إذ جاءت مقتضيات المادة 460 في فقرتها الأولى من مدونة الشغل على أنه ((يجب على المشغل، أو من ينوب عنه، أن يستقبل مندوبي الأجراء جماعيا، مرة كل شهر على الأقل، كما يجب عليه أن يستقبلهم بطلب منهم في حالات الاستعجال))، ففي هذه الحالة أن استقبال مندوبي الأجراء جماعيا شهريا يكون المشغل أو من ينوب عنه هو الملزم باستدعائهم وذلك لتدارس القضايا ذات التوجه العام، ولا شيء يمنع المشغل أومن ينوب عليه أن يستقبلهم فرادى وهذا ما نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 460 من مدونة الشغل على أنه(( يجب على المشغل، أو من ينوب عنه، أن يستقبل مندوبي الأجراء، إما فرادى، أو بصفتهم ممثلين عن كل مؤسسة، أو ورش، أو مصلحة، أو حسب الاختصاص المهني، وذلك تباعا للقضايا التي يريدون معالجتها)).

وأن المشرع وضع مسطرة خاصة قبل تاريخ الاستقبال، تتمثل اساسا بأجل تسليم المذكرة الكتابية إلى المشغل، الذي يتم قبل تاريخ الاستقبال بيومين، ويمكن عدم احترامه في ظروف استثنائية، وهذه المذكرة تتضمن بإيجاز موضوع شكاية الأجير أو الأجراء، تدون نسخة منها في سجل خاص حفاظا على ما قد ينتج عنها من آثار عند الضرورة، علاوة على الجواب عن المذكرة في أجل لا ينبغي أن يتجاوز ستة أيام، مع إلزام المشغل بوضع السجل المذكور رهن إشارة من يريد الإطلاع عليه من طرف أجراء المؤسسة، طيلة يوم واحد من أيام الشغل عن كل خمسة عشرة يوماً، وذلك خارج ساعة الشغل، كما يوضع هذا السجل أيضا رهن إشارة العون المكلف بالشغل (المادة 461 من م ش)، ويكون المشغل حسب المادة 462 من مدونة الشغل معرضا لعقوبة زجرية إذا رفض استقبال مندوب الأجراء وفق الشروط المنصوص عليها في الماديتين 460 و 461 من مدونة.

فهل فعلا أن المقاولات والمؤسسات، التي تتوفر على مؤسسة مندوبي الأجراء وعلى لجنة المقاولة ولجنة حفظ الصحة والسلامة، تحترم دوريات الاجتماعات المنصوص عليها قانونية ويعمل المشغل أومن ينوب عنه على استقبالهم؟ أم أن المشرع المغربي انتهت مهمته بمجرد ما انتهى من صياغة مدونة الشغل، وتبقى الضحية هم الأجراء.

إحلال مندوب النائب محل المندوب الأصلي

هل يجوز لمندوبي النائب المشاركة إلى جانب مندوبي الأصلي في اجتماع مع المشغل أومن ينوب عنه؟

يمكن للمندوبين النواب، أن يحضروا في جميع الأحوال، الاجتماعات التي يعقدها المندوبون الأصليون مع المشغل حسب الفقرة الأخيرة من المادة 460 من مدونة الشغل، لكن المشغل غير ملزم باستدعائهم([8])، وإمكانية حضور المندوبين النواب مرتبطة بكونهم قد ينادى عليهم لتعويض المندوبين الأصليين عند الاقتضاء، بحيث نجد إلى جانب كل مندوب أصلي يوجد نائب ينتخب بنفس الكيفية والشروط، لكن المندوب النائب يحل محل المندوب الأصلي حين بتعذر على هذا الأخير مباشرة مهمته، ويخلفه فيما إذا فقد المندوب الأصلي نيابته ([9]).

إذا تعرض المندوب الأصلي لعارض ما يمنعه من ممارسة مهامه، سواء في مؤسسة مندوب الأجراء أوفي لجنة المقاولة أوفي لجنة حفظ الصحة والسلامة، فإن المندوب النائب يعتبر الشخص الذي يحدد مسبقا لكي ينوب عن مندوب الأصلي، لكن بإمكان المندوب النائب أن يحضر في جميع الأحوال، الاجتماعات التي يعقدها المندوبون الأصليون مع المشغل، ولا يكون لهم إلا حق الانصات في هذه الحالة([10])، وليس المشاركة في اتخاذ القرار مع المندوبين الأصليين أثناء الاجتماع مع المشغل أومن ينوب عنه.

إن انتخاب المندوبين النواب من طرف الأجراء يتم في نفس الوقت الذي يتم فيه انتخاب المندوبين الأصليين حسب القانون، بحيث أن المادة 433 من مدونة الشغل تحدد عدد المندوبين الأصليين ونوابهم الذين يجب انتخابهم وفق سلم عددي متدرج، بحيث أن المشرع المغربي سمح للمندوبين النواب بإحلالهم محل الأصليين عند الاقتضاء. إذ تضمنت المادة 435 من مدونة الشغل العديد من الحالات التي تجعل مهام مندوب الأجراء منتهية قبل أوانها بحيث نصت على أنه ((تنتهي مهام مندوب الأجراء، بوفاته، أو بسحب الثقة منه، أو باستقالته، أو ببلوغ السن القانوني للتقاعد، أو بإنهاء عقد شغله، أو بصدور حكم عليه من الأحكام المشار إليها في المادة 438 أدناه. يمكن إنهاء مهمة مندوب الأجراء بسحب الثقة مرة واحدة فقط بعد مرور نصف الانتداب بقرار مصادق على صحة إمضائه يتخذه ثلثا الاجراء الناخبين)).

إن إحلال المندوب النائب محل المندوب الأصلي قد يكون بصفة دائمة، وذلك حسب مقتضيات المادة 436 من مدونة الشغل التي نصت على أنه ((إذا توقف المندوب الأصلي عن مزاولة مهامه لسبب من الأسباب الواردة في المادة 435، خلف المندوب النائب من فئته المهنية، والذي ينتمي إلى لائحته الانتخابية، ويصبح عندئذ مندوباً أصليا، إلى أن تنتهي مدة انتداب الذي حل محله))، كما قد يكون بصفة مؤقتة.

فهل لجوء هذه المؤسسات إلى دعوة مندوبي الأجراء النواب إلى جانب مندوبي الأجراء الأصليين معا للمشاركة في الحوار الاجتماعي مع المشغل أو من ينوب عنه، على علم وبينة من القانون ومقتضياته؟ ثم كذلك هل مندوبي الاجراء المدعوين والمشاركين ليسو على دراية بقانون الشغل؟ أم المشاركة تبقى من أجل خرق القانون وتمييع الحوار الاجتماعي وعدم الخروج بأية نتيجة تذكر، وفي الأخير تبقى الضحية دائما هم الأجراء.

وعليه، أمام توسيع مهام مندوبي الاجراء حتى وان جاءت على حساب الحريات النقابية في بداية التأسيس، فهل هذه الشريحة من الأجراء المنتخبة ستساير اتساع وتطور نشاط المقاولة الحاصل لمواجهة التحديات التي تفرزها عولمة الاقتصاد؟ لأنه إذا كان مندوب الأجراء الملقب في مهامه “بالمحامي الاجتماعي”([11]) يعتبر الأقرب إلى الحقيقة اليومية للشغل، ويسعى إلى ايجاد الحلول السريعة لمعالجة المشاكل الملموسة، ويعتبر كذلك الوسيط بين الأجراء والمشغل لأنه الموكل من طرف الاجراء لتقديم جميع شكاياتهم الفردية، المتعلقة بظروف الشغل إلى المشغل أو إحالتها إلى العون المكلف بتفتيش الشغل، فإنه يقتضي بالطبع أن يكون مندوب الأجراء على علم بمضمون الشكايات وله دراية بقانون الشغل والنظام الداخلي أو اتفاقية الشغل الجماعية عند وجودها بالمقاولة، مما يتطلب ويستوجب توفره على مقدرة وكفاءة للاستيعاب بل على مستوى معين من الثقافة، وهذا ما يسهل عليه التواصل الدائم مع القاعدة التي يمثلها وكذا مع إدارة المقاولة وبالخصوص إدارة الموارد البشرية التي تتوفر على أطر متخصصة في الميدان، ومع المشغل نفسه، أو مع مفتش الشغل، من أجل التدبير الجيد للمجال الاجتماعي بالمقاولة، وبالمقابل لا يمنع المشغل من واجب تحليه بروح من المسؤولية الايجابية، عن طريق توطيد العلاقات الاجتماعية مع الفرقاء الاجتماعيين وذلك عبر حوار بناء وتواصل حقيقي ومجدي والعمل على ارتقاءه، لأن غياب فضيلة الحوار والتواصل وضيق مجال النقاش الحر أو انعدامه، قد يتحول إلى الاحتجاج في الشارع أو داخل فضاء العمل من طرف الأجراء، مما سينعكس سلبا على مردودية المؤسسة.

*باحث مختص في القانون الاجتماعي

—————————————————————–

[1] عبد العزيز العتيقي، قانون الشغل بالمغرب، دراسات وأبحاث، مطبعة دار النشر المغربية الدار البيضاء سنة 1997، ص 59.
[2] الاتحاد المغربي لشغل الذي تأسس في 20 غشت 1955
[3] عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل- الجزء الثاني-علاقة الشغل الجماعية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى سنة 2009، ص 304.
[4] المنشور في الجريدة الرسمية تحت عدد 5167 بتاريخ 13 شوال 1424 الموافق 8 ديسمبر 2003، كما نصت المادة 589 منه على بدء سريان مفعوله بعد ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وهو ما يوافق 8 يونيه 2004
[5] محمد المعاشي، مندوبو الأجراء في القرض الفلاحي بين الواقع القانوني وضرورة الإصلاح، مطبعة دار أبي رقراق الرباط، سنة 2009، ص10 .
[6] محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الأول، طبع بمطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2005، ص 148.
[7] أنظر المقال المنشور عبر المواقع الالكترونية لسنة 2013 ، لمحمد المعاشي، حول ” لجنة المقاولة والصعوبات التي تعترضها في غياب أجهزة المراقبة”
[8] محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الجماعية، المجلد الرابع، الجزء الأول، طبع بمطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2011، ص 203.
[9] د. موسى عبود، دروس في القانون الاجتماعي، الناشر المركز الثقافي العربي بيروت، الطبعة الثالثة، سنة 2004، ص 252.
[10] محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الجماعية، المجلد الرابع، الجزء الأول، طبع بمطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2011، ص 219.