الجهل بالقانون‏

إن القاعدة القانونية تسري في حق المخاطبين بأحكامها جميعاً من دون استثناء وهو ما يُعرف بمبدأ أنه لا يُفترض بأحد الجهل بالقانون، أي لا يُعذر أحد بجهله بالقانون، فعدم العلم بالقاعدة القانونية لا يمنع ولا يعفي من تطبيقها على المخاطبين بأحكامها، ومبدأ عدم الاعتذار بجهل القانون يفترض علم الكافة به بما يحول دون قبول الاحتجاج بهذا الدفع في محاكم المملكة وخاصة في قانون العقوبات البحريني الذي حسم تلك المسألة في المادة 29 حيث نصت «لا يقبل الاحتجاج بجهل أحكام هذا القانون» والإشارة هنا في هذا النص على قانون العقوبات.

وهذا ما يؤكد الأساس القانوني الذي يقوم به عمود ثقافة أمنية من نشر الوعي الأمني القانوني الذي يلقي الضوء على بعض جرائم قانون العقوبات بهدف حماية المواطنين من الوقوع ضحيتها بجهل وبغير قصد جنائي ولذلك نناشد الكافة بضرورة الإطلاع على قانون العقوبات وتعديلاته وقاية من العقاب، ذلك أن اعتبارات المصلحة العامة تتطلب أن يوضع على قدم المساواة العلم الفعلي بالقانون والعلم المفترض به لكل شخص، بحيث لا تُكلف النيابة العامة على إثباته ولا يقبل من المتهم أن يقيم الدليل على انتفائه باعتبار أن تطبيق قانون العقوبات لن يكون متوقفاً على العلم الفعلي به ولن يعطله إدعاء بعض الأفراد الجهل بأحكامه.
والتبرير القانوني لهذه المادة هو أن عِبء إثبات العلم بالقانون عسير، والبراءة عند العجز عن الإثبات تلحق بمصالح المجتمع أبلغ الضرر لأنها تعطل تطبيق القانون وتفوت أهدافه فضلاً عن هذا الافتراض تدعمه الحقائق في الأغلب فإذا خالف الفعل تعاليم الأخلاق، فإنّ العلم بتجريم القانون له يتوافر لدى كل ذي أهلية، أما إذا لم يناقض هذه التعاليم، فإنّ العلم بصفته الإجرامية يجب أن يتوافر مع ذلك وبالنظر إلى ما يقوم به المشرع البحريني من وسائل يتيح بها هذا العلم، فهو ينشر القانون على الناس في الجريدة الرسمية، وفي استطاعة كل شخص أن يستفسر عن أحكامه ويحيط بها علماً.

بالإضافة إلى ما تقوم به الإدارات الإعلامية في الوزارات والأجهزة ذات الصلة بالنواحي القانونية بنشر تلك الثقافة كلٌ حسب رؤيته وما يقي المواطن ذو النية الحسنة مغبة العقوبة.

يفترض العلم بالقانون للنصوص الجنائية كافة ولا تفرقة بين الجرائم تبعاً لمقدار جسامتها، ولا مكان ارتكابها، أكان داخل المملكة أو خارجها لا فرق بين وطني وأجنبي.

ولا اعتداد بالجهل بالقانون ولو كان شائعاً بل إن تسامح السلطات الإدارية في شأن من يخالفون بعض نصوص التجريم وعدم اتخاذها الإجراءات ضدهم جعل بعض الجهلة بالقانون يعتقدون شرعية الأفعال التي يقومون بها والمخالفة لنصوص التجريم.
وليس افتراض العلم بالقانون مطلقاً فثم حالات ينتفي فيها، وأهمها استحالة العلم بالقانون بسبب قوة قاهرة، وحالة ما إذا كان محل الجهل قانوناً غير قانون العقوبات وقد استلهم المشرع البحريني روح العدالة بمواءمة القاعدة القانونية لا إلزام إلا بمستطاع.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت