نظرة قانونية حول قانون الضرائب في المغرب

إن القانون الضريبي المغربي ، يفصح المجال للعديد من المعاملات الخصوصية وللكثير من الاستنزالات ، منها ما يتأسس في حدود سقوف قانونية مقررة لذلك، ومنها ما يتأسس دون اي قيد، الشيء الذي انعكس سلبا، على المستوى الاجتماعي(أولا)وكذلك على المستوى الاقتصادي(ثانيا).

أولا : الحدود الاجتماعية للنظام الجبائي

إن المعاملات الخصوصية تؤدي الى تكريس اللامساواة في توزيع العبئ الجبائي بين الدخول النوعية 1 ،بل وبين الحاصلات برسم نفس الدخل النوعي، فمادام أن ربط أسعار الضريبة تأسس بنظام تصاعدي موحد.
فإن الاختلاف في معدلات الاستنزالات المسموح بمباشرتها قبل الضريبة ستأسس بآثار سلبية واسعة على توزيع المجهود الجبائي بين المكلفين، وهذه الاستنزالات ذو طبيعة اجتماعية ، حيث تتم مباشرته من مبلغ الضريبة بقيمة 360درهما في السنة عن كل إبن من أبناء المكلف الشرعيين أو بالتبني وعن زوجته ، على اساس ألايتجاوز السقف السنوي لهذا الاستنزال 2160درهم.

وبشرط ألايتجاوز دخل دخل الفرد المتكفل به 30.000درهم في السنة وأن يقل عمره عن 21و 25سنة في حالة متابعته الدراسة، ودون الالتزام بقيد السن بالسبة لأبناء المكلف المعاقين العاجزين عن سد حاجاتهم بأنفسهم.

وفي المقابل، فإنه ينبغي من زاوية تحليلية، أن لا يغيب عن أذهاننا أن المبالغة في أنواع الاستنزالات والمفاضلة وعدم إقامة سقوف صارمة ومضبوطة أمام كل استنزال من أي طبيعة كانت ، تتأسس بأثر سلبي عميق على مجهود توزيع العبئ الجبائي الذي يترتب عن مثل هذه المعاملة بين المكلفين.
ومن المفارقات العجيبة هو انه إذا كان النظام الجبائي ، وسيما المغربي يؤديوضيفة حراسة الفوارق الاجتماعية ، التي تكرس بفعل توسيع القاعدة المادية للنظام2 ، غير أن السياسة الجبائية بإبقائها لكثير من المداخيل ومصادر الثروة خارج دائرة التضريب وبمغالاتها في منح الخصوم والاعفائات وبنزعتها التسامحية إزاء سلوكات الغش والتهرب الضريبي، أفضت الى تحجيم المردودية المالية وبالتالي تعميق الفقر وتغذية ضواهر الاقصاء كالبطالة، إنه القهر المادي المباشر والمكشوف للمجتمع، نجد الدولة تعمل مع ذلك رغم هذا القهر على تتبيث سيطرتها وضبط تمفصلات المجتمع وإعادة انتاج علاقة القوة داخله اعتمادا على ميكانيزمات تأخذ أبعاد لطيفة ، وتعد الجباية إحدى صور هذا الاستغلال اللطيف، في الوقت الذي أصبح فيه الوضع الاجتماعي المتردي الذي أسهمت السياسة الجبائية بشكل مباشر وغير مباشر في اتجاه تهديد النظام وخلخلة استقراره.
إذن فإن كانت السياسة الجبائية تطرح أسئلة معقدة ترتبط بالتوجه والمحددات والنتائج، فإن فهما أعمق لن يكتمل من دون بحث موضوع الفاعلين الذين يسهمون في بلورة هذه السياسة. هذا عن الحدود الاجتماعية للنظام الجبائي فماذا عن الحدود الاقتصادية للنظام الجبائي.

ثانيا:الحدود الاقتصادية للنظام الجبائي

إن ما سبق الحديث عنه في الحدود الاجتماعية للنظام الجبائي هو نفسه بالنسبة للحدود الاقتصادية للنظام الجبائي، ذلك أن هذه المعاملات الخصوصية والاستنزالات التي سبق الحديث عنها آنفا، لها بعد اقتصادي كذلك.ذلك أنه من زاوية تحليلية لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن المبالغة، في الاستنزالات والمفاضلة فيما بينها وفي عدم إقامة سقوف صارمة ومضبوطة أمام كل استنزال من أية طبيعة كانت يعبر في قيامه عن انبعاث لأنظمة التضريب النوعية ويتأسس بصورة عائق أمام التضريب القويم للدخل الاجمالي وأمام مردودية الضريبة وإسهامها التمويلي3 ومما يشكل كذلك عائق للدخل الاجمالي والمردودية الضريبية وإسهامها التمويلي، نجد الأسعار العليا والتي غالبا ما تمس سوى عدد قليل من المكلفين ممن تزيد دخولهم على متوسط دخل الفرد من الناتج الداخلي الاجمالي بخمسين مرة، وبأن فرض أسعار مرتفعة على قواعد ضيقة لا يولد إلا إيرادا قليلا.

وبشكل عام، فإذا كانت الضرائب باختلاف مسمياتها ،اقتطاع جزء من فائض القيمة لتمويل الدولة التي تخضع كل المجتمع للطبقة السائدة 4 فإن الاعفاءات والتخفيضات الضريبية واسقاطات من القاعدة الضريبية ، الى جانب اسعار تفضيلية تشكل نقصانا هاما في الميزانية العامة للدولة.

الا أنه في المقابل ، فإن السماح بإعفاءات واستنزالات لأصحلب الثروة ورؤوس الأموال ، والتركيز في تحصيل الضرائب من الفئات المتوسطة والمحرومة أو الأحرى حيث يوجد الفقر ، يشكل ضغطا ضريبيا قويا سيما في بلدنا ، الشيئ الذي يشكل عامل سلبي يحد من نمو الاقتصاد الوطني 5مما ينتج عنه تدهور القدرة الشرائية للمواطن المغربي ، وفي هذه الحالة عندما تتحرك الجماهير المقهورة بشكل منظم وواع وقوي لتغيير أوضاعها ، آنذاك تلتحق بهم بعض الفئات الرأسمالية تحت شعار الوطنية والديمقراطية.