حالة الطوارئ

الأصل في الدولة أن تعيش بصورة دائمة في حالة من الاستقرار العام تنظمها وتحكم علاقاتها مجموعة من القواعد الدستورية والقانونية إضافة إلى الاتفاقيات الدولية[ر]، واستثناءً من هذا الأصل قد تتعرض الدولة في بعض الأحيان لأخطار جسيمة تصبح القواعد العادية عاجزة عن مواجهتها، ويصبح من الضروري مواجهتها بقواعد استثنائية. هذه الأوضاع والتدابير الاستثنائية يطلق عليها (حالة الطوارئ) state of emergency.

وهكذا فحالة الطوارئ بالتعريف هي: الإجراءات الاستثنائية التي تتخذها السلطة التنفيذية بقرارات إدارية في أحوال محددة على سبيل الحصر وضمن شروط معينة.

حالة الطوارئ في التشريع السوري

تضمن المرسوم التشريعي رقم (51) تاريخ22/12/1962 أحكام حالة الطوارئ في الجمهورية العربية السورية حيث حدد حالات الطوارئ بالأربع التالية: (م1)

1ـ حالة الحرب.

2ـ حالة التهديد بوقوع الحرب.

3ـ حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في جزء منها للخطر بسبب حدوث اضطرابات داخلية.

4ـ حالة وقوع كوارث عامة.

وحالة الطوارئ يمكن أن تتناول مجموع الأراضي السورية أو جزءاً منها.

قرار إعلان حالة الطوارئ

يعتبر قرار إعلان حالة الطوارئ من صلاحياتالسلطة التنفيذية في الجمهورية العربية السورية حيث نصت المادة 101 من دستور الجمهورية العربية السورية لعام 1973م على أن: يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها على الوجه المبين في القانون.

كما نصت المادة 2 من قانون حالة الطوارئ على أنه: تعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه على أن يعرض على مجلس الشعب في أول اجتماع له.

وجدير بالذكر أن مرسوم إعلان حالة الطوارئ يتخذ بناء على اقتراح وزير الدفاع في حالة الحرب والحالة التي تهدد بوقوعها، وبناء على اقتراح وزير الداخلية في حالة الاضطرابات الداخلية والكوارث العامة. ويعرض الأمر على مجلس الشعب في أول اجتماع له ليبين رأيه فيه إلغاءً أو موافقةً أو تعديلاً.ويجب أن ينشر مرسوم إعلان حالة الطوارئ بوسائل النشر المقبولة حتى يعرفه المواطنون ويكيفوا سلوكهم مع مقتضياته.

ويجب أن يتضمن مرسوم إعلان حالة الطوارئ القيود والتدابير التي يحق للحاكم العرفي اتخاذها. والحاكم العرفي في الجمهورية العربية السورية هو رئيس مجلس الوزراء ونوابه الذين يعينهم بمرسوم. (م3)

أما القيود والتدابير التي يحق اتخاذها بموجب قانون حالة الطوارئ فتتمثل فيما يلي:

أـ وضع قيود على حرية الأشخاص والإقامة والتنقل والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وتوقيف المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام توقيفاً احتياطيّاً. والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت. وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال.

ب ـ مراقبة الرسائل والمخابرات أياً كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها.

ج ـ تحديد مواعيد فتح الأماكن العامة وإغلاقها.

د ـ سحب إجازات الأسلحة والذخائر والمواد القابلة للانفجار، وإغلاق مخازن الأسلحة.

هـ ـ إخلاء بعض المناطق أو عزلها.

و ـ الاستيلاء على أي منقول أو عقار وفرض الحراسة المؤقتة على الشركات والمؤسسات.

ويجوز لمجلس الوزراء توسيع دائرة هذه القيود والتدابير بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية ويعرض على مجلس الشعب في أول اجتماع له.

ويحدد الحاكم العرفي العقوبات التي تفرض على مخالفة أوامره على ألا تزيد على الحبس ثلاث سنوات أو الغرامة التي لا تزيد على30000ليرة أو إحدى هاتين العقوبتين، وإذا لم يحدد الحاكم العرفي العقوبة المترتبة على مخالفة أمره فيعاقب على مخالفتها مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تزيد على خمسمئة ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وفي المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ(مجموع الأراضي السورية أو جزء منها) يصبح القضاء العسكري هو القضاء المختص، وقد حدد قانون الطوارئ الجرائم التي تصبح من اختصاص القضاء العسكري مهما كانت صفة الفاعلين أو المحرضين أو المتدخلين وتتمثل في:

ـ مخالفة الأوامر الصادرة عن الحاكم العرفي.

ـ الجرائم الواقعة على أمن الدولة والسلامة العامة.

ـ الجرائم الواقعة على السلطة العامة.

ـ الجرائم المخلة بالثقة العامة.

ـ الجرائم التي تشكل خطراً شاملاً.

وتستمر حالة الطوارئ ما دامت الأوضاع القائمة تقتضي ذلك. ويكون إنهاء حالة الطوارئ أيضاً بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية واجتماع ثلثي أعضائه ودون حاجة لموافقة مجلس الشعب. وهذا أمر بدهي فإعلان حالة الطوارئ يتضمن المساس بالحريات العامة والفردية والاقتصاد والمال لذلك لا بد من عرضه على مجلس الشعب، في حين أن مرسوم إنهاء حالة الطوارئ معناه رفع تلك الأعباء الثقيلة عن كاهل الشعب وهو أمر لا يتطلب موافقة من مجلس الشعب لأنه حتماً في صالح الشعب.