تعريف مرض الموت:

لم يتطرق القانون المدني السوري لتعريف مرض الموت في حين أن مجلة الأحكام العدلية قد عرفته في المادة 1595 بأنه:

هو الذي يغلب فيه خوف الموت ويعجز المريض عن رؤية مصالحة خارج داره إن كان من الذكور وعن رؤية مصالحة داخل داره إن كان من الإناث ويموت على ذلك قبل مرور سنة سواء كان صاحب فراش أم لم يكن وأن امتد مرضه ومضت عليه سنة وهو على حال واحدة كان في حكم الصحيح.

وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح ما لم يشتد مرضه وتغير حاله ولكن لو اشتد مرضه وتغير حاله ومات قبل مضي سنة تعد حاله اعتباراً من وقت التغيير إلى وقت الوفاة مرض الموت.

وقد عرفة اجتهاد محكمة النقض السوري بـ:

مرض الموت هو المرض الذي يحس به المريض بدنو أجله وعدم إمكانية شقائه ويقعد عن أعماله ويستمر مدة سنة يموت خلالها المريض فإن امتد المرض لأكثر من سنة فإنه يخرج عن مفهوم مرض الموت.

(هيئة عامة قرار 193 أساس 246 تاريخ 22/05/2000) مجموعة القواعد القانونية التي أقرتها الهيئة العامة لمحكمة النقض الجزء الثالث ص 171).

شروط مرض الموت:

1- أن يقعد المريض عن قضاء حوائجه:

أن يعجز عن قضاء حوائجه العادية المألوفة والتي يستطيع الأصحاء عادة مباشرتها. وإذا كانت من الإناث أن تقعدها عن قضاء مهامها المنزلية وليس لازماً أن يلزم المريض الفراش، والشيخوخة بحد ذاتها لا تعتبر مرض موت إذا عجز الإنسان عن القيام بمهامه أثرها.

2- أن يغلب في المرض خوف الموت:

يجب أن يغلب فيه خوف الموت وذلك في حالة كون المرض مرضاً خطيراً وهو من الأمراض التي تنتهي بالموت عادة أو أن يكون المرض قد بدأ بسيطاً ثم أخذ يتطور حتى بات يخشى علي صاحبه الهلاك.

إن قعود المريض عن قضاء مصالحة ليست شرطاً أساسياً من شروط مرض الموت لأنه هناك أمراض يتولد فيها شعور لدى المريض بخوف الموت وتنتهي بالموت فعلا إلا أن هذه الأمراض لا تقعد المريض عن قضاء حاجته وهناك أمراض لا تقعد المريض عن قضاء حاجته وقد لا يدري فيها المريض ولا تظهر إلا بعد وفاته ففي هذه الحالة تعتبر تصرفات المريض تصرفات صحيحة.

اجتهاد

“إن عدم قعود المرض مرض الموت عن القيام بمصالحة وعدم علمه بأنه مريض بمرض خبيث يؤدي إلى الموت وعدم وجود شعور لديه بالخوف من الموت ينفي توفر شروط مرض الموت”.

(نقض سوري قرار 1388 أساس 2674 تاريخ 29/09/1980 التقنين المدني السوري الجزء الخامس ص4224).

3- يجب أن ينتهي المرض بالموت فعلاً:

وهو شرط أساسي ولا يكفي أن يصيب المرض شخص يقعده عن عمله ويصيبه بخوف الموت فحسب بل لا بد أن يتصل المرض بالموت وإذا أصيب شخص بمرض أقعده وخاف الموت لكنه شفي لا يعتبر مرض موت ويقع تصرفه صحيحاً.

ويجوز لمن صدر منه التصرف المريض أن يطعن في تصرفه بالغلط في الباعث وهو أحد عيوب الرضا بأن يثبت أنه أقدم على التصرف وهو معتقد بأنه مشرف على الهلاك ولو اعتقد بأنه سيشفى ما كان ليتصرف وفي هذه الحالة يكون التصرف قابلاً للإبطال للغلط ويجوز للمتصرف أن يبطله لهذا العيب.

أن الأمراض قد تطول عدة سنوات في الإنسان ثم تنتهي بالموت وهو ما يحصل في الأمراض المزمنة والقاعدة في معالجة مثل تلك الحالات أن المرض هنا لا يعتبر للوهلة الأولى مرض موت إذا طال دون أن يشتد المرض بحيث يطمئن المريض بان المرض قد وقف سيره ولم يعد منه خطر ولو كان قد أقعده المرض ما دام لا يعد يغلب فيه خطر الموت الحال.

لكن إذا اشتد المرض بعد ذلك وساءت حالة المريض حتى أصبحت تنذر بدنو الأجل واستمر المرض بالاشتداد حتى انتهى بالموت فعلاً فإنه يعتبر مرض موت من الوقت الذي اشتد فيه وقبل مرور سنة من اشتداده:

اجتهاد

“إن مرض الموت هو الذي يعجز فيه الرجل عن رؤية مصالحة الخارجية ويموت قبل مرور السنة فذا امتد مرضه لأكثر من سنة سكون في حكم الصحيح ما لم تتغير حاله من وقت التغيير إلى الوفاة مرض الموت ضمن حدود السنة”.

(نقض قرار 713 أساس 138 تاريخ 14/05/1978 مجلة المحامون ص 289 لعام 1978)

الحالات التي يعتبر في الشخص بحكم المريض مرض الموت:

الأصحاء الذين حل بهم حالة نفسية يعتبرون في حكم المريض مرض الموت لأن اعتقادهم بدنو أجلهم يثير لديهم هذه الحالة وتكون تصرفاتهم في حكم تصرف المريض مرض الموت ولو لم يكن مريضاً أصلاً مثل المحكوم بالإعدام وينتظر التنفيذ أو من كان في سفينة على وشك الغرق أو من كان محاصراً في حرب وأيقن انه مقتول تعتبر تصرفات هؤلاء في حكم التصرفات الصادرة من الشخص في مرض الموت.

حكم البيع في مرض الموت:

ورد النص في القانون المدني على حكم البيع في مرض الموت في المواد 445 و 446 وعطف المشرع الفقرة الثالثة من المادة 445 على وجوب تطبيق أحكام المادة 877 من القانون المدني السوري.

نصت المادة 445:

1- إذا باع المريض مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت فأن البيع يسري في حق الورثة إذا كانت زيادة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلاً فيها المبيع ذاته.

2- أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة فأن البيع فيما يجاوز الثلث لا يسري في حق الورثة إلا إذا اقروه أو رد المشتري للتركة ما يفي بتكملة الثلثين.

3- ويسري على بيع المريض مرض الموت أحكام المادة 877.

المادة /877/:

1- كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصودا به التبرع يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطى لهذا التصرف.

2- وعلى ورثة من تصرف أن يثبتواً أن العمل القانوني قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت ولهم أثبات ذلك بجميع الطرق ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذاً التاريخ ثابت.

3- وإذا اثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت اعتبر التصرف صادرا ً على سبيل التبرع ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك كل هذا ما لم توجد أحكام خاصة تخالفه.

نصت المادة 446:

لا تسري أحكام المادة السابقة إضراراً بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة.

يستخلص من هذه الأحكام بان المريض مرض الموت ومن في حكمه إذا باع شيئا بثمن أقل من القيمة التي يساويها وقت الموت اعتبر ذلك محاباة في الثمن تأخذ حكم التبرع فإذا كان فرق الثمن لا يتجاوز ثلث التركة كان البيع نافذاً وأما إذا تجاوز الفرق ثلث التركة فإن البيع لا يسري في حق الورثة ما يجيزوه أو يرد المشتري للتركة تتمة ثلثيها لأن المحاباة في حدود ثلث التركة جائز دون أن يكون ذلك موقوفاً على إجازة الورثة والعبرة في الإجازة إنما تكون هي تلك التي تتم بعد الوفاة.

وقد ساوت المادة 445 بالنسبة للمتصرف أليه سواء كان وارثاً أو غير وارث بحيث يكون التصرف نافذاً إذا كان فرق الثمن لا يجاوز ثلث التركة.

الوصية لوارث وفقا للقانون والاجتهاد لا تسري ألا إذا أجازها الورثة ومن هنا جاءت الفقرة الثالثة من المادة 445 لتؤكد على جواز البيع بين الوارث والمؤرث وذلك بخلاف الوصية فإذا تم البيع حقيقياً وجب التثبت من حقيقية القيمة ومطابقتها الفعلية للثمن الحقيقي وأداء هذا الثمن أو ترتيبه ديناً بذمة الوارث مع الإمكانية المتروكة للمؤرث في أن يحابي الوارث مثلما يحابي الغير دون أن تتجاوز المحاباة ثلث التركة. ومن هنا جاءت الإحالة في الفقرة الثالثة من المادة 445 على المادة 877 من القانون المدني.

وإذا تبين بأن البيع صوري ويخفي وراءه وصية لوارث فلا يعتبر التصرف بيعاً بل يعتبر وصية وتسري عليه أحكامها فلا ينفذ البيع إلا بإجازة الورثة إذا كانت لوارث أعمالاً لنص المادة 877 من القانون المدني السوري.

أما إذا كان البيع صورياً ويخفي وراءه وصية لغير الوارث فإنه ينفذ بحق الورثة على أن لا تتجاوز قيمته المبيع ثلث التركة.

ولقد طبقت أحكام الوصية على البيع في مرض الموت من اجل قياس حدود مقدار الغبن المقبول في هذا البيع لشبهة المحاباة في البيع ولنقص أهلية البائع بسبب مرض الموت فيحدث غبن في الثمن ويمكن أثبات العكس.

الحالات التي تحكم بيع المؤرث في مرض الموت:

1- البيع بما لا يقل عن قيمة المبيع:

إذا اثبت المشتري أنه دفع ثمناً للمبيع لا يقل عن قيمته فيكون البيع صحيحاً نافذاً في حق الورثة دون حاجة لأجازتهم ويستوي أن يكون البيع لوارث أو غير وارث والعبرة في تحديد من هو الوارث يرجع إلى وقت موت المؤرث.

أما إذا كان وارثاً وقت البيع وأصبح غير وارث وقت موت المؤرث فلا يعتبر وارثاً تبعاً لأحكام بيع المريض مرض الموت.

ومن الملاحظ أن قيمة المبيع تقدر وقت الوفاة أو الموت لا وقت البيع.

أن المشتري لا يستطيع أن يطالب بإبطال العقد أو إنقاص التزاماته بحجة أن البائع قد باعه العقار وهو في مرض الموت فهذا الحق يكون لورثة المريض مرض الموت فقط.

2- البيع بأقل من القيمة بما لا يجاوز ثلث التركة:

إذا أثبت المشتري أنه دفع ثمناً للمبيع وأثبت مقدار ما دفع وكان هذا المقدار يقل عن قيمة المبيع وقت الموت وبما لا يتجاوز ثلث التركة فيكون البيع صحيحاً ونافذاً في حق الورثة دون حاجة إلى أجازتهم سواء تم البيع لوارث أو لغير الوارث وتقد قيمة التركة وقت الموت لا وقت البيع ذلك لأن مرض الموت لا يثبت إلا بتحقق شرط مهم وهو أن ينتهي بالموت فعلاً.

3- البيع بأقل من القيمة وبما يجاوز ثلث التركة:

إذا أثبت المشتري انه دفع ثمناً ولكن هذا الثمن لا يساوي قيمة المبيع وقت الموت ويجاوز الفرق ثلث التركة داخلاً فيها المبيع نفسه فالبيع في هذه الحالة لا يكون نافذاً في حق الورثة فيما يجاوز الثلث ألا إذا أجازوه ذلك لأن الفرق يعتبر محاباة وهذا الفرق يأخذ حكم الوصية وتطبق عليها أحكامها سواء أكان المشتري وارث أو غير وارث.

4- التصرف بغير ثمن:

إذا لم يثبت المشتري بأنه دفع ثمناً ما للمريض مرض الموت يعتبر تصرف المريض حينئذ هبة بغير ثمن ويكون له حكم الوصية فإذا كانت قيمة المبيع لا تزيد عن ثلث التركة نفذ التصرف في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم وإذا زادت قيمة المبيع عن ثلث التركة لم ينفذ التصرف بحقهم فيما يجاوز ثلث التركة إلا بإجازتهم فإذا لم يجيزوه كان على المشتري أن يعيد التوازن للتركة ويرد إليها تكملة الثلثين أي يرد للتركة ما جاوز الثلث.

أثر البيع في مرض الموت على الغير حسن النية

نصت المادة /446/ من القانون المدني على:

لا تسري أحكام المادة السابقة إضراراً بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة.

رغب المشرع من خلال هذه المادة حماية الغير الذي تلقى بحسن نية حقاً عينياً على المبيع وكان تلقيه هذا الحق قد تم بعوض ومن قبل المشتري من المريض مرض الموت.

وعلى ذلك فإن المشتري من شخص في مرض الموت إذا كان قد رتب حقاً عينياً بمقابل على العين المبيعة كرهن أو انتفاع أو باع العين أو بعضها ومكتسب الحق حسن النية ولا يعلم بصدور البيع في مرض الموت فأن تطبيق الأحكام السابقة لا يجوز أن تؤثر على حقه الذي كسبه فلا يسقط الرهن أو الانتفاع ولا يفسخ البيع والحماية تقع ولو كان في البيع الأول محاباة وزادت على الثلث ولم يقرها الورثة أو اعتبر البيع الأول كله تبرعاً فأصبح غير نافذ بحق الورثة فيما يجاوز ثلث التركة سواء خضع البيع لأحكام المادة /445/ أو /877/ من القانون المدني.

والحماية المقررة في المادة /446/ من القانون المدني تستلزم:

– أن يكون هذا الغير قد كسب حقه على المبيع بعوض وألا فإن الورثة أولى منه بالحماية ويلاحظ أنه إذا كان المبيع عقار فإن الغير لا يعتبر أنه كسب حقاً عليه إلا إذا قام بتسجيل السند المنشئ لحقه متى كان هذا الحق حقاً عينياً أصلياً أو يقيد حقه إذا كان من الحقوق العينية كالرهن.

– أن يكون الغير حسن النية ويجهل وقت تعامله مع المشتري أن هناك ما يهدد حقه بالزوال.

فإذا توافر هذان الشرطان جاز للغير أن يدفع دعوى الورثة الذين يطالبون بها باسترداد القدر المحابى به فيما يجاوز الثلث وأن يحتفظ بحقه الذي كسبه.

وحسن النية مفترض في هذه الحالة ويقع على عاتق الورثة عبء إثبات سوء النية ولهم ذلك بكافة طرق الإثبات.

إثبات مرض الموت:

1- إن مرض الموت واقعة مادية يجوز التحقق من وجودها وإثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة الشخصية والقرائن وكذلك يمكن إثبات مرض الموت بالشهادات الطبية الدالة على الحالة في أواخرها وتقصي حياة المريض في أيامه الأخيرة وعلى الورثة الذين يطعنون في صحة تصرف مؤرثهم وبأنه وقع منه خلال مرض الموت يقع عبء إثبات مرض الموت، كما نصت المادة /877/ من القانون المدني في الفقرة الثانية:

2- وعلى ورثة من تصرف أن يثبتوا أن العمل القانوني قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت ولهم أثبات ذلك بجميع الطرق ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابت.

وبناء عليه لا يستطيع المشتري أن يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا كان السند عرفياً أو غير موثق لدى جهة رسمية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت