الدفع بعدم التنفيذ نظام قانوني مؤداه أنه في العقود الملزمة للجانبين، يسوغ لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن الوفاء بالالتزامات التي يفرضها العقد عليه، ولو كانت حالة الأداء، إلى أن يقوم المتعاقد الآخر بأداء التزاماته المقابلة، أو يعرض، في الأقل، أداءها، ما دامت هذه الالتزامات الأخيرة حالة الأداء بدورها.

والدفع بعدم التنفيذ وسيلة دفاعية، وليست هجومية. فهو كما يدل عليه اسمه، دفع وليس دعوى. وهو وسيلة دفاعية يقررها القانون للمتعاقد الذي يكون، في نفس الوقت، دائنًا ومدينًا للمتعاقد الآخر، ويخوله بمقتضاها الحق في أن يدفع مطالبة غريمه بالدين الذي له، حتى يفي هذا الغريم بدوره بما عليه. والفكرة الأساسية التي يقوم عليها هذا الدفع هي أنه: (إذا أردت أن تأخذ ما لك فعليك أن تفي بما عليك)، فلا عهد لمن لا عهد له، فقوامه الارتباط والتقابل بين الالتزامات.

ويلزم للتمسك بالدفع بعدم التنفيذ أن يكون الالتزام المقابل حال الأداء وأن يتقاعس المدين به عن أدائه برغم حلول أجله. على أنه يتعين على المتعاقد، في اعتصامه بالدفع بعدم التنفيذ، ألا يتجافى مع مقتضيات حسن النية ونزاهة التعامل، وعلى هذا فإن كان ما بقي من غير وفاء من الالتزام المقابل قليلاً بالنسبة إليه في جملته، فإنه يمتنع على المتعاقد أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ، أو في الأقل يمتنع عليه التمسك به إلا في حدود حصة من التزامه تقابل ما بقي من حقه من غير وفاء، ولم يشأ المشروع أن يضمن نص المادة (219) ما يقرر هذا الحكم اعتبارًا بأنه لا يعدو أن يكون تطبيقًا للقواعد العامة التي تقتضي مراعاة حسن النية في تنفيذ العقود، وتقيد مباشرة الحقوق بما يمتنع معه التعسف والإساءة.

والدفع بعدم التنفيذ يتقيد بالضرورة بالاتفاق وعرف الجهة. فإذا قضى الاتفاق أو العرف بحرمان المتعاقد من التمسك بهذا الدفع، أو قضى بإلزامه بتنفيذ التزامه أولاً، فإنه لا يكون له أن يعتصم به.

وقد استمد المشروع أحكام الدفع بعد التنفيذ من القانون المصري (المادة 161) والقوانين العربية التي نقلت عنه أما قانون التجارة الكويتي فقد جاء خاليًا من النص عليه.

وغني عن البيان أن الدفع بعدم التنفيذ لا يعتبر سببًا لانحلال العقد فهو لا يزيل الرابطة العقدية، وإنما يضعفها فحسب، ولمدة مؤقتة، فأثره يقتصر على وقف العقد، وهو بهذه المثابة يتميز عن الفسخ والانفساخ والتفاسخ.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .