اتفاقية بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال

والإجراءات الفورية للقضاء عليها (جديد) اتفاقية 182 لعام 1999

اعتمدت من طرف المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية

في 17/06/ 1999

إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية.

إذ دعاه مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلى الانعقاد في جنيف، حيث عقد دورته السابعة والثمانين في الأول من يونيو 1999

وإذ يلاحظ الحاجة إلى اعتماد صكوك جديدة ترمي إلى حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها، بوصف ذلك الأولوية الرئيسية للإجراءات على الصعيدين الوطني والدولي، بما في ذلك التعاون والمساعدة الدوليان، وذلك من أجل تكملة الاتفاقية والتوصية المتعلقتين بالحد الأدنى لسن الاستخدام 1973 اللتين تظلان صكين أساسيين في مجال عمل الأطفال.

وإذ يلاحظ أن القضاء الفعلي على أسوأ أشكال أعمال الأطفال يقتضي اتخاذ إجراءات فورية وشاملة، على أن تؤخذ في الحسبان أهمية التعليم الأساسي المجاني وضرورة انتشال الأطفال المعنيين من مثل هذا العمل وضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم اجتماعياً مع أخذ احتياجات أسرهم بعين الاعتبار.

وإذ يذكر بالقرار المتعلق بالقضاء على عمل الأطفال الذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي في دورته الثالثة والثمانين في عام 1996.

وإذ يقر بأن الفقر هو إلى حد كبير السبب الكامن وراء عمل الأطفال وأن الحل على الأمد الطويل يكمن في النمو الاقتصادي المستدام الذي يفضي إلى التقدم للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989.

وإذ يذكر بإعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل ومتابعته، وهو الإعلان الذي أعتمده مؤتمر العمل الدولي في دورته السادسة والثمانين عام 1998.

وإذ يذكر بأن بعض أسوأ أشكال عمل الأطفال مشمولة بصكوك دولية أخرى، ولا سيما اتفاقية العمل الجبري 1930، واتفاقية الأمم المتحدة التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق 1956.

وإذ قرر اعتماده بعض المقترحات فيما يتعلق بعمل الأطفال، وهو البند الرابع في جدول أعمال الدورة.

وإذ عقد العزم على أن تأخذ هذه المقترحات شكل اتفاقية دولية، يعتمد في هذا اليوم السابع عشر من يونيو عام تسع وتسعين وتسعمائة وألف الاتفاقية التالية، التي ستسمى اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال 1999.

المادة 1

تتخذ كل دولة عضوة تصدق على هذه الاتفاقية بسرعة ودون إبطاء تدابير فورية وفعالة تكفل بموجبها حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها.

المادة 2

يطبق تعبير الطفل في مفهوم هذه الاتفاقية على جميع الأشخاص دون سن الثامنة عشرة.

المادة 3

يشمل تعبير أسوأ أشكال عمل الأطفال في مفهوم هذه الاتفاقية ما يلي:

(أ‌) كافة أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق، كبيع

الأطفال والاتجار بهم وعبودية الدين والقنانة والعمل القسري أو الإجباري. بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدام في صراعات مسلحة.

(ب‌) استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لأغراض الدعارة. أو لإنتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية.

(ج) استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لمزاولة أنشطة غير مشروعة، ولا سيما إنتاج المخدرات بالشكل الذي حددت فيه في

المعاهدات الدولية ذات الصلة والاتجار بها.

(د) الأعمال التي يرجح أن تؤدي بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها إلى الأضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.

المادة 4

1- تحدد القوانين أو الأنظمة الوطنية أو السلطة المختصة، بعد التشاور مع المنظمات المعنية لأصحاب العمل والعمال، أنواع

العمل المشار إليها في المادة 3 (د) مع أخذ المعايير الدولية ذات الصلة بعين الاعتبار، لا سيما الفقرتان 3 و 4 من وصية أسوأ أشكال عمال الأطفال 1999.

2- تحدد السلطة المختصة، بعد التشاور مع المنظمات المعنية لأصحاب العمل والعمال، مكان وجود الأعمال التي حددت على

أنها من هذا النوع.

3- تقوم السلطة المختصة بفحص القائمة المنظمة بأنواع العمل التي تم البت بشأنها بمقتضى الفقرة 1 من المادة، ومراجعتها

عند الاقتضاء بصورة دورية وبالتشاور مع المنظمات المعنية لأصحاب العمل والعمال.

المادة 5

تنشئ كل دولة عضوة أو تحدد آليات ملائمة لرصد تطبيق الأحكام الرامية إلى تنفيذ هذه الاتفاقية بعد التشاور مع

منظمات أصحاب العمل والعمال.

المادة 6

1- تقوم كل دولة عضوة بتصميم وتنفيذ برامج عمل من أجل القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال في المقام الأول

2- ينبغي تصميم برامج العمل، وهذه تنفيذها بالتشاور مع المؤسسات الحكومية المختصة ومنظمات أصحاب العمل والعمال مع أخذ وجهات نظر المجموعات المعنية الأخرى، عند الاقتضاء بعين الاعتبار.

المادة 7

1- تتخذ كل دولة عضوة كافة التدابير الضرورية لكفالة تطبيق وإنفاذ الأحكام المنفذة لهذه الاتفاقية بشكل فعال، بما في ذلك النص على عقوبات جزائية أو غيرها من العقوبات عند الاقتضاء وتطبيقها.

2- تتخذ كل دولة عضوة، واضعة في اعتبارها أهمية التعليم في القضاء على عمل الأطفال، تدابير فعالة ومحددة زمنياً من أجل:

(أ‌) الحيولة دون انخراط الأطفال في أسوأ أشكال عمل الأطفال.

(ب‌) توفير المساعدة المباشرة الضرورية والملائمة لانتشال الأطفال من أسوأ أشكال عمل الأطفال وإعادة تأهيلهم ودمجهم اجتماعياً.

(ج) ضمان حصول جميع الأطفال المنتشلين من أسوأ أشكال عمل الأطفال على التعليم المجاني الأساسي وعلى التدريب المهني حيثما كان ذلك ممكنا وملائماً.

(د) تحديد الأطفال المعرضين بشكل خاص للمخاطر وإقامة صلات مباشرة معهم.

(هـ) أخذ الوضع الخاص للفتيات بعين الاعتبار.

3- تعيين كل دولة عضوة السلطة المختصة المسؤولة عن تنفيذ الأحكام المنفذة لهذه الاتفاقية.

المادة 8

تتخذ الدول الأعضاء تدابير ملائمة بعضها بعضاً في إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية من خلال تعزيز التعاون أو المساعدة

الدوليين، بما في ذلك تدابير لتقديم الدعم للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولبرامج اجتثاث الفقر والتعليم على صعيد عالمي.

المادة 9

ترسل التصديقات الرسمية على هذه الاتفاقية إلى المدير العام لمكتب العمل الدولي لتسجيلها.

المادة 10

1- لا تلزم أحكام هذه الاتفاقية سوى الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية التي سجل المدير العام لمكتب العمل الدولي تصديقاتها.

2- يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية بعد مضي اثني عشر شهراً على تاريخ تسجيل تصديق دولتين عضوتين لدى المدير العام.

3- ويبدأ بعدئذ نفاذها بالنسبة لأي دولة عضوة بعد مضي اثني عشر شهراً على تاريخ تسجيل تصديقها.

المادة 11

1- يجوز لأي دولة عضو صدقت على هذه الاتفاقية أن تنقضها بعد انقضاء عشر سنوات على بدء نفاذها لأول مرة بوثيقة ترسلها

إلى المدير العام الدولي لتسجيلها ولا يكون هذا النقض نافذا إلا بعد انقضاء عشر سنوات على تاريخ تسجيله.

2- كل دولة عضو صدقت هذه الاتفاقية، ولم تستعمل حقها في النقض المنصوص عليه في هذه المادة أثناء السنة التالية لانقضاء

فترة السنوات العشر المذكورة في الفترة السابقة. تكون ملتزمة بها لفترة عشر سنوات أخرى، وبعدئذ لها أن تنقض هذه الاتفاقية بعد انقضاء كل فترة عشر سنوات بمقتضى الشروط المنصوص عليها في هذه المادة.

المادة 12

1- يخطر المدير العام لمكتب العمل الدولي كل الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية بتسجيل كل التصديقات وصكوك النقض التي أبلغته بها الدول الأعضاء في المنظمة.

2- يسترعي المدير العام انتباه الدول الأعضاء في المنظمة لدى إخطارها بتسجيل التصديق الثاني المبلغ به، إلى التاريخ الذي يبدأ فيه نفاذ هذه الاتفاقية.

المادة 13

يقوم المدير العام لمكتب العمل الدولي بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بالتفاصيل الكاملة لكل التصديقات وصكوك

النقض التي سجلها طبقا لأحكام المواد السابقة، كما يقوم الأمين العام بتسجيلها وفقاً لأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة.

المادة 14

يقدم مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلى المؤتمر العام تقريراً عن تطبيق هذه الاتفاقية كلما ارتأى ضرورة ذلك،

وينظر فيما إذا كان من الصواب إدراج مسألة مراجعتها بشكل كلي أو جزئي في جدول أعمال المؤتمر.

المادة 15

1- إذا اعتمد المؤتمر اتفاقية جديدة مراجعة لهذه الاتفاقية كليا أو جزئياً وما لم تنص الاتفاقية الجديدة على خلاف

ذلك.

أ) يستتبع تصديق دولة عضوة على الاتفاقية الجديدة المراجعة، قانونياً، وبغض النظر عن أحكام المادة 19 أعلاه،

النقض المباشر للاتفاقية الحالية، شريطة أن تكون الاتفاقية الجديدة المراجعة قد بدأ نفاذها.

ب) ابتداء من تاريخ بدء نفاذ الاتفاقية الجديدة المراجعة يقفل باب تصديق الدول الأعضاء على الاتفاقية الحالية.

2- تظل الاتفاقية الحالية مع ذلك نافذة في شكلها ومضمونها الحاليين بالنسبة للدول الأعضاء التي صدقتها ولم تصدق على الاتفاقية المراجعة.

المادة 16

النصان الإنكليزي والفرنسي لهذه الاتفاقية متساويان في الحجة.

مقدمة

1-عمالة الأطفال.

2-اتفاقيات ذات صلة بعمالة الأطفال.

3- أهمية الاتفاقية .

4-النصوص والقواعد الأساسية للاتفاقية.

5-الدول الأطراف في الاتفاقية.

6- التوصية رقم 190 لعام 1999.

مقدمة

مقدمة

1- عمالة الأطفال

يمثل عمل الأطفال مشكلة ملحة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ومن ناحية حقوق الإنسان ويعتقد إن هناك حوالي 246 مليون طفل في العالم يعملون محرومين من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية،وإن كان هؤلاء الأطفال يدفعون ثمنا باهظا إلا أن بلدانهم ستدفع ثمنا أبهظ لأن التضحية بقوة الشباب تفقد الأمة قدرتها على النمو والتقدم.

وعلى الرغم من جميع التشريعات والأنظمة والاتفاقيات الدولية التي تنظم عمل الأطفال تدل المشاهد اليومية على ازدياد انتشار هذه الظاهرة المقلقة ذات الأبعاد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية الهامة.

وبهذا السياق كان تقرير منظمة العمل الدولية الذي صدر في أيار 2002 حول عمالة الأطفال والذي تشير بعض الإحصاءات الواردة فيه إلى أن :

246 مليون طفل يعملون بين عمر 5-17 ويتفرغ 120 مليون منهم للعمل بشكل كامل

Full time و 130 مليون منهم يتفرغون للعمل والدراسة معا” Part Time

ويعمل 179مليون منهم في ظروف عمل خطرة و 111مليون ممن يعملون في تلك الأعمال الخطرة هم تحت عمر الخامسة عشرة و73 مليون من الأطفال العاملين في العالم هم تحت عمر العشرة سنوات.

وتحتل دول أسيا والباسفيك المرتبة الأولى في عمالة الأطفال حيث فيها 127 مليون طفل في العالم بنسبة 60% من عمالة الأطفال بالعالم.

وتأتي أفريقيا بالمرتبة الثانية حيث يبلغ عدد الأطفال العاملين فيها 48 مليون بنسبة 23%.

وبعدها أميركا اللاتينية والكاريبي وفيها 17.4 مليون طفل عامل بنسبة 8%.

وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 13.4 مليون طفل عامل بنسبة 6% وفي الدول الصناعية 2.5 مليون طفل يعمل بنسبة 1%.

ومن الإحصاءات الواردة أعلاه نجد إن ظاهرة عمالة الأطفال تنتشر بجميع دول العالم فلابد من التصدي لها بأسرع وقت ممكن هذا وقد بذلت منظمة العمل الدولية الكثير من الجهود في سبيل مكافحة عمالة الأطفال و سنتعرف على بعضها خلال المحاضرة وهنا لابد من الإشارة إلا أن المنظمة اختارت تخصيص يوما عالميا ضد عمالة الأطفال هو

يوم 12 حزيران من كل عام World Day Against Child Labour وكانت هذه السنة فعاليات ونشاطات بهذه المناسبة في جنيف وقد وضعت برامج خاصة بهدف القضاء على عمالة الأطفال في العالم.

ولما كانت هذه المحاضرة مخصصة للتعرف على الاتفاقية الدولية بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم 182 لعام 1999 لابد لنا بهذا السياق من التنويه إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعمل الأطفال وصولا للتعرف على هذه الاتفاقية التي جاءت تتويجا واستكمالا لكل ما سبقها من اتفاقيات.

2- اتفاقيات ذات صلة بعمالة الأطفال:

بدأ الاهتمام بعمالة الأطفال منذ إنشاء منظمة العمل الدولية عام 1919 وتعتبر هذه المنظمة أقدم وكالة متخصصة في الأمم المتحدة عنيت بحقوق الطفل منذ تأسيسها وسعت جاهدة إلى تطوير موضوع هذه الحقوق ولاسيما تأمين الحماية من الاستغلال الاقتصادي وتوالت الاتفاقيات والصكوك الدولية التي تتدخل في تنظيم عمل الأطفال منذ عام 1919 إلى عام 1999 وهو العام الذي اعتمدت فيه الاتفاقية 182 فقد بذلت المنظمة الدولية جهودا استمرت ثمانون عاما في سبيل القضاء على الاستغلال الاقتصادي للأطفال وفي هذه الفقرة سنورد أهم الاتفاقيات ذات الصلة بعمل الأطفال.

– اتفاقية السن الدنيا للاستخدام في الصناعة التي صدرت عن منظمة العمل الدولية عام 1919

– اتفاقية عمل الأحداث ليلا في الصناعة لعام 1919

– اتفاقية السن الدنيا للاستخدام في العمل البحري رقم 58 لعام 1920

– اتفاقية السن الدنيا للوقادين ومساعديهم لعام 1921

– اتفاقية الحد الأدنى للسن في العمل الزراعي لعام 1921

– اتفاقية الفحص الطبي للأحداث في العمل الجبري لعام 1921

– اتفاقية رقم 5 لعام 1921 حول تحديد سن تشغيل الأحداث في الأعمال الصناعية والتي جاءت لتمنع تشغيل الأطفال في المنشآت الصناعية قبل سن الرابعة عشرة.

– اتفاقية الخاصة بالرق لعام 1929

– اتفاقية العمل الجبري رقم 29 والتي صدرت عام 1930 عن منظمة العمل الدولية وأفردت مادة خاصة عن عمل الأطفال هي المادة الحادية عشرة والتي نصت على منع تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة أو المضرة بالصحة أو غير الملائمة لنموهم الجسدي أو المعنوي أو الأخلاقي.

– اتفاقية السن الدنيا للاستخدام في العمل البحري عام 1932

– اتفاقية السن الدنيا للأعمال غير الصناعية عام 1932

– اتفاقية الفحص الطبي للأحداث في الصناعة لعام 1946

– اتفاقية العمل الليلي للأحداث في الأعمال غير الصناعية 1946

– اتفاقية التكميلية للقضاء على الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات المماثلة للرق عام 1959.

– اتفاقية112 السن الدنيا لصيادي الأسماك عام 1959

– اتفاقية السن الدنيا للعمل تحت سطح الأرض عام 1959 والتي يجب بموجبها أن يخضع الأحداث للفحص الطبي الإلزامي لتحديد مدى قدرتهم على العمل في المناجم تحت سطح الأرض.

– اتفاقية 123 الحد الأدنى للسن (العمل تحت سطح الأرض) عام 1965.

– اتفاقية رقم 138 ( اتفاقية السن الدنيا للاستخدام) والتي صدرت عن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية لعام 1973والتي نصت على عدم جواز استخدام الأطفال دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الخطرة. وقد اعتبرت هذه الاتفاقية من بين الاتفاقيات الدولية الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان.

كما وقد صدرت عن منظمة العمل العربية اتفاقيات بهذا الشأن منها الاتفاقية العربية رقم 1 لعام1996 بشأن مستويات العمل والتي حظرت في مادتها رقم 52 تشغيل الأطفال دون سن الثانية عشرة. وكذلك الاتفاقية العربية رقم 18 لعام 1996 والمتعلقة بعمالة الأطفال.

وفي هذا السياق لابد من التنويه إلى أن اتفاقية حقوق الطفل لعام1989 هي الاتفاقية الأولى في مجال حقوق الإنسان والتي وفرت حماية قانونية لحقوق الطفل والتي اعتبرت مصلحة الطفل المحور الأساسي لمبادئها إذ تعتبر اتفاقية حقوق الطفل وثيقة دولية تحدد معايير دنيا للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية للأطفال.

والآن وبعد أن تعرفنا على أهم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بعمالة الأطفال سوف نتعرف بالفقرات التالية على اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها الاتفاقية رقم 182.

3 – أهمية الاتفاقية 182 :

إن أهم ما يميز الاتفاقية 182إنها جاءت لترسم إطارا تشريعيا متفقا عليه من أجل تنفيذ الأنشطة العملية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال على الصعيد الدولي وذلك بما تضمنته والتوصية 190 الملحقة بها من أحكام تنفيذية عملية لطريقة وآليات معالجة هذه الظاهرة. كما وتركيزها على مبدأ الشركة والتكامل بين جميع الأطراف المعنيين من حكومة ومنظمات عمال وأصحاب عمل ومنظمات غير حكومية مما يوفر تنوع مؤسسي مفيد وفعال في تنفيذ الأنشطة. ويبقى الأهم هو تطبيق هذه الاتفاقية على كل الأطفال دون سن الثامنة عشرة وهو ما ينسجم مع مفهوم حقوق الإنسان لتعريف الطفل وكذلك جميع القوانين المدنية والتشريعات التي تعتبر هذا السن هو سن الأهلية القانونية.

4- النصوص والقواعد الأساسية للاتفاقية:

رغم الجهود الحثيثة التي بذلتها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بقضايا حقوق الإنسان عموما” وحقوق الطفل وعمل الأطفال خصوصا ما تزال ظاهرة عمالة الأطفال موجودة وفي تزايد ملحوظ. هذا وقد سعت منظمة العمل الدولية كما رأينا ومنذ تأسيسها إلى التصدي لهذه الظاهرة والعمل على القضاء عليها من خلال إصدار العديد من الاتفاقيات والتوصيات إلا أن كانت هذه الاتفاقية الصادرة عن الدورة السابعة والثمانين للمؤتمر العام للمنظمة بهدف تعزيز مكافحة عمل الأطفال عالميا وتتألف من ديباجة وستة عشرة مادة ويمكن اعتبار الديباجة والمواد من 1 إلى 8 النصوص والقواعد الأساسية للاتفاقية أما المواد من 9 إلى 16 أحكاما إدارية مختلفة عن نفاذ الاتفاقية وطريقة الانضمام إليها وطريقة تطبيقها.

جاء في ديباجة الاتفاقية:

إذ يلاحظ الحاجة إلى اعتماد صكوك جديدة ترمي إلى حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها بوصف ذلك الأولوية الرئيسية للإجراءات على الصعيدين الوطني والدولي……

كما جاء فيها: وإذ يلاحظ إن القضاء الفعلي على أسوأ أشكال عمل الأطفال يقتضي اتخاذ إجراءات فورية وشاملة ،على أن تؤخذ في الحسبان أهمية التعليم الأساسي المجاني وضرورة انتشال الأطفال المعنيين من مثل هذا العمل وضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم اجتماعيا مع أخذ احتياجات أسرهم بعين الاعتبار…

وجاء فيها أيضا”: وإذ يقر بأن الفقر هو إلى حد كبير السبب الكامن وراء عمل الأطفال وإن الحل على الأمد الطويل يكمن في النمو الاقتصادي المستدام الذي يفضي إلى التقدم الاجتماعي، ولاسيما تخفيف حدة الفقر والتعليم على صعيد عالمي…..

من الديباجة نرى إن منظمة العمل الدولية رأت إنه رغم العديد من الصكوك الدولية التي صدرت ورغم الجهود التي بذلت هناك حاجة ماسة للمزيد من الصكوك لحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال كما وإن هناك ضرورة لاتخاذ إجراءات فورية شاملة من أهمها إبلاء التعليم الأساسي المجاني اهتماما خاصا لأنه يعتبر من أهم الوسائل الفعالة للقضاء على عمالة الأطفال كما والنظر في مسألة إعادة تأهيل الأطفال العاملين نظرا” لما يتعرضون له بسبب العمل من إصابات و أمراض جسدية ومن إساءات جنسية ولفظية تسبب لهم الكثير من الأمراض النفسية التي تؤثر جميعا على نموهم البدني والذهني والنفسي.

كما أقرت الديباجة بأن الفقر هو من أهم الأسباب الاقتصادية والاجتماعية لعمالة الأطفال في العالم الأمر الذي يقتضي وضع خطط تنموية تؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي وصولا” لتحقيق التقدم الاجتماعي.

ولما كانت هذه الاتفاقية جاءت مكملة للعديد من الاتفاقيات الدولية التي صدرت قبلها فقد استندت وفقا لديباجتها إلى عدد من الاتفاقيات والتي لا بد من الحديث عنها لتوضيح قواعد الاتفاقية 182 نظرا للترابط الوثيق بينهما فقد جاء في الديباجة: وإذ يلاحظ الحاجة إلى اعتماد صكوكا” جديدة ترمي إلى حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال…. وذلك من أجل تكملة الاتفاقية والتوصية المتعلقتين بالحد الأدنى لسن الاستخدام لعام 1973 اللتين تظلان صكين أساسيين في مجال عمل الأطفال….

لقد صدرت الاتفاقية رقم 138 لعام 1973 عن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولي في دورته الثامنة والخمسون وتميزت (اتفاقية السن الدنيا للاستخدام) بالشمولية وهدفت إلى القضاء الكامل على عمالة الأطفال واعتبرت إنجازا” هاما” في مجال حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي وتميزت بأنها وضعت شروطا” لجواز استخدام الأطفال بين عمر الثالثة عشرة والخامسة عشرة في أعمال خفيفة وغير ضارة، هذا وقد نصت في مادتها الأولى على تعهد الدول الأطراف بانتهاج سياسة وطنية ترمي إلى القضاء الفعلي على عمالة الأطفال ورفع السن الدنيا للاستخدام أو العمل بشكل تدريجي يتناسب ومستوى النمو البدني والذهني عند الأطفال.

وحظرت المادة الثالثة استخدام الأحداث دون الثامنة عشرة من العمر في أي من أنواع العمل والاستخدام الذي يمكن أن يعرض صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم للخطر بسبب طبيعة العمل أو ظروفه.

وذكّرت الديباجة باتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 والتي تعتبر الاتفاقية الأولى في مجال حقوق الإنسان التي توفر حماية قانونية لحقوق الطفل ومن أهم هذه الحقوق حمايته من الاستغلال الاقتصادي وهو ما جاء في المادة 32 والتي تنص على:

1- تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي

2- تتخذ الدول الأطراف التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة، ولهذا الغرض مع مراعاة أحكام الصكوك الدولية الأخرى ذات الصلة،تقوم الدول الأطراف بوجه خاص بما يلي:

(1) تحديد عمر أدنى أو أعمار دنيا للالتحاق بعمل.

(2) وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه.

(3) فرض عقوبات مناسبة أو جزاءات أخرى لضمان إنفاذ هذه المادة بفعالية.

كما ومنعت المادة 33 استخدام الأطفال في إنتاج المواد المخدرة والمواد المؤثرة على العقل.

ألزمت الدول الأطراف بحماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال الجنسي في المادة 34 وطالبت الدول باتخاذ التدابير الملائمة لمنع بيع الأطفال أو الاتجار بهم في المادة 35

كما أشارت الديباجة إلى أن بعض أسوأ أشكال عمالة الأطفال منصوص عليها في اتفاقيات سابقة كاتفاقية العمل الجبري لعام 1930 والتي حملت رقم 29 هذا وقد نصت تلك الاتفاقية في مادتها الحادية عشرة على ما يلي: لا يجوز أن يفرض عمل السخرة أو العمل القسري إلا على الذكور البالغين الأصحاء الأجسام الذين يبدو أنهم يبلغون من العمر مالا يقل عن 18 سنة ولا يزيد على 45 ….. هذه الاتفاقية منعت تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة والمضرة بنموهم الجسدي والمعنوي والأخلاقي واعتبرت عمر البلوغ الثامنة عشرة وهو ما يتفق مع مفاهيم حقوق الإنسان في تعريف الطفل. كما وذكرت الديباجة بالاتفاقية التكميلية للقضاء على الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات المماثلة لعام 1959 والتي تنص على إلزام الدول الأطراف بالقضاء على الأعراف والممارسات التي تتيح لا حد الأبوين تسليم طفل أو مراهق لم يتم الثامنة عشرة إلى شخص أخر لقاء عوض أو بلا عوض بقصد استغلال الطفل أو استغلال عمله…..

ومن الديباجة ننتقل للتعرف على القواعد الأساسية للاتفاقية 182 والتي نجدها في المواد من1إلى8

ففي المادة الأولى تلزم الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ التدابير السريعة والفورية والفعالة التي تكفل حظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال والقضاء عليها. وحددت مادتها الثانية مفهوم الطفل الذي تنطبق عليه موادها بالإنسان الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة متفقة بذلك مع اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989

المادة الثانية: (يطبق تعبير الطفل في مفهوم هذه الاتفاقية على جميع الأشخاص دون سن الثامنة عشرة).

وفي المادة الثالثة تم تحديد ما لمقصود بأسوأ أشكال عمل الأطفال وفقا للاتفاقية بالتالي:

(أ‌) جميع أشكال الرق والممارسات الشبيهة بالرق كبيع الأطفال أو الاتجار بهم وعبودية الدين والقنانة والعمل القسري أو الإجباري للأطفال بما في ذلك استخدامهم في صراعات مسلحة.

والمقصود بالرق هنا أسر شخص أو احتجازه أو التخلي عته للغير (بيعا أو مبادلة أو بدون مقابل) بقصد ممارسة هيمنات المنبثقة عن حق الملكية عليه المادة 1 من الاتفاقية الخاصة بالرق لعام 1926 والمقصود بعبودية الدين العمل سدادا لدين وحسب المادة الأولى من الاتفاقية التكميلية للقضاء على الرق لعام 1956 تعني الوضع الناجم عن ارتهان مدين بتقديم خدماته الشخصية أو خدمات شخص تابع له ضمانا لدين عليه. ويراد بالقنانة وفق الاتفاقية أ”علاه إلزام شخص بالعرف أو بالقانون أو بالاتفاق أن يعيش ويعمل في ارض شخص أخر أو أن يقدم خدمات معينة لهذا الشخص بعوض أو بلا عوض دون أن يملك حرية تغيير وضعه.ويعتبر العمل القسري كل عمل أو خدمة يقوم بهما شخص تحت التهديد بعقوبة ما دون أن يتطوع بملء إرادته للقيام بذلك المادة 2 من اتفاقية العمل الجبري لعام1930

(ب‌) استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لإغراض الدعارة،أو لانتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية. والتي تعتبر نوع من أنواع الاستغلال الاقتصادي القائم على الاتجار الجنسي يالاطفال حيث يتزايد كل يوم عدد الأطفال الذين يتعرضون لذلك وهو اشد من العبودية في آسيا مثلا يوجد ما يسمى بدعارة الأطفال في السياحة الأسيوية.

(ت‌) استخدام طفل أو تشغيله لمزاولة أنشطة غير مشروعة،ولاسيما إنتاج المخدرات أو الاتجار بها.

(ث‌) الأعمال التي يرجح أن تؤدي بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها،إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي. وقد حددت طبيعة ونوعية الأعمال الخطرة في التوصية 190 المكملة لهذه الاتفاقية والتي سنتحدث عنها بفقرة لاحقة.

أما المادة الرابعة من الاتفاقية فتنص على كيفية تحديد ماهية أسوأ أشكال عمل الأطفال في القوانين الوطنية للدول الأطراف بعد التشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال أخذة بعين الاعتبار المعايير الدولية ذات الصلة.

وتنص المادة الخامسة على إلزام الدول بإنشاء وتحديد آليات مناسبة للتأكد من تطبيق الاتفاقية ويكون ذلك بمشاركة منظمات أصحاب العمل والعمال.

ألزمت الاتفاقية الدول المصدقة عليها وفقا للمادة السادسة منها إعداد وتنفيذ برامج عمل للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال . على أن يتم تصميم وتنفيذ هذه البرامج بالتشاور بين المؤسسات الحكومية المختصة ومنظمات أصحاب العمل والعمال. وقد حدد ما يجب أن تتضمنه هذه البرامج بالتوصية 190 وسنشير إليها لاحقا.

وجاءت المادة السابعة في فقرتها الأولى لتلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير الضرورية والفعالة لتنفيذ أحكام هذه الاتفاقية والقضاء على أسوا أشكال عمل الأطفال حتى لو اقتضى الأمر تجاوز تشريعات العمل عن طريق الاعتماد على التشريعات الجزائية وفرض عقوبات رادعة عند الضرورة(تفتيش الأماكن _ إغلاق المحال المخالفة _فرض غرامات مالية _فرض عقوبات بالسجن.

ولما كان للتعليم دور أساسي في القضاء على عمل الأطفال،ولاسيما في أسوأ أشكاله، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة السابعة على إلزام الدول الأطراف أن تأخذ في الحسبان أهمية التعليم في مكافحة ظاهرة عمالة الأطفال لذلك عليها أن تأخذ تدابير فعالة ومحدد زمنيا من أجل:

(1) الحيلولة دون انخراط الأطفال في أسوأ أشكال عمل الأطفال.

(2) تأمين المساعدة الفورية والضرورية الملائمة لانتشال الأطفال العاملين في أسوأ الأعمال من خلال سحبهم من تلك الأعمال وإعادة تأهيلهم حيث يتعرض هؤلاء الأطفال إلى أمراض جسدية ونفسية وجنسية فيكونوا بحاجة إعادة تأهيل نفسي وهذا يحتاج إلى أخصائيين ونفقات باهظة لايمكن لاسرهم تغطيتها فعلى تللك الدول أن تقوم بصياغة برامج لإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال لإعادة دمجهم بالمجتمع الذي يجب أن يكونوا فيه.

(3) ضمان حصول الأطفال المنتشلين من أسوأ أشكال عمل الأطفال على التعليم المجاني الأساسي وعلى التدريب المهني. كما أشرنا التعليم يعتبر فعليا من أهم وسائل القضاء على عمالة الأطفال فتطبيق التعليم المجاني والإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي (الإعدادية) يمنع الأطفال من الالتحاق بسوق العمل وبهذا السياق يمكن يجب أن لا ننسى بان محاربة ظاهرة التسرب من المدارس ضرورة ملحة للقضاء على ظاهرة عمل الأطفال لأنه كما نعرف يلتحق الأطفال المتسربين بسوق العمل ففي المدن يلتحقون بالأعمال الخطرة وفي الريف بالعمل الزراعي وخاصة الفتيات.

(4) تحديد الأطفال المعرضين بشكل خاص للمخاطر واقامة صلات مباشرة معهم.

(5) إعطاء أهمية خاصة للفتيات العاملات في مثل هذا النوع من الأعمال.

ومن المادة الثامنة نجد تأكيدا على إن مشكلة عمالة الأطفال مشكلة معقدة تتأصل جذورها في الفقر وانعدام فرص التعليم لذلك تلزم الدول الأعضاء بوضع برامج لاجتثاث الفقر وتأمين فرص التعليم الجيد والملائم على صعيد العالم وأيضا اتخاذ تدابير دولية من خلال التعاون الدولي في دعم خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وبعدنا أن تعرفنا على أهم المبادئ الواردة في الاتفاقية 182 في موادها من1إلى 8 نشير إلى أن بقية المواد تضمنت أحكاما إدارية تتعلق بكيفية التصديق عليها وكيفية نفاذها.

5- الدول الأطراف في الاتفاقية:

تمثل اتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية مصدرا أساسيا لحماية الأشخاص العاملين في أرجاء العالم ومن بينهم الأطفال، ويمثل التصديق على تلك الاتفاقيات مشكلة متنامية بسبب كثرتها ومن بين هذه الاتفاقيات الاتفاقية 182 موضوع بحثنا والتي نصت في مادتها التاسعة على أن التصديقات الرسمية على هذه الاتفاقية ترسل إلى المدير العام لمكتب العمل الدولي لتسجيلها. هذا وقد بلغ عدد الدول المصدقة على هذه الاتفاقية 129 دولة من بينها 17 دولة عربية هي: الجزائر،البحرين،مصر،العراق،الأردن،الكويت،لبنان،ليبيا،المغرب،موريتانيا،عمان،قطر،السعودية

تونس،الإمارات العربية المتحدة،اليمن وسورية لا تزال العديد من الدول العربية ليست طرفا في هذه الاتفاقية .

وتتفق هذه الاتفاقية مع القوانين السورية فقد حمى المشرع السوري الطفل من كافة أشكال الاستغلال وخاصة الاقتصادية والجنسية فقد نصت المادة 124 من قانون العمل لعام 1959 على منع تشغيل الأحداث قبل إتمام الثانية عشر (وقد عدل القانون 24 تاريخ 29/4/2000 السن الأدنى لدخول سوق العمل بحيث لا يقل عن خمسة عشرة سنة لجميع أنواع الأعمال ومنع في المادة125 تشغيل الأحداث الذين يقل سنهم عن 16 سنة بين الساعة 7مساءا و6 صباحا).

وقد حظرت قوانين العمل تشغيل الأحداث في الأعمال الخطرة التي تؤثر على صحتهم ونموهم وصدرت التعليمات التنفيذية التي حددت أنواع هذه الأعمال بقرارات من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وعلاوة على كان المرسوم رقم 13 لعام 1982قد فرض عقوبة مدتها شهرين حبس مع غرامة على كل من يستخدم قاصرا في منزله.كما أعطى القانون حماية خاصة لمنع استغلال الأطفال في مجال المخدرات فعاقب بالإعدام كل من استخدم قاصرا في ارتكاب إحدى جرائم التهريب أو التصنيع أو الزراعة للمخدرات أو كل من استخدمه للاتجار بها بيعا أو تسليم أو توسط… وحمى المشرع السوري الأطفال من تجارة الجنس والاستغلال الجنسي في قانون مكافحة الدعارة فرض عقوبة من 3 إلى 7 سنوات إذا كان المجني عليه لم يتم السادسة عشرة، وحمى القانون الأطفال من البيع أو الاتجار بهم بفرض

عقوبات على مرتكبي تلك الجرائم في المواد 478و479و480. كما أولى المشرع اهتماما خاصا لمسألة التعليم الأساسي فهو إلزامي ومجاني.

6-التوصية 190 لعام 1999

كما نوهنا سابقا اعتمد المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته السابعة والثمانين عام 1999 اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال وإكمالا لاحكام تلك الاتفاقية اعتمد التوصية رقم 190 التي تعتبر جزءا منها بغية وضع برامج العمل وآليات التنفيذ في مسألة مكافحة عمل الأطفال ويمكن تقسيم القواعد الواردة في التوصية إلى ثلاثة أقسام:

أولا” برامج العمل:

نصت المادة 6 من الاتفاقية بأنه على الدول الأطراف تصميم وتنفيذ برامج عمل للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال ووفقا للتوصية يجب أن يتم ذلك بسرعة ودون إبطاء بالتشاور بين الجهات المعنية حكومة منظمات أصحاب العمل والعمال على أن يؤخذ بالحسبان وجهات نظر الأطفال أسرهم وينبغي أن تهدف تلك البرامج إلى:

– تحديد المشكلة والتنديد بها – الحيلولة دون انخراط الأطفال بأسوأ أشكال العمل عن طريق اتخاذ إجراءات وقائية – إعادة تأهيل الأطفال المخرطين بالأعمال السيئة وإعادة دمجهم اجتماعيا من خلال تدابير علاجية تعليمية صحية نفسية – ايلاء فئة الصغار والفتيات وذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما خاصا” – تحديد المجتمعات المحلية التي يكثر فيها انخراط الأطفال بالأعمال الخطرة – توعية الأطفال والأهالي والمجتمع بخطورة هذه الظاهرة أثارها السلبية.

بمعنى إن الاتفاقية والتوصية ألزمت الدول الأطراف وضع برامج للقضاء على أسوأ أشكال عما الأطفال وتركت للجهات الوطنية حرية تصميم هذه البرامج وكيفية تنفيذها ولكن ضمن الأهداف المشار إليها أعلاه.

ثانيا” الأعمال الخطرة:

حددت التوصية أنواع الأعمال الخطرة التي تمت الإشارة إليها في المادة 3(د) وفقا لما يلي:

1- الأعمال التي تعرض الأطفال للاستغلال البدني والنفسي والجنسي.(الدعارة،بيع الأطفال)

2- الأعمال التي تزاول في باطن الأرض أو تحت المياد أو في أماكن مرتفعة جدا.(المناجم،السدود)

3- الأعمال التي تستخدم فيها معدات ثقيلة أو تستلزم نقل أحمال ثقيلة.(أعمال البناء،نحت الحجر والرخام، حمل البضائع في الموانئ والسكك الحديدية،ورش تصليح الميكانيك)

4- الأعمال التي تتم في بيئة غير صحية،مواد مشعة أوكميائية أو درجات حرارة عالية أو ضوضاء….(أفران صهر المعادن،تحضير الزئبق، تكرير النفط،دباغات الجلود)

5- الأعمال التي تزاول في ظروف صعبة، ليلا أو ساعات عمل طويلة.(العمل في البارات والمطاعم والفنادق والنوادي الليلية)

ويجب أن تحدد هذه الأعمال في القوانين الوطنية للدول الأعضاء بعد التشاور مع المنظمات المعنية.

ثالثا” التطبيق

جاء بالتوصية 190 انه تنفيذا للاتفاقية 182 لابد من اتباع خطوات معينة من قبل الدول الأعضاء وتكون من خلال:

1- جمع معلومات وبيانات إحصائية عن طبيعة عمل الأطفال ليتم استخدامها في سبيل وضع الإجراءات المناسبة لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال.

2- يجب أن تشمل تلك البيانات تصنيفات حسب العمر والجنس والمهنة والوضع في العمل والتعليم.

3- أن يكون جمع المعلومات منظم ودوري.

4- إنشاء أجهزة وطنية لرصد تنفيذ الاتفاقية.

5- ينبغي على الدول الأعضاء أن تتعاون في ما بينها للقضاء على أسوا أشكال عمالة الأطفال من خلال تبادل المعلومات الجنائية بما في ذلك الجرائم التي تقوم بها شبكات دولية كما تقوم بملاحقة الأشخاص الذين يساهمون في الاتجار بالأطفال وبيعهم أو استغلالهم في الدعارة.كما لابد من التعاون في مجال المساعدة القانونية والتقنية ودعم برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

6- على الدول الأعضاء أن تعتبر أسوأ أشكال عمل الأطفال المشار أليها في المادة 3 من الاتفاقية182 ( الرق وما شابه ،العمل القسري والقنانة والتجنيد الإجباري والاستخدام في أنشطة غير مشروعة كالمخدرات..) في عداد الجرائم الجنائية وتفرض عقوبات جنائية عليا في قوانينها المحلية.

7- وعلى الدول اتخاذ تدابير علاجية جنائية أو مدنية أو إدارية لضمان تنفيذ الاتفاقية (إغلاق المال المخالفة فرض عقوبات وغرامات سحب رخص – تفتيش الأماكن…) وتدابير وقائية: ( توعية الجمهور، تعبئة الرأي العام، توفير التدريب الملائم للموظفين الحكوميين المعنيين وللمنظمات ذات الصلة، رصد أفضل الممارسات المتعلقة بالقضاء على عمل الأطفال والترويج لها، إثارة وعي الأباء بمشكلة عمالة الأطفال).

قبل كل شيء لابد من القول إن الاستثمار بالأطفال هو أفضل استثمار ولابد أن يكون استراتيجية دائمة للدول في جميع خطط التنمية وعليها التصدي لظاهرة عمل الأطفال بكافة الوسائل المشار إليها في التوصية 190 والإسراع بالتوقيع على الاتفاقية 182 بالنسبة للدول التي لم توقع عليها ووضع خطط زمنية فعالة وعاجلة للقضاء على أسوا أشكال عمل الأطفال.

وأخيرا علينا أن لا ننسى بأن ظاهرة عمالة الأطفال مسألة معقدة والحلول بشأنها ليست بالسهلة لعدة أسباب منها أن عمل الأطفال في الغالب مقبول اجتماعيا لأنه يساعد الأسرة على تحسين دخله من جهة ويتعلم مهنة تساعده لضمان مستقبلة من جهة أخرى كما وأن أصحاب العمل ليس لديهم اهتمام بمصلحة الطفل وحقوقه بل وعلى العكس يرغبون بالحصول على أيدي عاملة بأقل كلفة ممكنة والشيء الأهم هو انتشار هذه الظاهرة في القطاع غير الرسمي مما يصعب رصدها في غالبية الدراسات لذا لابد من أيلا هذه المسألة اهتماما خاصا وبهذا الصدد لا بد لي من الإشارة إلى عمل الفتيات كخدم في المنازل وما يتعرضن له من عنف واستغلال نفسي وجسدي وجنسي.