أربعون نصيحة لكل محامِ

مدونة المحامي: خالد السريحي
وأنا أقلب أوراقي وجدت بين يدي نسخة من النواة الأولى لميثاق شرف بين المحامين ، كنت قد حصلت عليه منذ زمن ، فكاتب ذلك الميثاق قد وضع أربعين نصيحة لتشكل النواة الأولى ، ورغم أنه مضى على كتابتها ما يزيد على عقد من الزمان إلا أنه وللأسف لا يوجد ميثاق شرف بين المحامين حتى الآن ، أو دليل استرشادي يسترشد فيه المحامي المتدرب ويتعلم منه آداب المهنة وأخلاقياتها.

فكاتب هذه النصائح هو أستاذي الدكتور / عمر الخولي ، الذي له اسهامات عديدة في مجال القانون لا يسعني المجال هنا لذكرها ، لكن لفتني حرصه على مهنة المحاماة بكتابته لهذا النصائح .

وسعياً مني لإحياءها سأقوم بإعادة نشرها – مع الاحتفاظ بكامل حقوق الدكتور عمر الخولي – على آمل أن تشكل النواة الأولى بالفعل لميثاق شرف بين المحامين في المملكة العربية السعودية أو أن تكون سبباً في التحرك لذلك ، وتجنباً للإطالة والإسهاب أترككم مع الأربعون نصيحة .

“العزيز زميل المهنة ..

إن مثلي لمثلك مستنصح ، فأقول أوصيك ولا أقول أنصحك :

1- ضع الله نصب عينك في كل أمورك ، وأجعل مخافته وشاحك الذي تتوشح به ، وأعلم أنك أن تنصر الله ينصرك .

2- إياك والتسبب في إقامة الدعوى عن طريق إثارة النزاع أو توليد الدعوى أو تقديم النصح الطوعي لرفع الدعوى .

3- إياك وتبني أية قضية إذا ما شعرت أن موكلك يستهدف إرهاق خصمه أو الإساءة إليه أو إلحاق الظلم أو الضرر به .

4- قرارك بتبني أية قضية ينبغي أن يكون نابعاً من قناعتك بأهمية ذلك لتحقيق العدالة من خلال مساندتك لموكلك .

5- ضع دائماً نصب عينيك أن مهنة المحاماة لا تعني ولا تتطلب ولا تسمح لمن يمارسها باستغلال معرفته بالأنظمة والقوانين ومداخلها ومخارجها للإقدام على مخالفتها أو الاحتيال عليها من أجل كسب قضية دونما وجه حق .

6- إياك وتمثيل المصالح المتعارضة فإن في ذلك مخالفة مهنية ، وأفصح لموكلك عن أية علاقة تربطك بخصومه .

7- أفصح لموكلك وبكل صراحة عن رأيك الكامل في قضيته المطروحة عليك ، وأحذر أن تؤكد له أو ترجح كسب القضية ، فأنت محامِ تمثل أحد طرفي النزاع ولست بقاضِ يفصل فيه .

8-إياك والإفتاء خلافاً للنصوص الصريحة في الأنظمة والقوانين أو بحسب ما يرضي رغبة العميل أو يستقطبه إليك .

9- أنت ممثل لموكلك ولست أجيراً عنده ، فإياك والاستسلام لرغبته في أن يفرض عليك التصرف على نحو مخالف لمفهوم الشرف والاستقامة ، فإن ما تقاضيته من أتعاب أنما هو نظير تقديم خدمة له بهدف المساعدة على تحقيق العدالة وليس تضليلها .

10- لا تقبل التوكيل في قضية سبق وأن أبديت رأيك فيها عندما عرضت عليك بوصفك محكماً أو خبيراً أو موظفاً .

11- المحامي يرمز للعدالة ويمثل القانون بما يقتضيه من احترام ، لذا إياك أن تسعى إلى العملاء بل دعهم هم يسعون إليك .

12- أن أصول وكرامة المهنة تفرض عليك أن تنأى بنفسك عن محاولة استقطاب عميل أو عمل لدى محامِ آخر .

13- إياك وطلب أو استجداء القضايا والأعمال المهنية أو السعي للحصول عليها ، كما وإياك محاولة استقطاب العملاء عن طريق الإعلانات أو التعاميم أو الاتصالات الشخصية أو الوسطاء؛ فإن في ذلك إساءة إلى ذاتك وإلى تقاليد المهنة .

14- اجتنب استخدام التفسيرات الخاطئة وابتداع الحيل والمخارج القانونية لخدمة مصلحة غير محقة لموكلك على حساب مصلحة محقة لخصمه

15- اجتنب تقديم أية طلبات أو القيام بأي إجراء بهدف إطالة أمد الدعوى أو تأخير الفصل فيها.

16- أنت صاحب مهنة سامية تقوم بتقديم خدمة لموكلك فما تتقاضاه من مقابل لا يعني أن تسمح لموكلك بأن يتحول إلى قيم على ضميرك وأخلاقياتك فيما يتعلق بأسلوب ممارستك لمهنتك، أو أن يطلب منك التعريض بالخصم أو الإساءة إليه أو إلى محاميه أو شهوده .

17- عامل خصمك ومحاميه وشهوده بأدب واحترام ولا تسمح لمشاعرك بالانسياق خلف مشاعر موكلك تجاه خصمه أو محاميه أو شهوده .

18- إذا كان لخصم موكلك محامِ ، فأتصل بمحاميه ولا تتصل به مباشرة .

19- محامِ الخصم ما هو إلا زميل لك يؤدي ذات العمل الذي تؤديه أنت ، فمهما بلغت الضغائن بين موكلك وبين موكله فلا تدع الفرصة لتغلغل أي من هذه الضغائن إلى نفسك تجاه زميلك أو أن تؤثر على مسلكك أو علاقتك به .

20- أعلم أن أية إهانة موجهة إلى زميلك أنما هي موجهة إليك وإلى المهنة ككل .”

“21- لا يغب عن بالك أبداً أن المحاماة مهنة مكملة لتحقيق العدالة وليست سلعة للإتجار وجني الأرباح فلا تتخذ من ثراء العميل مبرراً لطلب أو استيفاء أتعاب تفوق الخدمات المقدمة ، وعند تحديد الأتعاب تجنب استغلال حاجة موكلك أو ضعفه أو عدم معرفته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق ما سوف تقدمه له من خدمات ، كما عليك اجتناب تضخيم ما ستقدمه من خدمات من أجل رفع أتعابك .

22- إياك أن تشتري لنفسك أو لأحد من أصولك أو فروعك كل أو بعض الحقوق المتنازع عليها أو المرتبطة بقضية أنت وكيل فيها .

23- لا تكتف عند تحديد الأتعاب بالاتفاقية الشفهية واجعل منها اتفقية خطية .

24- اجتنب التأثير النفسي على شهود موكلك أو شهود الخصم ولا تحاول أن تملي عليهم الشهادة أو توحي لهم بأسلوب أدائها .

25- لا تحط القاضي بالرعاية والتكريم المبالغ فيهما ، ولا تمنحه اهتماماً زائداً كي لا تعرضه وتعرض نفسك إلى إساءة في التفسير أو فهم البواعث .

26- لا تحاول الحصول على معاملة متميزة أو اهتمام خاص من قبل القاضي .

27- لا تتصل بالقاضي أو تناقشه على انفراد في موضوع يتصل بقضية ينظرها .

28- لا تجعل احترامك منصباً على شخص القاضي فحسب بل وجهه أيضاً إلى موقعه الوظيفي وإلى المحكمة ككل .

29- المحامي مستشار “والمستشار مؤتمن” فعليك الالتزام بالحفاظ على أسرار موكلك حفاظك على أسرارك الشخصية واجعلها في طي الكتمان سواء أثناء سريان الوكالة أو بعد انتهائها وأرفض قبول أية وكالة من شأنها أن تقود إلى إفشاء أو استعمال أي من أسرار موكليك سواء لمصلحتك أو لمصلحة موكل جديد .

مع مراعاة أن الافصاح عن عزم الموكل على ارتكاب جريمة أو القيام بعمل مخالف لأحكام الشريعة الاسلامية لا يعد من قبيل الأسرار التي ينبغي كتمانها .

30 – إياك ومحاولة الاستفادة من أية معلومات حصلت عليها من موكلك أو بمعرض ممارستك للمهنة.

31- تجنب الأحاديث العامة عن القضايا التي ترافعت أو التي ستترافع فيها لتلافي التأثير على مجريات العدالة بصورة أو بأخرى ، فأن كان ولابد ومن قبيل الاستشهاد للقياس أو العظة فتجنب الإشارة إلى أطراف القضية أو إلى تفاصيلها الخاصة أو الإشارة إلى ما من شأنه الكشف عن ذوي العلاقة بها .

32– للمحامي أن يكتب في الصحافة ما شاء من مقالات ومعلومات قانونية ، ولكن لا يجوز له أن يقوم بتقديم اجابات قانونية عن طريق أسئلة يوجهها له أفراد عن قضايا خاصة بهم ما لم يقبل بتجهيل الأطراف ووكلائهم واسم المحكمة أو الجهة ناظرة الدعوى والابتعاد عن أية تفاصيل من شأنها الكشف عن أي من أطرافها واجتناب الايحاءات إلى أي من الأطراف أو الوكلاء أو الشهود أو القاضي أو الرأي العام وكل ما من شأنه التأثير على مجريات الدعوى .

33– لا تناقش الشهود في موضوع شهاداتهم قبل أدائها بغية التأثير عليهم أو الايحاء لهم بكتمان الحقيقة أو جانب منها أو تشويهها أو تحريفها أو نحو ذلك .

34- تذكر دائماً بأنك وكيل عن موكلك ولست شاهداً له ، فتجنب دائماً الحديث بلغة الشاهد ولكن إذا ما طلبت للشهادة في ذات القضية وكانت الشهادة جوهرية لتحقيق العدالة فعليك التخلي عن المرافعة في الدعوى أثناء الجلسة أو الجلسات التي تؤدي فيها الشهادة .

35 – لا يجوز للمحامي تقديم كفالة شخصية عن موكله في أي دعوى أو مرحلة من مراحلها .

36 – لا تنتقل إلى منزل أو مكتب أو مقر عمل موكلك للحصول منه على وكالة أو لتقديم خدمة قانونية له ، فالمحامي لا يَسعى وأنما يُسعى إليه ، وعلى من أراد الاستعانة بخدماتك أن يحضر إلى مكتبك .

37- لا يجوز للمحامي أن يتخلى عن التوكيل في وقت غير مناسب للموكل ، وعليه إخطار موكله كتابة بتخليه عن الوكالة على أن يستمر في تمثيله والمحافظة على مصالحه حتى يتمكن من مباشرة الدعوى أو العمل بنفسه أو بواسطة محام آخر .

38- على المحامي أن يتقيد في سلوكه المهني والشخصي بمبادئ الاستقامة والشرف والنزاهة وأن يتعامل مع عملائه وزملائه بما تفرضه الأنظمة وتقضي به تقاليد المهنة وآدابها وقواعد الاحترام الذاتي .

39- مؤهلات المحامي ومسئوليته شخصية ، فعليك اجتناب اخضاع ما تقدمه من خدمات إلى تدخل وسطاء بينك وبين موكليك بما في ذلك استثمار علاقاتك الشخصية لإنهاء القضية أو الموضوع محل النزاع .

40- إذا كنت محامياً لشخص معنوي (مؤسسة – شركة – منظمة – هيئة – نادي – جمعية) فأقصر خدماتك المهنية على المسائل التي تتعلق بالشخص المعنوي ككيان قائم بذاته ، تجنب تقديم الخدمات المهنية إلى مديري أو أعضاء أو موظفي أو منسوبي هذا الشخص المعنوي في شئونهم الخاصة ما لم يقضِ عقدك معه صراحة بخلاف ذلك .

والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى . ،،،”

ختاماً أتمنى من كل قلبي أن تحرك هذه التدوينة وسابقتها المياه الراكدة ، ويتحرك المحامون لوضع ميثاق شرف حقيقي يحدد الأطر العامة التي يجب علينا مراعاتها كمحامين عند ممارسة المهنة ، وذلك للأخذ بهذه المهنة بعيداً نحو أهدافها السامية وتحقيق العدالة ….