بحث ودراسة قانونية مقارنة عن موانع فسخ العقد الفاسد في الشريعة الإسلامية

موانع فسخ العقد الفاسد في الشريعة الإسلامية
دراسة مقارنة بقانون الأحوال الشخصية الأردني والقانون المدني

د.أحمد ياسين القرالة*

إسم المجلة : مجلة مؤتة للبحوث والدراسات نوع المجلة : سنوية رقم العدد : 7رقم الصفحة : 233الدولة : المملكة الأردنية الهاشمية

ملخــص

تهدف هذه الدراسة إلى التعريف بالعقد الفاسد الذي ابتكره الفقه الحنفي وبيان أسباب فساد هذا العقد ومبررات وجوده، كما تتناول أحكام هذا العقد بوجه عام والأحكام المتعلقة بفسخه على وجه الخصوص، وركزت هذه الدراسة على الموانع التي تمنع من فسخ هذا العقد بعد أن كان مستحقاً للفسخ.

Abstract

The goal of this study is to define the “fasid” (Vitiated) contract, which is created by the ‘Hanafi” jurisprudence, and to clarify the reasons for the “fasad” (Vitiaton) of the contract, and the Justifications for such a contract.

This study is also deals with the rules of this kind of contracts in general, and the rules related to its rescission in particular. In addition, this study has concentrated on the obstacles that prevent the rescission of the contract, where it deserves to be rescinded.

مقدمة

العقد الفاسد منزلة بين منزلتي الصحة والبطلان، وهو صناعة حنفية(1) ، فالعقد عند الحنفية يتدرج من الصحة إلى الفساد إلى البطلان(2) ، أي أنهم يرون الفاسد مبايناً(3) للباطل، أما بقية المذاهب الإسلامية فلا ترى فرقاً بين الفاسد والباطل(4) ، فهما اسمان لمسمى واحد أي أنهما مترادفان فالفاسد هو الباطل، والباطل هو الفاسد، فالعقد عندهم إما أن يكون صحيحاً منتجاً لآثاره، وإما أن يكون باطلاً أو فاسداً لا فرق بينهما ولا أثر لهما.

فما هو هذا العقد الفاسد الذي ابتدعه الحنفية وأخذ به الزيدية(5) :

للحنفية تعريف شائع ومشهور للعقد الفاسد هو:
ما كان مشروعاً بأصله دون وصفه(6).

وأصل العقد عند الحنفية هو الركن والشروط المتعلقة به(7) ، وركن العقد عندهم هو الصيغة وحدها(8) ، أما شروط الركن فهي الشروط المتعلقة بالعاقدين ومحل العقد زيادة على شروط الصيغة، ويسميها الحنفية بشروط الانعقاد(9) وهي(10) :

أ-شروط العاقدين:

العقل أو التمييز.
التعدد . (11)

ب- شروط الصيغة:

تطابق الإيجاب والقبول.
اتحاد مجلس العقد.

ج- شروط محل العقد.

1-أن يكون المحل مقدور التسليم.
2-أن يكون المحل صالحاً للتعامل فيه أي أنهُ يكون مالاً متقوَماً او مشروعاً.
3-أن يكون المحل معيناً أو قابلاً للتعيين.
والإخلال بشرط من هذه الشروط يجعل العقد غير منعقد، أي أن يكون باطلاً لا أثر له.

أما أوصاف العقد عندهم فهي ما كان خارجاً عن الشروط السابقة(12) ، ويسميها الحنفية بشروط الصحة(13) ، وهي كثيرة أهمها(14):
أن لا يكون في العقد غرر فاحش.
أن لا يشتمل على الربا.
أن لا يكون مشتملاً على شرط فاسد.
أن لا يكون هناك ضرر في التسليم.
أن يخلو العقد من الإكراه.
العجز عن التسليم.
جهالة المعقود عليه أو ثمنه.

والإخلال بهذه الشروط أو بواحد منها يجعل العقد فاسداً، لذلك عرف الكاساني العقد الفاسد بأنه: ما اختل فيه أحد شروط الصحة(15).
فالحنفية يرون أنه إذا توفرت في العقد شروط الانعقاد السبعة فقد أضحى العقد منعقداً، ولكن انعقاده لا يلزم منه صحته، فقد يكون العقد منعقداً إلا أنه فاسد (16). وما دام أن العقد الفاسد منعقد وله وجود، فلا يجوز اعتباره كالعقد الباطل غير المنعقد.

وقد انتقد المرحوم مصطفى الزرقاء تعريف الحنفية للعقد الفاسد وبين أنه: “لا يعطي صورة واضحة عن حقيقة معنى الفساد، وإنما يكشف عن سببه فقط” لذلك فهو يقترح تعريف الفساد بأنه: “اختلال في العقد المخالف لنظامه الشرعي في ناحية فرعية متممة يجعله مستحقاً للفسخ”(17).

وهذا التعريف لا يختلف كثيراً عن تعريف الحنفية، لذلك فإنني أرى الاقتصار على تعريف الحنفية، هو ما أخذت به مجلة الأحكام العدلية في المادة (109) والتي تنص على:

“أن البيع الفاسد هو المشروع أصلاً لا وصفاً يعني أنه يكون صحيحاً باعتبار ذاته فاسداً باعتبار أوصافه الخارجة” والقانون المدني الأردني في المادة (170) الفقرة (1):

العقد الفاسد هو ما كان مشروعاً بأصله لا بوصفة فإذا زال سبب فساده صح.

أما قانون الأحوال الشخصية الأردني فهو وإن أخذ بفكرة العقد الفاسد إلا أنه لم يذكـر له تعريفاً، وإنما ذكر في المادة (34) الحالات التي يكون العقد فيها فاسداً.

حكم العقد الفاسد:

يمر العقد الفاسد بمرحلتين:
المرحلة الأولى: وهي ما قبل تنفيذه.
المرحلة الثانية: وهي ما بعد تنفيذه.
ويختلف حكم العقد الفاسد باختلاف المرحلة التي هو فيها على النحو الآتي:

العقد الفاسد قبل تنفيذه:

لا فرق بين العقد الفاسد قبل تنفيذه وبين العقد الباطل من حيث الأثر، فكما أن العقد الباطل لا أثر له، لأنه عقد منهي عنه، كذلك العقد الفاسد قبل قبض المعقود عليه لا ينتج أثراً(18) ، لأنه عقد فيه معصية لورود النهي عن وصفه، ويجب على كل من العاقدين(19) فسخه بل للقاضي فسخه إن علم به حقاً الشرع.

فالمبيع في هذه الحالة مثلاً يبقى على ملك البائع، فإذا تصرف فيه بالبيع أو الهبة أو غيره فتصرفه صحيح نافذ، ويعتبر فسخاً ضمنياً للعقد الفاسد، ولو هلك فإنه يهلك على حسابه. ولو تصرف فيه المشتري بالهبة أو الاعتاق أو غيره فتصرفه غير نافذ لعدم الملك. وعدم ترتب آثار على العقد الفاسد في هذه الحالة يرجع إلى الأمور الآتية:

لأن ترتيب آثار عليه قبل القبض، والحكم بانتقال الملكية يؤدي إلى التناقض من جهة أنه إذا ثبت الملك للمشتري قبل قبضه، فهذا يعني أنه يجب على البائع تسليم المبيع إلى المشتري، وفي هذا تقرير للفساد، وفساد العقد يوجب على كل منهما فسخ العقد رفعاً للفساد، فيؤول الأمر إلى أن يصبح تنفيذ العقد واجباً على العاقد ومنهياً عنه في نفس الوقت وهذا تناقض(20).

إنه ليس من المصلحة الاستعجال في بناء حكم على عقد يوجب الشرع نقضه وإعدامه(21) .
والعقد الفاسد قبل تنفيذه وقبض المعقود عليه واجب الفسخ دائماً، ولا يوجد مانع يمنع من فسخه(22) .

العقد الفاسد بعد تنفيذه:

إذا تم تنفيذ العقد الفاسد بتسليم المعقود عليه وقام المتعاقد الآخر بقبضه فإن العقد الفاسد يفيد حكماً ويعتبر القابض مالكاً للمعقود عليه. وهذا ما نصت عليه مجلة الأحكام، فقد جاءَ في المادة 371 ما نصه: البيع الفاسد يفيد حكمـاً بعد القبض. والقانون المدني الأردني، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة (170) على أن العقد الفاسد “لا يفيد الملك في المعقود عليه إلا بقبضه”.

وهذا الملك لا يثبت إلا بشروط وهي:

الشرط الأول:

أن يكون القبض قد تم بإذن البائع، فإذا قبضه بغير إذنه لا يثبت الملك، وكذلك إذا نهاه عن قبضه، أو قبضه بغير محضر منه من غير إذنه(23). أما لو قبضه المشتري بحضرة البائع دون نهيه أو الأذن له في القبض فهناك روايتان(24):

الأولى: يثبت الملك بهذا القبض، لأنه تسليط له على القبض، فهو إذن دلالة، والقبض دلالة قبض صحيح كما في قبض الهبة.

الثانية: وهي المشهورة لا يثبت الملك، لأن الاذن لم يوجد صراحة، ولا يمكن إثباته دلالة، لأن فساد العقد مانع من إثباته(25). والرواية الأولى هي الصحيحة في المذهب كما بين ذلك صاحب الهداية(26).

الشرط الثاني:

أن لا يشتمل العقد على خيار شرط، لأن خيار الشرط يثبت في البيع الفاسد كما يثبت في البيع الصحيح(27)، والعقد مع وجود الخيار يمنع من انتقال الملك في مدة الخيار هذا في العقد الصحيح “فكيف بالفاسد”(28). والملك في العقد الفاسد بعد القبض يمتاز بالخصائص الآتية:

إن الملك الثابت بالعقد الفاسد ملك خبيث لا يبيح للإنسان الانتفاع بعين المملوك بالأكل والشرب وغيرها، لأن الانتفاع به يؤدي إلى استقرار الفساد(29)، وإذا كان المشتري في العقد الفاسد لا يملك الانتفاع بعين المملوك. فإنه يملك التصرف فيه واستغلاله بلا خلاف عند الحنفية، وذلك بالبيع والهبة والرهن والإجارة (30). وقد استدل الحنفية لقولهم بجواز التصرف دون الانتفاع بما روي أن عائشة رضي الله عنها لما أرادت أن تشتري بريرة فأبى مواليها أن يبيعوها إلا بشرط أن يكون الولاء لهم، فاشترت واشترطت الولاء لهم، ثم أعتقتها، وذكرت ذلك لرسول الله  فأجازَ العتق وأبطل الشرط”(31). ووجه الدلالة في الرواية أن ” النبي أجازَ العتق مع فساد البيع بالشرط”(32) وهذا يدل على أن المشتري يملك التصرف، أما الانتفاع فبقي على أصله وهو المنع للنهي.

إن هذا الملك لم ينقطع به حق البائع بالمبيع، والمشتري بالثمن، وبالتالي فإن الشفعة لا تثبت بالبيع الفاسد، لأنها إنما تجب بانقطاع حق البائع، لا بملك المشتري(33).

إن هذا الملك غير لازم، فلكل من الطرفين فسخ العقد(34) لاسترداد ما سلم وهذا الفسخ لا يحتاج إلى رضا الطرف الآخر، كما لا يحتاج إلى قضاء القاضي(35) ، وهذا الفسخ يبقى قائماً ومستمراً ما لم يوجد مانع يؤدي إلى بطلانه. وليس صحيحاً ما ذهب إليه د. صحبي محمصاني من أن العقد الفاسد ينقلب صحيحاً بالقبض، لأن العقد الفاسد لا ينقلب صحيحاً إلا إذا زال سبب فساده(36) ، أما مجرد القبض فهو لا يجعل من العقد الفاسد صحيحاً، فالقبض يؤثر في انتقال الملكية لاعتبارات معينة. وفيما يلي نص كلام الدكتور محمصاني: “ومن أهم أسباب الفساد في العقود صفة الجهالة في المعقود عليه، فمن العقود الفاسدة مثلاً البيع الواقع على شيء غير معلوم، أو البيع بدون تسمية الثمن، أو الإجارة التي لم تتعين فيها المنفعة ، وهذه العقود بعضها ينقلب صحيحاً بالقبض كما في البيع والقرض، ففيهما إذا قبض المشتري المبيع، أو إذا قبض المستقرض الشيء موضوع القرض صح العقد(37). وقد استند الدكتور

في رأيه ذلك إلى نص المادة 366 من المجلة والتي جاء فيها: البيع الفاسد يصير نافذاً عند القبض يعني يصير تصرف المشتري في المبيع جائزاً. فالمادة كما هو واضح لم تذكر أن العقد الفاسد يصبح بالقبض صحيحاً وكل ما فيها أنها بينت أن البيع الفاسد يصير نافذاً بالقبض. فما المقصود بالنفاذ في هذه المادة ؟ لم تتركنا هذه المادة حيارى لنعرف المراد بالنفاذ، إذ إنها تولت تفسيرها بقولها: “يعني يصير تصرف المشتري في المبيع جائزاً”.

موانع الفسخ:

بينا فيما سبق أن العقد الفاسد “عقد مخالف للدين”(38) وهو “معصية يجب رفعها”(39) والتوبة منها، ورفع هذه المعصية يكون بفسخ العقد، وفي هذا الفسخ زجر عن تلك المعصية، لأن المتعاقد إذا علم أن العقد الفاسد مستحق للفسخ، فالظاهر أنه لا يقدم عليه(40). وكنا بينا أن هذا الفسخ حق للشرع، لا يسقط بصريح الرضا والإسقاط ولكنه قد يسقط ضرورة(41) ، في حالات معينة محددة عندها يمتنع الفسخ، فما هي هذه الموانع، وقبل أن نجيب عن ذلك لا بد من بيان مفهوم كل من المانع والفسخ، والفرق بين الفسخ والانفساخ من جهة وبينه وبين البطلان من جهة أخرى فالمانع: هو ما يلزم من وجوده العدم (42) أما الفسخ فهو حل ارتباط (43). وهذا قد يكون بإرادة الطرفين ويسمى إقالة، وقد يكون بإرادة أحدهما وقد يكون بحكم القاضي(44) فهو فعل إرادي(45) لا يرد إلا على عقد منعقد.

أما الانفساخ: فهو ارتفاع العقد بسبب طارئ غير إرادي(46) كانفساخ عقد البيع ببطلان المبيع قبل تسليمه(47) لاستحالة تنفيذ العقد.

أما البطلان: فهو عدم اكتساب التصرف وجوده الاعتباري وآثاره في نظر الشارع(48). هذا وإن كان الفقهاء يعبرون عن الانفساخ بالبطلان(49) تسامحاً، إلا أن بينهما فروقاً جوهرية(50) :

أن الانفساخ لا يكون إلا لعقد صحيح بسبب طارئ عليه يمتنع معها بقاء العقد، أو الاستمرار فيه بعد وجوده كهلاك المبيع، أو المأجور في عقد الإيجارة. أما البطلان فهو حكم على تصرف فقد عنصراً جوهرياً من عناصر تكوينه – وهي التي تسمى بأصل العقد كأهلية المتعاقد، ومشروعية المحل – بعدم وجوده أصلاً من الناحية الشرعيـة حتى وإن كان موجوداً من الناحية الحسية لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً.

أن العقد في البطلان يكون معدوماً من أصله دائماً، أما في الانفساخ فقد يرفع العقد من أصله كما في هلال المبيع قبل التسليم، وقد يكون مقتصراً لا يستند إلى الماضي كما في انفساح عقد الإجارة.
أما موانع فسخ العقد الفاسد فهي:

أولاً: خروج المبيع عن ملك المشتري

انتهينا فيما سبق إلى أن تصرف المشتري بما اشتراه بعقد فاسد تصرف جائز، لأنه تصرف في ملكه(51) ، فلو باع المشتري ما اشتراه بعقد فاسد لغيره، فتصرفه صحيح ويعتبر ذلك البيع مانعاً من الفسخ بالشروط الآتية:

أن يكون العقد الثاني صحيحاً، فإذا كان باطلاً أو فاسداً فإن الفسخ لا يمتنع(52) لما ذكرناه سابقاً.

أن لا يشتمل العقد على خيار الشرط، فإذا اشتمل العقد على خيار شرط للبائع فإنه لا يكون مانعاً من الفسخ في مدة الخيار، لأن ملك البائع لا ينتقل مع وجود الخيار(53).

أن يكون البيع لغير بائعه الأول، فإن كان للبائع الأول فهو فسخ للعقد الفاسد(54).

أن لا يكون الفساد بسبب الإكراه، فإن كان بسببه كان للمكره أن ينقض كل تصرفات المشتري التي يمكن نقضها(55).

وامتناع الفسخ هذا يرجع إلى الأمور الآتية(56):
لتعلق حق المشتري الثاني بالمبيع، فيقدم حقه على حق الشرع في وجوب الفسخ، ليس تهاوناً بحق الشرع، وإنما لضعف العبد وحاجته.

ولأن العقد الأول مشروع بأصله دون وصفه، لذلك كان مستحقاً للفسخ، أما العقد الثاني فهو مشروع بأصله ووصفه.

وهنالك فرق بين العقد الفاسد والعقد الصحيح الذي بنى عليه يظهر في الأمور الآتية:

إن الملك في العقد الثاني يثبت بمجرد العقد ولا يحتاج إلى القبض، أما في العقد الفاسد فالملك لا يثبت إلا بالقبض(57).

إن الملك في العقد الثاني يطيب للمشتري لأنه ملكه بعقد صحيح، ولا يطيب للمشتري الأول بالعقد الفاسد(58).
ولو عاد المبيع إلى ملك المشتري الأول فإن سقوط حق الفسخ يختلف بكيفية عودة المبيع إليه، وهذه الكيفية لها حالتان:

الحالة الأولى: أن يعود إلى ملك المشتري بالسبب الأول الذي خرج به، كأن يرد عليه بخيار الشرط، أو خيار الرؤية، أو خيار العيب(59).

وفي هذه الحالة يعود حق الفسخ لزوال المانع عملاً بقاعدة “إذا زال المانع عاد الممنوع”(60) ، ومعنى القاعدة أنه “إذا كان شيء جائزاً ومشروعاً ثم امتنع حكم مشروعيته بمانع عارض، فإذا زال ذلك المانع يعود حكم مشروعيته”(61).
وهنا يصير المبيع كأنه لم يخرج من ملك المشتري(62).

الحالة الثانية: أن يعود إليه بسبب جديد غير السبب الذي خرج به من ملكه.

كأن يعود إليه بهبة أو إرث أو شراء جديد، وهنا يمتنع الفسخ ولا يعود الحق عملاً بقاعدة” تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات(63) ، أي “إذا تبدل سبب تملك شيء ما، وإن لم يتبدل هو حقيقة يعتبر متبدلاً(64).

ويدخل في هذه الحالة الرد بخيار العيب، إذا كان بغير قضاء، بأن كان برضا البائع (أي المشتري الأول بعقد فاسد) فهو مانع من الفسخ، لأن الرد هنا “وإن كان فسخاً في حق العاقدين فهو بيع في حق غيرهما”(65).

لأن الرد بالتراضي فيه معنى البيع، لأن البيع هو مبادلة المال بالمال على وجه التراضي، إلا أنه أعطى حكم الفسخ في حق المتعاقدين، فيبقى بيعاً جديداً في حق غيرهما كالبيع المبتــدأ، (66) فشبهة البيع قائمة في هذا البيع، لذلك يمتنع معها الفسخ ويستقر العقد، وهذا بخلاف مالو كان الرد بقضاء القاضي فليس فيه شبهة البيع لانعدام التراضي، فهو فسخ في حق الجميع(67). والدليل على أن الفسخ بالتراضي فيه معنى البيع، هو ثبوت الشفعة للطرف الثالث، والشفعة تثبت بالبيع لا بالفسخ. (68) وتعدّ الهبة والصدقة من الموانع التي من فسخ العقد الفاسد، فلو وهب المشتري ما اشتراه بعقد فاسد أو تصدق به فإن الفسخ يمتنع عندئذ، وذلك بشرط أن يتم القبض في الهبة والصدقة، لأنهما لا تفيدان الملك إلا بالقبض، أما قبل القبض فالمال لا يخرج عن ملك المشتري، وبالتالي لا يمتنع الفسخ(69). ولو رجع الواهب في هبته(70) ، عندها يعود حق الفسخ لزوال المانع، ولا فرق في هذا الرجوع بين أن يكون بقضاء القاضي وبين غيره(71). ولا تعتبر الإجارة مانعة من الفسخ، فالإجارة وإن كانت عقداً لازماً، إلا أنها ليست بمانعة من الفسخ وذلك لما يأتي:

لأن الإجارة تفسخ بالأعذار(72) ، ولا عذر أقوى من رفع الفساد(73). ولأن الإجارة عقد على المنافع، وهي غير موجودة وقت العقد “فهي تنعقد شيئاً فشيئاً، فيكون زيادة على المنافع التي لم تحدث امتناعاً عن العقد عليها”(74). فيكون الفسخ للآتي منها.

ولأن المشتري لو اطلع على عيب في المبيع بعد أن أجره كان له فسخ الإجارة برد المبيع إلى صاحبه، وهذا أولى لأنه لحق الشرع(75).

وإذا فسخت الإجارة فإن الأجرة للمشتري، لأن المنافع عند الحنفية لا تتقوم إلا بالعقد، لأنها معدومة قبله، وقد حصلت في ملك المشتري وهو الذي أجرى العقد عليها، فإن كان قد أدى ضمان القيمة ثم أجر فقد طابت له الأجرة، لأن الضمان بدل المضمون قائم مقامه، فكانت الأجرة ربح ما قد ضمن، وإن أجر قبل أداء القيمة، فإن الأجرة لا تطيب له، لأنه ربح ما لم يضمن.

وما ينطبق على البيع الفاسد ينطبق على الإجارة الفاسدة، فلو أجر المستأجر فساداً ما استأجره لغيره إجارة صحيحة، فالإجارة جائزة إذا كان المأجور مما تجوز إجارته كالعقار، وكان ذلك بعد قبضه(76).

وهذا لا يمنع أيضاً من فسخ الإجارة الثانية لفساد الأولى، ويجب على المستأجر الأول أجرة المثل لفساد العقد، وعلى المستأجر الثاني الأجرة المسماة في العقد لصحته(77). أما لو وصَّى(78) المشتري بما اشتراه فاسداً لغيره صحت الوصية، وجواز الفسخ له حالتان(79):

الحالة الأولى: قبل موت الموصي، وفي هذه الحالة لا تكون الوصية مانعة من الفسخ، لأن الوصية هي تصرف غير لازم حال الحياة، لأن الثابت قبل موته مجرد إيجاب، وهو يحتمل الرجوع في عقد المعاوضة كالبيع والإجارة وغيرهما قبل القبول، ففي التبرع أولى(80).

ثم إن هذا الرجوع قبل القبول ليس فيه إبطال لحق الغير، لأن الثابت له بعد الإيجاب حق التملك، والموجب هو الذي أثبت له هذه الولاية، فله أن يرفعها كعزل الوكيل، ولأن حق التملك لا يعارض حقيقة الملك، فلو لم يجز الرجوع للزم تعطيل حق الملك بحق التملك وهو غير جائز، لأن حق الملك أقوى من حق التملك، بدليل أن للأب حق في أن يتملك بعض مال ولده عند الحاجة، وهذا الحق لا يمنع الولد من حق التصرف في ماله إذا لم يملكه الأب فعلاً(81).

الحالة الثانية: بعد موت الموصي، فإن الفسخ يمتنع، لأن المبيع انتقل إلى ملك الموصى له، وهو ملك مبتدأ، فأصبح كما لو باعه إياه، وذلك بشرط أن لا يرد الموصى له الوصية، لأنه بقبوله يتم الركن، هذا عند جمهور الحنفية أما عند الإمام زفر فالإيجاب وحده هو ركن الوصية، ويصبح الموصى له كالوراث يملك الموصى به بموت الموصى، أما إذا رد الموصى له الوصية فأن حق الفسخ يبقى قائماً لزول المانع. ولا يعتبر موت أحد العاقدين مانعاً من الفسخ(82) ، بل يثبت للورثة حق الفسخ” لأن الوارث قائم مقام المورث”(83) ، فيثبت له ما كان ثابتاً لمورثه، لأنه خلف عنه، وملك الوارث مضمون الرد مستحق الفسخ فيثبت ذلك كله للمورث(84). وهذا الحق ليس ثابتاً للوارث بطريق الوراثة، لأن حق الفسخ مشيئة وإرادة، وهي لا تورث، وإنما هو ثابت بطريق الخلفية، أي أنه ثابت له ابتداء، لأن الملك الفاسد قد انتقل اليه ، وهو يحتاج للفسخ للخلاص منه كما كان ثابتاً لمورثه(85).

جاء في الفتاوى الخانية:

“وللبائع أن يسترد المبيع ما لم يوجد ما يبطل حق الفسخ، ولا يبطل حق الفسخ بالإجارة، ولا بموت المشتري، لأن الملك الفاسد ينتقل إلى وارث المشتري ويقوم الوارث مقام المشتري، أما مجرد الحق فلا يورث(86) “. والغاية من تصحيح تصرف المشتري بما اشتراه بعقد فاسد، والقول بامتناع الفسخ هو حماية الغير الذي تصرف له المشتري من أن تستحق العين من تحت يده(87).

يقول ابن نجيم: “العقد الفاسد إذا تعلق به حق الغير لزم وارتفع الفساد”(88).

ويقول السنهوري:
“إن الشرع هو الذي تولى ترتيب هذا الأثر على العقد الفاسد لمصلحة قصد تحقيقها، وهذه المصلحة هي حماية الغير الذي تصرف له المشتري، فحتى يكفل الشرع حماية هذا الغير من أن يسترد المبيع من تحت يده باستعماله حق الفسخ-وليست هناك وسيلة للشهر تنبه الغير إلى فساد العقد مع كثرة أسباب الفساد وتنوعها- لجأ الفقه الحنفي إلى ضرب من الصناعة الفقهية يستوقف النظر”(89).
وقد ابتكر الحنفية لذلك صناعة فقهية تفترض انتقال ملكية العين المبيعة بعقد فاسد بعد قبضها إلى المشتري، لا لينتفع بها كما هو الحال في الملكية العادية المستفادة بالعقد الصحيح، وإنما الغرض منها تصحيح التصرف الذي يصدر من المشتري للغير، إذ إنه من الأمر البديهي أن الإنسان لا يستطيع أن يملك غيره ما لا يملكه، فحتى تكون ملكية الغير ملكية مستقرة لا بد من القول بانتقال الملكية(90).

ثانياً: زيادة المعقود عليه

الزيادة التي تحصل في المعقود عليه أنواع:

الزيادة المتصلة المتولدة من الأصل، مثل السمن والجمال، فإن هذه الزيادة غير مانعة من الفسخ، لأنها تابعة لأصلها حقيقة، والأصل مضمون الرد وكذلك تابعه، كما هو الحال في المغصوب(91). عملاً بقاعدة “التابع تابع”.

الزيادة المتصلة غير المتولدة من الأصل، كما لو كان المبيع طحيناً فلته بسمن أو عسل، أو كان ثوباً فصبغه، أو خاطه فإن هذه الزيادة تكون مانعة من الفسخ، وذلك لأن الفسخ إما أن يرد على الأصل فقط، وإما أن يرد عليه وعلى الزيادة، ولا سبيل إلى أي منها لما يأتي(92):

لأنه لا يمكن فصل الزيادة عن الأصل، فيتعذر الفسخ في الأصل.

كما أنه لا سبيل إلى الثاني “لأن الزيادة لم تدخل تحت البيع أصلاً ولا تبعاً فلا تدخل تحت الفسخ(93).

ولأن للبائع أن يرجع في ملكه، والزيادة ملك للمشتري.

أما لو كان المبيع أرضاً فبنى فيها المشتري أو غرس فيها أشجاراً، فإذا هدم المشتري البناء وقلع الأشجار لم يمتنع الفسخ(94).

أما إذا بقيت هذه الأشياء في الأرض فقد اختلف في ثبوت حق الفسخ على قولين(95):

القول الأول: وهو قول أبي حنيفة يمتنع الفسخ، وعلى المشتري قيمة الأرض وقت القبض، وينقطع حق البائع في الاسترداد، وهو قول الزيدية(96).

استدل أبو حنيفة بأنه “لو ثبت حق الاسترداد، لكان لا يخلو إما أن يسترده مع البناء، أو بدون البناء، ولا سبيل إلى الثاني لأنه لا يمكن، ولا سبيل إلى الأول، لأن البناء من المشتري تصرف حصل بتسليط من البائع، وأنه يمنع النقض كتصرف البيع والهبة”(97).
القول الثاني: وهو قول أبي يوسف(98) ومحمد حيث ذهبا إلى أنه لا يمتنع الفسخ، وعلى المشتري نقض البناء أو إزالة الأشجار ورد الأرض لصاحبها.

استدل هذا الفريق بما يأتي:

بالقياس على الغصب، لأن القبض في العقد الفاسد كالقبض في الغصب، فكما أن البناء في الأرض المغصوبة ينقض، فكذلك في العقد الفاسد.

ولأن المشتري لو بنى في الأرض التي اشتراها، فإن ذلك البناء ينقض بحق الشفعة بالإجماع، وحق البائع فوق حق الشفيع، بدليل أن الشفيع لا يأخذ إلا بقضاء القاضي، والبائع يأخذ دون قضاء ولا رضاء، فلما نقض البناء لحق الشفيع، ينقض لحق البائع أولى.

وأجيب عن ذلك بأن البناء في حال الغصب والشفعة لم يوجد بتسليط من البائع، بخلاف البناء في العقد الفاسد، فإنما كان بتسليط من البائع(99).

وأرى أن رأي أبي حنيفة هو الراجح لما يأتي:

لأن البناء حصل بتسليط من البائع، فلا يملك نقضه، لان من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه عليه مردود.

ولأن في الأمر بقلع الأشجار وهدم البناء إتلافاً للمال وهو منهي عنه، فلا ترفع معصية بمعصية.

ولأن قياس الصاحبين العقد الفاسد على الغصب قياس مع الفارق، لأن الغاصب ليس له حق ولا شبهة حق، بخلاف المشتري بعقد فاسد فله شبهة حق.

وقد أخذت مجلة الأحكام العدلية بقول أبي حنيفة وذلك في المادة 372 (100).

وإذا كانت الغاية من امتناع الفسخ إذا ما تصرف المشتري بالمبيع هو حماية الغير الذي حصل له التصرف، فإن الغاية من امتناع الفسخ هنا هو حماية المتعاقد نفسه من أن يستحق المبيع من تحت يده بعد هذه الزيادة، وتصبح ملكيته مستقرة ثابتة بعد أن كانت مهددة بالفسخ.

3: الزيادة المنفصلة المتولدة:

كأن تلد الشاة، أو أن تثمر الشجرة، وحكم هذه الزيادة، كحكم الزيادة المتصلة المتولدة، أي أنها لا تكون مانعة من الفسخ، وللبائع أن يسترد هذه الزيادة مع أصلها، لأنها ثابتة له، والأصل واجب الرد فتكون مثله(101). وهذه الزيادة مضمونة على المشتري بالاستهلاك لا بالهلاك(102).

4: الزيادة المنفصلة غير المتولدة:

كالهبة والصدقة، فهذه الزيادة ليست مانعة من الفسخ، وللبائع أن يستردها مع الأصل، لأن الأصل واجب الرد، وبرده ينفسخ العقد فتكون الزيادة قد حصلت على ملك البائع. إلا أن هذه الزيادة لا تحل له ولا تطيب، لأنها لم تحصل في ضمانه، بل في ضمان المشتري(103). ولو هلكت الزيادة عند المشتري فلا ضمان عليه، لأن المبيع بالعقد الفاسد مضمون بالقبض، وهذه الزيادة لم يرد عليها القبض أصلاً لانعدامها عند القبض، ولا تبعاً لأنها ليست تابعة حقيقية بل هي أصل بنفسها ملكت بسبب مستقل عن الأصل(104).

ولو استهلك المشتري هذه الزيادة فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة للعلة السابقة، وعليه الضمان عند أبي يوسف ومحمد(105) ، لانه بفسخ الفسخ يكون العقد قد ارتفع من أصله فتكون الزيادة قد حصلت على ملك البائع، فتكون أمانة في يده، والأمانة مضمونة بالإتلاف لا بالتلف.

نقصان المبيع:

لا يعتبر نقصان المبيع مانعاً من الفسخ، وللبائع أن يأخذ المبيع من المشتري مع نقصان قيمة المبيع(106) ، لا فرق بين أن يكون النقصان بآفة سماوية أو بفعل المبيع نفسه كأن يكون حيواناً فيقتل نفسه(107) ، أو بفعل المشتري.

وإذا كان ذلك النقصان حصل بفعل البائع صار البائع مسترداً للمبيع، أما لو حصل بفعل أجنبي خير البائع بين أن يرجع على المشتري، وهو يرجع على الجاني، وبين أن يرجع على الجاني، وهو لا يرجع على المشتري لوجود فعل الإتلاف منه(108).

ثالثاً: هلاك المعقود عليه:

يعدّ هلاك المبيع من موانع فسخ العقد الفاسد، وذلك لأن الفسخ لا يرد إلا على ما ورد عليه العقد، والمعقود عليه فات لا إلى بدل.

بل إن هلاك المعقود عليه يمنع فسخ العقد الصحيح عن طريق الإقالة التي هي فسخ للعقد برضا المتعاقدين، كما يمنع فسخه بسبب العيب.
وهذا الهلاك قد يكون هلاكاً حقيقياً بفوات عينة وزوالها، كما لو كان طعاماً فأكله المشتري، أو علفاً فأطعمه لدوابه، أو حطباً فأوقده ناراً، أو أن يكون المبيع حيواناً فينفق.

وقد يكون الهلاك معنوياً وليس حقيقياً، وذلك بتغير صورته مع بقاء عينه، كأن يكون المبيع براً فطحنه قمحاً، أو سمسماً فعصره، أو أن يكون طيراً فيطير من البائع.

وبما أن المقبوض بالعقد الفاسد هو كالمقبوض بالغصب، أي أنه واجب الرد ما دام قائماً، وقيمته إن كان هالكاً، فإنه بهلاك المعقود عليه يتعذر فسخ العقد ، وتجب على المشتري قيمة المعقود عليه(109).

والقاعدة العامة في هلاك المعقود عليه “أن كل فعل لو فعله الغاصب لانقطع به حق المغصوب منه في استرداد عين ماله المغصوب، كذلك ينقطع به حق البائع في استرداد المبيع في العقد الفاسد(110) ، جاء في فتح القدير:

“والحاصل أن كل تصرف لو فعله الغاصب انقطع به حق المالك لو فعله المشتري انقطع به حق الاسترداد للبائع”(111).

وإذا كان المغصوب يصير ملكاً للغاصب بضمانه له، فإن المعقود عليه في العقد الفاسد كذلك يصبح ملكاً له بضمانه له(112).

رابعاً: الرهن

يعدّ رهن المشتري لما اشتراه بعقد فاسد مانعاً من فسخ ذلك العقد والرهن له حالتان(113):

الحالة الأولى: قبل قبضه فهو لا يكون مانعاً من الفسخ والاسترداد، لأنه قبل قبضه لا يكون لازماً، إذ ليس فيه إبطال لحق المدين.

الحالة الثانية: بعد قبضه، وهنا يكون الرهن مانعاً من الفسخ، لأن الرهن بعد القبض يكون لازماً للراهن، وذلك حماية وصيانة لحق المرتهن من الضياع(114).

وامتناع الفسخ بسبب الرهن امتناع مؤقت بقيام الرهن، فإذا انتهى عقد الرهن بتنازل المرتهن عن حقه في الرهن، أو بفكاك الدين لقاء الوفاء بالدين عندها يثبت حق الفسخ للطرفين عملاً بقاعدة “إذا زال المانع عاد الممنوع”(115). وهذا بشرط أن لا يكون قد حكم على الراهن بالقيمة، فإذا حكم عليه بها فقد امتنع الفسخ كما سيأتي. ولا يعبر الرهن مانعاً من الفسخ عند الزيدية، فإذا ما رهن المشتري العين فإن الرهن ينقض ولا ينتظر فكاك الرهن(116) ، لأن ما بني على الفاسد فهو فاسد.

خامساً: القضاء بالقيمة

من الموانع التي تمنع فسخ العقد بسبب الفساد، ولم يفرد له العلماء عنواناً خاصاً هو القضاء على المشتري بالقيمة، أي بقيمة المعقود عليه. فمن المعلوم أنه إذا تم فسخ العقد، فالواجب هو رد عين المبيع ما دام قائماً(117) ، ولا يجوز للمشتري أن يحتفظ به مقابل أدائه لقيمته، أما إذا تعذر رد المبيع لسبب ما، كما لو كان المبيع مرهوناً بدين، أو قام المشتري بهبته أو جحده وأنكره، فقضي عليه القاضي بالقيمة، فإذا افتك الرهن، أو عاد الموهوب إلى ملك الواهب بنفس السبب الذي خرج به، أو أقر به البائع بعد أن سبق له إنكاره، فإنه في تلك الصور السابقة وفي غيرها يمتنع معها الفسخ ولا يجوز استرداد المبيع من يد المشتري، لأنه بقضاء القاضي على المشتري بالقيمة انتقل حق البائع من عين المبيع إلى قيمته، وأصبح المشتري مالكاً له، كما في الغصب فإن المغصوب يصير ملكاً للغاصب عند أداء الضمان(118).

جاء في فتح القدير:

“ثم حق الاسترداد إنما يعود إذا لم يقض بالقيمة على المشتري، فإن قضي بها عليه ثم عاد إلى ملكه ليس للبائع أن يسترده لتحول حقه من العين إلى القيمة، كالعبد المغصوب إذا أبق فقضي على الغاصب بقيمته ثم رجع ليس لمالكه أخذه”(119).

وجاء في درر الحكام:

“إذا زال المانع بعد الحكم بالقيمة أو المثل فلا يرجع حق الفسخ، لأن القاضي لما أبطل حق البائع في العين ونقله إلى القيمة بإذن الشرع فلا يعود حقه إلى العين، وإن ارتفع السبب كما لو قضى على الغاصب بقيمة المغصوب بسبب الإباق ثم عادت”(120).

العقد الفاسد في القانون المدني الأردني:

أخذ القانون المدني الأردني بالعقد الفاسد، فقد نصت المادة 170 منه على ما يأتي:
العقد الفاسد هو ما كان مشروعاً بأصله لا بوصفه، فإذا زال سبب فساده صح.
ولا يفيد الملك في المعقود عليه إلا بقبضه.
ولا يترتب عليه أثر إلا في نطاق ما تقرره أحكام القانون.
ولكل من عاقديه أورثته حق فسخه بعد أعذار العاقد الآخر.

ولا يختلف القانون في هذه الأحكام عما هو عليه في الفقه الإسلامي، والتي بيناها سابقاً ولكن يلاحظ على القانون المدني أنه وإن كان امتاز عن غيره من القوانين العربية بأخذه بفكرة العقد الفاسد، وقيامه بتعريف العقد الفاسد، إلا أنه كان من المفروض أن يكون لهذا التعريف دور بارز وكبير في تحديد دائرة فساد العقود، إلا أنه وكما يرى بعض شراح القانون المدني الأردني عجز عن أن يحاكي الفقه الإسلامي في تطبيقه لنظرية العقد الفاسد، كانت النظرية واضحة المعالم بارزة التطبيقات في الفقه الإسلامي، إلا أن تطبيق القانون للعقد الفاسد جاء يتيماً قاصراً محدداً بحالة واحدة، (121) وهي ما نصت الفقرة الأولى من المادة (50)، حيث جاء فيها: لا يصح اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند استحقاق المبيع ويفسد البيع بهذا الشرط”.

أما بقية حالات الفساد التي قال بها الحنفية فقد أعطاها القانون المدني أحكاماً أخرى فقد اعتبر الإكراه سبباً لتوقف العقد(122)، وجعل الغرر في وجود محل العقد أو في تعيينه سبباً للبطلان(123)، ولم يجعل للربا تأثيراً في العقد(124)، لأنه إذا اشترط في العقد كان الشرط باطلاً وبقي العقد صحيحاً.

لذلك يتساءل البعض الآخر من شراح القانون هل يكفي تطبيق واحد للعقد الفاسد مبرراً للنص عليه وتنظيم أحكامه(125). وإذا كانت فكرة العقد الفاسد مقتبسة من الفقه الحنفي فهل يصح اختزالها بهذا التطبيق الوحيد واليتيم، لذا كان من المفروض أن تأخذ نظرية العقد الفاسد مكانها البارز والمناسب في قانوننا المدني الأردني لا سيما أنه يعدّ خطوة جيدة ورائدة في طريق التوجه نحو الفقه الإسلامي مما يجعله قدوة ومثالاً لغيره من القوانين (126).

ومما يدل على أهمية هذه النظرية وضرورة أن يكون لها حضورها في القانون أن المذكرات الإيضاحية للقانون قد بينت المبرر العملي لفكرة وجود العقد الفاسد وهو ” الإقلال من حالات بطلان العقد وفتح الباب لتصحيح العقود “(127) ، “وإذا أدركنا أن رجال القانون اليوم يلجأون إلى كل باب يصححون به العقد بقدر الإمكان، كانتقاص العقد أو تحويله فأولى أن لا نغلق باباً يقوم على قواعد راسخة من المنطق والحاجات العملية من شأنه أن يترك مجالاً لتصحيح عقد قام اصله واختل وصفه” (128) لذلك فإن القانون المدني باعتباره الغرر في المعقود عليه سبباً للبطلان لا للفساد كما هو في المذهب الحنفي يكون قد تناقض مع غايته من وجود فكرة العقد الفاسد.

وحكم العقد الفاسد في القانون المدني كما نصت على ذلك المادة 170 أنه لا أثر له قبل القبض، ومن ثم يجب فسخه ولا يوجد مانع يمنع فسخه قبل القبض.

أما بعد القبض فهو وإن كان مستحقاً للفسخ إلا أن فسخه يمتنع في الحالات الآتية (129):
تصرف المشتري بالمعقود عليه بالبيع أو الهبة وذلك حتى لا يؤدي الفسخ إلى إبطال حق الغير.
تغير المعقود عليه بعد القبض، فإن هلك أو استهلك أو تغيرت صورته، عندها يمتنع الفسخ لاستحالة رد المعقود عليه إلى ما كان عليه قبل القبض.
أن يرتفع سبب فساده، فإذا زال السبب أصبح العقد صحيحاً وعندئذ يكون لازماً.

العقد الفاسد في قانون الأحوال الشخصية الأردني:

فرق قانون الأحوال الشخصية الأردني بين عقد الزواج الباطل وبين عقد الزواج الفاسد، إلا أنه لم يعرف أياً منهما، وإنما اكتفى بالنص على الحالات التي يكون فيها العقد باطلاً والحالات التي يكون فيها فاسداً فقد نصت المادة 33منه على ما يلي:

يكون الزواج باطلاً في الحالات التالية:
تزوج المسلمة بغير المسلم.
تزوج المسلم بامرأة غير كتابية.
تزوج الرجل بامرأة ذات رحم محرم منه، وهن الأصناف المبينة في المواد 23، 24، 25، من هذا القانون.

ولا حكم لهذا العقد ولا يترتب عليه أثر(130) “ولا يجوز بقاء الزوجين عليه، وإذا لم يتفرقا يتدخل القاضي باسم الحق الشرعي العام للتفريق بينهما “.

وهذا ما نصت عليه المادة 41 : “الزواج الباطل سواء وقع به دخول أو لم يقع به دخول لا يفيد حكماً أصلاً، وبناء على ذلك لا يثبت به بين الزوجين أحكام الزواج الصحيح من النفقة والعدة وحرمة المصاهرة والإرث “.

أما الزواج الفاسد، فقد نصت عليه المادة 34 بقولها : يكون الزواج فاسداً في الحالات التالية:
إذا كان الطرفان أو أحدهما غير حائز على شروط الأهلية حين العقد.
إذا عقد الزواج من غير شهود.
إذا عقد الزواج بالإكراه.
إذا كان شهود العقد غير حائزين للأوصاف المطلوبة شرعاً.
إذا عقـد الزواج على إحدى المرأتين الممنوع الجمع بينهما بسبب حرمة النسب أو الرضاع.
زواج المتعة والزواج المؤقت.

وهناك حالات يكون فيها الزواج فاسداً غير تلك الحالات، ومثال ذلك الزواج من خامسة لمن كان في عصمته أربع نساء، أو زواج الرجل ممـن طلقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى، لذلك فان بعض شراح القانون يرون أنه ينبغي على القانون أن لا يحصر حالات الزواج الفاسد فيما سبق، وان يجعل ما سبق ذكره في المادة 34 أمثلة للزواج الفاسد ويرجع في باقي الأنواع من الزواج الفاسد إلى الراجح من مذهب الحنفية عملاً بالمادة 183 من هذا القانون(131).

حكم عقد الزواج الفاسد:

عقد الزواج الفاسد له حالتان:

الحالة الأولى: قبل الدخول ولا حكم له في هذه الحالة ولا يترتب عليه أثر ويجب فسخه، ولا يوجد مانع يمنع من فسخه.

وهذا ما نصت عليه المادة 42 من قانون الأحوال الشخصية بقولها: الزواج الفاسد الذي لم يقع به الدخول لا يفيد حكماً أصلاً.

الحالة الثانية: بعد الدخول وفي هذه الحالة ترتب عليه بعض الآثار وهي:

وجوب المهر والمقصود به مهر المثل بالغاً ما بلغ إذا لم يسم المهر في العقد الفاسد. أما إذا سمي(132) المهر وكان له مقدار معين فالواجب حينئذ هو الأقل من مهر المثل أو المسمى. ووجه الفرق بين الحالتين، أنه في الحالة الأولى لا يوجد معيار ومقدار يرجع إليه فيناط الأمر بمهر المثل.

أما في الحالة الثانية فهناك مقدار تم التراضي عليه وهو المسمى، فإذا كان مهر مثلها أقل استحقت مهر مثلها، لأن المهر المسمى لا يجب إلا بالعقد الصحيح، وإن كان مهر مثلها أكثر فقد رضيت بالأقل فلا تعطي ما هو أكثر منه(133).

وهذا ما نصت عليه المادة (56) بقولها :
“إذا وقع الافتراق بعد الدخول في العقد الفاسد ينظر فإن كان المهر سمي يلزم الأقل من المهرين المسمى والمثل، وإن كان المهر لم يسّم أو كانت التسمية فاسدة يلزم مهر المثل بالغاً ما بلغ، أما إذا وقع الافتراق قبل الدخول فلا يلزم المهر أصلاً ”
يثبت به النسب.
وجوب العدة.
تثبت به حرمة المصاهرة.

والآثار السابقة نصت عليها المادة (42) بقولها:
“الزواج الفاسد الذي لم يقع به الدخول لا يفيد حكماً أصلاً، أما إذا وقع به دخول فيلزم به المهر والعدة ويثبت النسب وحرمة المصاهرة ،ولا تلزم بقية الأحكام كالإرث والنفقة قبل التفريق أو بعده”.

وعقد الزواج الفاسد يحرم الاستمرار فيه ويجب على الزوجين فسخه، وللقاضي أن يفسخه إن علم به باسم الحق الشرعي لأن فساده حق للشرع، وقد نصت على ذلك المادة (43) بقولها:

“بقاء الزوجين على الزواج الباطل أو الفاسد ممنوع فإذا لم يتفرقا يفرق القاضي بينهما عند ثبوت ذلك بالمحكمة باسم الحق العام الشرعي”. وهذا العقد لا يوجد ما يمنع فسخه، إلا أن القانون استثنى حالة واحدة منع فيها من سماع دعوى فساد الزواج، وهي حالة ما إذا كان فساد الزواج بسبب الصغر في الحالات الآتية:
إذا ولدت الزوجة.
إذا كانت حاملاً.
إذا كان الزوجان حائزين على شروط الأهلية حين إقامة الدعوى.

ويستند هذا المانع إلى أن الأصل هو مشروعية زواج الصغير أو الصغيرة، وهذا ما عليه جمهور علماء المسلمين، إلا أن القانون ولاعتبارات خاصة أخذ برأي أبي بكر الأصم وابن شبرمة اللذين يقولان بعدم جواز زواج الصغير والصغيرة، وبالتالي فإذا ولدت الزوجة أو حملت فهذا يدل على أن الزوجين في حالة بلوغ، وكذلك إذا كانا حائزين عل شروط الأهلية حفاظاً على حقوق المولود أو الحمل الجديد.

ما يجب على المتعاقدين فعله في حال امتناع الفسخ:
انتهينـا فيما سبق إلى أن العقد الفاسد معصية يجب رفعها، وذلك بفسخ العقد ما دام الفسخ ممكناً، ولكن ما هو الواجب فعله إذا تعذر فسخ العقد لرفع تلك المعصية ؟

وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من بيان أن المراد بامتناع الفسخ في الحالات التي ذكرناها هو الامتناع القضائي، إذ لا يملك أحد المتعاقدين أن يطالب بفسخ العقد كما أن القاضي لا يملك المبادرة الذاتية لفسخ العقد، ولكن ذلك لا يعني جواز استمرار المتعادين في ذلك العقد، لأن وجود المانع بحد ذاته لا يرفع المعصية، بل يجب ديانة على المتعاقدين فسخ ذلك القد رفعاً للمعصية إذا كان ممكناً، فعلى سبيل المثال إذا استطاع المشتري استرداد المبيع بعد أن خرج من مكانه ليرده على صاحبه كان ذلك واجباً عليه للخروج من المعصية، فإذا طالب أحدهما بالفسخ وامتنع الآخر كان الممتنع مصراً على معصية كان بالإمكان رفعها وإزالتها.

أما إذا تعذر الفسخ قضاء وديانة كانت التوبة والاستغفار هي الوسيلة للتطهير من ذلك الذنب وتلك المعصية.

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنه إذا كان من المقرر فقهاً أن المعقود عليه(134) في العقد الفاسد مضمون بالمثل أن كان مثلياً، وبالقيمة إن كان قيمياً وليس بالثمن المسمى في العقد، لأن الثمن المسمى لا يجب إلا بالعقد الصحيح(135)، فإنه من الواجب على المشتري ديانة أن يؤدي إلى البائع الثمن المسمى بالعقد وليس القيمة التي حكم بها القضاء، لأن البائع ما رضى بخروج المبيع عن ملكه إلا بالثمن المسمى، وإن فساد العقد لا يخل برضاه، لذلك فإن إلزامه بالقيمة دون المسمى إضرار به فيكون المشتري قد ملك المبيع بعقد فاسد وهو معصية، وأخذه ببدل لم يرض به البائع وهذه معصية ثانية، فإذا ما تعذر رفع الأولى لسبب ما، فإن رفع الثانية ممكن ولا مانع منه (136).

الخاتمـة:

بعد هذه الدراسة لموانع فسخ العقد الفاسد في الفقه الإسلامي يمكن تلخيص أهم نتائج هذا البحث بالأمور الآتية:

يختلف العقد الفاسد عند العقد الباطل، في أنه عقد منعقد وله بعض الآثار بعد تنفيذه، إلا أنه مستحق للفسخ.

لا يوجد مانع يمنع من فسخ العقد الباطل قبل القبض.

أما بعد القبض، فإنه يبقى عرضة للفسخ، إلا إذا وجد ما يمنع من فسخه وهذه الموانع نوعان:

أ- موانع دائمة ومستمرة وهي:

خروج المبيع عن ملك المشتري خروجاً باتاً لازماً.
زيادة المعقود عليه زيادة متصلة غير متولدة عن الأصل.
هلاك المعقود عليه أو استهلاكه.
إذا وصّى المشتري بالمعقود عليه ثم مات.
القضاء على المشتري بقيمة المعقود عليه لضياعه أو جحده أو غيره، فإذا أظهر بعد ذلك فالفسخ ممتنع.

ب- موانع مؤقتة : وهي التي يمتنع الفسخ بوجودها، فإذا زال عاد حق الفسخ وهي رهن المعقود عليه، الفسخ ممتنع ما دام الرهن قائماً فإذا زال استحق العقد الفسخ.

إن الغاية والهدف من امتناع الفسخ في الحالات السابقة هو حماية من تصرف له المشتري من أن يستحق المبيع من تحت يده، بعد أن دخل في ملكه بسبب صحيح.

وحماية المتعاقد نفسه من أن يستحق المبيع من تحت يده، بعد أن اختلط بملكه بسبب زيادته زيادة متصلة غير متولدة.

الهوامـش:

1. الزرقاء: مصطفى أحمد، المدخل الفقهي العام، طـ10، دار الفكر بيروت، جـ2 /713.

2. الكاساني: علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، طـ2، دار الكتاب العربي بيروت، 1982، جـ5/299.

3. ابن نجيم: زين العابدين، الأشباه والنظائر، دار الكتب العلمية، 1985، ص337.

4. الدردير: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي جـ 3/54 ، السيوطي: الأشباه والنظائر ص 252 ، الأسنوي: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص59 ، ابن حزم: المحلى مسألة 1446 جـ 8/421 ابن قدامه: روضة الناظر ص 35 .

5. الدردير: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي جـ 3/54، السيوطي: الأشباه والنظائر ص 252، الاسنوي: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص59 ، ابن حزم: المحلى مسألة 1446 جـ 8/421 ابن قدامه: روضة الناظر ص 35.

6. ابن نجيم: زين العابدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، طـ2، دار الكتاب الإسلامي، جـ6/74. و تعريف مجلة الأحكام العدلية كما في المادة (109)، وتعريف القانون المدني الأردني في المادة 170.

7. التفتازاني: سعد الدين بن مسعود، شرح التلويح على التوضيح، بيروت، دار الكتب العلمية، جـ2/123.

8. العالمكري: الفتاوى الهندية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، طـ4، بدون تاريخ، جـ3/2.

9. الزرقاء، المدخل الفقهي العام، جـ2/651.

10. انظر ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار، طـ2، دار الفكر، بيروت، 1966م، جـ4/505.العالمكري: الفتاوى الهندية جـ3/2 .

11. استثنى من ذلك جمهور الحنفية أن يبيع الأب ماله لابنه القاصر أو أن يشتري مال إبنه القاصر لنفسه مثله المثل أو بما يتغابن به الناس عادة، وخالف في ذلك الإمام زمن الكاساني: البدائع 5/135.

12. جاء في الدر المختار: “وكل ما أورث خللاً في ركن العقد فهو مبطل وما أورثه في غيره فمفسد ” وجاءَ في شرحه رد المحتار: إن الوصف ما كان خارجاً عن الركن والمحل. ابن عابدين: محمد أمين: رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر – بيروت ، 2000، جـ5/167.

13. العالمكري: الفتاوى الهندية، جـ3/2.

14. ابن عابدين: رد المحتار ج4 ابن عابدين: رد المحتار، الكاساني: البدائع ج 5/156وما بعدها.

15. الكاساني، بدائع الصنائع، جـ5/299 ، وهو ما عرفه به الزيدية انظر ابن المرتضى: البحر الزخار جـ3/380.

16. السنهوري: مصادر الحق، جـ4/126 .

17. الزرقاء: المدخل الفقهي العام ، جـ2/887.

18. ابن عابدين، رد المحتار، جـ4/508 .

19. جاءَ في الفقرة الثانية من المادة 170 من القانون المدني الأردني في حكم العقد الفاسد، ولا يفيد الملك في المعقود عليه إلا بقبضه.

20. الكاساني: بدائع الصنائع، جـ5/304.

21. الزرقاء: المدخل الفقهي العام، جـ2/699.

22. ابن المرتضى: البحر الزخار جـ3/380 .

23. ابن عابدين: رد المحتار، ج5/209 . ابن المرتضى: البحر الزخار جـ 3/380.

24. لكاساني، البدائع، جـ5/304.

25. الكاساني، البدائع، جـ5/304.

26. المرغيناني: علي ابن أبي بكر، الهــداية شرح بداية المبتدي مع شرحها فتح القدير، طـ2، دار الفكر، جـ6/463.

27. الفتاوي الخانية، جـ3/169.

28. لكمال بن الهمام: فتح القدير، طـ2، دار الفكر، جـ6/459.

29. الكاساني: البدائع، جـ5/304.

30. ابن عابدين: رد المحتار، جـ5/89.

31. رواه البخاري في كتاب المكاتب باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس، حديث رقم(2563) حيث جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: “خذيها فاعتقيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن اعتق”.

32. ابن مودود: محمود، الاختيار لتعليل المختار، دار المعرفة، بيروت، جـ2/22.

33. الكمال بن الهمام: فتح القدير، جـ6/401.

34. جاءَ في الفقرة الرابعة من المادة 170 من القانون المدني الأردني عن العقد الفاسد ولكل من عاقديه أو ورثته حق فسخه بعد إعذار العاقد الآخر.

35. الكاساني: بدائع الصنائع، جـ5/300.

36. وهذا ما أشار إليه الدكتور المحمصاني نفسه حيث يقول: “فالعقد الباطل لا حكم له مطلقاً ولا ينقلب صحيحاً أبداً، ولكن الفاسد يصبح صحيحاً بزوال صفة الفساد”، النظرية العامة للموجبات والعقود طـ2، دار العلم للملايين بيروت، 1972، ص490.

37. المحمصاني: النظرية العامة للموجبات، ص100.

38. ابن نجيم، البحر الرائق، ج6/74، الكمال بن الهمام، فتح القدير، ج6/ 401.

39. ابن نجيم، البحر الرائق، ج6/74.

40. الكساني، البدائع، ج5/300.

41. الكساني، البدائع، ج5/300.

42. القرافي: أحمد بن إدريس: الفرق، عام الكتب بيروت بدون تاريخ جـ1/62.

43. السيوطي: الاشتباه والنظائر ص287، ابن نجيم الأشباه والنظائر 338.

44. يقول القرافي ثم الفسخ قلب كل واحد من العوضين لصاحبه، والانفساخ انقلاب كل واحد من العوضين لصاحبه، فالأول فعل المتعاقبين أو الحاكم إذا ظفروا بالعقود المحرمة والثاني صفة العوضين. الفروق جـ3/269.

45. الزرقا: المدخل الفقهي العام جـ1/524 .

46. الزرقا: المدخل الفقهي العام جـ1/524 يقول الإمام الكاساني العقد الباطل “ولا حكم لهذا البيع أصلاً، لان الحكم بوجود، ولا وجود لهذا البيع إلا من حيث الصورة “، البدائع جـ5/305 .

47. يقول ابن عابدين “لذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون الثمن ” جـ5/50 .

48. الزرقا: المدخل الفقهي العام جـ1/524 .

49. يقول السرخسي “أن هلاك المعقود عليه بعد العقد قبل القبض يبطل العقد” جـ13/170 والمقصود بالبطلان هو انفساخ العقد.

50. الزرقا : المدخل الفقهي العام جـ 1/524 .

51. السرخسي، المبسوط، ج13/25 ، ابن المرتضى: البحر الزخار جـ3/381 .

52. ابن عابدين، رد المحتار، ج5/ 92.

53. فلو تصرف المشتري فيما اشتراه في مدة الخيار لا ينفذ تصرفه، لأنه تصرف في ملك الغير، انظر الفتاوي الخانية، ج3/169، ابن عابدين، رد المحتار، ج7/281.

54. الكاساني، البدائع، ج5/ 300.

55. ابن عابدين، رد المحتار، ج5/92.

56. المرغيناني، الهداية مع فتح القدير، ج6/466، ابن نجم، البحر الرائق، ج6/103، ابن المرتضى: البحار ج3/384 .

57. علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 398.

58. الكاساني، البدائع، ج5/301

59. بشرط أن يكون الرد بقضاء القاضي، لأن الرد بالقضاء فسخ فيزول المانع. الحصكفي، الدر المختار مع شرح رد المحتار، ج7/231، الكمال بن الهمام، البحر الرائق، ج6/103.

60. المادة (24) من مجلة الأحكام العدلية . ملا خسرو: محمد بن فرموزا : درر الحكام شرح غرر الأحكام، دار الكتب العربية جـ1/411 .

61. علي حيدر، درر الحكام، ج1/35.

62. ابن عابدين، رد المحتار، ج7/28، الفتاوى الخانية ج2/169.

63. المادة 98 من المجلة.

64. علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 98.

65. الكاساني، البدائع، ج5/211.

66. كالإقالة.

67. الكمال بن الهمام، البحر الرائق، ج6/103.

68. الكاساني: البدائع جـ5/287 .

69. ابن عابدين، رد المحتار، ج5/92.

70. ذهب الحنفية إلى جواز رجوع الواهب في هبته ما لم يوجد مانع يمنع من ذلك، أما الصدقة بعد تسليمها للمتصدق عليه لا يجوز الرجوع فيها مطلقاً. ابن نجيم: البحر الرائق جـ6/284.

71. السرخسي، المبسوط، ج13/26.

72. العذر: هو كل ما لا يمكن معه من استيفاء المعقود عليه إلا بضرر في نفسه أو ماله، ابن عابدين، رد المحتار، ج6/81.

73. الكاساني، البدائع، ج5/301.

74. الكمال بن الهمام، فتح القدير، ج6/499.

75. السرخسي، المبسوط، ج13/26.

76. تنص المادة 588 من المجلة على أن: المستأجر بإجارة فاسدة إذا أجر ذلك المأجور لآخر بعد القبض بإجارة صحيحة جاز.

77. علي حيدر: درر الحكام، جـ1/438.

78. الوصية: هي تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريقة التبرع ، الكاساني البدائع، ج7/330.

79. الكاساني، البدائع، ج5/ 302.

80. الكاساني، البدائع، ج7/378.

81. الكمال بن الهمام، فتح القدير، ج6/ 254.

82. علي حيدر، درر الحكام، ج1/337 ، ابن المرتضى : البحر الزخار جـ 3/382 .

83. الكمال بن الهمام، البحر الرائق، ج6/104.

84. الكاساني، البدائع، ج5/302.

85. الكاساني، البدائع، ج5/302.

86. الفتاوي الخانية، ج2/ 169.

87. الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج2/ 703.

88. ابن نجم، الاشباه والنظائر، ص 212.

89. السنهوري، مصادر الحق، ج2/171.

90. المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ج1/ 178.

91. ابن عابدين، رد المحتار، ج7/303، الكاساني، البدائع، ج5/302.

92. الكاساني، البدائع، ج5/302.

93. الكاساني، البدائع، ج5/302.

94. لأنه يكون عندئذ قد رضي بالضرر، علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 338.

95. المرغيناني، الهداية مع شرحها فتح القدير، ج6/ 470.

96. ابن المرتضى: البحر الزخار جـ3/384 .

97. الكاساني، البدائع، ج5/304.

98. ذكر صاحب الإيضاح أن هذا هو قول أبي يوسف الأول، وقوله الآخر كقول أبي حنيفة،البابرتي: العناية شرح الهداية، ج6/ 471.

99. المرغيناني، الهداية مع فتح القدير، ج6/ 471.

100. علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 398.

101. الكاساني، البدائع، ج5/ 304.

102. ابن عابدين، رد المحتار، ج5/ 100.

103. الكاساني، البدائع، ج5/ 304، ابن عابدين، رد المحتار، ج7/303.

104. الكاساني، البدائع، ج5/

105. علي حيدر، درر الحكام، ج1/339.

106. ولو ارتفع النقص وزال العيب، فإن المشتري يرجع على البائع بما دفع، ابن عابدين، رد المحتار، ج5/100.

107. الكاساني: البدائع جـ5/239 .

108. ابن عابدين، رد المحتار، ج7/ 303.

109. ابن المرتضى: البحر الزخار ج3/382 .

110. ابن نجيم: البحر الرائق، جـ6/105.

111. الكمال بن الهمام: فتح القدير، جـ61/469.

112. السرخسي، المبسوط، جـ11/52.

113. السرخسي، المبسوط، ج 13/26.

114. الكمال بن الهمام، فتح القدير، ج6/488.

115. علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 3

116. ابن المرتضى: البحر الزخار جـ3/382

117. يقول السرخسي، “المقبوض بعقد فاسد يجب رد عينه في حال قيامه، وقيمته بعد هلاكه”، المبسوط ج13/31.

118. السرخسي، المبسوط، ج11/96، الكاساني، البدائع، ج7/102.

119. الكمال بن الهمام، فتح القدير، ج6/499.

120. علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 339.

121. د. ياسين الجبوري: المبسوط في شرح القانون المدني الأردني ط1، دار وائل، عمان 2002جـ1/201.

122. انظر المادة 171.

123. انظر المادة 161.

124. د. نوري خاطر: شرح القانون المدني ص215 .

125. انظر المادة 640.

126. هذا والدعوة إلى الاستفادة من نظرية العقد الفاسد قديمة سابقة على وجود القانون المدني الأردني، دعا إليها الكثير من علماء القانون نظراً لدورها الكبير في الاستجابة لمتطلبات الأوضاع الاقتصادية الجديدة وممن دعا إلى ذلك د. عبد المنعم فرج الصدة إذ يقول: “نعتقد أن العقد الفاسد يجب أن يأخذ مكانه اليوم في القانون أبو صفي نظراً إلى أنه يستجيب لحاجة ملحة في التعامل، فهذه الصناعة الفقهية المحكمة التي انفرد بها المذهب الحنفي يحسن أن نفيد منها” دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في المعاملات المالية ص150 إصدار مهد البحوث والدراسات العربية في جامعة الدول العربية 1970.

127. المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني ط2 مطبعة التوفيق 185 جـ1/170.

128. المذكرات الإيضاحية حـ1/17.

129. د. ياسين السرطاوي: شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني، ص125.

130. الكاساني: البدائع حـ2/235.

131. د. محمود السرطاوي: شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني ص 125.

132. وهو قول جمهور الحنفية وخالفهم في ذلك الإمام زفر، فقد ذهب إلى أن مهر المثل هو الواجب في الحالتين، انظر الكاساني: البدائع جـ2/235.

133. الكاساني : البدائع حـ2/235 .

134. الكاساني : بدائع الصنائع جـ6/459 .

135. علي حيدر، درر الحكام، ج1/ 398.

136. وهذا ما ذهب إليه المرحوم مصطفى الزرقا وهو اجتهاد سليم يحقق العدالة، انظر المدخل الفقهي العام جـ2/700 .

المراجـع :

1. الاسنوي، جمال الدين: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، تحقيق د. محمد حسن هيتو ط3، مؤسسة الرسالة بيروت 1984م.

2. ابن حزم، محمد بن علي: المحلى بالآثار، دار الآفاق الجديدة بدون تاريخ ط1 بيروت دار الكتب العلمية 1985م.

3. ابن قدامه، موفق الدين: روضة الناظر وجنة المناظر، دار المطبوعات الدولية بيروت.

4. ابن عابدين، محمد أمين: رد المحتار على الدر المختار، ط3، دار الفكر بيروت 1979م.

5. ابن المرتضى، زين العابدين: البحر الزخار، دار الحكمة اليمانية، صنعاء 1947م.

6. ابن نجيم، زين العابدين: الأشباه والنظائر، دار الكتب العلمية 1985م.

7. ابن نجيـم، زين العابدين: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط2 دار الكتاب.

8. ابن الهمام، كمال الدين: شرح فتح القدير ط2، دار الفكر بيروت بدون تاريخ.

9. التفتازاني، سعد الدين بن مسعود: شرح التلويح على التوضيح، بيروت دار الكتب العلمية.

10. د. الجبوري، ياسين: المبسوط في شرح القانون المدني الأردني، ط1، دار وائل عمان 2002.

11. الدردير ، أبو البركات: الشرح الكبير مطبوع مع حاشية الدسوقي مطبعة البابي الحلبي بدون تاريخ.

12. الزرقـاء مصطفى احمد: المدخل الفقهي العام الطبعة 10، دار الفكر ،بيروت بدون تاريخ.

13. السرخسي، سمش الدين: المبسوط، دار المعرفة، بيروت بدون تاريخ.

14. السرطاوي، محمود: شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني، ط2، دار العددي عمان 1981م.

15. السنهوري، عبد الرزاق: مصادر الحق في الفقه الإسلامي، بيروت دار إحياء التراث العربي دون تاريخ.

16. السيوطي، جلال الدين: الأشباه والنظائر ط1، دار الكتب العلمية بيروت 1983.

17. الصدة، عبد المنعم فرح: دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في المعاملات المالية، إصدار مهد البحوث والدراسات العربية في جامعة الدول العربية 1970م.

18. القرافي، أحمد بن إدريس، الفروق عالم الكتب، بيروت.

19. الكاساني علاء الدين: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ط2 دار الكتاب العربي بيروت 1982م.

20. د. محمصاني، صبحي: النظرية العامة للموجبات والعقود، ط2، دار العلم للملايين بيروت 1972.

21. المرغيناني، علي بن أبي بكر: الهداية شرح بداية المبتدئ مع شرحها فتح القدير، ط2/ دار الفكر بدون تاريخ.

22. العالمكري: الفتاوى الهندية ط4 دار إحياء التراث العربي، بيروت بدون التاريخ.

23. المذكرات الإيضاحية للقانون المدني، ط2 مطبعة التوفيق 1985م