مناقشة قانونية لاساليب الطعن في التشريع المغربي

تظل طرق الطعن العادية الملاذ القانوني المشروع الذي يلجأ إليه المحكوم عليهم لبسط نزاعهم من جديد أمام القضاء في محاولة منهم لتدارك ما فاتهم أمام محكمة الحكم المطعون أو لتقديم وثائق و دفوعات.

و بالجملة فإن مسيرة العمل القضائي و ما يعرفه من تجديد أو تطورات يحكمها ما يسفر عنه إنتاج محاكم الطعن بالذات وعلى مواقفها تتوقف الحماية القضائية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها للمجتمع و المواطن.

و لما كان الهدف الأسمى الذي ترمي إليه جل التشريعات و القوانين هو تحقيق العدالة والإنصاف و ضمان احترام المتقاضين لمؤسسة القضاء فإن المشرع المغربي و على غرار باقي التشريعات الحديثة أوجد عدة وسائل كفيلة لتحقيق هذا الهدف ومن هذه الوسائل طبعا طرق الطعن في الأحكام .

ويقصد بطرق الطعن الوسائل التي من خلالها يمكن للأفراد الدفاع عن حقوقهم أمام القضاء إذ بموجبها يمكنهم المطالبة بمراجعة الأحكام الصادرة عن المحاكم الدنيا أمام محاكم أعلى درجة أو بمراجعة المحاكم للأحكام التي سبق أن أصدرتها ضدهم.

و تنقسم طرق الطعن إلى طرق طعن عادية و أخرى غير عادية لكننا في هده الدراسة سنقتصر على النوع الأول و المتمثل في التعرض و الاستئناف.
غير أن التساؤل الجوهري الذي يطرح نفسه بإلحاح هو مدى التكامل والازدواجية في النظام القانوني لطرق الطعن العادية في كل من قانون المسطرة المدنية وقانون المحاكم الإدارية وقانون محاكم الاستئناف الإدارية؟

و هذا ما سنحاول بسطه ومناقشته و فق الخطة التالية

الفصل الأول: الطعن بالتعرض
الفصل الثاني: الطعن بالاستئناف

الفصل الأول:
الطعن بالتعرض

التعرض هو طريق عادي للطعن في الأحكام الغيابية يتقدم به المحكوم عليه الذي لم يدافع عن حقوقه أمام المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه، وذلك ليطلب منها إعادة النظر في حكمها على ضوء دفوعه ومطالبه المضمنة بمقال التعرض. وبذلك فإن البحث في هذا الموضوع يقتضي منا بيان الأحكام التي تقبل التعرض وميعاده، وإجراءات رفعه ، وآثاره.

المبحث الأول: التعرض و إجراءاته المسطرية:

سنتناول في الفقرة الأولى مجال التعرض و في الفقرة الثانية الإجراءات المسطرية.

المطلب الأول: مجال تطبيق التعرض

أولا: التعرض في قانون المسطرة المدنية

يعتبر التعرض من بين طرق الطعن العادية الذي منحه المشرع للمحكوم عليه غيابيا، قصد إتاحة الفرصة أمام المدعى عليه المتغيب إبداء دفوعاته و شرح وجهة نظره في النزاع.

و ينص الفصل 130 من قانون المسطرة المدنية على أنه:

” يجوز التعرض على الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة الابتدائية إذا لم تكن قابلة للاستئناف…”

و هذا بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية، أما الأحكام الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف و القابلة للتعرض فقد نص عليها الفصل 352 من قانون المسطرة المدنية، إذ أحال على نفس المقتضيات المنظمة للتعرض في الفصول من 130 إلى 133 من القانون المذكور. وعليه فإن الأحكام التي تقبل التعرض هي الأحكام الصادرة غيابيا بشرط أن تكون غير قابلة للاستئناف.

1- أن يكون الحكم غيابيا:

لقد ورد في مقتضيات الفصل 47 من ق.م.م أن الحكم الغيابي يصدر على المدعى عليه الذي لم يحضر رغم استدعائه طبقا للقانون.

و ينبغي التمييز في الحكم الغيابي بين الذي انبنى على عدم حضور المدعى عليه أمام المحكمة، و بين عدم تقديمه لمذكرات دفاعه للمحكمة، فبالنسبة للحالة الأولى يتحقق الغياب بتخلف المدعى عليه شخصيا لأن المسطرة شفوية, أما بالنسبة للحالة الثانية، فلا يتحقق الغياب أو الحضور بغياب الشخص أو حضوره، و إنما بتقديم المذكرات التي تعبر عن حضوره، و هذا بالنسبة للمسطرة الكتابية.

و لذلك تطرح لنا إشكالية ما هو الوصف المعتبر للحكم ؟ و هل يتوقف وصف الحكم على الطبيعة الغيابية أو الحضورية له ؟
و في هذا الصدد، أكد قرار المجلس الأعلى ، على أنه لا تتوقف الطبيعة الغيابية أو الحضورية على الوصف الذي قررته المحكمة، و إنما على الحكم نفسه، و الذي جاء فيه:” لكن حيث أن الطبيعة الغيابية أو الحضورية للحكم لا تتوقف على وصف المحكمة له ولكن على طبيعة الحكم نفسه، فإذا أخطأ القاضي في وصفه للحكم فإن ذلك لا يترتب عنه بطلان الحكم المذكور، و لكن يفتح المجال أمام المعني بالأمر للطعن فيه حسب وصفه الحقيقي”.

2- أن يكون الحكم غير قابل للاستئناف:

و لتحديد قابلية الحكم للتعرض لابد من أن يكون الحكم غير قابل للاستئناف، و هي الأحكام التي تبث فيها المحكمة الابتدائية في حدود نصابها الانتهائي المحدد في مبلغ ثلاثة ألاف درهم وفق ما يقضي به الفصل 19 من قانون المسطرة المدنية، أما الأحكام التي تتجاوز قيمة موضوعها هذا المبلغ فلا تقبل التعرض كما لا تقبل الطعن، كذلك تلك التي لا تكون فيها قيمة النزاع محددة ولو صدرت غيابية.

مع أن القاعدة أن تخضع الأحكام الغيابية للتعرض، فإن المشرع اوجد بعض الاستثناءات منها:

– الأحكام الصادرة عن القضاء الاستعجالي حسب الفصل 153 من ق.م.م
– القرارات الغيابية الصادرة عن المجلس الأعلى حسب الفصل 378 من ق.م.م
– الحكم الذي صدر على المتعرض غيابيا للمرة الثانية الفصل 133 من ق.م.م
– الأحكام غير الانتهائية الصادرة عن المحاكم الابتدائية ف 130 من ق.م.م.

ثانيا: التعرض في قانون المحاكم الإدارية وقانون محاكم الاستئناف الادارية

يظهر ادن مما سبق أن التعرض يخضع لشرطين:

ـ أن يكون الحكم غيابيا؛
ـ أن لا يكون الحكم قابلا للاستئناف.

انطلاقا من هذين الشرطين وبالرجوع إلى القانون 90. 41 المتعلق بإحداث محاكم إدارية، ورغم أن المادة 7 منه تحيل على المسطرة المدنية فيما يخص القواعد المطبقة أمامها غير أنه بالرجوع إلى المادة 45 من نفس القانون و التي جاء فيها:” تستأنف أحكام المحاكم الإدارية أمام المجلس الأعلى ( الغرفة الإدارية) …” ، يتبين أن الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم تكون دائما قابلة للاستئناف أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ،وبالتالي فهذا يؤكد أن الطعن بالتعرض لا يمكن ممارسته أمام المحاكم الإدارية ، لان أحكام المحاكم الإدارية تكون دائما قابلة للاستئناف أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى،كما أن القرارات القياسية الصادرة عن هذا الأخير لا تقبل التعرض بالاستناد إلى الفصل 378 من قانون المسطرة المدنية .

لكن الأمر تغير بعد صدور القانون رقم 03 .80 المتعلق بإحداث محاكم الاستئناف الإدارية الذي جاء بنص صريح يبيح التعرض ضد القرارات الصادرة عن هذه المحاكم ، وذلك في مادته 14 والتي ورد فيها” القرارات الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف تقبل التعرض” ،وبالتالي فهذا تأكيد صريح من قبل المشرع على جواز التعرض ضد قرارات محاكم الاستئناف الإدارية.

ويخضع التعرض أمام محاكم الاستئناف الإدارية لنفس المقتضيات التي تخص التعرض في ق.م.م ،وذلك سواء فيما يخص إجراءات التعرض أو آثاره وذلك بموجب المادة15 من 03 ـ80 .

المطلب الثاني:
وحدة الإجراءات المسطرية للتعرض بين ق.م.م و قانون حاكم الاستئناف الإدارية

للتعرض إجراءات مسطريه لابد من الالتزام بها و هي: الأجل و المقال و كيفية تبليغه .وهذه الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، هي التي تطبق فيما يخص التعرض ضد قرارات الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية ودلك بصريح نص المادة 15 من القانون 03 ـ 80.فما هي هذه الإجراءات المسطرية؟

أولا:أجل التعرض

يحدد أجل التعرض في المسطرة المدنية داخل أجل عشرة أيام من التبليغ القانوني، وهذا ما ينص عليه الفصل 130 من قانون المسطرة المدنية و الذي جاء فيه:
” … و ذلك في أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ الواقع طبقاً لمقتضيات الفصل 54.

يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء الأجل المذكور يسقط حقه في التعرض”.

و بذلك لا يبدأ أجل التعرض بالسريان إلا ابتداء من تاريخ التبليغ بالحكم أو القرار القضائي، و هذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار جاء فيه: ” آجال الطعون لا تسري إلا بناء على تبليغ قانوني صحيح و لا يقوم مقام هذا التبليغ سلوك الطاعن مسطرة إعادة النظر إذا المعتبر هو الإعلام لا العلم”.

لتبليغ الطرف المعني بالأمر لابد من التنبيه في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء الأجل المذكور يسقط حقه في التعرض حسب مقتضيات الفصل 130 و في حالة عدم الإشارة إلى هذا المقتضى في وثيقة التبليغ، فما هو الجزاء المترتب على ذلك؟

فبالرجوع إلى النصوص القانونية المتعلقة بالمسطرة المدنية فإننا نجد فراغ تشريعي، وفي هذا الصدد أكد المجلس الأعلى على أن تنبيه المتعرض إجراء من النظام العام يؤدي الإخلال به إلى بطلان التبليغ، و لا ينتج أثره في مواجهة المتعرض و الذي بقي أجل التعرض مفتوح أمامه و لو انقضى أكثر من عشرة أيام على وقوع التبليغ.

ثانيا:مقال التعرض و كيفية تبليغه.

يخضع مقال التعرض لنفس القواعد المتعلقة بالمقال الافتتاحي للدعوى و يرفع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المتعرض عليه بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف المتعرض أو وكيله و إما بواسطة تصريح المتعرض أمام أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين والذي يسجله في محضر عادي و يوقعه المتعرض وذلك وفقا لمقتضيات الفصل 131 الذي أحالنا على الفصل 31 و يلاحظ أن المشرع أحال على الفصل 31 دون الفصل 32 مما يوضح أن التعرض على الأحكام الغيابية لا تشترط فيه شكليات خاصة كما تشترط في المقال و ذلك بالنسبة لبيان أسباب التعرض.

و إذا تعدد المدعى عليهم، وجب إرفاق المقال بعدد النسخ المعادل لعدد المدعى عليهم، و يترتب عن عدم الالتزام بهذا الإجراء عدم قبول الطلب و إن كان المشرع لا ينص صراحة على ذلك .

و يودع المقال بكتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي، ليسجل في سجل خاص حسب وصوله و تاريخه مع بيان أسماء الأطراف و كذا تاريخ الاستدعاءات ثم يطبع عليه وعلى الأوراق التي تصاحبه بطابع يشير إلى تاريخ وصوله.

و يلزم أداء الرسوم القضائية المفروضة على تقديم التعرض و مبلغها خمسون درهما أمام المحكمة الابتدائية و مائة درهم أمام محكمة الاستئناف و إلا عد التعرض غير مقبول.

و يتم تبليغ التعرض بنفس الطرق المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39 من قانون المسطرة المدنية، إذ يوجه إما بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو أحد المفوضين القضائيين، أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو بالطريقة الإدارية ويسلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه وينبغي أن يتم التسليم في غلاف مختوم لا يحمل إلا الاسم الشخصي و العائلي و عنوان سكن الطرف و تاريخ التبليغ متبوعا بتوقيع العون و طابع المحكمة.

المبحث الثاني:
أثار الطعن بالتعرض

ينص الفصل 132 من قانون المسطرة المدنية المعدل بظهير 10 /09 /1993 على أنه يوقف التعرض التنفيذ مالم يؤمر بغير ذلك في الحكم الغيابي و في هذه الحالة فإذا كان الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل قدم المحكوم عليه طلب بإيقاف التنفيذ تبث فيه غرفة المشورة طبقا للمقتضيات الفصل 147.

للتعرض الواقع بصفة صحيحة أثران هما: وقف الحكم الصادر غيابيا إلا إذا كان مأمورا بغير ذلك في الحكم الغيابي المطعون فيه و فتح باب المناقشات بنقل النزاع من جديد إلى نفس المحكمة التي قضت فيه غيابيا.

المطلب الأول:
الأثر الموقف

نصت المادة 132 من قانون المسطرة المدنية على انه” يوقف التعرض التنفيذ ما لم يأمر بغير ذلك في الحكم الغيابي…”، وبناء عليه فإذا شرع في عمليات التنفيذ قبل رفع التعرض؛ فيتعين إيقافها متى ثبت أن المحكوم عليه قد تقدم بتعرضه.

ويرى بعض الباحثين في هذا الإطار أن اثر وقف التنفيذ لا يمتد إلى إجراءات التنفيذ المؤقتة التي يمكن اتخاذها في أي وقت. بينما يرى اتجاه آخر عكس هذا إذ يعتبر بداية أن المشرع لم يميز بين الإجراءات المؤقتة والإجراءات المستمرة أو الدائمة، بدليل انه جعل وقف التنفيذ الناتج عن التعرض مطلقا، ونحن نساير هذا الاتجاه الثاني لأن تنفيذ الحكم تحقيق لما قضى به، وما دمنا نتكلم عن التعرض فالمفروض أن الأمر يتعلق بحكم صادر في جوهر النزاع، وتحقيق ما قضى به هذا الحكم لا يمكن التمييز فيه بين المؤقت وغير المؤقت.ولذلك فإن إيقاف التنفيذ كأثر من آثار التعرض يجب أن يتم بالنسبة للحكم المتعرض عليه بصورة شاملة ومطلقة
إلا أن هذا الإيقاف لا يتم إذا تعلق الأمر بحكم مشمول بالتنفيذ المعجل، لأن التعرض في هذه الحالة لا يوقف التنفيذ من تلقاء نفسه وإنما يجب في هذه الحالة على الطاعن أن يقدم طلبا مستقلا لإيقاف التنفيذ المعجل إذا أراد ذلك وفقا لمقتضيات المادة 147 من قانون المسطرة المدنية حيث تبت المحكمة مسبقا في هذا الطلب في غرفة المشورة وفقا لما أوضحته المادة 132 السابق الإشارة إليها.

المطلب الثاني:
الأثر الناشر

لم يشر المشرع لهذا الأثر لا في نصوص المسطرة القديمة و لا في نصوص المسطرة الحالية بصريع العبارة، و مع ذلك فان الفقه المغربي يرى أن التعرض يفتح باب المناقشات من جديد و ينقل النزاع إلى محكمة الطعن بجميع ما يتضمنه من عناصر قانونية و موضوعية و هو ما يسمح للمعترض بتقديم جميع حججه كما يسمح للمعترض ضده أن يغير طلباته الأصلية أو يقدم طلبات جديدة.

وهو نفس ما دهب إليه المشرع بطريقة غير مباشرة إذ اعتبر أن التعرض يثير خصومة جديدة من مقتضاها بقاء الحكم المتعرض عليه قائما منتجا لآثاره، وذلك ما يمكن استنتاجه من خلا قراءة المادة 132 من ق.م.م التي نصت على إيقاف التعرض تنفيذ الحكم الغيابي تكون قد اعتبرته لا زال قائما؛ كما أنها بإقرارها إمكانية تقديم طلب إيقاف التنفيذ في حالة شمول الحكم الغيابي بالنفاذ المعجل،وهو ما يؤكد على استقلال الخصومة الناشئة عن التعرض عن الخصومة الأصلية
كما أن محكمة التعرض و تبعا للأثر الناشر للتعرض تتمتع بكامل السلطات التي تتمتع بها محمكة الأساس من حيث اتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي تراها مفيدة للفصل في النزاع.

كما تشير المادة 133 من قانون المسطرة المدنية إلى انه لا يقبل تعرض جديد من الشخص المعترض الذي حكم عليه غيابيا مرة ثانية على انه يبقى له ممارسة باقي طرق الطعن التي قد يكون الحكم قابلا لها.

الفصل الثاني:
الطعن بالاستئناف

نظام التقاضي في المغرب مبدئيا على درجتين، وهذا يعني أن الدعوى ترفع في البداية أمام محكمة الدرجة الأولى وهي إما المحكمة الابتدائية أو التجارية أو الإدارية؛وحينما تصدر هذه الأخيرة حكمها يمكن للمحكوم عليه أن يتظلم من الحكم الصادر أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة الأولى وهي محكمة الاستئناف بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية،أو محكمة الاستئناف التجارية بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية ،أو محكمة الاستئناف الإدارية بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية،حيث إن الاستئناف يطرح النزاع أمام هذه المحاكم من جديد لتفصل فيه بحكم نهائي حائز من حيث المبدأ لقوة الأمر المقضي به

يعتبر الاستئناف من طرق الطعن العادية، نظمه المشرع في الفصول من 134 إلى 146 من قانون المسطرة المدنية.

وللاستئناف مسطرة يتعين احترامها والالتزام بها وآثار تترتب عنه. وهذا ما سنحاول التطرق إليه .

المبحث الأول:
الاستئناف مسطرته و آثاره.

رغم أخد المشرع بنظام التقاضي على درجتين إلا أنه توجد بعض الاستثناءات الخاصة التي ألغى بمقتضاها المشرع الدرجة الثانية لبعض القضايا، حيث لم يجز الطعن فيها بالاستئناف، بل جعل الفصل فيها يقر لمحكمة الدرجة الأولى نهائيا، ومن تم فإن البحث في هذا المجال يقتضي منا بداية البحث في الأحكام التي تقبل الطعن بالاستئناف عن غيرها التي لا تقبل ذلك لنحدد من خلال ذلك وجه الخلاف بين الأحكام التي تقبل الاستئناف في والغير قابلة لذلك في ق.م.م و قانون المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية.لنتعرض بعدها لإجراءات وميعاد الطعن بالاستئناف.

المطلب الأول:
الأحكام التي تقبل الاستئناف.

ليس كل الأحكام الصادرة عن المحاكم تقبل الاستئناف ، فهذه الأخيرة هي مبدئيا أحكام الدرجة الأولى، والأمر يختلف بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية.أما بالنسبة لأحكام محاكم الاستئناف بجميع أنواعها فهي لا تقبل الاستئناف لكونها صادرة عن محاكم تصدر أحكاما نهائية.

أولا: مجال تطبيق الاستئناف في قانون المسطرة المدنية.

بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 134 من ق.م.م نجده ينص على أن ” استعمال الطعن بالاستئناف حق في جميع الأحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك”، فهذا الفصل جاء بقاعدة عامة مفادها، إمكانية الطعن في كل حكم صادر عن المحكمة الابتدائية متى صدر في حدود اختصاصها الابتدائي المحلي والنوعي، إذن يمكن تصنيف الأحكام القابلة للاستئناف كالتالي:

-الأحكام التي تتجاوز قيمة النزاع فيها ثلاثة آلاف درهم، إلا أنه يجب مراعاة ما يلي، العبرة في قيمة الدعوى بطلبات الخصوم لا بما يحكم به القاضي، وكذلك أن العبرة بالطلبات الختامية التي يتقدم بها المدعي ، وفي حالة تقدم المدعى عليه بطلبات مقابلة فإذا كان كل من الطلب الأصلي والطلب المقابل يدخل في حدود الاختصاص الإنتهائي للمحكمة فإن هذه الأخيرة تحكم انتهائيا بالنسبة لجميع الطلبات، وعلى العكس من ذلك إذا كان أحد هذه الطلبات لا يجوز الفصل فيه إلا ابتدائيا، فإن الحكم الفاصل في جميع الطلبات يكون قابلا للاستئناف. كذلك عند تقديم طلبات من عدة مدعين أو ضد عدة مدعى عليهم مجتمعين وبموجب سند مشترك حتى يكون الحكم قابلا للاستئناف يجب أن يكون نصيب أحدهم يتجاوز مبلغ ثلاثة آلاف درهم .
– الأحكام التي لا يمكن تحديد أو تقدير قيمة النزاع فيها كالالتزام بعمل أو الالتزام بالامتناع عن عمل كمن يطلب هدم بناء أو تسليم عين…
– الأحكام التمهيدية شرطا استئنافها في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع وضمن نفس الآجال ، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في مجموعة من القرارات الصادرة عنه ومنها: ” وحيث أن الحكم المطعون فيه كان خارقا لمقتضيات الفصل 140 من ق.م.م حينما قبل استئناف الحكم الابتدائي الذي لم يكن إلا حكما تمهيديا غير فاصل في جوهر الدعوى” كذلك: ” لا يقبل استئناف الأحكام التمهيدية إلا في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع” .
– الأوامر المبنية على طلب التي يصدرها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه غير أن استئناف هذه الأوامر لا يكون إلا في حالة الرفض، وهذا ما يتضح من قراءة الفقرة 2 من الفصل 148 الذي يقضي بأنه: ” يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للاستئناف داخل خمسة عشر يوما من النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال توجيه إنذار ويرفع هذا الاستئناف أمام محكمة الاستئناف”.
-الأحكام التأويلية أو التفسيرية التي تصدرها المحكمة لتفسير حكم معين و لا يمكن استئناف هده الأحكام إلا إدا كانت الأحكام موضوع التأويل نفسها قابلة للاستئناف.
– الأحكام الصادرة في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية والمعاشات الممنوحة في نطاق الضمان الاجتماعي (الفصل 21 من ق.م.م).
وإذا كانت القاعدة كما أشرنا إلى ذلك سابقا أن تخضع كل الأحكام للطعن بالاستئناف فإن هناك بعض الاستثناءات الواردة على ذلك نوجزها فيما يلي:
– الأحكام التي لا تتجاوز قيمة النزاع فيها ثلاثة آلاف درهم.
– الأحكام الصادرة في إطار الفقرة الأولى من الفصل 21 حيث ” يبث القاضي في القضايا الاجتماعية انتهائيا في حدود الاختصاص المخول إلى المحاكم الابتدائية والمحددة بمقتضى الفصل 19″
– الأحكام الصادرة في إطار الفقرة الثانية من نفس الفصل، إذ تبث المحكمة انتهائيا في النزاعات الناشئة عن تطبيق الغرامات التهديدية المقررة في التشريع الخاص بالتفويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ولو كان مبلغ الطلب فيها غير محدد.
– الأحكام التي انقض ميعاد استئنافها دون الطعن فيها .
– أحكام المحكمين وفقا للفصل 34-327،إلا أن الملاحظ أن هده الأحكام يمكن أن تكون مشمولة بالنفاد المعجل طبقا للفصل 26-327 ،و نحن نعلم أن جعل الحكم مشمولا بالنفاد المعجل يجب أن يكون الحكم قابلا للطعن فيه بالطرق العادية (التعرض و الإستئناف) وهو الشيء الذي لا يمكن القيام به في أحكام المحكمين.
– لا يقبل الطعن بالاستئناف من المحكوم عليه الذي قبل الحكم بصفة صريحة أو ضمنية .

ثانيا :ازدواجية الجهة الاستئناف في قانون المحاكم الإدارية.

تقبل كل الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية الاستئناف عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للأحكام الصادرة عن باقي المحاكم،وهذا بالاستناد إلى المادة 8 من القانون 90ـ 41 المتعلق بإحداث محاكم إدارية ،حيث انه بقراءة هذه المادة يتبين أن الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم تكون دائما قابلة للاستئناف.
إلا أنه يجب في هذا الإطار التفرقة بين جهتين قضائيتين تستأنف أمامهما هذه الأحكام، ويتعلق الأمر بمحاكم الاستئناف الإدارية والمجلس الأعلى.

أ) – اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية كجهة استئنافية:

بالاستناد إلى المادة 5 من قانون 03ـ80 المتعلق بمحاكم الاستئناف الإدارية ،نجد أن من اختصاصات محاكم الاستئناف الإدارية النظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية واستئناف القرارات الصادرة عن رئيس المحكمة الإدارية برفض منح المساعدة القضائية والنظر في أوامر رؤساء المحاكم الإدارية والنظر كدرجة استئنافية ونهائية في المادة الانتخابية ومادة فحص الشرعية.

ـ النظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية:
قبل إحداث محاكم الاستئناف الإدارية كان المجلس الأعلى هو صاحب هذا الاختصاص وذلك بصفته درجة استئنافية،وكذا تلقيه طلبات الطعن بسبب تجاوز السلطة بصفته درجة استئنافية إضافة إلى اختصاصات أخرى.لكن بعد إحداث محاكم الاستئناف الإدارية أصبح الاختصاص يرجع إلى هذه الأخيرة للبث في استئناف أحكام المحاكم الإدارية، وذلك حسب ما هو وارد في المادة 5 من القانون 03ـ80 المتعلق بإحداث محاكم الاستئناف الإدارية ،وذلك بعدما نسخ هذا الأخير المقتضيات المخالفة له وخاصة المواد 45ـ 46ـ47 ـ48 من القانون رقم 90 ـ41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية .

وبدلك فالاختصاص المتعلق باستئناف أحكام المحاكم الإدارية تم إسناده إلى محاكم الاستئناف الإدارية ما عدا اختصاصين تم تركهما للمجلس الأعلى .

ـ استئناف القرارات الصادرة عن رئيس المحكمة الإدارية برفض منح المساعدة القضائية:

ذلك انه بالاستناد إلى المادة 3 من القانون 90ـ41 فإن اختصاص منح المساعدة القضائية قد أوكل لرئيس المحكمة الإدارية، وكدا لرئيس محكمة الاستئناف الإدارية وذلك حسب ما هو منصوص عليه في المادة 7 من القانون رقم 03ـ80.وبالتالي حسب المادة 8 من قانون محاكم استئناف الإدارية فانه يتم استئناف القرارات الصادرة عن رئيس المحكمة الإدارية برفض منح المساعدة القضائية أمام محكمة الاستئناف الإدارية.لكن ما يلاحظ هنا هو سكوت القانون عن طرح إمكانية استئناف القرارات الصادرة عن رئيس محكمة الاستئناف الإدارية،وهذا …

ـ النظر كدرجة استئنافية في المادة الانتخابية ومادة فحص الشرعية:
حسب المادة 16 من القانون رقم 03ـ80 فإن محاكم الاستئناف الإدارية أصبحت تنظر كدرجة استئنافية ونهائية في المادة الانتخابية مادة فحص الشرعية، وذلك بعد أن استثنت المادة المذكورة هذين الاختصاصين من نظر المجلس الأعلى كدرجة نقض ،وهذا ما جعل بعض الباحثين يعيب على المشرع هذا التقليص كونه جعل من قضاء المنازعات الانتخابية قضاء غير مكتمل على مستوى هيكلته .

غير أنه بتغيير مدونة الانتخابات بمقتضى القانون 08 ـ 36 وخصوصا الفقرة الأخيرة من المادة 73 أصبح بالإمكان الطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى،فيما يخص القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية في المادة الانتخابية .

ب )– اختصاص المجلس الأعلى كمحكمة استئناف.

يتعلق الأمر هنا باستثناءين وقعا على اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية احتفظ بهما للمجلس الأعلى،ويتعلق الأمر ب:

ـ استئناف الأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي التي يختص بها المجلس الأعلى كدرجة استئنافية :

وذلك ما يمكن استنتاجه بعد قراءة المادة 13 من قانون رقم 90 ـ41 في فقرتها الثانية التي ورد فيها ” وللأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها أمام المجلس الأعلى…”، حيث أن هذه المادة بقيت سارية المفعول حتى بعد إحداث محاكم استئناف إدارية، وذلك بعد إحالة المادة 12 من القانون رقم 03 ـ80 على المادة 13 السالفة الذكر، والتي ورد فيها:”تبقى مقتضيات المادة 13 من القانون رقم 90 ـ41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية سارية المفعول في شأن استئناف الأحكام الصادرة في موضوع الاختصاص النوعي…”، إلا أن هناك جانب من الباحثين يرى ضرورة تحويل هذا الاختصاص وإسناده إلى محكمة الاستئناف الإدارية في قضايا الدفع بعدم الاختصاص النوعي كدرجة استئنافية وأن يبث فيها المجلس الأعلى باعتباره جهة نقض .

ـ اختصاص المجلس الأعلى بالنظر في القضايا المرفوعة أمامه قبل دخول قانون رقم 03 ـ 80 حيز التنفيذ :

وذلك بعد نشر المرسوم التطبيقي للقانون المذكور في الجريدة الرسمية، وذلك بالاستناد إلى المادة 19 من نفس القانون التي ورد فيها بأنه “يبقى البث من اختصاص المجلس الأعلى بوصفه جهة استئنافية في القضايا المسجلة أمامه قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وتكون القرارات الصادرة في هذا الشأن غير قابلة للطعن بالنقض”. وبهذا فان هذه المادة تجعل المجلس الأعلى يبقى مختصا في القضايا المسجلة أمامه قبل دخول قانون محاكم الاستئناف الإدارية حيز التنفيذ وذلك بصفته درجة استئنافية وليس درجة نقض .

المطلب الثاني :
ميعاد الطعن بالاستئناف وإجراءاته

أولا :ميعاد الاستئناف

أ)ـ ميعاد الطعن بالإستئناف في ق.م.م

حدد قانون المسطرة المدنية ميعاد الطعن بالاستئناف في أحكام المحاكم الابتدائية في مدة ثلاثين يوما تبدأ من تاريخ تبليغ الحكم للشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو المختار، وإما من تاريخ تبليغ الحكم في الجلسة إذا كان ذلك قد تم حسب الشروط الواردة في الفقرة الثامنة من الفصل 50 من ق.م.م .

وأجل الاستئناف على غرار باقي الآجال الأخرى المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية يعتبر من الآجال الكاملة التي لا يدخل في حسابها يوم التبليغ ولا اليوم الذي ينتهي فيه الميعاد، فإذا صادف آخر يوم في الأجل يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده – الفصل 512 ق.م.م.

وإذا كان أجل ثلاثين يوما الوارد في الفقرة الثانية من الفصل 134 ق.م.م لممارسة حق الطعن بالاستئناف هو القاعدة العامة، فإنه يستثنى منها ما ورد في شأنه نص خاص كما في الحالات الآتية:

أولا : الأوامر الاستعجالية الصادرة طبقا لنص الفصل 149 ق.م.م أجل استئنافها خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ تبليغ الأمر، أو من وقت التبليغ الشفوي الواقع الجلسة عند النطق بالأمر بحضور الأطراف – الفقرة الأخيرة من الفصل 153 ق.م.م.

ثانيا : الأوامر الصادرة بناء على طلب طبقا للفصل 148 ق.م.م في حالة رفضها يكون استئنافها خلال خمسة عشر يوما من يوم النطق بها، باستثناء الأمر بإثبات حالة أو توجيه إنذار.

ثالثا: أجل استئناف أوامر الأداء، هو 8 أيام فقط – الفصل 161 ق.م.م.

رابعا: الأحكام الصادرة في قضايا الأسرة اجل إستئنافها خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ-الفصل 134ق.م.م.

خامسا:تضاعف الآجال ثلاث مرات لمصلحة الأطراف اللذين ليس لهم موطن ولا محل إقامة في المغرب – الفصل 136 ق.م.م .

والملاحظة التي يمكن إبداءها في هدا الصدد اختلاف آجال استئناف الأحكام مما يضع المتقاضي أمام إشكالية ضبط ميعاد الطعن باللإستئناف بدقة.

يتوقف أجل الاستئناف بسبب وفاة أحد الأطراف أو إذا طرا تغيير في أهلية أحدهم، ولا يبدأ في السريان من جديد إلا بعد مرور خمسة عشرة يوما التي تلي التبليغ للورثة – الفصل 138 و 139 ق.م.م -، ويعتبر أجل الاستئناف من النظام العام يجوز إثارته ولو لأول مرة أمام المجلس الأعلى.

إلا أن الملاحظ هو إغفال المشرع التنصيص عن تأثير القوة القاهرة والحادث القضائي على سريان أجل الاستئناف، تاركا بذلك الآمر لسلطة التقديرية للمحكمة الشيء الذي قد ينعكس بشكل سلبي على حقوق المتقاضين.

ب)ـ ميعاد الطعن بالاستئناف في قانون المحاكم الإدارية

يجب في هذا الإطار التفرقة بين ميعاد الطعن بالاستئناف أمام محاكم الاستئناف الإدارية في الحالات العادية (أولا)،وفي بعض الحالات الاستثنائية (ثانيا).

ـ ميعاد الطعن بالاستئناف في الحالات العادية

يرفع مقال الاستئناف مع المستندات إلى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف الإدارية المختصة داخل أجل 15 يوما من تاريخ إيداعه بكتابة الضبط بالمحكمة الإدارية ، حيث تخضع هذه الإجراءات للفصول 134 إلى 141 من قانون المسطرة المدنية وذلك بمقتضى المادة 9 من القانون 80 ـ03 بالإضافة إلى ذلك فقد نصت نفس المادة على انه يقدم الاستئناف إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف الإدارية داخل أجل 30 يوما ، وهو نفس الأجل الذي نص عليه الفصل 134 من ق.م.م السابق الإشارة إليها، حيث يبتدئ أجل تقديم الاستئناف من تاريخ تبليغ الحكم. ويعتبر هذا الأجل عاديا لأنه يمكن أن يمتد أحيانا إلى 90 يوما،مراعاة لعلم الشخص بتبليغ الحكم ومحل إقامته أو حدوث تغيير في وضعيته .

ويقع تبليغ الحكم سواء تم ذلك من أحد الأطراف أو من كتابة الضبط،ويحتسب أجل تبليغ الطعن منذ تبليغه إلى الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو المختار،كما انه يمكن أن يكون التبليغ في الجلسة متى كان ذلك مقررا بمقتضى القانون حسب ما هو وارد في بالفقرة الثالثة من الفصل 134 من ق.م.م ، ويحدد الأجل في 30 يوما ابتداء من يوم التبليغ. وفي حالة عدم توفر الشخص المبلغ إليه الحكم على موطن ولا محل إقامة له بالمغرب ، فإن الآجال تصل إلى 90 يوما حسب مقتضيات الفصل 136 من ق.م.م .

أما في حالة تغيير وضعية المبلغ إليه سواء بسبب وفاته فإن أجل الاستئناف يتوقف لصالح ورثته،حيث يقتضي الأمر هنا من الطرف الذي قام بالتبليغ للمتوفى أن يجدد التبليغ للورثة والممثلين القانونيين جماعيا أو دون أن يكون ملزما بذكر أسمائهم وصفاتهم في طلب التبليغ. ويحدد الأجل في هذه الحالة في 15 يوما تحتسب ابتداء من تاريخ التبليغ للورثة بموطن الشخص المتوفى طبقا لمقتضيات الفصل 54 من ق.م.م.

أما إذا حدث تغيير في أهلية أحد الأطراف.فإن الأجل يتوقف،ولا يبتدئ سريانه من جديد إلا بعد 15 يوما من تبليغ الحكم لمن لهم الصفة في تسليم هذا التبليغ.

ـ ميعاد الطعن بالاستئناف في بعض الحالات

1) بالنسبة للقرارات الصادرة عن رئيس المحكمة الإدارية برفض منح المساعدة القضائية :يستأنف القرار الصادر عن رئيس المحكمة برفض منح المساعدة القضائية إلى محكمة الاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ، حيث يجب أن يحال مقال الاستئناف مع المستندات على محكمة الاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ إحالة الملف
2) بالنسبة للمادة الانتخابية: حيث تبت محكمة الاستئناف الإدارية في أمر استئناف حكم المحكمة الإدارية داخل أجل أقصاه شهران

ثانيا: إجراءات الطعن بالاستئناف.

طبقا لمقتضيات المواد 141 و 142 من ق.م.م يجب أن يقدم طلب الاستئناف في شكل مقال أمام كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ويثبت وصفه في سجل خاص قبل توجيهه مع المستندات المرفقة بدون مصاريف إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف المختصة، ويسلم وصل للأطراف بوضع مقالهم لكن بشرط أن يطلبوا ذلك ويتعين مراعاة الشروط التالية في هذا المقال:
1 – بيان اسم المستأنف والمستأنف عليه الشخصي والعائلي ومهنته أو صفته وموطنه أو محل إقامته، وكذلك اسم وصفة الوكيل عند الاقتضاء، وإذا تعلق الأمر بشركة وجب ذكر اسمها الكامل وعنونها ومركزها.
2 – بيان موضوع الدعم المستأنف ، وكذا تاريخه مع تحديد وقائعه باختصار.
3 – بيان الوسائل القانونية التي يستند عليها المستأنف بتحديد مواقع الخطأ في الحكم، ويمكن بيان هذه الوسائل في مذكرة لاحقة بمقال بعد تقديم طلب الاستئناف على أن تكون داخل الأجل القانوني.
4 – بيان المستندات المرافقة التي يريد المستأنف تأييد استئنافه بها.
5 – إرفاق المقال الاستئنافي بنسخ مصادق عليها بعدد الأطراف المستأنف عليهم قصد تبليغهم بها، وإذا كان العدد غير كافي طلبت كتابة الضبط من المستأنف الإدلاء بالعدد المساوي للأطراف داخل أجل عشرة أيام. وفي حالة انصرام الأجل المذكور دون الإدلاء بهذه النسخ أدرج الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف القضية في الجلسة التي يعينها، وتصدر المحكمة قرار بالتشطيب على القضية.
6 – أداء الوجيبة القانونية للاستئناف داخل أجل الاستئناف تحت طائلة عدم قبول الاستئناف شكلا .

7 – ينبغي إرفاق المقال بنسخة من الحكم المطعون فيه. لكن مع ذلك لا يترتب على عدم الإدلاء بها عدم قبول الاستئناف مادام المشرع يلزم كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف أن تطلبها من المحكمة الابتدائية.

وبعد إيداع مقالات الاستئناف وتوصل محكمة الاستئناف بها، يعين الرئيس الأول للمحكمة مستشارا مقرر، يسلم إليه الملف في ظرف أربع وعشرين ساعة.
يصدر المستشار المقرر على الفور أمرا بتبليغ مقال الاستئناف للمستأنف عليه ويعين تاريخ النظر في القضية أخذا بالاعتبار ظروف القضية وآجال المسافة المحددة في الفصلين 40 و 41 من ق.م.م عند الضرورة.

يبلغ المستأنف عليه بالمقال ويعلم بتاريخ الجلسة وبضرورة تقديم مذكراته الدفاعية والمستندات المؤيدة لمطالبه قبل الجلسة في أجل يحدده المستشار المقرر.

وتودع المذكرات والمستندات المذكورة وكافة الردود والمستنتجات بكتابة ضبط المحكمة الاستئناف، ويجب أن يكون عدد نسخها مساويا لعدد الأطراف.

وإذا تعدد المستأنف عليهم ولم يقدم بعضهم مذكرات دفاعه، نبههم المستشار المقرر بضرورة تقديمها وإلا صدر الحكم بمثابة حضوري في حق الجميع .

وقبل الختم تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض البيانات الإلزامية التي نص عليها المشرع والتي يجب توافرها في المقال تحت طائلة عدم القبول منها المهنة. رغم أن عدم ذكرها لا يؤثر في حقوق الأطراف، ومن باب أولى عدم تقرير البطلان عند غيابها طبقا للقاعدة لا بطلان بدون ضرر، وما لاحظناه هو اتجاه الاجتهاد القضائي للعمل بهذا المبدأ، مثل القرار الصادر عن المجلس الأعلى والقاضي بـ ” إن محكمة الاستئناف صرحت بعدم قبول الاستئناف شكلا بعلة عدم ذكر عنوان المستأنف عليه مع أن هذا لا يترتب عنه أي ضرر بأحد الأطراف طالما أن أي تشكك في هوية المستأنف عليه لم يحصل” وكذلك صدر عنه ” إن الفصل 142 لا يقرر جزاء البطلان لعدم استمال مقال الاستئناف على كافة البيانات المتعلقة بالتعريف بأطراف النزاع وبموطنهم الحقيق مما يجبس معه إعمال القاعدة المنصوص عليها في الفصل 43 التي تقرر لا بطلان بدون ضرر”

المبحث الثاني:
آثار الطعن بالاستئناف

يترتب عن تقديم الطعن بالاستئناف أثران هامان: الأثر الناشر و الأثر الواقف و نعالج كل واحد منهما فيما يلي:

المطلب الأول:
آثار الطعن بالاستئناف في ق.م.م

أولا: الأثر الناقل

يترتب عن تقديم الطعن بالاستئناف أن ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية النزاع بجميع ما يتضمنه من عناصر قانونية وموضوعية وبالتالي يؤدي الطعن إلى أن ترفع يد المحكمة الابتدائية عن الخوض في النزاع ويفتح في وجهه اختصاص آخر وهو اختصاص محكمة الاستئناف. ولنا أن نتساءل هل ترفع المحكمة الابتدائية يدها عنه بصفة نهائية أم أنها يبقى لها مع ذلك الأمر النظر فيما هو من قبيل سلطتها التكميلية أو التفسيرية؟

إن المشرع المغربي لم يعط للمحكمة الابتدائية بما يتعلق بسلطاتها التكميلية بتفسير أحكامها أو تصحيح أخطائها وبالرجوع إلى الفصل 379 من ق.م.م نجده يقر للمجلس الأعلى خاصة إمكانية رجوعه إلى أحكامه وتصحيح ما لحق بها من خطأ مادي عن طريق إعادة النظر وهو ما لم يؤكده بالنسبة للمحاكم الابتدائية والاستئنافية وحتى في مصرف الحديث عن مسطرة إعادة النظر أيضا.

ومع ذلك فمما تجب ملاحظته أن الأثر الناشر لا ينشأ إطلاقه بالنسبة لمحكمة الدرجة الثانية بل يحدد مداه المقال الاستئنافي و هكذا فإنما يخول للمحكمة صلاحية النظر فيما يقرر الطرفان عرضه على أنظارها كما أن هاته الصلاحية تتقيد من جهة أخرى بالإطار الذي جاء فيه الحكم و بالتصريح الوارد بالمقال الاستئنافي.
يتوقف اختصاص محكمة الاستئناف على إرادة طرفي الخصومة لكن متى تم ذلك استحال على المحكمة التنكر لمسؤوليتها حيث أن الأثر الناشر يجعلها مختصة للبث في النزاع بنفس الصلاحيات التي كانت للقاضي الابتدائي بالنسبة للوقائع و من الناحية القانونية أيضاً، و هكذا تملك محكمة الطعن الأمر بالتدابير الجديدة التي تراها ضرورية للتحقيق و تراجع موقف القاضي الابتدائي في بعض النقط القانونية.

إن الأثر الناشر لمحكمة الاستئناف تجري عليه استثناءات و هكذا فكثيراً ما يعرض على محكمة الطعن النظر في مصاريف الدعوى دون غيرها إلى أن يبادر الطرف الأخر إلى تقديم استئناف فرعي يعرض فيه جميع جوانب القضية فيعود الأثر الناشر إلى إطاره العام.

و هناك استئناف آخر حين ترى محكمة الطعن أن تلغي الحكم الأول و أن ترد النازلة إلى محكمة الدرجة الأولى من جديد لعدم احترامها حقوق الدفاع بالنسبة للمحكوم عليه مثلا وعدم تمكينه من الاستفادة من حق التقاضي على درجتين.

عندها تكتفي المحكمة بهذا الإلغاء في انتظار أن يرفع النزاع إليها من جديد بعد تصحيح المسطرة فيعود معه إليها الأثر الناشر كاملا.

بعض الإشكالات المطروحة على إثر نشر الدعوى أمام محكمة الاستئناف أن محكمة ثاني درجة تضطر لزوما بمقتضى نصوص القانون إلى نشر الدعوى بجميع مقتضياتها شكلا و موضوعا في جميع الدفوع و الطلبات التي سبق للمحكمة الابتدائية و أن استنفذت ولايتها فيها و حيث إن نسبة كبيرة من هذه الطلبات يكون محسوما فيها في محكمة أول درجة، و بالتالي لا يتغير المركز القانوني للطرف المستأنف و يسري تأثير ذلك سلبا على تكدس عدد كبير من القضايا في ردهات المحاكم و بالتالي تضيع حقوق المتقاضي حسن النية، و يهدر وقت المحكمة في وقت تعوز فيه الأطر البشرية الكافية و الإمكانيات المادية من أجل تسيير جهاز حساس كمؤسسة القضاء.

نجد أيضا أن الهاجس النفسي و العصبي يؤثر على بعض المتقاضين مما يدفع إلى الطعن بالاستئناف مجردا من أي سند واقعي و قانوني، أي أن الطعن بالاستئناف من أجل الاستئناف فقط و عدم الرغبة في خسارة القضية بغض النظر عن ضعف أو قوة موقفه.

ثانيا: الأثر الواقف

إنما تفتح أمام المحكوم له سبل تنفيذ الحكم الصادر لفائدته عندما يحوز هذا الحكم قوة الشيء المقضي به و لكن الحماية القضائية الواجبة لبعض فئات المتقاضين إما تبعا للسندات الثابتة التي يعتمدونها في الدعوى أو تبعا لطبيعة الدعوى ذاتها أو نتيجة للطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها حتمت على المشرع الخروج عن القاعدة المذكورة في التنفيذ و الاعتراف لبعض الأحكام بحيازتها لقوة الشيء المقضي به لكن قوة نسبية لا غير، و ذلك ما يصطلح عليه بالنفاذ المعجل، و هو لا يعدو قابلية الحكم للتنفيذ رغم خضوعه لمسطرة الطعن العادية تعرضا كان أو استئنافا.

و مع ذلك فإن محكمة الاستئناف تبقى لها الصلاحية للوقوف في وجه الاستثناء و إلغاء ما وقع الترخيص به من نفاذ معجل في المرحلة الابتدائية إلا في حالة واحدة حين يتعلق الأمر بنوع من النفاذ المعجل يسمى بقوة القانون ارتضاه المشرع لبعض الأحكام و نص على أنه يأتي بإرادته بحيث لا يضطر إلى أن يطلبه المدعي و لا أن تتعرض له المحكمة في طلب حكمها و هو لذلك حرم على محكمة الطعن أية رقابة عليه و جعل الأثر الواقف لا يسري في حقه بتاتا.

و هكذا نرى بأن قاعدة الأثر الواقف للطعن العادي تطبق بكيفية نسبية لا تسري إلا إذا لم يكن الحكم مشفوعا بالنفاذ المعجل و أن هذا الوصف الأخير لا يستفيد منه إلا أطراف الدعوى دون الغير الذي يكون من حقه رفض المشاركة في التنفيذ إلى يوم حيازة الحكم قوة الشيء المقضي به.

المطلب الثاني:
آثار الطعن بالاستئناف أمام المحاكم الإدارية

حسب ما سبق فإن الطعن بالاستئناف يترتب عليه أثر موقف ،يتمثل في عدم جواز تنفيذ الحكم القابل للطعن فيه، حيث يستمر هذا المنع من التنفيذ طالما ظل أجل الاستئناف قائما؛فإذا انتهى الأجل وكان المحكوم عليه قد مارس طعنه فإن وقف التنفيذ يستمر إلى ما بعد صدور الحكم عن محكمة الدرجة الثانية،أما إذا لم يستأنف الحكم بالمرة أو لم يستأنف داخل الأجل فإنه يصبح نهائيا ومن تم يصير قابلا للتنفيذ طبقا للقواعد العامة

لكن هذا الأمر يختلف بالنسبة للطعن أمام المحاكم الإدارية،إذ أن الطعن الهادف إلى إلغاء القرارات الإدارية ،ليس ليس له أثر واقف ،إلا في حالة وجود نص ينص على ذلك صراحة .

غير أنه يوجد هناك اتجاه فقهي آخر يعتبر أن الطعن بالاستئناف في الحكم الإداري في دعوى الإلغاء يترتب عنه إيقاف تنفيذ الحكم الصادر في المحكمة سواء كان حضوريا أو غيابيا.وقد استند هذا الاتجاه في تبرير وجهة نظره على الفصل 134 من ق.م.م،واعتبر أن في ذلك مصلحة للمحكوم عليه بمجرد استئنافه للحكم داخل الأجل القانوني حتى لا يصبح ملزما بتنفيذ الحكم الابتدائي إذا كان لم ينفذ، ما لم تأمر المحكمة بالتنفيذ المعجل.كما أن في رأي هذا الاتجاه: أن عدم ترتيب الأثر الواقف على تنفيذ الحكم عند تحريك مسطرة الطعن خلال الأجل المحدد لها، سيترتب عليه آثار عديدة خاصة في الحالة التي تلغي فيه المحكمة ـ المستأنف أمامها ـ الحكم المطعون فيه نهائيا.

إذ في هذه الحالة ستجد الإدارة نفسها مضطرة لأن تعيد النظر في كافة قراراتها السابقة،وهذا يشكل في حد ذاته ابتعادا عن الاستقرار اللازم للجهاز الإداري وغير من الأفراد ،نظرا للآثار الخطيرة المترتبة على زعزعة الأوضاع إذا ما قضي بإلغاء الحكم الذي سبق تنفيذه ، بالإضافة إلى هذا فإن المشرع قد جعل من هذه القاعدة حق خوله للمحكوم عليه، في عدم التنفيذ عليه إلى أن يتقرر مصير الطعن أمام سائر الطعون باستثناء ما نص عليه القانون،والمشرع بهذا النظام وضع جهة الإدارة والأفراد على قدم المساواة ليقيم التوازن المفقود بينهما.

ولحل هذا الإشكال فقد اتجه المشرع في قانون محاكم الاستئناف الإدارية إلى النص بشكل صريح في المادة 13 بأنه “ليس لاستئناف الأحكام الصادرة بوقف تنفيذ قرار إداري أثر واقف…” وبالتالي فإن المشرع أخذ مجرى الاتجاه الثاني، وذلك بأن قرر حماية الأفراد ضد جبروت الإدارة.

إضافة إلى هذا نجد أن القانون 90 ـ 41 قد تناول موضوع الأثر الواقف بمناسبة الطعن بالاستئناف في مادة نزع الملكية وذلك في المادة 39 التي ورد فيها:”إن الاستئناف المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من الفصل السابق (…)ولا يترتب عليه وقف التنفيذ”.فالأمر هنا يتعلق باستئناف الحكم الصادر بتحديد التعويض لنقل
الملكية ،خلافا لما هو عليه الأمر، بالنسبة للأمر الصادر بالحيازة الذي لا يقبل أيا من طرق الطعن

كما أن هناك إشكالات أخرى مطروحة بالنسبة لأحكام المحاكم الإدارية المطعون في حكمها بالاستئناف بشأن الاختصاص حيث نجد أن المادة 13 من القانون 90 ـ 41 تنص على أنه “إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية،وجب عليها أن تبت فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع.

وللأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها أمام المجلس الأعلى الذي يجب عليه أن يبت في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط به لملف الاستئناف”

حيث هنا يطرح إشكال هل يمكن للمحكمة أن تبت في الموضوع بعد بتها في الدفع بعدم الاختصاص بحكم مستقل وقع استئنافه أمام المجلس الأعلى ولم يبت فيه بعد مرور الأجل المحدد لدلك،أم تنتظر قرار المجلس الأعلى للفصل في مسألة الاختصاص؟وحتى في حالة إقرارنا بإمكانية بت المحكمة في الموضوع بعد انتهاء أجل 30، فما هو المعمول في حالة صدور قرار المجلس الأعلى وصدور قرار منه يقضي بعدم اختصاص المحكمة الإدارية؟

فهناك بعض المحاكم الإدارية أن واصلت إعمال نظرها بعد مرور الأجل المنصوص عليه بالمادة 13 السابق ذكرها،وهي المحكمة الإدارية بوجدة في حكمها عدد 38/98 بتاريخ 2 ديسمبر 1998 ، والذي ورد فيه”باعتبار أن للغرفة الإدارية شهرا كاملا للبث في هذه النوازل وباعتبار أنه لا دليل بالملف يفيد صدور حكم بعدم اختصاص هذه المحكمة،مما يبقى معه الدفع المتعلق بإيقاف البت غير مؤسس ما دام أنه لا وجود لأي سند قانوني يمنع هذه المحكمة من متابعة النظر في القضية ولو طعن بالاستئناف في حكمها بالاختصاص”

لهذا يرى بعض الفقه أن المخرج السليم لتفادي هذا الإكراه المتعلق بأجل البت في استئناف الأحكام المتعلقة بالدفع بعدم الاختصاص ،هو اعتماد الممارسة القضائية على ضم هذا الدفع إلى الموضوع ،طالما أن من شأن ذلك تحرير المجلس الأعلى من وجوب البت داخل أجل ثلاثين يوما، ليتقيد به فقط في حالة صدور حكم ابتدائي بعدم الاختصاص، تماما كما لو كان الأمر يتعلق بإعمال مقتضيات الفصل 17 من ق.م.م،وليس بالمادة 13 من القانون 41.90.

خاتمة :

إن الانتقال من نظام وحدة القضاء إلى نظام ازدواجية القضاء.ترتب عنه وجود بعض الازدواجية في المسطرة المتبعة أمام المحاكم الإدارية ،بين ما تم التنصيص عليه في قانون المحاكم الإدارية وما تم الإحالة عليه في قانون المسطرة المدنية وهو ما أوقع عدة إشكالات ناجمة عن إخضاع الدعاوي الإدارية لمقتضيات قانون المسطرة المدنية ،وذلك لانتفاء وجود بنية نسقية جامعة بين مختلف النصوص القانونية والتنظيمية المتضمنة لإجراءات مسطرية خاصة بالمنازعات الإدارية وبين مقتضيات المسطرة المدنية.

المراجع

• الكتــب

– قانون المسطرة المدنية.
– عبد الكريم الطالب ” الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية” الطبعة الخامسة 2009.
– محمد السماحي ” الطعن في الأحكام المدنية و الإدارية ” الطبعة الأولى سنة 1995
– عبد الفتاح بنوار” مجموعة القانون القضائي، شرح المسطرة المدنية ”
– الطيب الفصايلي ” الوجيز في القانون القضائي الخاص” الجزء الثاني الطبعة الثالثة نونبر 1999
– عبد العزيز توفيق ” شرح المسطرة المدنية و التنظيم الفضائي ”
– محمد الحضري ” المختصر في المسطرة المدنية ” طبعة 2008-2009
– عبد العزيز حضري ” الموجز في القانون الفضائي الخاص “.
ـ الجيلالي أمزيد،مباحث في مستجدات القضاء الإداري ،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية،عدد50،الطبعة الأولى 2003.
ـ الطيب عبد السلام برادة، تنفيذ الأحكام الإدارية والحقوق التي تحجز إداريا لاقتضائها، مطبعة الأمنية، سنة 2003.
ـ محمد السماحي ، المسطرة المدنية أمام المحاكم الإدارية، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد،عدد 28 سنة 1995
ـ الوالي ، محاضرات في المسطرة المدنية، ألقيت على طلبت الاسدس الرابع خلال الموسم الجامعي 2007 ـ 2008 (غير منشورة).
ـ حسن صحيب، المحاكم الإدارية بالمغرب،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية،عدد 80 ،الطبعة الأولى ،2008.
ـ عبد القادر باينة،النظام القانوني للانتخابات بالمغرب، مطبعة المعاريف الجديدة ـ الرباط،الطبعة الأولى

• المجــلات:

– مجلة المحاماة عدد 16.
– مجلة المعيار عدد 15
– مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 41
– مجلة القضاء و القانون عدد 142.
– مجلة المحاكم المغربية عدد 14
– المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية (مجموعة أعداد)
– المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد عدد 28