مسألة تعليق عقد البيع على شرط مستقبلي :

اختلف فيها الفقهاء على قولين منهم من قال بالمنع وهم الجمهور[1] و منهم من قال بالجواز كابن تيمية و ابن القيم ، و عند النظر لحقيقة عقد البيع المعلق على شرط مستقبلي نجد أن الراجح ما قال به جمهور العلماء فعقد البيع المعلق فيه تمليك المال على المخاطرة فالشرط قد يوجد و قد لا يوجد ، وهذا غرر لا يجوز ؛ لأن بيع الغرر هو الخطر الذي لا يدري أيكون أم لا ؟[2] ،و الغرر هو الجهل بوجود الشيء أو بمقداره أو عدم القدرة على تسليمه[3]، وقد نهى رسول الله r عن بيع الحصاة و عن بيع الغرر [4] ، و أيضا حقيقة عقد البيع تأبى أن تتأخر أحكامه عن أسبابه فلا يمكن أن يضاف للمستقبل ؛ لأن ذلك يقتضي تأخير الأحكام ،و هو مناقض لحقيقته الشرعية .

ولا يصح استدلال المخالف بأن الأصل في العقود الحل فهذا لا يصح لوجود المعارض ، و هو النهي عن الغرر ، واستدلال المخالف بقول النبي r لأصحاب غزوة مؤتة : « أميركم زيد، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة »[5] فهذا غير مسلم إذ هذه وكالة وولاية ،وهي خارجة عن محل النزاع فمحل النزاع في عقود البيع المعلقة على شرط مستقبلي ، ولايقاس عقد البيع على عقد الولاية ووالوكالة لورود النص بحرمة بيع الغرر ، وتعلق البيع على أمر مستقبلي فيه غرر ،ولا قياس مع النص .

مما سبق يتضح أن تعليق البيع على شرط مستقبلي لا يجوز لما فيه من الغرر ومخالفته لحقيقة البيع الشرعية ،ولا تقاس الوكالات والولايات على البيع لورود النص ولا قياس مع النص ،واستصحاب الإباحة لا يصح لورود ما يخالف هذا الاستصحاب ألا وهو النهي عن الغرر ، والمخالفة للحقيقة الشرعية للبيع والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وكتب ربيع أحمد الأربعاء 2/4/2008 م

[1] – المجموع شرح المهذب للنووي 9/249

[2] – أنيس الفقهاء لقاسم بن عبد الله القونوي ص 221 دار الوفاء جدة 1406هـ الطبعة الأولى

[3] – نظرية الغرر في البيوع د. رمضان حافظ ص 9 دار السلام الطبعة الأولى 1425هـ – 2005م

[4] – رواه مسلم من حديث أبي هريرة 3/1153 رقم 1513 ( الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي )

[5]- رواه البخاري في صحيحه رقم 4261