ملاحظات حول مشروع دستور الجمهورية الليبية

قام الأستاذ الدكتور محمد فرج الزائدي بإعداد مشروع دستور عصري للجمهوية الليبية ، فالدكتور الزائدي هو أستاذ للقانون الدستوري في الجامعات الليبية وهو خريج الجامعات الأمريكية ، لكن لدى رؤيتي لمشروع الدستور المعد من قبله ، رأيت أن ثمة ملاحظات أتمنى تفسيرها ، فقد تم إلغاء وزارة الإعلام وأحل محلها في الدستور ما سماه المجلس الأعلى للصحافة ، بالرغم من أن الصحافة هي جزء من الإعلام الذي يضم الإذاعة والفضائيات والتلفزيون الرسمي ومواقع الأنترنت التابعة للحكومة والإدارة الليبية ، وغير ذلك .

أما المادة الثامنة من الدستور والمتخصصة في الوحدة الوطنية ، فلم تحدد شروط ومعاييرالوحدة الوطنية كاملة وتم الاكتفاء بالتعاون على اقتسام السلطة والثرة وتوحيد الولاء من خلال الدولة والابتعاد عن العصبيات بأشكالها المختلفة ، بالرغم من أن هناك شروط أخرى لتحقيق الوحدة الوطنية وهي حسب دراستي :

*احترام وحدة البلاد ولغتها الرسمية – لغة الأكثرية- وثقافتها الوطنية مع احترام الخصوصيات الفرعية لمكونات الشعب الليبي الأخرى من الأمازيغ والتبو والطوارق وكل مكونات الشعب اللبي الأخرى ، سواء كانت لغوية أو عادات وتقاليد تثري المجتمع الليبي وتكون عاملاً موحدا ومميزا له .
*تحقيق الحرية والعدالة والمساواة لجميع فئات الشعب الليبي أمام القانون ، سواء كانت هذه الفئات طبقية أو قبلية أو اقليمية أو حزبية .
*تحقيق التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الشعب الليبي والنظام السياسي الجديد بما يحقق الرفاهية الاقتصادية للفرد والمجتمع .
*التأكيد على الهوية الوطنية للجيش والقوى الأمنية على اعتبارأنها ملك للجميع ولاتخص فئة محددة من أبناء المجتمع الليبي .

أما الفقرة 6 من المادة العاشرة : فتنص على أن الدولة هي التي تقر الحلول السلمية كوسيلة لحل المنازعلات لكن لم تربط هذه الحلول بالإعلان العاملي لحقوق الإنسان وبمبادئ وأهداف المنظمة العربية لحقوق الإنسان / فرع ليبيا / حيث تحظى هذه المنظمة بالثقة الكبيرة في أرجاء المنظقة العربية ، كما لم تذكر الفقرة تداعيات عدم الاستجابة من الفئات المتنازعة للوساطات والتحكيم وجهود الدولة والمنظمة الحقوقية ، حيث يحق للدولة هنا عرض النزاع على البرلمان أي المجلس الوطني الليبي والتقيد بما يققره المجلس .

والفقرة 2 من المادة الحادية عشرة فتنص على أنه لا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها تحت أي مبرر ، وهذا قد يفسره البعض أن من آمن بفكر النظام السابق أو أخذ الجنسية لتحقيق مصالح معينة تفيد النظام السابق فهو يجب أن يكون له ما يكون لغيره من أبناء الوطن بالرغم من أن الكثير من هؤلاء لا ينتمون للثقافة الدينية الليبية وهذا مما يهدد الهوية الليبية .

كما لم تتحدث الفقرة 1 من المادة الحادية عشرة عن شروط الجنسية الليبية ومن هم المؤهلون لحملها .

أما الفقرة 6 من المادة الثامنة عشرة حول اختيار القيادة الرشيدة للمجتمع فلم تبين الفقرة ماهية المعايير التي يمكن الاعتماد عليها لاختيار هذه القيادات ، وما هو معيار رشدها .

والفقرة 1 من المادة عشرين فتنص على أن الدولة تكفل الحرية الشخصية لكل إنسان لكن لم تذكر أن هذه الحرية مقيدة بعادات وتقاليد وأخلاقيات وآداب المجتمع الليبي .

والفقرة 4 من المادة الرابعة والثلاثين فتنص أن المصادرة العامة للأموال الخاصة محظورة ، وهذا يعني عدم اعتماد قانون من أين لك هذا ، حيث أن الكثيرين من أتباع النظام السابق استفادوا من النظام السابق وأصبحوا أثرياء من خلال مراكزهم أو فسادهم وهذا مما أضر بالصالح العام ، وهذا فيه اجحاف لحق الأكثرية من أبناء الشعب الليبي الذين ابتلوا بهؤلاء الناهبين والفاسدين .

والفقرة 2 من المادة الثامنة والثلاثين فتنص أن الدولة تسعى لترقية المجتمع نحو التدين ولم تذكر ماهية هذا التدين أي التتدين المعتدل الذي يحفظ الثقافة الدينية للمجتمع الليبي

أما الفقرة 2 من المادة الواحدة والأربعين فتنص أن الدولة تتكفل بحماية كل مواطن في الخارج ولم تذكر المادة شروط هذا التكفل بحيث يجب أن يكون ملتزماً بالحفاظ على قوانين وأعراف الدولة المقيم فيها .

أما الفقرة ب من البند الرابع من المادة الخامسة والأربعين فهو المحافظة على الهوية لمكونات الشعب الليبي والوحدة الوطنية لكن هذا لا يتحقق إلا من خلال عدم قبول من يخالف هذه الهوية ممن يؤمن بأيديولوجيا دينية تخالف الأيديولوجية الدينية الإسلامية لليبيين .

حبذا لو تم إضافة فقرة أخرى على المادة 54 بأن تعرض جلسات البرلمان على وسائل الإعلام المختلفة وبشكل مباشر حتى يطلع عليها الشعب الليبي وإضافة فقرة أخرى على المادة 55 بأن يحضر الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان / فرع ليبيا / لجلسات المجلس الوطني فهو لا يقل عن الوزراء والخبراء الذين نصت عليهم نفس الفقرة .