بحث ودراسة عن ملائمة مشروع القانون الجنائي مع المبادئ و القواعد المعتمدة في منظومة حقوق الإنسان

يسعدنا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن نقدم هذه الدراسة الهامة ذات الطابع الأكاديمي التي قام بها خبراء لفائدة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بمساهمة أعضاء من المجلس في خلية تكونت من مختلف مجموعاته.

لقد سبق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن اعتبر أن مراجعة القانون الجنائي تعد من الأولويات وأنه من اللازم دراسة التعديلات والإضافات التي يجب أن تدخل عليه حتى يتلاءم مع مقتضيات المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب. ويكون بحق ضمانا للمحاكمة العادلة، وفي هذا الصدد يمكن مراجعة الرأي الاستشاري الصادر عن المجلس في 18 دجنبر 1992 وما تلا ذلك من مذكرات.

كما تجدر الإشارة إلى أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ساهم بالعديد من المداخلات في المناظرة الوطنية الكبرى التي نظمتها وزارة العدل أيام 9-10-11 دجنبر 2004 بمكناس في موضوع السياسة الجنائية بالمغرب، هذه المناظرة التي أسفرت عن توصيات في موضوع مراجعة القانون الجنائي، تكونت على إثرها لجنة عمل تحت إشراف وزارة العدل كلفت بوضع صيغة مشروع جديد للقانون الجنائي، وقد كان المجلس عضوا في هذه اللجنة التي أعدت مشروع القانون الجنائي، الذي عرض على أنظار المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، هذا الأخير كون الخلية المشار إليها أعلاه التي قامت بإعداد التقارير والدراسات والملاحظات، والتي انتهت بتقديم دراسة وافية شاملة صادق عليها المجلس في دورته الثالثة والثلاثين.

إن نشر هذه الدراسة الآن، يرمي إلى إطلاع الجميع على مراحل العمل الذي قام به المجلس في موضوع تحديث القانون الجنائي، ويجب هنا أن نشير إلى ملاحظات أساسية وهي:

أولا: أن هذه الدراسة تمت سنة 2009 وصودق عليها في دورة يوليوز 2009 أي أنها تمت قبل صدور الدستور الجديد للمملكة المغربية المصادق عليه في استفتاء فاتح يوليوز 2011.

وسيجد الملاحظ أن كثيرا من مقترحات المجلس الاستشاري في هذه الدراسة قد تم الأخذ بها، كدسترة مبدأ قرينة البراءة، وسمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني، وحق الدفع بعدم شرعية القانون.

ثانيا: لقد اعتمدت هذه الدراسة مبادئ أساسية في منهجية عملها وهي:

أ- مبدأ المساواة.

ب- مبدأ الشرعية.

ج- مبدأ شخصية المسؤولية.

د- مبدأ الملاءمة.

ه- مبدأ عدم الإفلات من العقاب.

و- مبدأ مقاربة النوع.

وسيكون لهذه المبادئ الأثر الواضح في المقترحات والصيغ التي تضمنتها الدراسة عموما.

ثالثا: اقترح المجلس مشاركة جميع المهتمين في مناقشة مشروع القانون الجنائي وذلك توخيا منه لمبدأ المشاركة التي يعتمدها الفاعل الحقوقي في كل المجالات وفق مقتضيات المواثيق والعهود الدولية.

وأخيرا يجب أن نستذكر دائما الرأي الاستشاري الذي قدمه المجلس بشأن ملاءمة القانون الجنائي المغربي لمكافحة الكراهية والميز والعنف (الاجتماع الثاني والعشرون للمجلس المنعقد يوم 02 جمادى الثانية 1425 ه موافق 02 يوليوز 2004 م) هذا الرأي الذي تضمن دعوة صريحة إلى وجوب مراجعة بعض مقتضيات القانون الجنائي.

ولا يخفى أن بعض مقتضيات هذا القانون قد تم تعديلها بمقتضى مشاريع قوانين صادق عليها البرلمان وتعلقت إما بتعديل بعض الفصول أو تجريم بعض الأفعال، كما حصل مؤخرا بمقتضى القانون رقم 09.09 المتعلق بالعنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، أو ما حصل بمقتضى القانون رقم 11-10 المتعلق بتعديل وتتميم مقتضيات الفصل 517 من مجموعة القانون الجنائي.

لقد كانت رغبة المجلس ولازالت هي القيام بمراجعة شاملة لمجموعة القانون الجنائي تسير نحو ملاءمة هذا القانون لمبادئ المحاكمة العادلة وللمواثيق والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب على أغلبها إن لم يكن جميعها، وأملنا أن تكون هذه الدراسة التي يشرفنا العمل على نشرها اليوم بادرة أولية في هذا المسار.

للتحميل كاملة

http://www.cndh.org.ma/sites/default/files/documents/etude_code_penal.pdf