مكافحة الإغراق

د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تسعى الدول إلى سن تشريعات تكون إحدى أهم وظائفها حماية السوق المحلية أو الصناعات المحلية. ومع قيام نظام التجارة العالمي الذي حاول أن يجعل دول العالم دولة واحدة ما يعزز مبدأ المنافسة والتجارة الحرة بين الدول الأعضاء دون قيود، ومع انفتاح أسواق الدول بين بعضها في التجارة ظهرت مجموعة من الجوانب السلبية أو الممارسات ذات التأثير السلبي لتلك التجارة الحرة ما دعا كثيرا من الدول إلى اتخاذ إجراءات وقائية أو خطوات لمكافحة تلك الممارسات.

أحد أهم أشكال الممارسات التي تؤثر في الأسواق المحلية هو الإغراق. في عام (1424هـ) وفقا لما أقرته الاتفاقيات الدولية التابعة لاتفاقية منظمة التجارة العالمية – صدر “القانون (النظام) الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية” بموجب قرار المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون، الذي تمت الموافقة عليه من قبل رئاسة مجلس الوزراء عام (1427هـ)، ثم تعديله عام (1431هـ)، وبدأ العمل باللائحة التنفيذية عام (1437هـ). وقبل تعريف الإغراق، تجدر الإشارة إلى أن النظام الموحد يعالج ثلاث قضايا أساسية وهي الإغراق والدعم والزيادة في الواردات، وكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة حظي بقواعد خاصة به تسعى فيه لضمان حماية ووقاية المنتجات المحلية في السوق الخليجية.

في هذا النظام كلمة السوق لا تعني سوق كل دولة على حدة بل تعني السوق الخليجية بأكملها كسوق واحدة. عندما يذكر الإغراق فإنه يقصد به، وكما عرفته المادة الثالثة من القانون الموحد، بيع منتج ما من دولة مصدرة إلى السوق الخليجية بسعر تصدير أقل من قيمته العادية في بلد التصدير في مجرى التجارة العادية.

فعندما يتم بيع منتج ما بأقل من سعره في بلد التصدير في السوق الخليجية، فإنه بذلك يضر بالمنتج المحلي أو الصناعة المحلية ذات العلاقة في السوق الخليجية ما ينتج عنه إضرار بالمنتجين المحليين.

عند حدوث حالة إغراق لمنتج محلي معين أو صناعة محلية معينة، فإنه يحق للأطراف ذات العلاقة أن تتقدم بشكوى ــــ وفق شروط محددة وبشكل محدد ـــ إلى مكتب الأمانة الفنية في الأمانة العامة لمجلس التعاون، التي بدورها تقوم بدراسة الشكوى والتحقيق فيها وعقد جلسات الاستماع قبل الخروج بتوصية خلال مدة محددة في النظام. بعد انقضاء المدة المحددة لدراسة الشكوى المقدمة يقوم مكتب اللجنة الفنية بالرفع للجنة الدائمة في مجلس التعاون لدول الخليج من خلال تقرير يذكر فيه مرئياته حول الشكوى المقدمة ويقدم توصيته للجنة الدائمة بقبول الشكوى ما يعني بداية التحقيق أو يوصي مكتب اللجنة الفنية برفض الشكوى. بعد ذلك خلال مدة محددة في النظام تقوم اللجنة الدائمة بإصدار قرارها بقبول الشكوى ما يعني بداية الإجراءات التفصيلية لشكوى الإغراق، أو تصدر اللجنة قرارها برفض الشكوى ما يعني عدم كفاية الأدلة أو دقتها للبدء في التحقيق ودراسة الشكوى.

تعتبر خطوات مكافحة الإغراق إحدى أهم الخطوات التي تتم من خلالها حماية المنتجات أو الصناعات المحلية من إغراق السوق بأسعار للمنتجات والصناعات بأقل من سعرها العادي ما يضر بالمنتجات والصناعات المحلية. وعلى الرغم من وجود فرصة لأصحاب المصالح من المنتجين والمصنعين المحليين لوضع حد لإحدى الممارسات الضارة بهم، إلا أن نجاح الشكاوى المتعلقة بالإغراق يكمن في إثبات وجود الإغراق فعليا وثبوت الضرر بما في ذلك علاقة السببية بينهما من خلال تحقق الشروط القانونية والاقتصادية التفصيلية اللازمة لذلك.

ختاما، على الرغم من حداثة (النظام الموحد) إلا أن عددا من الصناعات المحلية نجح في رفع شكاوى لمكافحة الإغراق وزيادة الواردات بعد نجاحها في إثبات العناصر الفنية التي حددها النظام.