مقال يوضح نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بالقانون التونسي.

بقلم الأستاذة : كـوثـــر الدزيـــري متفقـــد مـركــزي بإدارة الملكيــة العقــاريـــة ببـــن عـــــروس​

نظم المشرع نظام الاشتراك في الأملاك من الزوجين بمقتضى القانون عدد 94 لسنة 1998 و قد جاء هذا القانون في إطار مزيد دعم مكاسب المرأة و تأكيدا لحقوقها.

و يعد نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين نظاما اختياريا أي للزوجين حرية الاختيار بين نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين و بين نظام التفرقة من ناحية و من ناحية أخرى يجوز للزوجين اختيار نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين سواء في تاريخ إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لاحق. و الهدف من نظام الاشتراك في الأملاك من الزوجين هو جعل عقار أو جملة من العقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة طبقا للفصل الأول من القانون.

فما هو النظام القانوني لنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين؟

لقيام نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وجب أن تتوفر جملة من الشروط الشكلية و الموضوعية I ) ثم بقيامه نظم المشروع طريقة إدارة الأملاك المشتركة و طرق التصرف بها . II) إلا أنه خول المشرع إمكانية إنهاء نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وعدد حالاته.

شروط قيام نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين:

لقيام نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وجب توفر شروط شكلية و أخرى موضوعية.

الشروط الشكلية لقيام نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين :

يقوم نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بمناسبة إبرام عقد الزواج و ذلك بتصريح الزوجين عند إبرام عقد الزواج و اختيارهما بصفة صريحة لنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين و قد نص الفصل الأول من أن نظام الاشتراك في الأملاك هو نظام اختياري يجوز للزوجين اختياره عند إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لاحق كما نص الفصل السابع : أنه على المأمور العمومي المكلف بتحرير عقد الزواج أن يذكر الطرفين بأحكام الفصلين الأول و الثاني و أن ينص على جوابهما بالعقد و ذلك أنه في غياب التنصيص على تبني الزوجين لنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بعقد الزواج فإن نظام التفرقة هو المعتمد و هذا ما أكده الفصل السابع بالفقرة الثالثة منه الذي ينصه ” و يعتبر الزواج المبرم دون تنصيص على رأي الزوجين في نظام الأملاك الزوجية بمثابة اختيار لنظام التفرقة.

كما يمكن تبني الزوجين لنظام الاشتراك في الأملاك عن طريق كتب لاحق طبقا للفصل الأول من القانون و يكون ذلك بحجة رسمية طبقا لما ورد بالفصل الثامن و في هذه الحالة يكون المأمور العمومي محرر الحجة اللاحقة مطالب بأن يوجه مضمونا منها إلى ضابط الحالة المدنية بمكان ولادة كل من الزوجين في أجل 10 أيام من تاريخ تحريرها و لكن في حالات يكون أبرام عقد الزواج بموجب توكيل محرر في الغرض في هذه الحالة فإن التوكيل على الزواج لا يصح إلا إذا نص التوكيل صراحة على رأي الموكل في مسألة الاشتراك من عدمه و هذا ما تضمنه الفصل الخامس من القانون، إلى جانب هذه الشروط الشكلية هناك جملة من الشروط الموضوعية الواجب توفرها .

الشروط الموضوعية لقيام الاشتراك في الأملاك:

لقيام نظام الاشتراك في الأملاك جملة من الشروط الموضوعية تتعلق :

بالأملاك المشتركة – 2) القرين القاصر – 3) الإشهار القانوني .

الشروط المتعلقة بالأملاك المشتركة :

نص الفصل 10 من قانون نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين أنه يعتبر مشتركة بين الزوجين العقارات المكتسبة بعد الزواج أو بعد إبرام عقد الاشتراك ” أي أنه تعد عقارات مشتركة بين الزوجين تلك التي تم اكتسابها من طرف الزوج أو الزوجة أو الزوجين معا بعد إبرام عقد الزواج أو عقد الاشتراك باستثناء ما تم اكتسابه بموجب الإرث أو الوصية أو الهبة فتلك العقارات تبقى ملكا خاصا بالزوج أو الزوجة دون أن يشمله نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين كما اشترط المشرع أن تكون تلك العقارات مخصصة لاستعمال العائلة أو لمصلحتها سواء كان الاستعمال مستمرا أو موسميا أو عرضيا و قد نص الفصل 10 فقرة ثانية أنه تعد مشتركة بالتبعية توابع ذلك العقار و غلته مهما كانت طبيعتها كالأكرية.

و قد اعتبر المشرع صلب الفصل 11 أنه تعد عقارات مخصصة لاستعمال العائلة أو لمصلحتها تلك العقارات المكتسبة بعد الزواج و التي تكون لها صبغة سكنية أو تلك المقتناة من باعثين عقاريين مختصين في إقامة محلات سكنى أو الممولة بقروض سكنية أو العقارات المنصوص في عقود اقتنائها على أنها ستستعمل للسكنى أو التي يثبت أنه وضع استغلالها فعلا لسكنى العائلة و قد خول المشرع في حال وقوع نزاع بين الزوجين حول انطباق نظام الاشتراك في الأملاك من عدمه على عقار معين إثبات ذلك بجميع الوسائل الممكنة حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 11 بحيث يكون من تقدير القاضي و اجتهاده في هذه الحالة حسب ما أتيح له من وسائل الإثبات.

إلا أنه يمكن للزوجين بكتب لاحق لعقد الزواج الاتفاق على توسيع نطاق الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بحيث يمكن أن يشمل الأملاك السابقة لتاريخ عقد الزواج و كذلك تلك المنجرة للزوجين بموجب الهبة أو الوصية أو الإرث و هو ما يطلق عليه بالنظم الاختيارية للاشتراك و هذا ما نص عليه الفصل 10 فقرة أخيرة ” كما يمكنها الاتفاق على جعل الاشتراك شاملا لجميع عقاراتهما بما فيها تلك المكتسبة ملكيتها قبل الزواج و تلك المتأتية ملكيتها من هبة و إرث و وصية ” لكن ﺬلك دون أن يمس من قواعد الإرث باعتبارها قواعد تهم النظام العام و لا يمكن الاتفاق على تغييرها طبقا لما جاء بالفصل 3 من القانون كما أن المهر لا يدخل في الأملاك المشتركة و يبقى ملكا خاصا للزوجة إلا أنه تطرح إشكالية القرين القاصر.

الشروط المتعلقة بالقرين القاصر :

القرين القاصر هو القاصر العازم على الزواج ﺬلك أن القاصر المتزوج يصبح رشيدا بمفعول الزواج تنفيذا للفصل 153 مجلة الأحوال الشخصية و ذلك في جميع ما يتعلق بأحوال الشخصية و معاملاته المدنية و التجارية فتكون تصرفاته نافذة و صحيحة بما في ﺬكر إبرام عقد الاشتراك أما بالنسبة للقرين القاصر العازم على الزواج فقد نص الفصل السادس على 3 حالات ففي صورة موافقة القاصر على الزواج و اختياره نظام الاشتراك فلا إشكال يذكر أما في صورة إﺬا امتنع الولي و الأم عن الموافقة و تمسك القاصر برغبته لزم رفع الأمر للقاضي و ﺬلك ليستصدر إﺬنا قضائيا في الزواج و تبني الزوجين لنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين أما في صورة الثالثة و هي موافقة الولي و الأم على الزواج و رفض الاشتراك في الأملاك ففي هذه الحالة أيضا يتم استصدار إﺬن من القاضي لتبني الاشتراك في الأملاك بين الزوجين .

بتبني الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وجب إشهاره فما هي شروط المتعلقة بالإشهار.

ج) الشروط المتعلقة بالإشهار :

أوجب المشرع صلب الفصل 14 من القانون على ضابط الحالة المدنية إﺬا ما اختار الزوجين نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين أن ينص على ذلك بدفاتره و بجميع المضامين و النسخ المستخرجة منها و توجيه مضمون منها إلى ضابط الحالة المدنية في خلال 10 أيام من تحريرها ، و قد سلط المشرع عقوبة على ضابط الحالة المدنية الذي لا يقوم بالتنصيصات المذكورة و تتمثل في خطية قدرها مائة دينار بقطع النظر عن العقوبات الأشد بمقتضى قوانين أخرى ، من ناحية أخرى فإن القانون عدد 94 أوجب على إدارة الملكية العقارية الاعتماد على ما جاء بمضمون الحالة المدنية للتنصيص على اختيار هذا النظام من عدمه فقد أوجب الفصل 15 على كل من اكتسب حقا عينيا على عقار و بعد إتمام الموجبات القانونية أن يدلى صحبة طلب ترسيم حقه العيني بمضمون من دفاتر الحالة المدنية يخصه و قد أوجب المشرع على حافظ الملكية العقارية التنصيص بدفاتره و بالشهائد التي يسلمها على كون المعني بالأمر اختار نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين كما أوجب على حافظ الملكية العقارية في صورة إﺬا ما جاء بالعقد أن الزوجين أو من حرر العقد لفائدته قررا تخصيص ﺬلك العقار لسكنى العائلة أو استعمالها التنصيص على ﺬلك بدفاتره و بشهائد الملكية التي يسلمها لطالبيه أما إﺬا تضمن العقد اتفاقا على أحد النظم الاختيارية للاشتراك فإن طالب الترسيم مطالب بالإدلاء بنسخة قانونية من عقد الزواج أو عقد الاشتراك و على حافظ المكية العقارية التنصيص على ﺬلك بدفاتره .

و بقيام نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين يتجه الخوض في مسألة إدارة الأملاك المشتركة و التصرف فيها .

إدارة الأملاك المشتركة و التصرف فيها :

بانطباق نظام الاشتراك على الأملاك بين الزوجين يحق لكل من واحد من الزوجين طبقا للفصل 16 القيام بجميع الأعمال الرامية إلى حفظ الأملاك المشتركة و إدارتها و الانتفاع بها و القيام بجميع الأعمال النافعة التحسينية سواء كانت مادية أو قانونية إلا أنه يجوز لأحد الزوجين في صورة تجاوز حدود ﺬلك الأعمال النافعة أو التسييرية إلى سوء التصرف و الاستبداد في إدارة المال المشترك أن يستصدر حكما استعجاليا قضائيا يرفع بمقتضاه يد قرينه عن الإدارة متى أثبت سوء تصرفه أو بتبديده للمال المشترك .

كما أنه قد يعمد أثناء تبني نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين إلى إبرام عديد التصرفات القانونية من تفويتات و غير ﺬلك و قد جاء بالفقرة الأولى من الفصل 17 من القانون أنه ” لا يصح التفويت في المشترك و لا إنشاء الحقوق العينية عليه و لا كراؤها للغير لمدة تفوق الثلاثة أعوام و لا تجديد كرائه بما يجعل مدة الكراء تتجاوز الثلاثة أعوام إلا برضا كلا الزوجين ” بحيث اشرط المشرع صراحة رضاء كلا القرينين للقول بصحة التصرفات القانونية الواقعة من قبلهما في الملك المشترك و رضاء القرين يمكن أن يكون متزامنا مع تلك التصرفات أو لاحقا لها و ذلك بالمصادقة عليها طبقا لمقتضيات الفصل 41 من مجلة الالتزامات و العقود ففي صورة بيع عقار أو هيبته أو رهنه أو توظيف أي حق عيني عليه وجبت موافقة القرين الثاني عليها و مصادقته عليها بكتب مستقل إلا أنه أجاز الفصل 17 من القانون الثاني إﺬا ما تعذر على أحد القرينين التصريح برضاه أو ثبت سوء تصرفه أو تبديده للملك المشترك للقرين الثاني استصدار حكم استعجالي للإﺬن بإجراء هذه التصرفات دون التوقف على رضاه و قد نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 17 أنه لا يصح التبرع بالمشتركة أو بشيء منه إلا برضى كلا الزوجين أي أنه بالنسبة للتصرفات ﺬات الصبغة التبرعية كالهبة و التنازل فإن رضا القرين يعد شرط لزما لصحتها و لا مكن الاستعاضة عنه بالإﺬن القضائي.

و بقيام نظام الاشتراك و تبنيه فإن المشرع ضمن للقرينين في المقابل إمكانية إنهائه.

انتهاء الاشتراك في الأملاك بين الزوجين :

حدد المشرع حالات إنهاء نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين و حددها صلب الفصل 18 من القانــون و يمكـن قسمـة هذه الحـالات إلى 3 أصناف إنهاء الاشتــراك في الأملاك بموجب الاتفاق أ) و الإنهاء بموجب القانون ب) و الإنهاء بموجب حكم قضائي ج).

الإنهاء بموجب الاتفاق :

خول المشرع للقرينين إمكانية إنهاء الاشتراك في الأملاك بين الزوجين و ﺬلك باتفاقهما طبقا للفصل 18 من القانون و قد حدد المشرع ﺬلك بأجل محدد و هو مرور عامين كاملين على الأقل من تاريخ تبنيهما للنظام المذكور. و قد نص الفصل 21 أنه يجوز للزوجين أن يتفقا على تغيير نظام أملاكهما بعد مرور عامين على الأقل من إقامته و يجب أن تحرر في ﺬلك حجة رسمية كما اشترط المشرع مصادقة رئيس المحكمة الابتدائية لمقر إقامة الزوجين مع ضرورة القيام بالإشهارات القانونية و ﺬلك بالإدراج بدفاتر الحالة المدنية للزوجين ثم بالترسيم بإدارة الملكية العقارية حتى يتم تسوية الوضعية القانونية للملك المشترك و لمعارضة الغير به .

إنهاء الاشتراك بموجب القانون :

ينقضي نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين بموجب القانون و قد نص الفصل 18 أنه ينتهي الاشتراك بوفاة أحد الزوجين أو بفقدان أحدهما و في الحالة الأولى يثبت ﺬلك بالإدلاء بمضمون وفاة القرين أما في الحالة الثانية بالإدلاء بحكم قضائي يقضي بفقدان القرين ما يترتب عنه آليا إنهاء لنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين.

ج) الانهاء القضائي لنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين :

من ضمن الحالات التي عددها المشرع بالفصل 18 و الذي بمقتضاها ينقضي نظام الاشتراك في الأملاك هي الطلاق و التفرقة الأملاك قضائيا فحالة الطلاق بصوره الثلاثة سواء بالتراضي سواء إنشاء سواء للضرر أما التفريق الأملاك قضائيا فقد عبر عنها المشرع صلب الفصل 20 حيث نص أنه إﺬا ما تصرف أحد الزوجين في الأملاك المشتركة و أدارها بشكل من شأنه أن يعرض مصالح قرينه أو مصالح العائلة إلى التلف فللزوج الآخر أن يطلب من المحكمة الحكم بإنهاء حالة الاشتراك ” وفي هذه الحالة خول المشرع صلب الفصل 23 للدائنين التداخل في تلك الدعوى لطلب حفظ حقوقهم كما مكنهم إمكانية الاعتراض على الحكم الصادر في شأنها إلا أنه و أثناء نشر الدعوى مكن المشرع الزوجين من إبرام اتفاقات على تصفية المشرك و يخضع هذا الاتفاق إلى مصادقة المحكمة مع إمكانية تعديله من طرف الدائنين حفاظا على حقوقهم .

و من أهم نتائج الإنهاء القضائي تكليف مصف للمشترك يتولى تصفية الأملاك المشتركة و يضبط قائمة في الأملاك المشتركة و الديون المتعلقة بها طبقا للفصل 22 من القانون .

و تقع قسمة المشترك مناصفة بين الزوجين و ﺬلك بعد خلاص الديون و تأمين ما يلزم لخلاصها إلا أنه إﺬا ما تعذر قسمة العقار عينا يمكن للمحكمة إسناده لأحد الزوجين أو ورثته مراعاة لوضعه أو وضعهم على أن يدفع المقابل من أسند إليه المشترك تعويضا نقديا حسب ما نص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 25 و في حال تعذر ﺬلك تلجأ المحكمة في هذه الحالة إلى تصفية العقار بالبيع .

لكن في صورة ما إﺬا تجاوزت الديون قيمة المشترك أوجب المشرع صلب الفصل 26 على كل واحد من الزوجين خلاص ما تبقى غير خالص من تلك الديون على نسبة استحقاقه في المشترك ، إلا أنه إﺬا كان أحد الزوجين تسبب بتقصيره أو تدليس منه في نشوء جملة تلك الديون أو بعضها يمكن للقرين الثاني أن يرجع عليه عن طريق القضاء المدني في باقي الديون التي لا تلزمه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت