معنــــــــى الإباحـــــــــــة :

لأجل الوصول الى المقصود بالإباحة لابد من استعراض معناها اللغوي والشرعي الإصطلاحي .

أولا”: الإباحة لغةًً

المباح في اللغة ضد المحظور، واباح الشيء أحله(1) وباح الشيء أظهره(2) ، يقال ابحتك الشيء احللته لك(3) .

ثانيا” : الإباحة شرعا”

هي ما خير الشارع المكلف فيه بين الفعل والترك(4) ، أو هو حكم يقتضي التخيير بين الفعل والترك(5) ، أو هو ما لا يمدح على فعله او تركه (6) .

وقد تعرض فقهاء الشريعة الإسلامية للإباحة بمناسبة بيان الحكم في أعمال المكلفين المخاطبين بأحكام الشرع ، وهذه الأعمال تنقسم عندهم الى قسمين اساسيين ، حلال وحرام استنادا لقولـه تعالى } … يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ..{ (7) .

والاباحة من الحلال وهي على نوعين ايضا” ، إباحة أصلية وتعني الأذن بالفعل ابتداءا” كما في قوله تعالى } هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ{ (8) ، وإباحة استثنائية بمعنى اخراج الفعل المحظور اصلا” من دائرته برفع الحظر عنه لعلة او لحكمة خاصة كما في قوله تعالى }وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَق {(9)، ويفيد ذلك ان قتل النفس حرام أصلا” ولا يباح إلا بالحق كوجود سبب للقصاص .

ثُالثا” : ا لإباحة اصطلاحا”

اسباب الإباحة هي ، حالات وظروف من شأنها لو توافرت على وفق الشروط التي حددها القانون لأدت الى ان تسلخ عن الفعل الجرمي صفته الجرمية وتعيده الى أصله من الإباحة(10) . أو هي حالات انتفاء الركن الشرعي للجريمة بناءا” على قيود واردة على نص التجريم تستبعد منه بعض الأفعال(11) أو ظروف ترفع الصفة غير المشروعة عن الأفعال الإرادية التي تخالف أحكام القانون والتي لولا هذه الظروف لكونت جرائم ، بيد أنه بوجود هذه الظروف تظهر وكأنها ممارسة لحق او أداء لواجب (12) . ويفهم مما تقدم ذكره ان الجريمة فعل غير مشروع ويكتسب الفعل هذه الصفة اذا خضع لنص تجريم ينهى عنه المشرع ويقرر من أجله عقوبة ، فلا قيام لجريمة اذا كان الفعل مشروعا” ، لكن هذه الصفة غير المشروعة ليست مستقرة فهي قابلة للزوال اذا عرض للفعل سبب يبيحه اشتثناءا” ، فتنقلب الأفعال المجرمة ابتداءا” الى أفعال مباحة ، ذلك إن الركن الشرعي والمتمثل في الصفة غير المشروعة للسلوك الاجرامي يتكون من عنصرين هما: خضوع هذا السلوك لنص تجريم وعدم خضوعه لسبب اباحة(13) . وقد يتفق ان تكتمل صورة الجريمة بركنيها المادي والمعنوي ومع ذلك تتجرد الواقعة مــن الصفة الجرمية وذلك لتجردها من عنصر العدوان الذي هو جوهر الإجرام ، حيث ينحصـر الدور القانوني لأسباب الإباحة في إخراج الفعل من نطاق نص التجريم وتجريده من الصفة غير المشروعة ورده الى أصله من المشروعية.(14) وتأسيسا” على ما تقدم فالاعتداء على الحياة فعل غير مشروع لأنه يخضع للنصوص التي تجرم القتل (المواد 405-406 و 410-411) من قانون العقوبات العراقي ، ولكن اذا ارتكب هذا الفعل دفاعا” عن النفس او المال زالت عنه صفة عدم المشروعية واصبح فعلا مباحا” ، والاعتداء على سلامة الجسم يخضع لنصوص التجريم التي تعاقب على الضرب او الجرح (المواد 412 – 416) من قانون العقوبات العراقي ، ولكن اذا ارتكب الضرب استعمالا” لحق التأديب او ارتكب الجرح لغرض العلاج تجرد الفعل من صفته الجرمية ، وكذا الحال بالنسبة للقبض و الحبس فأنه يخضع للنصوص التي تجرم القبض والحبس دون وجه حق (المواد 421- 422) من قانون العقوبات العراقي ، ولكنه اذا صدر من موظف او مكلف بخدمة عامة استعمالا” لسلطة يخولها له القانون اصبح فعلا” مباحا” . ففي جميع هذه الأحوال لا يشكل الفعل اعتداءا” على مصلحة اجتماعية معينة بحيث تنتفي العلة التي من أجلها جرم الفعل ، لذا يمكن القول بأن علة التجريم وعلة الإباحة مرتبطان، فعلتهما معا هي حماية مصلحة او حق يراه الشارع جديرا” بالحماية الجزائية(15) . ومن الجدير بالذكر ان الأسباب التي من شأنها إباحة الأفعال المجرمة أما تكون عامة أو خاصة ، أو مطلقة أو نسبية ، فالأسباب العامة هي التي يمكن أن تنطبق على كل الجرائم وتبيحها متى توافرت شروطها كالدفاع الشرعي ، واستعمال الحق واداء الواجب ، أما الأسباب الخاصة فهي التي لا تنطبق إلا على جرائم معينة او محددة كحق الدفاع أمام المحاكم والذي يبيح القذف والسب الذي يسنده أحد الخصوم للآخر اثناء دفاعه عن حقوقه(16). والأسباب المطلقة هي التي يمكن أن يستفيد منها أي شخص متى توافرت فيه شروطها بصرف النظر عن صفته كالدفاع الشرعي ، حيث يستفيد منه كل من تعرض للاعتداء وكل من ساهم فيه فاعلا” أو شريكا” ، أما الأسباب النسبية فهي التي لا يستفيد منها إلا شخص له صفة خاصة كالزوج في استعمال حق تأديب زوجته والموظف الذي ينفذ أمر السلطة ومباشرة العمل الطبي الذي لا يستفيد من اباحته إلا الطبيب.(17)

______________

1-الجوهري ، اسماعيل بن حماد / الصحاح ، ج1 ، بيروت ، دار العلم للملايين ، 1979 ، ص 357 ؛ الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر / مختار الصحاح ، بيروت ، المركز العربي للثقافة والعلوم ، دون تاريخ ، ص58 .

2- ابن منظور ، ابي الفضل جمال الدين / لسان العرب ، ط1 ، مج4 ، دون مكان ، دار أحياء التراث العربي ، 1405 هـ ص131.

3- الطرابلسي ، طاهر احمد الزاوي / ترتيب القاموس المحيط ، ط1 ، ج1 ، القاهرة ، مطبعة الاستقامة ، 1959 ، ص 281 .

4- محمد ابو زهرة / أصول الفقه ، عابدين ، دار الفكر العربي ، 1957 ، ص 46 .

5-الآمدي ، سيف الدين ابي الحسن علي بن ابي علي بن محمد / الإحكام في أصول الأحكام ، ج1 ، القاهرة ، مؤسسة الحلبي ، دون تاريخ ، ص114.

6- بدران ابو العينين / اصول الفقه ، الأسكندريه ، دار المعارف ، 1965 ، ص365.

7- سورة الأعراف / آية “156”

8- سورة الملك / آية “15”

9- سورة الانعام / آية “151” .

10- د. ضاري خليل محمود / البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام ، بغداد ، مكتبة عدنان ، 2002 ، ص105 .

11- د. محمود نجيب حسني / اسباب الإباحة في التشريعات العربية ، القاهرة ، معهد الدراسات العربية العالي ، 1962 ، ص15 .

12- د. حميد السعدي / شرح قانون العقوبات الجديد ،ج1 ، بغداد ، مطبعة المعارف ، 1970 ، ص318.

13- د. أكرم نشأت / القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ، بغداد ، مطبعة الفتيان ، 1998 ، ص133.

14- د.علي راشد / القانون الجنائي ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1974 ، ص495 ؛ د. جلال ثروت / قانون العقوبات القسم العام ، بيروت ، الدار الجامعية ، 1989 ص220 .

15- د.محمد صبحي نجم / قانون العقوبات -القسم العام ، عمان ، مكتبة دار الثقافة ، 2000 ، ص131 ؛ د. محمد الفاضل / المبادئ العامة في قانون العقوبات ، ط4 ، دمشق ، مطبعة دمشق ، 1965 ، ص257.

16- تنص المادة /436 من قانون العقوبات العراقي على أنه ( لا جريمة فيما يسنده أحد الخصوم … شفاها” أو كتابة من قدف أو سب اثناء دفاعه عن حقوقه أمام المحاكم … في حدود ما يقتضيه هذا الدفاع ) وهذا ما نصت عليه المادة / 309 من قانون العقوبات المصري أيضا” .

17- د. السعيد مصطفى السعيد / الأحكام العامة في قانون العقوبات ، ط4 ، القاهرة ، دار المعارف ، 1962 ، ص167 ؛ د. سمير الجنزوري / الأسس العامة لقانون العقوبات ،دون مكان نشر، مطبعة دار نشر الثقافة ، 1977 ، ص494 ؛ د. محمد الفاضل / المرجع السابق ، ص263 ؛ د. محمود نجيب حسني / شرح قانون العقوبات – القسم العام ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1989 ، ص162.

الطبيعة القانونية لأسباب الإباحة :

يذهب أغلب الشراح(1) ، الى ان اسباب الإباحة ذات طبيعة موضوعية بحتة ، ويعللون رأيهم هذا بالقول أنه ما دامت أسباب الإباحة تعمل في محيط عدم المشروعية ، وذلك بنفي هذه الصفة عن الواقعة المرتكبة ، فلابد ان تأخذ أسباب الإباحة ذات الصفة أو الطبيعة الخاصة بذلك الركن من أركان الجريمة ، وهذا يعني أنه ما دامت عدم المشروعية ذات طابع موضوعي ، فأن أسباب الإباحة هي الأخرى ذات طابع موضوعي أيضا ، وان إعمال أثرها لا يتوقف على الموقف النفسي للفرد ، فلا مجال فيها لأي عنصر شخصي ، فسواء حسنت نية الفاعل ام ساءت فلابد من إباحة فعله ادا توافرت الشروط الموضوعية للإباحة ، فالشخص يعد في حالة دفاع شرعي مثلا” حتى لو كان يعتقد بعدم توافر تلك الحالة وانه يرتكب جريمة. ويترتب على هذه الصفة الموضوعية لأسباب الإباحة إنه يستفيد منها من يرتكب الفعل بصفته فاعلا” أصليا” ، ومن يساهم فيه بصفته شريكا” ، وذلك لزوال الصفة الجرمية عن الفعل وعده فعلا” مشروعا” ، ما يستتبع ذلك من عدم قيام اية مسؤولية جزائية أو مدنية. ويجعل البعض الآخر من الشراح(2) صفة الشخصية استثناءا” على هذا الأصل أو يقيدها كحق التأديب وممارسة الأعمال الطبية(3) حيث تتطلب موقفا” نفسيا” لمن يباشرها ، فأسباب الإباحة دات طبيعة موضوعية ، ولكن من ناحية اخرى يجب ان يؤخد في الحسبان شخصية الجاني فيما يتعلق بتوافر اسباب الاباحة بالنسبة له ، لأنها تعتمد كلها على حسن النية في استعمال الحق وعدم تجاوز حدوده . ويرى جانب آخر منهم(4) إن أسباب الإباحة هي ظروف شخصية ذات أثر موضوعي أي انها ظروف خاصة بمن تعرض له فاعلا” كان أم شريكا” ولكن أثرها ينصب على الفعل لا على شخص الفاعل ، أي ان اثرها متعلق بالتكييف القانوني للفعل ،فهو يجرده من الصفة غير المشروعة ، ولكنه لا يمس ارادة الفاعل ، وتأييدا” لذلك فأنها تظل محتفظة بفاعليتها متى توافرت شروطها أو عناصرها حتى لو جهل الفاعل بوجودها ، فهي شروط تتعلق بالحق القانوني وحسن النية في استعماله وعدم تجاوز حدوده وكل ذلك مما يتصل بالشخص ولا يتعداه الى غيره . ومن جانبنا نعتقد ان الشخصية او الموضوعية صفة تتوقف على طبيعة كل سبب من أسباب الإباحة ، فاذا كانت اسباب الإباحة ترجع الى استعمال الحق واداء الواجب فأن الطبيعة او الصفة الشخصية تلحق كلا” منها ، ففي مجال استعمال الحق نجد ان حسن النية يكون العنصر الجوهري اللازم توافره لدى الفاعل حتى يتجرد فعله من الصفة الإجرامية رغم عدم النص على ذلك صراحة.(5) ومقتضى حسن النية ان يقع استعمال الحق بنية تأديب الزوجة أو بنية تعليم وتهديب الصغار، وبنية علاج المريض أثناء ممارسة الأعمال الطبية ، واداء اللعب على وفق اصوله عند ممارسة الألعاب الرياضية ، وان لا يتعدى العنف المستعمل في القبض على مرتكب الجناية او الجنحة المشهودة القصد من ضبطه وتسليمه الى السلطات المختصة والحيلولة دون فراره . أما في مجال اداء الواجب ، فلابد من أن يكون الموظف او المكلف بخدمة عامة حسن النية ، بمعنى ان يعتقد وهو يستعمل السلطة أو يؤدي الواجب انه ينفذ أمرا مشروعا ، وهذا ما أكدته (المادة 40/أولا” ) من قانون العقوبات العراقي بنصها ( لا جريمة اذا وقع الفعل من موظف أو مكلف بخدمة عامة اذا قام بسلامة نية بفعل تنفيذ لما امرت به القوانين او اعتقد ان اجراءه من اختصاصه ) ؛ ومن المعلوم ان حسن النية ذو طابع شخصي ومن مقتضاه ان يعلم الفاعل بما يفعل أو يقصد ما هدف إليه القانون. أما الدفاع الشرعي وهو من أظهر اسباب الإباحة في طبيعته الموضوعية ، إلا ان بعض التشريعات تنص على الاعتداد بعناصر شخصية للقول بقيام حالة الدفاع الشرعي ، ومن ذلك مثلا ما نصت عليه (المادة 251 ) من قانون العقوبات المصري بقولها (لا يعفى من العقاب بالكلية من تعدى بنية سليمة حدود حق الدفاع الشرعي . . . ) ومعنى حسن النية هنا أن يعتقد المدافع ان ما يستخدمه من قوة كافي وضروري لرد الاعتداء ، وما يؤيد ذلك جانبا” من الشراح(6) بالقول ( إن من ينتهز فرصة اعتداء شخص عليه بالضرب فيقتله لخصومة بينهما فلا يسمع منه قوله انه كان مدافعا” متى ثبت سوء قصده وانه انتوى من اول الأمر القتل لا الدفاع ) .

__________________

1- د. رمسيس بهنام / الاتجاه الحديث في نظرية الفعل والفاعل والمسؤولية – مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ، ع 3-4 ، س9 ، الاسكندريه ، مطبعة جامعة الاسكندرية ، 1960 ، ص 22 ؛ د. يسر انور علي / شرح النظريات العامة للقانون الجنائي ، القاهرة ، مطبعة الاستقلال الكبرى ، 1973 ، ص 527 ؛ د. محمد محي الدين عوض / القانون الجنائي مبادءه الاساسية ونظرياته العامة في التشريعين المصري والسوداني ، القاهرة ، المطبعة العالمية ، 1963 ، ص576 ؛ د. محمد عوض / قانون العقوبات-القسم العام ، الأسكندريه ، دار المطبوعات الجامعية ، 1985 ، ص89 ؛ عبد الوهاب حومد / الحقوق الجزائية العامة ، دمشق ، المطبعة الجديدة ، 1963 ، ص457 ؛ د. أحمد فتحي سرور / الوسيط في قانون العقوبات ، القسم العام ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1989 ، ص203 ؛ سامي النصراوي / المبادئ العامة في قانون العقوبات ، بغداد ، مطبعة دار السلام ، 1977 ، ص241 ؛ د. مأمون محمد سلامة – حدود سلطة القاضي الجنائي في تطبيق القانون ، القاهرة ، دارالفكر العربي ، 1975، ص 170 ؛ د. محمد ابو حسان / أحكام الجريمة والعقوبة في الشريعة الاسلامية ، الأردن ، مكتبة المنار ، 1987 ، ص198 .

2- د. محمد سامي النبراوي / شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات الليبي ، بيروت ، مطابع دار الكتب ، 1972 ، ص331 ؛ د. محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات ـ القسم العام ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1989 ،ص156 ؛ د. فخري الحديثي – شرح قانون العقوبات – القسم العام ، بغداد ، مطبعة الزمان ، 1992، ص105 ؛ د. علي حسين الخلف و سلطان الشاوي / المبادئ العامة في قانون العقوبات ، بغداد ، مديرية دار الكتب ، 1982 ، ص245.

3- كما قد يشترط القانون على سبيل الاستثناء عنصرا” نفسيا” كرضاء المريض بالنسبة الى استعمال الحق في العلاج .

4- د. هلالي عبداللاه احمد / تجريم فكرة التعسف كوسيلة لحماية المجني عليه في مجال استعمال الحق ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2002 ، ص 86 ؛ د. محمد نعيم فرحات -النظرية العامة لعذر تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي ، القاهرة ، ار النهضة العربية ،1981 ، ص194 ؛ د. علي راشد – القانون الجنائي ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1974، ص499 .

5- لم تشترط المادة /41 من قانون العقوبات العراقي حسن النية صراحة وكذلك المادة /69 من قانون العقوبات الليبي ، في حين اشترطت المادة /60 من قانون العقوبات المصري ذلك صراحة بقولها (لا تسري احكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا” بحق مقرر بمقتضى الشريعة) .

6- د. محمود ابراهيم اسماعيل / شرح الأحكام في قانون العقوبات ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1959 ، ص488 .

شـــــــــروط الإباحـــــــــة :

يشترط للقول بوجود الإباحة شرطان اساسيان هما ، وجود سبب الإباحة ذاته ، والتزام حدوده المقررة له قانونا”.

أولا” : وجود سبب الإباحة

يشترط في الفعل بوصفه سببا” للإباحة أن يكون موجودا” أصلا”(1) ، فلكي يحتج صاحب الحق بالإباحة يجب أن يثبت له ذلك الحق ابتداءا” ، ووجود الحق يقتضي اعتراف القانون به وحمايته له ، وبغير هذا الأعتراف لا يكون الحق سببا” للإباحة(2) ، سواء ما كان مصدره القانون او الشريعة او العرف ، وهدا ما نصت عليه (المادة 41) من قانون العقوبات العراقي بقولها (لا جريمة ادا وقع الفعل استعمالا” لحق مقرر بمقتضى القانون… في حدود ما هو مقرر شرعا” او قانونا” او عرفا”) .

ثانيا”: التزام حدود الإباحة

يقصد بشرط الالتزام بحدود الاباحة القيود(3) التي لابد من مراعاتها والالتزام بها أثناء ممارسة الحق ، بحيث يعد الخروج عليها او تجاوزها خروجا” بالحق عن دائرة الاباحة(4) ، ذلك ان القانون لا يعرف حقوقا” مطلقة إذ الحقوق كلها نسبية(5) ، وهي تخضع لنوعين من الحدود الأولى الحدود المادية او الخارجية للحق ، والثانية الحدود الغائية ، أي الهدف او الغاية المتوخاة من استعمال الحق . فكل سبب من اسباب الاباحة يحمل بذاته حدوده المقررة قانونا”(6) لاختلاف المصلحة التي يتعلق بها كل سبب ، وان كانت جميعها مقررة من أجل حماية المصلحة القانونية … إن هذين الشرطين ، شرط وجود الاباحة والتزام حدودها ، هما من الشروط العامة الواجب توافرها في جميع اسباب الاباحة سواء ما كان منها استعمالا” لحق ، أو اداءا” لواجب او دفاعا” شرعيا ، وبهما يتم التحقق من ان الشخص يمارس عملا” مشروعا” أو غير مشروع على وفق ما اذا كان يلتزم حدود الإباحة او يجاوزها(7) .

_________________

1- د. محمد نعيم فرحات / النظرية العامة لعذر تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1981 ، ص8 ؛ د. عثمان سعيد عثمان / استعمال الحق كسبب للإباحة ، القاهرة ، دون ناشر ، 1968 ، ص332 ؛ د. جلال ثروت – قانون العقوبات ـ القسم العام ، بيروت ، الدار الجامعية ، 1989، ص222.

2- د. محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات ـ القسم العام ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1989 ، ص165 ؛ د. علي عبد القادر قهوجي / قانون العقوبات- القسم العام ، بيروت ، الدار الجامعية ، 1985 ، ص134.

3- د. رمسيس بهنام / النظرية العامة للقانون ، ط3 ، الاسكندريه ، منشأة المعارف ، 1997 ، ص332 .

4- د. مأمون محمد سلامة / قانون العقوبات – القسم العام ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1979 ، ص 181.

5- د. محمود نجيب حسني / المرجع السابق ، ص167 ؛ د. عثمان سعيد عثمان / المرجع السابق ، ص349 .

6- د. عبد الرحيم صدقي / الوجيز في القانون المصري ، القاهرة ، دار المعارف ، 1986 ، ص 369 .

7- د. فخري الحديثي / شرح قانون العقوبات- القسم العام ، بغداد ، مطبعة الزمان ، 1992 ، ص129 ؛ د. عبد الرحيم صدقي /المرجع السابق ، ص372 .

المؤلف : سامية عبد الرزاق خلف
الكتاب أو المصدر : التجاوز في الاباحة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .