للشركة القابضة تعاريف فقهية واخرى تشريعية، فالتعريف السائد لدى الفقهاء الانكلوامريكان أن الشركة القابضة هي(1). (( تلك الشركة التي تملك السيطرة على شركة أخرى نتيجة تملكها اسهماً في رأسمالها )) والبعض منهم يقول (( إن الشركة القابضة لغيرها تلك التي يكون لها حق الرقابة على تكوين مجلس إدارة الأخيرة وذلك من خلال القدرة على التعيين أو التعيين فعلاً لأغلبية ذلك المجلس وتعرف الأخيرة بأنها شركة قابضة للشركة الأولى))(2). واستناداً إلى هذا التعريف فإن السيطرة والرقابة على تكوين مجلس إدارة الشركة التابعة إنما ينتج من استعمال حق التصويت المرتب للشركة القابضة على تملكها للأسهم في رأسمال الشركة التابعة، ويرى أيضاً إن السيطرة تنشأ من خلال علاقة عقدية بين شركتين يتوافر لاحداهما الحق في تعيين مجلس إدارة الثانية . أما في الفقه الفرنسي فتعرف الشركة القابضة، من خلال تعريف للشركات متعددة الجنسية إذ يصف الشركات متعددة الجنسية بأنها مجموعة شركات مستقلة عن بعضها قانوناً ولكنها ترتبط كل منها بالأخرى، واحداهما تكون الشركة القابضة أو المسيطرة قانوناً أو واقعاً على فرض وحدة القرار على شركات المجموعة التي تكون في مركز التابع لها. أما جانب من الفقه المصري فقد عرفها بـ((أنها الشركة التي تملك أسهم شركات أخرى تسمى بالشركات القابضة Subsidiaries بالقدر التي تمكنها من السيطرة على إدارة الشركة بتحديد من يتولى إدارة الشركة التابعة و كيفية السير في إدارة أمور الشركة القابضة))(3) . أما في الفقه العراقي فلم نجد تعريفاً متفق عليه للشركات القابضة(4). ويتضح من هذه التعاريف التي ساقها الفقه(5). وبعض التشريعات(6). انها تركز على فكرة واحدة يتميز بها هذا النوع من الشركات وهي أن الشركة القابضة هي الشركة التي لها السيطرة على شركة أخرى تسمى الشركة التابعة بحيث تستطيع الأولى أن تقرر من يتولى إدارة الشركة التابعة أو يؤثر في القرارات التي تنفذها الهيئة العامة للشركة التي تتعلق بالوسائل التي تتخذها الشركة القابضة في إحكام قبضتها على الشركة التابعة. أما التعريف التشريعي للشركة القابضة في التشريعات العربية فلم يرد ذكرها باستثناء ما ذكره القانونين وهما قانون الشركات اللبناني في المرسوم الاشتراعي رقم 45 لعام 1983 وقانون الشركات الأردني رقم 22 لعام 1997 ، أما القانون السوري فان قانون التجارة السوري لم ينص على تأسيس الشركات القابضة إلا أنه تم صدور المرسوم التشريعي رقم /15/ بتاريخ 4/8/1999، المتضمن تصديق اتفاق تأسيس الشركة الكويتية المتحدة للاستثمار – شركة سورية مساهمة مغفلة(7). وهذا ما بينه المجلس الأعلى للاستثمار بضرورة إلحاق قانون الاستثمار /5/ بعملية التطور فأورد مسودة يقترح فيها إضافة بابين خاصين بالشركة القابضة و أحكامها، إلا إن هذا المشروع لم ينص على تعريف محدد للشركة القابضة في ف (أ) / م5 /2004، بل اكتفى بتحديد الأعمال التي يسمح لهذه الشركة بممارستها(8).أما بالنسبة لقانون الشركات الأردني لسنة 1997 فقد عرف الشركة القابضة في الفقرة (أ) من المادة (204) منه بأنها شركة مساهمة عامة تقوم بالسيطرة العملية والإدارية على شركة أو شركات أخرى تدعى الشركات القابضة بواحدة من الطرق الآتية :

أولا: أن تملك أكثر من نصف رأسمالها.

ثانيا: أن يكون لها سيطرة على تأليف مجلس إدارتها، أما الفقرة (ب) من المادة فقد نصت على أنه لا يجوز للشركة القابضة تملك حصص في شركات كشركات التوصية البسيطة وشركات التضامن. ونصت الفقرة (ج) من المادة نفسها من قانون الشركات الأردني على أن ((يحظر على الشركة التابعة تملك أي سهم أو حصة في الشركة القابضة)).

وقد حددت المادة (205) غايات الشركة القابضة بما يأتي :

أولاً: إدارة الشركات التابعة لها أو المشاركة في إدارة الشركات الأخرى التي تساهم فيها.

ثانياً: استثمار أموالها في الأسهم والسندات والأوراق المالية.

ثالثاً: تقديم القروض والكفالات والتحويل للشركات التابعة لها.

رابعاً: تملك براءات الاختراع والعلامات التجارية والامتيازات وغيرها من الحقوق المعنوية واستغلالها وتأجيرها للشركات التابعة لها أو غيرها.

وقد أشارت المادة (206) إلى تأسيس الشركات القابضة في الأردن وجاء فيها ما يأتي:

تؤسس الشركة القابضة بإحدى الطرق الآتية:

(1) بتأسيس شركات مساهمة عامة تنحصر غاياتها في الأعمال المنصوص عليها في المادة (205) من هذا القانون أو في أي منها، وفي تأسيس شركات تابعة لها أو تملك أسهم أو حصص في شركات مساهمة عامة أخرى.

(2) شركات محدودة المسؤولية أو شركات توصية بالأسهم للقيام بتلك الغايات.

أما بالنسبة لقانون الشركات اللبناني لعام 1983(9). فقد عبر عن الشركات القابضة بالمرسوم الاشتراعي المرقم (45) في 24/6/1983 اذ نصت المادة الخامسة منه على نشوء شركة الهولندغ (القابضة ) بشكل شركات مساهمة مغفلة وتخضع للأحكام التي تخضع لها الشركات المغفلة في كل ما لا يتعارض وأحكام هذا المرسوم الاشتراعي، ولم يعرف شركة الهولندي (القابضة)(10). إذ ذكرت المادة الثانية منه موضوع هذه الشركة كما في القانون السوري في النص الآتي، يجب أن ينحصر موضوع هذه الشركة بما يلي:-

أولا: تملك أسهم أو حصص في شركات مغفلة أو محدودة المسؤولية لبنانية أو أجنبية قائمة أو الاشتراك في تأسيسها.

ثانيا: إدارة الشركات التي تملك فيها حصص شراكة أو مساهمة.

ثالثا: إقراض الشركات التي تملك فيها حصص شراكة أو مساهمة وكفالتها تجاه الغير، وشركة الهولندغ لها حق الاقتراض من المصارف وان تصدر سندات دين لاحقاً لأحكام المادة الثانية والعشرين وما يليها من قانون التجارة (2) على أن لا يتجاوز مجموع قيمة السندات المصدرة في أي وقت من الأوقات خمس مرات من قيمة رأس مال شركة الهولندع مضافاً إليه الاحتياطيات وفقاً لآخر ميزانية جرت الموافقة عليها. ولا يجوز للشركة القابضة إقراض شركات عاملة في لبنان إذا كانت حصتها في رأس مالها تقل عن 20%.

رابعاً: تملك براءات الاختراع و الاكتشافات والامتيازات والماركات المسجلة وسواها من الحقوق المحفوظة وتأجيرها لمؤسسات واقعة في لبنان والخارج.

خامسا: تملك أموال منقولة أو غير منقولة شرط أن تكون مخصصة لحاجات أعمالها فقط مع مراعاة أحكام القانون المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية التجارية في لبنان))(11).

أما موقف التشريعات الغربية، فأن موقف المشرع الفرنسي لا يتفق مع موقف الفقه الفرنسي السائد، فانه يعتبر الشركة القابضة، وفقاً لأحكام المادة 355، من قانون الشركات، 1966، إذا امتلكت نسبة تجاوز 50% من رأس مال شركة أخرى، أما إذا امتلكت نسبة 10% و50% فهي شركة مشاركة أما إذا امتلكت أقل من 10% من رأس مال الشركة الأخرى فهي شركة مستثمرة(12). أما بالنسبة للقانون الإنجليزي (فقانون الشركات لسنة 1985 المعدل بقانون الشركات لسنة 1989، قد خلا من تعريف للشركة القابضة ولكنه بين في ( section 736 A،section 736 ) الواردين في القسم السادس والعشرين من القانون (1) ، الحالات التي تكون فيها الشركة القابضة أو تابعة وعلى الوجه الآتي : اذ جاء في المادة 736 (1).إن الشركة تكون تابعة لشركة قابضة إذا كانت الأخيرة:

أ. لها أغلبية حق التصويت.

ب. إذا كانت شريكة فيها ولها حق التعيين أو فصل أغلبية أعضاء مجلس أدارتها، أو إذا كانت شركة فيها تسيطر وحدها وفقاً لاتفاق مع الشركاء الآخرين، على حق التصويت فيها. تكون الشركة تابعة إذا كانت مملوكة كليا من قبل شركة أخرى ليس فيها شركاء آخرون معها أو هناك شركة شريكة غير تابعة للشركة المالكة، أما المادة 736 م. فتناولت موضوع يتعلق بحق التصويت الذي يعطي للشركة القابضة إمكانية السيطرة سواء التصويت على اجتماعات الهيئة العامة أو على الإدارة. واستنادا الى ما تقدم فان القانون الإنجليزي لا يسمح للشركة التابعة شريكا أو مساهمة في الشركة القابضة لها، وأن كل تخصيص أو تحويل لأسهم الشركة القابضة إلى شركتها التابعة يعتبر باطلاً(12). على أن لهذا المنع استثنائين يجيزان للشركة التابعة أن تكون شريكاً أو مساهماً في الشركة القابضة لها.

الأول: في حالة كون الشركة التابعة ممثلاً شخصياً منفذ الوصية متوفى له أسهم في الشركة القابضة.

الثاني: عندما تحوز الشركة التابعة، اسهماً في الشركة القابضة بصفتها أميناً Trustee شرط أن لا يكون هناك انتفاع للشركة التابعة من الائتمان Trust(13). ومن خلال التعاريف الفقهية والتشريعية للشركة القابضة يمكن استخلاص الخصيصتين الآتيتين لهذه الشركة:

الأولى: لا بد أن تكون الشركة القابضة شركة مساهمة، اذ أن نظام الشركة المساهمة هو نظام يكاد يكون عالمياً مستنداً إلى أحكام وأسس واحدة مع بعض الاختلافات في الأحكام الجزئية بين تشريع وآخر، والتنظيم القانوني للشركة يسمح لها بما تملكه من أدوات وسبل خاصة بتداول الأسهم وتركز رأس المال وخلق علاقات التبعية بالسيطرة على شركات أخرى.

الثانية: أن أغراض الشركة محددة كقاعدة عامة بالسيطرة على شركات أخرى بامتلاك أسهم منها تسمح بها إلى الحد الذي يكفي بالسيطرة على هذه الشركات التي تسمى بالشركات التابعة أو بإنشاء شركات وليدة، وتصبح الشركة القابضة مالكة لجميع رأس مالها وهذه السيطرة تمتد إلى رئيس مجلسي الإدارة والجمعية العامة في الشركات التابعة و الوليدة بحيث تدار هذه الشركات وتحقق الأغراض وفقاً للخطة الاقتصادية الاستراتيجية الموحدة التي تضعها الشركة القابضة لمجموع هذه الشركات التي يشترط أن تكون خارج إقليم دول الشركة القابضة.

إن النشاط الموحد للشركة القابضة كقاعدة عامة هو إدارة الشركات الوليدة أو التابعة التي تمتلك جميع أو معظم رأس مالها وكأنها مجلس إدارة عاماً لهذه الشركات مع اكتفاء بالأرباح التي تحققها من مجموع شركاتها هذه(14). وبإمكان الشركة القابضة ممارسة نشاط اقتصادي يختلف باختلاف عقد تأسيسها ولكن يبقى نشاطها الرئيسي هو إدارة الشركات التابعة أو الوليدة والسيطرة عليها بهدف تحقيق الأرباح وفقاً لخطة اقتصادية موحدة(15). مثال ذلك شركة هوندا اليابانية لصناعة السيارات فهي تنتج السيارات في اليابان ولكنها تملك شركات وليدة و تابعة على الصعيد العالمي التي تقوم بإنتاج سيارات أيضاً خارج اليابان ، ومن ضمنها إنتاجها في الولايات المتحدة الاميركية الذي يزيد على إنتاجها في اليابان نفسها.

____________________

– اشار الى ذلك محمد حسين إسماعيل، مصدر سابق ، ص ص12-11، انظر أيضاً د.فوزي محمد سامي، الشركات التجارية-الاحكام العامة والخاصة، دراسة مقارنة، مكتبة دار الثقافة والنشر والتوزيع، عمان، 1999، ص ص562-565.

2- اشار الى ذلك محمد حسين إسماعيل، الشركة القابضة وعلامة شركاتها التابعة في مشروع قانون الشركات الأردني والقانون المقارن، 1990، صيغة أولى، عمان، الأردن، ص ص12-11.

3- انظر د.محمود سمير الشرقاوي، المشروع متعدد القوميات والشركة القابضة كوسيلة لقيامه، مجلة مصر المعاصرة، عدد 362، مطابع الأهرام التجارية، السنة 66، القاهرة، 1975، ص8.

4- وهذا ما أكده د.فوزي محمد سامي، الشركات التجارية ((الأحكام العامة و الخاصة، دراسة مقارنة))، مكتبة دار الثقافة والنشر والتوزيع، عمان، 1999، ص124 . حيث يقول (لا يوجد تعريف متفق عليه للشركة القابضة).

5- انظر د.محمد حسين إسماعيل ( الشركة القابضة و علاقتها بشركاتها التابعة في مشروع قانون الشركات الأردني والقانون المقارن )، ط1، عمان، الأردن، 1990، ص11 وما بعدها.

6- مثل القانون الإنجليزي لسنة 1989، قانون الشركات الأردني م55 لسنة 1977 والمرسوم الاشتراعي اللبناني1983.

7- ان مصطلح (مغفلة) في قانون التجارة اللبناني والسوري هي ترجمة الكلمة الانجليزية (non-nominee) وتعني شركة بدون اسم أو بدون عنوان .

8- القانون السوري / أبحاث الشركات القابضة في 22/7/2004. منشور على الشبكة الدولية للمعلومات ، على الموقع :

http://www.albyan.co.ae/albayan/1999/09/eqt/2.htm

9-لمزيد من التفاصيل انظر: د. محمد حسين إسماعيل، الشركة القابضة وعلاقتها بالشركات التابعة لمشروع قانون الشركات الأردني والقانون المقارن، ط1، عمان، 1990، ص11.

0- د.محمد فوزي سامي، مصدر سابق، ص ص565-566.

1-د. محمد حسين إسماعيل، مصدر سابق، ص ص19-20.

2- استعمال كلمة (section) في قانون الشركات الإنجليزي تعني فقرة أو مادة عوضاً عن كلمة Article.

3- د.عوني فخري، المصدر السابق، ص62.

4- الـ Trust يدل قانوناً على ان تجمع الشركات يتم بوسيلة قانونية يشكل اتحاداً صريحاً تنتقل بموجبه أموال شركتين أو أكثر لمجموعة من الأمناء الذين يصبحون بدورهم مالكين لهذه الأموال ثم يصدرون شهادات ائتمان إلى مساهمي الشركات الأعضاء بما يوفر لهم الحق في الأرباح المصرح بها في الاندماج، والناجمة عن الأموال المشتركة والأمثلة المشهورة (The Old Standard Oil ) . د. محمد حسين إسماعيل ، مصدر سابق ، ص39.

5- فهي تحقق أغراضها المنصوص عليها في عقد تأسيسها ونظامها من خلال هذه الشركات.

6- للمزيد انظر: د. محمد حسين إسماعيل، المصدر السابق، ص274 وما بعدها.

المؤلف : يمامة متعب مناف السامرائي .
الكتاب أو المصدر : الشركات متعددة الجنسية والقانون الواجب التطبيق
الجزء والصفحة : ص42-49.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت