يراد بالدخل الاجمالي، هو مجموع الايرادات التي يحصل عليها المكلف خلال مدة زمنية معينة ولاتكون لها صفة رأس المال(1). وهذا يعني ان الدخل الاجمالي يشمل جميع المبالغ التي انفقت في سبيل الحصول عليه (الدخل)، فضلاً عن الزيادة التي حصلت في ذمة المكلف من الايرادات الصافية خلال المدة، فالزيادة الحاصلة في ذمة المكلف من النفقات التي صرفته [كتكاليف لا عادة انتاج هذا المورد] تضاف الى باقي الايرادات لتكون الدخل الاجمالي(2). ان من اهم المسائل التي تثار بصدد تحديد الارباح الاجمالية المتحققة في دولة ما: مسألة تحديد الارباح في العمليات التجارية بين المركز الرئيسي وفروعه في الخارج ومسألة تقسيم الارباح وتحديد ما يخضع منها للضريبة في الحالة التي تتوزع فيها العملية التجارية بين دول متعددة، ونبحث فيما يلي هاتين المسألتين من خلال الفرعين التاليين:

الفرع الاول: العمليات التجارية بين مركز المشروع وفروعه الخارجية.

الفرع الثاني: تقسيم الدخل الاجمالي الموزع في اقاليم متعددة.

الفرع الاول : العمليات التجارية بين مركز المشروع وفروعه الخارجية

يخضع تقدير الارباح الناجمة عن العمليات التجارية بين مركز المشروع الرئيسي وفروعه الخارجية لقاعدة اساسية هي استقلالية الارباح التي يحققها هذا المركز عن ارباح فروعه في الخارج. ونبحث فيما يلي هذه القاعدة ثم موقف المشرع الضريبي العراقي عنها:

اولاً: استقلال ارباح المركز عن ارباح فروعه الخارجية:

اذا جرت عملية تجارية بين المركز الرئيسي للمشروع وبين احد فروعه المتواجدة في دولة اخرى او اية منشأة اخرى تابعة لهذا المشروع متواجدة في الخارج، فتقدر ارباح كل من المركز الرئيسي والفرع او المنشأة التابعة له كما لو كان منهما مشروعاً مستقلاً عن الاخر يزاول التجارة وفقاً للتعامل المعتاد في السوق مع الاخذ بعين الاعتبار الظروف التي تمت فيها العملية التجارية. وتسمى هذه القاعدة بقاعدة استقلال الارباح(3). ويترتب على القاعدة المذكورة النتيجتان التاليتان:

1-اذا جرت مبادلة تجارية بين المركز الرئيسي وأحد الفروع او المنشآت التابعة له في الخارج باسعار تقل عن الاسعار المألوفة في السوق فانه يحق للادارة الضريبية ان تعدل ذلك السعر الى الحد الذي يجري عليه التعامل العادي في السوق فيما لو جرى هذا التعامل بين اشخاص مستقلين.

2-ان مجرد ارسال البضاعة من المركز الرئيسي الى الفرع او المنشأة في الخارج او العكس يعتبر عملية تجارية محققة للربح من وجهة النظر الضريبية بالنسبة للجهة التي ارسلت البضاعة، كما يعتبر عملية شراء بالنسبة للجهة التي ارسلت اليها البضاعة حتى لو لم يتم بيع البضائع للغير (الى جهة ثالثة)، لان المركز الرئيسي يعتبر وحدة مستقلة عن فروعه الخارجية في الايراد الذي يحققه كل منهما لغايات تطبيق قاعدة استقلال الارباح(4). ويرى البعض(5). ان هذا الحكم لايستند في اساسه استقلال الشخصية المعنوية للمركز الرئيسي عن الفرع، لان الفروع لاتتمتع بشخصية قانونية متميزة عن المركز الرئيسي وانما تعتبر تابعة له ويرتبون على ذلك ان عملية تبادل البضائع بين مركز المشروع وفروعه لاتمثل عملية تجارية منتجة للربح. اما الاساس القانوني لاستقلال ارباح المركز عن فروعه واعتبار عمليات التبادل بينهما كعمليات تجارية منتجة للربح فيستند الى ضرورة تقدير الارباح بصورة تمنع التهرب الضريبي نتيجة لقيام علاقة بين المركز وفروعه الخارجية وتبرز مثل هذه الضرورة في عمليات التبادل التجاري بين المركز وفروعه الخارجية لتعذر حصر البضاعة المتبقية لدى الفروع الخارجية، بينما لايمكن القول بوجود مثل هذه الضرورة بالنسبة لعمليات التبادل بين المركز وفروعه المحلية لأمكان حصر البضاعة المتبقية لدى المشروع عن تدقيق الحسابات والجرد والمعاينة(6).

ثانياً: موقف المشرع العراقي من قاعدة استقلال الارباح:-

نص قانون ضريبة الدخل العراقي على [اذا تعاطى احد الاشخاص غير المقيمين عملاً تجارياً مع شخص مقيم وظهر للسلطة المالية بسبب العلاقة الخاصة ما بين المقيم وغير المقيم والسيطرة المهمة لاحدهما على الاخر انه من الممكن ادارة العمل التجاري او فعلاً تتم ادارته بصورة لاتترك للمقيم ربحاً ما او ارباحاً اقل ما يمكن الحصول عليها، فتقدر الضريبة بالنظر الى الارباح الحقيقية على غير المقيم ويكون خاضعاً لها باسم المقيم ولو كان وكيلاً لا دارة العمل من غير المقيم](7). فهذا النص عام ينطبق على كل حالة يلجأ اليها الشخص غير المقيم للتهرب من الضريبة عن طريق استغلال العلاقة الخاصة او السيطرة تجاه الطرف الاخر للعملية التجارية، وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على العلاقة بين المركز الرئيسي وفروعه او المنشآت التابعة له في الخارج. فقد يحدث ان يتفق المركز الرئيسي (الشركة الام) والفرع (الشركة الفرعية) على شروط تتعلق بعلاقاتها المالية او التجارية تخالف تلك الشروط التي يمكن ان تقوم بين مشروعين مستقلين بغرض تحويل الارباح الى الخارج وصور تحويل الارباح الى الخارج كثيرة منها:

-بيع منتجات المشروع المقيم للأخر بأسعار تقل عن السعر العالمي او عن اسعار البيع للعملاء الاخرين او عن اسعار البيع العادية.
-منح المشروع المقيم قروضاً من دون فائدة للمشروع غير المقيم.
-التكاليف التي تزيد عن المألوف التي يلزم بها المشروع المقيم للمشروع الاخر.
-بصفة عامة كل صفقة يترتب عليها تحويل ارباح للمشروع غير المقيم(8).

الفرع الثاني : تقسيم الدخل الاجمالي الموزع في اقاليم متعددة

ان المشرع العراقي تبنى معيار النشاط الاقليمي العارض كأساس لتحديد مكان مزاولة التجارة، وان لجان الاستئناف والهيئة التمييزية اعتبرت ان التجارة قد جرت مزاولتها في الاقليم العراقي اذا تم ممارسة أي جزء جوهري من النشاط الذي نجم عنه الدخل(9). وعلى ماتقدم فالأصل الا تبرز مشكلة بصدد تقسيم الدخل الاجمالي الموزع بين اكثر من اقليم في القانون العراقي، ولكن يمكن ان تثار هذه المشكلة في الحالة التي تتضمن فيها العملية التجارية المرتبطة بأكثر من دولة اكثر من نوع من النشاطات التجارية كحالة بيع المصنوعات في دولة غير التي تم فيها الصنع. كما لو قامت شركة اجنبية بانتاج بضائع خارج العراق ثم قامت ببيعها بموجب عقد تم ابرامه في العراق او من خلال فرعها فيها، ففي مثل هذه الحالة يجب ان نميز بين الدخل من الصناعة التي يعتبر متحققاً في الخارج وبين الدخل من البيع الذي يعتبر متحققاً داخل الاقليم العراقي وتحديد حصة كل منهما من الارباح الكلية. وقد عالج المشرع الضريبي العراقي هذه المسألة عندما نص على [اذا ظهر للسلطة المالية بأن مقدار الارباح المكاسب والارباح الحقيقية العائدة لشخص غير مقيم وخاضع للضريبة باسم مقيم لايمكن التحقق منها بسهولة بوجه من الوجوه فللسلطة المالية اذا رأت ذلك مناسباً ان تقدر الضريبة على غير المقيم وتجعله خاضعاً لها بنسبة مئوية عادلة ومعقولة…](10). استناداً الى ماورد في نص هذه المادة يمكن تحديد الارباح الاجمالية التي يحققها شخص غير مقيم نتيجة تصنيع بضاعة في الخارج وبيعها في العراق على اساس المقارنة مع نسبة الربح التي يمكن ان تتحقق نتيجة بيع بضائع مماثلة في العراق، وبالقياس على ماورد فيها يمكن تحديد نسبة الربح الناجمة عن صنع البضاعة في العراق وبيعها في الخارج بالمقارنة مع نسبة الارباح المماثلة التي يمكن ان تحققها الصناعات المماثلة فيما لو تم للبيع في مكان صنعها في العراق. ولايمنع ذلك من تحديد الايرادات المتحققة على اساس الحسابات المستقلة ان وجدت واقتنعت بها السلطة الضريبية، لان نص الفقرة القانونية المذكورة ينطبق في الاحوال التي يتعذر او يصعب فيها تحديد الارباح الحقيقية في العراق.

_________________

[1]- د. رفعت المحجوب- المالية العامة- القاهرة- منشورات مكتبة النهضة العربية- مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي- 1981- ص254.

2- عبد الباسط علي جاسم الجحيشي- الاعفاءات من ضريبة الدخل- رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون- جامعة الموصل- 2001- ص23.

(3) U.N.: Un Draft Model Doubel Taxation Convention between Developed and Developing Countries، New York، 1996، P.92.

مشار اليه في: توفيق الهرش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري- مرجع سابق- ص122.

4- د. محمد مرسي فهمي- الضريبة على الارباح الصناعية والتجارية- مصدر سابق- ص22.

5- يرى البعض ان فرع الشركة لايتمتع بالاستقلالية عن المركز الرئيسي فيما يخص ارباحه. بينما نرى ان نظام فروع الشركات الاجنبية العاملة في العراق رقم (5) لسنة 89 المنشور بالوقائع العراقية بالعدد (3268) في 14/8/89 قد منح هذا الفرع لمجرد تسجيله في العراق الشخصية المعنوية مما يعني استقلاليته عن المركز الرئيسي فيما يخص ارباحه، انظر حول هذا الرأي الذي لانسايره: توفيق الهرش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري- مرجع سابق- ص122.

6- توفيق الهرش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري- مرجع سابق- ص122.

7- الفقرة (2) من المادة (21) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.

8- د. زكريا محمد بيومي- ضريبة الدخل في التشريع السوداني- مصدر سابق- ص256-257.

9- قضت اللجنة الاستئنافية “لقد تأييد للجنة ان المستأنف (الشركة غير المقيمة) قد ابرم عقداً بواسطة وكيله… وحيث ان الاخير مخول من قبل الشركة لتوقيع العقد باعتباره ممثلاً للشركة الاردنية وبذلك يرتب كافة الحقوق والالتزامات للشركة المذكورة… فان الشركة تكون خاضعة للضريبة…”

انظر قرار اللجنة الاستئنافية الاولى رقم 12 ك1/2000 في 7/6/2000. قرار غير منشور- الهيئة العامة للضرائب.

0[1]- الفقرة (3) من المادة (21) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.

المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص129-133

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .