لدى الرجوع الى مؤلفات الفقه المالي، لم نجد تعريفاً جامعاً مانعاً للأعفاء الضريبي وانما اقتصرت على تحديد انواعه واسباب منحه(1). ذلك لان الضريبة لم تعد اداة ذات غرض مالي فقط وانما اصبحت اداة اساسية تخدم النظام السياسي في الدولة عن طريق استخدام الاعفاءات الضريبية لتحقيق اهدافها الحالية والمستقبلية والمتمثلة بأرساء العدالة الاجتماعية وتطوير التنمية الاقتصادية وتشجيع الاستثمار الاجنبي فيها(2).

ويلاحظ في هذا المجال، ان المشرع الضريبي العراقي سار في الاتجاه نفسه، حيث لم يبن مفهوماً واضحاً للاعفاء الضريبي، بل اكتفى بتعداد حالاته وبيان انواعه(3). ونعتقد ان السبب في عدم بيان الفقه الضريبي لمفهوم واضح للاعفاء الضريبي يرجع الى ان ذلك إما ان يؤدي الى توسيع او تضييق الاطار الذي يحيط بهذا المفهوم، وهذا قد يؤدي الى خلل في عمل السلطة المالية عند منحها للاعفاء الضريبي، كون الفقه الضريبي يمثل مصدراً مهماً ترجع اليه السلطة المالية بعد التشريع(4).

ان الاعفاء الضريبي، هو عدم فرض الضريبة على دخل معين، اما بشكل مؤقت او بشكل دائم وذلك ضمن القانون وتلجأ الدول الى هذا الامر لاعتبارات تقدرها بنفسها وبما يتلاءم مع ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فالاعفاءات الضريبية تشمل دخولاً بكل معنى الكلمة وتخضع للضريبة اصلاً ولكن المشرع قرر استثناءها من الضريبة ليس باعتبارها من تكاليف انتاج الدخل، وانما لاعتبارات اخرى، فهي ميزة قانونية تقررها التشريعات أما بنص عام او خاص وهذه الميزة تعطي منافعها المالية والاقتصادية الى الدولة عن طريق الصناعة وتشجيع التجارة وتلافي الازدواج الضريبي(5).

وكذلك الى المكلفين، فالاعفاء المقرر مثلاً لمواجهة الاعباء العائلية ماهو الا ميزة قانونية تقررها التشريعات بهدف تحقيق الرفاهية للمكلف او أسرته(6). ومع ذلك نعتقد ان ماذهب اليه البعض(7) ببيان الاعفاء الضريبي بمثل الاتجاه الفقهي الذي نؤيده حيث بيّن الاعفاء بأنه (ميزة تمنحها السلطة العامة بنص القانون للشخص الطبيعي او المعنوي، تبغي من ورائه تحقيق جملة من الاهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية).

___________________

[1]- انظر على سبيل المثال: حسن النجفي- معجم المصطلحات التجارية والصرفية- بغداد- دار افاق عربية للطباعة- الطبعة الثالثة- 1984- ص428.

2- د. احمد ثابت عويضة- ضريبة الارباح التجارية والصناعية (مصدر الالتزام بالوفاء)- مصدر سابق- ص242.

3- انظر المادة (7) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.

4- ان الفقه الضريبي يعد مصدراً استرشادياً وغير مباشر يرجع اليه موظفو السلطة المالية لتفسير النصوص القانونية عند غموضها. وفي ضوء ذلك انظر: قرار لجنة التدقيق الاولى المرقم 376/1976 في 27/2/1976. مشار اليه: هشام صفوت العمري- اتجاهات المشرع العراقي في ضريبة الدخل- مصدر سابق- ص116.

وحيثيات هذا القرار انها ألغت قراراً للسلطة المالية حيث اشترطت الاخيرة لمنح اعفاء منشئ الفندق الذي يستغله فعلاً. وقد جاء القرار انه لايشترط ذلك فان مستأجر أي عمارة يتخذها فندقاً ممتازاً او من الدرجة الاولى يصبح له حق التمتع بالاعفاء من الضريبة لمدة خمس سنوات.

5- د. محمد فؤاد ابراهيم- مبادئ علم المالية العامة- ج1- القاهرة- 1958- ص456.

6- د. عادل احمد حشيش- اساسيات المالية العامة- دار المعرفة الجامعية للطباعة- الاسكندرية- 1996- ص167.

7- عمار فوزي المياحي- الاعفاء الضريبي- مصدر سابق- ص8.

المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص138-139

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .