رهن الدين:

إن مصطلح (المنقول) يصدق، فيما يصدق عليه، على الدين، إذ كل ما ليس عقارًا يعتبر منقولاً (المادة 27 من المشروع) ولكن المشروع خص رهن الدين بقواعد خاصة تفرضها طبيعته باعتباره علاقة بين شخصين الدائن (وهو الرهن) والمدين.

وأول هذه القواعد الخاصة هي التي تتعلق بنفاذ الرهن، فإذا كان الرهن يتم – كما تتم حوالة الحق – بالاتفاق بين الراهن والمرتهن، فتبقى مسالة نفاذ الرهن، وإذا كانت مسالة نفاذ الرهن المنقول المادي لا تثور إلا بالنسبة للغير، ففي رهن الدين تظهر مسألة نفاذه في حق المدين بالدين المرهون.

ونفاذ رهن الدين في حق المدين يكون بما يحقق علمه بوجود الرهن حتى يستطيع أن يتصرف وفق ما يقتضيه الرهن. وقد قررت المادة (1054) أن الرهن (لا يكون نافذًا في حق المدين إلا بإعلانه بالرهن أو بقبوله إياه) وهي نفس القاعدة المقررة لنفاذ حوالة الحق بالنسبة للمدين بالحق المحال، بل إن رهن الدين يعبر عنه عادة بأنه حوالة على سبيل الرهن.

أما نفاذ رهن الدين في حق الغير، كالمحال إليه أو مرتهن آخر أو دائن حائز، فيكون بتوفر شرطين، الشرط الأول هو حيازة الدائن المرتهن لسند الدين المرهون وهذه الحيازة هي التي تتلاءم مع طبيعة المرهون الذي ليس له كيان مادي فيُكتفى بحيازة السند، أما الشرط الثاني فهو أن يكون الرهن قد أصبح نافذًا في حق المدين بالإعلان أو القبول فإن كان قد نفذ بالقبول فيجب أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ، وتُحسب مرتبة الرهن التي لا تظهر أهميتها إلا بالنسبة للغير، من وقت اجتماع شرطي النفاذ بالنسبة إليهم أي بحيازة الدائن المرتهن لسند الدين، وإعلان الحوالة الذي يكون دائمًا ثابت التاريخ أو التاريخ الثابت لقبول المدين بالدين المرهون.

وهذه القواعد هي التي قررتها المادة (1054) التي تقابل المادة (89) من القانون الحالي مع شيء من التعديل في الصياغة.

والقاعدة الواردة في المادة (1054) هو الواجبة التطبيق بالنسبة للديون العادية، أما الصكوك (أي السندات) الاسمية أو لأمر، فقد قررت المادة (1055) من المشروع الإحالة في شأن رهنها بوجه عام لما يقضي به القانون في شأنها إذ نصت هذه المادة التي تقابل المادة (90) من القانون الحالي، على أن (يكون رهن الصكوك الاسمية والصكوك لأمر وفقًا لما يقضي به القانون).

وإذا لم يكن النص قد أشار إلى الصكوك لحاملها فذلك لما استقر عليه الرأي في شأنها من إعطائها حكم المنقولات المادية على أساس أن الحق يندمج في الصك.

وتنص المادة (1056) التي تطابق المادة (91) من القانون الحالي، على أنه لا يجوز رهن الدين إذا كان غير قابل للحوالة أو الحجز، وهذا تطبيق للقاعدة العامة المقررة في المادة (1028) بخصوص محل الرهن، والحكمة منه ظاهره فالرهن يهدف إلى ضمان الدين فإذا لم يفِِ المدين كانت وسيلة الدائن هي بيع المرهون والحصول على حقه من الثمن، وهذا لا يتأتى إذا كان الدين لا يقبل الحوالة أي لا يقبل البيع الجبري.

وتعرض المادة (1057) لقاعدة تخص رهن الدين فيما يتعلق بانقضاء الرهن فتقول (لا يسري الوفاء بالدين المرهون أو تجديده أو المقاصة به أو اتحاد الذمة فيه أو الإبراء منه في مواجهة الدائن المرتهن إلا بإقراره، كما لا يسري في مواجهته أي تعديل في الدين يكون من شأنه أن يضره إلا بقبوله)، والنص يقابل المادة (92) من القانون الحالي ولكنه يختلف عنه في أنه لا يقتصر على عدم سريان الانقضاء الذي يتم بالاتفاق وإنما يشمل كذلك المقاصة واتحاد الذمة.

وتعرض المادة (1058) التي تقابل وتوافق المادة (94) من القانون الحالي، للدفوع التي يجوز للمدين في الدين المرهون أن يتمسك بها قبل الدائن المرتهن، وهذه الدفوع نوعان: أولاً الدفوع المتعلقة بصحة الحق المضمون بالرهن، فلو كان العقد الذي نشأ عنه هذا الحق باطلاً كان الرهن بالتبعية باطلاً وللمدين أن يتمسك بهذا البطلان قبل الدائن المرتهن، وكذلك لو كان الحق المضمون قد انقضى لأي سبب فله أن يتمسك بهذا الانقضاء، والنوع الثاني هو الدفوع التي للمدين بالدين المرهون قبل دائنه أي الراهن، فإذا كان الدين المرهون قد نشأ بعقد باطل كان للمدين في هذا الدين أن يتمسك بالبطلان في مواجهة الدائن المرتهن، كما له أن يتمسك قبل الدائن المرتهن بأسباب انقضاء الدين المذكورة في المادة (1057) إذا كان السبب قد تحقق قبل أن يصبح الرهن نافذًا في حقه بالإعلان أو إذا كان الدائن قد قبل سبب الانقضاء، وله كذلك أن يتمسك قبل الدائن المرتهن بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان.

وتعرض المادة (1059) التي تقابل المادة (95) من القانون الحالي لأثر استحقاق الدين المرهون قبل أن يصبح الدين المضمون بالرهن مستحق الأداء، ونظرًا لتعلق حق الدائن المرتهن بالدين المرهون، وفي الوقت نفسه فالراهن هو الدائن في هذا الدين، نصت الفقرة الأولى من النص على أنه لا يجوز للمدين أن يوفي الدين إلا للراهن والمرتهن معًا، فإذا اتفقا على الاستيفاء فبدهي أن يكون ذلك بعد أن يتفقا على مصير الدين المضمون، وإذا لم يتفق الراهن والمرتهن، فلكل منهما أن يطلب إلى المدين إيداع ما عليه أن يؤديه، فإذا تم الإيداع انتقل الرهن إلى ما تم إيداعه، بمعنى أن يكون ضامنًا للحق الذي كان مضمونًا بالرهن. وفي هذه الحالة، إذا اتفق الراهن والمرتهن على طريقة استغلال ما أداه المدين كان بها فإذا لم يتفقا كان لكل منهما أن يلجأ إلى المحكمة لتنظر في أمره استغلال ما أداه المدين، وللمحكمة عندئذٍ أن تقضي بما تراه أنفع للراهن باعتباره هو صاحب المال المودع، دون أن يكون فيه ضرر للدائن المرتهن أي دون أن يؤثر في مدى ما له من ضمان.

وأخيرًا عرضت المادة (1060) التي تقابل المادة (96) من القانون الحالي، لحالة ما إذا أصبح كل من الدين المرهون والدين المضمون بالرهن مستحق الأداء، ولم يستوفِ الدائن المرتهن حقه بعد، ففي هذه الحالة إذا كان كل من الدينين من جنس واحد، كان للدائن المرتهن أن يقبض من الدين المرهون ما يكون مستحقًا له، فإذا لم يكونا من جنس واحد فللدائن المرتهن أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع المرهون بالمزاد العلني أو بسعره في البورصة أو السوق وهو الحكم الوارد في المادة (1053) وأحال عليه نص المادة (1060).

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .