مقال يشرح الضوابط القانونية لتنظيم عمليات بيع الجدك .

التخطيط و محاولة وضع ضوابط لتنظيم عمليات بيع الجدك

* لا شك أن رجل المطافئ يقوم بعمل لا يُستهان به، وهو عادة يكون مستقراً في موقعه على أهبة الاستعداد فإذا ما تلقى بلاغاً بنشوب حريق هب مسرعاً لإطفائه. وهذا العمل على عظمته ما هو إلا رد فعل لحدث مفاجئ أو أزمة طارئة، ولو أن رجل المطافئ هذا وهو مستقراً في موقعه أهتم بمهمة توعيه الجمهور وتعليمه كيفية تلافي وقع الحرائق وكيفية التعامل معها حين تقع لمنع الكثير من حوادث نشوب الحرائق ولسهل على نفسه مهمة إطفائها في حالة نشوبها، ولكان عمله هذا متكاملاً بدءً بـ “الفعل” أساساً ولم يكتف فقط بـ “رد الفعل”.

وذات المنطق ينطبق على الإدارة الناجحة، فالمدير الناجح ليس هو الذي يكتفي برد الفعل، أو الذي ينتظر المشاكل حتى تقع وتنتشر وتصير ظاهرة مقلقة ثم يقوم بمحاولة علاجها، ولكن المدير الناجح هو الذي “يخطط” للعملية الإدارية ككل قبل تنفيذها، ويتوقع الفرص التي يمكن أن تتاح لمؤسسته ويعمل على الاستعداد للاستفادة منها، كما يتوقع المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها المؤسسة ويعمل على الاستعداد لمواجهتها واحتواء آثارها. فهو لم يكتف برد الفعل وإنما بادر إلى الفعل، فتم إعرابه على أنه “فاعل” وليس “مفعول به”.

فـالتخطيط هو أولى وظائف المدير، أياً كان موقعه، وهو يمثل التفكير المسبق قبل التصرف أو اتخاذ القرار، وهو يمثل مرحلة “التفكير” و “المُفاضلة” بين أساليب وطرق العمل المختلفة لاختيار أفضلها وأكثرها تلائماً مع الإمكانيات المتاحة من ناحية، وطبيعة الأهداف المطلوب تحقيقها من ناحية أخرى، ويعتمد التخطيط بصفة أساسية على “التنبؤ” بالمُستقبل والاختيار من البدائل المتاحة على ضوء التحليل المستمر للبيئة الداخلية للمنظمة (مثل: الموارد المتاحة – ونقاط القوة – ونقاط الضعف) وكذا البيئة الخارجية من حيث الفرص والتهديدات التي تواجهه مؤسسته.

فالتخطيط إذن يُعد من أهم أنشطة الإدارة، فهو نشاط يتضمن الاختيار من مجموعة كبرى من البدائل تتوقف عليها عملية صنع قرارات الإدارة. بل يُصبح التخطيط هو جوهر تلك العملية، فهو النشاط الذي يسبق الأنشطة الأخرى، وهو النشاط الذي يتوقف عليه كل نشاط آخر. وبهذا المعنى الهام يمكن أن نعتبر كل مرحلة في العمل الإداري ناتج مباشر للتخطيط.

وكما قيل بحق: فإن “الفشل في التخطيط” يعني في الغالب “التخطيط للفشل”. فعدم جودة التخطيط، أو عدم وجود تخطيط من الأصل، يمثل في الحقيقة أنسب خطة لتحقيق “الفشل”. فالإدارة العشوائية والارتجال في اتخاذ القرارات والاكتفاء بإطفاء الحرائق أو مواجهة المشاكل بعد وقوعها وتفشيها لن يساعد على تطوير أية مؤسسة إن لم يؤد إلى تخلفها وتعثرها، حتى وإن لم يظهر هذا التخلف والتعثر سريعاً.

لذا، فمن الأهمية بمكان وجود “إدارة للتخطيط” بهيئة الأوقاف المصرية لتتولى معاونة الأنشطة الفرعية بكافة الإدارات في الهيئة (مثل: الملكية عقارية – الاستبدال – الاحكار – الاستثمار – الجدك – الأملاك – شئون العاملين – الشئون القانونية – الشئون المالية …الخ) في إعداد الخطط والبرامج الخاصة لكافة تلك الإدارات التنظيمية بالهيئة. وسواء أكانت إدارة التخطيط تلك، إدارة مستقلة (ويحبذ أن تكون كذلك) أو حتى فرع من إدارة (الوثائق والمعلومات) بالهيئة، حيث أن عملية التخطيط تعتمد أساساً على جمع المعلومات والبيانات وتسجليها وتحليلها ومن ثم تحديد البدائل المتاحة وتقييم تلك البدائل جميعها واختيار البديل الأمثل منها ثم تقديم اقتراحاتها وتوصياتها إلى السلطة المختصة لاتخاذ القرار. فإدارة التخطيط بهذا الشكل تساهم في عملية “صنع القرار” ولكنها ليست هي التي “تتخذ القرار”.

ووجود مثل هذه الإدارة “إدارة التخطيط” سيكون بديلاً فعالاً عن العديد من اللجان المنشأة لمواجهة المشاكل المثارة في الهيئة (سواء الخاصة بأماكن أو بمناطق بعينها، أو الخاصة بموضوعات بعينها)، أو على الأقل سيكون مسانداً ومساعداً لها في سرعة إنجاز أعمالها بكفاءة وفعالية كما أنها ستكفل التنسيق بين عمل تلك اللجان بما يساعد على خلق روح “التعاون” بينها وليس روح “التنافس” لكونهم سيتعاملون مع المشاكل ككل وليس بشكل فرادى، والأهم من ذلك كله أنها ستتكفل بوضع قاعدة بيانات شاملة للهيئة في مختلف المجالات (لكون المعلومات هي أساس التخطيط) وستعمل على ضوء تحليل تلك المعلومات على التنبؤ بالمشاكل المتوقعة في المُستقبل قبل حدوثها بالفعل وإما تتفادى وقوعها أو على الأقل – عن طريق “إدارة الأزمات” – ستتخذ الاستعدادات اللازمة لمواجهتها واحتواء آثارها في أسرع وقت ممكن وبأقل تكلفة ممكنة وبأقل خسائر ممكنة، وبالتالي ستعمل على نقل كافة إدارات الهيئة (خاصة في الأملاك والجدك) من مرحلة “الارتجال” و “العشوائية” و “رد الفعل” إلى مرحلة “التخطيط” و “الفعل”.

كما أن وجود إدارة للتخطيط تتولى تحديد الأهداف ووضع الخطط لتحقيق تلك الأهداف ورسم السياسات التي تسير عليها إدارات الهيئة نحو الأهداف المحددة، سيضمن إلى حد كبير استقرار سياسات الهيئة، بل وأيضا تطوير سياسات الهيئة لكون كل قائد جديد سيبدأ من حيث انتهى سابقيه، أما في حالة غياب مثل تلك الإدارة وهذه السياسات فإن كل إدارة تنظيمية في الهيئة ستكون مرتبطة بشخص مديرها وحده وبسياسته وأسلوبه، وبالتالي تتغير تلك السياسات بتغير شخص المدير، وفي هذه الحالة لن يحدث تطور يذكر للإدارة المعنية (وللهيئة ككل) حيث أن كل مدير سيبدأ من جديد بأسلوبه هو وسياسته الخاصة.

وعلى أسوء الفروض – إذا كان هناك ما يحول دون إنشاء تلك الإدارة (إدارة التخطيط) – أو يحول دون قيامها بعملها – أو إلى أن تقوم تلك الإدارة بعملها – يمكن للهيئة طلب المعونة والمساندة سواء من إدارة التخطيط بالجهاز المركزي للمحاسبات، وإن أمكن من وزارة التخطيط، وكذلك إذا كانت هناك إدارات مشابهة في وزارة الأوقاف فيمكن الاستعانة بها، أو حتى الاستعانة بأحد الخبراء المختصين في هذا المجال من القطاع الخاص (ويفضل أن يتم ترشيحه من قِبل الجهاز المركزي للمحاسبات أو وزارة التخطيط أو وزارة الأوقاف).

وفي حالة تشكيل مثل تلك الإدارة فيجب مراعاة أن نجاح عملها إنما يتوقف على توافر كوادر بشرية متخصصة ذات مستوى عالي من المهارة والكفاءة التخطيطية وخاصة من توافر أخصائيون في بحوث العمليات وكذا المتخصصون في مجال تكنولوجيا المعلومات وذلك لإمكانية القيام بجمع وتسجيل وتحليل البيانات والمعلومات اللازمة لوضع الخطة بما يُمكن من تقييم أداء إدارات الهيئة واتخاذ القرارات المناسبة. وتلك الإدارة بهذه المستويات ستتطلب بالتأكيد وقت وجهد ومصاريف ونفقات ليست قليلة قبل أن تظهر بواكير نتائج أعمالها، مما يعني أنه يجب أن نضع في الاعتبار أن الأمور ستزداد سوءً قبل أن تبدأ في التحسن، ولكن هذا الدواء على مرارته ضروري لشفاء وانتشال إدارات الهيئة من وضعها الحالي الذي نشبت في ظله العديد المشاكل الخطيرة وفي فترات زمنية متقاربة، وأن بقاء الحال على ما هو عليه والاكتفاء بسياسة إطفاء الحرائق ينذر بوقوع حرائق لا يمكن السيطرة عليها (بعضها الآن تحت الرماد) وعندئذ سيتم إعلان فشل هيئة الأوقاف كما تم إعلان فشل الإصلاح الزراعي والمحليات ومن قبلهما وزارة الأوقاف في إدارة أعيان وأموال الوقف، وعندئذ ستكون النهاية الغير سعيدة.

مع الأخذ في الاعتبار أن نجاح هيئة الأوقاف في إدارة الوقف وذيوع هذا النجاح سيؤثر بشكل إيجابي في عودة ثقة الجمهور في نظام الوقف بما يعزز من إمكانية زيادة الأعيان والأموال التي يتم وقفها على جهات البر. أما إذا حدث العكس (لا قدر الله) فسيكون له أثره السلبي وتأكيد السمعة السيئة لفشل “إدارة” الوقف في المحافظة عليه وبالتالي إحجام الجمهور عن وقف أعيان جديدة خشيةً عليها من الضياع.

* هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه إذا كانت المهمة المباشرة المُحددة لنا حالياً هي وضع ضوابط للجدك، فنشير أولاً إلى أن غياب وندرة المعلومات الخاصة بهذا الموضوع تمثل عقبة كأداء في سبيل اقتراح التوصية المناسبة في هذا الشأن، ومحاولتنا القيام بتلك المهمة دون توافر قاعدة بيانات وافية تجعلنا نبدو كمن “يقفز في الظلام”. فكان من الأفضل لو توافرت لدينا معلومات وبيانات وإحصائيات شاملة عن كافة جوانب الموضوع من قبيل: حجم المحال التجارية في كل المنطقة، وحجم إيرادها الشهري، ونسب تحصيله، وحجم بيوع الجدك فيها، ومقدار أثمانها الإجمالي، ونسب تحصيلها؛ لتقدير وتحديد الحجم الفعلي للمشكلة، ودراسة عدة حالات بذاتها سواء الناجح منها مما تم إنجازه وتحصيل كافة مستحقات الهيئة فيه وعدده ونسبته من حجم بيوع الجدك الإجمالية، وكذلك المتعثرة منها مما لم يتم إنجازه ولم يتم تحصيل كافة مستحقات الهيئة فيها وعددها ونسبتها من حجم بيوع الجدك الإجمالية، للوقوف على القواسم المشتركة في كل منهما، والعمل على تشجيع القواسم المشتركة في الحالات الناجحة، والعمل على تلافي القواسم المشتركة في الحالات المتعثرة. وأيضاً مراعاة الظروف الخاصة بكل منطقة من مناطق الهيئة على حدة من حيث حجم ونوعية الإنجازات أو المشكلات التي تعانيها وحجم ومقدار كفاءة العاملين بكل منطقة …الخ، وتحديد ما إذا كانت القواعد والضوابط المقترحة تصلح لكافة المناطق على حد سواء من عدمه …الخ. ولكن في ظل غياب وندرة تلك المعلومات (وانعدام الأمل في الحصول عليها – من جانب جميع المناطق – في وقت مناسب) فلا مناص أمامنا (من القفز في الظلام) والتقدم باقتراح توصيات “عامة مُجردة” وفي حدود “المعرفة والخبرة الشخصية، والوقت القليل المتاح”.

* ونبدأ أولاً بإبداء بعض الملاحظات العامة على ملف الفتوى وما حواه:

– بالإطلاع على المذكرة المقدمة إلي السيد الأستاذ المهندس/ رئيس مجلس الإدارة من السيد الأستاذ/ وكيل الوزارة للشئون الاقتصادية والخاصة بمعوقات تحصيل قيمة الجدك طبقاً للمادة 20 من القانون 136 لسنة 1988 (والتي انتهت الفتوى محل البحث إلى الموافقة عليها وعلى توصياتها) والتي ورد بالفقرة الأولى بالصفحة الأولى منها عبارة: “نظراً لفقدان الهيئة لسلاحها في قرارات الإزالة” فهل المقصود بها صدور الحكم بعدم دستوريتها ـ فإذا كان المقصود ذلك، فإنه فنود أن نوضح أن الهيئة لم تفقد هذا السلاح بعد لعدم صدور أية أحكام بعدم دستورية النص القانوني الذي يبيح للهيئة إصدار قرارات الإزالة، ولكن صدر فقط حكم بعدم دستورية النص القانوني الذي يبيح للهيئة توقيع الحجز الإداري وهي في سبيل تحصيل مستحقاتها المالية لدى الغير.

– جاء بالفقرة الثانية من الصفحة الأولى عبارة: “كثرة تقدم الصادر بشأنهم قرارات لجنة الجدك بتظلمات من تقديرات” ونقول إذا صح ذلك ويقيناً هو صحيح فإن ذلك يعد “ظاهرة” و”ظاهرة غير صحية” يجب البحث عن أسبابها وحلها إذا كنا نبغي صالح الهيئة والوقف وهذا لا يتأتى إلا إذا عبرت التقديرات عن حقيقة الأثمان الفعلية للأعيان والعقارات بعيداً عن المغالاة وأيضاً عن البخس بها وذلك يتأتى بوضع ضوابط محددة وثابتة للأسعار وعدم تركها للهوى (أو الأهواء كأن يتم تقدير سعر عالي في حالة قيام الهيئة بالبيع، وتقدير سعر بخس لذات العقار في حالة قيام الهيئة بالشراء؟!!)، ويقيناً لو تمكنت الهيئة من وضع ضوابط ثابتة للتقدير، وسلمنا أمرها لمتخصصين (أكفاء ونزهاء) يعلمون الأسعار وحركة السوق، فمن المحتمل أن تتحسن الأوضاع بما ينعكس على تقديرات مُرضية للمواطن وللهيئة على السواء، مما يعود على الهيئة بالخير وزيادة لإيراداتها، كما يعزز الثقة بين المواطن والهيئة ويجعل كلا الطرفين حريصاً على حسن علاقته بالأخر بدلاً من سعي كل منهما للتغلب على الأخر.

– بعد الإطلاع على النقاط الواردة بالمذكرة والفتوى (محل البحث) تبين أنها انصبت بالأساس على “المناطق” في حين أنه (وكما تكشف للجنة 18 من المشكلة من السيد الأستاذ/ رئيس مجلس الإدارة) وجود حالات كثيرة جداً بـ “لجنة الجدك العليا” لم يبت فيها أو بت فيها ولم تعدها اللجنة إلي المناطق للتصرف. لذا يلزم لعلاج هذه الظاهرة تنظيم العمل بتلك اللجنة وإنشاء سجلات تفصيلية لها وعمل حصر لحالات الجدك الموجودة بها، وما تم إنهائه فيها يتم حفظه، وما لم يتم إنهائه يعد كشف به لعرضه واتخاذ اللازم بشأنها.

– ليس في صالح الهيئة (بل هو ضياع لأموالها وتأخير استثمارها) إحالة حالات الجدك للقضايا ذلك أن أغلب حالات الجدك يتعذر التوصل إلي المستأجر الأصلي حيث إن عقود الإيجار أغليها منذ الأربعينات والخمسينات فغالباً ما يكون المستأجر الأصلي قد توفي أو ترك المكان إلي أماكن غير معلومة هو أو ورثته. كما قد لا يكون بالدفتر خانة عقد إيجار وبالتالي لا يمكن إقامة دعوى ضد المستأجر والشاغل (لا سيما في الحالات التي تقوم الهيئة فيها باستلام أعيان جديدة للوقف ولا يتم تحرير عقود إيجار ولا إقرار وضع يد، وإنما يُكتفى بذكر اسم واضع اليد في محضر الاستلام فقط) – وعدم وجود عقد إيجار يشل يد إدارة القضايا عن إقامة دعوى بفسخ العقد لأنها لا تستطيع تقديم مثل ذلك العقد حتى لو علمت اسم ومحل إقامة المستأجر الأصلي – ومن ثم يتعين عدم اللجوء للقضاء إلا للضرورة القصوى وهذه سياسة أي منشأة اقتصادية تسعى إلى الربح وزيادة مواردها وأهمها “البنوك”.

– إن حساب الريع طبقاً للبند الثاني والسادس من المذكرة سالفة الذكر سيؤدي إلي ارتفاع قيمة الجدك إلي أثمان بعيدة كل البعد عن أسعار السوق مما سيوقف حركة تداول المحلات في السوق، وإذا أقيمت قضية فأقل متوسط زمني لانتهاء القضية خمس سنوات ابتدائي واستئنافي وتنفيذ، وبعد خمس سنوات تحصل الهيئة على الحكم وتنفذه وتستلم المحل أو الشقة لتعرضهما في مزاد علني فلا يصل السعر إلي الثمن الذي كان مقدر منذ خمس سنوات، وفي هذا إهدار جسيم لمال الوقف.

– بالنسبة لقرارات الإزالة لحالات الجدك فالواقع أن جميع الشاغلين يستندون إلي تنازلات من المستأجر الأصلي وعقود بيع جدك ومن ثم فطعنهم على قرارات الإزالة التي تصدرها الهيئة يصادف قبولاً لدى محكمة القضاء الإداري (لعدم قانونية أو مشروعية إصدار قرار إزالة في مثل تلك الحالات) ومن ثم تصدر قضائها بوقف تنفيذ قرارات الإزالة وبإلغاء تلك القرارات، ومن ثم تعود إلي نقطة الصفر مرة أخرى (أو إلى المربع رقم واحد من جديد).

– كيف يمكن تفعيل أدوار لجنة الجدك (المحلية والعليا) ومحصلي ومعاوني المناطق؟.. يقيناً لن يكون ذلك إلا بالثواب قبل العقاب، والثواب لكي يؤتي ثماره يجب ربطه بالإنتاج أي بالحالات التي يتم الموافقة عليها والبدء في تحصيل مقدماتها وذلك بالنسبة لجميع أعضاء لجنة الجدك (المحلية والعليا) وكافة محصلي ومعاوني المناطق المعنيين، حتى يسعى الجميع إلي تحقيق الهدف العام بحماس وحرص شخصي. مع مراعاة العدالة في توزيع المكافآت فلا يجب أن يكون المحصل أو المعاون هو أول من يحاسب ويعاقب وآخر (وأقل) من يثاب ويكافأ.

ثانياً- بعض الأفكار والمقترحات:

– لجنة الجدك العليا يجب أن يغلب على تشكيلها العنصر الفني المشهود له بالكفاءة والنزاهة والشجاعة والأمانة وهو لا يكون إلا عن طريق لجنة من السادة وكلاء الوزارة بالهيئة أو أقدم مديري عموم مع مدير شئون العاملين (لكي يقدم للجنة ملف خدمة المرشح لهذه اللجنة) وتكون العضوية في تلك اللجنة لمدة محددة وبشروط يجب توافرها وعند تخلف أحد هذه الشروط يُستبعد من اللجنة ويتم ترشيح غيره وهكذا.

وعلى أن تضم اللجنة عنصر أمني متخصص (لديه خلفية اقتصادية علمية أو عملية) يُكلف بعمل تحريات دورية عن أسعار السوق في المناطق التي يكلف بها من قِبل اللجنة (لجنة الجدك) وتكون هذه الأسعار إرشادية للجنة تستعين بها في التقدير حتى لا تكون أسعار الجدك مغالى فيها لدرجة تجعل المواطنين يهربون من التعامل مع الهيئة.

– يتعين على لجنة الجدك سواء المحلية أو العليا أن تدير عملها بعقلية “القطاع الخاص” وليس بعقلية “موظف الحكومة الروتيني”، فيجب أن تؤمن اللجنة وجميع العاملين بالجدك بالمناطق أن الهيئة في حاجة إلي التعامل مع المواطن لأنه مصدر دخل لها يجب الحفاظ عليه وتتعامل معه بأسلوب القطاع الخاص “وهو عميل لديها” ومن ثم محاولة الوصول معه إلي أفضل حل ممكن.

– ربط المكافأة بالنسبة للجميع بالتحصيل الفعلي من خلال المناطق ومتابعة لجنة الجدك العليا للتحصيل فلا يعقل عمل مكافأة لمجرد وضع قيمة جدك قد يرفض أو قد يوافق عليه المواطن ليهرب من سيف قرار إزالة مسلط عليه أو يقوم بسداد مقدم الجدك فقط ويدخل في قضايا مع الهيئة فتحصل اللجنة والمنطقة على مكافأة نظير تقديرهم لمبلغ مليون جنيه جدك مثلاً في حين أنه لم يتم تحصيل أي مبالغ منه، أو تم تحصيل المقدم فقط ثم التوقف للجوء المتعاقد مع الهيئة إلى المحاكم، لذلك يتعين ربط المكافأة بالتحصيل بالنسبة لكل أعضاء لجنة الجدك المحلية والعليا حتى يسعى الجميع لتحصيل المبالغ المستحقة للهيئة مقابل جدك.

– بالنسبة للتظلمات فإنه وطبقاً للوضع الحالي لا جدوى منها لأن التظلم مقدم إلي لجنة الجدك بعد التقدير، ومن ثم فهي لن تتراجع في تقديرها. وإنما ما جرى عليه العمل لتفعيل التظلم وجعل له جدوى هو أن يكون التظلم لجهة أعلى، وهي إما لجنة “للتظلمات” برئاسة مدير عام الهيئة أو رئيس مجلس الإدارة، ويكون دور اللجنة هو طلب أخر حالات مثل بالمنطقة التي يوجد بها موضوع الجدك المتظلم منه ومعرفة سعر آخر متر جدك تم بيعه بالمنطقة والفصل في تظلم الجدك طبقاً لذلك.

– بالنسبة لقرارات الإزالة الواردة بالمذكرة فهي قرارات إن وجدت فهي باطلة وتقضي محكمة القضاء الإداري فيها بوقف تنفيذها وإلغائها ذلك لأن أغلب حالات الجدك تستند إلي مستندات مثل بيع الجدك أو التنازل من المستأجر الأصلي ومن ثم لا يجب استصدار قرار إزالة لها ولكن الرجوع للقضاء العادي لفسخ عقد الإيجار وهو ما يستغرق سنوات عديدة، لذا يتعين عدم اللجوء إليه إلا في الحالات القصوى المستعصية.

– ويجب ألا يكون عضواً في لجنة (مثل لجنة الجدك) من يتعامل مع المواطن بمفهوم أنه ـ لص جاء ليسرق فيجب أن أسرقه ـ ويجب على الموظف المختص أن يعلم أن المواطن هو مصدر دخل للهيئة يجب الحفاظ عليه.

– أما بالنسبة لضمان سداد الأقساط سواء جدك أو خلافه نرى أن نتبع الأسلوب المُتبع في البنوك، لضمان تحصيل حقوق الهيئة، ومنها ما يلي:

1- تقديم ضمانات سواء شخصية (كفيل ملئ)، أو عينية (رهن حيازي أو رسمي لعقار أو منقول ذا قيمة).

2- أو تحرير شيك بنكي لصالح الهيئة بقيمة جميع الأقساط. وعند حلول القسط الأول والقيام بسداده يرد له الشيك على أن يقوم بتحرير شيك آخر بقيمة إجمالي المبلغ المتبقي وهكذا كلما حل قسط. وأن يتم عمل صحة توقيع على كل شيك من البنك المسحوب عليه الشيك. وأن يتم عمل استعلام عن محل إقامة المواطن الفعلي عن طريق الأمن حتى يسهل إعلانه بجنحة الشيك في حالة تقاعسه عن السداد.

– بالنسبة للضوابط الواردة بمذكرة الفتوى محل البحث، فتأتي وتلي ما سبق، وعلى أن يُستطلع رأي المناطق فيها لاتخاذ إجراءاتهم، خاصة أن هناك مواد ترسل للمناطق بعد مرور أكثر من شهر من تاريخ الاعتماد أم بسبب الموظف بالديوان العام أو البوستة. فيجب مراعاة تاريخ وصول المادة إلي موظف المنطقة.

– ليس هناك شك في أن سبب مشاكل الجدك التي تثير صداع كل مسئول عن هذه الهيئة هو تقديرات الجدك المتضاربة أحياناً والمغالى فيها غالباً. ونرى وضع سعر أساسي لكل حالة جدك، ويصدر هذا السعر وفقاً لآخر قيمة جدك لمحل أو شقة في ذات المبنى أو في عقار آخر شريطة أن تكون هذه القيمة قد تم الموافقة عليها من المواطن وتم تحصيلها أو مازال يقسط قيمة الجدك، ويتم التمارس على هذا السعر.

وإذا كانت توجد ميزة للعين محل تقدير اللجنة تفوق الحالة التي اتخذ من قيمتها سعر أساس كأن تكون على ناصية أو على شارع رئيسي أو واجهة المحل كبيرة فمن الممكن زيادة نسبة “تمييز” (ولتكن 10% أو20% مثلاً) تضاف إلي السعر الأول لتكوين السعر الأساسي الذي يتم التمارس عليه.

– وفي حالة ما إذا تعذر التوصل إلى اتفاق مع طالب شراء الجدك، وكان المُستأجر الأصلي ما زال موجوداً ومعلوم موطنه للهيئة، وطالب شراء الجدك مصر على سعر ما لا يريد الزيادة عليه، فيتم مخاطبة المستأجر الأصلي ليقوم بإعلان الهيئة بإنذار رسمي على يد محضر بعزمه على بيع المحل بالجدك إلى طالب الشراء وبالسعر الذي توقف عنده طالب الشراء، ومن ثم تقوم الهيئة خلال مدة 30 يوماً بعرض قيمة 50% من الثمن المعروض لاسترداد منفعة العين. ولن يصاب المستأجر الأصلي بأي ضرر (في حالة جدية السعر المعروض من طالب الشراء) لأنه في جميع الأحوال سيحصل على 50% فقط من قيمة هذا السعر، كما لن تصاب الهيئة بضرر من جراء ذلك لأنه إذا كان هذا السعر منخفضاً جداً بالنسبة لها فهي تستطيع سداد نسبة الـ 50% واسترداد منفعة العين.

* هذا اجتهاد متواضع، وبعض الأفكار التي يمكن أن تساعد في تحسين وضع تقدير وتحصيل الجدك في الهيئة. ولكننا ما زلنا نرى أن قيام “إدارة تخطيط” مشكلة بأسلوب علمي بعملها معتمدة على قاعدة بيانات وافية من شأنه أن يضع سياسات وبرامج أفضل وأصلح وأرشد وأصوب وأطول عمراً، وأسلم من محاولات “القفز في الظلام”، فهناك مثل غربي يقول: “أحسب مقاساتك مرتين، لتقطع أخشابك مرة واحدة”.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .