صلاحية المحكم في إعداد الحكم التحكيمي التفسيري

كريم الرود
متخصص في التقنيات البديلة لحل المنازعات
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

الأصل أنه بمجرد صدور الحكم التحكيمي تنتهي مهمة الهيئة التحكيمية بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه إلا أن المشرع المغربي أعطى استثناء على هذا الأصل، يتجلى في إمكانية تقديم أحد الأطراف للهيئة التحكيمية طلب تأويل جزء معين من الحكم التحكيمي داخل أجل الثلاثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي [1].

حيث تتجلى أهمية الحكم التحكيمي التفسيري في توضيح ما قد يصاحب الحكم التحكيمي في جزء منه من غموض حيث يقتصر دوره فقط في تفسير و توضيح الجزء الذي يكتنفه غموض من الحكم التحكيمي و من هذا المنطلق أكد المشرع المغربي في قانون 05-08 للتحكيم و الوساطة الاتفاقية من خلال الفصل 28-327 على صلاحية المحكم في إعداد الحكم التحكيمي التفسيري حيث نص هذا الفصل على أنه :

“ينهي الحكم مهمة الهيئة التحكيمية بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه.

غير أن للهيئة التحكيمية :

1- أن تقوم تلقائيا، داخل أجل الثلاثين يوما التالية للنطق بالحكم التحكيمي، بإصلاح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو في الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد في الحكم.

2- أن تقوم داخل أجل الثلاثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي، بناء على طلب أحد الأطراف و دون فتح أي نقاش جديد، يما يلي :

أ- تصحيح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو في الكتابة أو أي خطا من نفس القبيل وارد في الحكم.

ب- تأويل جزء معين من الحكم.

ج- إصدار حكم تكميلي بشأن طلب وقع إغفال البت فيه ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

يبلغ المقال إلى الطرف الآخر الذي يحدد له أجل خمسة عشر يوما للإدلاء باستنتاجاته إن اقتضى الحال.

تصدر الهيئة التحكيمية حكمها خلال الثلاثين يوما التالية لتقديم المقال إليها إذا تعلق الأمر بتصحيح أو تأويل حكم و خلال أجل ستين يوما إذا تعلق الأمر بحكم تكميلي”.

و انطلاقا مما سبق يمكن قراءة هذا الفصل و التنظيم القانوني لصلاحية المحكم في إعداد الحكم التحكيمي التفسيري من خلال المستويات التالية :

– يشترط أن يقدم أحد الأطراف طلب تأويل جزء معين من الحكم التحكيمي داخل أجل الثلاثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي، و هذا أمر منطقي نظرا لكون الحكم التحكيمي لا يواجه به الأغيار[2] و بالتالي فطلب تفسير الحكم التحكيمي يقدم فقط من الأطراف طبقا للفصل 28-327 من قانون 05-08 للتحكيم و الوساطة الاتفاقية.

– يحق للهيئة التحكيمية أن ترفض طلب تفسير الحكم التحكيمي إذا قدم إليها بعد ثلاثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي و هذا ما يستشف من الفصل 28-327، حيث أن أي تجاوز لهذا الأجل يصاحبه عدم القبول باعتباره أجل سقوط و يترتب على انقضائه سقوط حق الطرف في طلب التفسير، في المقابل يجوز لها النظر فيه داخل هذا الأجل[3] لكن يرى بعض الفقه[4] أنه يجوز الاتفاق بين الأطراف على أن تنظر الهيئة الهيئة التحكيمية في طلب تفسير الحكم التحكيمي، ولو قدم إليها بعد انقضاء الميعاد لعدم تعلق ذلك بالنظام العام.

– يتجلى تفسير الحكم التحكيمي في إيضاح الجزء الغامض محل طلب أحد الأطراف لتأويل جزء معين من الحكم التحكيمي، كما أن الغموض الذي يكون محلا لتفسيره يتجلى بالأساس في منطوق الحكم التحكيمي[5] و أن يحتمل هذا الغموض عدة معاني مع ضرورة وجود مصلحة لطالب التفسير[6].

– إضافة إلى ما سبق يبلغ المقال أو طلب تفسير الحكم التحكيمي للطرف الآخر ليقدم استنتاجاته داخل أجل خمسة عشر يوما إن اقتضى الحال، كما ينبغي أن يصدر الحكم التحكيمي التفسيري خلال الثلاثين يوما التالية لتقديم المقال إلى الهيئة التحكيمية حسب الفقرة الأخيرة من الفصل 28-327 من قانون 05-08 للتحكيم و الوساطة الاتفاقية.

– و تجدر الإشارة في الأخير إلى أن طلب تفسير الحكم التحكيمي يوقف تنفيذ الحكم التحكيمي و آجال تقديم الطعون إلى حين تبليغ الحكم التحكيمي التأويلي كما يعتبر الحكم التحكيمي الصادر بهذا الخصوص جزءا لا يتجزأ من الحكم التحكيمي الأصلي[7]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ينص الفصل 28- 327 من قانون 05-08 أنه : “ينهي الحكم مهمة الهيئة التحكيمية بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه.

غير أن للهيئة التحكيمية :

1- أن تقوم تلقائيا، داخل أجل الثلاثين يوما التالية للنطق بالحكم التحكيمي، بإصلاح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو في الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد في الحكم.

2- أن تقوم داخل أجل الثلاثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي، بناء على طلب أحد الأطراف و دون فتح أي نقاش جديد، يما يلي :

أ- تصحيح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو في الكتابة أو أي خطا من نفس القبيل وارد في الحكم.

ب- تأويل جزء معين من الحكم.

ج- إصدار حكم تكميلي بشأن طلب وقع إغفال البت فيه ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

يبلغ المقال إلى الطرف الآخر الذي يحدد له أجل خمسة عشر يوما للإدلاء باستنتاجاته إن اقتضى الحال.

تصدر الهيئة التحكيمية حكمها خلال الثلاثين يوما التالية لتقديم المقال إليها إذا تعلق الأمر بتصحيح أو تأويل حكم و خلال أجل ستين يوما إذا تعلق الأمر بحكم تكميلي”.

[2] ينص الفصل 35-327 من قانون 05-08 للتحكيم و الوساطة الاتفاقية على أنه : ” لا يواجه الأغيار بالأحكام التحكيمية ولو كانت مذيلة بالصيغة التنفيذية ويمكنهم أن يتعرضوا عليها تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للشروط المقررة في الفصول من 303 إلى 305 أعلاه أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق تحكيم.”

[3] نظرا لكون المشرع في الفصل 28-327 اعتبر هذه الصلاحية جوازيه حيث استعمل صيغة “غير أن للهيئة التحكيمية :

ب- تأويل جزء معين من الحكم ..” زيادة على ذلك منح لرئيس المحكمة صلاحية هذا الأمر في حالة تعذر على الهيئة الاجتماع من جديد أو لأي سبب آخر بموجب الفصل 30- 327.

[4]فتحي والي،”قانون التحكيم في النظرية و التطبيق”، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2007، ص 465.

[5] و الملاحظ أن المشرع المغربي استعمل لفظا مطلقا وهو الحكم بما يشتمل عليه من وقائع و أسباب و منطوق، عكس المشرع المصري في المادة 49 من قانون التحكيم لسنة 1994 الذي استعمل عبارة منطوق الحكم، أي أن الطلب وفقا للقانون المصري لا يكون مقبولا إذا لم يتعلق بمنطوق الحكم، كما لو تعلق بوقائعه أو بأسبابه، العربي العنتوت :”حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية و الاقتصاديةوالاجتماعية، سطات، السنة الجامعية، 2008- 2009، ، هامش رقم 1، ص 83.

[6]سليم بشير،”الحكم التحكيمي و الرقابة القضائية”، أطروحة مقدمة لنيل دكتوراه العلوم في العلوم القانونية تخصص : القانون الخاص”، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق قسم العلوم القانونية، باتنة، الجزائر، السنة الجامعية 2011- 2010. ص 192.

[7] الفصل 30-327 من قانون 05-08 للتحكيم و الوساطة الاتفاقية.