طرق مقاضاة الدبلوماسيين

أن تمتع المبعوث الدبلومـاسي بحصانة قضائية مطلقة في المسائل الجنائية وبحصانة قضائية مدنية فيما عدا الحالات المستثناء بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961م لا يعنى عدم خضوع الدبلوماسي للمساءلة والقضاء بصفة مطلقة فقد اتجه الفقه والاجتهادات الدولية إلى إقرار بعض الوسائل التي يمكن عبرها مساءلة الدبلوماسي ومقاضاته وتتلخص هذه الوسائل في الآتي:

1- الطريق الدبلوماسي: في هذه الحالة يتقدم المضرور بشكوى لوزارة الخارجية والتي تخاطب بدورها رئيس البعثة أو حكومته طالبة منهم التدخل ليقوم الدبلوماسي المخالف بتصحيح أوضاعه والوفاء بالتزاماته وفى حالة عدم حدوث ذلك تقوم وزارة الخارجية بمخاطبة الدولة المعتمدة طالبة منها رفع الحصانة عن الدبلوماسي المعنى والدولة المعتمدة حرة في أن ترفع الحصانة أو ترفض.

2- التنازل عن الحصانة: في هذه الحالة يتنازل الدبلوماسي المخالف عن حصانته ولكن يجب للاعتداد بذلك التنازل أن توافق الدولة المعتمدة عليه وذلك لان الحصانة مقرره أساسا لصالح الدولة وليس لصالح الدبلوماسي . فإذا لم توافق الدولة المعتمدة على التنازل يظل الدبلوماسي المخالف متمتعاً بتلك الحصانة رغم تنازله عنها.

3- اللجوء لمحاكم الدولة المعتمدة: وفى هذه الحالة يلجأ المضرور إلى محاكم الدولة المعتمدة لمقاضاة الدبلوماسي المخالف رافعاً دعوته أمام قضاء الدولة المضيفة . بيد أن هذه الحالة يمثل اللجوء إليها صعوبة كبيرة إذ يكلف رفع الدعوى أمام قضاء الدولة المضيفة مصاريف مادية كبيرة تتمثل في مصاريف السفر والانتقال وهنالك معضلة أخرى قد تثور في حالة ما إذا كان الفعل المنسوب للدبلوماسي المخالف غير معاقب عليه في إقليم الدولة المعتمدة.

4- اللجوء إلى محكمة تحكيم تجنـب الدبلوماسي المثول أمام القضـاء المحلى.

وبالرجوع إلى اتفاقية فيينا لعام 1961م نجد أن هذه الاتفاقية قد اعتمدت طريقتين فقط من تلك الوسائل الأربعة هما اللجوء لمحاكم الدولة المعتمدة , والثانية هي محاولة إمكانية رفع الحصانة القضائية , وفى هذه يجب أن تكون موافقة الدولة صريحة وان تقترن تلك الموافقة الصريحة بإذن يصدر بصورة مباشرة من الدولة المعتمد أو من رئيس البعثة بصفته ممثلاً لدولته , ولقد برز هذا الاتجاه منذ عام 1906م بعد حادثة القتل الذي قام بها قائم بأعمال سفارة أجنبية في بلجيكا والذي قام بقتل خطيب أخته حيث لم تقم السلطات البلجيكية بتوقيفه إلا بعد حصولها على إذن من الدولة المعتمدة. وتأكد أيضاً هذا الاتجاه في المسائل المدنية منذ عام 1956م أنه يجب الحصول على الرضى الصريح للدولة المتعمدة في المسائل المدنية حتى يكون تنازل المبعوث الدبلوماسي عن حصانته صالحاً .

ويقول د. أبو هيف فى كتابة القانون الدبلوماسي أن الرأي الغالب لدى الفقهاء هو أن الدولة وحدها هي صاحبة الحق في أن تتمسك بالحصانة أو بالتخلي عنها ولاشك أن الدولة لا تتخلى عن الحصانة بالنسبة لأحد مبعوثيها إلا إذا كانت لديها أسباب جديه تبرر ذلك وكانت تصرفات المبعوث تقتضي منها اتخاذ مثل هذا الموقف . وبناء على ذلك فان التنازل عنها أو التمسك بها هو من حق الدولة المعتمدة وهى حرة في ذلك ويجوز أن يجرى هذا التنازل في حالة حدوثه من الدولة مباشرة أو من قبل رئيس بعثتها إذا تعلق أمر التنازل بأحد موظفي البعثة باعتبار أن رئيس البعثة بصفته ممثلاً لدولته فإنه يلزم دولته بهذا التنازل ولا يجوز لها التنكر له , أما إذا كان رئيس البعثة هو المدعى عليه فلا يجوز أن يتنازل عن حصانته دون موافقة دولته الصريحة وعلى هذا الأساس اتجهت اتفاقية فيينا لعام 1961م . وبالرجوع إلى اتفاقية فيينا نجدها قد نصت على مبدأ التنازل الصريح عن الحصانة القضائية وربطت ذلك بموافقة الدولة المعتمدة ورضاها لأنها هي صاحبة الحق في التنازل عن الحصانة القضائية وليس المبعوث الدبلوماسي . فقد نصت في المادة رقم (32) على الآتي:

1- يجـوز للدولة المعتمـدة أن تتنازل عـن الحصانة القضائية التي يتمتع بها المبعوثين الدبلوماسيين والأشخاص المتمتعـين بها بموجب المادة (37).
2- يكون التنازل صريحاً في جميع الأحوال.