يمارس الرأي العام رقابة فعالة على قرارات فرض الضريبة الصادرة بالاستناد الى السلطة التقديرية للسلطة المالية ولعل اكثرها تأثيرا تلك الرقابة التي تمارسها وسائل الاعلام . فقد لعبت وسائل الاعلام الدور الرقابي الابرز من خلال اطلاع المكلفين على الحدود التي تتقيد بها السلطة المالية في فرض الضريبة . ومن ابرز وسائل الاعلام التي تم التعويل عليها لاداء هذه المهام هي :

اولاً : الصحافة :

كانت الصحافة تمارس دوراً رقابياً فعالاً من خلال ما تنشره من مواضيع تتضمن الضوابط المعتمدة في احتساب الضريبة على ارباح بعض النشاطات فتبين بذلك حدود السلطة التقديرية للسلطة المالية في تقدير الضريبة . ومن المواضيع التي حرصت الصحافة على نشرها نذكر على سبيل المثال ما يلي :

أ-السلطة التقديرية في تحديد هامش الربح الناجم عن ممارسة بعض الاعمال التجارية والمهن ، كالضوابط الخاصة بأرباح الاطباء للسنة 2003 والتي تختلف باختلاف اختصاص الطبيب والمعدل اليومي للمراجعين (1). ومن ذلك ايضاً نشر الضوابط الخاصة بالارباح السنوية لتجار الجملة والتي تختلف باختلاف موقع مصدر الدخل والمستوى المعاشي في ذلك الموقع(2). والى ابعد ذلك فان الصحافة قد تلجأ الى نشر الضوابط السنوية الصادرة عن السلطة المالية والمتضمنة تحديد هوامش الارباح لكافة مصادر الدخل الخاصة بالاعمال التجارية والمهن والحرف وهو يعكس رقابة مؤثرة على السلطة التقديرية للسلطة المالية في احتساب الضريبة من خلال اطلاع المكلفين على مقدار الضريبة المحتمل فرضها على دخولهم (3).

ب-السلطة التقديرية في تحديد ضوابط تقدير قيمة العقار : اذ يخضع البدل الناجم عن نقل ملكية العقار لضريبة الدخل ويتحدد مقدار الضريبة عندئذ بقيمة العقار . وقد حرصت الصحافة على اطلاع المكلفين على اسعار العقارات لكي تفسح المجال لهم لمناقشة اعضاء لجان الكشف المكلفة بتقدير قيمة العقار ومطالبتهم بان يتم التقدير وفق الضوابط المقررة . وفي هذا الصدد حرصت بعض الصحف على نشر الضوابط الخاصة بتقدير قيمة العقارات في مناطق محددة . فقد نشرت جريدة الرأي في عددها 119 الصادر في 24/2/2002 مؤشرات تحديد قيمة العقارات الواقعة في مناطق زيونة والكرادة والبتاوين واشارت الى ان اسعار هذه العقارات تختلف باختلاف الموقع الجغرافي وجنس العقار (4). والى ابعد من ذلك نجد ان بعض الصحف اخذت على عاتقها نشر تفاصيل اكثر حول اسعار الاراضي والعقارات السكنية وضوابط تخفيضها والاستثناء منها في العاصمة بغداد (5).اضافة الى دور الذي اضطلعت به الصحافة في اطلاع المكلفين على حقوقهم والتزاماتهم الضريبية ومدى حرية السلطة المالية في التقدير نجد انه قد كان لها دور في توجيه النقد لسياسة السلطة المالية في استعمال سلطتها التقديرية في تحديد قيمة العقارات . ففي الصفحة السادسة من عددها 10932 في 8/8/2002 نشرت جريدة الجمهورية مقالاً تحت عنوان ( لجان التقدير في الهيئة العامة للضرائب ) والذي تضمن نقداً لاسلوب السلطة المالية بالاشتراك مع دائرة التسجيل العقاري ، وقد اقترحت الجريدة في محاولة منها لتقييد سلطة الادارة في التقدير ، الزام السلطة المالية باعتماد قيمة العقار المحددة في العقد المبرم بين البائع والمشتري ورداً على هذا الخبر حددت السلطة المالية اسباب اعتمادها على الضوابط من دون العقد المبرم بين البائع والمشتري بالاتي :

1-ان الهيئة العامة للضرائب قد ارست قواعد للتقدير اضحت سياقات مستقرة واعلنت فقراتها لاطلاع الجمهور عليها وبامكان أي مواطن الاستيضاح من خلال وسائل الاتصال المتاحة معرفة قيمة العقار محل العقد قبل المباشرة باجراءات البيع . كما وان الهيئة حرصت على وضع ضوابط موضوعية وهي دائماً اقل من المستوى العام لأسعار العقارات وان تلك الضوابط اخذت بنظر الاعتبار موقع العقار واندثاره وتحديد درجة البناء من حيث كونه ( متميزاً وجيداً ومتوسطاً ورديئاً ) وان هذه الضوابط يعاد النظر بها سنوياً تبعاً لمتغيرات الاسعار والظروف الاقتصادية والاجتماعية.

2-يتعذر الاعتماد على العقد المبرم بين البائع والمشتري اذ قد يتفق الطرفان على وضع بدل غير حقيقي وهذا ما لايمكن حصره والوقوف عليه بسهولة(6).

ثانياً : وسائل الاعلام السمعية والمرئية :

حيث دأبت هذه الوسائل على أجراء اللقاءات مع المسؤولين في الهيئة العامة للضرائب في برامج خاصة كانت الغاية منها المداولة في الشؤون الضريبية و الاطلاع على اخر التعديلات الجارية في قانون ضريبة الدخل بالاضافة الى الاجابة عن استفسارات المواطنين حول موقفهم من ضريبة الدخل وحدود خضوعهم لهذه الضريبة اضافة الى تمكين المواطنين من مقابلة المسؤولين في الهيئة العامة للضرائب في مواعيد يتم تحديدها اثناء تلك اللقاءات . اضافة الى ذلك فان ما حرصت عليه الاجهزة الاعلامية المرئية هو عرض برنامج ” المراة الضريبية ” في حلقات اسبوعية يتم فيها اللقاء بالمسؤولين في الهيئة العامة للضرائب واطلاع المواطنين على ضوابط تقدير الضريبة التي تتقيد بها السلطة المالية . لقد اصبح جلياً مدى نجاح الخطوات التي خطتها وسائل الاعلام – الصحافة على وجه الخصوص – في ممارسة دورها الرقابي على السلطة التقديرية للسلطة المالية في فرض الضريبة . اذ غدا دورها بارزاً في رفع مستوى الوعي الضريبي لدى المكلفين من خلال اضطلاعها بمهمة تمكينهم من الوقوف على حقوقهم المقررة في قانون ضريبة الدخل والتعليمات والضوابط ذات الصلة ، الامر الذي يساعدهم الى حد كبير في مواجهة السلطة المالية ومناقشتها وهي تؤدي مهامها في فرض الضريبة .مما تقدم يتضح ان الرقابة السياسية على السلطة التقديرية للسلطة المالية في فرض ضريبة الدخل تتسم بالضعف احياناً وتتسم بالفاعلية في احيانٍ اخرى اذ وجدناها ضعيفة الى حد ما تلك الرقابة التي كان يمارسها المجلس الوطني وغدت محدودة بحدود طرح موضوع للمناقشة بغية التعاون مع السلطة المالية في شأن من الشؤون الضريبة . تحددت مهامه الرقابية ايضاً بفحص تقارير ديوان الرقابة المالية التي قد يحيلها اليه رئيس مجلس قيادة الثورة – المنحل – ونأمل في المستقبل القريب ان تلعب الجمعية الوطنية دورها البارز في ممارسة الرقابة شأنها شأن الجهات التشريعية في بعض الدول كإنكلترا .

اما رقابة رئيس الجمهورية فقد تصل فيها نتائج الرقابة الى المسآلة الجنائية وكان للاعتبارات الحزبية – في الغالب – دور في تشكيل اللجان الرقابية التي يعتمد عليها رئيس الجمهورية في ممارسة الرقابة والمثال الابرز على ذلك لجنة ” ثوار تموز ” اذ ان اغلب اعضاءها ان لم يكن جميعهم من اعضاء حزب البعث – المنحل – نأمل في الفترة القادمة ان يتجاوز مجلس الرئاسة كل اعتبار حزبي وسياسي اثناء ممارسة دوره الرقابي المنصوص عليه في المادة (41) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية النافذ .اما الرأي العام فقد كان للصحافة الدور الابرز في ممارسة الرقابة على السلطة التقديرية للادارة في فرض الضريبة ونأمل ان يرتفع مستوى تأثير هذه الوسيلة من وسائل الاعلام في المستقبل خصوصاً بعد ان تحررت الصحافة من القيود التي كانت مفروضة – في احوال واوقات معينة – من قبل النظام السابق. اضافة الى ذلك فان الدور الرقابي الذي يمكن ان تلعبه الاحزاب والاتحادات والنقابات له اهمية كبيرة من خلال تشخيص السلبيات التي قد تعتري تصرفات السلطة المالية وهي تستخدم سلطتها التقديرية في فرض الضريبة واقتراح الحلول المناسبة للحد من تمادي السلطة المالية وهي تمارس حريتها في فرض الضريبة .

__________________

1- انظر جريدة الزوراء – العدد 294 في 6/2/2003 – ص 1

2- انظر جريدة الاقتصادي – العدد 217 في 5/3/2003 – ص11 .

3- انظر تعليمات وضوابط التحاسب الضريبي للسنة 2001 التقديرية المنشورة في جريدة الثورة في عددها 10222 في 25/2/2001 – ص 4 .

4- وعلى الشاكلة نفسها نشرت جريدة تكريت في عددها 67 الصادر في 9/12/2001 اسعار العقارات الواقعة ضمن اختصاص الهيئة العامة للضرائب / فرع الرصافة .

5- انظر على سبيل المثال جريدة تكريت – العدد 66 في 2/12/2001 – ص1 .

6- لمزيد من التفصيل انظر كتاب الهيئة العامة للضرائب رقم 13 س / 4092 في 12/10/2002 والمعنون الى السيد رئيس تحرير جريدة الجمهورية .

المؤلف : قيصر يحيى جعفر الربيعي
الكتاب أو المصدر : السلطة التقديرية للإدارة في فرض ضريبة الدخل القانون العراقي
الجزء والصفحة : ص201-205

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .