تفويض الاختصاص و تفويض التوقيع في الجزائر
تفويض السلطة و تفويض الامضاء

أولا تفويض السلطة (الاختصاص)
ثانيا تفويض الإمضاء (التوقيع)
ثالثا المقارنة بين تفويض السلطة و تفويض الامضاء

مقدمة :
يرتبط التفويض الاداري بالموازاة مع الاختصاص الاداري الذي يعتبر وظيفة ادارية يعهد بها القانون لسلطة معينة لمباشرتها في الحدود المرسومة لها.

أولا تفويض الاختصاص أو السلطة :
هو نقل المكانة القانونية في اتخاذ القرار من صاحب الاختصاص الأصيل إلى الشخص المفوض إليه ويعتبر هذا التفويض ذو طبيعة موضوعية مجردة وهو يكون عادة للشخص المفوض إليه بصفتـه الوظيفية لا بشخصه , يظل ساري المفعول وقائما حتى لو تغير أحد طرفيه لان التفويض للمنصب أو الموقع الوظيفي وليس للشخص شاغل هذا المنصب وتفويض الاختصاص له طابع الاستمرار حتى يصدر قرار بإلغائه .

فهو يرتبط بالوظيفة بغض النظر عن ممارسها أو صاحبها الأصلي ويعمل به حتى في حالات الحلول المحل الموظف المعني وبهذا يكتسي هذا التفويض صبغة التفويض صبغة مستمرة ويبقى معمول به ما لم يقع سحبه مع العلم أن المفوض لا يجوز لـه ممارسة الاختصاصات المفوضة خلال جل هذه المدة أما الأعمال التي يقوم بها المفوض له في دائرة التفويض فتبقى مرتبطة به وتحتل في تدرج الأعمال مكانة المفوض.

ثانيا تفويض الإمضاء أو التوقيع :
وهو قيام الرئيس الإداري بتفويض مرؤوسيه صلاحية توقيع المراسلات الرسمية وهذا التفويض ذو طابع شخصي حيث أن الرئيس الإداري هو الذي يصدر القرارات والتوجيهات الإدارية ابتداءً ويخول أحد مرؤوسيه في توقيع هذه القرارات بدلا عنه وذلك للتخفيف عن الأعباء المترتبة على كثرة التواقيع على المخاطبات الرسمية.
تفويض التوقيع ذو طابع شخصي ويترتب على ذلك أن تغيير أحد طرفيه من شانه إلغاء التفويض .
ويترتب على تفويض التوقيع أن القرار الصادر يعتبر معبرا عن إرادة الأصيل وليس عن إرادة المفوض بالتوقيع والمفوض بالتوقيع لا يعبر عن أرادته وإنما عن إرادة الأصيل كما إن صاحب الاختصاص الأصيل يبقى محتفظا بهذا الاختصاص ويمكنه إلغاءه في أي وقت .

هو لا يغير الاختصاص و يقتصر دوره على مجرد توقيع المفوض له على بعض القرارات الداخلة في اختصاص المفوض ولحسابه وتحت رقابته ومسئوليته أي التوقيع على الوثائق التي سبق أن أعدها الأصيل وينتهي تلقائيا بمجرد تغير شخص المفوض أو المفوض له.

ثالثا المقارنة بين تفويض السلطة و تفويض الامضاء :
إن صاحب الاختصاص الاصيل يلزم بأن يمارس اختصاصه بنفسه، و لا يجوز له أن يفوض غيره في ممارسة اختصاصه، الإ في اطار ضوابط قانونية يجيزها القانون صراحة الا اذا كنا في ظل ظروف استثنائية.و ذلك لما يترتب عليه من آثار سواء في: تحديد مسؤولية و سلطات كل من الاصيل المفوض و المفوض اليه وما ينجم عن ذلك من جزاءات قانونية .لقد استقر الفقه و القضاء الاداريين على ان التفويض باعتباره قرار اداريا صادرا بالارادة المنفردة لصاحب الاختصاص الاصيل، يشترط لصحته و شرعيته من الناحية القانونية عدة شروط ، قد تتحد او تختلف في كل من تفويض الاختصاص و تفويض التوقيع ، و من ثم فالمقارنة بين نوعين التفويض تقتضي بيان اوجه الشبه و اوجه الاختلاف.

أوجه التشابه :
من الناحية الموضوعية :
الاستناد الى نص قانوني يأذن به الاصيل ، حيث لا تفويض بدون نص يجيزه صراحة و بوضوح ، إذ لا يمكن افتراضه ،و ان يكون جزئيا بحيث لا يشمل كل اختصاصات المسندة للأصيل لأن ذلك يعد تنازلا و هو غير مباح كما يشترط ان يكون في حدود النص الاذن به من حيث الاشخاص المفوض اليهم و الموضوعات و أن يصدر قرار التفويض قبل البدء في ممارسة الاختصاص المفوضة.
من الناحية الشكلية :
باعتبار التفويض قرارا اداريا فانه يشترط لصحته توافر الشروط اساسية و جوهرية كالكتابة و التسبيب و التاريخ و الوقيع و احترام الاجراءات و الشكليات الجوهرية كالنشر و التبليغ.

أوجه الاختلاف :
يمكن إبراز أهم أوجه الاختلاف فيما يلي :
من حيث سلطة المفوض الاصيل نحو المفوض اليه :
-تفويض الاختصاص تصرف حاجز يمنع الاصيل من ممارسة الاختصاصات المفوضة طيلة مدة التفويض و لا يجوز استرجاع ذلك الا بإنهاء التفويض ، سواء بارادة المانح الصريحة ، أو حكما بإزالة الصفة عن المانح أو الممنوح له الاستقالة او الوفاة ….الخ و التصرفات التي تجرى من طرف المفوض له خلال إزالة الصفة القانونية على المانح يمكن إدراجها ضمن أعمال الموظف الفعلي .

– في حين أن التفويض التوقيع لا يمنع الاصيل من مشاركة المفوض اليه في التوقيع حتى في الحالات التي فوضت الى المفوض اليه فالوالي يمكنه التوقيع على ما تم تفويض التوقيع بشأنه الى رئيس الدائرة او الوالي المنتدب او مديري المصالح الخارجية على مستوى الولاية على سبيل المثال فالمفوض اليه يخول بالتوقيع نيابة عن رئيسه و باسمه و لحسابه و تحت رقابته و مسؤوليته.

– تفويض الاختصاص موضوعي و ليس شخصي كما هو الحال في التوقيع اي تفويض الاختصاص يمنح الى مرؤوس يحدده القانون (وزير الى الامين العام ، او موظف مرؤوس برتبة مدير او نائب مدير حسب الاحوال ،او هيئة بصفتها الوظيفية و ليس الشخصية على عكس تفويض التوقيع فهو شخصي يقوم على اساس العلاقة بين المفوض و المفوض اليه.

من حيث المسؤولية :
ان ترتيب المسؤولية في حالة التفويض تختلف بين التفويض الاختصاص و تفويض التوقيع.
في التفويض الاختصاص :
يعتبر المفوض اليه هو المسؤول عن التصرفات التى مارسها في اطار الاختصاص الممنوح له ذلك ان القرار الصادر عنه يعتبر قراره لا قرار المفوض فاذا ما فوض وزيرا جزء من اختصاصه الى الوالي فان القرار هنا هو قرارا ولائيا و ليس قرارا وزاريا و من ثم فان المسؤولية تقع على عاتق الوالي ، و يكون قراره معرضا لدعوى الالغاء امام المحاكم الادارية.

في تفويض التوقيع :
فان المسؤولية المدنية الناجمة عن الاضرار التي تلحق الغير من جراء الاعمال الموقع عليها بناء على تفويض فانها تنصرف الى الاصيل باعتبار ان المفوض اليه يتصرف باسم المفوض و لحسابه و تحت رقابته و مسؤوليته اللهم الا ما يتعلق منها بالمسؤولية الجزائية و يترتب على هذه العلاقة بين المفوض و المفوض اليه في التوقيع اعتبار القرارت الموقع عليها من طرف المفوض اليه قرارات صادرة عن المفوض.و تأخذ مرتبة مكانته في السلم الاداري و من ثم تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر دعوى الالغاء .

الخلاصة
إن النظام القانوني الجزائري في هذا المجال لا يتضمن سوى تفويض التوقيع أو الامضاء مراسيم رئاسية و لم نجد لتفويض الاختصاص اي اثر في النصوص القانونية ما عدا ما اورد البند 6 من المادة 77 من الدستور.

الأستاذ حرير عبد الغاني

إعادة نشر بواسطة محاماة نت