يقصد بالاقامة هنا، المكان الذي يسهل على الفرد الالتجاء اليه مع عائلته(1). ولذلك فهي بهذا المعنى لايمكن ان نتصور ان تكون هناك اقامة فعلية للشخص المعنوي، لانه لايمكن تصوّر ان تكون للشركة عائلة مثلاً(2). وللاقامة التي نحن بصددها، نوعان: الاقامة الفعلية او الحقيقية وتخص الاشخاص الطبيعية، الثانية اقامة حكمية او افتراضية وتخص الاشخاص المعنوية، فالاخيرة هي اعتبارية او افتراضية وقد تم منح هذا الاطار او الوصف من اجل انجاز مهمته وتحقيق الاهداف التي قام على اساسها وبالتالي يكون قادراً على اكتساب الحقوق وترتيب الالتزامات عليه(3).

ان المفهوم الضريبي لمبدأ الاقامة، هو ان يتم فرض الضريبة على المكلف المقيم عن دخله او ارباحه التي يحققها في أي مكان سواء كان الدخل المتحقق في دولة الاقامة او في بلد آخر (دولة مصدر الدخل)، أي ان القانون الضريبي بموجب مفهوم مبدأ الاقامة يتجاوز الحدود الاقليمية(4).

والجدير بالذكر ان هذا الضابط يشبه ضابط الجنسية من حيث النتيجة المترتبة عليه، اذ انهما يتجاوزان الحدود الاقليمية لدولتي الاقامة والجنسية، ولكن الفرق بينهما ان الاول يقوم على الولاء الاجتماعي بينما يقوم الثاني على الولاء السياسي. اذ ان مبدأ الاقامة يقوم على الروابط الاجتماعية، فالفرد استناداً الى هذا المبدأ يعيش في الوسط الاجتماعي لتحقيق اهداف معينة وبالتالي تترتب عليه التزامات وتنهض له حقوق تتلاءم مع طبيعة هذا الانتماء.

فالشخص المقيم في دولة بهذا الوضع أي دون ان يكون منتمياً سياسياً لها يترتب عليه ان يساهم في الاعباء والتكاليف العامة مقابل تمتعه بمنافع الخدمات العامة التي وفرتها الدولة، وأهمها حماية شخصه وامواله وتهيئة الظروف اللازمة لتنمية موارده ومصادر دخله(5) وهذا يعني ان مبدأ الاقامة يقوم على فكرة الولاء الاجتماعي بين الشخص والمجتمع الذي يعيش فيه. ومبدأ الاقامة الذي نحن بصدد دراسته في هذا الموضوع يعد احدى صورتي مبدأ التبعية الاجتماعية الى جانب صورة الموطن او التوطن. ولكن يلاحظ ان الاقامة ليست هي الموطن ولو ان الاخير يعني الاقامة المستمرة او الطويلة، ولكن قد تدل على الموطن اذا كانت الاقامة دائمة، اما اذا كانت مؤقتة فلا تكون هي والموطن على صعيد واحد من ناحية المعنى(6).

___________________

[1]- د. عادل الحيّاري- الضريبة على الدخل العام- مرجع سابق- ص160.

2- قيصر يحيى جعفر- اقليمية الضريبة على دخل الشركات في القانون العراقي دراسة مقارنة- رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون- جامعة بغداد- 2000م- ص52.

3-غازي فيصل مهدي- الشخصية المعنوية في القانون العراقي- رسالة ماجستير- مقدمة الى كلية القانون- جامعة بغداد- 1985- ص7-13.

4- د. صالح يوسف عجينه- ضريبة الدخل في العراق- رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق- جامعة القاهرة- المطبعة العالمية- 1965- ص244.

ويذكر ان قانون ضريبة الدخل رقم 95 لسنة 1959 الملغى، كان قد أخذ بهذا المفهوم بصورة مطلقة مع بعض الاستثناءات عليه، اما قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل النافذ حالياً، فانه اخذ بهذا المفهوم بالنسبة للمقيم العراقي فقط وهذا مانصت عليه الفقرة (1) من المادة الخامسة منه. اما بالنسبة للمقيم غير العراقي، فقد استثنى المشرع ارباحه المتحققة في الخارج من الخضوع للضريبة العراقية استناداً الى احكام الفقرة (3) من المادة الخامسة منه.

ولذلك نرى ويرى معنا بعض الفقه الضريبي، ان خضوع المقيم غير العراقي لا يكون وفق معيار الاقامة كما يذهب الى ذلك البعض، وانما وفق معيار التبعية الاقتصادية (الاقليمية).

انظر حول الرأي الذي نسايره:- توفيق الهرش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري في القانون الاردني- رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون- جامعة بابل- 1998- ص20. وانظر كذلك حول الرأي الذي لانتفق معه.

هشام صفوت العمري- اتجاهات المشرع العراقي في ضريبة الدخل- بغداد- مطبعة المعارف- 1979- ص145.

5- د. عبد الحسن هادي صالح- اقليمية ضريبة الدخل في القانون العراقي- دراسة مقارنة- رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق- جامعة القاهرة- بلا مكان طبع- 1983- ص15.

6-URSULA K. Hicks- Public Finance- London- Cambridge the University Press- 1951- P.242.

المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص3-4

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .