خصائص الشهادة

أولا – حجة غير ملزمة : للمحكمة سلطة تقديرية واسعة في الاخذ بالشهادة او عدم الاخذ بها، فقد نصت المدة 84 من قانون الاثبات، على ان للمحكمة ان تأخذ بشهادة شخص واحد مع يمين المدعي، اذا اقتنعت بصحتها، كما ان لها ان ترد شهادة شاهد او أكثر اذا لم تقتنع بصحة الشهادة. ونصت المادة 85 على أنه، اذا لم توافق الشهادة الدعوى أو لم تتوافق أقوال الشهود مع بعض .. جاز للمحكمة ان تأخذ من الشهادة القدر الذي تقتنع بصحته.

ثانياً – حجة غير قاطعة : تقبل الشهادة لاثبات العكس بخلاف اليمين الحاسمة، فان ما يثبت بالشهادة يكون قابلا لاثبات العكس بشهود آخرين او بدليل آخر من أدلة الاثبات، واذا حضر احد الخصوم شهودا لاثبات دعواه جاز لخصمه ان يحضر شهودا لرد هذه الدعوى (م 80 اثبات).

ثالثاً – حجة متعدية : ان ما يثبت بالشهادة يتعدى الى الجميع كما هو الحال بالنسبة للدليل الكتابي في حين ان الاقرار حجة قاصرة على المقر.

رابعاً – حجة مقيدة : تقضي القاعدة العامة في الاثبات، ان الاثبات بالشهادة يقتصر على الوقائع المادية والتصرفات القانونية التي لا تزيد قيمتها على خمسة الاف ديناراً، فهي حجة محدودة .. ومن ثم لا يجوز الاثبات بالشهادة في جميع الأحوال، لان المشرع قدر احتمال الكذب فيها، فحد من خطرها بتفضيل الكتابة عليها (150).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-مرقس، اصول الاثبات ج2 فقرة 244 ص5

حالات منع الاثبات بالشهادة

يفهم من نص المادة (77 / ثانياً) والمادة (79) من قانون الاثبات ان هناك حالات يمنع فيها الاثبات بالشهادة، وندرس هذه الحالات تباعاً :-

أولا – زيادة قيمة التصرف القانوني على خمسة الاف دينارا او كان غير محدد القيمة : – منعت المادة (77 / ثانياً) اثبات التصرف القانوني او انقضائه اذا كانت قيمته تزيد على خمسة الاف دينارا او كان غير محدد القيمة، الا اذا وجد اتفاق او قانون ينص على خلاف ذلك (1)، ان العبرة في تقدير قيمة التصرف هو وقت حصول التصرف لا وقت الوفاء وما يترتب على ذلك من نتائج. فاذا ادعى المدعي انه قد دفع للمدعى عليه مبلغا قدره الف دينار تعويضا عن حادث دهس ولده واتفق معه على اعادة المبلغ المذكور له في حالة تسلمه تعويضا عن الحادث من شركة التأمين الوطنية، فلا يصح اثباتا هذا الاتفاق بالشهادة، ويعتبر المدعى عاجزا عن الاثبات في حالة عجزه عن الاثبات بدليل كتابي معتبر، وله في هذه الحالة تحليف المدعى عليه اليمين والحاسمة (2). و(أن بيع العقار تصرف قانوني لا يجوز اثبات وجوده او انقضائه بالشهادات اذا زادت قيمته على خمسين ديناراً، وبما ان قيمة الأرض المبيعة المقدرة في عريضة الدعوى (3) دينارا لذا لا يجوز اثبات عقد البيع بالشهادة)(4). واذا كانت قيمة الأموال الموهوبة تزيد على خمسة الاف دينارا، فيجب اثبات الهبة بينة تحريرية فان عجز المدعي عن الاثبات فعلى المحكمة منحه حق تحليف المدعي عليه اليمين الحاسمة (5).

ثانياً – مخالفة او مجاوزة ما اشتمل عليه الدليل الكتابي : منعت المادة (79 / أولاً) من قانون الاثبات، الاثبات بالشهادة في التصرف القانوني، حتى لو كانت قيمته لا تزيد على خمسة الاف دينار، فيما يخالف او يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، فالقاعدة العامة في الاثبات، ان ما يثبت بدليل لا يجوز اثبات عكسه الا بدليل مثله او اقوى منه، واذا كان المراد اثباته هو اثبات ما يخالف او ما يجاوز ما هو مدون في الدليل الكتابي، فان ذلك لا يجوز (م 29 بينات اردني). وقضت محكمة التمييز (اذا ابرم عقد الايجار بصورة تحريرية فيجب اثبات تسديد الاجرة بينة تحريرية ولو كانت تقل عن عشرة دنانير)(6). وقضت (لا يجوز البينة الشخصية لاثبات عكس ما ورد في البينة التحريرية) (7). ويقصد بما يخالف الدليل الكتابي، كل ما يؤدي الى تكذيب المدون في الدليل، كان يكون المدون في السند ان الثمن الف دينار ثم يراد ان الثمن الحقيقي هو أكثر او اقل من ذلك. كان يريد البائع اثبات البيع، في حقيقته، هبة مستورة، وان المشتري لم يدفع الثمن المدون في العقد، او يريد المشتري ان يثبت ان الثمن المتفق عليه اقل من المبلغ المذكور في العقد، وانه زيد اعاقة للأخذ بالشفعة (8). اما المقصود بما يجاوز ما اشتمل عليه الدليل الكتابي، ان يضاف الى الثابت في السند شيء جديد، كان يكون المدون في السند خاليا من شرط او أجل، فيدعي من يشهد عليه السند بأن هناك اتفاقا على شرط او اجل (9). او ان يريد المقترض اثبات الاتفاق على اعفائه من الفائدة المذكورة في العقد، او يريد المقترض اثبات الاتفاق على فائدة غير مذكورة في العقد (10). ويقتصر تطبيق هذه القاعدة على المتعاقدين، اما الغير فلا يلتزم بشرط الكتابة في اثبات ما مدون في الدليل الكتابي ويجوز له الاثبات ما يخالف او ما يجاوز الكتابة بشهادة الشهود والقرائن، وبذلك فأن الصورية تعد واقعة مادية بالنسبة للغير ويجوز له اثباتها بطرق الاثبات كافة مهما كانت قيمة التصرف القانوني الثابت بالسند وحتى ما يخالف الكتابة او ما يجاوزها (11). اما اذا كان المطلوب اثباته وجود غش او احتيال على القانون، اي تواطؤ العاقدين على مخالفة قاعدة قانونية تتعلق بالنظام العام، واخفاء هذه المخالفة تحت ستار تصرف مشروع (12)، كأن يدون في العقد، ان الدين هو قرض، في حين انه في الحقية دين قمار، فللمدين اثبات ما يخالف الكتابة بالشهادة لاثبات ان السبب الحقيقي للدين هو القمار لا القرض (13). ويجوز اثبات عدم مشروعية المحل او السبب بالشهادة خلافا للاصل سواء كان الاثبات من جانب احد العاقدين او من جانب احد من غير العاقدين (14).

ثالثاً – اثبات التصرف القانوني المكون جزءا من حق لا يجوز اثباته بالشهادة : منعت المادة (79 / ثانياً)، اثبات التصرف القانوني بالشهادة حتى لو كانت قيمته لا تزيد على خمسة الاف دينار، فيما اذا كان التصرف المطلوب جزءا من حق لا يجوز اثباته بالشهادة حتى ولو كان هذا الجزء هو الباقي من الحق، فاذا كانت قيمة الدين ستة الاف دينارا مقسطا على ثلاثة اقساط متساوية، وطالب الدائن المدين بواحد من تلك الاقساط وجب عليه ان يثبت عقد القرض بالكتابة، ولو انه لا يطالب الا بألفين دينارا وهو مقدار القسط المستحق لانه يؤسس طلبه على عقد قرض وقت صدوره يزيد على خمسة الاف دينارا فكان عليه ان يعد دليلا كتابيا لاثباته، وبغير ذلك، يستطيع كل دائن ان يتخلص من قاعدة الاثبات بالكتابة عن طريق المطالبة بالدين مجزءا بما لا يجوز قيمة كل جزء نصاب الاثبات بالشهادة فيعطل بذلك حكم المادة 77 من قانون الاثبات (15). واذا توفي الدائن وانقسم حقه على ورثته وجب على كل واحد منهم عند المطالبة بنصيبه ان يثبت عدواه بالكتابة ما دام كل الدين يجاوز نصاب الشهادة ولو كان نصيبه أقل من هذا النصاب (16).

رابعاً – عدول احد الخصوم عن طلبه اذا كان يزيد على خمسة الاف دينارا الى اقل منه : منعت المادة (79 / ثالثاً) اثبات التصرف القانوني بالشهادة حتى ولو كان التصرف المطلوب لا تزيد قيمته على خمسة الاف دينارا، فيما اذا طلب احد الخصوم في الدعوى بما تزيد قيمته على خمسة الاف دينارا ثم عدل عن طلبه الى ما لا يقل عن هذه القيمة، الا ان هذا المنع ليس مطلقاً، فيجو زان يكون المدعي، عند اقامة الدعوى، قد حدد طلبه بأكثر من خمسة الاف دينارا الا انه اثناء المرافعة انقص طلبه الى ما لا يجاوز نصاب الشهادة وبرهن بما لا يقل الشك بأنه كان مخطئا عند اقامة دعواه في تقدير قيمة الدين بأكثر من خمسة الاف دينارا وانه شعر بالخطأ (17). وادركه بعد ذلك وصحح عدواه بما لا يزيد على خمسة الاف دينارا، وهو قيمة الدين بعد التصحيح، فان اثبات ذلك جائز بطرق الاثبات كافة (18). فالمشرع امام قرينة غير قاطعة على ان تخفيض الدين الى أقل يقصد منه التهرب من قاعدة الاثبات بالكتابة، فيجوز لدائن دحض هذه القرينة بطرق الاثبات كافة، بان يثبت ان تقدير الدعوة وقت رفعها قد بنى على خطأ او صدر في سهو لم ينتبه إليه الا بعد اعلان المدين (19).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- القرار التمييزي المرقم 276 / ص / 1964 في 5/3/1964، مجلة القضاء، العدد (22) المجلد الثالث ص76.

2- انظر المواد (60) اثبات مصري و(54/1) بينات سوري و (28/1) بينات اردني.

3- القرار التمييزي المرقم 838 / مدنية منقول / 85 – 86 في 25 / 11 / 1986، مجموعة الاحكام العدلية، العدد الثالث والرابع، 1986 ص84.

4- القرار التمييزي المرقم 142 / ح / 87 في 17/5/1987، مجموعة الأحكام العدلية، العدد الأول والثاني 1987 ص191.

5- القرار التمييزي المرقم 544 / م1 / 1989 في 15 / 3 / 1990 (غير منشور).

6- القرار التمييزي المرقم 1833 / م4 / 1976 في 16/1/1977، مجموعة الأحكام العدلية، العدد الأول السنة الثامنة ص6-7، علما بأن القرار صادر في ظل أحكام القانون المدني (قبل صدور الاثبات) وكان النصاب عشرة دنانير.

7- القرار التمييزي المرقم 1436 / م2 / 83 – 84 في 27 / 6 / 1984، مجموعة الاحكام العدلية الاعداد (1-4) 1984 ص89.

8- محمود جمال الدين زكي، فقرة 685 ص1102.

9- العبودي، أحكام ص292.

10 – محمود جمال الدين زكي، فقرة 685 ص1102.

11- د. سعدون العامري ص84 وتلاحظ المادة (10 من قانون التسجيل العقاري رقم (43) لسنة 1971، لا يقبل الطعن بالصورية في التصرفات المسجلة في السجلات العقارية بدائرة التسجيل العقاري.

12- محمود جمال الدين زكي فقرة 687 ص1104.

13- العبودي، أحكام، ص293.

14- مرقس، قواعد تقييد، فقرة 422 ص195.

15-الصوري ج2 ص782 وانظر المادة (29/2) بينات اردني.

16-العامري، ص81.

17-احمد نشأت، ص122 وانظر المادة 29/2) بينات اردني.

18-السنهوري فقرة 197 ص388 محمد عبداللطيف، ج1 فقرة 295 ص282.

19-الصوري، ص783.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .