خطر الإرهاب

أضحى الإرهاب مشكل كل الدول التي ترى في اختلال أجهزتها الإدارية والاجتماعية حقلا خصبا لتطور النزعة الإرهابية بدافع الفقر والحرمان، وتعطى الفرصة لهذه الجماعات والمنظمات الإرهابية الى سلك طريق الجريمة المنظمة لتمويل عملياتها،

مثل المتاجرة في الأسلحة والمخدرات والسرقات، وأشار إلى أن سمات الإرهاب أيضا الهجوم على الكيان السوسيو ـ اقتصادي للمجتمع، كذلك يرفض الإرهاب كل القيم المؤسسة للمجتمع، الأخلاقية منها والقانونية.

وإذا كان الأمر لايتأتى لأي أمة إلا من خلال حماية قيمها الجوهرية من التهديدات الداخلية والخارجية وتحقيق التنمية التي لايمكن أن يقدر لها النجاح إلا في ظل الاستقرار، فإن الإرهاب عنف منظم يوجه ضد سلطة الدولة لإجبارها على إلغاء أو تعديل قيم المجتمع، بما يتفق ورغبة القائمين بالإرهاب، كما يهدد عملية التنمية في أساسها.

والسمة العالمية للإرهاب، راكمت بفعل توالي وقوع أحداث دامية في هذا البلد أو ذاك رصيدا مهما من التحاليل، التي عنيت بالوقوف على الأسباب والدوافع، التي أدت إلى حدوث هذا الفعل الإرهابي أو ذاك، مرورا بخلق تصور شمولي لسبل مكافحته عبر رصد معالمه المتآتية من تجربة كل دولة على حدة، ويأتي المغرب في طي البلدان الذين ذاقوا وبال الإرهاب، والذي مافتئ أن وجد تصورا واضحا لهذه الظاهرة.

وفي هذا السياق، أكد المغرب، يقول التقرير، إيمانا منه، بأن استغلال الأعمال الإرهابية في دول العالم على اختلاف أوضاعها وثقافاتها ونظمها ودرجة تطورها الديموقراطي يمثل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار الوطني والدولي، لكونها عقبة في طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطور الديموقراطي والتمتع بحقوق الإنسان.

فالإرهابيون الذين تسببوا في أحداث الدارالبيضاء في 16 ماي 2003، لايختلفون في طريقتهم وأسلوب تفكيرهم عن العناصر الإرهابية التي وضعت السيارة الملغومة في أكبر مركز تجاري عالمي في نيويورك، ولا عن منفذي أحداث 11 مارس 2004 بمدريد بإسبانيا.

عمليات ضد رموز الدولة

المنشآت : أربعة مخططات لاقتحام وضرب مراكز حيوية الأشخاص : كان هناك ما يقارب 21 هدفا من بين الشخصيات الرسمية، زعماء احزاب سياسية، قضاة، مسؤولون في الجيش والشرطة وكذلك أعوان للسلطة.
أماكن عمومية تعتبرها هذه الجماعات التخريبية مراكز للفساد كان هناك الإعداد للهجوم على 06 أماكن عمومية من بين الأسواق الكبرى، الفنادق، الحانات والكازينوهات مصالح أجنبية : أعد لضرب خمسة أهداف من بين الممثليات الدبلوماسية المتمركزة في الرباط ومحلات الأكلات الخفيفة.

مصالح يهودية ونصرانية منشآت ضرب سبعة أهداف من بين أماكن التعبد اليهودية والنصرانية أشخاص : مشروع قتل تسعة من المغاربة ذوي أصل يهودي
إن ارتباط الإرهابيين المتورطين في هذه العمليات الإرهابية بالخارج، يتجلى خصوصا في حالة المواطن الفرنسي الذي اعتنق الإسلام، روبير ريتشارد انطوان، أمير الخلايا الإرهابية بطنجة وفاس المتواطئة مع خلية الدارالبيضاء لأجل تحقيق هدف واحد هو التنسيق بين جميع الخلايا لإدخال البلاد في دوامة الاضطرابات وإغراقها في حمام من الدم.

ويعتبر ريشارد روبير انطوان أحد المحاربين القدماء في أفغانستان وخريج معسكر “خلدن”، حيث كان معروفا بكونه خبيرا في مادة المتفجرات، علاوة على أنه قدم فروض البيعة للملا محمد عمر، صهر أسامة بن لادن والذي يضفي على نفسه أيضا لقب أمير المؤمنين، كما أن هذا الأخير هو صاحب الفتوى التي تدعو إلى الأعمال الإرهابية ضد بلد يسير في ركاب السياسة الأميركية، إذ تمت استشارته من طرف الإرهابيين المسؤولين عن أحداث الدارالبيضاء، عبر شبكة الانترنيت قبل المرور إلى مرحلة التنفيذ، إذ بارك بدوره هذه الأعمال.

ومن ناحية أخرى فإن الجماعة الإسلامية المغربية المجاهدة ج إ م م لم تبق بدورها بمعزل عن الارتباط دوليا بالإرهابيين الموقوفين وقد تبين بعد ذلك أن المغربي الأفغاني سعد الحسيني الملقب بـ “مصطفى” (المبحوث عنه حاليا والخبير في المتفجرات والمسؤول عن اللجنة العسكرية في تنظيم الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة)، متورط في أحداث الدارالبيضاء.

ورغم نجاح الديناميكية الأمنية في الحد من خطر الإرهاب، فإن التهديد لم يختف ولم يتوار بشكل نهائي، اعتبارا على أن مجموعة من الإرهابيين المرتبطين بمختلف الخلايا المفككة ركنوا الى السرية في أنشطتهم التي ظلت قائمة، بناء على توفرهم على منهجية ناجعة للعمل وعلى علاقات قوية مع الحركات الإسلامية مما يسهل عملية الاقتحام والضرب بقوة

وفي كل الأوقات المحتملة، والشاهد على ذلك اغتيال مغاربة من أصول يهودية وأعوان للسلطة بالدارالبيضاء ومكناس ، وذلك قبل أن تتمكن المصالح المغربية من وضع حد لهذه الاغتيالات سنة 2004
وتجب الإشارة أيضا إلى أن هؤلاء الإرهابيين كانوا قد خططوا لارتكاب جرائم وجنح قصد السطو والحصول على الأموال والمتفجرات، وذلك بهدف خلق مناخ يسوده الهلع والرعب داخل الأوساط المغربية وإطلاق الشرارة لحركة معارضة واسعة النطاق الدروس المستفادة من التجربة المغربية إن التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب سمحت الفرصة للأجهزة الأمنية المغربية لتسطير العمل الإرهابي ومعرفة كينونته وآليات نشاطه، وكذلك ربط المرجعية الفكرية والاديولوجية التي كانت وراء تأسيس هذه الجماعات الإرهابية المتشددة.

الدور الذي لعبه المغاربة الأفغان على العموم قد نستخلص أن الجماعة الإسلامية الراديكالية في المغرب يتزعمها مغاربة قد جاهدوا في الحدود الأفغانية، وعلى غرار هذه الفئة من المغاربة يوجد أجانب اعتنقوا الإسلام، كالفرنسي ريتشارد روبير أنطوان، والمواطن البريطاني ذي الأصل الجاميكي اندري روف.
أصبح المغاربة الأفغان أقوياء بعد اكتسابهم تجربة قوية، والمزيد في الرغبة في القتال والجهاد، وتوفرهم على شبكة واسعة من العلاقات تتكون من عناصر، تعرفوا عليهم في الحدود الأفغانية مع باكستان الذين انخرطوا في الجماعات الإرهابية المتطرفة النشيطة في المغرب.

إن معالجة مختلف القضايا المرتبطة بالتيار السلفي الجهادي اثبتت أن المقاتلين الأفغان لهم الرغبة في زعزعة النظام القائم، وذلك بتنظيم خلايا إرهابية وتلقينهم مبادىء صنع المتفجرات.
إن التحريات المتبعة في إطار مكافحة الإرهاب أبانت أن الجماعة الإسلامية المجاهدة المغربية ترتبط في أفغانستان مع باقي المنظمات الإرهابية مثل القاعدة، طالبان، الجماعة الاسلامية المقاتلة الليبية والجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية.

وفي هذا الإطار عادت مجموعة من العناصر الاسلامية المجاهدة المغربية الذين جاهدوا في أفغانستان إلى أرض الوطن، حيث قاموا بوضع هيكل في شهر غشت 2002 بأكادير يتكون من اللجان التالية : اللجنة السياسية، المالية، الاتصال الفقهية العسكرية والتنسيق مع هياكل هذه الجماعة في الخارج.
من خلال بعض محاضر الاستماع لبعض عناصر الجماعة الإسلامية المجاهدة تم الكشف عن مشاريع تهدف الى ارتكاب عملية ارهابية ضد مصالح اميركية ويهودية في المغرب، وكذلك ضد مواقع سياحية من طرف هذه العناصر .

قدرة الجماعات الإرهابية على تمويل ذاتها إن قدرة الجماعات الإسلامية على التمويل الذاتي ترجع الى ارتكابها مجموعة من الجرائم والجنح (السطو والسرقة بالسلاح الأبيض، المتاجرة في السيارات، النصب والاحتيال)، وزياردة على جمع الأموال من المحسنين
لقد لوحظ ارتفاع ملموس في تطورهم في قضايا اجرامية في الحق العام، وإن الرجوع إلى هذه الأعمال الإجرامية يمكن شرحه بالحاجة الماسة إلى الموارد المالية، هذه الموارد ساعدت على إنشاء ونشاط الخلايا الإرهابية والدعم اللوجستيكي لمآرب الجهاد
استخدام التكنولوجيا المتطورة في مجال الاتصال إن العمليات الأخيرة بينت أن الجماعة الإرهابية المفككة تستعمل أحدث التقنيات، سيما في طرق الاتصال بين عناصرها والدعوة إلى الجهاد في سبيل الله والتوصل عبر علبة الرسائل لوكالة نقل المطبوعات حالة جماعة أنصار الإسلام.

يشير إلى أن تعميم استعمال البطاقات الهاتفية المقتناة من السوق السوداء، تجعل الإرهابيين في وضع مجهول من خلال معالجة مختلف القضايا تبين أن الإرهابيين يتوفرون وينوون استعمال سموم ومحاليل كيميائية سامة “حالة خالد أديب وريتشارد بير أنطوان” مجموعة من الصيغ والوصفات تم اكتشافها ضمن المستندات التي حصل عليها إثر عملية تفكيك الجماعات الإرهابية المرتبطة بالسلفية الجهادية.

إن مختلف القضايا أثبتت وجود ارتباط بين مختلف الجماعات الإرهابية على غرار العلاقات الحميمية التي تربط زعماءها هذا الارتباط مدعم بوجود شخصيات مهمة على الساحة الإسلامية الوطنية.

الأثلر الايديولوجية للجماعات الإسلاموية المتشددة في خضم بسط نفوذه يبحث الإرهاب الإسلاموي المتشدد عن خلق وسط إيديولوجي ملائم، لاعطاء مشروعية للأعمال الإجرامية وتجنيد إرهابيين جدد.
هذه الإديولوجية تم نشرها إلى المواطنين عبر قنوات معينة ومن طرف الزوايا المعروفة هدفها تلقين ممارسات أكثر تشددا في الإسلام، لإحداث شق داخل المجتمع
جميع الجماعات الإسلامية المتطرفة استندت إلى إعلانات مراجع ومؤلفات أو إلى وجهات نظر المنظرين للجهاد، أمثال العقائديين المحليين للتيار السلفي الجهادي، وأعضاء المراكز الإسلامية السعودية.

من بينهم عبد الله عزام أبو حمزة المصري وأبو قتادة هؤلاء العلماء يمتازون بخصوصية انتمائهم إلى تيارات متشددة يستندون دوما إلى حقبة مثالية وتتجلى في أصول الإسلام كنموذج سياسي واجتماعي لنشر أفكارهم الراديكالية، إن علماء مذاهب الإسلام المتطرف يبحثون وقبل كل شيء وضع شبكات للدعم وتجنيد مقاتلين جدد ولكن أبعد من ذلك لنشر أفكار متشددة تشكل تهديدا أخطر على المدى البعيد للخطر الإرهابي الحالي.

أهم خصائص التجربة المغربية

1 ـ التنظيمات الإرهابية في المغرب لايجوز وصفها بالجماعات الإسلامية أو الدينية، لأنها تنظيمات ترتدي عباءة الدين للتضليل، ومن ثم لايجوز اعتبار الإرهابيين أصحاب عقيدة ورأي.
2 ـ الإرهاب في حقيقته ليس سوى جريمة دولية منظمة ذات أهداف مشبوهة ونقيضة، لاعلاقة لها بالدين أو الحسنات أو الوطن.

3 ـ سيظل الإرهاب خطرا قائما محذقا مادامت رؤوسه وقياداته الموجودة في الخارج طليقة تمول وتخطط وتدفع بالعناصر المأجورة إلى التنفيذ هؤلاء تكفلوا بالترويج للفكر الجهادي في أكثر من مدينة مغربية، ولكنهم لم يتمكنوا من لعب دور الأقطاب التنظيمية حتى يوحدوا هذا التيار .
لقد كان هؤلاء الشيوخ يشجعون اتباعهم على الانتقال للجهاد في مختلف بؤر التوتر بالعالم، كأفغانستان والبوسنة والشيشان كمرحلة تمهيدية لكسب التجربة الجهادية في أفق إعلان الجهاد بالمغرب، وتقويض النظام الحالي.

لقد سعى هؤلاء الشيوخ من أجل إضفاء المشروعية الدينية على هدفهم التخريبي، بالاعتماد على قراءة نصية للقرآن والسنة، بعيدا عن كل اجتهاد ينبني على أسباب النزول واعتمدوا في هذا السياق على فتاوى ابن تيمية المغرقة في التزمت، والتي ارتبطت بمواجهة المسلمين في مرحلة سابقة لهجوم التتار.
كما يعتمد انصار التيار الجهادي على فتاوى التكفير لمنظرين آخرين مثل سيد قطب وأبو قتادة الفلسطيني والشيخ عمر عبدالرحمان.
أما على المستوى الحركي، فإن أسامة بن لادن يشكل الرمز الدائم للسلفية الجهادية المغربية بعض مواقف التيار السلفي الجهادي بالمغرب يتمير تيار السلفية الجهادية باتخاذ مواقف، مستقاة من الماضي السحيق، تحمل في طياتها بذور التفرقة تنشر أصول التكفير على كل مظهر من مظاهر التطور الاجتماعي الإنساني.

4 ـ ارتباطها ببعض الجهات والقوى المعروفة بدعمها للأرهاب والإجرام المنظم دوليا واستثمارها لهذا الدعم لصالح حركتها في مجال التمويل والتدريب والتمركز والانطلاق.
5 ـ امتداد جرائمها الى تهديد حرية الفكر والرأي والتعدي على الملكية الثقافية بمالها من آثار سلبية على التراث الثقافي والحضاري العالمي.

التجربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب عرفت الحركة الإسلامية المتطرفة بالمغرب خلال مرحلة التسعينات تحولا نوعيا كان من أبرز سماته توسيع صفوف المنتمين إلى هذه الجماعات، وتبني خطاب معارض ومنافس للأطروحات الرسمية، والذي يهدف أساسا الى إقامة نموذج الحكم التكنوقراطي الذي نجد أصوله في مفردات القاموس الإلهي والشرائع السماوية البعيدة عن الغي والخطأ.

لقد لعب الدعاة المحليون دورا محوريا في تأليب الأوساط الشعبية، وذلك بشرعنة العمل الإجرامي والدعوة الى توظيف وإقحام عناصر ذات فكر ظلامي دموي في صفوف هذا التيار المتأسلم.

كما استطاعت هذه الإيديولوجية الانتشار والوصول الى المواطنين عبر بعض القنوات الخاصة وانطلاقا من بعض المراكز الروحية المعروفة، الشيء الذي أدى دون شك إلى استباحة الممارسات العنفوية باسم الإسلام والهادفة بشكل خاص إلى إحداث شرخ وهوة عميقة داخل المجتمع.

ومن نافلة القول التذكير ان هذه الإيديولوجية المضللة تعززت بذهاب مجموعة كبيرة من المغاربة الى بؤر بأفغانستان والبوسنة والشيشان، الأمر الذي مكنهم حتما من اكتساب تجربة فريدة في المواجهة المسلحة وحرب العصابات داخل الأوساط الحضرية والقروية، وأتاحت لهم الاستفادة من شبكة العلاقات مع أشخاص يتبنون منظومة الجهاد على المستوى الدولي، والذين بدورهم بذلوا جهودا للتنسيق مع خلايا السلفية الجهادية والتأثير في تصوراتها الفكرية.

إلا أن حرب أفغانستان الثانية وانهيار نظام طالبان ساهما في زرع بذور الإرهاب في مختلف أنحاء العالم نتيجة رجوع المجاهدين الموالين لطالبان إلى مواطنهم الأصلية أو مواطن الاستقبال في انتظار تلقي تعليمات جديدة من قبل مسؤولي تنظيم القاعدة
فعلية التهديد الإرهابي وتفكيك الخلية النائمة لتنظيم القاعدة قبيل أحداث 16 ماي 2003 كانت المصالح الأمنية بالمغرب تأخذ بعين الاعتبار جسامة التهديد الإرهابي التي يحيق بالبلاد اعتبار لما أكدته الشواهد المستقاة من العمليات الإرهابية التي كانت بعض المناطق من العالم مسرحا لها (واشنطن ـ نيويورك ـ نيروبي ـ دار السلام) والتي اتضح أن عناصر القاعدة هم الموقعون عليها، مما ساهم في استباق وتوقع أي عمل إرهابي محتمل يستهدف المملكة.

وبناء على هذا المجهود الاستباقي والمعلومات الواردة من قبل المجاهدين الأفغان المعتقلين في القاعدة البحرية بغوانتانامو، وكذا المعلومات الواردة من المصالح الأمنية الصديقة، تمكنت المصالح المغربية شهر ماي 2002 من تفكيك الخلية النائمة للقاعدة وهذه الخلية كانت تنوي ضرب الأسطول البحري التابع لحلف الشمال الأطلسي بمضيق جبل طارق.

كما أن العملية بمجملها كانت من تخطيط بعض مسيري تنظيم القاعدة بباكستان وتهدف الى تكرار العملية الإرهابية التي نفذت ضد الباخرة العسكرية الأميركية كول باليمين، وذلك ردا على الموقف المغربي المؤيد للحرب ضد الإرهاب وانخراط المملكة اللامشروط في مكافحته، إضافة الى ذلك، كان المخطط الإرهابي يستهدف ضرب مواقع حيوية بكل من الدارالبيضاء ومراكش.

إن جوانب هذه القضية ساهمت بشكل كبير في ترسيخ القناعة حول حقيقة المد الإرهابي، الذي يهدد المغرب الذي لم يخف التزامه القاطع والحاسم لمواجهة الإرهاب، ان اعضاء هذه الخلية حاولوا البحث عن تحالفات شركاء ومساهمين داخل المغرب لإشراكهم في العمل الإرهابي.

من جهة ثانية وبفضل أحد أهم معتنقي الفكر السلفي الجهادي ويتعلق الأمر بامحمد الرفيقي الملقب بأبي حذيفة تمكن بعض الإرهابيين المعتقلين الآن من التغلغل داخل الخلايا الإسلامية المحلية والموجودة خاصة بالأحياء الشعبية عن طريق “الزواج العرفي” للإشارة فالزواج العرفي محظور من طرف الفقه المالكي، باعتباره دعارة مقنعة، الامر الذي دفعهم الى استعمال أوراق مزورة لإثبات الهوية أمام العدول أو بالمرور عبر القنصليات.

لقد أعقبت عملية جبل طارق التي كشفت عن انتهاء الاستثناء المغربي من العمليات الإرهابية قضية يوسف فكري الذي ارتكب العديد من الجرائم الدموية قضية يوسف فكري المذبحة باسم الإسلام تمكنت المصالح الأمنية المغربية خلال شهر يونيو 2002 من تفكيك الخلية الإرهابية التي كان يرأسها السلفي الجهادي يوسف فكري ومحمد دامير
هذه الشبكة الإرهابية كانت تنشط على شكل ميليشيات سرية داخل مختلف المدن المغربية، وذلك بقيامها بأفعال إجرامية تصل الى درجة الاغتيال ضد مواطنين أبرياء من بينهم رموز وأعوان السلطة.

وللإشارة فإن هذا التيار الإرهابي الذي اقترف العديد من الأعمال الإجرامية منذ سنة 1999، تم دعمه وتعزيز صفوفه من طرف المغاربة الأفغان الذين تلقوا تدريبات في بؤر التوتر بالعالم، ونأخذ على سبيل المثال، المدعو كريم المجاطي المتخصص في تقنيات صنع المتفجرات وتطوير الأسلحة النارية، مراد الحمياني ومراد صاروف (المعروفين في مساهماتهم في العمليات الإرهابية ومعرفتها بطريقة صنع العبوات المتفجرة “مولوطوف”) إن دعم هذه العناصر لخلية يوسف فكري كان الهدف منه التخطيط لعمليات إرهابية واسعة النطاق ضد المصالح اليهودية والغربية بالمملكة.

كما حرصت هذه الخلية الإرهابية على نسج علاقات مع عناصر من القاعدة، كما هو الشأن بالنسبة الى المواطن البريطاني ذي الأصل الجمايكي المدعو “اندوروف” (المعروف بكونه خبيرا في مجال المتفجرات والسموم) وبندر عبد الله عيسى البخاري المقرب من بعض الإرهابيين المغاربة الموجودين بالدارالبيضاء والناضور مرورا بفاس.

بالإضافة إلى ذلك، فإن خلية الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة، والتي تعد تعبيرا محليا لتنظيم القاعدة والمقيمة بالمغرب منذ سنة 2002 والتي تنشط أساسا بواسطة المغاربة الأفغان بوشعيب كرماج والكبير الكتوبي كانت قد قد مدت جسور التنسيق مع جماعة يوسف فكري ومحمد دامير بهدف التنكيل بالمصالح اليهودية داخل البلاد.

الأحداث الإرهابية ليوم 16 ماي 2003

نظرا لالتزام المغرب القطعي بمواجهة الإرهاب فقد أدرج من طرف زعيم القاعدة أسامة بن لادن في فبراير 2003 ضمن قائمة الدول المصنفة أرض جهاد.
وبعيدا عن كون هذه الأهداف الإرهابية هدفا في حد ذاته فقد أوضحت بالملموس أنها الشرارة التي كان سيعقبها سلسلة من الأعمال الدموية المزمع القيام بها في كل من مدن (الصويرة، مكناس، أكادير، فاس وطنجة على وجه الخصوص) والهادفة إلى المساس برموز الدولة، أماكن الفساد والمؤسسات العمومية والمصالح الغربية.

منذ أحداث 16 ماي 2003 قامت مختلف الأجهزة الأمنية المغربية بعمليات تطهيرية واسعة وتحقيقات دقيقة شملت الجماعات الإسلامية المتطرفة هذه العمليات والتحقيقات أدت الى تفكيك أهم الشبكات الإرهابية التي كانت وراء أحداث الدارالبيضاء الوحشية أو تلك التي كانت بصدد القيام بعمليات أخرى أكثر بشاعة من طرف المجموعات المكونة لتيار السلفية الجهادية.

ولكن رغم نجاعة هذه التدابير الزجرية والوقائية التي قامت بها مختلف الأجهزة الأمنية المغربية يبقى التهديد والخطر الإرهابي قائما، على اعتبار أنه مازال يوجد تصعيد للنزعة المعادية للسامية، عند فئات واسعة من الشباب المقتنعة بأن المسلمين هم مجرد ضحايا لتعامل قسري، وغير عادل نظرا إلى ما يحدث في بعض البقع العربية مثل فلسطين والعراق.

في الوقت الحاضر هناك عدد من أنصار التيار السلفي الجهادي في حالة قرار نظرا إلى علاقاتهم العضوية أو الموضوعية مع الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها هؤلاء مدربون ومتمرسون على قواعد السرية، يمتلكون تجربة وخبرة واسعتين ولهم علاقات أيضا مع أقطاب التيارات الإسلامية المتشددة تجعلهم قادرين على الضرب في أي وقت ومكان وتبقى جرائم القتل التي أودت بحياة مغربي من أصل يهودي في مدينة الدارالبيضاء خير دليل.

اتساع دائرة الخطر الإرهابي للجماعات الإسلامية المتطرفة إن الشبكات الإرهابية من تلك التي تنتمي إلى تيار السلفية الجهادية مسؤولة عن الجرائم التالية : جرائم القتل موظفو الدولة (خمسة أشخاص) زيادة على محاولة قتل رجل شرطة، أشخاص تميزوا بسلوكيات منحلة في حياتهم الاجتماعية خمسة أشخاص مغاربة من أصل يهودي سائحين
اعتداءات سجلت أكثر من 300 عملية سطو ونهب باستخدام الأسلحة البيضاء وعمليات اعتداء مؤدية إلى ضرب وجرح ضد موظفي الدولة وأناس اتهموا بانحلالهم الخلقي في مختلف المناطق في المغرب زيادة على هجومين ضد موكبين لخفر النقود لشركة ريضال بمدينة سلا .

كما خطط لارتكاب جرائم وجنح قصد السطو والحصول على الأموال والمتفجرات، وذلك بهدف خلق مناخ يسوده الهلع والرعب داخل الأوساط المغربية، وإطلاق الشرارة لحركة معارضة واسعة النطاق تتمثل هذه المخططات في مايلي : عمليات من أجل جلب مصادر التمويل الهجوم على 13 مؤسسة تجارية وبنكية وكذلك على مواكب خفر النقود عمليات من أجل توفير الدعم اللوجستيكي (أسلحة ذخائر ومتفجرات) الهجوم على 10 أهداف من بين نقط المراقبة القضائية والإدارية ضد قوات الدرك الملكي والشرطة الوطنية، ثكنات الجيش وثكنات القوات المتنقلة للتدخل كذلك السطو على مصانع لإنتاج الأسمنت بمدن أكادير الدارالبيضاء وفاس.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت