دعوة الشهود الى المحكمة

اولاً طلب سماع الشهود:

يحق للمدعي ان يثبت دعواه بالبينة الشخصية في حدود الحالات التي نص القانون على جواز اثباتها بالبينة الشخصية، وللاثبات بشهادة الشهود اصول يلزم القانون اتباعها، وفي هذا نص قانون اصول المحاكمات المدنية في المادة (57/1) منه بما يلي:( على المدعي ان يقدم لائحة دعواه الى قلم المحكمة مرفقة : بمذكرة بالوقائع التي يرغب اثباتها بالبينـة الشخصية مشتملة على اسماء شهــوده وعناوينهم بالتفصيل من اصل وصور بعدد المدعى عليهم). من النص السابق، يلاحظ ان المشرع رغبة منه في تمكين القضاء من الاسراع في نظر الدعوى دون تأجيل، فقد اخذ المشرع بمبدأ حصر البينة في قانون الاصول، حيث حدد مواعيد تنظيمية لتقديم المستندات والمذكرات، واوجب على المدعي ان يرفق مع لائحة الدعوى والمستندات المذكورة، مذكرة تبين الوقائع التي يرغب المدعي باثباتها بشهادة الشهود موضحاً فيها اسماء الشهود وعناوينهم بالتفصيل من اصل وصور بعدد المدعى عليهم
وقد حددت المادة (59) من قانون اصول المحاكمات المدنية للمدعىعليه موعداً من تاريخ تبليغه لائحة الدعوى ان يقدم جواباً على لائحة الدعوى من اصل وصور بعدد المدعين ومرفقاً به المستندات المؤيدة لجوابه مع قائمة بمفردات هذه المستندات وصور عنها بقدر عدد المدعين، ومذكرة شارحة بالوقائع التي يرغب باثباتها بالبينة الشخصية مع اسماء الشهود وعناوينهم بالتفصيل.والخصم هو المكلف باثبات دعواه وتقديم دليله عليها، فهو الذي يعين للمحكمة شهوده وليس للمحكمة ان تسمع شاهداً لم يسشهده، وانما اذا سمعته دون ان يعترض الخصم على سماع شهادته، واخذت بها المحكمة جاز لها ذلك، واذا اعترض الخصم على سماع شهادته وبالرغم من ذلك سمعته المحكمة واخذت بشهادته كان حكمها معيباً مستوجباً نقضه.وعندما تقرر المحكمة الاستماع الى شهادة الشهود ترفع الجلسة لأجل احضار الشهود المراد الاستماع لاقوالهم، وتعهد بتبليغهم للحضور واداء الشهادة .

واذا طلب الخصم الاثبات بشهادة الشهود يجب عليه ان يبين الوقائع التي يريد اثباتها كتابةً او شفاهاً في الجلسة وعلى المحكمة سواء كان طلب الاثبات بالشهود مقدماً من الخصم، او كان الامر بالاثبات صادراً منها ان تبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالاثبات بشهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور باثباتها والا كان باطلاً.
وفي الاحوال التي يجيز القانون الاثبات بالبينة (الشخصية)، ويرى القاضي ان هذا الاثبات مستساغ، يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة، اوبناءاً على طلب الخصم ان تأمر بالاثبات بالبينة الشخصية، وللمحكمة ان ترفض طلب الاثبات بشهادة الشهود كما اذا رأت ان القانون لا يجيز اثبات الواقعة بشهادة الشهود .
وعلى هذا، ذهبت محكمة التمييز الاردنية في احكامها، ومبادئها الى ان المحكمة لها استجلاء للحقيقة سماع شهادة المختار الذي وقع على المضبطة لا ان تستبعد المضبطة بداعي انها لم تبرز بواسطة موقعها، كذلك فانه يجوز سماع البينة الشخصية لاثبات الظروف المحيطة بتنظيم سند الامانة، وحيث منع قانون البينات الاردني الاثبات بالشهادة ما يخالف او يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي فلا يجوز سماع الشهادة لاثبات ما يخالف ما ورد في الشيك المعترض على سماعها.
وقد يكون الاثبات بالبينة الشخصية جائزاً قانوناً، ولكن يبقى بعد ذلك للقاضي سلطة تقديرية في السماح به، فقد يكون في القضية من القرائن والادلة الاخرى ما يغني عن الشهادة، وعلى النقيض من ذلك، قد تكون الوقائع المراد اثباتها بعيدة الاحتمال بحيث لا يرى القاضي سبيلاً الى الاقتناع بالبينة الشخصية في اثباتها، وقد تكون هذه الوقائع قد طال عليها العهد بحيث يتعذر اثباتها بالشهادة، وفي جميع الاحوال التي يرى القاضي فيها ان الشهادة مستساغة فلا يسمح بها بالرغم من ان القانون يجيزها في الاثبات، ومن ثم لا يكفي ان يجيز القانون الاثبات بالبينة، في بعض الاحوال بل يجب ايضاً ان يكون الاثبات بالبينة الشخصية مستساغاً حسب تقدير القاضي ولا يخضع في تقديره هذا لرقابة محكمة النقض. ويتمتع القاضي في الاثبات بالبينة الشخصية بسلطة تقدير واسعة لا يتمتع بها في الاثبات بالكتابة، ذلك ان الكتابة المعدة للاثبات تشتمل عادة على الوقائع المتعلقة بالحق المدعىبه، والتي تكون منتجة في الاثبات لانها اعدت للدفاع بهذا الغرض فلا يكون هناك للقاضي مجال واسع في تقدير ذلك، اما في الاثبات بالبينة الشخصية فيتسع المجال للقاضي في تقدير ما اذا كانت الوقائع التي استدعيت الشهود من اجلها متعلقة بالدعوى، ومنتجة في الاثبات .فان الغالب ان تكون الشهود لم تعد للشهادة من قبل فاذا توخوا الامانة في شهادتهم فهم لا يشهدون الا على الوقائع التي يتفق ان يكونوا قد رأوها او سمعوها وهذه الوقائع قد تكون متعلقة بالحق المدعىبه، وقد تكون غير متعلقة به،واذا كانت متعلقة فقد تكون منتجة في الاثبات او لا تكون منتجة في الاثبات،كل هذا متروك لتقدير القاضي وهو في هذا التقدير يتمتع بسلطة واسعة لا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض فاقتناع المحكمة ان شهادة الشريك في الشركة لا تجر له مغنماً ولا تدفع عنه مغرماُ يجعلها بينة قانونية. ولما كان الاثبات بالبينة الشخصية هو من حقوق الافراد المتداعين، وان سكوت أي منهم على البينة الواردة وعدم اعتراضه عليها يعتبر تنازلاً منه عن حقه بالمطالبة بعدم قبولها واعترافاً بوقائعها، وبالتالي فهو ممنوع من الاعتراض عليها فيما بعد واثارتها لدى أي مرجع قضائي اخر.وقد اوجب القانون السوري على الخصم الذي يطلب الاثبات بشهادة الشهود ان يقدم طلباً بذلك الى المحكمة، ومن الجائز ان يكون هذا الطلب خطياً او شفوياً يدون في محضر ضبط المحاكمة، ويجب ان يتضمن الوقائع التي يراد اثباتها بالشهادة واسماء الشهود، على ان لا يجاوز عددهم الخمسة في الواقعة الواحدة، وللمحكمة ان تقرر من تلقاء نفسها استماع الشهود في الاحوال التي يجيز القانون الاثبات فيها بالشهادة متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة (المادة 70 بينات سوري).
ويحق للخصم ان ينازع في طلب الاثبات بالشهادة، فيطلب رد الطلب ان كان الاثبات بالشهادة غير مقبول بمقتضى احكام القانون، ويحق للمحكمة رف الاثبات بالشهادة من تلقاء نفسها اذا وجدت ان الواقعة المراد اثباتها غير منتجة في النزاع، واذا قررت المحكمة تلبية طلب الاثبات يجب ان يتضمن قرارها تحت طائلة البطلان كل واقعة من الوقائع المطلوب اثباتها (المادة 71 بينات سوري)، وتعين الجلسة المحددة للاستماع الى الشهود. هذا والاذن لاحد الخصوم في الدعوى باثبات ما يدعيه بشهادة الشهود يستلزم حتماً ان يكون للخصم الاخر نفي ذلك بشهادة الشهود كذلك، وهذا ما نصت عليه المادة (31) من قانون البينات حيث جاء بها ان:( الاجازة لاحد الخصوم باثبات واقعة بشهادة الشهود تقتضي دائماً ان يكون للخصم الاخر الحق في دفعها بهذا الطريق) .وقد نص قانون المرافعات المصري في المادة (192) منه على ان (الاذن لاحد الخصوم باثبات واقعة بشهادة الشهود يقتضي دائماً ان يكون للخصم الاخر الحق في نفيها بهذه الطريقة)، فمن حق الخصم الذي اذن بالاثبات ضده بشهادة الشهود ان يكون له النفي، فيسوغ له اعلان شهوده ليوم المحاكمة او احضارهم معه ويطلب من القاضي سماع اقوالهم بعد سماع اقوال شهود خصمه واذا لم يسمعهم القاضي كان حكمه باطلاً. وبالرجوع الى المادة (57) والمادة (59) من الاصول المدنية نجد انها قد تطلبت سواء من المدعي او المدعىعليه ان يقدم سلفاً الى قلم المحكمة لائحة الدعوى او اللائحة الجوابية مرفقة بمذكرة بالوقائع التي يرغب باثباتها بالبينة الشخصية مشتملة على اسماء الشهود وعناوينهم بالتفصيل، وذلك حتى يتسنى للخصوم الاطلاع عليها وابداء ما لديهم من دفوع واعتراضات، وكذلك لكي يتسنى للمحكمة ان تصدر قرارها بشأن اجازة سماع البينة الشخصية او رفضها، وذلك استناداً للقواعد العامة والتي تتطلب ان تكون الوقائع المراد اثباتها بالبينة الشخصية من الوقائع التي يجيز القانون اثباتها بهذه الطريقة، وان هذه الوقائع متعلقة بوقائع الدعوى ومنتجة فيها وان هناك ضرورة وفائدة ترجى من سماعها، حيث يكون قرار المحكمة بهذا الشأن قراراً اعدادياً لا يقبل الاستئناف لوحده وانما بنتيجة الفصل في الدعوى، اضافة الى ذلك، فقد اجازت المادة (72) من الاصول المدنية لاي من الخصوم ان يطلب اثناء سير الدعوى تقديم مستندات او مذكرات تتضمن وسائل اثبات جديدة منها شهادة الشهود، وذلك في أي مرحلة كانت عليها الدعوى اذا اقتنعت المحكمة انها ضرورية للفصل في الدعوى.
والاصل كما رأينا ان يطلب احد الخصوم تقديم شهود، وتجيز بعض قوانين الاثبات للمحكمة المبادرة الى استدعاء الشهود للشهادة بدون طلب (م18 من قانون الاثبات العراقي)، ولا يلتزم الخصم بجعل طلبه تقديم الشهود خطياً، فمن الجائز ان يتقدم بذلك الطلب شفاهاً وقد نصت المادة (91) من قانون الاثبات العراقي على مضمون طلب تقديم الشهود بقولها: اذا قررت المحكمة سماع الشهود الذين طلب احد الخصوم تقديمهم فعلى ذلك الخصم، اولاً تحديد الوقائع المراد اثباتها بالشهادة، ثانياً حصر الشهود المطلوب شهادتهم الا اذا اقتضت طبيعة الدعوى غير ذلك. ثالثاً: تقديم كافة المعلومات التي تؤمن تبليغهم، رابعاً: الامتناع عن تقديم غير الشهود الذين حصرهم ابتداءاً الا اذا قدم مبرراً يقنع المحكمة في طلب شهود اخرين) ولا مقابل لهذا النص في قانون البينات الاردني .
وللمحكمة على كل حال سلطة تقدير طلب احد الخصمين تقديم شهود، ولم تقيد النصوص المتعلقة بالشهادة في قانون الاصول المدنية طلب تقديم الشهود بحد اعلى من الشهود، خلافاً لقانون البينات السوري الذي اوجب ان لا يتجاوز عدد الشهود الخمسة في الواقعة الواحدة الا باذن المحكمة، اما الحد الادنى للشهود فلم يعد مقيد بشاهدين من الرجال او رجل وامرأتين، فقد اجاز قانون الاثبات للمحكمة ان تأخذ بشهادة شخص واحد مع يمين المدعي اذا اقتنعت بصحتها . اما قانون البينات الاردني، فقد اجاز ذلك بدوره بقيود فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (34) من هذا القانون على انه: ( لا يجوز للمحكمة ان تصدر حكماً في اية قضية بالاستناد الى شهادة شاهد فرد الا اذا لم يعترض الخصم، او تأيدت ببينة مادية اخرى ترى المحكمة انها كافية لاثبات صحتها).
وظاهر في النصين المذكورين ان هذين القانونين لم يجيزا شهادة الواحد بغير قيود، وقد كانت قضية اكتفاء القاضي بشاهد واحد من المسائل الخلافية في الفقه الاسلامي

ثانياً: تبليغ الشهود

يفضل كل من يريد الاستشهاد بشاهد في دعوى ان يحضره الى المحكمة، في اليوم المحدد لاداء الشهادة، الا ان بعض ا لشهود يرفضون الحضور الا بناء على طلب المحكمة، وتوجه المحكمة عن طريق المحضرين الدعوة للشاهد للمثول امامها في اليوم والساعة والمحددين لسماعه، الا ان بعض الشهود لا يذعن لهذه الدعوة وعندها تسطر المحكمة احضاراً للشاهد بناء على طلب من يريد الاستشهاد به.
ويجوز لاي من الفرقاء في أي وقت بعد اقامة الدعوى، ان يطلب الى المحكمة اصدار مذكرات حضور الى الاشخاص الذين يطلب حضورهم لاداء الشهادة (المادة 11 من قانون اصول المحاكمات المدنية) ولا يعني استدعاء الشاهد قبول سماع شهادته، لانه قد تقرر المحكمة عدم قبولها في حالة اعتراض الخصم لان قانون البينات لا يجيزها . وتصدر المحكمة في حال الموافقة على طلب الاستشهاد بشهادة شاهد مذكرة تبليغ خاصة بالشهود، وتتضمن هذه الورقة اسم المحكمة الصادرة عنها، ورقم الدعوى واسم الشاهد وشهرته، ومحل اقامته، ويدون في صدر المذكرة ما يفيد اقتضاء حضور المذكور اسمه في المذكرة في اليوم المعين ويحدد بالتاريخ والساعة الى المحكمة المنظورة امامها الدعوى لاداء الشهادة في موضوع الدعوى. ويتم تبليغ الشهود وفق الاجراءات الخاصة بتبليغ الخصوم من قبل المحكمة (المادة 11 من قانون اصول المحاكمات المدنية). ويجب على كل من تبلغ مذكرة حضور من المحكمة لاداء الشهادة امامها ان يحضر بالذات الى المحكمة في الزمان والمكان المعنين لذلك في المذكرة، واذا تخلف عن الحضور او كان في اعتقاد المحكمة ان اداء الشهادة هو امر جوهري في الدعوى، وانه لم يكن لذلك الشاهد معذرة مشروعة في تخلفه، او انه تجنب التبليغ عمداً، يجوز لها ان تصدر مذكرة احضار بحقه تتضمن تفويض الشرطة اخلاء سبيله بكفالة، واذا حضر الشاهد ولم تقتنع المحكمة بمعذرته يجوز لها ان تفرض عليه غرامة لا تزيد على عشرة دنانير واذا تخلف عن دفع هذه الغرامة يجوز لها ان تقرر حبسه لمدة لا تزيد على اسبوع، ويكون قرارها قطعياً (المادة 81/6 من قانون اصول المحاكمات المدنية). اما الدعاوي التي تكون من اختصاص محاكم الصلح، اذا تخلف الشاهد عن اجابة الدعوى دون ان يكون له معذرة مشروعة يحكم عليه بغرامة لا يتجاوز مقدارها الخمسة دنانير ويؤمر باحضاره، ومتى جيء بالشاهد وبين معذرة مشروعة، جاز اعفاؤه من الغرامة (المادة (11/1) من قانون محاكم الصلح) .
واذا حضر الشاهد في اليوم المعين للمحاكمة ولم يتمكن بسبب غياب الفريق الذي طلب دعوته من اداء الشهادة وفق ما كلف به في مذكرة الاحضار تخلي المحكمة سبيله وتبلغه اليوم الذي عين للمحاكمة .وفي حال ابداء أي من الفريقين استعداده لاحضار الشهود للمثول امام المحكمة، فلا تصدر المحكمة مذكرة حضور وانما تكلف الفريق الذي ابدى استعداده لاحضارهم بذلك .
اما قانون البينات السوري فقد نص على ان يبلغ الشهود وجوب الحضور امام المحكمة بواسطة المحضرين، ويجب اتمام التبليغ قبل التاريخ المعين بأربع وعشرين ساعة على الاقل، ويضاف اليها مواعيد المسافة المقررة في القانون، ويجب ان تتضمن مذكرة تبليغ الشاهد بياناً موجزاً للدعوى المطلوب سماعه فيها والمكان الذي يتعين عليه الحضور فيه وتاريخ الحضور وساعته (المادة (73) بينات سوري) .هذا وقد اجاز الاجتهاد للخصم ان يحضر شاهده معه في الجلسة المعينة لاستماع شهادته بدون تبليغ .واذا تبلغ الشاهد مذكرة التكليف بالحضور، وكانت مستوفية شروطها القانونية، ولم يتعذر عن الحضور لسبب مشروع، للمحكمة الحكم عليه بغرامة من (5-10) ليرات سورية، وتقرر احضاره جبراً ويكون هذا الحكم مبرم، واذا اثبت الشاهد ان تخلفه كان راجعاً لعذر مقبول، فللمحكمة ان تعفيه من اداء الغرامة كلها او بعضها (المادة (74) بينات سوري) .ولكي يتيسر حضور الشهود وادلائهم بشهادتهم، فقد اوجب قانون الاثبات العراقي تبليغهم بالحضور في المادة (92) منه التي نصت على انه:
( اولاً: يبلغ الشهود بالحضور في ورقة تبليغ تصدرها المحكمة على ان يتم التبليغ قبل التاريخ المحدد للاستماع لشهاداتهم بمدة مناسبة .

ثانياً: تتضمن ورقة التبليغ اسماء الخصوم، والمكان الذي يحضر فيه الشهود وتاريخ الحضور وساعته) .
اما قانون البينات الاردني فلم يرد به نص مماثل فتتبع القواعد المقررة في التبليغ واستدعاء الشهود في قانون اصول المحاكمات المدنية المادة (11) .

وقد حدد قانون اصول المحاكمات المدنية القواعد والاجراءات الواجب اتباعها في التبليغات، مرتباً البطلان على عدم مراعاتها من حيث المواعيد واجراءات التبليغ وشروطه، وذلك في الاوراق القضائية المتعلقة بالقضايا دون غيرها ، اذ يجب ذكر اسم المطلوب تبليغه او الشاهد واسم المحكمة او الجهة التي يجري التبليغ بأمرها، وموضوع التبليغ وتاريخ جلسة المحاكمة واسم المحضر بالكامل وتوقيعه على ورقة التبليغ .
ومتى ما كانت ورقة التبليغ مستوفية لجميع البيانات المطلوبة، فانه تطبيقاً لحكم القانون يتم تسليمها لقلم المحضرين، الذي بدوره يقوم بتوزيعها على المحضرين كل حسب منطقته، حيث يقوم المحضر باجراء التبليغ مراعياً بذلك القواعد والاجراءات القانونية المحددة، وقد اوضح القانون ان تبليغ الاوراق القضائية يتم بتسليم نسخة منها الى المطلوب تبليغه اينما وجد، وعليه فانه يتعين على المحضر ان يتعقب الشخص المطلوب تبليغه في أي مكان لتبليغه لشخصه، وفي حالة تعذر تبليغه بالذات، في موطنه او محل عمله، قد أجاز اجراء التبليغ بواسطة وكيله او مستخدمه او لمن يكون ساكناً معه على ان يكون من اصوله او فروعه، ممن يدل ظاهرهم انهم اتمو الثامنة عشر من عمرهم .
وقد استقر اجتهاد محكمة التمييز على ان رجوع المحكمة عن قرارها باحضار الشاهد وتكليفها لطالبه باحضاره بنفسه مخالف لاحكام قانون اصول المحاكمات المدنية التي تجيز لاي من الفرقاء ان يطلب الى المحكمة اصدار مذكرات حضور الى الاشخاص الذين يطلب حضورهم لاداء الشهادة او لابراز مستندات.
وبالرجوع الى ما جاء في المادة (11) من قانون اصول المحاكمات المدنية، التي نصت على مايلي: ( يبلغ الشهود وفق الاجراءات الخاصة بتبليغ الخصوم بمذكرة حضور تصدر عن المحكمة) يتضح من ظاهر النص ان القواعد المتعلقة بمواعيد التبليغ وكيفية التبليغ والبيانات التي تشتمل عليها ورقة التبليغ واجبة التطبيق عند تبليغ الشهود . ولكن في الواقع فان مركز الشاهد في الدعوى يختلف عن مركز الخصوم، فشهادة الشاهد وسيلة من وسائل الاثبات التي يستند اليها الخصم، والخصم الذي يرغب بسماع هذه الشهادة، عليه ان يقوم باحضار الشاهد او اعطاء المحكمة عنوانه الواضح ليصار الى تبليغه حسب الاصول، بل قد يتحمل مصاريف ونفقات احضار هذا الشاهد كما ان كثير من القواعد الخاصة بفرقاء الدعوى يصعب تصور تطبيقها على الشهود ولا يمكن استعمالها في استدعاء الشهود، لانها لا تتفق مع مركزهم في الدعوى، لذلك يرى جانباً من الفقه انه رغم عمومية النص الوارد في المادة (11) فان دعوة الشهود تخضع الى القواعد الخاصة بالتبليغ بالقدر الذي يناسب مركزه في الدعوى، وبالتالي فان البطلان الوارد في المادة (16) من قانون اصول المحاكمات المدنية قلما يطبق على مذكرات دعوة الشهود وان كان يشكل معذرة للتخلف عن الحضور .

ثالثاً: نفقات الشهادة
تقوم المحكمة او القاضي المنتدب بتقدير مصروفات الشاهد ومقابل تعطيله بناء على طلب منه على عريضة يقدمها الى القاضي الذي ينظر في الدعوى، وتقدير المبلغ يدخل في السلطة لتقديرية للمحكمة او القاضي المنتدب وفقاً لظروف الشاهد وعمله، وتوضع الصفة التنفيذية على امر التقدير، ويعطى للشاهد صورة تنفيذية منه ينفذ بها على الخصم الذي استدعاه.
هذا وقد اوجبت المادة (82) فقرة (1) من قانون اصول المحاكمات المدنية، على الفريق الذي يطلب من المحكمة اصدار مذكرة حضور الى شاهد ان يدفع سلفاً وقبل اصدار المذكرة المبلغ الذي تقرره المحكمة، والذي ترى انه كافياً لتسديد المصاريف والنفقات التي يتحملها الشاهد في ذهابه وايابه بسبب الشهادة، على ان الناحية العملية والواقع الفعلي لم يشهد تطبيقاً لهذا النص، اذ تصدر المحكمة قرارها بالزام الفريق الذي يطالب الشاهد بدفع المبلغ الذي تحدده والذي ترى انه مناسباً لتسديد مصاريف ونفقات سفر الشاهد بعد حضورة الى المحكمة وادلائه بشهادته وبناء على طلبه .وعلى هذا، فالشاهد الذي يتوجه الى المحكمة للادلاء بشهادته يكون له الحق في الطلب من المحكمة اثناء المثول امامها وبعد اداءه لشهادته صرف المبلغ الذي يغطي مصاريف حضوره للشهادة، وبناءاً على هذا الطلب تقرر المحكمة صرف المبلغ في الحال والزام الفريق الذي طلب الشاهد بدفعه اليه امام المحكمة، وتحدد المحكمة قيمة المبلغ الذي ترى انه كافياً لتسديد هذه المصاريف عن طريق تقديرها للمسافة التي قطعها الشاهد للمجيء الى المحكمة والنفقات التي تستلزم لقطع تلك المسافة عادة، وتعود هذه النفقات بالنتيجة على الطرف الخاسر، وتقدر المحكمة نفقات تعطيله عن ا لعمل ان كانت مؤثرة بشكل واضح على الشاهد وتأمر بدفعها .
وان لم يطلب الشاهد اية نفقات بسبب حضوره للمحكمة فليس لها ان تلزم الخصوم او الفريق الذي طلب الشاهد بأي مبلغ يدفع للشاهد، وليس له الحق في الطلب بقيم هذه المصاريف بعد انتهاء الجلسة او انتهاء المحاكمة، وإن طلب في الجلسة اللاحقة لجلسته فيعود لتقدير القاضي الموافقة على طلبه. وجاء في المادة (92) من قانون الاثبات المصري، على ان يشمل الامر بتقدير مصروفات الشهود المنصوص عليها فيها، تقدير مقابل تعطيلهم، حيث نصت على انه:
( تقدر مصروفات الشهود ومقابل تعطيلهم بناءاً على طلبهم ويعطى الشاهد صورة من امر التقدير تكون نافذة على الخصم الذي استدعاه).
ولقد اوجبت الفقرة (رابعاً) من المادة (91) من قانون الاثبات العراقي (ايداع طالب الشهود مبلغاً نقدياً تعطى منه نفقات الشهود، واذا كانت حالته المالية لا تسعفه على تحمل هذه النفقات تتحمل الدولة النفقات المطلوبة وترجع بها على من يخسر الدعوى)، ولا مقابل لهذا النص في قانون البينات الاردني فيرجع في ذلك الى ا حكام مصاريف الشهود في قانون اصول المحاكمات المدنية.
بناءاً على ذلك، فاذا حضر شخص الى المحكمة اجابة لطلب أي من الفرقاء من اجل اداء الشهادة، يجوز للمحكمة سواء ادى ذلك الشخص شهادة ام لا ان تأمر بدفع نفقات سفر اليه مع نفقات اخرى، وعلى الفريق الذي يطلب اصدار مذكرة حضور الى شاهد ان يدفع الى المحكمة قبل اصدار مذكرة حضور وخلال المدة التي تعينها المحكمة المبلغ الذي تراه كافياً لتسديد مصاريف السفر، وغيرها من النفقات التي يتحملها الشاهد في ذهابه وايابه .
واذا ظهر للمحكمة ان المبلغ المدفوع لا يكفي لتسديد نفقات الشاهد والتعويض عليه، يجوز لها ان تقرر دفع أي مبلغ اخر يكفي لهذا الغرض، وينفذ هذا القرار عن طريق دائرة الاجراء اذا لم يدفع في الحال، واذا استلزم استيفاء الشاهد اكثر من يوم واحد يجوز للمحكمة ان تأمر الفريق الذي صدرت مذكرة الحضور اجابة لطلبه، ان يدفع بالاضافة الى ما دفع سابقاً مبلغاً اخر يكفي لتسديد نفقات الشاهد عن المدة التي استبقى فيها.
مما ذكر سابقاً، يلاحظ ان قانون اصول المحاكمات الحقوقية رقم (42) لسنة 1952 قد جاء على ذكر ما يتعلق بنفقات الشهود في عدة مواد واوضح كيفية صرف هذه النفقات للشهود والذين يطلب حضورهم وقيمة هذه النفقات بالاستناد الى جدول ملحق بالقانون المذكور في حين ان قانون اصول المحاكمات المدنية رقم(24) لسنة 1988 لم ينص على اية تفاصيل حول هذا الامر سوى ما جاء في المادة (82) منه الفقرة الاولى، والتي جاء فيها بانه:
(على الفريق الذي يطلب اصدار مذكرة حضور الى شاهد ان يدفع الى المحكمة قبل اصدار مذكرة الحضور المبلغ الذي تراه المحكمة كافياً لتسديـد مصاريف السفر وغيرها من النفقات التي يتحملها الشاهد في ذهابه وايابه) .
وحيث يقوم المدعي عند رفع الدعوى الى القضاء بدفع رسومها، وعند استدعاء شاهد يقوم الخصم الذي استدعاه بدفع مصاريفه، وبعد صدور الحكم في الدعوى تحكم المحكمة بمصاريفها على الخصم المحكوم عليه، سواء اكان هو المدعي او المدعىعليه، ومصاريف الدعوى تشمل الرسوم القضائية التي استلزمها رفع الدعوى وقيدها، ومصاريف الخبراء الذين عينوا في القضية، ومصاريف الشهود الذين دعوا لسماع شهادتهم فيها ومصاريف انتقال المحكمة او القاضي في الحالات التي يستلزم الامر فيها ذلك الانتقال وجزءاً يسيراً من قيمة اتعاب المحامين الذين ترافعوا في الدعوى

المحامي فايز كناكريه