مقال قانوني هام عن الاهداف القانونية لنظام التظلم

أ/ عبد الله كامل محادين

يعد التظلم من أهم وسائل تحريك الرقابة الإدارية التي تمارسها الإدارة على نفسها، والتظلم هو الطلب الذي يقدمه صاحب الشأن إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار وهو ما يسمى بالتظلم الولائي أو إلى الجهة الرئاسية لها طالباً تعديله أو سحبه، ويمكن أن ينجم عنه إلغاء القرار بسبب عدم الشرعية أو تأكيده وليس تشديده.

وإن الهدف من نظام التظلم هو حل المشاكل التي تنشأ عن القرار الإداري فيمهدها بحيث لا يتطور الأمر إلى منازعة قضائية تطرح أمام القضاء، وفي هذا توفير لجهد ومال ووقت ذوي الشأن من ناحية وتخفيف للعبء الواقع على كاهل القضاء من ناحية أخرى، كما أنه يفسح المجال أمام الإدارة كي تراجع نفسها وتعيد النظر فيما أصدرته من قرارات، بحيث يكون في إمكانها أن تسحب القرار أو تعدله إذا ما اقتنعت بصحة التظلم المقدم إليها ذلك أن صدور القرار الإداري معيباً لا يعني حتماً أن الإدارة قصدت ذلك وبفرض أن مصدر القرار قد تعمد مخالفة مبدأ الشرعية فإن السلطة الرئاسية غالباً ما تملك تعديل قرارات المرؤوس وإلغائها.

والأصل أن يكون التظلم اختيارياً، وعلى ذلك يجوز لصاحب الشأن أن يلجأ مباشرة إلى القضاء لرفع الدعوى دون أن يسلك سبيل التظلم الإداري إلا أن المشرع قد يجعله وجوبياً في حالات معينة، ومن ثم يتعين على صاحب الشأن استنفاذَه قبل الالتجاء إلى الطريق القضائي، فالتظلم ينقسم من حيث السلطة المختصة بفحصه إلى تظلم ولائي وتظلم رئاسي، ومن حيث الأثر المترتب عليه إلى تظلم جوازي وتظلم وجوبي، وحكمة التظلم الوجوبي هي الرغبة في تقليل عدد القضايا وتحقيق العدالة بطريق أيسر للناس.
ومن حالات التظلم الوجوبي هي ما نص عليه المشرع المصري في قانون مجلس الدولة رقم /47/ لعام 1972 في المادة 12 منه على أنه «لا تقبل الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة العاشرة وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم.

والقرارات التي يجب التظلم منها قبل الطعن تتعلق بشؤون الموظفين وهي محصورة في:

1. القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات.
2. القرارات الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
3. القرارات النهائية للسلطات التأديبية الصادرة ضد الموظفين العموميين.

وبذلك يكون التظلم شرط من شروط قبول طلب إلغاء هذه القرارات الإدارية فلا يعفى منه الطاعن ويجب القيام به قبل رفع الدعوى وعليه انتظار المواعيد القانونية المقررة للبت في هذا التظلم، وإلا حكم بعدم قبولها شكلاً لعدم استكمال إجراءاتها القانونية.

أما في سوريا فقد كان الحال كما هو في مصر إلا أنه بصدور قانون المحاكم المسلكية رقم /7/ لعام 1990 ألغى المشرع في المادة 36 من هذا القانون التظلم الوجوبي وأعفى جميع الدعاوى المتعلقة بشؤون العاملين من ضرورة تقديم تظلم إداري مسبق بشأنها، وبالتالي عاد المشرع بالتظلم إلى الأصل وهو أن يكون اختيارياً، وبعد صدور هذا القانون أصبح للعامل الخيار بين تقديم التظلم إلى الجهة الإدارية أو إقامة الدعوى مباشرة أمام القضاء دون التقيد بشرط التظلم المسبق، وكذلك الحال في فرنسا حيث لم ينص المشرع على التظلم الوجوبي أو اشتراطه قبل الطعن بتجاوز السلطة بأي قرار إداري.