مقال قانوني مفيد عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية

المستشار شريف النجار

يسر البنك الإسلامي للتنمية أن يضع أمام المجتمع الفقهي الإسلامي الموقر بعض الاستفسارات برجاء أن تكون موضع عناية أصحاب السماحة والفضيلة أعضاء المجمع . وهي تتعلق بما يلي :

أولاً : عمليات القروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية لمشروعات البنية الأساسية في الدول الأعضاء بالبنك وبدون فوائد، والمبلغ المقطوع الذي يتقاضاه البنك مقابل خدماته لتغطية مصاريفه الإدارية .

والقروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية للدول الأعضاء لتمويل مشروعات البنية الأساسية هي قروض طويلة الأجل إذ تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عاماً . والتزاماً بأحكام الشريعة الإسلامية فان البنك لا يتقاضى فوائد على تلك القروض، غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية نفقاته الإدارية .

وقد رأى البنك أن يتم تحديد رسم الخدمة في ضوء التكلفة الإدارية الفعلية التي سوف يتحملها البنك في تقويم المشروعات التي يمولها، وأيضاً تكلفة متابعة تنفيذها . ولما كان من الصعوبة بمكان تحديد وضبط التكلفة الإدارية الفعلية التي يتحملها البنك في كل مشروع من المشروعات التي يمولها على حدة لذا فان البنك لحد الآن وإلى أن يصبح من الممكن عملياً تحديد التكلفة الإدارية التي يتحملها في كل مشروع على حدة على وجه الدقة يكتفى بإجراء تقدير تقريبي لتكاليف الخدمة الإدارية والتي رأى أنها تتراوح بين 5و2و3 في المائة حسب حالة المشروع وظروفه . وبناء على ذلك فإن البنك – في حدود النسبة التقريبية المذكورة – يتقاضى مبلغاً مقطوعاً يلتزم المقترض بالوفاء به لتغطية هذه التكاليف الإدارية .

ثانياً : عمليات الإيجار التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية لتمويل شراء ثم أيجار وسائط النقل مثل ناقلات البترول، والبواخر، أو لتمويل شراء ثم أيجار معدات وأجهزة لمشروعات صناعية لصالح الدول الأعضاء . وطبقاً للأسلوب المعمول به في البنك يتم الإيجار على الأسس التالية :

أ) بعد التحقق من الجدوى الفنية والمالية للمشروع الذي ينظر البنك في المساهمة في تمويله عن طريق الإيجار يبرم البنك اتفاقية مع الجهة القائمة على المشروع ( المستأجر ) ويفوض البنك بموجبها إلى تلك الجهة القائمة على التعاقد باسمه مع الموردين على شراء المعدات المطلوبة ( والتي يتم تعيينها وتحديد تكلفتها التقديرية في الاتفاقية ) ويقوم البنك وفقاً لما يتم إبرامه من عقود مع الموردين بدفع قيمة المعدات مباشرة للموردين في الآجال التي تحددها تلك العقود .

ب) تقوم الجهة المستفيدة ( المستأجر ) نيابة عن البنك باستلام المعدات وفحصها للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات المتعاقد عليها ثم تقوم بالإشراف على تركيبها – متى كان التركيب لازماً – للتأكد من أن ذلك يتم بطريقة سليمة حسبما تم التعاقد عليه مع الموردين .

جـ) بناء على المعلومات المتوافرة لدى الجهة القائمة على المشروع وتقديرات الفنيين بها وبالبنك تحدد الاتفاقية الفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ عملية شراء المعدات وتركيبها حتى تصبح صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها . وبناء على ذلك تنص الاتفاقية على موعد بدء الإجارة بحيث يقع ذلك بعد انتهاء الفترة المقدرة لكي تصبح المعدات محل الإيجار صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها .

د) أثناء مدة الإجارة يقوم المستأجر بدفع الأقساط المحددة في عقد الإجارة ( أي الاتفاقية الخاصة بالإيجار) كما يلتزم بصيانة المعدات والحفاظ عليها والتأمين عليها لصالح البنك .

هـ) يلتزم البنك بموجب هذه الاتفاقية بأن يبيع المعدات للمستأجر بثمن رمزي متى انتهت المدة ودفع المستأجر كل الأقساط المتفق عليها وتم وفاؤه بجميع التزاماته الأخرى بموجب الاتفاقية .

ثالثاً : عمليات البيع لأجل التي يقوم بها البنك لشراء وبيع معدات وأجهزة لمشروعات صناعية لصالح الدول الأعضاء . بالإضافة إلى عمليات الإيجار بدأ البنك مؤخراً في استعمال أسلوب البيع لأجل كوسيلة إضافية لتمويل شراء ثم بيع المعدات والأجهزة التي تحتاجها المشروعات الصناعية في دول الأعضاء حيث يقوم البنك بتوكيل الجهة الراغبة في هذه المعدات والأجهزة بالتعاقد بشرائها باسمة ونيابة عنه يقوم البنك بدفع ثمنها مباشرة للمورد . ويتم الاتفاق مع المورد بأن يتم شحنها مباشرة للجهة الراغبة في شرائها في الدولة العضو المعنية . وبعد أن تقوم تلك الجهة باستلامها بصفتها وكيلاً عن البنك، يقوم البنك ببيع المعدات لها بثمن يزيد عن ثمن شرائها، على أن يتم دفع هذا الثمن على أقساط في مدة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات .

رابعاً : عمليات تمويل التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية مستخدماً أسلوب بيع المرابحة – مع الأجل والتقسيط – وذلك لتوفير المواد الوسيطة لاحتياجات الدول الأعضاء.
والأصل في عمليات التجارة الخارجية أن تطلب إحدى الدول الأعضاء بالبنك شراء سلعة ذات صبغة تنموية فيقوم البنك الإسلامي للتنمية بشرائها بعد دراسة الطلب والموافقة عليه ثم يبيعها لها . ويقوم البنك لتحقيق ذلك بإبرام اتفاقية يكون أطرافها بالإضافة إلى البنك الجهة المستفيدة في الدولة المعنية وجهة أخرى في تلك الدولة يعينها البنك بموجب الاتفاقية وكيلا عنه في شراء السلعة المطلوبة ثم يبيعها بعد استلامها للجهة المستفيدة بالثمن الذي حدده البنك وهو ثمن الشراء الذي دفعه البنك للموردين وفقاً للعقود التي أبرمها الوكيل نيابة عنه زيادة ربح يقرره البنك، ويغلب في اتفاقيات التجارة الخارجية أن يكون الوكيل الذي يعينه البنك وكيلاً أيضاً بأداء ثمن إعادة البيع المستحق على المستفيد .

خامساً : النظر في تقرير اجتماع بعض علماء الشريعة والخبراء في المصارف، هذا الاجتماع الذي انعقد في مقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة وبدعوة منه في العاشر من ربيع الأول عام 1399 هـ. وكان الغرض من الاجتماع النظر في حكم الشريعة في الفوائد المتجمعة من إيداع البنك الإسلامي للتنمية أمواله في المصارف العالمية بالدول الأجنبية (مرافق صورة من التقرير ).

وفي ضوء التوصيات الواردة في تقرير العلماء الأفاضل قرر مجلس محافظي البنك تخصيص خمسين في المائة 50% للاحتياطي الخاص وذلك من مجموع المبالغ المتحصلة من ودائع البنك لدى المصارف العاملة في الأسواق الدولية والاحتياطي الخاص المشار إليه مخصص لمواجهة ما قد يطرأ على انخفاض قيمة أرصدة البنك نتيجة لتذبذب العملات المودعة بها تلك الأرصدة من العملات . كما قرر المجلس أن تخصص الخمسون في المائة الأخرى لأغراض المعونة الخاصة.
وبناء على قرار مجلس المحافظين صارت هذه المعونة تقدم لأغراض هي :

أ) التدريب والبحوث التي تهدف إلى مساعدة إلى مساعدة وإرشاد الدول الأعضاء في تعديل مسار نشاطها الاقتصادي والمالي والمصرفي بما يتواءم وأحكام الشريعة الإسلامية . ولتحقيق ذلك تم إنشاء المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة منذ عام 1401 هـ (1981) وهو الآن يقوم بأداء رسالته في مجالي البحوث والتدريب .

ب) توفير وسائل الإغاثة في شكل السلع والخدمات المناسبة لتقدم للدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في حال التعرض للكوارث الطبيعية أو المحن .

جـ) توفير المساعدات المالية للدول الأعضاء من أجل دعم وتأييد القضايا الإسلامية .

1. تقديم المساعدة الفنية للدول الأعضاء .

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986.

بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات ا لتي تقدم بها البنك إلى المجمع، انتهى إلى ما يلي :

أ) بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية :

قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية :

1- جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.

2- أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.

3- كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً.

ب) بخصوص عمليات الإيجار :

قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها :

المبدأ الأول :

أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً.

المبدأ الثاني : أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعاً. والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.

المبدأ الثالث :

أن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.

المبدأ الرابع :

أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل.

المبدأ الخامس :

أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.

المبدأ السادس :

أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك.

ج) بخصوص عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن :

قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها :

المبدأ الأول :

إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً.

المبدأ الثاني :

أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.

المبدأ الثالث :

إن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وان يبرم بعقد منفصل.
د) بخصوص عمليات تمويل التجارة الخارجية :

قرر مجلس المجمع أنه ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
هـ) بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف الأجنبية :

قرر مجلس المجمع بشأن ذلك ما يلي :

يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المتجرة في إيداعاته. ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة، وتوفير المساعدات للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها، وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية.