شفافية القضاء

عيسى الحليان

قبل بضع سنوات، كتب أحد الكتاب مقالا مقتضبا في مجلة إقليمية عن تأخر بعض القضاة في الحضور إلى المحاكم، وبأسلوب لا يخلو من أدب واحترام، عندها قامت القيامة لدرجة أن رئيس المحكمة اتصل على الحاكم الإداري ليبلغه بهذا التطاول على القضاة، والجرأة على مؤسسة القضاء، وأن في ذلك ما لا تحمد عقباه، ويطالب في النهاية بتأديب الكاتب.

تذكرت هذه الحكاية، وأنا أقرأ قبل أيام في الصحف أن قاضيا كان يشغل رئيس مساعد لإحدى المحاكم مثل أمام المحكمة الإدارية بتهمة تزوير (44) صكا والحصول على رشاوى، وأن المدعي العام قدم (180) دليلا وقرينة على تورط المتهم… إلى آخر ما جاء في لائحة الاتهام.

بعد عقود طويلة من الحظر والحصار، أصبحت مثل هذه الأخبار مادة طبيعية في الصحافة، ولكي نكون موضوعيين، ورغم الحقبة الطويلة في النفخ في قدسية من لا قداسة له، فإن القاضي بشر يخطئ ويصيب، وليس كائنا منزها عن النقد أو معصوما عن الخطأ، كما أسست لذلك ثقافة التخويف والمس بالرموز.
في ظل هذه الثقافة التي ترعرع الناس في كنفها، وأن الحديث في فلان ليس حديثا في القضاء فحسب، وإنما في الدين نفسه، ظل الناس يصدمون في الآونة الأخيرة من بعض قصص المحاكمات العلنية لبعض القضاة وكتاب العدل.
تواتر هذه القصص في الصحافة، ورغم كونها تطال سمعة المؤسسة القضائية ظاهرا، الا أن ذلك يطهرها ويظهرها بمظهر الشفافية وإقامة العدل بين الناس سواسية، وأن هذه الثقافة هي الضامن ــ بعد الله ــ لكبح عجلة الفساد.