ماهية بطاقة الائتمان
وأنواعها وطبيعتها القانونية وتمييزها عن غيرها.

البيئة التجارية وما تتميز به من تطور وإبداع وسهولة وسرعة في المعاملات
تقدم لنا يوم بعد الآخر نظماً قانونية ووسائل تتلائم مع الحياة التجارية المتطورة
وهو ما حققه التقدم العلمي في وسائل الاتصال والمعلومات من ظهور التجارة الإليكترونية
وما ترتب علي ذلك من ظهور فكرة النقود الاليكترونية – بطاقات الائتمان – حيث يتم
الدفع من خلال حاسب آلي وانترنت.

وظهور
بطاقات الائتمان – بطاقات الوفاء- أضاف للبيئة التجارية وسيلة مضمونه تميزها عن
وسائل الوفاء التقليدية, وذلك من خلال تنظيمها للعلاقة القانونية بين أطرافها
الثلاثة: المصدر والتاجر وحامل البطاقة.

وتتضمن البطاقة ذاتها بيانات عديدة
منها أسم حامل البطاقة، وتاريخ الإصدار وتاريخ الصلاحية, وأسم البنك المصدر
بالإضافة إلي شعار الهيئة الدولية وهو السحب والشريط الممغنط.

والصرافة الاليكترونية وثيقة الصلة
بالتجارة الإليكترونية، حيث يمكن تحويل المبالغ المالية لحسابات أخري ودفع
الفواتير، وتحويل مبالغ لجهات آخري خارج البنك عن طريق الصرافة الإليكترونية.

ونتيجة للثورة التي حدثت في نظم
المعلومات وانعكاسها علي بطاقات الائتمان فقد تعددت الوظائف التي تؤديها، فهي تربط
بين ثلاثة أطراف هم: المصدر للبطاقة والتاجر الذي يقبلها في الوفاء والحامل لها، في
حين تقتصر دورها كوسيلة ائتمان من خلال علاقة الحامل بالمصدر فقط، وينظم هذه
العلاقة العقد المبرم بينهما.

وقد بدأت بطاقات الائتمان في
الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1950’ ومنذ ذلك التاريخ عرف العالم وسيلة جديدة
من وسائل الوفاء وهي بطاقات الائتمان ” les carttes de
credit” ”
لأهميتها.

وقد أثارت بطاقات الائتمان مناقشات
حادة بين الأوساط القانونية والتجارية والمهتمين بتطوير وسائل الوفاء’ لتميزها
ببعض الخصائص التي تجعلها مستقلة عن وسائل الوفاء التقليدية، ومن ناحية أخري
فالطبيعة القانونية والوظائف التي تقوم بها تجعلها تأخذ مكانها بين وسائل الوفاء
الحديثة.

ومن
أجل ذلك، ستتناول الدراسة في هذا البحث
نقاط تسعي إلي الوقوف علي النظام القانوني لبطاقة الائتمان، وكيفية إيجاد
القواعد القانونية اللازمة لحماية هذه البطاقة واستخدامها من خلال المسئولية
المدنية والجنائية عن الاستخدام غير المشروع لبطاقة الائتمان وينقسم هذا البحث إلي
ثلاثة مباحث كالتالي:

المبحث الأول: ماهية بطاقة الائتمان وأنواعها
وطبيعتها القانونية وتمييزها عن غيرها

المبحث الثاني: العلاقات الناشئة عن استخدام
بطاقة الائتمان: مصدر البطاقة وحاملها,
مصدر البطاقة والتاجر, حامل البطاقة والتاجر

المبحث الثالث: المسئولية المدنية والجنائية عن الاستخدام غير
المشروع لبطاقة الائتمان.

المبحث الأول

ماهية بطاقة الائتمان وأنواعها وطبيعتها القانونية وتمييزها عن غيرها

يتطلب دراسة موضوع
ما تحديد إطاره ومفهومه حتي يمكن معرفة محور البحث لذلك سنتناوله في مطالب ثلاث
تتضمن، ماهية بطاقة الائتمان، أنواعها وتميزها عن غيرها، الطبيعة القانونية لتلك
البطاقات.

بداءه، يصعب إيجاد
تعريف معين لبطاقة الائتمان لتعدد العلاقات الناشئة عن استخدامها وتشابكها، وقلة
التشريعات في تناول البطاقة ومعالجتها.

فمن التعريفات التي
وردت في هذا الصدد: “أن بطاقة الائتمان عقد يتعهد فيه مصدر البطاقة لمصلحة
شخص آخر هو حامل البطاقة بفتح اعتماد بمبلغ معين، وبموجب هذه البطاقة بقبول الوفاء
بمشتريات حاملي البطاقات الصادرة منه.

وأيضا تعرف علي
أنها” بطاقات تصدر بمعرفة مؤسسة ماليه أو بنك باسم أحد الأشخاص وتؤدي وظيفتي
الوفاء والائتمان، أي أنها تعطي لحاملها الحق في متابعه

سداد المبالغ التي
استخدامها من الاعتماد المفتوح لدي مصدر البطاقة.

وكذلك أنها”
بطاقات مستطيلة من البلاستيك, تحمل اسم حامل البطاقة وتوقيعه ورقمه ورقم حسابه
وتاريخ وانتهاء صلاحيتها، واسم الجهة المصدرة لها وشعارها، بشكل بارز علي وجه
البطاقة وبواسطة هذه البطاقة يستطيع حاملها سحب المبالغ النقدية من ماكينات حسب
النقود الخاصة بالبنوك، أو تقديمها :أداة وفاء للخدمات والسلع التي يحصل عليها من
الشركات والتجار الذين يتعامل معهم، أو أداء ضمان للوفاء في حدود مبلغ معين.

ويلاحظ أن
التعريفات السابقة تدور حول فكرة أساسية هي الائتمان، فهو جوهر البطاقة وعلي ذلك
يمكن القول بأن بطاقة الائتمان هي عبارة عن” أداة مصرفية بلاستيكية كبديل
للنقد للوفاء والائتمان في نفس الوقت، وتعطي لحاملها الحق في الحصول علي تسهيل
ائتماني من مصدر هذه البطاقة، وذلك للوفاء بقيمة مشترياته من سلع أو خدمات لدي
التجار المتعاقد معهم المصدر بقبول الوفاء بالبطاقات مقابل توقيع الحامل للتاجر علي
إيصال بقيمة التزاماته، علي أن يقوم التاجر بتحصيل القيمة من البنك مصدر البطاقة. ويتعين علي حامل البطاقة سداد
القيمة لمصدرها خلال أجل معين متفق عليه, ولا تمنح هذه البطاقات إلا بعد تأكد
مصدرها من وجود ضمانات كافية ( شخصية أو عينية) تتناسب مع الحد المصرح به للبطاقة
( ويطلق علي هذه العملية نظام الدفع الاليكتروني).

وتقوم الهيئات
الدولية بإدارة العملية المصرفية حيث عن طريقها تتم عملية المقاصة والتسويات
الاليكترونية وتحويل الأموال بين بنك الحامل وبنك التاجر القائم بعملية التحصيل،
وهي التي تمنح التصريح للمؤسسات المالية الكبرى والبنوك بجميع أنحاء العالم في
التعامل في نظام البطاقات البلاستيكية سواء بإصدار البطاقات أو تحصيل إشعارات
المبيعات للتجار، وأكثر تلك الهيئات انتشاراً( فيزا – ماستركارد).

المطلب الثاني: أنواع بطاقات الائتمان وتميزها عن غيرها.

نظراً لتعدد أنواع
بطاقات الدفع الاليكتروني أي بطاقات الائتمان أو بطاقات الوفاء التي تصدرها البنوك
وافرزها التعامل التجاري، وتشابها في الشكل الخارجي، فإنه يتعين بيان أنواعها وهي
تلك الممثلة في بطاقة ضمان الشيكات،وبطاقة السحب الآلي، بطاقة الوفاء، بطاقة
الائتمان وسنتناول كل نوع علي حدا وما تتميز به بطاقة الائتمان عنه.

أولاً: التمييز بين بطاقة الائتمان
وبطاقة ضمان الشيكات.

تعرف بطاقة ضمان الشيكات علي أنها ” بطاقة
بموجبها يتعهد البنك لعميله حامل البطاقة بضمان سداد الشيكات المسحوبة من قبله علي
هذا البنك وفقاً لشروط البطاقة وتحتوي هذه البطاقة علي اسم العميل وتوقيعه ورقم
حسابه والحد الأقصى الذي يتعهد البنك بالوفاء به في كل شيك يحرره العميل وإذا تم
تحرير الشيك ضمن الشروط وخاصة أن يكون وفقاً للحد الأقصى المسموح به وكتابة رقم البطاقة
علي ظهر الشيك وصحة توقيع الساحب فإن البنك المسحوب عليه يلتزم بدفع قيمة الشيك
للمستفيد بغض النظر عن وجود و عدم وجود رصيد كاف لديه، ففي بريطانيا الحد الأقصى
للوفاء يكون بمبلغ 50 ألف جنيه إسترليني.

فإذا ما قورن بين بطاقة ضمان الشيكات وبطاقة
الائتمان، نجد أن الأخيرة تضمن وفاء قيمة سلع وخدمات حصل عليها حامل البطاقة من
التاجر، وتقوم الجهة المصدرة بسداد المبالغ المطالب بها من الحامل لاحقاً بينما بطاقة ضمان الشيكات تضمن الوفاء بقيمة
شيك مسحوب من الحامل والبنك المسحوب عليه من حقه رفض الشيك في حالتي تجاوز الحد الأقصى
للرصيد وعدم وجود رصيد أو وجود رصيد غير كافي مما يجعل أركان جريمة إصدار شيك بدون
رصيد متوافرة.

ثانياً: التمييز بين بطاقة الائتمان
وبطاقة السحب الآلي:

بطاقة السحب الآلي( الصرف الآلي) تخول حاملها
إمكانية سحب مبالغ نقدية من حسابه بحد أقصي متفق عليه من خلال أجهزة خاصة، حيث
يقوم العميل بإدخال البطاقة في فتحه خاصة بالجهاز ثم إدخال رقمه السري وتحديد
المبلغ المطلوب سحبه بالضغط علي لوحه مفاتيح الجهاز ويقوم الجهاز بعد ذلك بصرف
المبلغ آليا وإعادة البطاقة له، ويسجل هذا المبلغ في الجانب المدين من حساب العميل
مباشرة (on line) وكل ما في الأمر أن الهدف من وجودها التسهيل علي العملاء وتوفير احتياجاتهم
من النقود المودعة لدي البنك من العميل.

ومن هذا التعريف يبين أن بطاقة الصرف الآلي لا تقدم للعميل ائتمان, لاقتصار
دورها علي سحب المبالغ المودعة لدي البنك، ولا يقوم الجهاز بصرف أي مبلغ في حالة
عدم وجود رصيد للعميل، ولا يمكن التعامل مع التاجر بها لسداد قيمة المشتريات كما
هو في بطاقة الائتمان التي تقبل للوفاء بقيمة السلع والخدمات، وفي كل الأحوال فإن
هذه البطاقة ليست بطاقة ائتمانية لعدم وجود تسهيل ائتماني للعميل عادة.

ثالثاً: التمييز بين بطاقة الائتمان
وبطاقة الوفاء.

تخول بطاقة الوفاء” debit card” حاملها بدفع قيمة السلع والخدمات التي يحصل
عليها من بعض المحلات التجارية المتعاقدة مع الجهة المصدرة لها، وذلك بتحويل قيمة
البضائع والخدمات من حساب حامل البطاقة إلي حساب التاجر البائع بصورتين أحدهما
مباشرة on line وتتم لحظة الشراء لدي التاجر عن
طريق التحويل لمباشر من حساب الحامل إلي حساب التاجر أما الصورة الأخرى غير مباشرة
off line حيث تقوم الجهة المصدرة بسداد الإيصالات للتاجر بعد
وصولها إليها ويطلق علي هذه البطاقة تسمية ” بطاقات الوفاء المؤجلة”.

ومن خلال تعريف بطاقة الوفاء، نجد أنها ليست بطاقة ائتمانية لقيام الجهة المصدرة
بتسوية الدين بين حامل البطاقة والتاجر إن وجد رصيد دائن لحامل البطاقة دون تقديم
تسهيلات ائتمانية. أما في بطاقة الائتمان فإن الجهة المصدرة تتعهد بتقديم تسهيلات
ائتمانية للحامل والسداد للتاجر.

ومن ناحية أخري فإن الحامل في بطاقة الوفاء لا يملك آجلا للوفاء إلا في حالة
الوفاء غير المباشر ( بطاقات الوفاء المؤجلة) فيتمتع الحامل بأجل فعلي للوفاء
بقيمة السلع والخدمات إما في بطاقة الائتمان فإن الحامل بمقتضي العقد المبرم مع
الجهة المصدرة، يتعهد الوفاء بالمبلغ ضمن أجل ممنوح له من الجهة المصدرة قد يصل إلي
ثلاثين يوما أو خمسة وخمسون يوما. ومن أمثلة بطاقات الوفاء في فرنسا بطريقة الدفع
غير المباشر بطاقةlA carte bleu .

رابعاً: التمييز بين بطاقة الائتمان وبطاقة
الحساب:

بطاقة الحساب ” charge card” ترخص لحاملها الشراء علي
الحساب في الحال، علي أن يتم السداد لاحقا، فهي لا تقدم ائتمان لحاملها ولكن عليه
سداد قيمة مشترياته بمجرد إرسال الفاتورة إليه مع عدم تحمله من جراء ذلك أي فوائد
وبذلك نلاحظ ن بطاقة الحساب تعتمد علي الشراء بدين يتم سداده كله لاحقا، ولكن في
بطاقة الائتمان يتم السداد خلال مدة معينة ومتعاقبة من الاعتماد المسموح به للحامل
والذي يتم السحب علي أساسه مضافا إلي السداد فائدة معينة مقابل أدارة العملية
المصرفية.

لوحظ في التعاريف السابقة لأنواع
البطاقات انفرد بطاقة الائتمان ببعض الخصائص التي تميزها عن غيرها من وسائل الوفاء
الأخرى، لما تقوم عليه من الكفاءة الائتمانية كما أنها تحقق أيضاً مزايا لأطرافها،
ومن أهم هذه المزايا:

1-قبول البطاقة كأداة وفاء وتداولها في دول العالم بدلاً من مخاطر حمل النقود.

2-
البطاقة وسيلة سهلة ومرنه لسداد تكاليف السفر والسياحة وإتمام الصفقات التجارية
الصغيرة أثناء السفر بالخارج، كما تمكن حاملها من سداد قيمة مشترياته وفقا لظروفه.

3- توفير
البطاقة لحاملها عنصر الأمان لعدم استخدام غيره لها، وفي حالة الضياع أو السرقة
يمكن إبلاغ الجهة المصدرة لإيقاف التعامل بها فوراً.

4- تقوم
البطاقة بوظيفة ائتمانية لقيام الجهة المصدرة بسداد قيمة المشتريات للتجار فور
تقديم الفواتير لها ثم الاسترداد من الحامل لاحقا علي دفعات آجله مما يساعد علي
انتعاش الاقتصاد ورواجه.

5- أحدي
وسائل الحد من الطلب علي العملات الأجنبية، إذ إنها وسيلة دولية تستخدم بجميع
العملات ويتم مطالبة العميل بالمعادلة بالجنيه المصري، مما يقلل الطلب علي العملات
الأجنبية لأغراض استهلاكية وأحداث نوع من التوازن بسوق الصرف الأجنبي.

6- تدر
إيرادات غير تقليدية للبنوك ممثلة في رسوم الاشتراك، العمولات من الاستخدام، عمولات
محصلة من التجار نظير خدمه تحصيل الإشعارات –
كمبيو بين العملة الأجنبية لحاملي البطاقات والعوائد المدينة المحصلة من
العملاء…. الخ كما أنها من أهم وسائل توظيف السيولة بالبنك.

المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لبطاقة
الائتمان:

مما لاشك فيه، كما رأينا أن بطاقات الائتمان تنفرد ببعض الخصائص التي تميزها
عن غيرها من وسائل الوفاء، وتحقق مزايا لأطرافها الثلاثة: مصدر البطاقة، وحاملها
والتاجر مما جعل الفقهاء والقضاء يهتمون بتحديد الطبيعة القانونية لبطاقات
الائتمان بغرض الوصول إلي القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الناشئة بين
أطرافها وسنعرض بعض هذه الآراء فيما يلي:

ذهب الجانب الفقهي الذي يطلق علي
بطاقة الائتمان مسمي العقود البلاستيكية أو الاليكترونية بأنها نقوداً ولكن مردود
علي ذلك بأن النقود متداولة ومحدده القيمة وسند ملكيتها الحيازة أما بطاقة
الائتمان فهي غير متداول لشخصية الاستخدام، ولا يمكن تحويلها أو نقل ملكيتها للغير
كما يوجد نوع من التباين في قيمتها نظراً لاختلاف التسهيل الائتماني الذي يمنح
لحاملها كلاً حسب مقدرته.

وينظر رأي آخر إلي بطاقة الائتمان
علي أنها تشبه في نظامها القانوني لحوالة الحق، وهي ذلك العقد الذي بموجبه ينقل الدائن
حقه قبل مدينة إلي شخص آخر يحل محله في علاقته بالدين وبالتالي يفسر نظام الوفاء
بالبطاقة وفقاً لفكرة حواله الحق التي تؤدي حقوق التاجر إلي مصدر البطاقة بكل ما
يتعلق بها من حقوق والتزامات فمصدر البطاقة” المحال له” الحق في مطالبة
حامل البطاقة ” المحيل عليه “بسداد المبالغ التي قام بالوفاء بها للتاجر
” المحيل” مقابل دفع عمولة.

ويتعارض هذا التكييف مع نص المادة 1690 من القانون المدني الفرنسي المقابلة
للمادة 305 من القانون المدني المصري والتي تنص علي” تكون الحوالة نافذة قبل
المدين أو قبل الغير إلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها” علي أن نفاذها قبل
الغير بقبول المدين يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ وهو الأمر الغير
متوافر في بطاقات الوفاء.

كما يتجه رأي أخر بالقول أن بطاقة
الائتمان تقوم علي فكرة القرض حيث يقدم المقرض للمقترضين مبلغاً نقدياً للتصرف فيه
بغرض معين، وفي حالة تجاوز المقترض هذا الغرض، فإن من حق المقرض فسخ العقد لمخالفة
المقترض غرض العقد ويطلب رده فوراً.

ولا نتفق مع هذا الرأي حيث أن القرض ينشأ علاقة ثنائية بين المقرض والمقترض
فقط وعلاقتهما منفصلة عن الغير والوفاء ينشأ منذ تاريخ العقد وفقاً لشروطه, بينما
بطاقة الائتمان تنشأ علاقة ثلاثية بين المصدر والعميل سواء كان حامل أو تاجر، كما
أن مصدر البطاقة يبرره الوفاء السابق علي الاتفاق، وهو التسهيل الائتماني الممنوح
لحامل البطاقة ولذلك لا يعتبر قرضاً حقيقياً من مصدر البطاقة، ولكن وسيلة للوفاء
والائتمان.

ويري رأي إلي أن بطاقة الائتمان
تقوم علي فكرة الوكالة إذ تنص المدة 699 من القانون المدني المصري علي أن”
الوكالة عقد مقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل ” وعلي
ذلك، يقوم الوكيل بالتعاقد مع الغير باسم موكله بحيث يبدو له بأنه الموكل وليس
الوكيل وبالرجوع إلي بطاقة الائتمان نجد أن مصدرها يقوم بتحصيل الحقوق لحساب
التاجر، ولكن باسم الأخير لدي حامل البطاقة ويرد علي هذا الرأي بأن مصدر البطاقة
يقوم بالوفاء للتاجر قبل قيامه بتحصيل هذه المبالغ من حامل البطاقة إلا أن الفقه
الفرنسي مستقر علي أنه لا يوجد ما يمنع الوكيل من دفع مبالغ نقدية مقدمه للموكل في
إطار عقد الوكالة،وهذا ما يحدث عادة بالنسبة للوكيل المكلف بشراء بضائع إلي
الموكل.

ومجمل القول نري جانب الفقه قد ذهب إلي أن بطاقات تشبه النظم القانونية التي
تحكم حوالة الحق أو الدين أو القرض أو تلك التي تحكم الاشتراط لمصلحة الغير أو هي
نوع من الوكالة أو الكفالة وأنتهي إلي إنها ليست نظاماً من تلك الأنظمة بل أنها
ذات طبيعة خاصة بها ويتعين البحث عنها وتكييفها من خلال التشريعات المقترحة والفقه
الجنائي يري أن هذه البطاقات لا تكون شيكاً أو نقوداً ورقية حيث أن الشيك أداة وفاء
يدفع قيمتها بمجرد الاطلاع عليه أما بطاقة الائتمان تحل محل الشيك في الوفاء ولا
يجوز الرجوع في بطاقات الدفع الاليكتروني حيث أنها وسيلة للنقود وليست نقوداً.
خاصة وأنه لا يتم التعامل بها سوي لدي التجار المرخص لهم بالتعامل فيها.

ومع ذلك أري إن بطاقة الائتمان
تقوم علي فكرة خطابات الضمان إذ إن خطاب الضمان هو عبارة عن تعهد نهائي يصدر من
البنك بناء علي طلب عميله بدفع مبلغ معين نقدي أو قابل للتعين بمجرد إن يطلب
المستفيد ذلك من البنك خلال مدة محدودة ودون توقف علي شرط أخر وبذلك تتلاقي مع
بطاقات الائتمان في فكرة الائتمان ذاتها لأنها أداة ضمان كما أن خطاب الضمان يحقق
مصلحة لأطرافه الثلاثة إذ يفيد منه البنك ( المصدر) الذي أصدره لأنه يتقاضي عمولة إصداره،
ويفيد منه العميل (الحامل) لأنه يجنبه تقديم الوفاء النقدي والمستفيد (التاجر)
الصادر لصالحه خطاب الضمان ويعتبر الاعتماد المفتوح لحامل بطاقة الائتمان في كونه
شخصي ولا يمكن تداوله وليس من الأوراق التجارية، وله مدة صلاحية معينة ويمكن
امتدادها وهو ما يتفق مع بطاقة الائتمان بأنه يمكن تحديدها إذا التزام حاملها
بالعقد المبرم مع مصدر البطاقة.

وعلي ذلك يمكن القول بأن بطاقة
الائتمان هي وسيلة السداد المستحدثة للائتمان تمشياً مع سرعة المعاملات ومنطق
التطور وتقدم التجارة الإلكترونية الامر الذي يتطلب ضرورة وضع نظام قانوني لها
لتوفير حماية جنائية ومدنية لتلك البطاقات حيث إنها ذات طبيعة خاصة وقد بدأت كل من
فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في وضع نظام قانوني لهذه البطاقات لحمايتها
مدنياً وجنائياً.