بحث ودراسة قانونية حول نظرية الخطأ في المسئولية الإدارية في القانون السوداني

الباحث: د . وهبي محمد مختار

نص البحث:

دراسات في القانون الإداري

نظرية الخطأ في المسئولية الإدارية في القانون السوداني

د . وهبي محمد مختار

قاضي المديرية – الدائرة المدنية الخرطوم – فبراير 1986.

– ليسانس حقوق – جامعة القاهرة فرع الخرطوم سنة 1970.

– دبلوم الدراسات العليا في القانون العام سنة 1973.

– دبلوم الدراسات العليا الخاص سنة 1975.

– دكتوراه في القانون الإداري فرنسا سنة 1984.

تقديم

القانون الإداري من صنع القضاء . . . مقولة أصابت الحقيقة وأن كانت في اعتقادنا ذات أبعاد تشير إلي استقلال قواعد القانون الإداري عن مثيلاتها من قواعد القانون المدني . . . استقلال يرتبط باختلاف المصدر يسنده اختلاف في طبيعة الأطراف مؤكدة اختلاف في تحقيق الغاية.

أن تطبيق قواعد القانون المدني على مسائل القانون الإداري أمر قد تجاوزته القوانين الحديثة منذ زمن بعيد . . . فالخطأ بتعريفة المدني لا يمكن أن يكون شرطاً لقيام المسئولية الإدارية مع وجود المسئولية بدون خطأ . . والخطأ بصورته التقليدية ليس معياراً لتحديد أساس قيام المسئولية الإدارية مع تصور حالات للمسئولية لمجرد وقوع الضرر.

لابد أذن من نظريات حديثة تستوعب تفاعلات القانون الإداري لتكون أكثر مرونة وأقدر حركة على احتواء المنازعات الإدارية . . وهذه دراسة متواضعة استمدت من تجارب المحاكم السودانية ونتائج الدراسات المقارنة ومتابعة موقف القانون السوداني في محاولته الدائبة لاستيعاب هذه النظريات.

اللهم اجزني ثواب المبادرة

وبالله التوفيق .

منذ 1889 بدأت الإدارة البريطانية في تطبيق القوانين الحديثة في السودان ، ومنذ ذلك الوقت ، أخذت المحاكم السودانية في تطبيق القواعد العامة للقانون الإنجليزي ، في غياب القوانين الوطنية ، لحل المنازعات التي تعرض عليها.

أما فيما يتعلق بالدعاوى الإدارية فالقاعدة واحدة حيث طبقت عليها قواعد القانون المدني (العدالة المساواة والوجدان السليم) التي نظمت قواعد الالتزامات ، الملكية وأيضا القانون الإداري . القاضي السوداني وجد نفسه إذن أمام خيار واحد لا بديل له وفي إطار لا يستطيع الخروج منه وذهب إلي معالجة كافة المنازعات رغم اختلاف طبيعتها بقاعدة القانون المدني المشار إليها والتي أصبحت في وقت لاحق من أهم مواد قانون الإجراءات المدنية سنة 1974م.

هذه الخلفية التاريخية تسمح لنا أن نتعرف على الخصائص المميزة للقانون السوداني فيما يتعلق بالمسئولية الإدارية :

أولاً : القاعدة العامة من القانون السوداني متفقه في ذلك مع كل الدول التي تطبق القانون الإنجليزي ، هي ضرورة الرجوع إلي العرف في كل المسائل التي لا يوجد فيها قانون مكتوب . أصبح من الضروري إذن في غياب القانون الإداري ضرورة لجوء القاضي السوداني غلي تطبيق قواعد القانون العام وعلى وجه الخصوص قواعد القانون المدني (Law of Tort )

على المنازعات الإدارية . وهذا تماماً ما جاء مترجماً في نص المادة 314 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983 فيما يتعلق بالطعن في الإجراءات الإدارية وتقرأ : ( تتبع في رفع الطلب ونظرة والفصل فيه القواعد والإجراءات المقررة لرفع الدعوى ونظرها والفصل فيها).

جاء كذلك في السابقة حكومة السودان ضد عياد إبراهيم ( م أ / س م / 39 / 72 المجلة 1972 ص 128) أن الطعن في القرارات الإدارية تخضع لنفس القواعد العامة لرفع ونظر الدعاوى المدنية والتجارية العادية.

ثانياً : في إطار النظام القانوني السوداني ليس هناك مجال للمحاكم الإدارية وتختص المحاكم المدنية بنظر المنازعات الإدارية المتمثلة في الطعن في القرارات الإدارية ولا يغير في الأمر تخصيص محكمة الاستئناف لنظر الطعون الإدارية .

إن قيام القاضي الإداري المتخصص يعد عنصراً أساسياً يوضح عدم وجود قواعد خاصة بالقانون الإداري.

ثالثاً : في غياب القانون الإداري أصبح الوضع القانوني على النحو التالي : المسئولية الإدارية أخضعت لقواعد القانون الخاص أمام القاضي المدني والقواعد العامة للمسئولية أصبحت واجبة الاتباع بواسطة المضرور لإثبات قيام المسئولية في مواجهة الأفراد أو الحكومة.

هذا تماماً ما اعتنقه القانون السوداني إلا أن القاضي السوداني بدأ يشعر بالحاجة إلي البحث عن حلول أخرى من واقع القانون الإداري وعلاقاته خاصة فيما يتعلق بالمسئولية الإدارية وذلك بغرض معالجة المنازعات التي تعرض عليه ونعرض هنا كمثال ما جاء على لسان المحكمة العليا في قضية مستأجري دكاكين المجلس الشعبي للمنطقة الشرقية ضد حكومة السودان المجلة 1979 صفحة 137 حيث استعانت المحكمة بالقانون المقارن للوصول إلي أجابه على الأسئلة المطروحة أما المحكمة.

والجدير بالإشارة في هذا المجال أن القانون السوداني قد صاحبة بعض التطور فيما يتعلق بالجانب الإداري رغم تسجيل غياب القانون الإداري هذا التطور يتمثل في :

1- المادة 33 /4 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983 تنظم حالات رفع الدعوى في مواجهة الحكومة كما تحدد من ناحية أخرى الخطأ الموجب للمسئولية الإدارية والحق أن النص قد وضع حداً فاصلاً للتمييز بين الخطأ الموجب للمسئولية الإدارية والخطأ الموجب للمسئولية الشخصية للمستخدم.

2- مظهر آخر من مظاهر التطور يتمثل في تحديد محكمة الاستئناف انظر الطعون في القرارات الإدارية (المادة 17(ب) من قانون الإجراءات المدنية 1983) وهذا يعني بالطبع بمثابة نواة لإنشاء قضاء إداري مستقل.

3- يمكن الركون أيضا إلي المحاولات الدائبة التي ما فتأ القضاء السوداني القيام بها هنا وهناك لوضع قواعد تعالج المسائل الإدارية ، وسنشير إلي ذلك في صلب هذه الدراسة ، هذه التفاعلات ما هي إلا إشارات لمولد قانون إداري سوداني إن شاء الله.

تصور المشكلة :

حتى يمكن أن نتصور موضوع البحث باعتباره موضوعاً جديداً من ناحية التناول على الأقل إلي جانب أن الخوض فيه هو بمثابة المغامرة إذ فيه محاولة لابعاد.

الوليد (القانون السوداني) عن أحضان الأم الدافئة (القانون الإنجليزي) لابد من التطرق إلي قانون المسئولية في القانون السوداني.

يوجد في القانون السوداني إلي جانب التشريعات الخاصة التي تعالج هذا الموضوع نظرية للمسئولية ا؟لإدارية بناءً على خطأ والتي تنظم بقواعد القانون العام . وبإجراء دراسة حقيقية للقانون المعني يتضح أن هذه المسئولية تعالج بقواعد القانون الخاص وفي إطار القانون المدني.

هذه الوسيلة التي تسمح بالوضع على قدم المساواة كل من المسئولية الإدارية والمسئولية الشخصية وقد رتبت نتائج معينة :

1- القانون السوداني اعتبر الخطأ شرط وأساس لقيام المسئولية الإدارية.

2- جرياً وراء قواعد القانون العام فأن خصائص الخطأ الموجب للمسئولية الإدارية قد جعله يقترب من الخطأ المدني مما نتج عن ذلك صعوبة التفرقة بين الخطأ المستخدم المؤجب للمسئولية الإدارية والخطأ الموجب لمسئولية المستخدم الشخصية.

3- المسئولية الإدارية بناءً على خطأ والعلاقة بين الإدارة ومستخدميها أصبحت تدور في نطاق القانون الخاص وأسست على نظرية المسئولية عن خطأ الغير.

هذه الفكرة بعيدة جداً عن القانون العام والتي تنظم العلاقة بين الأجهزة الإدارية وأشخاص القانون العام والتي تقوم تحقيقاً للمصلحة العامة . وعليه إذا أرتكب المستخدم خطأ في إطار أو أثناء قيامه بالخدمة العامة فهو يقوم بذلك أثناء قيامة بواجبات وظيفته وتحقيقاً للمصلحة العامة ، بينما في فلسفة القانون الخاص يرتكب الخطأ تحقيقاً لمصلحة خاصة لمرتكبه.

هذا التعارض يسبب كثيراً من الصعوبات لقانون المسئولية الإدارية سواء فيما يتعلق بتعريف الخطأ الموجب للمسئولية أو فيما يتعلق بالعلاقة بين الإدارة ومستخدميها والمضرور.

خطة البحث :

على هذا فأنه من نافلة الحديث القول بأن نظرية الخطأ في نظام المسئولية الإدارية في القانون السوداني هي دراسة مفيدة وصعبة في آن واحد.

1- من ناحية فهي دراسة مفيدة لأنها توضح المحاولات الرامية لوضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بقواعد المسئولية الإدارية بناءً على خطأ ، ما ذهب إليه القضاء لحل مشاكل المسئولية الإدارية.

وأخيراً الحل المقترح للقانون السوداني لإقامة نظرية المسئولية الإدارية تقوم على الخطأ الإداري وكيف يمكن معالجة مسائل القانون الإداري في هذا الإطار.

2- من ناحية أخرى ستظهر صعوبة هذه الدراسة جلياً في تركيب القانون السوداني نفسه والذي لا يعطي دائماً إجابات مقنعة للأسئلة المطروحة في مجال المسئولية الإدارية والذي أيضا يفرخ لنا الكثير من السوابق القضائية التي لا نجد بينها هذه الدراسة إذن ستكون بمثابة سابقة أساسية تبني عليها قواعد خاصة للقانون الإداري .

هذه الدراسة إذن ستكون بأذن الله على التقسيم التالي :

الباب الأول : الخطأ كشرط لقيام المسئولية الإدارية.

الباب الثاني : الخطأ كأساس لقيام المسئولية الإدارية.

الباب الأول

الخطأ كشرط لقيام المسئولية الإدارية

الفصل الأول : طبيعة الخطأ الإداري.

الفصل الثاني : المسئولية الإدارية وفق قواعد القانون العام.

الفصل الثالث : المسئولية الإدارية وفق التشريعات الخاصة.

وفق النظام القانوني السوداني لا توجد قواعد خاصة للمسئولية الإدارية كما هو الحال في فرنسا على سبيل المثال وهذا ما أكده Twining قبل ما يزيد عن العشرين عاماً حيث يذكر :

( في السودان عرفت المسئولية الإدارية وحددت بالفقه والقانون العام) (1) بصورة عامة ي مكن القول بأن الإدارة ملزمة بإصلاح الضرر الناتج عن نشاطها في حالتين :

1- فيما يتعلق بقواعد القانون العام ، تعتبر الإدارة مسئولة عن الضرر الناتج من نشاط المستخدم أثناء العمل أو بسببه مع الوضع في الاعتبار المسئولية الشخصية للمستخدم نفسه.

في إطار وجهة النظر هذه يمكن القول بأن المسئولية الإدارية والمسئولية الشخصية تقومان على وجود خطأ من المستخدم سواء لتقرير المسئولية الإدارية أو المسئولية الشخصية للمستخدم نفسه.

2- إلي جانب ذلك فأن القانون السوداني يترك مكاناً لما يعرف بالمسئولية الإدارية وفق التشريعات والقوانين الخاصة وهذه محكومة كما سنري فيما بعد بقوانين وتشريعات معينة.

وفق ما جاء في هذه المقدمة فأن إطار بحثنا سيتناول أولاً تعريف وتحديد طبيعة الخطأ الإداري في فصل أول لننتقل لقلب الموضوع وهو ما يعرف بالقاعدة العامة للمسئولية الإدارية وأخيراً في فصل ثالث نتحدث عن المسئولية الإدارية وفق القوانين والتشريعات الخاصة ، لتتضح لنا الصورة في النهاية مدي اعتبار الخطأ كشرط لقيام المسئولية ا”لإدارية وتقدير ذلك وفق معطيات القانون السوداني.

الفصــل الأول : طبيعـة الخطـأ الإداري

أنه من الثابت القول بأن الإدارة (شخص معنوي) لا يستطيع أبداً أن ترتكب خطأ مادياً بنفسها وفي هذا الصدد أنظر إلي تعليق الفقيه الفرنسي : Laubadere

( الخطأ لا يمكن أن ينسب إلي الإدارة نفسها والتي ليست سوي شخصية معنوية وعليه يصبح من الصعب تصور أنها يمكن أن ترتكب خطأ ، فالخطأ يكون فعلاً واحدً أو أكثر من المستخدمين سواء كانوا معروفين أو مجهولين) (2) .

هذا التقديم الواضح للأستاذ الفرنسي يمكن أن يطبق على النظام السوداني.

وكما سبق أو وضحنا في المقدمة فأن خطأ المستخدم أساسي وضروري لقيام المسئولية الإدارية وللمسئولية الشخصية ، وحتى نتمكن من توضيح ذلك وجب دراسة الشروط التي يعتبر فيها خطأ المستخدم أساساً لقيام المسئولية الإدارية.

أولاً تحـديد الخطـأ الإداري:

الخطأ الذي نطلق عليه الخطأ الإداري هو خطأ المستخدم المسئول عنه المخدم (الإدارة) ، ولكن ليس كل خطأ للمستخدم موجب للمسئولية الإدارية.

وأن كان القانون السوداني لا يعرف هذه التسمية إلا أن المادة 33/4 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983 قد تعطينا مؤشراً يمكن الاستعانة به في تجديد شروط الخطأ الذي قد يكون موجباً لقيام مسئولية الإدارة حيث جاء في معرض شروط قبول الدعوى في مواجهة أجهزة الدولة (*) تعريف للخطأ الإداري الذي يمكن قيام المسئولية بموجبه على النحو التالي:

1- أن يكون الخطأ (الفعل) من موظف عام.

2- أن يكون قد وقع هذا الفعل من الموظف العام بصفته أو أثناء قيامة بواجبات وظيفته أو بسببها.

إذا توافرت هذه الشروط الموضوعية ، إلي جانب شروط شكلية أخرى ، يستطيع المضرور أن يطلب من الإدارة إصلاح الضرر . ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد إذ يتطلب منا أن نتعرف على عناصر الخطأ الموجب للمسئولية وهل كل فعل صادر من المستخدم يمكن أن يطلق عليه خطأ إداري موجب للمسئولية أم لا.

لنعود معاً إلي سابقتين شهيرتين نتعرف خلالهما على شكل الخطأ وحدوده.

في قضية قطران الشهيرة (3) أكد القاضي مسئولية الإدارة على أساس الخطأ والمتمثل في عدم الإعلان عن وجود خطر المجاري ومن ناحية أخرى على أساس إهمال الإدارة . وهذا تماماً ما ذهب إليه الأستاذ Twining .

(دعوى قطران أسس على عنصرين عنصر الإهمال والأذى والأول فقط هو الذي كان موضوع المناقشة) (4)

أما في دعوى مجلس بلدي أمدرمان (5) حيث أقامت الإدارة كوبري على مجري موجود ومتصل بمنزل المدعى أدي إلي تجميع مياه الأمطار وعدم تصريفها وسبب تصدعاً بالمنزل رأت المحكمة في ذلك إهمالاً يثبت الخطأ وأقامت بناءً عليه مسئولية الإدارة.

وعليه يمكن القول أن عناصر الخطأ الإداري من وجهة النظر السودانية لا تختلف عن الخطأ المرتكب من الشخص الطبيعي وفي هذه الحالة نجد أنه من الصعب إيجاد تعريف قاطع للخطأ الإداري وإنما يمكن القول بصورة عامة أن الخطأ الإداري هو الخطأ الواقع من المستخدم أو الإدارة نفسها سواء عن طريق عدم الحيطة أو الإهمال وبالطبع بتوافر شروط أخرى رأيناها في تحلينا للمادة 33/4 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983.

ولكن هل هناك علاقة بين مسئولية الإدارة وجسامة الفعل المكون للخطأ :

ثانياً : جسامة الخطأ وأثره على المسئولية

في الواقع أن أي خطأ واقع من المستخدم في إطار المادة 33/4 من قانون الإجراءات المدنية يرتب المسئولية الإدارية. والنظام السوداني لا يعرف أي تأثير لجسامة الفعل على المسئولية كما هو الحال في القانون الفرنسي على سبيل المثال ودعونا نلقي نظره على ما جاء في تعليق العميد VEDEL حول هذا الموضوع :

( على عكس القانون الخاص الذي يعتبر كل خطأ مهما كان بسيطاً موجب للمسئولية ، فأن القانون الإداري لا يأخذ في الاعتبار إلا الخطأ الذي يتجاوز حداً معيناً (6) ).

بالنسبة للقانون السوداني تبقي القاعدة كما هي : أي خطأ كان بسيطً يشكل شرطاً لقيام المسئولية الإدارية ولكن الواقع العملي يقودنا إلي طريق مختلف أكثر تحديداً على النحو التالي :

1- إذا وقع الخطأ أثناء قيام المستخدم بواجبات وظيفته أو بسببها حسب أحكام المادة 33/4 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983 فأن الإدارة تقوم بتعويض المضرور مباشرة.

2- إذا كان الخطأ المرتكب يمكن تصنيفه خطأ جسيماً تعود الإدارة على المستخدم عن طريق لوائح وقوانين الخدمة العامة لتسوية التعويض واسترداد القيمة مرة أخرى وهذا تماماً ما جاء في المادة 21 من قانون الخدمة العامة سنة 1973 حيث أجازت المادة محاسبة العاملين بجميع درجاتهم على النحو الذي تحدده القوانين واللوائح.

أيضا ما جاء في المادة 28/4 من قانون محاسبة العاملين 1986.

(يجوز أن يتضمن أمر الإيقاف توجيهاً يوقف كل أو بعض مرتب الموظف أو العامل مؤقتاً حتى صدور حكم المجلس المختص فإذا كان الحكم بالبراءة ، على المجلس إلغاء أمر الإيقاف مع رد المرتب أو ذلك الجزء الموقوف من المرتب أما إذا كان الحكم بلا إدانة يصدر المجلس القرار الذي يراه محققاً للعدالة.

3- أما بالنسبة للخطأ اليسير تبقي الإدارة دائماً مسئولة عن ذلك في مواجهة المضرور.

وعلى ذلك فأن القاضي السوداني ، في غياب القانون الإداري ، يذهب للبحث عن وسائل أخرى لحل المشاكل التي تعرض عليه إلا هذا الأسلوب لا يؤدي أبداً إلي بناء نظرية للخطأ الإداري مستقلة عن الخطأ الشخصي للمستخدم خاصة فيما يتعلق بالخطأ المقصود وغير المقصود وكذلك في إثبات الخطأ.

(أ‌) الخطأ المقصود والخطأ غير المقصود :

في هذا المجال ذهب الفقه السوداني إلي إثبات أن الخطأ غير المقصود في إطار الخدمة العامة لا تترتب عليه المسئولية الإدارية جاء في السابقة عبد الله الأمين ضد عبد الله سعد (7) .

( الضرر الذي ينتج عن الأخطاء التي تقع أثناء الإجراءات من جانب المحاكم أو غيرها من الجهات المنوط بها اتخاذ الإجراءات القانونية ، لا يسأل عنه من قام بتحريات تلك الإجراءات وبالتالي لا يستوجب التعويض ما لم يتميز تحريك الإجراءات بالكيد وسوء النية) وجاءت سابقة أخرى لتؤكد أن تنفيذ أمر قضائي بالخطأ غير المقصود لا يترتب مسئولية الدولة.)

( الدولة غير مسئولة عن الخطأ غير المقصود المرتكب بواسطة البوليس عند تنفيذ أمر قضائي ) (8) .

إذا القاضي السوداني في هذا الاتجاه عرف الخطأ الموجب للمسئولية الإدارية متبعاً أساليب القانون الخاص ، على أساس خطأ مقصود وخطأ غير مقصود متبيناً وجهة النظر الخاصة بالقانون المدني الخطأ غير المقصود لا يرتب مسئولية أياً كانت . الأمر الذي لا يتفق مع نظريات القانون الإداري كما سنرى فيما بعد.

(ب‌) إثبـات الخطـأ :

في نطاق القانون السوداني يجب على المضرور أن يثبت الخطأ الذي ترتب عليه الضرر وعلاقة السببية بينهما حتى يتمكن من النجاح في دعواه ويمكن التعرف على عناصر إثبات الخطأ في النقاط التالية :

1- عبء الإثبات يقع على المضرور ، فهو يقوم بإثبات خطأ المستخدم وأن الخطأ قد وقع من المستخدم إثناء قيامه بواجبات وظيفته أو بسببها أي أن يثبت العلاقة بين الفعل الخاطئ والإدارة هذه القواعد مطابقة لقواعد القانون الخاص والتي توضح ضرورة إثبات المدعى لدعوه.

2- حسب أحكام المادة 314 فأن كل الإجراءات المتبعة للطعن في القرارات الإدارية هي نفس قواعد القانون المدني وعلى هذا فأن قواعد الإثبات هي بالتالي خاضعة لقواعد الإثبات المتعلقة بالخطأ المدني.

ثالثاً : تقدير طبيعة الخطـأ الإداري

في هذا الفصل رأينا مذهب القانون السوداني فيما يتعلق بالخطأ الإداري ، إذا جازت هذه التسمية ، ومدي اعتناقه لنظريات القانون الخاص ومحاولات الفقه القضائي لتطوير الوسائل المتعلقة بالقانون الإداري لحل المشاكل وإيجاد الإجابات المناسبة للمسائل المطروحة . . يتبقى لنا بعد ذلك محاولة مناقشة وتحليل وجهة نظر القانون السوداني.

أن هناك في اعتقادنا المتواضع بعض التناقض فيما ذهب إليه القانون السوداني

1- في إطار البنيان القانوني للخطأ فأن القانون السوداني يساوي بين الخطأ المدني والخطأ الإداري من ناحية التعريف وجسامة الخطأ وعبء إثباته . ولوجهة النظر هذه سبب تاريخي فحينما بدأت الإدارة البريطانية تطبيق القانون السوداني كان كل القضاة من الإنجليز ولم يكونوا ملمين سوي بالقانون والفقه الإنجليزي ولحل المنازعات التي عرضت عليهم لم يكونوا أمامهم من بد سوي تطبيق القانون الإنجليزي تحت قاعدة (العدالة والمساواة والوجدان السليم) كما جاء على لسان الدكتور زكي مصطفي حيث قال :

(منذ مدة طويلة ، اعتبرت قاعدة العدالة ، المساواة والوجدان السليم من أهم قواعد القانون المدني السوداني . ونستطيع القول بدون مبالغة بأنه لم تكن هناك سوي هذه القاعدة في القانون السوداني ) (9) .

أضاف إلي ذلك أيضا :

( في كل المنازعات ، قانون الالتزامات ، الملكية والقانون الإداري التزمت المحاكم بقاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم) (10)

وبع الاستقلال بدأ القضاء السوداني الوطني يتبع خطئ القانون الإنجليزي واضعاً السوابق القضائية نصب عينيه ، إلا أن الفقه السوداني أخذ ينتقد هذه الطريقة وكما يقول الأستاذ : Twining :

( أنه من الطبيعي تماماً أن يتساءل السودانيين لماذا نطبق في السودان سنة 1959 القواعد القانونية التي استقرت في إنجلترا سنة 1283 ) (11)

ونضيف نحن القول لماذا نطبق في السودان حتى الآن تلك القواعد القانونية ؟ أيضا الفقه القضائي بدأ يتجه إلي تأكيد هذا الاتجاه أنظر قضية نيكولا شاشاتي حيث ذكر القاضي وأكد :

( أننا نتبع منطق القانون الإنجليزي وليس التشريع الإنجليزي نفسه ) (12)

أيضا في دعوى ورثة إمام إبراهيم جاء على لسان القاضي :

(ما نطبقه في السودان ليس التشريع الإنجليزي ولكن القواعد العامة للعدالة ) (13) .

لقد حان الوقت لقيام قواعد قانونية ثابتة للقانون السوداني نابعة من المجتمع السوداني مستفدين من القانون المقارن ونتفق في هذا المجال تماماً مع قول السيد النائب العام عند تقديمة لقانون العقود السودانية حيث قال : والتزام المشروع بالقواعد القانونية المطبقة في المحاكم السودانية تقف حائلاً دون السعي الجاد لتحسين مستوي تلك القواعد . . . وقد سعي المشروع إلي الإفادة من التجارب الفقهية المماثلة في الشرق العربي والشرق الأقصى وأفريقيا وأوربا وأمريكا الشمالية ، وكان الهدف دائماً استعارة ما يناسب ظروفنا واحتياجاتنا فقط لتحسين وتحديث ما عندنا من قواعد) (14).

2- نحن نختلف أيضا مع وجهة النظر السودانية حول مساواة الخطأ المدني والإداري حيث أن كل من النظرتين مستقلة الواحدة عن الأخرى ويظهر ذلك الاختلاف في الآتي :

أ‌- بالنسبة لطبيعـة الخطـأ :

فالخطأ هو ذلك الذي يقع من شخص طبيعي في مواجهة شخص طبيعي آخر* هذا التعريف لا يتطابق مع الخطأ الإداري الذي بقع من مستخدم أثناء أو بسبب وظيفته ومن البديهي القول أن الخطأ المرتكب خارج نطاق الوظيفة يعد خطأ شخصي لا يرتب سوي مسئولية شخصية للمستخدم.

ب‌- بالنسبة للغاية المرجوة من مرتكب الخطأ :

الخطأ الإداري يقع من المستخدم أي من شخص طبيعي ولكن بمناسبة أو أثناء قيامه بواجبات الوظيفة العامة وهو بهذه الصورة يختص بخاصية معينة هي تحقيق المنفعة العامة وبالمقابل الخطأ المدني يقع من شخص لتحقيق منفعة خاصة لمرتكبه.

إذن فالاختلاف واضح بين النظريتين وأن كان الفقه السوداني يبذل جهداً للتفرقة بينهما ويستعمل في سبيل ذلك أساليب مختلفة إلا أن المشكلة ما زالت قائمة في النظام القانوني السوداني في غياب نظرية واضحة ومستقلة للخطأ الإداري.

3- لقد بينا أيضا موقف القانون السوداني بالنسبة لإثبات الخطأ وإخضاع ذلك لقواعد القانون المدني هذا المنهج له نتائج غير عادلة نوضحها فيما يلي:

(أ‌) من ناحية ، تعد قواعد الإثبات في القانون الخاص مختلفة عن قواعد الإثبات في القانون الإداري ففي الأخيرة تكون العلاقة قائمة بين الإدارة (الدولة وكل أجهزتها) والمضرور وهي علاقة غير متكافئة بينما العلاقة في القانون الخاص تقوم بين ندين متكافئين مما يصبح من غير المنطق والعدل إخضاع الدعاوى الإدارية لنفس قواعد الدعاوى المدنية فيما يتعلق بقواعد الإثبات.

(ب‌) من ناحية أخرى ، من الصعوبة بمكان ، خاصة في هذا العصر ، عصر المكننه والتكنولجيا الحديثة إثبات الخطأ في مواجهة الإدارة وعليه إذا حدث أن وقع خطأ من جهاز كهربائي معقد (الكمبيوتر مثلاً ) يصبح من العسير بل من المستحيل على المضرور من ذلك الخطأ إثباته بأي طريقة ويفقد بالتالي حقه في التعويض العادل.

إذن يمكن القول أنه في معظم حالات المسئولية يصبح من الواجب تعويض المضرور على الفور دون إخضاع ذلك لقواعد القانون المدني والتي تصبح في هذه الحالة غير عادلة ولا تتفق مع قواعد الأنصاف السليم.

الفصـل الثانـي المسئوليـة الإداريـة وفـق قـواعد القانـون العـام

نستطيع القول أن المسئولية الإدارية قد عرفت في السودان منذ مدة ليست بالقصيرة ولكنها ارتبطت وجوداً وعدماً بقواعد المسئولية العامة . صحيح أن القانون السوداني عرف بعض قواعد تحديد المسئولية بناءً على التشريعات الخاصة وخارج إطار القواعد العامة ألا أن جاء استثناء وفي نطاق ضيق محدود كما تطالعنا الصفحات التالية من هذا البحث .

ولكن ذلك لا يمنع القول بقيام المسئولية الإدارية على مبادئ القانون العام والتي تقيمها على وجود خطأ من المستخدم . . ومع ذلك فأن كل فعل خاطئ لا يرتب المسئولية في مواجهة المخدم أو الإدارة فهناك دائماً مجال لقيام المسئولية الشخصية للمستخدم.

من الضروري إذن أن نستعرض أركان المسئولية الإدارية مع إفساح المجال للكلام عن المسئولية الشخصية للمستخدم.

أولاً : المسئولية الإدارية :

منذ قضية قطران باتت المحاكم السودانية تتوسع في تقرير المسئولية الإدارية بصورة أكثر وضوحاً على شروط وأركان المسئولية وفق القواعد العامة مما يدفعنا لتحليل شروط هذه المسئولية في القانون السوداني .

1- الخطـأ كشـرط لقيـام المسئولية الإداريـة :

وفق القواعد العامة للقانون فأن الفعل الخاطئ يعد شرطاً أساسياً وضرورياً لقيام المسئولية إذا نظرنا إلي القانون السوداني فأن الأمر لا يخرج عن ذلك والمسئولية لا تقرر.

إلا على أساس من خطأ المستخدم (الشخص الطبيعي القادر على ارتكاب خطأ) . . . ولكن ذلك سيتطلب منا تحديد طبيعة هذا الخطأ.

2- تحـديد الخطـأ الموجب للمسئوليـة :

بالرغم من الدور الأساسي للإدارة في إطار المصلحة العامة وأهمية النشاط الإداري فأن القانون السوداني لا يفرق أساساً بين الخطأ الإداري أي خطأ الخدمة العامة والخطأ الشخصي المرتكب لتحقيق مصلحة خاصة . وقد أيدت المحكمة العليا هذا المسلك حيث قررت في كل الحالات المسئولية قيامها على الخطأ الذي يمكن أن نطلق عليه هنا الخطأ المدني . . . لأنه من ناحية فالنظام القانوني السوداني لا يعرف نظرية الخطأ الإداري ومن ناحية أخري لأنه لا وجود إلا لقواعد المسئولية المدنية في إطار القانون السوداني .

ولنتطلع الآن لبعض الأمثلة القضائية ، في قضية النور إبراهيم التي سبق الإشارة إليها جاء :

( الإهمال وعدم الاهتمام يمكن أن يكون كافيين لقيام المسئولية الإدارية ) .

كذلك في قضية قطران الشهير يمكن أن نلاحظ أساساً لهذه النظرة في القانون السوداني حيث أعتبر أن الإهمال قد سبب ضرراً يتيم المسئولية الإدارية في مواجهة الدولة ونستعرض فيما يلي وقائع هذه الدعوى:

القاضي قطران ، قد وصل شارع 47 بالخرطوم مصحوباً بزوجته وشقيقه وزوجة شقيقة للاحتفال بالعيد الوطني للعراق بالسفارة العراقية ، أضطر المذكور لإيقاف سيارته بعيداً بعض الشيء لازدحام الشارع ، وفي اللحظة التي حاول فيها العبور وقع داخل (خور) أعد لتصريف مياه الأمطار وأصيب بكسر في قدمه.

أكد القاضي وجود المسئولية الإدارية استناداً على خطأ مجلس بلدي الخرطوم باعتباره قد أهمل في عد وضع ما يشير إلي وجود (الخور).

وأبرازاً لأهمية هذه القضية في وضع أساس التعويض في مسائل المسئولية الإدارية نستعرض أهم نتائجها :

(أ‌) فيما يتعلق بالخطأ كشرط لقيام المسئولية . . أكد القاضي استثناءً قيام المسئولية على إهمال المجلس البلدي ، وفي ذلك يقول الأستاذ Twining في دراسته حول هذه القضية :

(دعوى القاضي قطران بنيت على الإهمال والأذى ولكن الإهمال فقط هو الذي نوقش كأساس للدعوى) (16)

ومن البديهي أن القاضي لم يكن في وضع يتمكن معه من مناقشة أي عنصر آخر غير الإهمال لتوضيح المسئولية حيث أن القانون السوداني مقيد بفكرة المسئولية المدنية وقواعد القانون الخاص . . مرة أخرى نعود لهذه الفكرة مع الأستاذ Twining حيث ذكر :

(النقطة الأولي التي يجب أن يبحث عنها القاضي في الوقائع التي أمامه هي وجود فعل خاطئ ) (17) .

والجدير بالذكر أن المحامى العام قد تقدم بدفاعه في هذه القضية على أساس عدم وجود خطأ في مواجهة المجلس البلدي حيث أنه لا يمكن للحكومة المحلية أو المركزية أن تقوم بتحسين مستوي المجاري وأن كل المجاري الموجودة في السودان قد بنيت بنفس الطريقة . ومع ذلك فأن المحكمة بعد مناقشة كل القضايا التي قدمها المحامى العام اعتبرت المجلس البلدي مسئولاً عن الضرر قائلة (أن ذلك ليس لأن المجلس البلدي للخرطوم لم ينجح في إنشاء مجاري بصورة أحسن ولكن لأنه لم يفعل شيئاً للإعلان عن وجود هذه المجاري) .

وعلى ذلك فأن القاضي وفي غياب الخطأ (غياب الإهمال بصورة واضحة أيضا) بدأ البحث عن معيار آخر لتقرير المسئولية ، الإهمال الذي ثبت بفعل سلبي للإدارة عدم التحذير من وجود مجاري.

(ب‌) القاضي السوداني قرر أيضا في هذه الدعوى وجود مسئولية مشتركة بين المضرور والإدارة ، صحيح أن القانون السوداني يعرف نظرية المسئولية المشتركة ولكن في إطار حوادث حركة المرور فقط . السؤال الذي يطرح نفسه إذن في هذه الخصوصية هو لماذا يلجأ القاضي لحل مشكلة خاصة بالمسئولية الإدارية باللجوء لقانون المسئولية المشتركة وفق قوانين حركة المرور ؟ في قضية ليس لها أي علاقة بحركة المرور لابد أن ذلك لوجود قصور في قواعد المسئولية التقصيرية إذا تعلق الأمر بالمسئولية الإدارية.

هذه الوسيلة الفنية التي استخدمها القاضي تطابق تماماً ما يحول القضاة اللجوء إليه لسد ثغرة معينة في القانون أو لإقناعهم بأن قواعد العدالة تستدعي تعويض المضرور في إطار المسئولية المشتركة وبمعني لآخر البحث عن قواعد أخرى غير قواعد القانون الخاص والتي لا يمكن أن تستوعب حالات المسئولية الإدارية . . . هذه الوسيلة قد هوجمت بواسطة البعض أنظر Twining حيث ذكر :

(حالة قضية قطران لا يمكن أن تحكم بواسطة المادة 47 من قانون حركة المرور لأن هذه المادة تنظم فقط دعاوى حركة المرور . ونحن نأسف لأن دعوى قطران أكدت قاعدة المسئولية المشتركة كأساس للدفاع في قضية مؤسسة على الإهمال ) (18).

نستطيع الآن وبعد أن حللنا موقف القانون السوداني من نظرية الخطأ الموجب للمسئولية الإدارية أن ننخلص إلي وجهة النظر التي تحكم هذه المسألة الخطأ يعد شرطاً أساسياً وهاماً لقيام المسئولية الإدارية والقانون السوداني يستعمل وسائل القانون المدني لتحديد طبيعة هذا الخطأ.

ولكن كل خطأ مرتكب لا يرتب بالضرورة مسئولية الإدارة ، فهناك دائماً مجال لحالات عدم مسئولية الإدارة رغم وقوع الخطأ.

3- حالات عدم مسئولية الإدارة :

درسنا فيما سبق المسئولية الإدارية والخطأ كشرط لقيامها وتبقي أن نعرف حالات عدم المسئولية حتى في وجود الخطأ.

(أ‌) في قضية عبد الله الأمين ضد عبد الله سعد (19) جاء :

( الضرر الذي ينشأ عن تحريك الإجراءات القانونية (مدنية كانت أو جنائية) لا يستوجب التعويض ما لم يتميز تحريك الإجراءات بالكيد وسوء النية).

هنا تكمن أول قاعدة لحالات عدم المسئولية وهي حالة تنفيذ أمر قضائي وقد فسرت السوابق القضائية معني تنفيذ أمر قضائي بأنه الخطأ المرتكب أثناء إجراءات قضائية سواء بواسطة القاضي أو المساعد للقضاء أو بوليس المحكمة ) (20) .

(ب)وفي حالة وجود سبب أجنبي يؤدي إلي الضرر ، في هذه الحالة لا تكون الإدارة مسئولة عن جبر الضرر الناتج بسبب أجنبي.

وقد عددت السوابق القضائية حكومة السودان ضد جمعة إبراهيم ( ) حالات عدم المسئولية بأنها : القوة القاهرة ، الحادث المفاجئ ، فعل المضرور وفعل الغير.

هذه باختصار هي حالات عدم مسئولية الإدارة عن الضرر الناتج والذي يكون بسبب غريب عن نشاط المستخدم لتحقيق مصلحة عامة أو القيام بخدمة عامة.

ثانياً : المسئولية الشخصية للمستخدم :

المسئولية الشخصية للمستخدم هي النتيجة الطبيعية للخطأ الشخصي والذي لا علاقة له بطبيعة العمل الموكول للمستخدم . فالخطأ الشخصي يكون سبباً لانعقاد المسئولية.

الشخصية للمستخدم على عكس الخطأ الإداري الذي يكون عنصر المسئولية الإدارية .

وإذا كان الأمر كذلك فأنه من الضروري توضيح طبيعة الخطأ الشخصي .

1- تحـديد الخطـأ الشخصي :

لابد من القول بأنه من الصعب حقاً أيجاد تعريف واضح للخطأ الشخصي الذي يمكن أن يمثل كل نشاط خاطئ للمستخدم ومع ذلك يمكن أن نبرز ، وبصفة عامة ، أنواع النشاطات التي يمكن أن تعرف بالخطأ الشخصي في القانون السوداني :

(أ‌) التصنيف الأول يعرف بالخطأ الشخصي بأنه الخطأ الواقع خارج نطاق الوظيفة العامة (خارج نطاق المادة 33/4 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983 مثلاً ) أي بسبب خارج عن الوظيفة نفسها وبقول آخر هو الخطأ الذي لا يمت بصلة إلي الوظيفة العامة.

(ب‌) التصنيف الآخر هو ذلك النوع من الخطأ الواقع أثناء تأدية الوظيفة ولكن يمكن اعتباره خطأ مقصود وقد جري الفقه السوداني القضائي على اعتبار الخطأ الوظيفي خطأ شخصي في حالة تجاوز المستخدم للوسائل المتاحة له والتي يمكن اعتباره في هذه الحالة بمثابة الخطأ الشخصي (مثال حوادث الحركة إذا تجاوز السائق السرعة القانونية) .

في هذا المقام أيضا لابد من الإشارة إلي بعض النشاطات التي يمارسها المستخدم وتتداخل في هذه الحالة مع الخطأ الشخصي :

الخطـأ الشخصـي والمخالفـة الإداريـة :

في إطار النظام السوداني من المؤكد أن كل خطأ شخصي يحمل في طياته في نطلق المسئولية المدنية مخالفة إدارية لأنها ارتكبت بالمخالفة لواجبات الوظيفة وفي نفس المعني نري أن الخطأ البسيط يؤدي إلي قيام المسئولية الإدارية أما الخطأ الجسيم فيؤدي إلي قيام المسئولية الشخصية للمستخدم.

الخطأ الشخصي في مثل هذه الحالة ، يعتبر مثال تقليدي للمخالفة الإدارية العكس أيضا صحيح فالمخالفة الإدارية تعتبر بالضرورة عنصراً من عناصر الخطأ الشخصي الموجب للمسئولية الشخصية لأن المستخدم المرتكب للمخالفة ، الفعل الخاطئ المتمثل في مخالفته لقواعد العمل ، يكون مسئولاً بصورة شخصية من الضرر الناتج عن هذا الفعل.

الخطـأ الشخصي والفعـل الجنائي :

منذ مدة طويلة يعتبر الفعل الجنائي مكوناً للمسئولية الشخصية لأنه من ناحية يعد عملاً جنائياً مرتباً لمسئولية لمرتكبة ومن ناحية أخرى و وفقاً لقانون محاسبة العاملين سنة 1976 يعد مخالفة يحاسب عليها المستخدم ويؤكد مسئوليته الشخصية.

وفق مفهوم القانون السوداني إذن رأينا كيف أن الخطأ الشخصي الموجب للمسئولية الشخصية يتخذ أشكالاً متعددة وإذا كان الأمر كذلك فما هي النتائج المترتبة على وجود خطأ شخصي في مواجهة المستخدم.

النتائج المترتبة على وجود خطأ شخصي :

1- المستخدم مسئول عن نتائج هذا الخطأ في مواجهة المتضرر من هذا الفعل.

2- المتضرر من الخطأ الشخصي للمستخدم يمكن أن يقيم الدعوى في مواجهة المستخدم نفسه وفي هذه الحالة له أن يثبت خطأ المستخدم . ويمكن له أن يرفع الدعوى في مواجهة الإدارة والمستخدم بالتضامن وفي هذه الحالة عليه أن يثبت إلي جانب خطأ المستخدم العلاقة التي تربط الإدارة بالمستخدم.

3- إذا رفع المتضرر دعوى في مواجهة الإدارة والمستخدم بالتضامن فأن العادة قد جرت على قيام الإدارة بتعويض المتضرر أولاً ثم تعود على المستخدم لاقتضاء حقها منه إذا ثبت أن الخطأ خطأ شخصي.

ثالثاً : تقدير المسئولية الإدارية وفق قواعد القانون العام :

1- درسنا أن القانون السوداني لا يعرف فيما يتعلق بالمسئولية الإدارية بناءً على خطأ إلا قواعد القانون العام وفي هذا المجال يطبق قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم كوعاء لحل كافة القضايا ذات الطابع الإداري .

وفي هذا يقول الدكتور زكي مصطفي :

(بالنسبة لقانون الالتزامات ، الملكية والقانون الإداري تعتبر المحاكم السودانية محكومة بقاعدة العدالة ، المساواة والوجدان السليم ) .

في بعض الحالات كما حدث في قضية قطران ، يلجأ القاضي السوداني إلي استخدام وسائل فنية أخري لتبرير المسئولية الإدارية خاصة في غياب القواعد الخاصة بهذه المسئولية . هذا تماماً هو رأي Twining وفي هذا يقول :

(القاضي الذي يواجه مشكلة مثل قضية قطران يجب عليه أن يعالجها ويناقشها في إطار المعطيات التالية :

1- مسألة تتعلق بوجود المسئولية وفق قواعد القانون العام.

2- مسألة تتعلق بمدي جسامة الخطأ المرتكب.

3- المسئولية المشتركة بين مرتكب الخطأ والإدارة .

في الواقع استعمل القاضي هذه الوسيلة في قضية قطران ليثبت المسئولية في غياب الخطأ الإداري من ناحية وليقرر المسئولية المشتركة في المسئولية من جهة ثانية.

نستطيع القول الآن أن هذا المنهج مقبول في غياب القواعد المستقلة المتعلقة بالمسئولية الإدارية على مثل هذه الحالات وبالمقابل ، إذا نظرنا إلي النظام القانوني الفرنسي يمكن أن نجد وبسهولة الحل المناسب لمثل هذه المشكلة وهي اعتبار أن ذلك يمكن أن يقع في إطار الضرر الواقع أثناء أو بسبب الخدمة العامة ، وليس بالضرورة البحث عن عنصر الخطأ في كثير من الحالات لتقرير المسئولية.

وأنظر في هذا المجال هذه العبارة من العلامة ( Vedel ) والذي يقول في كتابه

القانون الإداري طبعة 1983 الجزء الأول صفحة 533 .

(المسئولية الخاصة بأعمال الخدمة العامة تستوعب المسئولية بناءً على خطأ المتعلقة بالقانون العام . وعليه فأن التنفيذ الخاطئ ، عدم التنفيذ أو مجرد تقديم الخدمة بصورة غير صحيحة يمكن اعتباره خطأ يوجب المسئولية الإدارية.

وعلى ذلك يمكن اعتبار قضية قطران من قضايا المسئولية الإدارية المترتبة على خطأ الخدمة العامة .

2- الملاحظة الثانية التي يمكن الخروج بها من دراسة القانون السوداني تتمثل في عدم وجود حدود فاصلة بين الخطأ الشخصي والخطأ الإداري (عموماً يسمي بالخطأ الوظيفي) هذا الوضع يؤدي إلي اعتبار أي خطأ من المستخدم خطأ شخصي موجب للمسئولية الشخصية ولا يترك للمسئولية الإدارية إلا الخطأ البسيط الأمر الذي بالضرورة إلي تقاعس المستخدم في أداء واجبات وظيفته خوفا من الخطأ الموجب لمسئوليته وهذا يؤثر بالضرورة على دولاب العمل .

3- في ظل النظام السوداني حيث نجد خطأ المستخدم في إطار الخدمة العامة بعيداً جداً من الخطأ الذي يمكن أن نطلق عليه الخطأ الإداري وفي نفس الوقت قريب جداً من الخطأ الشخصي فأن المسئولية المشتركة لا وجود لها إلا في إطار ضيق للغاية ، لأن الخطأ الموجب للمسئولية في السودان يعتبر أما خطأ شخصي مع الوضع في الاعتبار مرتكب هذا الخطأ موجب لمسئولية الإدارة في حالات الخطأ البسيط .

هذه هي الخصوصية للقانون السوداني لا تعطي إلا مجالاً ضيقاً للمسئولية المشتركة قد تنحصر أساساً في حوادث حركة المرور.

أن مشكلة الخطأ المرتب بواسطة المستخدم هو أمر دقيق للغاية لأنه يتعلق بدور أن عمل الإدارة ولا علاقة له بالمسئولية الشخصية البحتة إلا في حالات الخطأ الذي يمكن أن يعتبر أساساً خطأ شخصي . أي أننا نحتاج والأمر كذلك إلي ‘عادة صياغة نظرية خاصة بالخطأ الإداري (أو الوظيفي) خطأ له علاقة بالخدمة العامة نستطيع في هذه الحالة أن نعالج كثيراً من المشاكل التي تجابه القانون السوداني خاصة العلاقة بين الخطأ الوظيفي والفعل الجنائي وبين الخطأ الوظيفي والمخالفة الإدارية.

الفصـل الثالـث المسئـولية الإداريـة وفق التشريعـات الخاصـة

هذه الدراسة المتعلقة بالمسئولية بدون خطأ من قبيل الدراسة التكميلية في إطار بحثنا هذا ولا يتعلق سوي بنظرية الخطأ في إطار المسئولية بناءً على خطأ . ولكن فيما يلي سنحاول أن نبرز نظام المسئولية الخاصة من قبيل تكملة الصورة أمام الباحث القانوني.

نظرية المسئولية بدون خطأ تعتبر في حد ذاتها فكرة سلبية لا يمكن التوصل إليها إلا باعتبارها مسألة خاصة . والفرق بين هذه المسئولية والمسئولية بناءً على خطأ تكمن في أنه في الأول ليس على المتضرر سوى إثبات علاقة السببية بين الضرر الذي أصابه ونشاط الإدارة بينما في نظام المسئولية بناءً على خطأ لابد من إثبات الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.

إذا فحصنا باختصار القانون السوداني نجد أمثلة لهذا النوع من المسئولية في عدد من القوانين نذكر منها :

1- المسئولية بدون خطأ في حوادث إصابات العمل.

2- المسئولية بدون خطأ في حالات نشاط الدولة غير العادي.

وذلك على التفصيل الآتي :

أولاً : مسئولية الإدارة في حالات حوادث إصابات العمل :

وجدت هذه المسئولية في القانون السوداني بقانون أول سبتمبر سنة 1949 والذي نظم قانون تعويضات العمال استثنائية أي بدون خطأ والجدير بالذكر أنه في حالة وجود خطأ سبب هذه المسئولية ، فأن القاعدة الواجبة التطبيق حينئذ هي قاعدة القانون العام كما سبق الإشارة إليها.

1- نطـاق تطبيـق القانـون :

المادة 5/1 من هذا القانون توضح نطاق تطبيق هذا القانون ونقرأ :

(مع مراعاة أحكام البند (2) من هذه المادة يطبق هذا القانون على العمال الذين تستخدمهم الحكومة أو أي مجلس شعبي تنفيذي أو أي مجلس شعبي محلي وذلك بنفس الطبيعة وبنفس القدر كما لو كان المخدم شخصاً عادياً )

وتقرأ المادة 6(1) : ( إذا أصيب العامل إصابة شخصية ناشئة عن خدمته وخلالها فأن المخدم يكون مسئولاً مع مراعاة ما سيرد ذكره فيما بعد بدفع تعويض وفقاً لأحكام هذا القانون.

يمكن الخروج الآن بشروط التعويض وفق أحكام قانون تعويضات العمال سنة 1949 وهي :

1- وجود ضرر جسماني يمنع العامل من العمل ثلاثة أيام على الأقل (المادة 6(1) (أ) .

2- أن يكون الضرر قد نتج بسبب أو بمناسبة العمل ، المادة 6 (1) .

3- وجوب أخطار المخدم بوقوع الحادث في أقرب فرصة ممكنة ، المادة 14 (أ) .

4- أن لا يكون الضرر نتيجة سوء سلوك فاحش ومتعمد من جانب العامل المصاب المادة 6 .

النتائج المترتبة على المسئولية :

المادة 6 من قانون 1949 في وجود الشروط الواجب توافرها لتطبيق القانون تضع على عاتق الدولة أو المخدم بالنسبة للقطاع الخاص ، إصلاح الضرر الجسماني عن طريق التعويض حسب فئات الجدول المرفق مع هذا القانون . وقد يبدو أن هذه النتيجة متفقة مع قواعد القانون العام للمسئولية ، بينما الحقيقة أن هناك اختلاف جوهري بين النظريتين حيث أنه في نظام المسئولية الخاصة لا يلعب الخطأ أي دور لقيام المسئولية ويكفي مجرد علاقة سببية بين الضرر والعمل الذي يقوم به المستخدم.

ثانياً : مسئولية الإدارة عن الضرر الناتج عن النشاط غير العادي للدولة :

في هذه الحالة نجد أنفسنا أما ضرر متعلق بنشاط الدولة وأن كان المعني بذلك النشاط غير العادي للدولة . في هذا المجال يوجد في الحقل القانوني السوداني كثير من التشريعات تعالج هذه المسائل ويبدو أنه من الضروري دراسة بعض هذه التشريعات.

1- القواعد العامة للمسئولية عن النشاط العادي للدولة :

لابد في البداية من التنويه إلي صعوبة تحديد القواعد العامة لهذا النوع من المسئولية ، ولكن يمكن القول أن هذه المسئولية لا يمكن تصورها دون توافر شرطين أساسين :

(أ‌) وجود نشاط غير عادي للدولة.

(ب‌) أن يكون الضرر الناتج بسبب هذا النشاط.

نظرية الخطأ لا تلعب ، والحال كذلك أي دور لقيام المسئولية . والمضرور لا يقع عليه عبء إثبات أي خطأ على السلطة الإدارية ، بل يكفيه إقامة الدليل على وجود ضرر بسبب هذا النشاط غير العادي للإدارة كما هو ظاهر في الأمثلة التي نود الإشارة إليها.

1- قانون الدفاع عن السودان سنة 1939 :

ويتعلق ذلك بالأضرار التي تقع من الدولة في حالات الحرب والدولة ملزمة بإصلاح الضرر الناتج عن ذلك حتى ولو كان ذلك بدون أي خطأ من جانبها وفق المادة 7(1) من القانون والتي تنص على دفع تعويض عن الأفعال وأنواع الخسارات والتلف والنفقات المنسوبة بطريقة معقولة بمناسبة ممارسة سلطة التدخل في حق التملك المخولة بموجب هذا القانون.

ولنلقي نظره على الشروط الواجب توافرها في هذا القانون :

1- وجود ضرر واقع على الشخص نتيجة احتلال أرض أو حجز بضائع أو خدمات أو أية خسارة أو تلف لأية ممتلكات مادية يتم احتلالها أو حجزها أو أي خسارة أو تلف أو نفقات يقررها رئيس الجهورية.

2- أن يكون ذلك بسبب نشاط غير عادي للدولة وتعرف بحالة الطوارئ والمعلنة بواسطة رئيس الجمهورية وفق المادة 2 (1) من القانون .

3- قانون الاستيلاء على شتل النخيل سنة 1947 :

وأن كان هذا القانون يطبق على مديريات معينة في السودان . المديرية الشمالية على وجه التحديد ، إلا أنه نموذج لما نرمي إليه من وجود ضرر نتيجة نشاط المجلس التنفيذي في الاستيلاء على شتول النخيل للمصلحة العامة . وتعتبر الدولة في هذه الحالة مسئولة عن تعويض أصحاب هذه الشتول . وجريا على نفس نمط البحث نوضح شروط المسئولية في ظل القانون المنوه عنه.

(أ‌) وجود ضرر وقع على شخص نتيجة فقدانه لشتول النخيل.

(ب‌) أن يكون ذلك نتيجة قرار صادر من نشاط السلطة الإدارية المتمثل في قرار المجلس التنفيذي للمديرية ولتحقيق مصلحة عامة (المادة 3 من القانون).

3-قانون تخطيط المدن سنة 1950 :

قانون تخطيط المدن للمصلحة العامة هو مثال آخر للمسئولية بدون خطأ . ويتمثل في وقوع ضرر على شخص نتيجة إعادة تخطيط المنطقة للمصلحة العامة . وفي هذا المجال حددت المواد 18 ، 19 شروط تحقيق هذه المسئولية :

(ت‌) وجود ضرر على شخص نتيجة إعادة تخطيط للمدينة مثل فقدان ملكية أرض أو انخفاض لقيمة الأرض نتيجة هذا التخطيط.

(ث‌) هذا الضرر يجب أن يكون نتيجة طبيعية لنشاط الدولة المتمثل في تخطيط أو إعادة تخطيط المدن (المادة 3 من القانون ) .

هذا وقد نصت المواد 219 – 20 من القانون دفع تعويض مناسب بواسطة الحكومة في حالة حدوث الضرر.

2- تقييم المسئولية المترتبة على نشاط الدولة غير العادي :

1- فيما يتعلق بنظام المسئولية فأن كل ما يتطلبه هذا النظام هو وجود علاقة سببية بين الضرر والنشاط غير العادي للدولة.

2- فيما يتعلق بأساس الحق في التعويض لاحظنا أن هذا التعويض يستحق بعيداً عن أي خطأ ثابت أو مفترض ونستطيع القول أن أساس المسئولية يمكن أن يكون داخل فكرة مساواة المواطنين جميعاً في الحقوق والواجبات وفي حالة وجود ضرر على شخص ما نتيجة نشاط الدولة غير العادي . وفي إطار المصلحة العامة يصبح من المنطقي وضع المسئولية على عاتق الدولة.

3- النشاط غير العادي للدولة يجب أن يمارس من داخل فكرة المصلحة العامة وحتى يستحق الشخص تعويضاً عن ضرر أصيب به يجب أن يكون النشاط في إطار هذه الفكرة وليس لتحقيق ربح أو مكسب كما هو الحال في نشاط الدولة التجاري أو الصناعي.

ثالثاً : تقدير نظرية المسئولية الإدارية وفق التشريعات الخاصة :

بعد أن عالجنا فيما سبق شروط قيام المسئولية بدون خطأ في القانون السوداني أصبح واجباً علينا إلقاء نظرة على الخصائص العامة لهذه المسئولية.

1- من الصعب وضع قواعد عامة لنظام تشريعي معين لأن هذه المسئولية الحقيقية استثناء من القاعدة العامة في القانون السوداني ، والتي لا تخرج عن قواعد القانون العام المتمثلة في ضرورة وجود خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما ، إذن فالمسئولية بدون خطأ هي استثناء من القاعدة واستثناء محكوم بنصوص تشريعية.

2- بالرغم من وجود محاولات قليلة لمناقشة المسئولية بدون خطأ بواسطة القضاء إلا أن السوابق القضائية ذهبت إلي اعتبار أن قواعد القانون العام (Common Law) واجبة التطبيق . مما جعل تطبيق هذه النظرية خارج النصوص القانونية الموجودة على سبيل الحصر أمراً غير مقبول في القانون السوداني.

وفي سابقة حسن حسين ضد سكك حديد السودان المجلة سنة 1956 حيث وقع حادث نتج عنه إصابة عامل أثناء تأدية وظيفته وفي غياب الخطأ في جانب إدارة السكة الحديد حكمت المحكمة بعدم مسئولية الإدارة لعدم وجود خطأ .

3- إذا تمعنا وجهة النظر هذه لوجدنا أن المضرور عليه أن يقيم دعوى في مواجهة الإدارة.

– تحت أي من القوانين الاستثنائية التي تعطيه حق التعويض وفي هذه الحالة يجب توافر ما سبق أن أشرنا إليه من شرط وهي وجود ضرر وعلاقة السببية بين الضرر والعمل الضار في إطار القوانين ذات الاختصاص . أو.

– يقيم الدعوى تحت قاعدة القانون العام والقواعد العامة للمسئولية وفي هذه الحالة يجب توافر الشروط التقليدية وهي :

الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.

النتيجة الطبيعية لذلك التطبيق هو اعتبار أن نظرية المسئولية بدون خطأ في القانون السوداني نظرية غريبة وغير عادلة لأن الإدارة قد تسبب ضرراً بواسطة نشاطها وفي معظم الحالات بدون خطأ ويبقي المضرور دائماً وأبداً عاجزاً عن إقامة أي دعوى في مواجهة الإدارة طالما أن ذلك غير مضمن في القوانين الموجودة على سبيل الحصر بالإضافة إلي استحالة قيام المسئولية وفق قواعد القانون العام في غياب الخطأ في مواجهة الإدارة.

يجب إذن من ناحية العمل على كبح جماح الإدارة لتقديم خدمات عامة أفضل ومن ناحية أخرى بناء نظام أساسي لضمان العاملين واطمئنانهم عند قيامهم بعملهم .

هذا في تقديرنا لن يتم إلا بوجود قواعد منفصلة للمسئولية الإدارية في السودان .

نخلص من كل ذلك إلي أن الأساس في القانون السوداني يكمن في خضوع المسئولية الإدارية لقواعد المسئولية المدنية وبمعني آخر لقواعد القانون الخاص وهذه الخصوصية ترتب نتيجتين هامتين :

1- من ناحية يعتبر الخطأ شرط هام وضروري لانعقاد المسئولية وفي غياب نظرية خاصة للخطأ الإداري فأن خصائص الخطأ الموجب للمسئولية الإدارية متماثل مع الخطأ المدني . وعليه فأن الخطأ الواقع من المستخدم أثناء قيامه بواجبات وظيفته يعد في كثير من الأحيان خطأ شخصي موجب للمسئولية الشخصية للمستخدم ولا يستثني من ذلك إلا الخطأ اليسير لترتيب المسئولية الإدارية.

2- من ناحية أخرى وبالرغم من الحلول المقدمة من القانون المدني فيما يتعلق بالتعويض فأن المشاكل ما زالت موجودة ولم تتمكن نظريات القانون المدني من استيعابها خاصة في غياب نظريات خاصة للقانون الإداري . في هذه الحالة يجد القاضي السوداني نفسه مضطراً لاستخدام وسائل فنية قانونية أخرى وفي كثير من الحالات يضطر إلي تطبيق قوانين لا تحكم الحالة لتأسيس المسئولية الإدارية.

البـاب الثانـي الخطـأ كـأساس لقيـام المسئوليـة الإداريـة

الفصل الأول : أصل نظرية الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية .

الفصل الثاني : دور الخطـأ كأساس للمسئولية الإدارية.

الفصل الثالث : تقدير الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية.

تتضح نظرية الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية في إطار نظام قيام المسئولية ذاتها ، فإذا اعتبرنا أن المسئولية الإدارية تتمثل في حق المضرور في الحصول على تعويض عند توافر شروط معينة فأن أساس المسئولية الإدارية بصفة عامة يكمن في الإجابة على السؤال : لماذا تعتبر الإدارة مسئولة عن ذلك التعويض ؟

لقد أوضحنا فيما سبق شروط قيام المسئولية ترتيبها على الخطأ كشرط ضروري وأساسي وسنحاول الآن تحليل نظرية أساس هذه المسئولية.

في الحقيقة ، يبدو أن في الأمر بعض الصعوبة إذا حاولت تأسيس المسئولية الإدارية أي وضع أساس قانوني لها في نظام قانوني مثل القانون السوداني حيث لا يوجد من ناحية / قانون مستقل يتعلق بالمسئولية الإدارية وتطبق من ناحية أخرى قواعد القانون المدني على مسائل المسئولية الإدارية والتي تدور حول قواعد القانون العام.

ويبدو والحال كذلك أنه من الأفضل أن نبدأ دراستنا في هذا المجال بالاطلاع على الوسائل المستخدمة في القانون والفقه السوداني حيث يتعلق الأمر بتطبيق القانون الإنجليزي ومدي تطور ذلك ليتسنى لنا فهم فكرة كل من القانون المدني والقانون الإداري فيما يتعلق بالمسئولية الإدارية بناءً على خطأ . وعلى ذلك سنقسم دراستنا تحت هذا الباب إلي فصول ثلاثة ننتقل فيها من نظرة فاحصة حول أصل نظرية الخطأ كأساس للمسئولية لننطلق لتحديد أساس هذه المسئولية وأخيراً نصل إلي تقديرنا لهذه النظرية على ضوء الدراسة المقدمة .

الفصل الأول : أصل نظرية الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية :

لقد رأينا استعرضنا أن القانون السوداني يخضع المسئولية الإدارية للقواعد العامة للقانون الخاص . هذا الاتجاه له أصل تاريخي يتعلق بالوسائل التي استخدمت بواسطة القضاة لتطبيق القانون الإنجليزي سواء التشريع الإنجليزي أو مبادئ القانون العام Common Law . هذه المقدمة تدعونا للبحث عن تطبيق القانون الإنجليزي في السودان وما صاحب ذلك من تطور.

أولاً : تطبيق القانـون الإنجليزي قبل سنة 1925 :

عندما بدأت الإدارة البريطانية في وضع وتطبيق القانون في السودان لم يكن يوجد في هذه البلاد ما يمكن أن يسمي قانوناً بالمعني العام .

والقاعدة التي كانت مطبقة بالنسبة للقانون السوداني منذ ذلك الوقت هي قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم وجاء أول تطبيق لذلك في المادة 4 من قانون القضاء المدني سنة 1900 .

وتقرأ (في الحالات التي لا تحكمها المادة 3 من هذا القانون أو أي قانون آخر .

تطبق المحاكم قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم )

وأصبحت أساساً هذه القاعدة أساساً للقانون المدني السوداني . وهذا ما أقره د. زكي مصطفي حيث أكد كما سبق الإشارة إلي أنه وبدون مبالغة أصبحت هذه القاعدة هي التي تحكم القانون المدني في السودان.

وإذا وضعنا في الاعتبار أن القضاة الإنجليزي قد طبقوا القانون الإنجليزي الذي لا يعرفون سواه تحت ستار هذه القاعدة فلقد تبعهم القضاة السودانيين أيضا في ذلك وباعتبار احترام السوابق القضائية وفي هذا يقول د . زكي مصطفي :

( المحاكم السودانية أتبعت كلية منهج المحاكم الإنجليزية ) (23).

وقد أعطي نماذج لذلك في قضية شاشاتي حيث تتبع القاضي القانون الإنجليزي وطبق لأول مرة الحق في مراجعة القرارات الإدارية (24). وفي قضية قطران الذي ذكر فيها ( Twining ) أن :

(المبدأ الذي استقر في قضية قطران أن الحكم صدر على أساس دراسة مقارنة للقانون الإنجليزي ) (25).

ولكن هل بقي الحال على ما هو عليه . . .

ثانياً : تطور تطبيق القانـون الإنجليزي بعد سنة 1925 :

واحدة من أهم السوابق السودانية التي وجدناها كمعيار تطور تطبيق القانون الإنجليزي هي قضية شركة أقطان مصر والسودان ق م / استئناف / 7 / 1925 (26).

حيث كان السؤال موضوع الدعوى يدور حول تطبيق أو عدم تطبيق المادة 18 من القانون الإنجليزي ( Sale of Goods 1893 ). وفي هذه الدعوى وجد القاضي نفسه أمام ثلاثة خيارات :

1- تطبيق القانون الإنجليزي . . . أو .

2- التقاضي عن ذلك وتطبيق القواعد العامة للقانون ( Common Law ) أو . .

3- ترك البديلين معاً وتطبيق القانون المصري .

بعد مناقشة الخيارات الثلاثة ، طبق القاضي القانون المصري لحل المشكلة المعروفة أما المحكمة ومنذ ذلك التاريخ بدأ القانون السوداني في التحرر قليلاً من سيطرة القانون الأجنبي وبدأ يتجه نحو استقلال قواعده ولكن وبالتأكيد في إطار النظرية العامة للقانون العام.

ثم بدأ أثر ذلك يظهر جلياً على أحكام المحاكم المختلفة :

في قضية محمد حامد ضد حكومة السودان (27) رفض القاضي تطبيق قانون تعويضات العمال إنجليزي سنة 1880 في حادث متعلق بإصابة عامل وقرر أن القانون الإنجليزي لا ينطبق على هذه الحالة وطبق قواعد المسئولية العامة وحكم بعدم مسئولية الإدارة في غياب الخطأ في مواجهتها.

نستطيع أن نخلص من هذه الدراسة السريعة إلي تحديد موقف القانون السوداني على النحو التالي :

1- قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم أعطت الفقه القضائي السوداني الفرصة في التحرر من القانون الإنجليزي ومحاولة خلق نظام قانوني مستقل لحل المشاكل والمنازعات المعروضة عليه خاصة بعد سنة 1925 وبدأ ظاهراً في قضية شركة أقطان مصر والسودان وما بعدها من قضايا.

2- في الحالات التي وجد القاضي السوداني نفسه مضطراً لتطبيق القانون الأجنبي في غياب القانون السوداني وتطبيقاً لأحكام قانون الإجراءات المدنية ، طبق القاضي مبادئ العدالة في القانون الأجنبي تحت قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم . كما جاء ذلك واضحاً في قضية قطران وقضية شاشاتي السابق الإشارة إليهما .

الفصل الثاني : دور الخطـأ كأساس للمسئولية الإداريـة :

رأينا أن القانون السوداني ما فتأ يستعمل أسلوباً قضائياً معيناً ، في غياب النصوص القانونية ، لتأسيس القانون السوداني في إطار قاعدة (العدالة والمساواة والوجدان

السليم ) .هذه الطريقة المشار إليها عكست نتائج معينة على القانون بصفة عامة وعلى القانون الإداري ومسائل المسئولية الإدارية بصفة خاصة :

1- في إطار التطور القانوني في السودان ، بدأ القضاء السوداني التحرر من القانون والتشريع الإنجليزي ولننظر لنري أثر ذلك في كلمات القاضي في قضية ورثة أمام إبراهيم ضد الأمين عبد الرحمن ( ما نطبقه في السودان ليس التشريع الإنجليزي بل قواعد العدالة التي يمكن أن توجد في القانون الإنجليزي ) (28).

2- إذا انتقلنا بعد ذلك لقواعد المسئولية الإدارية فأننا نجد أنها محكومة تماماً بنفس القاعدة كما سبق الإشارة إلي ذلك خاصة إذا أضفنا أن قانون الإجراءات المدنية (المادة 314 من قانون 1974 نفس المادة من قانون سنة 1983) تقرأ : تتبع في رفع الطعن في القرار الإداري ونظره والفصل فيه القواعد والإجراءات المقررة لرفع الدعوى ونظرها والفصل فيها.

ومن قبل جاء تطبيق ذلك في دعوى حكومة السودان ضد عياد إبراهيم (29) (الطعن في القرارات الإدارية تخضع لنفس القواعد العامة لرفع ونظر الدعاوى المدنية والتجارية العادية).

على ضوء ذلك نستطيع أن نقول أن القانون وبفضل الفقه القضائي تمكن من التطور وأتجه إلي إنشاء نظام قانوني مستمد من التجارب السودانية إلا أنه ظل فيما يتعلق بالقانون الإداري والمسئولية الإدارية مرتبط ودائماً بقواعد القانون العام ولم ينجح في إقامة قواعد مستقلة لهما .

وإذا افترضنا أن شروط قيام المسئولية الإدارية والمدنية والوسائل المستخدمة لحل مشاكل كل من المسئولين واحدة فهل يدفعنا ذلك إلي تأسيس كل من المسئولين على نفس الأساس ؟

قبل أن نوضح ذلك سنحاول أن نعالج وباختصار معني أساس المسئولية الإدارية :

أولاً : معني أساس المسئولية الإدارية :

الجدير بالذكر أنه لم يقم أحد من فقهاءنا السودانيين بمحاولة معالجة تأسيس المسئولية الإدارية كما أنه لا توجد سابقة واحدة تعالج هذه المسألة لأن القانون السوداني في غياب القضاء الإداري والقانون الإداري ، عالج مشاكل القانون الإداري عن طريق قواعد القانون الخاص وهو ما نحاول دائماً التأثير عليه من خلال سطور هذا البحث .

ولنعود مرة أخرى للإطلاع على وجهة نظر القانون الفرنسي حيث يقول أحد كبار أساتذة القانون الإداري الأستاذ (Benoit ) (30) .

( نظرية أساس المسئولية الإدارية توضح لماذا تقوم كل فئة من فئات المضرورين بالفعل بربط ذلك بشروط معينة تقيم عليها المسئولية ).

ونضيف أيضا :

( لننظر إلي المستفيد من الخدمة العامة ، مشكلة تأسيس المسئولية الإدارية بالنسبة له هي توضيح لماذا يعوض المستفيد في حالة وجود خطأ أداري أي في حالة تقديم الخدمة العامة بطريقة غير صحيحة . الإجابة واضحة : لأننا نتوقع للمستفيد تقديم خدمة عامة حقيقية سليمة . التعويض ليس إلا نتيجة مخالفة لهذا القانون .

بالنسبة للغير التعويض في حالة وقوع ضرر غير عادي فأن ذلك نتيجة وجود حق في عدم ارتكاب أي ضرر غير عادي نتيجة خطأ من الإدارة .

من جاء على لسان البروفسير (Benoit ) يوضح نظرية تأسيس المسئولية الإدارية وأن ذلك ليس إلا العلاقة التي تربط بين المضرور وشروط قيام المسئولية إذ أن من واجب الإدارة تقديم الخدمة العامة بصورة صحيحة وسليمة للمواطنين وفي حالة عدم تقديمها بهذه الطريقة يكون من حق المضرور من عدم تقديم الخدمة العامة بطريقة صحيحة أن يطلب إصلاح الضرر الناتج عن ذلك.

أساس قيام المسئولية الإدارية إذن يختلف عن شروط قيامها . إذا توافرت شروط معينة نشأ للمضرور الحق في التعويض هذه هي شروط المسئولية أما لماذا تعتبر الإدارة مسئولة عن تعويض المضرور بعد توافر الشروط فأن الإجابة على هذا السؤال هي التي تمثل أساس المسئولية الإدارية وهو ما سنحاول دراسته في إطار القانون السوداني.

ثانياً : أساس المسئولية الإداريـة في القانـون السوداني

1- أساس المسئولية في إطار القواعد العامة :

الفكرة الأساسية التي تتدرج تحتها نظرية المسئولية في القانون السوداني تتمثل في تبعيتها للقانون الخاص والقواعد العامة للقانون العام . وحتى نصل إلي مرمي دراستنا سنحاول تبيان وجهة النظر السودانية على ضوء سابقتين شهيرتين :

أ – قضية ميشيل قطران :

اعتبرت قضية قطران واحدة من أهم السوابق السودانية ويمكن تناولها من خلال الوقائع التالية:

السيد قطران وقع داخل مجري لتصريف مياه الأمطار أعد بواسطة الإدارة (مجلس بلدي الخرطوم ) واصبح السؤال المطروح أمام المحكمة هو هل هناك خطأ أرتكب من جانب الإدارة تسبب في الأضرار التي لحقت بالمدعى ؟

فضل القاضي كالعادة في قضايا التعويض البدء بالبحث عن الخطأ من خلال البينات المقدمة من المدعى أي أنه كان لابد من توافر عنصر الخطأ كشرط لقيام المسئولية الإدارية . وبالفعل توصل القاضي إلي ذلك حيث أكد بأنه السبب في الحكم بالتعويض ليس بسبب أن الإدارة لم تنجح في إنشاء المجاري بصورة صحيحة بل لأنها لم تقم بوضع تحذير للكافة بوجود هذه المجاري.

إذن فالقاضي في بحثه عن شروط قيام المسئولية أسس هذه المسئولية على الإهمال وأجاب على السؤال المطروح لماذا اعتبرت الإدارة مسئولة ؟ بالقول . . لأنها ارتكب خطأ يتمثل في الإهمال المتبع من القاضي يوضح وجهة النظر السودانية والتي تعتبر الخطأ شرط و أساس في نفس الوقت للمسئولية وهذا ما ذهب إليه ( TWINING ) بالقول : ( أول ما تذهب إليه المحكمة هو البحث في الوقائع التي أمامها عن وجود خطأ من عدمه ) (31).

وعلي العكس من ذلك لو تصورنا قيام المسئولية علي الخطا كشرط وأسست المسئولية علي فشل الإدارة في تقديم الخدمة العامة (تصريف مياه الأمطار) بصورة جيدة لتناسق ذلك مع نظرية أساس المسئولية كما سبق الإشارة أليها.

ب – سابقة حسن حسين ضد سكك حديد السودان (32) :

في هذه الدعوى أكد الفقه القضائي وبمفهوم المخالفة ( a contraric ) فكرة الخطأ كأساس لدعاوى المسئولية :

وقع حادث أثناء العمل نتج عنه فقد عامل لثلاث أصابع من يده في غياب القانون الذي يحكم إصابات العمل . بدأ للمحكمة أنه لابد من الخيار بين تطبيق القانون الإنجليزي (قانون تعويضات العمال سنة 1897) أو اللجوء إلي قواعد القانون العام في النهاية أقر القاضي أن القانون الواجب التطبيق هو قواعد المسئولية العامة وفي هذا الإطار حكم بعدم قيام المسئولية لعدم وجود خطأ في مواجهة الإدارة (السكة الحديد) أي أن القاضي أقر عدم مسئولية الإدارة وأسس ذلك لعدم وجود خطأ.

وتعليقنا على ذلك أن القاضي كان يمكن أن يقيم مسئولية الإدارة بدون خطأ إذا تمكن من فصل نظرية شروط المسئولية على أساسها بمعني أنه لا يمكن الجمع بين شرط المسئولية وأساسها في نظرية واحدة حيث أن النتيجة الطبيعية لذلك هو هدم نظرية المسئولية بدون خطأ وقيام نظرية أساس المسئولية الإدارية بناءً على خطأ على نظرية الخطأ أيضا.

وتنتفي هنا ما سبق الإشارة إليه من أن ما يحكم تأسيس المسئولية هو العلاقة بين المضرور والإدارة فإذا كان المضرور هو الغير كما في قضية قطران لاختلف الأمر من اعتبار المضرور مستخدماً للإدارة كما هو الحال في قضية حسن حسين.

2- أساس المسئولية الإدارية في إطـار التشريعـات الخاصة :

نظرية المسئولية بناءً على التشريعات الخاصة هي في حقيقتها قد قامت على استثناء يتمثل في التشريعات التي تحكمها وفي إطار معطيات استثنائية : ضرر غير عادي وقع نتيجة نشاط غير عادي للدولة أو حادث غير متوقع من آلة أثناء ساعات العمل .. الخ .

وأساس المسئولية في إطار هذه النظرية له علاقة أيضا بما يربط المضرور والإدارة من علاقات في ظل ظروف معينة ولا تلعب نظرية الخطأ أي دور في هذه النظرية فالأمر لا يتطلب سوي توافر الضرر غير العادي لقيام المسئولية الإدارية ولكن ما زلنا في حاجة إلي تبيان وتوضيح أساس المسئولية أو الإجابة على السؤال : لماذا تعتبر الإدارة مسئولة في هذه الحالة ؟

في الواقع وباعتبار أن المسئولية هنا استثنائية فأنه يمكن تأسيس المسئولية تحت فكرة مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات وهي قاعدة دستورية موجودة في المادة 14/38 من دستور سنة 1973 والمادة 17 من دستور السودان الانتقالي سنة 1975 ، هنا تكمن فكرة أساس المسئولية الإدارية في التشريعات الخاصة ، مساواة الناس أمام القانون والواجبات والحقوق العامة فلا يجوز والحال كذلك أن يضار شخص دون خطأ من جانبه لمجرد قيام الدولة بنشاط غير عادي أو الإصابة من آلة أثناء ساعات العمل .

الفصـل الثالـث تقرير نظريـة أساس المسئوليـة الإداريـة

قبل أن نضع في الميزان أساس المسئولية الإدارية لابد لنا أن نناقش التناقض الموجود فيما أتبعه القانون السوداني من أسلوب يتعلق بقاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم والتي ترجمه في المادة 6 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1974 والمادة 6 أيضا من قانون سنة 1983 .

أولاً : تحليل قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم :

لقد سبق أن أكدنا أن موقف القانون السوداني إنما يرجع لأسباب تاريخية ورأينا كيف صاحب هذا الموقف من تطورات وفي اعتقادنا أنه من المفيد تسجيل هذا التطور مرة أخرى :

1- تطور قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم :

مر هذا التطور بمرحلتين رئيسيتين :

أ‌- الحقبة الأولي بدأت قبل سنة 1925 حيث كان القانون السوداني يطبق تماماً التشريع الإنجليزي وفي هذه الفترة لم يكن هناك قانون سوداني ولا قضاة سودانيين وهذا يبرر تطبيق القضاة الإنجليز للقانون الإنجليزي تحت هذه القاعدة والتي كانت مصورة في المادة 4 من قانون سنة 1900 ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً .

ب‌- الحقبة الثانية بدأت سنة 1925 حيث تبني الفقه والقانون السوداني وجهة نظر أخرى تتمثل في قيام المحاكم بتطبيق مبادئ القانون العام التي ربما توجد في صلب التشريع الإنجليزي أو أي تشريع آخر في إطار القانون العام ( Common Law ) وقد رأينا في استعرضنا بعض السوابق القضائية التي تؤكد ذلك (قضية ورثة أمام إبراهيم (33) ونيكولا شاشاتي (34) هذه الفكرة يمكن أن نجد لها تعضيداً في بحث للأستاذ جلال على لطفي المحامى حيث ذكر :

(بعد الاستقلال عين السير (بونهام) رئيساً للقضاء في السودان وقد بدأ في تطبيق القانون الإنجليزي تحت قاعدة العدالة والمساواة والوجدان السليم ، ومن ثم بدأ القضاة السودانيين والذين تدربوا على

القانون الإنجليزي في الاستمرار في تطبيق القانون الإنجليزي متبعين نفس المعيار . ولدهشة كثير من الأجانب لم يكن القانون الإنجليزي بصفة عامة هو الذي يطبق في السودان ولكن التشريع الإنجليزي أيضا كان ولا يزال مطبقاً ) (35) .

2- مدي ضرورة تطبيق القانون الإنجليزي في السودان :

يبدو من الأهمية بمكان محاولة مناقشة هذه المسألة من النواحي التالية :

أ‌- من المنطقي القول أن الأسباب التاريخية التي دعت للتمسك بالقانون الإنجليزي في السودان قد انتفت ، حيث يوجد لدينا الآن دولة بالمعني القانوني للكلمة والسلطة القضائية قائمة على تطبيق القوانين السودانية أصدر الكثير من القوانين الوطنية سواء في المجال المدني أو الجنائي أو الإداري.

ب‌-من النظرة الأولي نلاحظ أن القضاة السودانيين بدأوا في تطبيق القانون الإنجليزي دون محاولة فهم تاريخ ومصادر القانون الإنجليزي نفسه وفي هذا يقول : (Twining ) :

(ليس من المستغرب عدم معرفة الطلاب السودانيين للتاريخ الإنجليزي ومن المستحيل فهم نظام قانوني والإلمام به دون معرفة تاريخ هذا القانون أن معرفة تاريخ القانون هي الوسيلة الأفضل ليس فقط لمعرفة أي القوانين أحسن ولكن لمعرفة أي القوانين غير صالح وغير مفيد لاستيراده وتطبيقه ) (36) .

وعليه إذا درسنا تاريخ القانون الإنجليزي سنعرف لماذا لا يصلح هذا القانون العرفي الأجنبي لتطبيقه على مجتمع مثل السودان يختلف من ناحية اللغة والعادات والدين.

(ج) فيما يتعلق بالقانون الإداري ولتشابهه وظائف الدولة في معظم البلاد يصبح من الضروري إلي جانب التجربة الوطنية دراسة وجهة نظر القانون المقارن ، ابتداء ليتسنى فهم طبيعة المنازعات الإدارية في البلاد المختلفة وانتهاء لابتكار الحلول المناسبة لإنهاء هذه المنازعات والبت فيها.

وهذا يطابق ما سبق أن أشرنا إليه من قول السيد النائب العام عند تقديمه للقوانين الجديدة في السودان.

أننا نعتقد أنه قد آن الآوان للقانون السوداني أن يبدأ في مراجعة قوانينه الوطنية في محاولة للإنفكاك من القانون الإنجليزي الصبغة ولمحاولة بحث إنشاء قوانين وطنية مستمدة من تجاربنا المحلية ومدعمة بنظرية القانون المقارن والتي وجدت نجاحاً في البلاد المختلفة ولنأخذ مثالاً واحد من قضية ميشيل قطران الشهيرة حيث حاول القاضي التوصل لحكم عادل ولكنه وأن توصل لذلك فشل في تكييف حكمه على أساس قانوني واضح وفي الواقع أسس المسئولية الإدارية على نظرية الخطأ تطبيقاً للقواعد العامة وحكم بالمسئولية المشتركة مستنداً على قانون حركة المرور في قضية لا علاقة لها بحوادث حركة المرور إطلاقاً ، بينما الأمر واضح وبسيط في إطار الدراسات المقارنة حيث يعرف في القانون الفرنسي ما يسمي بالمسئولية الإدارية الناتجة من الخدمة العامة وقد تقوم دون حاجة مطلقاً للخطأ وإثباته ، كما أن القانون الإداري الفرنسي يعرف نظرية المسئولية المشتركة في المسئولية الإدارية بصورة واضحة وأساسية دون البحث في قوانين أخرى قد لا تكون لها علاقة البتة بوقائع الدعوى.

ثانياً : تقدير نظرية أساس المسئوليـة الإداريـة :

لقد وصلنا إلي تقرير ما ذهب إليه القانون السوداني ولأكدته السوابق القضائية من اعتبار أن الخطأ أساس لقيام المسئولية الإدارية وما تبع ذلك من مساواتها بالمسئولية المدنية.

إلا أن وجهة النظر هذه تبدو لنا قابلة للنقاش وذلك انطلاقاً من اعتبار أن كل من المسئولية الإدارية والمسئولية المدنية تختلف كل منهما عن الأخرى من ناحية طبيعة كل منهما ومن ناحية أن الخطأ نفسه لا يصلح أساساً للمسئولية الإدارية على التفصيل التالي :

1- طبيعـة المسئوليـة الإداريـة :

لقد أوضحنا ، ونرجو ذلك ، فيما سبق أن بنيان المسئولية الإدارية وشروط قيامها تختلف عن المسئولية المدنية وإذا فحصنا المسئولية الإدارية نجد أنها تتحقق في القانون السوداني أما وفقاً للتشريعات الخاصة مثل قانون تعويضات العمال وفي هذه الصورة لا نجد دوراً للخطأ حيث أن قيامها يتحقق في بعض الحالات بدون خطأ ، أما وفقاً للقواعد العمة أي في الإطار الذي درسناه عند تعرضنا للمادة 33/4 من قانون الإجراءات المدنية والتي تحكم حالات المسئولية بناءً على خطأ وهو موضوع نقاشنا وسنحاول إبراز التفرقة بينهما وبين المسئولية التي تنشأ في إطار القانون الخاص.

أ- من ناحية بنيان المسئولية فأنها تترتب بناءً على خطأ المستخدم لأن الإدارة كشخص معنوي لا يمكن أن ترتكب بنفسها فعل خاطئ ولا بأس أن تكرر هنا ما جاء على لسان البروفسير :

( لا يمكن إسناد الخطأ إلي الإدارة والتي ليست سوي شخص معنوي وعليه يصبح من غير المعقول الاعتقاد أنها ترتكب خطأ ، الخطأ هو دائماً فعل شخص أو أكثر من المستخدمين سواء كانوا معروفين أو مجهولين ) (37) .

هذا وعلى العكس فأن المسئولية المدنية تقوم دائماً على خطأ شخص طبيعي.

ب‌- الخطأ الذي يرتب مسئولية إدارية يجب أن تتوفر له شروط خاصة تتمثل في ضرورة وقوع الخطأ أثناء الخدمة أو بمناسبة أو بسبب الخدمة العامة وبمعني آخر يجب أن يتصل الأمر المكون للخطأ بالخدمة العامة وتحقيق نفع عام بينما الأمر معكوس تماماً بالنسبة للخطأ المكون للمسئولية المدنية حيث يقع تحقيقاً لمصلحة خاصة لمرتكبه.

إذن يمكننا الاطمئنان إلي القول أن كل من النظريتين تختلف عن الأخرى من ناحية طبيعتها الأمر الذي يستحيل معه تأسيسها على نظرية الخطأ .

أن الأمر قد تجاوز ذلك في العصر الحديث حتى بالنسبة للقانون المدني حيث بدأ من المنطقي قيام المسئولية في بعض الحالات بدون خطأ خاصة بعد تطور الآلة وخير مثال لذلك حوادث الحركة وافتراض الخطأ لقيامها . ولا يفوتنا في هذا المجال أن نبرز أن الشريعة الإسلامية أيضا قد عرفت المسئولية التقصيرية بالنظر إلي الضرر فقط دون اعتبار للخطأ حيث جاء على لسان الأستاذ إبراهيم لطفي المحامى أن :

( الفقه الإسلامي يقيم مسئولية الفاعل بتعويض ضرر المصاب المالي والجسمي طبقاً لمبدأ ارتباط التعويض بالضرر ، لا طبقاً لمبدأ ارتباط التعويض بالخطأ (38).

هذه التذكرة للرجوع إلي تطور القانون المدني والشريعة الإسلامية مهم للغاية لتوضيح أن الخطأ لا يمكن أن يكون في كل الحالات أساساً للمسئولية الإدارية.

2- عدم كفاية نظريـة الخطـأ كأساس للمسئولية الإداريـة :

لقد رأينا واضحاً في عدد من القضايا التي درسناها وأوردناها في هذا البحث من عدم قدرة نظرية الخطأ على استيعاب كل حالات المسئولية الإدارية .

كذلك لجأ المشرع إلي إقرار المسئولية بدون خطأ في عدد من التشريعات منها المثال لا الحصر قانون تعويضات العمال سنة 1949 وقانون الدفاع عن السودان سنة 1939 حيث لا يشترط لقيام المسئولية توافر الخطأ بقدر ما يستلزم إثبات علاقة السببية بين الضرر والفعل الضار.

وبالعكس من ذلك تماماً فأن نظرية تأسيس المسئولية على الخطأ أدي إلي فشل تكييف عدم مسئولية الإدارة في وجود الخطأ حيث لابد لفهم نظرية عدم مسئولية الإدارة عن الضرر الناتج من بعض تصرفاتها والمضمنة في القانون السوداني من التفريق بين الخطأ كشرط لقيام المسئولية والخطأ كأساس لقيامها.

وهذا هو ما يبرر وجود الخطأ وقيام المسئولية ومع ذلك تعتبر الإدارة غير مسئولة عن جبر الضرر الذي يقع على المتضرر استناداً على أن أساس المسئولية يختلف عن شروط قيامها.

الخاتمــة

حتى نتمكن من إبراز نتيجة هذا البحث ، يبدو من المناسب أن نواجه مشكلة المسئولية الإدارية على ضوء الدور الذي يلعبه الخطأ في النظام القانوني السوداني .

1- فيما يتعلق بالمسئولية الإدارية ، فأن الأساس والمهم هو وجود خطأ حتى يمكن قيام المسئولية عليها وجبر ما ترتب على ذلك من ضرر . ولكن في غياب نظرية مستقلة للخطأ الإداري ذلك الخطأ الذي يقع وفق مفهوم وشروط معينة قد تطابق تماماً مع الخطأ الإداري والنتيجة أن اعتبرت كثير من حالات الخطأ الإداري الموجب للمسئولية الإدارية في حكم الخطأ الشخصي الموجب للمسئولية الشخصية للمستخدم نفسه.

وعلى ذلك فنظرية الخطأ بصورتها الراهنة لا تصلح كشرط لقيام المسئولية الإدارية لأنها ستقودها في النهاية إلي مجال المسئولية الشخصية للمستخدم.

2- فيما يتعلق بتأسيس المسئولية الإدارية وضح جلياً أن القانون السوداني يعتمد على الخطأ أيضا لتكييف المسئولية الإدارية ولكن حتى القاضي السوداني بدأ يتشكك في ذلك وبدأ في مواجهة الكثير من المصاعب في إطار هذا المفهوم كما رأينا حتى أنه في كثير من الحالات اللجوء لقواعد أخرى وأساليب مختلفة لتأسيس هذه المسئولية.

أن الخطأ قد فشل تماماً تفسير عبارة : لماذا تعتبر الإدارة مسئولة عن جبر الضرر في وجود شروط قيام المسئولية ؟ ولا في الإجابة على التسأول لماذا تعتبر الإدارة مسئولة في حالة عدم وجود أي خطأ من جانبها ؟ كما لم توضح لنا لماذا تعتبر الإدارة نفسها غير مسئولة عن جبر الضرر رغم وجود خطأ من جانبها ؟

كلها تسأولات لا تجد أي إجابة مقنعة ومنطقية وقانونية في ظل القانون السوداني بينما هي واضحة ومعقولة في إطار القانون المقارن ونظريات القانون الإداري في البلدان التي تأخذ بهذا النظام.

لقد آن الأوان للقانون السوداني للخروج من قوقعته واستحداث قواعد جديدة للقانون الإداري ونظرياته الحديثة ومنها أحكام المسئولية الإدارية القائمة على نظرية الخطأ الإداري و وسيلتنا إلي ذلك دراسة قوانين البلاد المتقدمة علينا في هذا المجال وإجراء الدراسات المقارنة المفيدة واستنباط نظريات جديدة لقانوننا تساعد في حل وفض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية في بلادنا.

( هامش البحــث )

(1) Twining . W . L , A Study in judicial technique ,

Khartoum 1959, P . 116

(2) A. de laubadere , Traite de droit, administratif, 8eme edition,

1980. No. 1227. P. 718.

(3) ميشيل قطران ضد حكومة السودان.

مجلة الأحكام القضائية السودانية 1958 ص 85.

(4) Twining نفس المرجع ص . 123.

(5) النور إبراهيم ضد مجلس بلدي أمدرمان.

مجلة الأحكام القضائية السودانية 1959. ص 5 .

(6) G. Vedel, Droit administratif Francais,

8eme edition, P . U . F . Paris, 1982. P. 493

(7) عبد الله الأمين ضد عبد الله سعد .

مجلة السودان القضائية 1979 ص. 56 .

(8) الصديق ضوء البيت ضد حكومة السودان .

مجلة السودان القضائية 1970 ص ز 52.

(9) د .زكي مصطفي 1..The Common law in the Sudan London, 1971 P.

(10) المرجع السابق ص 2 .

(11) Twining نفس المرجع ص . 113 .

(12) نيكولا شاشاتي ضد جمهورية السودان الديمقراطية. مرجع د. زكي السابق ص . 104.

(13) ورثة إمام إبراهيم ضد الأمين عبد الرحمن .

مجلة الأحكام القضائية السودانية 1962 ص 228 .

(14) مقدمة قانون العقود سنة 1974 غازيته جمهورية السودان رقم 1162.

(15) Twining نفس المرجع ص 123.

(16) المرجع السابق ص 123.

(17) المرجع السابق ص 123.

(18) عبد الله الأمين ضد عبد الله سعد

مجلة الأحكام القضائية السودانية 1979 ص 56 .

(19) د . محمد الشيخ عمر ،

قانون الإجراءات المدنية السوداني ،الخرطوم 1980 ص 43 .

(20) د . زكي مصطفي ، نفس المرجع ص 177.

(21) المرجع السابق ص 177 .

(22) Twining ، نفس المرجع ص 139 .

(23) د . زكي مصطفي ، نفس المرجع ص 134.

(24) المرجع السابق ص 135.

(25) ق م / إعادة نظر / 1962م .

مجلة الأحكام القضائية السودانية 1962 ص 228 .

(26) مجلة الأحكام القضائية 1972 ص 128.

(27) F . P . Benoit, Droit administrtif Français,

(1968 p . 691 )

(28) Twining نفس المرجع ص 123 .

(29) د . زكي مصطفي ، نفس المرجع ص 136 .

(30) ورثة إمام إبراهيم ضد الأمين عبد الرحمن .

مجلة الأحكام القضائية السودانية 1962 ص 228 ق م/ إعادة نظر /53/1962.

(31) سبق الإشارة إلي هذه السابقة ، أنظر ص من البحث

(32) الأستاذ جلال على لطفي المحامي مستقبل القانون الإنجليزي في السودان مجلة الأحكام القضائية السودانية 1967 (ص) 225.

(33) Twining نفس المرجع ص 113 .

(34) Laubadere نفس المرجع ص 718.

(35) الأستاذ إبراهيم لطفي المحامى ،

مجلة الحق القاهرة 1973 ، ص 44 .

راجـع البحـــث

1- د . وهبي محمد مختار ، الخطأ في المسئولية الإدارية ،

دراسة مقارنة بين القانون السوداني والقانون الفرنسي ، مارس سنة 1984.

2- G. Vedel, Droit administratif Francais

8eme edition P . U . F . Paris. 1982.

3- A. de laubadere, Traite de droit

administratif 8eme edition 1980

4- د. محمود الشيخ عمر،

قانون الإجراءات المدنية السوداني الجزء الأول ، الخرطوم 1980.

5- هنري رياض سكلا ، أشهر السوابق القضائية من 1975 – 1979 ، الخرطوم 1980.

6- د. محمد عبد الخالق عمر وهنري رياض .

أحكام تحت مجهر النقد، أحكام صادرة من المحكمة العليا الخرطوم 1979.

7- إبراهيم لطفي المحامي .

نظرية المسئولية التقصيرية ، مجلة الحق ، القاهرة ، 1972.

8- د . سعاد الشرقاوي .

المسئولية الإدارية ، القاهرة 1972.

9- د . زكي مصطفي . لندن سنة 1971

Common law in the Sudan

10-F.P. Benoit, Droit administratif Francais, 1968 .

11- Natal. Olwak, The courts and the reception of the English law in the Sudan 1968

12- جلال على لطفي المحامي .

مستقبل القانون الإنجليزي في السودان ، المجلة القضائية سنة 1967.

13- W. L. Twining. A study in Judicial tedniques, Khartoum. S.L.J.R. 1959 .

موضـوعــات البحــث

نظرية الخطأ في المسئولية الإدارية في القانون السوداني

صفحـــة

مقدمة … … … … … … … 315

الباب الأول :

الخطأ كشرط لقيام المسئولية الإدارية … … … 321

الفصل الأول : طبيعة الخطأ الإداري … … … 322

الفصل الثاني : المسئولية الإدارية وفق قواعد القانون العام . 328

الفصل الثالث : المسئولية الإدارية وفق التشريعات الخاصة .. 335

الباب الثاني :

الخطأ كأساس لقيام المسئولية الإدارية … … 341

الفصل الأول : أصل نظرية الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية 341

الفصل الثاني : دور الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية … . . 343

الفصل الثالث : تقدير نظرية الخطأ كأساس للمسئولية الإدارية .. 348

خاتمة البحث : … … … … … … 352

هامش البحث : … … … … … … 354

مراجع البحث : … … … … … … 357

موضوعات البحث … … … … … … 358

——————————————————–

* المقصود بأجهزة الدولة حسب أحكام الفقرة (5) من نفس المادة : أجهزة الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية وأجهزة الحكم الشعبي المحلي والهيئات والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام .

* يمكن أن تكون العلاقة في إطار القانون بين الأشخاص الطبيعية والأشخاص المعنوية ولكن بعيداً عن الأشخاص المعنوية العامة والتي تدخل في إطار القانون الإداري.