الإرهاب

يعتبر الإرهاب صورة من صور العنف التي عرفها المجتمع الدولي مند عصور خلت، تطور مع تطور المجتمع ، وهو ما يظهر من خلال زيادة حوادث الإرهاب و زيادة في أعداد الضحايا، واتساع نطاق العمليات الإرهابية وظهور أشكال جديدة و حديثة مستخدمة مستجدات التطور العلمي و التكنولوجي، مثل استخدام المتفجرات مع إمكانية التحكم فيها عن بعد بواسطة الكومبيوتر أو الهاتف النقال2.

ومن هنا نجد أن الإرهاب هو ظاهرة معقدة وغير محددة بل إنها أصبحت نوعا من الحروب بين الدول و الجماعات و خطورتها في أنها بلا أي قواعد أو قوانين أو قيود تنظمها، ذلك أن الإعتداءات الإجرامية التي عرفتها كبريات المدن العالمية كنيويورك و واشنطن و الرياض و الدار البيضاء، ومدريد، شكلت نقطة تحول كبرى في تعامل المجتمع الدولي مع الإرهاب على الصعيد العالمي.

وأمام هذا الوضع الخطير قامت مجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية إلى إتخاد موقفها من الإرهاب ومنها منظمة الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية، وذلك لأخذ التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب بشتى الطرق.

والتزاما من المغرب في المساهمة الفعالة في الحفاظ على الأمن و السلام الدوليين فقد أعرب و في العديد من المناسبات عن إدانته الكاملة و اللامشروطة لمختلف الجرائم الإرهابية التي تقع في مختلف بقاع العالم 3.

لكن مما زاد من تعقيد هذه الظاهرة، ارتباطها بما أسماه البعض بالتطرف الديني، ففي الوقت الذي كان يتم الحديث عن العنف المسلح لدى الجماعات الإسلامية كشكل من أشكال الإرهاب الديني في بعض الدول العربية مند سنوات، لم يكن أي محلل سياسيي يتصور أن يكون للتطرف الديني بالمغرب هذا التطور و الزخم السريع الذي ألقى به على واجهة الأحداث بعد العمليات الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء يوم 16 ماي 2003، و عندما أصبح الحديث عن مشكلة التطرف و الإرهاب تفرض نفسها و تشغل الرأي العام لما شهادته الساحة في الآونة الأخيرة من موجات التطرف ديني اختلفت مسمياتها من جماعة الصراط المستقيم و الهجرة و التكفير و السلفية الجهادية و غيرها … و التي اعتنقت جميعها عقيدة الإرهاب فأباحت لنفسها سفك دماء الأبرياء و استحلال أموالهم و إهدار أرواح المخالفين لمبادئها زعما منها بأن المجتمع يعيش جاهلية ما قبل الإسلام مما بات معه تكفير أفراده حكما و محكومين لاحتكامهم إلى قوانين الوضعية4.

وهكذا، وأمام الفراغ التشريعي الذي كان يعرفه القانون المغربي في معالجته للأحكام الجريمة الإرهابية سواء في القواعد الموضوعية أو الإجراءات المسطرية.

و نظرا لما شاهده المغرب في السنوات الأخيرة من صور جديدة للجريمة لم يكن يعرفها المجتمع المغربي من قبل و التي استهدفت أساسا الإخلال بالنظام العام و تعريض أمن المجتمع وسلامته للخطر، اقتضت الضرورة مواجهة هذه الأفعال إتقاءا لأثارها المدمرة و ذلك لموجهتها تشريعيا بكل حسم، مما أدى إلى إصدار قانون 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، وذلك بعد تأكيد جلالة الملك محمد السادس لذلك5.

وقد تطرق هذا القانون إلى تضمين ثلاثة مواضيع أساسية تكتسي أهمية بالغة، و يتجلى أولها في تجريم الأفعال التي تدخل ضمن الجريمة الإرهابية و العقوبات الزجرية المتعلقة بها، و ثانيها في وضع القواعد المسطرية، أما ثالثها وأخرها فيتجلى في معالجة المعلومات المالية وقمع تحركات الأموال المخصصة لتمويل الإرهاب