اٍخلاء السبيل فى التشريع السوري

اعداد/ وائل فاروق عبد الغفورالمحامى

أولاً : تعريف إخلاء السبيل :

لم يضع المشرع السوري تعريفاً لمفهوم إخلاء السبيل ، كما وأنه من خلال دراستي بعض المؤلفات القانونية التي استقيت منها بحثي هذا ، لم أعثر في طياتها على أي تعريف لمفهوم إخلاء السبيل ، إلا أنني يمكن أن أعرفه على الشكل الآتي : (( هو الإفراج عن الشخص الطبيعي الموقوف توقيفاً احتياطياً (احترازياً) وإطلاق سراحه من دار التوقيف ، بقرار صادر عن السلطة القضائية المختصة )).

ثانياً : شروط إخلاء السبيل :

يمكن تحديد شروط إخلاء السبيل بشكل عام بما يلي :

1- تقديم الاستدعاء :
في حال – إخلاء السبيل الجوازي – لا بد للموقوف أو وكيله القانوني من تقديم استدعاء ، أو طلب للجهة القضائية الواضعة يدها على الدعوى (( قاضي تحقيق – محكمة )) يلتمس فيه إخلاء سبيله ، وللمدعى عليه أن يطلب في محضر استجوابه أمام قاضي التحقيق ، أو الإحالة ، أو أثناء جلسات المحاكمة إخلاء سبيله .

ولا يخضع الاستدعاء لأية قيود شكلية سوى رسم الطابع ، وينظر في هذا الاستدعاء في غرفة المذاكرة ، وذلك بعد استطلاع رأي النائب العام ، إلا أن رأي النائب العام ليس ملزماً للقاضي ، باعتبار أن النيابة يبقى لها حق الطعن في القرار فيما لو كان يقبل ذلك ، وللموقوف أن يكرر طلب إخلاء سبيله ولو رفض الطلب السابق (( إن رد طلب إخلاء السبيل لا يمنع من تجديده ، ولا يحول دون إجابته ، ولاسيما إذا مضت مدة على رد الطلب السابق )).

2- تعهد بالحضور والتنفيذ :
فلا بد أن يتعهد الموقوف بحضور جميع المعاملات ، كلما طلب منه ذلك ، ويشمل التعهد أيضاً إنفاذ الحكم عند صدوره، وصيرورته مبرماً.

ويقصد بالمعاملات : إعادة استجواب المدعى عليه ، وحضوره معاملة الاستكتاب والتطبيق إذا كان الجرم المسند إليه جرم تزوير ، وحضوره لإجراء مقابلة بينه وبين بقية المدعى عليهم ، إذا كانت هناك ضرورة لذلك ، كما هي الحال عند تناقض أقوال المدعى عليه ، وإصرار كل منهم على أقواله التي أدلى بها لدى قاضي التحقيق وهذه المعاملات على سبيل المثال لا الحصر.

3- اتخاذ موطن :
على الموقوف في طلب إخلاء السبيل اتخاذ موطن مختار له ، وذلك في دائرة قاضي التحقيق ، أو المحكمة التي قررت إخلاء سبيله ، ويبدو أن الهدف من وراء ذلك سهولة إمكانية تبليغ القرارات الصادرة عن القاضي ، أو المحكمة .

(( ….. وينبغي اتخاذ هذا الموطن إما في استدعاء طلب التخلية ، أو بعد اتخاذ قرار تخلية السبيل وقبل تنفيذه )).

4- صدور القرار وإبرامه :
فالجهة القضائية التي قدم إليها طلب إخلاء السبيل لا بد لها من أن تتخذ موقفاً من هذا الطلب ، فتصدر قرارها المان أو المانع ، وذلك بعد استطلاع رأي النيابة العامة وبما أن موقف الجهة القضائية الناظرة في الطلب يتجلى بصورة قرار فلا بد من أن يكون هذا القرار :

أولاً: موشحاً باسم الشعب العربي في سورية ، وأن يذكر فيه اسم القاضي ، أو الهيئة التي اشتركت في صدور القــرار
(( يتعين أن تتوج قرارات إخلاء السبيل بعبارة باسم الشعب العربي في سورية وتذكر أسماء الهيئة فيها )).

ثانياً: أن يكون معللاً ومسبباً: (( لا يجوز رد طلب إخلاء السبيل دون تبيان الأسباب القانونية )).
والحقيقة أنه لا بد من أن يكون هذا التعليل منطقياً ، وموضوعياً ، يرتكز إلى مستند قانوني (( إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ، اعتمدت إخلاء سبيل الطاعن تأسيساً على مراجعة زوجته الحامل ، وأولاده الكثر وفقرهم الظاهر ومن حيث أن هذا التعليل العاطفي لا يصلح سنداً للإجراءات القضائية مما يجعل القرار المنوه به مشوباً بقصور الاستدلال وحرياً بالنقض )).

5- تبليغ القرار :
بعد صدور القرار ، لا بد من إبلاغه لذوي الشأن إلا إذا كان صادراً عن محكمة الدرجة الأخيرة فإنه لا حاجة لتبليغه لأنه في هذه الحالة يصدر مبرماً لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة ولا بد من عرض القرار على النيابة العامة للمشاهدة والتي لها حق الطعن بالقرار إذا كان صادراً خلافاً لمطالبتها فيما إذا كان القرار يقبل الطعن أما إذا كان القرار قد صدر وفقاً للمطالبة فلا حاجة لإبلاغها القرار ، كما أنه لا بد من إبلاغ المدعي الشخصي مضمون القرار إذا كان القرار ذا صيغة مانحة ، أما إذا كان القرار ذا صيغة مانعة ، فإنه يبلغ للمستدعي ، الذي له حق الطعن في القرار إذا كان يقبل ذلك.

6- تأدية الكفالة:
قد يصدر القرار المانح متضمناً تحديد مقدار الكفالة في كل من قسميها ، ففي هذه الحالة ، يعلق إخلاء السبيل على شرط تأدية الكفالة وفقاً لمنطوق القرار ، ويراعى عند تقدير الكفالة وضع المدعى عليه المادي ، حيث يجب ملاحظة يسره وعسره وثروته ، وذلك لأن المساواة بين الفقير والغني بدل الكفالة أمر غير وارد في هذا الخصوص ، كما يجب ملاحظة نوع الجريمة المسندة للموقوف ، إذ يختلف مقدارها بين جناية وجناية ، وبين جنحة وأخرى إلا أنه للموقوف حق الطعن بالقرار لجهة الكفالة إذا كانت كبيرة وذلك بغية تنزيلها.
وللأسف هناك دعاوى بالرغم من جميع المستندات التي تثبتت حق المدعي مادياً ، فإنه رغم ذلك يتم إخلاء سبيل الموقوف المدعى عليه بكفالة لا تتجاوز / 500 / ل.س ، يميع بعدها حق المدعي بجرم الاحتيال أو إساءة الأمانة .
ويجدر بالذكر بأنه يجب أن يعدّل هذا بالإخلاء لصالح المدعي إذا كان حقّه حقاً مالياً ، وفي هذه الحالة يجب أن لا يُخلى سبيله إلا بكفالة تعادل المبلغ المدعى به أو بكفالة عينية تحقيقاً للعدالة ، وهذا ما أفرزته الحياة العملية .

ثالثاً : الجهة القضائية المختصة بتقرير إخلاء السبيل :
(( 1- للمدعى عليه ، والظنين ، والمتهم ، أن يطلبوا تخلية السبيل أياً كان نوع الجرم ، وفي جميع أدوار التحقيق والمحاكمة وذلك مع مراعاة أحكام المادة / 130 /.
2- يقدم الطلب إلى قاضي التحقيق ، أو قاضي الإحالة ، بحسب الحال ، وفي أثناء المحاكمة إلى المحكمة الناظرة في الدعوى.
3- ولا يحق لقاضي التحقيق ، أو قاضي الإحالة ، بعد إصدار قرار الظن أو الاتهام ، ولا للمحكمة ، بعد الحكم بالدعوى ، النظر في تخلية السبيل ، وإنما يعود هذا الأمر للمرجع الذي رفعت إليه الدعوى.
4- أما إذا قضى القرار الصادر عن قاضي التحقيق ، أو الإحالة ، أو عن المحكمة ، بعدم الاختصاص ، فيبقى النظر في تخلية السبيل عائداً إلى المرجع الذي أصدر القرار ، وذلك إلى أن تفصل مسألة الاختصاص )).

إذاً : للموقوف ، أو وكيله القانوني ، التماس إخلاء السبيل ، وذلك وفق الشروط المبينة آنفاً ، ويقدم إلى الجهة القضائية المختصة ، والواضعة يدها على الدعوى.
فيجوز تقديم طلب إخلاء السبيل سواء أكان ذلك في مرحلة التحقيق ( قاضي التحقيق – قاضي الإحالة – محكمة النقض ) ، أو في مرحلة المحاكمة ( صلح – بداية – استئناف – جنايات – نقض ) فيما لو كانت هذه الأخيرة محكمة موضوع وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أنه (( لا يجوز للهيئة المناوبة في العطلة القضائية الموافقة على إخلاء سبيل متهم إذا كانت الهيئة الأصلية قد رفضت ذلك سابقاً )).
إلا أنه فيما لو أثيرت مسألة الاختصاص ، وقرر القاضي ، أو المحكمة ، عدم الاختصاص ، فإن هذا المرجع الذي أصدر قراره بعدم الاختصاص يبقى هو وحده صاحب الولاية للنظر في طلب إخلاء السبيل ريثما ينتهي البت بهذه المسألة وذلك رحمة ورأفة من المشرع بحال الموقوف ، خشية الإطالة بمسألة البت بموضوع الاختصاص.