غرامة الحرمان في الاكرية التجارية

الاستاذة سماح الطرابلسي

اقتضت النظرّيّة التقليديّة للالتزامات و التي هيمنت الى حدود القرن التاسع عشر أنّ تكون إرادة الأطراف العنصر الأساسي لكلّ عقد و ترتكز هذه النظريّة على مبدأ سلطان الإرادة الذي مفاده أنه لا يمكن للإلتزام أن ينشأ إلاّ إذا أراده صاحبه فوحدها إرادة المتعاقدين هي التي تخلق العقد و تنتج آثاره.

و مبدأ سلطان الإرادة في الإلتزامات يبقي لكلّ شخص الحريّة في التعاقد أو في عدم التعاقد و الحريّة في اختيار معاقده و في تحديد شروط الإتفاق من حيث المكان و الزمان و المحتوى و الشكل و المدّة.

و قد كرّس المشرّع التونسي مثلما فعل نظيره الفرنسي هذه النظرية في الفصول 726 إلى 827 من م.إ.ع المنظمة لعقد الكراء.

غير أننا نلاحظ حاليا أنّ نظرية سلطان الإرادة لم تعد تهمين على قانوننا الوضعي بإعتبار أن تدخل الدولة في العلاقات الرابطة بين الخواص بدأ يتزايد شيئا فشيئا2. فأصبحت حريّة التعاقد محاطة بعدّة قيود ناشئة عن اعتبارات اقتصاديّة و اجتماعية لذلك كان من الضروري أن يقع توجيه الإرادات بطريقة لا تؤدي إلى خلق الفوضى و التعسف في المعاملات.

و من نتائج هذا المنحي ان ظهر نظام عام جديد يختلف عن النظام العام التقليدي إلا و هو النظام العام الاقتصادي الذي يهدف إلى التنسيق بين الأنشطة الإقتصادية للأفراد و حماية الطرف الضعيف في العقد و بصفة أعمّ يرمي إلى تنظيم الروابط التعاقديّة 3

فبرز إلى الوجود التشريع الخاص بالأكرية 4 الذي كرّس حق الملكيّة التجارية فخوّل للتاجر المتسوّغ حق الحصول من مالك العقار على تجديد ايجاره عند حلول الأجل أو على تعويض كافة الخسائر التي تناله من عدم التجديد ، و يسمى هذا التعويض ” غرامة الحرمان ” ، محترما في ذلك حق الملكية العقارية الراجعة لصاحب المحل و التي تُبقي على إرادة مالكه في رفض تجديد الإيجار5 .

و لقد مرّت الملكيّة التجارية بعدّة تطوّرات فأول نص قانوني أنشأ الملكية التجاريّة بتونس هو أمر 26 أكتوبر 1926 الذي يتطابق مع القانون الفرنسي المؤرخ في 30 جوان 1926. و توالت عدّة تعديلات على هذا الأمر إلى أنّ نسخ بمقتضى الأمر المؤرخ في 27 ديسمبر 1954 6 و لم يقع تعديل أمر 1954 طيلة مدّة العمل به إلاّ مرّة واحدة بالقانون عدد 58 لسنـ1976ـة المؤرخ في 11 جوان 1976 الذي عدّل الفصل الثامن منه المتعلق بكيفية تقدير غرامة الحرمان.

و استمر العمل بأمر 27 ديسمبر 1954 إلى أن وقع نسخة بالقانون الجديد عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25 ماي 1977 المنظم للعلاقات بين المسوغين و المتسوغين ” فيما يخص تجديد كراء العقارات أو المحلات ذات الإستعمال التجاري أو الصناعي أو المستعملة في الحرف ” و هذا القانون هو المنطبق منذ صُدوره إلى اليوم على الأكرية التجارية .

و لا يختلف قانون 25 ماي 1977 عن أمر 27 ديسمبر 1954 اختلافا جذريا ، إذ نجد نفس المبادئ الأساسية و القواعد الجهوية في القانونين . و تنحصر التعديلات التي أدخلت على القانون الجديد ، و الملهمة من التجربة

فقد وقع حذف التفرقة بين الأكرية الشفاهيّة و الأكرية الكتابية و أصبحت مدّة الاستغلال ، التي تمنح الحق في تجديد الإيجار وعند الإقتضاء غرامة الحرمان ، سنتين فقط مهما كانت طبيعة الكراء 7.

التغيير الثاني يتعلّق بشكل التنبيه الذي أصبح يوجّه في جميع الحالات بواسطة عدل منفذ وتمّ إقصاء طريقة الإعلام بمكتوب مضمون الوصول مع الإعلام ببلوغه.

أمّا بقيّة التعديلات فتمحْورت حول طريقة تقدير غرامة الحرمان ، وتعديل معينات الأكرية التجارية أو المجددة ، والإجراءات المتبعة لدى المحاكم لفضّ النزاعات المثارة بين المسوّغين و المتسوّغين والمتعلّقة بالأكرية التجاريّة.

وتعدّ غرامة الحرمان إحدى الوسائل الحمائية التي أقرّها المشرّع ضمن قانون الأكرية التجارية لحماية الأصول التجارية فقد نصّ الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 أنّه ” يمكن للمسوغ أن يفرض تجديد التسويغ ومع ذلك فإنّ المسوّغ يجب عليه فيما عدا الإستثناءات المنصوص عليها بالفصل الثامن و الفصول التابعة له أن يدفع للمتسوّغ المحروم من التجديد منحة تعرف بمنحة الحرمان تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد…”

ومن الضروري أن نبحث عن الطبيعة القانونية لغرامة الحرمان (I) و عن الأساس القانوني الذي إعتمده المشرّع كركيزة لمنح التمسوّغ الحق في هذه الغرامة (II).

الطبيعة القانونية لغرامة الحرمان
ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار غرامة الحرمان صورة تطبيقية لنظرية التّعسّف في استعمال الحق . وهذا التفسير منقوص من الناحية القانونية لأنّ التعسّف في إستعمال الحق يفترض نية الإضرار بالغير وغياب المصلحة الخاصة ، و هذان العنصران ينعدمان عنـــــد ممارسة المالك لحقّه في إسترجاع عقاره .إضافة إلى ذلك فإنّ حق المتسوّغ في غرامة الحرمان مستمد من القانون وهو حقّ من نوع خاص.

تمثّل غرامة الحرمان تعويضا عن الضرر الذي يلحق المتسوّغ من جرّاء رفض تجديد إيجاره التجاري. وقد كرّس التشريع الخاص المنظم للعلاقات بين المسوّغين و المتسوّغين فيما يخصّ تجديد أكرية المحلات التجارية ، هذه الصبغة التعويضّة لغرامة الحرمان إذا اقتضى الفصل السابع من قانون 1977 في فقرته الأولى أنّ هذه الغرامة يجب أن ” تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد ” وقد بيّنت المحكمة الابتدائية بصفاقس منذ سنة 1955 بوضوح الصيغة التعويضيّة لغرامة الحرمان 8.

و تجدر الإشارة إلى أنّ المشرع التونسي أكّد على الصبغة التعويضيّة لغرامة الحرمان في أمر 27 ديسمبر 1954 و أقرّها صلب قانون 1977 فقد اقتضت الفقرة الثانية من الفصل الثامن من أمر 1954 قبل تنقيحه بمقتضى القانون المؤرخ في 11 جوان 1976 أنه ” يجب على المحكمة ذات النظر لتعيين المنحة أن تعتبر جميع أصول الخسارة التي تلحق المتسوغ و الربح الذي يُحرم منه بسبب الحرمان من التجديد “.

و يتضح من هذه المقتضيات أن المشرّع كرّس المفهوم التقليدي للخسارة التي تتضمن علاوة على الخسارة اللاحقة، النقص في الأرباح، مثلما عرّفها الفصل 278 من م.إ.ع.

فضلا عن ذلك فقد نصّت الفقرة الأخيرة من الفصل الثامن من أمر 1954 على أن ” المنحة المذكورة تكون على الأقل مساوية لقيمة الملك التجاري إلاّ في صورة ما إذا أثبت أن المتسوغ المحروم من التجديد يملك أملاكا تجارية أخرى أو أن المحل المتحدث عنه يأوي نيابة تجاريّة أو في صورة ما إذا أقام المالك الدليل على كون الضرر أقل 9 هذه الفقرة تعبّـر بوضوح عن رغبة المشرّع في تقديره غرامة عادلة من قبل القاضي رغم أنها تمكّن هذا الأخير في مرحلة ثانية من تقدير الغرامة بمبلغ أقل من قيمة الأصل التجاري.

في الواقع هذه الفقرة لا تشكّل سوى قلبا لعبء الإثبات فعوض أن نجبر المتسوغ على إثبات الضرر ، وضع المشرّع قرينة على أن الضرر يساوي دائما قيمة الأصل التجاري و مكّن في المقابل المسوغ من دحض هذه القرينة و اثبات أنّ الضرر كان أقلّ من قيمة الأصل التجاري.

بقطع النظر عن مسألة الإثبات الواردة بالفقرة الأخيرة من الفصل الثامن – و التي تمّ حذفها سنة 1976 فإن قانون 25 ماي 1977 لم يدخل تغييرات جذرية على النص القديم و بقي الضرر الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها القاضي في تقدير التعويض. فقد نصّت الفقرة الثانية من الفصل السابع من قانون 1977 على أن غرامة الحرمان يجب أن ” تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد ، و تشمل هاته المنحة بالخصوص قيمة الأصل التجاري عند التعامل و تضبط القيمة المذكورة حسب تقاليد المهنة و تضاف إليها المصاريف العادية للنقل و الانتصاب من جديد و كذلك المصاريف و معاليم التسجيل الواجب دفعها في صورة شراء أصل تجاري له نفس القيمة”.

إذن يتضح جليا أن غرامة الحرمان لها صبغة تعويضيّة لذلك لا يمكن اعتبارها تقوم مقام الأصل التجاري في الذمة المالية للمتسوغ المحروم من التجديد و بالتالي لا يجوز للدائنين المرتهنين أن يمارسوا امتيازهم على مبلغ غرامة الحرمان 10 .

إذا كانت غرامة الحرمان تمثل تعويضا عن الضرر الذي يلحق المتسوّغ من جرّاء رفض التجديد فما هو أساسها القانوني .

الأساس القانوني لغرامة الحرمان :
يعد قانون 25 ماي 1977 قانونا حمائيا بإعتبار أنه أنشأ حق الملكية التجارية و حاول حمايتها ، بمقتضى أحكام خاصة ، من تعسّف المالك في ممارسة حقه على العقار استنادا على ما منحه إيّاه حق الملكيّة العقاريّة من امتيازات.

و تشكل غرامة الحرمان احدى الوسائل التي كرّسها المشرّع لحماية الأصول التجارية من التلاشي إضافة إلى المبادئ العامة التي رسمها قانون 1977 لتطبيق أحكامه على الأكرية التجاريّة .

فللمطالبة بغرامة الحرمان ، يجب أن تتوفر الشروط العامة لتطبيق قانون الأكرية التجارية ، و هذه الشروط تقتضي توفر أصل تجاري يستغلّ بالمكرى 11 فتحديد نطاق تطبيق قانون 1977 صلب الفصل الأول من القانون المذكور يعبّر عن إرادة المشرّع في حماية الأصل التجاري .

كما أنه لا يمكن للمتسوّغ أن ينتفع بغرامة الحرمان في صورة رفض تجديد الكراء إلاّ إذا كان حقّه في ذلك التجديد قائما . و هذا يفترض أن يستغل المتسوّغ أصلا تجاريا . مثلما عرّفه الفصل 189 من م.ت بالمُكرى لمدّة سنتين على الأقل 12 . و اشتراط مدة السنتين يُعتبر من مظاهر حماية الأصل التجاري ذلك أن هذا الأخير لا يتكوّن إلاّ خلال تلك المدّة و بالتالي لا يمكن حماية النشاط التجاري المستغل بالمُكرى لمدّة تقلّ عن السنتين لان ذلك النشاط لا يشكّل أصلا تجاريا يستدعي حمايته من التلاشي بسبب استرجاع المالك لعقاره.

و نلاحظ أن حماية الأصل التجاري تمثل الأساس المعتمد من المشرع لانتفاع المتسوّغ بغرامة الحرمان سواء من خلال الشروط العامة لتطبيق قانون الأكرية التجارية أو من خلال الأحكام الخاصة بغرامة الحرمان و بالتحديد الفصل السابع من قانون 1977 الذي جاء بفقرته الثانية أن الغرامة تشمل ” بالخصوص قيمة الأصل التجاري عند التعامل ” . فقيمة الأصل التجاري تمثل القاعدة في احتساب مبلغ غرامة الحرمان .

في الختام تجدر الإشارة إلى أن غرامة الحرمان لها صبغة تعويضيّة إذ تمثل المقابل للضرر الذي يلحق المتسوغ المحروم من التجديد باعتبار أنّ رفض التجديد يشكّل حاجزا لاستمرارية استغلال النشاط التجاري و من ثمّة فهي تمثل مظهرا من مظاهر الحماية للأصل التجاري .

و يثير موضوع غرامة الحرمان إشكالات كثيرة منها ما يهمّ الدراسة النظرية و منها ما يمس التطبيقات ، و لعلّ النوع الثاني هو الغالب و هو الذي سنركز عليه هذه الدراسة باعتبار قراءات في النصوص القانونية و حلول ارتآها فقه القضاء أمام بعض هذه الإشكالات.

و لهذا الغرض وقع الاعتماد على تخطيط مبسط لانجاز هذه الدراسة وذلك بالتركيز في الجزء الأوّل منها على مختلف الشروط للانتفاع بغرامة الحرمان ، أمّا الجزء الثاني فهو يتناول مسألة تقدير غرامة الحرمان .

الجُـزء الأول :شروط الانتفـــاع بغرامة الحرمان

يعتبر حق مالك العقار في رفض تجديد الإيجار حقا مطلقا و قد كرس المشرّع التونسي هذا الحق ضمن الفصل 791 من م.إ.ع الذي اقتضى و أن عقد الكراء ينتهي بمجرّد انتهاء مدته المشروطة بين المتعاقدين . و هذا المبدأ هو نتيجة حتمية لحرية التعاقد من جهة و لحق الملكية العقارية من جهة ثانية 13 . إلاّ أنّ المشرّع حاول بسنّه للقانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25 ماي 1977 و المتعلق بتنظيم كراء ” المحلات ذات الاستعمال التجاري أو الصناعي أو المستعملة في الحرف ” أن يحقق توازنا بين الملكية العقارية و الملكية التجارية التي تقتضي حماية حق المتسوغين التجار في الإيجار لذلك منح التاجر المتسوّغ حق الحصول على تجديد كراء المحل التجاري الذي يشغله عند انتهاء مدته العادية 14 و عند رفض تجديد الإيجار من قبل المسوّغ لمالك المحل حق المطالبة بغرامة الحرمان مخصّصة لجبر الضرر الذي يلحقه من جراء رفض التجديد .

و قد نصّ الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 ، الذي يقابله الفصل الثامن من أمر 27 ديسمبر 1954 ، صراحة على غرامة الحرمان إذ جاء به ” يمكن للمسوّغ أن يرفض تجديد التسويغ و مع ذلك فإن المسوّغ يجب عليه فيما عدا الإستثناءات المنصوص عليها بالفصل الثامن و الفصول التابعة له أن يدفع للمتسوغ المحروم من التجديد منحة تعرف بمنحة الحرمان تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد “.

و هذه الأحكام الواردة بالفصل السابع المذكور و التي تخوّل لمالك العقار أن يرفض تجديد الإيجار بصفة ” تعسّفية ” 15 يبقي من جهة على حق التصدر أو الصدارة الذي تحتله الملكية العقارية ، و من جهة ثانية ” تدل على أن الملكيّة التجاريّة ليست حقا عينيا إذ لا تسند لصاحبها إلاّ حقا شخصيا ضد المسوّغ الذي يكون مطالبا فقط بدفع غرامة الحرمان عند رفض التجديد .

و إستنادا لهذه المعطيات أخضع المشرع حق المطالبة بغرامة الحرمان من قبل المتسوغ لعدّة شروط إذ يجب على المتسوّغ أن يمارس حقه في تجديد الإيجار الذي لا يمكن أن ينشأ إلاّ إذا توفرت في صاحبه الشروط التي تمكنه من الحصول على ذلك التجديد يجابهه المسوّغ بالرفض .

لـذا نتعرض بالتعاقب إلى اكتساب المتسوّغ الحق في تجديد الإيجار (الفصل الأول) ثم إلى رفض التجديد من قبل المسوّغ (الفصل الثاني) .

الفصل الأوّل : اكتساب حق التجديد من قبل المتسوّغ :

إقتضى الفصل الأوّل من قانون 25 ماي 1977 ما يلي : ” تنطبق أحكام هذا القانون على عقود تسويغ العقارات و المحلات التي يستغل بها ملك تجاري طيلة عامية متتاليين على الأقل سواء أكان على ملك تاجر أو صاحب صناعة أو صاحب حرفة ” .

في البداية لابدّ أن نوضّح مسألة أوّلية شكلية تتعلق بعبارة “ملك تجاري ” الواردة بهذا الفصل فنشير إلى أنّ المشرّع استعمل خطأ هذه العبارة و كان عليه أن يورد اللفظة الملائمة فيذكر ” أصل تجاري ” عوضا عن ” ملك تجاري “.

كما يتضح من مقتضيات هذا الفصل الأوّل أن الحق في تجديد الإيجار و عند رفضه المطالبة بغرامة الحرمان ، لا يثبت للتاجر المستأجر في جميع الحالات بل يتوقف إكتسابه عــلى توفر شروط معينة من جانبه تتمثل في وجود سند كرائي يستطيع بمقتضاه المطالبة بالتجديد وفق مقتضيات قانون الأكرية التجارية (المبحث الأول ) و استغلال أصل تجاري بالمكرى في مدّة محددة قانونا ( المبحث الثاني ).

المبحث الأوّل : وجود سند كرائي :

يمكن لكل شخص طبيعي كان أو معنوي أن ينتفع بحق التجديد إذا تبيّن أنه يشغل المحل بوجه الكراء و ذلك بإثبات وجود عقد كراء يربط بينه و بين صاحب المحل .

و يخضع إبرام عقد الكراء هذا إضافة إلى شروط الصحة التي يجب توفرها في سائر العقود و المتمثلة في وجود الرضا و الموضوع و السبب و الأهليّة ، إلى الشروط العامة الواردة بالمقالة الثالثة من الكتاب الثاني من م.إ.ع المنظمة لعقد الكراء بالفصل 726 و ما بعده من المجلة المذكورة .

علاوة على تلك الشروط فإنّ الكراء التجاري القابل للتجديد تطبيقا لقانون 25 ماي 1977 يجب أن يتعلّق مبدئيا بكراء عقار أو محل (فقرة أولى ) غير أنّ المشرّع أدخل عدّة استثناءات على هذا المبدأ باِعتبار أنّ الهدف من التسويغ الخاص بالأكرية التجارية هو حماية الأصل التجاري فوسع من ميدان تطبيق هذا القانون ليشمل كراء المحلات الفرعية و الأرضي البيضاء …. محتوى ما سنعرضه تحت عنوان “الأكرية المماثلة ” (فقرة ثانية).

فقرة أولى: كراء عقار أو محل :

تنطبق أحكام قانون 25 ماي 1977 على عقود تسويغ العقارات و المحلاّّت ذات الإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي .

نلاحظ أنّ المشرّع استعمل صلب الفصل الأوّل من قانون 25 ماي 1977 لفظتي ” العقارات ” و ” المحلاّت ” في نفس الوقت ، و قد يتبادر إلى الذهن من أوّل وهلة أن المشرّع وقع في التكرار فاللفظتان لا تختلفان في المعنى إلاّ أن هذا التكرار هو مقصود من المقنن إرادة منه في تسويغ مجال انطباق القانون ضرورة أن كلمة عقار هي أكثر شُمولا و أوسع معنى من كلمة محلّ التّي تخصّ جزءا من مجموع عقار .وقد بيّنت محكمة الاستئناف بباريس معنى ” المحل ” و اعتبرته المكان السيّج و المغطّى حيث يجب أن يمارس البيع ” lieu clos et couvert dans lequel doit s’exercer la vente ” 16

و حسب علمنا لم تتح الفرصة لفقه القضاء التونسي لكي يعطي تفسيرا لكلمة ” محلّ ” غير أنّه يمكن لفقه القضاء بمناسبة تفسير هذه الكلمة أن يرفع اللبس حول ما يبدو لأوّل وهلة تكرار تشريعيّا باستعمال كلمتي ” عقارات ” و محلات ” معا . و يمكننا أن نفسّر كلمتي “عقار” و ” محل” استنادا على أهميّة حرفاء أحد العناصر الأساسيّة للأصل التجاري باعتبار أنّ قانون 25 ماي 1977 مخصّص لحماية جميع الأماكن التي يمكن فيها قبول الحرفاء و تلبية خدماتهم . و هذا التفسير يزيح من ميدان تطبيق القانون المذكور عدّة أماكن ذات طبيعة خاصّة لا يمكن أن يقع فيها قبول الحُرفاء رغم كونها تستعمل للتجارة و نذكر على سبيل المثال الحيطان و الأعمدة المستغلّة للإشهار و كذلك الواجهات …

طرحت مسألة هامّة على المستوى العملي تعلقت بمدى تمتع المتسوّغ بحق التجديد بالنسبة لكراء محلات داخل مجمع تجاري أوسع .

و لقد كانت أهميّة الحرفاء في تكوين الأصل التجاري وراء هذا التساؤل ضرورة أن الإنتفاع بحق التجديد يفرض على المتسوّغ كسب حرفاء لخاصة نفسه حتى يكوّن أصلا تجاريا مميّزا . لذلك لا يحق للتاجر المتسوّغ أن يطالب بتجديد الإيجار إذا كان يستغل نشاطا غير مستقل عن النشاط الأصلي الموسّع مثل التاجر الذي يدير وكالة أسفار داخل نزل أو التاجر الذي يستغلّ دكان تبغ داخل مقهى .

و قد انتهج فقـه القضاء الفرنسي هذا المسلك و اعتبر حق التجديد منعدما بالنسبة للإستغلال الفرعـي الذي لا يستقبل حرفـاء مستقلين عـن الحرفاء التابعين للنشاط الرئيســي و قد تكوّن فقه قضاء غزير عرف بفقه قضاء ” مشرب ميدان السباق ” « buvettes des champs de course » حدده خاصة قرار الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب الفرنسية المؤرخ في 24 أفريل 1970 . 17

غير أن الأمر يختلف عندما يثبت المتسوغ أنه يملك حرفاء مستقلين خاصين به لا يشاركه فيهم صاحب النشاط الموسع ، ففي هذه الصورة يمكنه أن ينتفع بحق تجديد إيجاره .

لكن ما هو موقف فقه القضاء عندما يتعلق الأمر بكراء عقار أو محل مخصّص في جزء منه لاستغلال أصل تجاري ؟

قد يحصل أن تكون العين المؤجرة حيث يستغل الأصل التجاري مخصصة في جزء منها فقط للنشاط التجاري و الجزء الآخر يستعمل للسكنى و ذلك بمقتضى عقد كراء واحد.

و لم يكن موقف فقه القضاء فيما يخصّ تجديد هذه الاكرية سلبيا إذ منح كلّ من القضاء التونسي و الفرنسي لمتسوّغ المحلات المختلطة حق تجديد الإيجار و قد أسست المحاكم موقفها هذا على وجود الأصل التجاري الذي يجعل الكراء تجاريّا بأكمله . و هو الاتجاه المعتمد حتّى في الحالات التي يكون الجزء المخصص للسكنى أهمّ من حيث المساحة من الجزء المستغلّ للنشاط التجاري ، غير أنّ ذلك يجب أن يقع في إطار الإحترام الكامل لإرادة الطرفين المضمنة بعقد الكراء فإذا تضمن هذا الأخير إمكانية ممارسة تجارة معيّنة إلى جانب الإستعمال الأصلي للمكري فإن هذه الإمكانية لا تكفي ليصبح الكراء ذا صبغة تجاريّة 18 .

و نذكر أنه لا يمكن الحديث عن المحلات المختلطة إلاّ إذا تمّ تسويغ المحلات المستعملة للتجارة في جزء و للسكنى في جزء آخر بمقتضى نفس عقد الكراء 19 .

و يجب التفريق في هذا المجال بين كراء المحل التجاري و كراء الأصل التجاري ، فهذا الأخير لا يدخل تحت طائلة قانون 25 ماي 1977 الذي لا يحمي إلاّ الكراءات المتعلقة بالعقارات باعتبار أنّ الأصل التجاري هو منقول و ليس عقارا و أن كراءه خاضع لأحكام خاصة جاءت بها المجلة التجاريّة ضمن الفصول 230 و ما بعده من المجلة المذكورة.

و يتضح ممّا سبق ذكره أن كراء الأصل التجاري لا يمنح حق التجديد لمتسوّغ ذلك الأصل عند انتهاء مدته و لا يمكن أن يتمسك بهذا الحق إلاّ الشخص الذي يستغلّ أصلا تجاريا بصفة مالك و ليس بصفة متسوّغ.

و قد احترم القضاء التونسي هذا المبدأ إذ جاء بإحدى القرارات الهامة لمحكمة التعقيب أنّ ” كراء الأصل التجاري لا تخرج به ملكيّة الحق التجاري عن مكترى المحل و لا تولد منه علاقة كرائيّة مع المالك و لو تولى هذا الأخير قبض معين الكراء منه ( الفصل 230 من م.ت ) و لا تنفصل به العلاقة بين المالك و مكتري المحلّ و يبقى هذا الأخير على حقّه في استحقاق غرامة الحرمان عند تنهية العلاقة من المالك”.20

و يتفق هذا الاتجاه لمحكمة التعقيب مع مقتضيات المجلة التجارية المنظمة لكراء الأصل التجاري من جهة و مع أحكام الفقرة الثانية من الفصل الثالث من قانون 25 ماي 1977التي تنصّ على ما يلي : ” يمكن للمتسوّغ الذي يثبت بسبب شرعي أو الذي أعطى ملكه التجاري لوكالة حرة أن يتمسك بالتصرف الموجود .

فضلا عن ذلك فإن مسألة التفريق بين كراء المحل التجاري و كراء الأصل التجاري المستغل به تطرح إشكال دقيق يتعلق بكراء العقارات المخصّصة ، حيث لا يمكن أن يستغلّ سوى نوع واحد من الأنشطة ، مثل قاعة سينما ، الحمام ، الطاحونة … الخ ، بإعتبار أن التمييز بين مالك العقار و مالك الأصل التجاري يصعب الوقوف عليه.

فهل أن مالك العقار الذي يسوّغ قاعة سينما مثلا يعتبر أنّه سوّغ الأصل التجاري في نفس الوقت ؟

لقد اعتبرت بعض المحاكم الفرنسية أنّ ملكية العقار المخصص تؤدي إلى ملكية الأصل التجاري الذي يعتبر فرعا من ذلك العقار و رفضت تبعا لذلك التجديد كراء تلك المحلات . بيد أنّه يتضح من قرارت محكمة التعقيب الفرنسية أنّ المتسوّغ لعقار مخصص يمكن أن يكون مالكا للأصل التجاري المستغلّ بذلك العقار إذا ثبت و أنّه يملك حرفاء لخاصة نفسه 21

أمّا محكمة التعقيب التونسية فقد أبدت رأيها في هذا الموضوع بمناسبة نزاع أثير بين مالك حمّام و متسوّغ يتعلق بملكية الأصل التجاري المستغل بالمحلّ 23 طعنا في قرار محكمة الإستئناف بتونس التي رفضت دعوى المتسوغ حيث جاء بإحدى حيثيات القرار ” و حيث أن موضوع التسويغ في قضية الحال هو حمام له اسمه و عنوانه و مميزاته و مرافقه من الفرناق و البئر و النحاسة و سائر المهمات المعدة لاستعماله كحمام . و انه لم يسوّغ إلاّ لاستعماله بهذه الصفة التي كانت له من قبل 23 .

و قد نقضت محكمة التعقيب هذا القرار لان قضاة الموضوع لم يتثبتوا إن كان المسوّغ المالك هو الذي كوّن الحرفاء العنصر الأساسي لكلّ أصل تجاري.

و حسب رأينا يجب أن يستند القضاة على عناصر واقعية للوصول لتلكم النتيجة ، فإذا كان الأصل التجاري موجودا عند كراء العقار فإنه يتحتم اعتبار المسوّغ مالك ذلك الأصل . أمّا إذا أنشأ المتسوّغ الأصل التجاري خاصة إذا كان أوّل من استغلّ ذلك الأصل بالمكرى ، يصبح عندئذ المالك له.

فقرة ثانية : الأكرية المماثلة :

جاء الفصل الأول من قانون 25 ماي 1977 واضعا مبدءا حدد فيه مجال انطباق هذا القانون فلا تنطبق أحكامه إلاّ على عقود تسويغ العقارات و المحلات التي يستغل بها أصل تجاري . و يتضح من هذا الفصل أن الجهود التي تبذل في إنشاء و استغلال أصل تجاري لا تكتسي أهمية إلاّ في نطاق الإستقرار بمحل أو عقار مبنيّ .

إلاّ أن المشرّع أراد أن يوسع من ميدان تطبيق هذا القانون فأدخل على المبدأ المذكور عدة إستثناءات صلب الفصل الثاني ضرورة أن قانون الأكرية التجارية هو قانون حمائي و يجب أن تقع حماية الأصول التجاريّة من التلاشي . و شملت هذه الإستثناءات عقود تسويغ المحلات أو العقارات التابعة ، عقود تسويغ الأراضي البيضاء ، عقود تسويغ المحلات أو العقارات التي بها مؤسسات تعليم خاص ، عقود التسويغ الواقعة للبلديات ثم عقود تسويغ المحلات من قبل أشخاص معنوية عمومية .

كراء المحلات الفرعية أو التابعة للإستغلال الأصل التجاري :
ينص الفصل الثاني من قانون 25 ماي 1977 على ما يلي : ” تنطبق أحكام هذا القانون أيضا مع مراعاة مدّة الإستغلال المنصوص عليها بالفصل السابق على :

عقود تسويغ المحلات أو العقارات إذا كان إستعمالها لا بدّ منه لإستغلال الملك التجاري و عندما تكون على ملك مالك المحل أو العقار الذي به المحل الأصلي :

في صورة تعدّد المالكين فإن المحلات التابعة يجب أن تكون قد سوّغت بمرأى و مسمع من مسوغ أو من أحد المسوغين للمحلات التابعة قصد إستعمالها مع المحل الأصلي “.

الحماية القانونية الواردة بقانون الأكرية التجارية لا يمكن أن تشمل المحلات الفرعية إلاّ إذا توفرت في هذه الأخيرة شروطا عامة تتمثل فيما يلي : أولاّ يجب أن يكون استعمال هذه المحلات لا بد منه لإستغلال الأصل التجاري . ثانيا يجب أن تكون هذه المحلات ” على ملك مالك المحل أو العقار الذي به المحل الأصلي “. و عند الإقتضاء يجب أن يتوفر شرطا خاصا و هو أنّه في صورة تعدد المالكين فإنّ المحلات التابعة يجب أن تكون قد سوّغت بمرأى و مسمع من مسوغ أو من أحد المسوغين للمحلات التابعة قصد إستعمالها مع المحل الأصلي .

فمتى يكون المحل أصليا و متى يكون تبعيّا ؟

المحل الأصلي هو المحل الذي يستغل به الأصل التجاري و هو المحل الذي يستقبل فيه التاجر حفاؤه و يبرم معهم أعمالا تجارية فمجرّد قاعة العرض مثلا و التي لا تقع فيها عمليات البيع لا تشكل محلا أصليّا 24 أمّا المحلات التي تأوي فروع الشركات فهي تمثل محلات أصليّة رغم خضوعها للمؤسسة الأصلية بإعتبار أنه يمكن لكل فرع أن يكوّن حرفاء خاصين به . في حين أنه بالنسبة للمؤسسات الصناعية و التي تستغّل محلات خاصة بالمصانع و أخرى بالمكاتب ، حيث يستقبل الحرفاء ، فوحدها هذه الأخيرة تمثل المحل الأصلي حسب منطوق قانون 25 ماي 1977 لأنها تأوي إدارة الأعمال التجارية .

و لا يشكل المقر الإجتماعي الإداري لبعض الشركات التجارية محلا أصليا لأن الأعمال التجارية المبرمة مع الحرفاء تقع بمكاتب هذه الشركات .

و يستروح مما سبق بسطه أن المحل التابع يفترض إستغلال أصل تجاري بمحل آخر و هو مغاير بالضرورة عن المحل الذي يتعامل فيه الحرفاء مع التاجر و لا ينتفع بحق تجديد الإيجار إلاّ إذا كان ضروريا للنشاط الأصلي .

فما هو المعيار الذي يجب إعتماده لكي يعتبر المحل التابع ضروريا للنشاط الأصلي؟

وضعت محكمة التعقيب الفرنسية مبدأ مفاده أنه لا يعتبر المحل التابع ضروريا إلاّ إذا هدد فقدانه وجود النشاط التجاري و لا يعتبر كذلك إذا لم يؤثر إلاّ على أهمية مداخيل ذلك النشاط 25

و يبدو أن محكمة التعقيب التونسية تعتمد هذا المعيار فقد أيّدت محكمة الإستئناف – التي إعتبرت محلا تابعا مخصّصا لخزن السلع بسبب ضيق المحل الأصلي ، ضروريا لاستغلال الأصل التجاري و أكدت أنه إذا انعكس فقدان المحل التابع انعكاسا سيئا على نشاط المؤسسة فإن ذلك المحل يعد ضروريا للنشاط الأصلـي و لقضاة الموضوع السلطة التقديرية في تحديد وجــود تلك الميزة شريطة أن يعللوا حكمهم تعليلا قانونيا صائغا .26

كراء الأراضي البيضاء :
نذكّر أن الفصل الأول من قانون 25 ماي 1977 أزاح من نطاق تطبيقه الأراضي البيضاء عندما حصر مجاله في عقود تسويغ المحلات و العقارات ضرورة أن كلمة ” عقار ” الواردة بهذا الفصل ليست لها معنا واسع بل تنطبق على العقارات المبنيّة فحسب . غير أن الفصل الثاني من القانون المشار إليه جعل أحكامه تنطبق أيضا على ” 1 عقود تسويغ الأراضي البيضاء التي أقيمت عليها بعد التسويغ بناءات لإستعمال تجاري أو صناعي أو لحرفة بشرط أن تكون هاته البناءات قد أقيمت أو استعملت بموافقة المالك موافقة صريحة أو ضمنيّة “.

و يختلف هذا النص مع أمر 27 ديسمبر 1954 القديم و الأمر الفرنسي المؤرخ في 30/09/1953 ذلك أن أمر 1954 يتحدث عن البناءات التي أقيمت قبل التسويغ في حين أن قانون 1977 يتحدث عن البناءات المبنيّة بعد التسويغ و يكون بذلك النص الجديد قد رفع الغموض الذي يحوم حول الفقرة الثالثة من الفصل الأوّل من أمر 27 ديسمبر 1954 لأن وجود البناء بالأرض قبل إنعقاد الإيجار يجعل العقد شاملا للبناء من أوّل وهلة و حين إذن يصبح الكراء من مشمولات الفصل الأول من قانون 25 ماي 1977 .27

و ربما قصد المشرّع بالبناء الموجود قبل التسويغ في أمر 1954 البناء الذّي ليس على ملك صاحب الأرض البيضاء كأن يكون أقامه المتسوّغ نفسه الذي كان يتصرف في الأرض بإيجار سابق فإذا عقد له صاحب الأرض إيجارا جديدا فلا يمكنه أن يشمل فيه البناء لأنه ليس على ملكه بعد و يكون هذا الإيجار الجديد واقعا على أرض بيضاء أقيم عليها بناء قبل الإيجار 28.

و يجب أن يكون البناء ثابتا و ملتصقا بالأرض أمّا مجرّد البناءات الخفيفة و غير الثابتة و التي يستطيع المتسوغ إزالتها عند إنتهاء مدّة التسويغ فلا تدخل في معنى البناءات الواردة في الفصل المشار إليه أعلاه 29 .

فضلا عن ذلك فإن وجود بناءات فوق أراضي بيضاء لا يكفي لإدخال عقد التسويغ في ميدان تطبيق قانون الأكرية التجارية بل يجب أن تكون هذه البناءات لإستعمال تجاري أو صناعي أو لحرفة لناحية ، و بشرط أن تكون قد أقيمت أو استعملت بموافقة المالك موافقة صريحة أو ضمنية من ناحية ثانية .

و تجدر الملاحظة أن أمر 27 ديسمبر 1954 كان يوجب أن تكون موافقة المالك صريحة في حين أن قانون 25 ماي 1977 نصّ على أن موافقة المالك يمكن أن تكون صريحة أو ضمنية و يسهل هذا التعديل على المتسوّغ إثبات موافقة المالك و بالتالي فهو يدعم الملكية التجارية و يمكن أن تستنتج الموافقة الضمنية من خلال تدخّل المالك لاستخراج رخصة البناء مثلا أو من خلال سكوته و عدم معارضته رغم علمه بإقامة البناء فوق الأرض البيضاء .

كراء المحلات أو العقارات التي بها مؤسسات تعليم خاص :
تنطبق أحكام قانون 25 ماي 1977 أيضا ” 3- عقود تسويغ المحلات أو العقارات التي بها مؤسسات تعليم خاص ” الفصل الثاني من قانون 1977 . و يتضح من هذه الأحكام أن حماية القانون لم تشمل سوى مؤسسات التعليم الخاص دون المؤسسات العمومية للتعليم بإعتبار أن القانون لا يحمي الأكرية المبرمة من قبل الدولة

إضافة إلى ذلك فإن الفصل الثاني أدخل في نطاق تطبيق قانون 25 ماي 1977 مؤسسات التعليم الخاص ذات النشاط غير التجاري لان المؤسسات التي يكون نشاطها تجاريا فهي تدخل تحت طائلة الفصل الأول من القانون المذكور .

لكن هل تنتفع مؤسسات التعليم الأخرى بحق تجديد الإيجار مثل مدارس الرقص و روض الأطفال ؟

تجدر الإشارة إلى أن الفصل الثاني المشار إليه آنفا قد أورد الصور التي ينطبق فيها قانون الأكرية التجارية على سبيل الحصر لانها تعد استثناءات للمبدإ المضمن صلب الفصل الأول و بما أنه لا يجوز التوسع في الاستثناءات عملا بقاعدة الفصل 540 من م إ ع فان بقية مؤسسات التعليم لا تنتفع بحق التجديد تطبيقا للفصل الثاني من قانون 1977 . أمّا إذا ثبت أن تلك المؤسسات لها نشاطا تجاريا حينئذ تدخل تحت حماية قانون 25 ماي 1977 عملا بمقتضيات الفصل الأوّل من القانون المذكور و تتمتع بالتالي بحق تجديد الكراء .

و قد اعتبرت محكمة التعقيب رياض الأطفال من صنف المؤسسات التي شملها الفصل الثاني من قانون 1977 إذ جاء في قرارها المؤرخ في 7 سبتمبر 1988 أنّ ” رياض الأطفال التي بها بعض الفصول للتعليم الخاص تدخل في مشمولات الفصل الثاني من قانون الملك التجاري عدد 37 لسنة 1977 لأنها و ان كانت تخضع لاشراف وزارة التربية القومية إداريـــا إلاّ أنّ لها الإستقلال المالي بين المالك لهاته الرياض و المتسوغ لها 30 .

كما اقتضى الفصل الثاني من قانون 25 ماي 1977 أنّ أحكام هذا القانون تنطبق أيضا على : “4- عقود التسويغ الواقعة للبلديات فيما يخصّ عقارات أو محلات أعدّت وقت التسويغ أو بعده و بموافقة صريحة أو ضمنيّة من المالك لمصالح مستغلّة فرعيا طيلة عامين على أقل تقدير” .

و تنطبق أحكام قانون 1977 كذاك و “بقطع النظر على أحكام الفصلين 16 و17 من هذا القانون على عقود تسويغ العقارات أو المحلات التي هي على ملك الدولة أو البلديات أو المؤسسات العمومية أو التي هي ذات مصلحة عمومية و على عقود تسويغ العقارات المعدّة من طرف المجموعات لأشغال ذات مصلحة عمومية في صورة ما إذا كانت هاته العقارات أو محلات تتوفّر فيها الأحكام السابقة “31

ويتضح مما سبق بسطه أن حقّ تجديد الإيجار لا ينتفع به المتسوّغ إلاّ إذا توفّر في العقارات و المحلات المكتراة الشروط القانونية التي اوردها المشرّع صلب الفصلين الأول و الثاني من قانون 25 ماي 1977.

فضلا عن ذلك فقد أخضع المشرّع حقّ الإنتفاع بتجديد التسويغ إلى شروط أخرى نصّ عليها نفس الفصل الأول المذكور فأوجب على المتسوّغ أن يستغلّ أصلا تجاريا بالمكرى طيلة المدة القانونية .

المبحث الثاني :إستغلال أصل تجاري بالمكرى:

إنّ ملكية الأصل التجاري من قبل متسوّغ المحل لا تشكّل في ذاتها شرطا كافيا للتمتع بحقّ الملكية التجارية التي تفترض إضافة إلى ذلك إستغلال ذلك الأصل بالمكرى لمدّة محدّدة .

و قد نصّ الفصل الثالث من قانون 25 ماي 1977 على أنّه ” لا يمكن أن يطلب الحقّ في تجديد التسويغ إلاّ المتسوّغون أو الذين أحالوا الكراء أو أصحاب الحق الذين يثبتون أنّهم يتصرّفون في ملك تجاري شخصيا أو بواسطة نوّابهم و ذلك منذ عامين متتابعين “.

ويستشف من هذه الأحكام أنّ المشرّع لا يحمي أصحاب الكراءات التجارية بقدر ما يرمي إلى حماية الأشخاص الذين يمارسون نشاطا تجاريا بالمحلاّت ضرورة أنّ قانون الأكرية التجارية لا يحمي حق الإيجار و إنّما يحمي الأصول التجارية.

و لئن كان وجود الأصل التجاري أمرا ضروريا للحديث عن لستغلال ذلك الأصل بالمكرى فإنّه لا بدّ من إستمرار استغلاله طيلة المدّة المفروضة قانونا لذا ندرس في عنصرين متتاليين وجود الأصل التجاري (فقرة أولى ) ثمّ مدّة استغلال الأصل التجاري (فقرة ثانية ).

فقرة أولى : وجود أصل تجاري :

نصّ الفصل الأوّل من قانون 1977 على أنّ أحكام هذا القانون تنطبق “على تسويغ العقارات و المحلاّت التي يستغلّ بها ملك تجاري سواء أكان على ملك تاجر أو صاحب صناعة أو صاحب حرفة”.

لم يعرف المشرّع التونسي الأصل التجاري و اكتفى ببيان العناصر المكونة له صلب الفصل 189 من المجلة التجارية الذي جاء فيه :” تندرج في محتويات الأصل التجاري الأشياء المنقولة المخصّصة لممارسة أعمال التجارة ويشمل الأصل التجاري وجوبا الحرفاء و السمعة التجارية .

كما يشمل أيضا ما لم يقض نصّ بخلافه سائر الأشياء الأخرى اللازمة لاستغلال الأصل التجاري كعنوان المحلّ و الإسم التجاري و الحق في الإجارة و المعدّات و الآلات و السلع وبراءات الإٍختراع و علامات المعمل و الأشكال و النماذج وحقوق الملكية الأدبيّة و الفنيّة “.

هذه العناصر وردت على سبيل الذكر و الحرفاء هم أهم عنصر يكوّن الأصل التجاري .

و يتّضح من مقتضيات الفصل الأوّل من قانون 1977 أنّه لا يمكن أن ينتفع بحق التجديد إلاّ المتسوّغ الذي له صفة تاجر أو صناعي أو حرفي و يستغلّ أصلا تجاريا في المحلاّت المكتراة. كما يتبيّن أنّ نشاط المنتفع له أهمية في التمسّك بحق التجديد فوحده النشاط الذي يمكنه صاحبه من خلق اصل تجاري حقيقي يفتح المجال للمطالبة بحق التجديد و قد حصر المشرع هذا النشاط في التجارة و الصناعة و الحرفة .

و هكذا يُبعد المشرّع عن ميدان تطبيق قانون 1977 أصحاب المهن الحرة الذين لا يملكون سوى حرفاء مدنين ، و هؤلاء يخضعون في إكتسابهم إلى الثقة المستمدة من شخص صاحب المهنة مثل المحامي و الطبيب على خلاف الحرفاء التجاريين فاكتسابهم هو رهين الظروف و الشروط التي تستغل فيها التجارة أو الصناعة أو حتى الحرفة .

إن حماية أصحاب المهن الحرّة تخضع إلى قانون 18 أفريل 1976 المتعلق بضبط العلاقات بين المالكين و المكترين لمحلات معدّة للسكنى أو الحرفة أو الإدارة العمومية . بالمقابل فإن قانون 25 ماي 1977 لا يحمي إلا الأشخاص اللذين يملكون حرفاء تجاريين ، و يمكن لهؤلاء الأشخاص – و هم التجار و الصناعيين و الحرفيين – بحكم طبيعة نشاطهم أن يخلقوا أصلا تجاريا يصلح كإطار لممارسة الأعمال التجاريّة .

و تجدر الإشارة إلى أنّ مفهوم التاجر الذي قصده المشرّع صلب قانون 25 ماي 1977 لا يستجيب بالضرورة إلى المفهوم القانوني . فلقد عرّف الفصل الثاني من المجلة التجاريّة التاجر بكونه ” كلّ شخص اتخذ له حرفة من تعاطي أعمال الإنتاج أو التداول أو المضاربة أو التوسط فيما عدا الحالات المنصوص عليها بالقانون “. و يتضح أن هذا الفصل أدمج الصناعيين في صنف التجار. من جهة أخرى يضيف الفصل الثاني أنه ” يعدّ تاجرا بالخصوص كل من يباشر على وجه الإحتراف … صنع المواد المكيفة و تحويلها …” و يتبيّن لنا من خلال هذه المقتضيات أن كلمة تاجر في القانون التجاري لها معنى قانوني يختلف عن المعنى المألوف للكلمة و أن الصناعي يعدّ تاجر في المصطلح القانوني .

إضافة إلى ذلك فإنه يمكن أن ينتفع بحق التجديد كلّ تاجر – شخصا طبيعيا كان أو معنويا – يباشر نشاطا صناعيا أو تجاريا ، لذا فإنّ الشركات التي لها صفة التاجر بحكم شكلها ، مثل الشركات ذات المسؤولية المحدودة و الشركات الخفيّة الإسم ، لا ينتفع بحق التجديد إذ يجب أن تكون أيضا تجارية إستنادا إلى موضوعها فتمارس أعمالا تجارية كالتي نص عليها الفصل الثاني من المجلّة التجاريّة . مثال لا يمكن لشركة خفية الإسم ذات نشاط فلاحي أن تثير حق التجديد لأنها لئن كانت تجارية حسب شكلها 32 إلاّ ان موضوعها مدني بحت باعتبار أنها تمارس نشاطا فلاحيّا.

و قد اقصى المشرّع هذا النشاط عن الأعمال التجاريّة إذ نصّت الفقرة الأخيرة من الفصل الثاني من المجلة التجاريّة ” على أنه لا يعتبر تاجرا من كان يحترف الفلاحة إذا كان عمله مقصورا على تحويل محصولات أرضه و بيعها “. و بالتالي فإن تلك الشركة تحرم من الإنتفاع بحق تجديد كراء الأرض الفلاحيّة 33 و كذلك كراء المحل حيث تقوم ببيع انتاجها .

و قد يتبادر إلى الذهن التساؤل التالي : هل يعدّ تسجيل المتسوغ بالسجل التجاري شرطا ضروريا للإنتفاع بحق التجديد .

لم يحرم القضاء الفرنسي التجار غير المسجلين بالسجل التجاري من حق تجديد إيجارهم 34 بالرغم من أن أحكام الأمر المؤرخ في 16 ديسمبر 1958 نصّت على أن الأشخاص الطبيعيين و المعنويين الخاضعين للترسيم بالسجل التجاري و الذين لم يقوموا بالترسيم لا يمكنهم التمسك بصفة التاجر … غير أنّ المشرّع الفرنسي تدخّل بمقتضى قانون 12 ماي 1965 و عدّّل الفصل الأول من أمر 30 سبتمبر 1953 الذي أصبحت بمقتضاه أحكام قانون الأكرية تنطبق ” على التاجر أو الصناعي المسجّل بالسجل التجاري …”.

أمّا في القانون التونسي فلم يحتو قانون 25 ماي 1977 على تنصيص واحد يوجب على المستأجر الذي يتمسك بحق التجديد أن يكون مرسما بالسجل التجاري ثم إنّ أمر 16 جويلية 1926 الصادر بإحداث السجل التجاري و المنقح بالنصوص اللاحقة له لا ينتج أي أثر نتيجة الإخلال بهذا الالتزام المحمول على جميع التجار سوى تسليط خطية مالية .

إلى جانب التاجر و الصناعي فقد شمل قانون 1977 الحرفي – و الحرفي هو الشخص الذي يمارس بحكم العادة أعمالا يدوية يساهم في تنفيذها شخصيا أو بمساعدة يد عاملة محدودة و هو يعتمد في كسب رزقه مباشرة على تلك الأعمال. 35

غير أنه يصعب في بعض الحالات أن نميّز الحرفي عن التاجر المبتدئ أو الصناعي المبتدئ ، لكن يجب أن ندرك أنه لا يمكن للحرفي أن يخلق أصلا تجاريا حقيقيّا.

و لقد أثار الفصل الأوّل عدّة نقاشات تعلقت باقحام الحرفي في حماية قانون 25 ماي 1977 باعتبار أنّ الحرفي لا يملك أصلا تجاريا و لا يمكنه أن ينشئه نظرا للطابع الشخصي الذي يميّز حرفاؤه مما حدى بالبعض إلى القول بأن الحرفي لا ينتفع بحق تجديد الإيجار لإنعدام وجود الأصل التجاري.

حسب رأينا ، هذه النقاشات عقيمة و لا يمكن أن تجد صداها لأنه و لئن كان من غير الممكن للحرفي أن ينشئ أصلا تجاريا حقيقيّا فإن المشرّع نصّ صراحة صلب الفصل الأول من قانون الأكرية التجارية على أن الحرفي يمكن أن يملك أصلا تجاريا يدخل بمقتضاه تحت طائلة القانون المذكور و المطالبة تبعا لذلك بحق تجديد التسويغ.

إلاّ أن إرادة المشرّع لا تفيد التسليم بأن الحرفي ينتفع في جميع الحالات بقانون 25 ماي 1977 لذا يجب أن نتثبت من معطيات كلّ حالة على حدة لندرك متى يكوّن الحرفي أصلا تجاريّا لنسند له حق التجديد و عند الإقتضاء غرامة الحرمان .

و فعلا ، لقد أكّد كلّ من القضاء التونسي و القضاء الفرنسي أنّ الحرفي لا ينتفع بحق التجديد إلاّ إذا حدى به نشاطه إلى القيام بأعمال تجارية فيكون بذلك حرفي تاجر 36 .

فقرة ثانية : مدّة إستغلال الأصل التجاري :

جاء بمقتضيات الفصل الثالث من قانون 25 ماي 1977 أنه ” لا يمكن أن يطلب الحق في تجديد التسويغ إلاّ المتسوّغون … اللذين يثبتون أنهم يتصرفون في ملك تجاري … منذ عامين متتابعين “.

إن مدّة السنتين التي أوجبها المشرّع لينتفع المتسوغ بحق التجديد تتفق عادة و المدّة الضرورية التي يتمكن خلالها التاجر من خلق أصل تجاري حقيقي و انشاء حرفاء قارين و استغلال الأصل التجاري بالمكرى لمدّة أدناها سنتين لم يعد ضروريا للتمتع بحق التجديد فحسب و انما يعدّ أيضا شرطا جوهريا لانطباق أحكام قانون 25 ماي 1977 إذ نصّ الفصل الأول منه على أن أحكام هذا القانون تنطبق “على عقود تسويغ العقارات و المحلات التي يستغل بها ملك تجاري طيلة عامين متتاليين …”.

و قد رسّخ فقه القضاء التونسي هذا الاتجاه إذ اعتبرت محكمة التعقيب أن استغلال الأصل التجاري بالمكرى لمدّة تقل عن المدة المفروضة قانونا يجعل الإيجار خاضعا لأحكام القانون العام و لا يمكن تجديده تطبيقا للقانون الخاص بالأكرية التجاريّة 38 . و قد ذهبت محكمة التعقيب الى أكثر من ذلك إذ جاء في قرارها عدد 852 المؤرخ في 21 جويلية 1977 أن استغلال الأصل التجاري لفترة تقل عن الفترة التي أوجبها القانون بشهر واحد لا يمكنّ المتسوّغ من الانتفاع بقانون الأكرية التجارية 39

إضافة إلى ذلك يتضح من خلال أحكام الفصل الثالث من قانون 1977 :” المتسوّغون … الذين يثبتون أنهم يتصرفون في ملك تجاري … منذ عامين متتابعين “، أن مدة الاستغلال التي فرضها المشرّع لا تخصّ استغلال العين المؤجرة لمدّة سنتين و إنما المقصود بمدّة الاستغلال هو الاستغلال الفعلي للأصل التجاري . و هذا يعني أنّ المتسوّغ الذي ترك المحلات المكتراة مغلقة خلال سنة أولى ثم بدأ في استغلال أصله التجاري في سنة موالية لا يمكنه التمسك مبدئيّا بحق التجديد . فيجب إذن أن يتوفر في المتسوّغ هذا الشرط المتعلق بمدة استغلال الأصل التجاري و لا يكفي مجرد الانتفاع العادي بالعين المؤجرة الذي جعل هذا الاستغلال ممكنا ، و قد يحصل الانتفاع بالمحل بمجرة حفظ فواضل البضائع أو المعدات بعد غلق المتجر و ايقاف استغلال الأصل التجاري كما يحصل من مجرد مسك مفاتيح المحل و الاحتفاظ بالمحل و لو بدون استعماله في شيء مخصوص 40 .

إذن يجب أن يكون استغلال الأصل التجاري متواصلا بصفة فعليّة طيلة هذه المدّة ما لم يقم عذر شرعي يحول دون ذلك إذ نصت الفقرة الثانية من الفصل الثالث على أنه : ” يمكن للمتسوغ الذي يثبت بسبب شرعي أو الذي أعطى ملكه التجاري لوكالة حرّة أن يتمسك بالتصرف الموجود”.

و يتسم هذا النص بالغموض بإعتبار أن المشرع لم يحدد مفهوم ” السبب الشرعي ” الذي يحول دون إستغلال الأصل التجاري خلال هذه المدّة .

نشير إلى أنه في غياب هذا التحديد يبقى مفهوم ” السبب الشرعي ” خاضعا للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع و أن هذا السبب لا يعدّ بالضرورة قوّة قاهرة 41 . و يمكن أن يعتبر سببا شرعيا كلّ سبب يثبت التوقيف الوقتي للنشاط مثل المرض أو وفاة المتسوغ التي تعد عـذرا شرعيا لورثته أو إدخال تغييرات مادية على المحل لتعصيره أو كذلك التأخير في إنجاز الأشغال الضرورية الذي يتسبب فيه المسوغ 42 .

و حسب رأينا لا يجوز أن نغالي في فهم هذا الإستثناء الوارد بالفقرة الثانية فإنعدام الإستغلال لمدّة طويلة يؤدي إلى تلاشي الأصل التجاري و قد أكّدت محكمة التعقيب ذلك في قرارها المؤرخ في 06 ديسمبر 1979 و اعتبرت أنّ عدم إستغلال المكرى في أي نوع من النشاط التجاري مدة طويلة ينجرّ عنه انعدام عناصر الأصل التجاري و بالتالي عدم استحقاق غرامة حرمان 43 . و بالأحرى الحق في تجديد الإيجار . من ناحية ثانية و عندما يتعذّر على المتسوّغ استغلال الأصل شخصيا بسبب المرض مثلا فبإمكانه أن يسوّغ الأصل التجاري للحفاظ على مواصلة الإستغلال .

فضلا على ذلك ، و حفاظا على حق التاجر في تجديد تسويغه لم يخضع المشرّع حق التجديد للإستغلال الشخصي من قبل المتسوّغ إذ يمكن أن يطلب الحق في تجديد التسويغ ، المتسوّغون أو الذين أحالوا الكراء أو أصحاب الحق الذين يثبتون أنهم يتصرّفون في ملك تجاري شخصيا أو بواسطة نوابهم 44 .

و تجدر الإشارة إلى أن المطالبة بحق تجديد التسويغ تقتضي من المتسوغ أن يمارس نشاطه التجاري وفقا لإتفاق الذي يربطه بالمسوّغ و إستعمال المحل فيما خصص له ضمن العقد ذلك أن ممارسة أنواع مختلفة من التجارة على التعاقب دون مرور سنتين على كلّ نشاط لا تتوفر فيها وحدة الإستغلال المكوّنة للأصل التجاري ، لذا لا يجوز للمستأجر أن يغيّر النشاط المستغل بالمكرى قبل مدّة السنتين و إلاّ حرم من حقه في تجديد الإيجار .

فيما يخص احتساب مدّة الاستغلال فقد اقتضت الفقرة الرابعة من الفصل الثالث من قانون 25 ماي 1977 أنّ هذه المدّة ” تنتهي في تاريخ موفى عقدة الكراء أو عند الاقتضاء عند تجديدها كما نص على ذلك الفصل الرابع من هذا القانون و هذا التاريخ الأخير هو إمّا تاريخ التنبيه بالخروج أو انتهاء الأجل الإعتيادي الذي يتبع طلب تجديد الكراء ان صدر مطلب فيه “.

يستفاد من هذا النص أن الإيجار في مادة الملك التجاري لا ينتهي تلقائيا مهما كانت شروط العقد و لا ينتهي بأي طريقة كانت يعرب بها أحد الطرفين عن إرادته في إنهاء الإيجار كما هو الشأن في القانون العام و إنما ينتهي بالطريقة الوارد ذكرها آنفا.

و تحتسب مدّة الإستغلال بداية من تاريخ إنتهاء الكراء رجوعا إلى الوراء لذا يجب أن يكون الإستغلال موجودا في تاريخ انتهاء التسويغ فعلى المتسوغ أن يثبت أنه يتصرّف حاليّا في أصل تجاري منذ عامين متتاليين و لا يكفي أن يثبت أنه استغل في الماضي و لمدّة سنتين ذلك الأصل.

الفصل الثاني : رفض التجديد :

أبقى المشرّع على حق المسوغ في رفض تجديد الكراء التجاري عند انتهاء مدته و هذا الحق المطلق الممنوح للمؤجر يعبّر عن أولوية الحق العيني الذي عرف تقلّصا من جرّاء حق الملكية التجاريّة .

على أن المسوّغ في رفضه للتجديد يكون مطالبا بدفع غرامة قد تتجاوز في بعض الأحيان قيمة الأصل التجاري المستغل بالمحلات المكتراة لكن ذلك لا يعوقه دون ممارسة حقه في استرجاع تلك المحلات.

و قد تطوّر التشريع التونسي في إتجاه التقليص من حالات الإسترجاع دون دفع غرامة الحرمان إذ أنه و في إطار أمر 10 أكتوبر 1926 و حسب الفصل الخامس منه كان بإمكان المسوّغ أن يرفض تجديد الكراء و دون أن يدفع غرامة إذا كان ينوي استرجاع العقار لاستغلاله شخصيا وفعليا سواء في الميدان التجاري أو الصناعي أو ليشغله زوجه ، أصوله ، فروعه أو أزواج هؤلاء.

أمّا في إطار قانون 25 ماي 1977 فيمكن أن نصنّف صور الرفض بحسب أثارها على مبلغ الغرامة حتى يمكن أن نميّز بين حالة الرفض التي لا يكون فيها المسوّغ ملزما بدفع أية غرامة أو بدفع غرامة جزافية حددها المشرع ، و حالة الرفض التي يكون فيها المسوغ ملزما بدفع غرامة الحرمان.

و بما أننا نهتم بالبحث في اسناد غرامة الحرمان للمتسوغ المحروم من تجديد كراء المحل حيث يستغل نشاطه التجاري ، فإنه يتحتم علينا تحديد نوعيّة رفض التجديد الذي يفتح للمستأجر الحق في طلب تلك الغرامة ( المبحث الأوّل ) .

و تجدر الإشارة إلى أن رفض تجديد الإيجار من قبل المسوغ لا ينتج أثره إلاّ إذا توخّى هذا الأخير في ابلاغه للمستأجر الإجراءات القانونية التي فرضها قانون 25 ماي 1977 ( المبحث الثاني ).

المبحث الأوّل : ماهيّة رفض التجديد :

حدد قانون 25 ماي 1977 صور رفض التجديد ضمن العنوان الثالث من القانون المذكور و قد قصر انتفاع المتسوّغ بغرامة الحرمان على رفض التجديد الصادر من المسوّغ دون أن يستطيع هذا الأخير إثارة خطأ في جانب المتسوّغ حدى به إلى الرفض أو أن يمارس حقّه في استرجاع المكرى وفق القانون .

إذن ينتفع المتسوغ بغرامة الحرمان في صورة الرفض التعسفي من قبل المسوغ ( فقرة أولى ) إلاّ أن المشرّع وسّع في ميدان المطالبة بهذه الغرامة و مكّن المستأجر من التمتع بغرامة الحرمان عند رفض تجديد الكراء من قبل الأشخاص المعنوية العموميّة ( فقرة ثانية ).

فقرة أولى : رفض التجديد الصادر عن المسوّغ :

نص الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 على أنه ” يمكن للمسوغ أن يرفض تجديد التسويغ و مع ذلك فإن المسوّغ يجب عليه فيما عدا الإستثناءات المنصوص عليها بالفصل الثامن و الفصول التابعة له أن يدفع للمتسوغ المحروم من التجديد منحة تعرف بمنحة الحرمان تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد .”

و يتضح من هذا النص أن المشرّع أخرج من نطاق المطالبة بغرامة الحرمان رفض التجديد الذي يستند فيه المسوغ إلى سبب قانوني من الأسباب المضمنة بالفصل الثامن و الفصول التابعة له .

و يمكن أن نقسّم صور الرفض التي لا تلزم المسوّغ بدفع غرامة الحرمان إلى رفض التجديد الذي لا يكون فيه المؤجر مطالبا بدفع أيّة غرامة كانت و رفض التجديد الذي يفتح المجال أمام المتسوّغ للمطالبة بغرامة رمزية تقدر جزافيّا .

اقتضى الفصل الثامن من قانون 1977 أنه بإمكان المسوّغ ” ان يرفض تجديد التسويغ بدون أن يكون مطالبا بدفع أي منحة و ذلك :
1– ” إن أثبت وجود سبب خطير و شرعي ضدّ المتسوّغ الخارج …” ونلاحظ أنّ المشرّع لم يحدد مفهوم السبب الخطير و الشرعي و استعمل هذه الألفاظ الموسعة ليشمل أكثر ما يمكن من الحالات التي يستطيع المسوّغ إثباتها ضدّ المستأجر و التي يمكن أن يكيّفها القاضي بسبب خطير و شرعي.

و قد استقرّ فقه القضاء على اعتبار السبب خطير و شرعي كلّ سبب نشأ عن اخلال المتسوّغ باٍلتزاماته التعاقديّة أو القانونيّة مثل تغيير الاستعمال المعدّ له المكرى الذي منعه المسوّغ بمقتضى العقد أو الذي يتعارض مع طبيعة العقار . و يمكن أن ينتج السبب الخطير عن إخلال المتسوّغ بدفع معاليم الكراء أو كذلك عن توقيف النشاط التجاري و غلق المتجر.

ويمكن أن نحوصل فنقول أنّ السبب الخطير هو كلّ خطأ يقوم به المتسوّغ و يؤثر على العلاقات التعاقدية الرابطة بين المسوغ و المستأجر حتّى و إن كان ذلك الخطأ لا يشكّل خرقا واضحا لبود العقد 45

و تقدير خطورة السبب و شرعيته يختصّ به قضاة الأصل و لا يخضع لرقابة محكمة التعقيب .

كما نصت الفقرة الثانية من الفصل الثامن على ما يلي : “إن اتّضح أن العقار يجب هدمه كلّيا أو جزئيا حيث صار مضرّا بالصحّة أضرارا أثبتته السلطة الإدارية أو إذا اتّضح أنّه صار لا يمكن شغله بدون خطر بسبب الحالة التي هو عليها…”

و تشكّل هذه الحالة صورة اٍسترجاع العقار بدون منح أي غرامة للمتسوّغ باٍعتبار أن القانون لا يمنح المتسوّغ تجديد الكراء في مثل هذه الحالات .

فسواء أصبح العقار مضرّا بالصحّة أو إذا اتّضح أنه صار لا يمكن شغله بدون خطر ففي كلتا الحالتين يمكن للمسوّغ أن يرفض تجديد التسويغ دون أن يكون ملزما بدفع أي غرامة للمستأجر إذا تبيّن و أنّ حالة العقار تقتضي هدمه كليّا أو جزئيا.

و يجب أن يتحصل المسوّغ على قرار من السلطة الإدارية يثبت تعفّن حالة العقار المكدّرة بالصحة .و يختص بإتخاذ هذا القرار الإداري مصالح البلديات الموجود بدائرتها العقار التي لها وحدها صلوحيّة تقدير وجود تلك الحالة . و لا يمكن للمحكمة أن تأذن بإجراء اختبار لملاحظة تلك الحالة بل تكتفي باستخلاص نتائجها التي أكّدها القرار الإداري دون أن تمارس أي رقابة على شرعيته .

إضافة إلى ذلك يجب أن ينص القرار الإداري على ضرورة الهدم أو على منع البقاء بالعقار و لا على مجرد الإذن بإنجاز بعض الأشغال .

كما أن حالة تعفّن العقار لا تكفي لتبرير رفض التجديد إذا كان بإمكان المسوّغ إزالة الخطر دون اللجوء إلى إبعاد المتسوّغ من المحل .

أمّا إذا كان الهدم ضروريا بسبب خطورة البقاء بالمحل فإنّه بإمكان المسوّغ أن يثبت وجود تلك الخطورة بمقتضى عمل إداري أو قرار قضائي و خاصة عن طريق الإختبارات على أنّ حالة الخطورة التي يوجد عليها العقار لا يجب أن تنشأ بسبب إهمال المسوّغ وعدم قيامه بأعمال الصيانة المحمولة عليه و إنّما بسبب القدم و التلف الطبيعي للعقار .

و تجدر الإشارة إلى أنّه سواء كان الهدم جزئيا أو كلّيا فإنّ رفض التجديد يمكن أن يشمل جميع أجزاء العقار ضرورة أنّ المشرّع لم يفرّق بين الرفض الجزئي و الرفض الكلّي ولذا لا يمكن أن نميّز حيث لم يميّز القانون.

فضلا على ذلك فقد مكّن المشرّع المسوّغ من رفض تجديد الإيجار لاسترجاع المكرى مقابل دفع غرامة لا يمكن أن تتجاوز الحد الأقصى الذي ضبطه القانون مقارنة بعدد معين من سنوات الكراء . و تختلف طبيعة هذه الغرامة و أساسها القانوني عن أساس و طبيعة غرامة الحرمان المنصوص عليها ضمن الفصل السابع.

فعملا بأحكام الفصل التاسع من قانون 25 ماي 1977 ” للمالك الحق أيضا في رفض تجديد التسويغ لتجديد بناء العقار ” و يفترض هذا التجديد هدم العقار الذي ليس من الضروري أن يكون نتيجة للحالة السيئة التي يوجد عليها 46
و لا يمكن للمسوّغ أن يرفض تجديد التسويغ لتجديد البناء إلا إذا دفع للمتسوّغ المحروم قبل خروجه غرامة أو كما عبّر عنها المشرّع ” منحة ” تساوي كراء أربعة أعوام – و للمتسوّغ الحق في البقاء بالمحل حسب القيود والشروط المنصوص عليها بالعقد المنتهية مدّته إلى ابتداء الأشغال بصفة فعلية 47 .

و يمكن للمالك أيضا ” أن يُرْجي تجديد التسويغ لمدّة أقصاها ثلاثة أعوام إن كان يعتزم تعلية العقار و إن كانت هذه التعلية توجب حرمان المتسوّغ مؤقتا و في هاته الصورة للمتسوغ الحق في غرامة تساوي الضرر الذي لحقه بدون أن تتجاوز مقدار كراء ثلاثة أعوام ” – الفصل 12 من قانون 25 ماي 1977 .

أمّا حق الإسترجاع للسكنى فقد أقرّه المشرّع صلب الفصل 13 من قانون 25 ماي 1977 حيث جاء به “يمكن للمالك الامتناع من تجديد التسويغ إن استرجع المحل ليسكنه بنفسه أو ليسكن به أصوله أو فروعه …” وهؤلاء الأشخاص المنتفعين بحق الإسترجاع للسكنى ذكرهم المشرّع على سبيل الحصر فالأشخاص المعنوية لا تنتفع بحق الاسترجاع لإسكان مستخدميها 48 .
و يقتضي حق الإسترجاع للسكنى أن تتوفر في المنتفع به الشروط المنصوص عليها بالفصل 13 إذ يمكن للمالك أن يسترجع المحلّ ” بشرط أن لا يكون للمُتمتّع بالإسترجاع مسكن يوافق حاجياته العادية أو حاجيات أفراد عائلته العائشين عادة معه و بشرط أن تتفق هاته الحاجيات مــع استعمال عادي للمحلّ و بشرط صلوحية المحل للسكنى بعـــــد مجرد اجراء أشغال تهيئة للسكنى و لا يجوز الإسترجاع الجزئي الا بشرط أن لا يضرّ باستغلال المتسوّغ و سكناه . و لا يمكن القيام بالاسترجاع فيما يخص المحلات المعدة لتستعمل نزلا أو لتسوّغ مؤثثة .

كما يجب على المتمتع بالإسترجاع إضافة إلى ذلك أن يشغل بنفسه المحل في ظرف ستة أشهر من تاريخ مبارحة المتسوغ المحروم من البقاء في العقار و طيلة مدّة أدناها ستة أعوام ما لم يكن هناك عذر شرعي ، و في خلال أجل الستة أعوام لا يمكن إعداد المحل لاستعمال تجاري أو صناعي أو لحرفة مهما كان السبب .

و يتحتم على المسوّغ ” أن يدفع للمتسوغ أو للقائم مقامه غرامة تساوي معلوم الكراء المدفوع فيما يخص المحلات المسترجعة عن الخمسة أعوام الأخيرة و إذا كانت مدّة التسويغ أقل من ذلك فالغرامة تساوي معلوم كراء السنة الأخيرة مضاعفا خمس مرات “.

و يجب التذكير في هذا المجال أن المنتفع بحق الإسترجاع للسكنى والذي يخالف الأحكام المنصوص عليها بالفصل 13 المتعلقة بشروط ممارسة ذلك الحق ، ملزم بدفع غرامة الحرمان للمتسوغ المنصوص عليها بالفصل السابع من قانون سنة 1977 . و علاوة على ذلك فإن كلّ شخص يخالف هذه الأحكام يعاقب بخطيّة تتراوح بين مائة و ألف دينار .

و يتضح من مقتضيات الفصل 8 و الفصول التابعة له أن المشرّع أراد أن يحمي حقوق مالك العقار و أن يحقّق توازنا بينها و بين حقوق المتسوّغ لذلك عرّض المسوّغ الذي يستعمل هذه الحقوق بطريق التحيّل إلى عقوبات مدنيّة إذ اقتضى الفصل 18 من قانون 1977 أنه ” في صورة ما إذا ثبت ضدّ المسوّغ أنه لم يستعمل الحقوق التي منحها له الفصل 8 من هذا القانون و ما بعده إلاّ لحرمان المتسوّغ بطريق التحيّل من حقوقه خصوصا بالقيام بعمليات أكرية و إعادة بيع سواء أكانت هذه العمليات ذات صبغة مدنية أو تجارية فللمتسوغ الحق في غرامة الحرمان تساوي مقدار ما لحقه من ضرر “.

و لنا أن نتساءل عن طبيعة هذه الغرامة هل هي غرامة حرمان يقع تقديرها حسب معايير الفصل 7 فقرة 2 من قانون 1977 أم هي غرامة من نوع خاص يقع الرجوع في تقديرها إلى القواعد العامة في التعويض .

إن الغرامة المنصوص عليها بالفصل 18 لا تمثّل حسب رأينا غرامة الحرمان المنصوص عليها بالفصل السابع لسببيْن :

السبب الأول : هو أنّ المشرّع لمّا أراد أن يمنح المتسوغ غرامة الحرمان بسبب مخالفة أحكام الفصل 13 من قانون 1977 الذي يمثّل إحدى الصور المنصوص عليها بالفصل 18 ، نصّ على ذلك صراحة بالفقرة 4 من الفصل 13 المذكور.
السبب الثاني : هو أنّ المشرّع أخذ بعين الإعتبار حقّ الأولوية في الرجوع الوارد بالفصل 10 من قانون 1977 و الممنوح للمتسوّغ الذي يعرب عن رغبته في التمتّع بذلك الحقّ وفق إجراءات هذا الفصل فاقتصر على منحه حقّ تعويض الضرر الذي يلحقه خلال المدّة التي إستعمل فيها مالك العقار حقوقه المنصوص عليها بالفصل 8 و ما يليه بطريق التحليل و التي توقف فيها المتسوّغ عن استغلال نشاطه التجاري .

لذا يقع الرجوع في تقدير غرامة الفصل 18 إلى القواعد العامة في التعويض و اعتماد عناصر تقدير الضرر عن المسؤولية المدنية . غير أنّه إذا لم يتمكّن المتسوّغ من الرجوع إلى المحل التجاري يصبح له الحقّ عندئذ في غرامة الحرمان و هذا ما أكّدته محكمة التعقيب في قرارها المؤرخ في 6 جانفي 1998 إذ جاء فيه “استصدار المالكين لحكم استعجالي يقضي بإخراج المكتري استعجاليا من المحل بصفة مؤقّتة لإصلاحه ثمّ إرجاعه إليه ثمّ تعمّدهم بمقتضى ذلك إلى هدم المحل عوض إصلاحه و إلحاق مساحتها بمقهى بنوها بما تعذّر معه على المكتري الرجوع إلى المحلّ يعدّ امتناعا من الإستمرار على الكراء يخوّل للمكتري حقّ المطالبة بغرامة الحرمان عملا بالقانون عدد 37 لسنة 1977 نظرا لصبغته التجارية “. 49

إذن ينتفع المتسوّغ بغرامة الحرمان عندما يرفض المسوّغ تجديد الكراء دون الاستناد على سبب قانوني من الأسباب التي جاءت بها الفصول 8 و9 و12 و13 من قانون 1977 أو كذلك عندما يخالف المسوّغ أحكام الفصل 13 من القانون المذكور .

و قد ألحق المشرّع برفض التجديد الذي يفتح للمتسوّغ الحقّ في المطالبة بغرامة الحرمان صورة الفصل 15 من قانون 1977 الذي ينصّ على أنّه ” لا يمكن للمالك أو للمتسوّغ الأصلي الذي هو في آن واحد مسوّغ لمحلاّت و بائع للملك التجاري المتصرف فيه بالمحلات المذكورة و الذي قبل كامل ثمنه أن يرفض تجديد التسويغ الا بشرط دفع غرامة الحرمان المنصوص عليها بالفصل 7 من هذا القانون ما لم يستدّل ضدّ المتسوّغ بسبب معترف بخطورته و بشرعية” .

وهذا النصّ الذي يعتبر استرجاع المحل من قبل المالك أو المتسوّغ الأصلي الذي باع أصله التجاري صورة من صور رفض التجديد غير المبرر ، يمنع الشخص الذي يبيع أصله التجاري المستغل بالعقار التابع له من الانتفاع بالمكرى من جديد بممارسة حالة من حالات الإسترجاع التي تؤدي إلى دفع غرامة جزافية أقل من قيمة الأصل التجاري التي قبضها بعنوان ثمن البيع .

فقرة ثانية : رفض التجديد الصادر عن الهيئات العمومية :

ألحق المشرّع برفض التجديد غير المبرّر الذّي يفتح للمتسوّغ الحق في المطالبة بغرامة الحرمان ، رفض التجديد الصادر عن الأشخاص المعنوية العمومية المشار إليها بالفقرة الخامسة من الفصل الثاني من قانون 1977 لسبب مستمدّ من المصلحة العامة .

و قد جاء الفصل 16 من القانون المذكور ناصّا على ما يلي ” يمكن الاٍمتناع من تجديد أكرية العقارات أو المحلات التي هي على ملك الدولة و البلديات و المؤسسات العمومية أو ذات المصلحة العامة و أكرية العقارات أو المحلات المعدّة من طرف جماعات لاشغال ذات مصلحة عامة و ذلك لسبب مستمدّ من المصلحة العامة. وفي هذه الصورة فإن المتسوّغ المحروم …يتمتع بغرامة الحرمان المنصوص عليها بالفصل 7 من هذا القانون …”

إنّ رفض التجديد من قبل الأشخاص المعنوية العمومية لسبب مستمدّ من المصلحة العامة لا يعفي تلك الأشخاص من دفع غرامة الحرمان للمتسوّغ المحروم من التجديد مع إعلامه بذلك الرفض قبل مضي ستة أشهر عن طريق عدل منفذ إذ جاء بالفقرة الثانية من الفصل 16 من قانون 1977 أنّ “…المتسوّغ المحروم الذي يجب أن يوجه إليه تنبيه قبل مضي ستة أشهر عن طريق عدل منفّذ يتمتع بغرامة الحرمان المنصوص عليها بالفصل 7 من هذا القانون و لا يطلب دفع هذه الغرامة الا يوم الخروج من المحلات “.

و يتضح من هذا النصّ أنّ المشرّع غيّر في الأجال التي يجب خلالها إعلام المتسوّغ بالرفض إذ كان على الأشخاص المعنوية العمومية ، في ظل أمر 27 ديسمبر 1954 المنطبق قبل صدور قانون 25 ماي 1977 إعلام المتسوّغ قبل عام من نهاية الأجل المحدد لخروجه .

إنّ صورة الفصل 17 من قانون 1977 هي التي تفتح المجال للمتسوّغ المحروم للتمتع بغرامة الحرمان ذلك أنّه بإمكن “المجموعة العمومية التي تسعى في الانتزاع أن تمتنع عن دفع غرامة الحرمان المنصوص عليها بالفصل 7 من هذا القانون ” في صورة الانتزاع للمصلحة العامة مقابل أن تعرض ” على التاجر أو صاحب الحرفة – أو صاحب المعمل المحروم عقارا مماثلا كائنا بموضع المحلّ القديم أو بجواره . و في هذه الصورة يقبض المتسوّغ غرامة تعويضيّة لعدم تمكّنه وقتيا من التصرف و عند الإقتضاء لسقوط قيمة الملك التجاري كما يدفع له أيضا المصاريف الاعتيادية المتعلّقة بنقل الاثاث و انتصابها من جديد “.

و قد أكّدت المحكمة الإداريّة منطوق الفصل المذكور في قرارها عدد 4 الصادر في 18 ديسمبر 1975 إذ جاء به ” حيث أنّه إعتمادا على بعض المقاييس نخص منها العمليات التجارية و المصاريف و الأرباح والاداء الدولي و كذلك المصاريف الناتجة عن تفكيك معدّات شركة صولاس و ماتيو و انتصابها من جديد قد قرر الخبراء تقدير غرامة الحرمان بمبلغ (35.812.858 د) مع تعديل هذا المبلغ بنسبة 50 % جبرا للضرر الحاصل للشركة إعتمادا على أنّ بلديّة العاصمة قد ساعدت شركة صولاس و ماتيو على إيجاد محل تجاري بشارع الحبيب بورقيبة و هو من أهم شوارع العاصمة تجاريا . لكن هذا التعديل في مقدار الغرامة ما زال مشطا نظرا خاصة الى أن تفكيك المعدات و نقل الآثاث و نصبها من جديد لا يستدعي مصاريف باهضة . و بناء على أنّ النقص الطفيف المحتمل في قيمة الأصل التجاري و في الحرفاء سوف لن يكون إلاّ وقتيّا .

و لذا ترى المحكمة أن نصف المقدار المعيّن من طرف الخبراء أي ( 000 د 9.000 ) كان كفيلا لجبر الضرر …” 50

و يتضح من مقتضيات الفصل 17 ان المشرّع لم يحترم تماما المتسوّغ المحروم من التجديد بسبب الإنتزاع للمصلحة العامة ، من غرامة الحرمان إذ مكنّه من الحصول على غرامة تعويضية في صورة ما إذا وفرت له المجموعة العموميّة محلا مماثلا للمحلّ الذي حرم من تجديد إيجاره . و يتبين بقراءة عكسية للنص المذكور أن المتسوغ المحروم له الحق في المطالبة بغرامة الحرمان في صورة رفض التجديد من المجموعة العمومية التي تسعى في الإنتزاع إذا لم توفر له هذه الأخيرة محلا يضاهي المحل الأول من حيث الموقع التجاري و القيمة التجاريّة .

ويتبادر إلى الذهن التساؤل التالي : هل يحرم المتسوغين التجار من حقّهم في تجديد الأكرية التجاريّة عند ممارسة الدولة لحق الأولوية المنصوص عليه بالقانون عدد 97 لسنة 1991 المؤرخ في 2 أوت 1991 ؟

نصّت الفقرة الثالثة من الفصل الأول من قانون 2 أوت 1991 على أن المتسوغ أو الشاغل عن حسن نيّة يفقد ” حقّه في البقاء عند ممارسة الوزر المكلّف بأملاك الدولة و الشؤون العقارية حق الأولوية ، و على الدولة أن تمنحه تعويضها مناسبا “.

و نستنتج من هذه الأحكام أن المتسوغ مهما كانت صفته يحرم من حق البقاء لان عبارة النص و ردت مطلقة و لم يميّز النص بين صفة المتسوغين و بالتالي فإن المتسوغ التاجر الذي تتوفر فيه الشروط المفروضة بقانون 25 ماي 1977 يحرم من تجديد كرائه التجاري على أن تمنحه الدولة تعويضا مناسبا و هذا التعويض المناسب حدده قانون 1977 بالنسبة للأكرية التجاريّة .

هذا فيما يتعلق برفض التجديد أما عن إجراءات رفض التجديد فسواء صدر هذا الأخير عن الأشخاص المعنوية العمومية أو عن المسوغ من غير تلك الشخاص فإن إجراءات الرفض واحدة ضبطها قانون 1977 و هو ما نتعرّض إليه ضمن المبحث الموالي .

المبحث الثاني : إجراءات رفض التجديد :

ينشأ حق المتسوغ في طلب غرامة الحرمان عندما يطلب تجديد التسويغ فيرفض هذا الأخير طلبه دون مبرّر – أو إذا نبّه المسوغ على المكترى بالخروج من المكرى عند انتهاء مدة التسويغ و اعرب له عن رغبته في عدم تجديد الإيجار دون الإستناد إلى سبب قانوني.

و بما أن رفض التجديد يشكل خطرا على ملكيّة التاجر لأصله التجاري فقد أخضعه المشرّع لإجراءات يتمّ بمقتضاها إعلام المتسوغ بذلك الرفض و إلاّ بقي بدون تأثير على حق المتسوغ في استمرار عقد إيجاره .

و قد اقتضى الفصل الرابع من قانون 25 ماي 1977 أنه :” خلافا لمقتضيات الفصلين 791 و 792 من مجلة العقود و الإلتزامات لا تنتهي أكرية المحلات الخاضعة لهذا القانون إلاّ بتنبيه بالخروج …” و يتضح أن المشرّع قد خالف أحكام م.إ.ع بالنسبة للأكرية التجارية ذلك أن الكراء في القانون العام سواء كان محدد المدّة أو غير محدد المدّة لا يستوجب تنبيها لإنهائه إلاّ إذا اقتضى الإتفاق أو العرف ذلك.

و التنبيه هو عمل أحديّ الجانب يصدر عن أحد طرفي العقد – المسوّغ – يعرف فيه للطرف المقابل عن إرادته لإنهاء العقد عند إنتهاء أجل محدد .

و بناء على أن للتنبيه تأثيرات هامة خاصة على حق المتسوّغ في تجديد التسويغ فقد أحاطه المشرّع بشكليات مشددة يؤدي عدم احترامها إلى بطلانه.

و هذه الشكليات ترتبط بشكل التنبيه ( فقرة أولى ) و بمحتواه ( فقرة ثانية ).

فقرة أولى : شكل التنبيه :

يتضّح من أحكام الفصل الرابع من قانون 1977 أنّ أكرية المحلات الخاضعة لهذا القانون لا تنتهي إلاّ بتنبيه بالخروج يقدّم في أجل ستة أشهر من قبْل .

و أجل الستّة أشهر لا بُدّ منه و لا يمكن أن يقع خرقه و قد احترم فقه القضاء هذه القاعدة لان هذا الأجل حمائي و يمكن المتسوّغ من أخذ الوقت اللازم لممارسة حقوقه أو البحث عن محلّ يماثل المحل الذي سيغادره . و قد قرّرت محكمة التعقيب التونسية أن التنبيه الموجه قبل أجل يفوق الستّّة أشهر يُعدًّ صحيحا إذا لم يمسّ من حقوق المتسوغ بإعتبار أن القانون حدد الأجل الأدنى و لم يضبط الأجل الأقصى الذي لا يجوز قبله توجيه تنبيه بالخروج و إستنادا على ذلك فإنّ التنبيه الموجه قبل أكثر من ستّة أشهر يبقى صحيحا. 51

و نؤيّد محكمة التعقيب في موقفها لأنه إضافة إلى أنّ اتجاهها يَحُدُّ من صرامة الشكليات التي تميّز مادة التنبيه فإنه يمكّن من إخطار المتسوّغ برفض تجديد التسويغ قبل أطول أجل ممكن و تمكينه من آجال متسعة تقلّل من المضرّة التي ستلحقه.

أمّا إذا تمّ توجيه التنبيه برفض التجديد في أجل يقلّ عن الأجل القانوني فإن ذلك التنبيه لا يشكّل حاجزا مباشرا لتجديد الإيجار .

لــكن كيف يقع احتساب أجل الستة أشهر ؟

بما أن الأمر يتعلق برفض التجديد مقابل دفع غرامة الحرمان وفق ما اقتضاه الفصل السابع من قانون 1977 فإنه يجب أن نميّز بين الكراء المحدد المدة و الكراء غير المحدد المدّة .

ففي الحالة الأولى يجب أن يوجه التنبيه قبل ستة أشهر من إنتهاء المدّة العاديّة للتسويغ و قد أكّدت محكمة التعقيب هذا الإتجاه في قرار لها مؤرخ في 08 مارس 1983 حيث اعتبرت أن الكراء التجاري المحددة فيه المدّة بعامين مع اشتراط التجديد لنفس المدّة و بنفس الشروط ما لم يصدر تنبيه مسبقا بتنهيتها من أحد الطرفين و تجدّدت لعدم التنبيه فإن التنبيه الصادر من المالك أثناء العام الثالث بتنهية المدّة بمنتهاه يكون باطلا و الحكم بإبطاله لا مطعن فيه 52 . أمّا إذا استمرّ التسويغ بسبب عدم التنبيه وجددت مدته بالتجديد الضمني إلى ما بعد الأجل المضبوط بالعقد من غير مدّة معينة فإنه بإمكان المسوّغ أن يوجه التنبيه في أي وقت خلال الكراء المجدد مع إحترام أجل الستة أشهر بعد ذلك التاريخ لإخراج المتسوغ من المكرى 53.

أمّا إذا كان الكراء يحتوي على مدد عديدة – مثلا كراء 3 ، 6 ، 9 سنوات – و إذا أعلم المسوغ بإنتهاء الكراء في موفى مدة من هذه المدد فإن التنبيه بالخروج يقع وجوبا في أجل الستة أشهر قبل إنتهاء تلك المدّة – الفصل الرابع فقرة 3 من قانون 1977 .

و نصّت الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع على أن الإعلام برفض التجديد ينبغي أن يقع بواسطة عدل منفذ ، و يعدّ هذا التنصيص مظهرا آخر للتجديد المضمن بقانون 1977 ذلــــك أن أمر 27 ديسمبر 1954 اقتضى ان الإعلام برفض التجديد يكون ” برسم غير عدلي أو بمكتوب مضمون الوصول مع طلب الإعلام ببلوغه “.

و قد تمّ إقصاء هذه الوسيلة الأخيرة عن طرق الإعلام برفض التجديد لأنه تأكد عمليا انعدام الجدوى في إتباع هذا الأسلوب ، إضافة إلى أن التجربة القضائية أثبتت و أن الأعلام بمكتوب مضمون الوصول مع إعلام بالبلوغ و لئن كان يُحبّذ كطريقة للإعلام لقلّة تكاليفه إلاّ أنه يبقى وسيلة احتمالية وضعيفة من حيث الإثبات . كما أن النزاعات التي قد تثار بسبب الإعلام بمكتوب مضمون الوصول عديدة 54 ، و يمكن للمتسوغ أن ينكر تلقيّه لأي شيء كان 55 .

و يتضح إذن أنّ الإعلام بواسطة عدل منفذ يشكل أكثر نجاعة من حيث القوة الثبوتيّة نظرا للضمانات الإستثنائية التي أحاطها المشرّع بهذه الوسيلة .

فضلا عن ذلك فإن التنبيه يجب أن يوجّه وفقا لقواعد الفصل السادس و الفصول التابعة له من م.م.م.ت و إلاّ عدّ لاغيا و لا يعمل به كتنبيه .

و تجدر الإشارة إلى أنه في صورة تعدّد المالكين لا يمكن أن يصدر التنبيه من أحدهم إلاّ إذا استند تصرّف هذا الأخير على توكيل موقّع في الغرض من قبل بقيّة المالكين .

فقرة ثانية : محتوى التنبيه :

وفق مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع من قانون 1977 يجب أن يبيّن الإعلام ” الأسباب التي من اجلها وقع التنبيه بالخروج و يذكر عبارات الفصل 27 و إلا يقع إلغاؤه “.

ويعتبر تسبيب التنبيه بيانا جوهريا و ليس مجرد شكلية عاديّة إذ يمكّن المتسوّغ من التثبت في شرعيّة التنبيه و معرفة النّوايا الحقيقية لمالك العقار .

لكن هل أنّ تبرير التنبيه بالخروج يٌعدّ ضروريا بالنسبة لرفض التجديد موضوع الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 ؟

إنّ مجرّد رفض التجديد بلا قيد يُعدّ عذرا في ذاته و يفضي إلى الالتزام بدفع غرامة الحرمان فالمسوّغ غير ملزم بذكر سبب الرفض إلاّ إذا كان ينوي التفصّي من دفع تلك الغرامة .

و قد انقسم الفقهاء حول هذه المسألة إذ يعتبر البعض أن المسوغ مطالب بعرض دفع غرامة الحرمان صراحة كي يعتبر التنبيه صحيحا بإحترام شرط التسبيب 56 . في حين يرى البعض الآخر و أن مالك العقار غير ملزم تماما بالتجديد إذ له الحق المطلق في رفضه مقابل دفع غرامة الحرمان دون أن يقدّم أي تبرير ، فالسبب هو إرادته في الرفض 57.

و حسب هذه النظرية الأخيرة يعدّ التنبيه مبرّرا إذا كان الرفض مجردا من أي سبب بإعتبار أن هذا الرفض يتضمن ، دون التنصيص على ذلك صراحة ، عرض غرامة الحرمان .

و يمكننا أن نؤيد هذا الإتجاه بالفصل 27 من قانون 1977 الذي جاء فيه :” يجب على المتسوّغ الذي يريد إمّا النزاع في أسباب الإمتناع من التجديد التي أدلى بها المسوّغ و إمّا المطالبة بغرامة الحرمان … أن يرفع الأمر إلى المحكمة ذات النظر …” و يتضح من هذه الأحكام أن المشرّع لم يقصد ببيان الأسباب ضمن التنبيه سوى الأسباب التي لا تمنح المتسوّغ الحق في غرامة الحرمان و التي وحدها تفتح المجال للمنازعة فيها .

و قد انتهج فقه القضاء التونسي هذا المنهج إذ قرّرت محكمة التعقيب أن التنبيه بالخروج الذي يحتوي على مجرّد رفض التجديد يعتبر تنبيها مسبّبا على معنى الفصل الرابع …58 .

و نذكر ، في جميع الحالات ، و أنّ التنبيه الذي لا يوضّح موقف المسوّغ ، بصفة واضحة وجليّة ، من تجديد التسويغ يعدّ لاغيا و يعتبر كأنه لم يكن .

إضافة إلى ذلك، يجب أن يكون التنبيه مطابق من حيث محتواه للفصل السادس من م.م.م.ت . إلاّ أن محكمة التعقيب قرّرت أنّ التنبيه الموجّه بواسطة عدل منفذ و الذي لا يتضمّن تاريخ الإعلام لا يمكن إلغاؤه إلاّ إذا ألحق ضررا ما بالمتسوّغ .

وهذا الاتجاه من محكمة التعقيب يمثل تحديدا من صرامة الشكليات التي تحيط بالتنبيه 59.

من ناحية أخرى اشترط المشرّع ضمن الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع من قانون 25 ماي 1977 أن يذكر التنبيه بالخروج ” عبارات الفصل 27 و إلا يقع إلغاؤه ” . و هذا النصّ يهّم النظام العام و على المحكمة أن تثير بطلان التنبيه من تلقاء نفسها ، و قد أكّدت محكمة التعقيب هذا الإتجاه السليم إذ جاء في إحدى قراراتها :” حيث أوجب الفصل 4 من قانون الأكرية التجارية الصادر بتاريخ 25/05/1977 في فقرته الأخيرة أن يذكر بالتنبيه بالخروج عبارات الفصل 27 من نفس القانون و إلاّ يقع إلغاؤه .

و حيث إتضح بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه و الوثائق التي إنبني عليها و بالخصوص من رقيم التنبيه عـ….ـدد الموجه من المعقب عليها للمعقب بتاريخ يوم …… أنه إقتصر على القول عمّا نصّه : (… و هي تذكّره أن له أجلا قدره ثلاثة اشهر ليقرر ما يراه أو للقيام لدى المحكمة ذات النظر و من أنذر فقد أعذر) هكذا دون أن يذكر عبارات الفصل 27 المشار إليه و حين إذن فإن التنبيه المؤسس عليه دعوى الخروج باطل و ملغى تطبيقا لأحكام الفصل 4 من قانون الأكرية التجارية .

و حيث أن مسألة بطلان التنبيه و إعتباره ملغى لعدم توفّر إحدى الشرائط الشكلية التي أوجبها القانون هي مسألة تهم النظام العام و للمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها تطبيقا لأحكام الفصلين 13 و 14 من م.م.م.ت 60

إنّ ضرورة التذكير بأحكام الفصل 27 ترمي إلى انذار المتسوّغ حتى لا يفاجأ بفقدان حقه في الإلتجاء إلى المحاكم إذ إقتضى الفصل المذكور أنه ” يجب على المتسوّغ الذي يريد إمّا النزاع في أسباب الإمتناع من التجديد التي أدلى بها المسوّغ و إمّا المطالبة بغرامة الحرمان أو الذي يرفض الشروط المعروضة في شأن العقد الجديد . أن يرفع الأمر إلى المحكمة ذات النظر في الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ إبلاغ الإعلام بالخروج أو لجواب صاحب الملك المنبه عليه بمقتضى الفصل الخامس من هذا القانون . و بعد مضي هذا الأجل يفقد المتسوّغ حق الإلتجاء إلى المحكمة و يعتبر إمّا أنه عدل عن التجديد أو عن التحصيل على غرامة الحرمان أو أنه قبل الشروط الجديدة المعروضة عليه “.

نذكّر في الختام و أنّ المتسوغ لا يستحق غرامة الحرمان إلاّ إذا توفرت فيه شروط اكتساب حق تجديد الكراء من جهة و في المقابل يبدي المسوّغ رغبته في عدم التجديد بإعلام المتسوّغ بذلك الرفض بواسطة تنبيه موجّه عن طريق عدل منفذ و طبق المقتضيات المفروضة ضمن قانون 1977 .

فإذا خرق المسوّغ الاجراءات الواجب توفرها في التنبيه فعلى المتسوّغ أن يطالب بإبطال التنبيه لدى المحكمة المختصّة ، سواء المحكمة الإبتدائية أو محكمة الناحية حسب قيمة الكراء السنوي إذا كان لا نزاع فيه 61 و طبق إجراءات القانون العام .

أمّا إذا استوفى التنبيه جميع الإجراءات القانونية فعلى المتسوّغ أن يطالب بغرامة الحرمان المنصوص عليها بالفصل السابع من قانون 1977 و عندئذ يصبح الإشكال متعلقا بمسألة تقدير غرامة الحرمان.

الجُـزء الثاني :تقدير غرامة الحرمان

قد يتوصّل المتسوغ و المسوّغ إلى إتفاق على تحديد قيمة غرامة الحرمان برضى الطرفين. أمّا في صورة الإختلاف فإنه يجب على المتسوغ أن يطالب بتلك الغرامة لدى المحكمة ذات النظر في الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ إبلاغ الإعلام بالخروج و بعد مضي هذا الأجل يفقد المتسوغ حق الإلتجاء إلى المحكمة.

و يشكل تقدير غرامة الحرمان أهمّ الصعوبات العمليّة التي تعترض القاضي عند النظر في القضايا المرفوعة من المتسوغين التجار المحرومين من تجديد إيجاراتهم سواء على مستوى تحديد عناصر التقدير ( الفصل الأوّل ) أو على مستوى إعتماد تاريخ التقدير ( الفصل الثاني ) .

الفصل الأوّل : عناصر التقدير

اقتضى الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 أنه ” يمكن للمسوّغ أن يرفض تجديد التسويغ و مع ذلك فإنّ المسوّغ يجب عليه … أن يدفع للمتسوّغ المحروم من التجديد منحة تعرف بمنحة الحرمان تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد “ و يتّضح أنّ رفْض تجديد التسويغ يؤدي إلى توقيف استغلال النشاط التجاري للمتسوّغ و هذا التوقيف يلحق حتما أضرارا جسيمة بالمتسوّغ بإعتبار أنه يؤدي إلى تلاشي الأصل التجاري بعناصره الماديّة و المعنوية تختلف جسامة الضرر و كيفيّة تقديره بحسب أن تعلّق الأمر بالضرر الرئيسي الذي يشمل العناصر الجوهرية للأصل التجاري ( المبحث الأول ) أو بالضرر التبعي المشتمل على الخسارة التي تتولّد عن فقدان الأصل التجاري ( المبحث الثاني ) و سنحاول التعرّض إلى طرق التقدير التي يمكن استعمالها لتقدير عناصر الضرر.

المبحث الأوّل : تقدير الضرر الرئيسي :

يتضح من أحكام الفصل السابع من قانون 1977 أنّ غرامة الحرمان لها صبغة تعويضيّة بما أنها ترمي إلى جبر الضرر الذي لحق صاحب الأصل التجاري و الناجم عن حرمانه من المحلات المكتراة بالإضافة إلى ذلك فإنّ غرامة الحرمان يجب أن ” تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد ” و بما أنّ الضرر الرئيسي الذي يلحق المتسوغ من جراء رفض التجديد يتمثل في خسارة الحرفاء العنصر الأساسي و الجوهري في الأصل التجاري من جهة ، و فقدان حق البقاء بالمكرى من جهة ثانية فإننا نتعرض على التوالي إلى تقدير قيمة الحرفاء ( فقرة أولى ) ثم إلى تقدير قيمة حقّ الإيجار ( فقرة ثانية ).

فقرة أولى : تقدير قيمة الحرفاء و السمعة التجاريّة :

تجدر الإشارة في البداية إلى أنّ القانون التونسي لا يميّز بين الحرفاء و السمعة التجارية رغم أنه يستعمل المصطلحين معا صلب الفصل 189 من م.ت الذي يحدد فيه عناصر الأصل التجاري.

و السمعة التجارية تمثل الركيزة الأساسية لكسب الحرفاء باعتبار أنّ هؤلاء يمثلون مجموعة الأشخاص الذين يتعامل معهم التاجر على أساس العناصر الموضوعيّة المتمثلة في السمعة التجاريةّ التي يتميّز بها المحل التجاري إلى جانب العنصر الشخصي الذي يرتبط بالتاجر نفسه .

أمّا عن كيفيّة التقدير فقد اقتضت الفقرة الثانية من الفصل السابع من قانون 1977 أنّ غرامة الحرمان تشمل ” بالخصوص قيمة الأصل التجاري عند التعامل و تضبط القيمة المذكورة حسب تقاليد المهنة …” و لتحديد تلك القيمة يمكن أن تلجأ المحاكم و الخبراء في تقدير العنصر الجوهري للأصل التجاري إلى طرق مختلفة .

فنجد مثلا طريقة التنظير و تعني هذه الطريقة أن يعتمد القاضي في تقدير قيمة الحرفاء على محلات تنظير يتولى الخبير المنتدب البحث عنها و اقتحامها ضمن تقريره ليعتمدها القاضي فيما بعد للتثبت من القيمة المحدّدة من قبل الخبير . و ترتكز طريقة التنظير على اعتماد محلاّت مماثلة للمكرى الذي يسغادره المتسوّغ المحروم من التجديد من حيث القيمة الكرائيّة للمحل ، و المساحة المستغلّة و الموقع التجاري إذ يفترض أن يكون محلّ التنظير مجاورا للمكرى محلّ النزاع ، إلى جانب ذلك فإن محل التمظير يجب أن يكون مماثلا من حيث قيمة البناء و نوعيّة النشاط … و ما يعاب على هذا الطريقة هو أنّ عناصر التنظير تنعدم في كثير من الأحيان إذ يصعب أن تتوفر في المحلات المُنظّر بها الشروط الأساسية للتنظير المشار إليها آنفا . ثم و على فرض توفر هذه العناصر فإن قيمة الأصل التجاري المنظّر به لا تحقق الضمانات الكافية للمتسوّغ المحروم بما أن عملية التقدير قد لا تعكس القيمة الحقيقية للأصل التجاري بسبب عنصر المضاربة 62 .

و يمكن أن تقدّر الغرامة بالاعتماد على معيّنات الكراء المعمول بها غير أن هذه الطريقة لا يمكن اعتمادها في القانون التونسي إذ هي تخالف النص.

تماما فقد تكون قيمة الكراء مرتفعة في حين أن قيمة الأصل التجاري تكون منخفضة و العكس ممكنا.

كما أن طبيعة النشاط التجاري المستغل بالمكرى لها أهمية بالغة في تقدير الغرامة إذ تختلف هذه الأخيرة باختلاف النشاط فكمية السلع المنتجة يوميا و التي يقع بيعها تصلح أن تكون عنصر تقدير هام كالمخابز مثلا أو كذلك عدد المتردّدين على قاعات السينما فقيمة الأصل التجاري بالنسبة لهذه القاعات ترتبط أساسا بنسبة تردد المتفرجين على قاعات السينما و بمبلغ المداخيل المتحصل عليها 63 .

و قد يعتمد المحاكم و الخبراء عن تقديرهم لغرامة الحرمان على رقم المعاملات الذي تمّ تحقيقه في السنة الأخيرة التي سبقت المطالبة بتلك الغرامة و تبدو هذه الطريقة الأقرب إلى الواقع إلاّ أنها تبقى غير كافية بإعتبار أن العلاقة بين رقم المعاملات و قيمة الأصل التجاري قد تنعدم أحيانا إذ يمكن أن يكون رقم المعاملات مرتفعا بالرغم من أن الأصل التجاري يوجد في حالة عجز مالي . و يبدو أن الطريقة التي تمكننا من تقدير قيمة الغرامة بأقرب ما يكون من الواقع هي طريقة إعتماد الأرباح المحققة خلال الثلاث سنوات الأخيرة التي سبقت المطالبـــــــة بغرامة الحرمان مع تطبيق ، للرقم المتحصل عليه ، ضارب زيادة محددة 64 . و هذه الطريقة تتمثل في إعادة تكوين الأصل التجاري مع إعتماد المداخيل الصافية لهذا الأصل كركيزة لعملية التقدير بزيادة ضارب مع الأخذ بعين الإعتبار طبيعة النشاط التجاري المستغل و موقع المحل و كذلك عرف ذلك النشاط 65 .

إنّ أهميّة النشاط التجاري للمتسوّغ هي عنصر أساسي في تقدير غرامة الحرمان و بصفة أخصّ تقدير قيمة الحرفاء66 .

ويعتمد الخبراء و المحاكم في أغلب الحالات عنصر الربح و أحيانا عنصري الربح ورقم المعاملات معا أو مقارنة أرباح الأصل التجاري موضوع النزاع مع أرباح أصول تجاريّة مماثلة 67.

و تجدر الإشارة إلى أنّه إذا لاحظ القاضي من خلال التصريحات المدلى بها أنّ الأرباح في ارتفاع فيجب أن يشمل مبلغ التعويض النقص في الأرباح الذي سيلحق المتسوّغ المحروم من التجديد و الذي يحدّده القاضي على ضوء تقرير الخبير إستنادا على إمكانية تطورات التجارة.

و يتضح ممّا سلف بسطه أنّ طريقه التقدير بالإعتماد على الأرباح تحقّق للمتسوّغ ضمانات لا تتضمنها الطرق الأخرى ، غير أنّ الأرباح المحققة خلال السنوات الأخيرة لا تعكس القيمة الحقيقيّة للأصل التجاري خصوصا إذ كان الأصل التجاري حديث النشأة .

أمّا إذا تمّ كراء الأصل التجاري فإنه يقع اعتماد معين الكراء الذي يدفعه الوكيل لمالك الأصل كمعيار لتقدير الغرامة 68 . إلاّ أنه لا يجب التسليم بهذه الطريقة لأن معينات الكراء المدفوعة من الوكيل لا تعكس قيمة الأصل التجاري عند التعامل .

و يبقى تقدير قيمة الأصل التجاري عند التعامل خاضعا في جانب كبير للسلطة التقديريّة لقضاة الموضوع . إلاّ أنه يجب أن تلتزم المحاكم بمقتضيات الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 و إلاّ تعرّضت أحكامها للنقض.

فقرة ثانية : تقدير قيمة حق الإيجار :

يكرّس حق الإيجار حق بقاء المتسوغ بالمحلات المكتراة حتى يضمن استمراريّة استغلال النشاط التجاري لذلك يكون حقّ الإيجار العنصر الثاني للضرر الذي يلحق المتسوّغ المحروم من تجديد التسويغ إلى جانب الحرفاء العنصر الأساسي و الأولي لذلك الضرر .

إنّ أهمية موقع المحل التجاري لبعض الأصول التجاريّة يؤثر على رقم المعاملات للنشاط المستغل بالمكرى لذلك يكون حق الإيجار هامّا في هذه الحالات كأهميّة الحرفاء بإعتبار أن الغاية ليست الحصول على الإيجار فحسب و إنّما البقاء بموقع تجاري معيّن 69 .

و مسألة تقدير حق الإيجار ضمن غرامة الحرمان تؤدي بنا إلى التساؤل حول إقحام ثمن العتبة Pas de porte ضمن مبلغ التعويض . و نعني بالعتبة أو الخلو المبلغ المالي الذي يسلّمه المتسوّغ لمالك العقار مقابل تمكينه من المكرى . و منذ القرن العشرين أصبح الخلو يرادف معنى حق الإيجار70 بعد أن كان يعني امتياز التاجر بالحصول على مكرى يفتح مباشرة على الطريق العام.

إنّ ثمن العتبة مخالف للقانون بإعتبار أن حقّ المتسوّغ في تجديد الإيجار أساسه القانون و ليس عقد التسويغ و أنّ ” البنود و الشروط و الإتفاقات التي من شأنها النيل من حقّ التجديد المحدث بهذا القانون … تكون لاغية و لا عمل بها مهما كان شكلها ” – الفصل 32 من قانون 25 ماي 1977 – و بما أنّ حق التجديد يمكّن المتسوغ من مطالبة مالك العقار بغرامة الحرمان في صورة رفض التجديد من هذا الأخير فإنّ إعتبار الخلو كمقابل لحقّ التجديد يمكّن المسوّغ من التفصّي من دفع غرامة الحرمان و التحيّل على مقتضيات الفصل 32 من قانون 1977 التي تهمّ النظام العام .

و تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من أنّ ثمن العتبة يعدّ لاغيا قانونيّا إلاّ أنه على المستوى العملي يقع العمل به بين المسوغين و المتسوّغين . لــذا نرى و أنّ الخلو لا يدخل ضمن مبلغ التعويض المسند للمتسوّغ بعنوان غرامة الحرمان و إنّما يمكن للقاضي أن يقحم ثمن العتبة في غرامة الحرمان عن طريق التعويض الجملي دون أن يخصّص معينا من التعويض للخلو مثلمـا

هو الشأن للحرفاء و بقيّة عناصر الأصل التجاري ، خاصة و أن الفقرة الثانية من الفصل السابع من قانون 1977 توجب على القاضي أن يضبط قيمة الأصل التجاري حسب تقاليد المهنة عند تقديره لقيمة غرامة الحرمان 71 .

أمّا عن حقّّ الإيجار في ذاته فيمكن أن يكون له دور هام في تقدير غرامة الحرمان بحسب نوع النشاط المستغلّ للمكرى لذلك فهو يدخل ضمن عناصر تحديد غرامة الحرمان ضرورة أنه لا شيء يمنع قانونا من إقحام حقّ الإيجار ضمن مبلغ الغرامة المذكورة خاصّة و أنّ الفصل السابع يتحدّث عن قيمة الأصل التجاري عند التعامل و التي تضبط حسب تقاليد المهنة إضافة إلى أن الفقرة الأولى من الفصل المذكور توجب أن تكون غرامة الحرمان مساوية للضرر الحاصل بسبب عدم التجديد.

و هذه الأحكام ذات مفعول عام تشمل كافة عناصر الأصل التجاري عند تقدير غرامة الحرمان ضرورة أنّ المشرّع أورد على سبيل الذكر و لا الحصر مشمولات تلك الغرامة باستعماله في الفقرة الثانية لفظة ” بالخصوص ” . يمكن القول إذن أنّ فقدان المتسوّغ لحق الإيجار يمكّن هذا الأخير من المطالبة بتعويضه من بين بقيّة عناصر الأصل التجاري .

و نشير في الختام أنّ قيمة الأصل التجاري عند التعامل تشمل الثمن العادي الذي يمكن أن يتحصّل عليه المتسوّغ مقابل التفويت في حقوقه عن

الأصل التجاري في نفس الظروف المكانية و الزمانية لتلك العملية . لذلك فإنه إضافة إلى عنصري الحرفاء و حق الإيجار يمكن أن تشمل غرامة الحرمان قيمة السلع التابعة للأصل التجاري إذا كان الإنتصاب من جديد غير ممكن أو إذا كان الحلّ الأنسب هو تصفية السلع حيث ما توجد ، و يجب الأخذ بعين الإعتبار طبيعة الإستغلال و الظرف الزمني الذي ينتفع به المتسوّغ لتصفية مخزون السلع عند تقدير غرامة الحرمان .

و يتضح ممّا سلف بسطه أن تقدير العناصر الأساسيّة لغرامة الحرمان يرتبط بالطريقة المتبعة في التقدير – و يبدو أنّ المحاكم و الخبراء يحاولون التنسيق بين الطرق المشار إليها أعلاه و ذلك بالإعتماد على تقاليد المهنة و طبيعة النشاط التجاري المستغل.

المبحث الثاني : تقدير الضرر التبعي :

إضافة إلى الضرر الرئيسي الذي يلحق المتسوغ من جرّاء رفض التجديد يشمل مبلغ التعويض المقدّر بعنوان غرامة الحرمان الضرر التبعي الذي يتسبّب فيه مالك العقار بحرمان المتسوّغ من مواصلة استغلال نشاطه التجاري ، إذ اقتضت الفقرة الثانية من الفصل السابع من قانون 1977 أن غرامة الحرمان ” تشمل … قيمة الأصل التجاري عند التعامل … و تضاف إليها المصاريف العاديّة للنقل و الإنتصاب من جديد و كذلك المصاريف و معاليم التسجيل الواجب دفعها في صورة شراء أصل تجاري له نفس القيمة “.

و تنتج الأضرار التبعيّة بسبب التوقيف الوقتي لاستغلال النشاط التجاري ( فقرة أولى ) ثمّ إنّ شراء أصل تجاري آخر يؤدي بالمتسوغ إلى دفع مصاريف إضافية لاستيفاء عمليّة الشراء ( فقرة ثانية ).

فقرة أولى : تقدير الضرر الناجم عن التوقيف الوقتي للإستغلال :

إنّ إنتقال المتسوّغ من المكرى الذي كان يشغله و الإنتصاب من جديد بمحل آخر يقتضي منه توقيف استغلال النشاط الجاري لفترة قد تطول أو تقصر حسب نوعيّة النشاط و ما يتطلّبه من وقت لذلك الغرض – و ينتج عن ذلك التوقيف نقص في الأرباح إلى جانب الأضرار الأخرى المشار إليها آنفا . لذلك يجب على القاضي أن يأخذ بعين الإعتبار ذلك النقص عند تقديره لغرامة الحرمان – و قد اعتبرت محكمة التعقيب التونسية أنّ غرامة الحرمان تشمل النقص في الإرباح الذي يلحق المتسوّغ من جرّاء رفض التجديد و أكّدت على هذا الإتجاه في قرارها المؤرخ في 16 جوان 1990 حيث جاء فيه أن ” منحة الحرمان تساوي الضرر الحاصل بسبب عدم تجديد التسويغ و لا تكون أقلّ من قيمة الأصل التجاري و يراعى في تقديرها جميع فروع الخسائر التي تلحق بالمتسوّغ و الربح الذي حرم منه و الحرفاء و السمعة التجاريّّة 72 ”

و يتطلّب تقدير غرامة الحرمان في هذه الصورة تحديد المدّة التي تمتد بين تاريخ توقيف النشاط المستغل بالمكرى و التاريخ الذي يستطيع فيه المتسوّغ الانتفاع بإستغلال الأصل التجاري الجديد 73 و يمكن تقدير الضرر الناشيء عن نقص الأرباح بالإستناد على الحسابيّة التي يمسكها التاجر المتسوّغ .

فضلا عن ذلك فإنّ توقيف استغلال النشاط التجاري يؤدي بالمتسوّغ المحروم من التجديد إلى إيقاف الأُجراء ، الذين يشتغلون معه ، عن عملهم و حينئذ نتساءل هل يحقّ لهؤلاء الأجراء المطالبة بغرامة الطرد ؟

إنّ قطع العلاقة الشغلية بسبب توقيف الإستغلال لا يمكن إلحاقه بصورة إنهاء عقد الشغل بسبب غلق المؤسسة لأن هذه الحالة تفترض وجود تصرفات من قبل المستخدمين جعلت سير عمل المؤسسة مستحيلا ، كما لا يمكن إلحاقه بتوقيف النشاط بإعتبار أنّ توقيف النشاط لا يمكن نسبته إلى المؤجر ( المتسوّغ ) في صورة الحال لذلك لا يمكن للأجراء مطالبة مؤجرهم بغرامات الطرد على أساس توقيف النشاط . فهل يمكن تأسيس الدعوى على الفصل 22 من م.ش ؟

نصّ الفصل 22 من م.ش على أنّ ” كلّ عامل مرتبط بعقد لمدّة غير محدودة وقع طرده بعد ستّة أشهر قضاها في العمل فعلا يستحق منحة طرد تقدّر بنسبة أجر يوم لكلّ شهر حقيقي في نفس العمل . و يعتبر في ذلك الأجر المقبوض عند الطرد – مع مراعاة جميع الإمتيازات التي لم تكن لها صبغة ترجيع مصاريف . و لا يمكن أن تفوق هذه المنحة أجر ثلاثة أشهر – مهما كان طول مدّة العمل – كلّ هذا الا في صورة وجود شروط أحسن جاء بها القانون أو الإتفاقيّات المشتركة أو الخاصّة .”

مبدئيا لا شيء يمنع من المطالبة بغرامات الطرد على أساس الفصل 22 من م.ش طالما أنّ قطع العلاقة الشغليّة لا يندرج ضمن أي حالة من الحالات المنصوص عليها صلب مجلّة الشغل . بل أكثر من ذلك يمكن أن تشمل غرامة الحرمان غرامات الطرد ، فعملا بمقتضيات الفصل السابع من قانون 25 ماي 1977 يجب أن تعوّض غرامة الحرمان كامل الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد ، و بما أن طرد الأجراء نتج عن رفض التجديد فإنّ غرامات الطرد

تدخل بالضرورة ضمن مبلغ غرامة الحرمان . و قد تبنت المحاكم التونسية هذا الإتجاه بإحتشام إذ اعتمدت المحكمة الإبتدائية بتونس في مادة غرامة الحرمان إختبارا أقحم ضمن مبلغ تلك الغرامة غرامات الطرد التي سيجبر المتسوّغ على دفعها إلى أجرائه 74 .

إلاّ أنه لا يجوز تعميم هذا الحل ضرورة أنّ غرامة فصل العمال لا تستحق إلاّ إذا استحال على المتسوّغ الانتصاب من جديد و مواصلة استغلال نفس النشاط التجاري حيث يستمر أجراؤه في نفس العمل .

فقرة ثانية : تقدير مصاريف النقل و الشراء و التسجيل :

قد ينتج عن رفض تجديد التسويغ تلاشي بعض عناصر الأصل التجاري و رغم ذلك يحاول المتسوّغ الإنتصاب من جديد بمحل آخر لمواصلة استغلال نشاطه التجاري – و في هذه الصورة تشمل غرامة الحرمان إضافة إلى ” قيمة الأصل التجاري عند التعامل … المصاريف العاديّة للنقل و الإنتصاب من جديد و كذلك المصاريف و معاليم التسجيل الواجب دفعها في صورة شراء أصل تجاري له نفس القيمة ..” – الفقرة الثانية من الفصل السابع من قانون 1977.

إلاّ أنه بإمكان المتسوغ أن يحافظ على أصله التجاري رغم رفض التجديد و ذلك بإنتصابه بمحل مجاور و في هذه الصورة ينحصر مبلغ التعويض على مصاريف النقل و الإنتصاب من جديد فحسب.

و قد أكّد القضاء التونسي على ضرورة إحتساب مصاريف النقل و الإنتصاب من جديد ضمن مبلغ غرامة الحرمان 75 و أقرّه القضاء الفرنسي منذ زمن طويل 76 .

و تحتسب هذه المصاريف بالاستناد على الفواتير المقدّمة من قبل المتسوّغ إذا اتضح في تاريخ صدور الحكم أن هذا الأخير قد غادر المكرى و انتصب بالمحل الجديد ، أمّـا إذا بقي المتسوّغ بالمحل فإن المحكمة تقدّر تلك المصاريف جزافا 77 . إضافة إلى مصاريف النقل و الإنتصاب تشمل غرامة الحرمان مصاريف شراء أصل تجاري جديد و معاليم التسجيل إذ أدّى رفض التجديد إلى خسارة الأصل التجاري المستغل بالمكرى – و قد أقرّ كلّ من فقه القضاء التونسي و الفرنسي هذه المصاريف و اعتبرها كعنصر من عناصر الضرر ، الذي يلحق المتسوّغ المحروم من التجديد ، يجب احتسابه ضمن مبلغ غرامة الحرمان 78.

و تعتمد المحاكم في تقدير مصاريف الشراء على تقارير الخبراء الذين يستندون إلى تقاليد المهنة في تحديد مبلغ التعويض – أمّا مصاريف التسجيل فهي مرتبطة بثمن الشراء.

و تحتسب مصاريف الشراء و التسجيل مثلما هو الشأن لمصاريف النقل و الإنتصاب بحسب إن غادر المتسوّغ المكرى أو لم يغادره عند صدور الحكم … و تجدر الإشارة إلى أنّ فقه القضاء التونسي يؤكد على أن تشمل غرامة الحرمان جميع عناصر الضرر التي تلحق المتسوّغ المحروم من التجديد و يحرص على أن لا تقل عن قيمة الأصل التجاري حتّى و إن كان المتسوّغ يملك أصلا تجاريا آخرا.

و في الختام نذكّر أنّ المحاكم كثيرا ما تقتصر على التقدير الوارد بتقارير الخبراء المنتدبون من قبلها رغم أن قضاة الموضوع يتمتّعون بالسلطة التقديرية في تحديد عناصر الضرر و تقدير مبلغ غرامة الحرمان تبعا لذلك .

و يعود ذلك إلى عدم وجود طرق حسابيّة مضبوطة لتقدير قيمة الأصل التجاري كما هو الشأن بالنسبة لتقدير القيمة الكرائيّة العادلة عند تعديل الأكرية التجارية مثل طريقة التنظير و نسبة إرتفاع الأسعار …. إلى تقدير مصاريف النقل و الإنتصاب بصفة اعتباطيّة

و هذه العناصر واردة بالفصل 22 من قانون 1977 لا يمكن إعتمادها عند تقدير غرامة الحرمان لأن ذلك يبعدنا عن ضبط قيمة الأصل التجاري عند التعامل مثلما أكّد على ذلك الفصل السابع من القانون المذكور .

و لئن كان تحديد عناصر تقدير غرامة الحرمان يشكّل صعوبات عمليّة أمام المحاكم و الخبراء فإنّ تحديد تاريخ ذلك التقدير يشكّل أكثر صعوبة و سيكون هذا موضوع الفصل الموالي .

الفصل الثاني : تاريخ التقدير

لم يضبط المشرع التاريخ الذي يجب أن يعتمده القاضي في تقدير غرامة الحرمان و الحال و أنه يمكن أن تمر فترة زمنية طويلة بين تاريخ الإعلام بالخروج أو برفض التجديد و التاريخ الذي يتمكّن فيه المتسوغ من الإنتصاب من جديد بمحل آخر ، ثمّ إنّ دعوى تقدير غرامة الحرمان قد تطول نسبيا ، في حين أن قيمة العناصر المعتمدة لتحديد غرامة الحرمان تتغيّر من حين لآخر و تخضع للتقلبات الإقتصاديّة .

إنّ غرامة الحرمان يجب أن تشمل كامل الضرر الذي لحق المتسوّغ فعليّا .

لذلك يجب مبدئيا أن ينتظر القاضي خروج المتسوّغ من المحل و إنتصابه بآخر ليضبط قيمة الخسائر ، لذا لم يقع إقرار لا تاريخ إنتهاء الإيجار و لا تاريخ رفض التجديد و لا تاريخ التنبيه بالخروج …

و لا نجد أي بيان ضمن أحكام قانون 25 ماي 1977 يشير إلى التاريخ الذي يجب إعتماده عند تقدير غرامة الحرمان . و يمكن للمحاكم أن تعتمد تاريخين عند تقدير مبلغ التعويض ، تاريخ الحرمان القانوني ( المبحث الأول ) و تاريخ الحرمان الفعلي ( المبحث الثاني)

المبحث الأول : إعتماد تاريخ الحرمان القانوني

يقتضي تاريخ الحرمان القانوني اعتماد التاريخ الذي توقف فيه المتسوغ عن شغل المحلّ بصفة قانونية ، عند تقدير غرامة الحرمان ( فقرة أولى) . و قد إعتمدت المحاكم هذا التاريخ ثم تخلّت عنه للسلبيات التي نتجت عنه ( فقرة ثانية ) .

فقرة أولى : التوقيف القانوني لشغل المكرى :

نذكّر أن الفصل الرابع من قانون 25 ماي 1977 اقتضى و أن أكرية المحلات الخاضعة لهذا القانون لا تنتهي إلاّ بتنبيه بالخروج يقدّم في أجل ستة أشهر من قبل ، خلافا لمقتضيات الفصلين 791 و 792 من م.إ.ع .

فعقد التسويغ في القانون العام ينتهي بإنتهاء المدّة المحدّدة بالعقد دون حاجة إلى توجيه تنبيه للمتسوغ إلاّ إذا كان العقد غير محدّد المدّة .

أمّا بالنسبة للأكرية التجارية فقد خصّها المشرّع بقواعد محدّدة . فإذا كان عقد الإيجار التجاري محدّد المدّة فإن شغل المكرى من قبل المتسوّغ يتوقف قانونيّا عند انتهاء تلك المدّة شريطة أن يوجّه مالك العقار تنبيها بالخروج ستّة أشهر من قبل.

و إذا تجدّد الإيجار تجديدا ضمنيّا لعدم توجيه التنبيه من قبل المسوّغ في الأجل القانوني قبل نهاية مدّة العقد ، أو تجديدا صريحا باشتراط تجديد مدّة الكراء بصفة صريحة ضمن عقد التسويغ في صورة عدم توجيه تنبيه بالخروج ، فإن التوقيف القانوني لشغل المكرى يكون عند انتهاء المدّة المجدّدة أي ستّة أشهر بعد تاريخ الإعلام بالخروج .

و أمّا إذا كان عقد التسويغ غير محدّد المدّة فإن الكراء ينتهي بعد ستّة أشهر من تاريخ الإعلام برفض التجديد . لذلك لا يمكن اعتماد تاريخ توجيه الإعلام برفض التجديد من قبل مالك العقار كتاريخ لتوقيف شغل المكرى بصفة قانونيّـة .

و يقتضي اعتماد تاريخ التوقيف القانوني لشغل المكرى عند تقدير غرامة الحرمان الإستناد إلى التاريخ الذي ينتهي فيه عقد الإيجار بصفة قانونية حسب الحالات المشار إليها آنفا .

و يستند فقه القضاء التونسي بصفة ضمنية إلى هذا التاريخ 79 و قد إعتمده القضاء الفرنسي أيضا 80 .

فالضرر يجب أن يقدّر في الوقت الذي يتوقف فيه المتسوّغ عن شغل المحل بصفة قانونية 81 .

و هذا يعني أن تقدير الضرر يكون في التاريخ الذي ينشأ فيه حق التعويض .

و هذه الطريقة تجبر القاضي على تقدير الخسارة في تاريخ يصبح في أغلب الحالات بعيدا جدّا عن تاريخ حصول الضرر الفعلي بإعتبار أن المتسوّغ يواصل إستغلال نشاطه التجاري إلى حين مغادرة المكرى و إتمام عملية النقل و الإنتصاب مما يجعل تقدير الضرر يكون بمبلغ أقل من قيمته الحقيقيّة .

فقرة ثانية : السلبيات الناشئة عن إعتماد هذا التاريخ:

يجدر التذكير إلى أنّ غرامة الحرمان يجب أن تعوّض كامل الضرر الذي يلحق المتسوّغ المحروم من التجديد .

و هذا التعويض يجب أن يكون مساويا للضرر الحاصل بسبب عدم التجديد الفصل 7 فقرة I من قانون 25 ماي 1977.

غير أنّ اعتماد تاريخ الحرمان القانوني يكوّن حاجزا أمام القاضي في تقدير القيمة الحقيقية للضرر خاصّة الضرر التبعي المشتمل على مصاريف النقل و الإنتصاب و كذلك المصاريف و معاليم التسجيل الواجب دفعها في صورة شراء أصل تجاري …. ضرورة أنّ هذا الضرر لا ينشأ إلاّ في تاريخ لاحق عن التاريخ الذي يتوقف فيه المتسوّغ عن شغل المكرى بصفة قانونية .

فضلا عن ذلك فقد مكّن المشرّع المتسوّغ من البقاء بالمكرى إلى حين يتم الدفع الفعلي لغرامة الحرمان إذ اقتضى الفصل 19 من قانون 1977 أنّه ” لا يجوز إجبار أي متسوّغ يمكنه إدعاء استحقاقه لغرامة الحرمان أو لإحدى الغرامات المنصوص عليها بالفصلين 9 و 16 من هذا القانون على الخروج من المحلات قبل اتصاله بالغرامة …”.

و حقّ البقاء الذي منحه المشرّع للمتسوّغ المحروم من التجديد يتعارض مع اعتماد تاريخ الحرمان القانوني عند تقدير غرامة الحرمان رغم أنّ المشرّع يستدرك في نفس الفصل المذكور و يمكّن مالك العقار من إخراج المتسوّغ من المحل التجاري مقابل دفع غرامة وقتيّة ” يقدرها رئيس المحكمة الإبتدائيّة الذي يرفع إليه الأمر و يحكم فيه طبق الشروط المنصوص عليها بالفصل 28 من قانون 25 ماي 1977 .

و نشير إلى أنّ تقدير الغرامة الوقتيّة تنطبق عليه اجراءات القضاء المستعجل حسبما ورد بالفصل 28 من قانون 1977 الذي أحال له الفصل 19 عندما يقع البتّ في النزاع المتعلّق بذلك التقدير ” على أنّ أجل الحضور خلافا لمقتضيات الفصلين 203 و 209 من م.م.م.ت لا يمكن أن يكون أقلّ من ثمانية أيّام “.

لكن هلْ أنّ الحكم الذي يصدر في تقدير تلك الغرامة الوقتيّة هو حكم عادي أم حكم استعجالي ؟

تتمحور أهميّة هذا السؤال حول مسألة استئناف و تنفيذ ذلك الحكم .

هناك فرضيّتان ، الأولى تعتبر أنّ ذلك الحكم هو حكم عاديّ و استئنافه يوقف التنفيذ . و هذه الفرضيّة تفرغ الفصل 19 من محتواه بإعتبار أنّها تعيدنا إلى الإجراءات العاديّة و قد تطول اجراءات التقاضي مثلما هو الأمر بالنسبة لتقدير الغرامة النهائية .

أمّا الفرضيّة الثانية – و هي التي تتطابق حسب رأينا مع منطوق الفصل 28 و روح الفصل 19 من قانون 1977 فتعتبر ذلك الحكم إستعجاليا و استئنافه لا يوقف التنفيذ ضرورة أنّ المشرّع جعل اجراءات الفصل 28 الذي يحيل إليه الفصل 19 إجراءات إستعجاليّة و استثنى حالتين فقط ضمن الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور التي اقتضت ” أنّ أجل الحضور خلافا لمقتضيات الفصلين 203 و 209 من م.م.م.ت لا يمكن أن يكون أقلّ من ثمانية أيّام” و أنّ استئناف القرارات الصادرة طبقا للقانون العام يعطّل التنفيذ ” ، و لو كانت إرادة المشرّع تتجّه نحو اعتبار الحكم الصادر في تقدير الغرامة الوقتية حكما عاديّا لنَصّ على ذلك صراحة .

إضافة إلى ذلك فإن مقتضيات الفصل 19 تتضارب مع حق المتسوّغ في نقل أصله التجاري بمحل آخر باعتبار أنّ إجراءات الفصل 28 هي إجراءات مستعجلة و لا تترك للمتسوّغ المحروم من التجديد الوقت الكافي للبحث عن محل آخر ينتصب به .

و يتضّح ممّا سلف بسطه أن حق بقاء المتسوّغ بالمكرى يشكّل حاجزا قانونيّا لإختيار تاريخ الحرمان القانوني و اعتماده في تقدير غرامة الحرمان – و من جهة أخرى فإنّ عناصر الضرر قد تتغيّر بنسبة كبيرة ، بسبب التقلبات الإقتصاديّة ، من تاريخ الحرمان القانوني إلى حين صدور الحكم . لذلك يعدّ تقدير الضرر في تاريخ الحرمان القانوني تقديرا غير عادل لأنه يحرم المتسوّغ من جزء هام من الخسارة التي تلحق به .

ممّا يؤدي إلى عدم اعتماد تاريخ الحرمان القانون في جميع الحالات .

المبحث الثاني : اعتماد تاريخ الحرمان المادي :

للحدّ من نقائص تاريخ الحرمان القانوني وقع اعتماد تاريخ الحرمان المادي و هذا يقتضي من القاضي تقدير غرامة الحرمان في التاريخ الذي غادر فيه المتسوّغ المكرى بصفة فعليّة.

كما أنّ لا شيء يمنع مبدئيّا من اعتماد المبادئ العامة لتقدير التعويض عن المسؤولية المدنيّة في مادة غرامة الحرمان ، معنى ذلك أنّ القاضي يقدّر قيمة التعويضات التي يستحقّها المتسوّغ المحروم في التاريخ الذي يبت فيه في النزاع.

و على القاضي أن يتحقق من الضرر الفعلي و الحقيقي الذي لحق المتسوّغ ليتوصل إلى القيام بتقدير عادل و يمكن أن نؤيّد هذه الفرضيّة بمفهوم قيمة الأصل التجاري عند التعامل بما أنّ هذه القيمة يجب أن تكون مساوية للثمن الذي يحقّ للبائع أن يتحصّل عليه من عمليّة بيع عاديّة حسب الشروط و الظروف الزمنيّة . و يستشف من ذلك أنّ التقدير يجب أن يقع في تاريخ يكون فيه القاضي قادرا على تقدير الأصل التجاري بدقّّة .

غير أنّ هذه الطريقة لا يمكن تعميمها إذ يجب أن نفرّق بين حالتين – الحالة الأولى هي التي يكون فيها المتسوّغ قد غادر المكرى في تاريخ صدور الحكم ( فقرة أولى ) و الحالة الثانية هي التي يبقى فيها المتسوّغ بالمحل يوم صدور الحكم ( فقرة ثانية ) .

فقرة أولى : مغادرة المتسوّغ للمكرى :

قد يحصل أن يغادر المتسوّغ المحروم من التجديد المحلّّ التجاري بعد أن يقع إعلامه من قبل المسوّغ برفض التجديد و الخروج في الآجال المحدّدة صلب التنبيه . غير أنّ هذه الفرضيّة تعد استثناءا للقاعدة التي تمنح المتسوغ حق البقاء بالمكرى عملا بأحكام الفصل 19 من قانون 25 ماي 1977 حتى يدفع له مالك العقار غرامة وقتيّة أو غرامة الحرمان ذاتها .

إلاّ أنه إذا تبيّن للقاضي يوم فصله في النزاع و أنّ المتسوّغ قد غادر المحل التجاري فإنّ ذلك يتطلب من القاضي الرجوع إلى التاريخ الذي غادر فيه المتسوّغ ليقدر قيمة التعويض عن الضرر الذي لحقه .

و قد وقع تطبيق هذه الطريقة في العديد من المناسبات من قبل المحاكم الفرنسيّة 82 مؤكدة على أنّ التاريخ الذي يقع اعتماده في التقدير هو التاريخ الذي ينشأ فيه الضرر بمعنى آخر تاريخ خروج المتسوّغ من المكرى ، كما أيّد بعض الفقهاء هذا الرأي 83 .

و يمكن للمحاكم التونسية أن تطبق هذا الحل فتعتمد تاريخ خروج المتسوّغ من المكرى عندما تبتّ في النزاع ضرورة أنّ هذا الحل يمكّن من تقدير غرامة الحرمان بصفة عادلة و مساوية للضرر الحقيقي الذي يلحق المتوسغ المحروم من التجديد. و هذا يتفّق من ناحية مع أحكام الفصل السابع من قانون 1977 الذي إقتضى أن تساوي غرامة الحرمان الضرر الحاصل بسبب عدم التجديد – الفقرة الأولى من الفصل السابع من قانون 1977 – و من ناحية ثانية فهو يتطابق مع المبادئ التي تفرض أن لا يتجاوز التعويض الضرر الذي يلحق الشخص بسبب الأفعال المنشئة للمسؤولية .

و كلّ هذه المبادئ العامة و كذلك المبادئ الخاصة بغرامة الحرمان تبعد القاضي عن الوقوع في المحضور و عن إسناد المتسوّغ تعويضات أكثر ممّا يستحقّ فيتسبب في إثراء هذا الأخير على حساب مالك العقار و هو مالا يبيحه القانون و لا العدل و الإنصاف .

و تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الفرضيّة ، المتعلّقة بخروج المتسوّغ من المحلات قبل البتّ في النزاع ، لا تثير صعوبات تطبيقيّة على خلاف الصورة التي يمارس فيها المتسوغ حقّه في البقاء بالمكرى.

فقرة ثانية : بقاء المتسوغ بالمكرى

تشكّل هذه الفرضية القاعدة بما أنه لا يجوز إجبار المتسوّغ على الخروج من المحلاّت قبل اتصاله بالغرامة – الفصل 19 فقرة أولى من قانون 1977 – فإذا كان المتسوّغ ، في تاريخ صدور الحكم ، ما يزال موجودا بالمحلات فإنّ ” تقدير الضرر يكون في أقرب تاريخ يقترن بالمغادرة الفعليّة للمتسوّغ من المحل التجاري ، أي تاريخ صدور الحكم بالتعويض.

و يعتمد الفقه و القضاء الفرنسييّن عند تقدير غرامة الحرمان تاريخ صدور الحكم أو تاريخ القرار الإستئنافي الذي يقرّ الحكم المنشئ للحق 84

إن غرامة الحرمان يجب أن تقدّر في أقرب تاريخ يقترن بتحقق الضرر فيكون ذلك التاريخ عندئذ تاريخ القرار الإستئنافي إذا بقي المتسوّغ بالمحلات في هذا التاريخ . لذلك فإنّ القرار الإستئنافي الذي يقتصر على اعتماد تقدير قضاة الدرجة الأولى دون أن يثبت ما إذا تفاقم الضرر في تاريخ البتّ في النزاع يستوجب النقض 85 .

و يتضح ممّا سلف بسطه أنّه يمكن تطبيق المبادىء التي كرّسها فقه القضاء في مادّة المسؤولية المدنية على مادة غرامة الحرمان فيما يتعلّق بتاريخ التقدير بيد أنّ ضرورة تقدير غرامة الحرمان في أقرب تاريخ يقترن بالخروج الفعلي للمتسوّغ من المحلّ تتلقى ثلاث استثناءات – أولاّ إذا نصّ الحكم الذي اتّصل به القضاء على اعتماد تاريخ آخر 86 . ثانيا إذا وجد اتفاق بين الطرفين يضبط مبلغ غرامة الحرمان 87. ثالثا و حسب محكمة التعقيب الفرنسية 88.إذا وقع استئناف الحكم ، الذي يلزم المسوّغ بدفع غرامة الحرمان ، من قبل هذا الأخير بإعتبار أنّ قضاة الدرجة الثانية لا يمكنهم الرفع في مبلغ الغرامة التي قبلها المتسوّغ إلاّ إذا قام هذا الأخير بإستئناف عرضي ففي هذه الصورة لا يعمل بهذا الإستثناء .

إذن يجب أن تقدر غرامة الحرمان في أقرب تاريخ ممكن للحرمان الفعلي للمتسوغ و تقتضي هذه القاعدة من قضاة الإستئناف أن يبحثوا إن كان الضرر الذي لحق المتسوغ المحروم قد تفاقم منذ صدور الحكم 89.

كما يجب أن يتمّ الإذن بإجراء إختبار ثان إذا كان الإختبار المستند عليه قد تمّ منذ وقت

طويل 90 ، أو الإكتفاء بتعديله مع الأخذ بعين الإعتبار التغيرات التي تطرأ على قيمة الأصول التجارية في نشاط موضوع النزاع .

غير أنّه لا يمكن أن يؤخذ بعين الإعتبار تفاقم الضرر الذي يتسبّب فيه المتسوّغ بخطئه الشخصي باستعماله مثلا وسائل مماطلة لتأخير الخروج من المحلّ 92 .

و تجدر الإشارة إلى أنّه يجب التفريق بين التاريخ الذي يجب اعتماده عند تقدير غرامة الحرمان و تاريخ تقدير توفّر شروط اكتساب المتسوّغ الحقّ في تلك الغرامة . وقد فرّقت محكمة التعقيب الفرنسيّة بصفة جليّة بين هذين التاريخين إذ جاء بإحدى قرارتها “…إذا كان تقدير عناصر الضرر التي تكوّن الأصل التجاري يجب أن يتمّ في أقرب تاريخ للحرمان ، عند تحديد غرامة الحرمان ، فإنّ مكوّنات ذلك الأصل يجب أن تقدّر في تاريخ رفض التجديد….”93.

و في الختام نشير إلى أنّ حقّ البقاء بالمكرى يعدّ ضمانا للمتسوّغ المحروم من حقّ التجديد ، يكفل له إلى حدّ ما ، دفع غرامة الحرمان من قبل المتسوّغ 94 .

و في المقابل فإنّ حقّ البقاء يمكّن المسوّغ من التخلص من دفع غرامة الحرمان و ذلك بممارسة حقّه في التراجع عن رفض التجديد ما يسمّى بالفرنسية ” droit de repentir المنصوص عليه بالفصل 30 من قانون 25 ماي 1977 إلا أنّ المشرّع أخضع ممارسة هذا الحق من قبل المسوّغ لعدّة شروط سعيا إلى المحافظة على حقوق المتسوّغ ، ذلك أنّ مالك العقار لا يمكنه أن يتخلّص من دفع غرامة الحرمان إلاّ إذا عبّر عن رغبته تلك في آجال محدّدة . فإذا صدر عليه الحكم و تعلّق الأمر بحكم ابتدائي فله أن يمارس ذلك الحق في ظرف خمسة عشر يوما ابتداء من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا ، و لكي يصبح الحكم كذلك يجب أن تمر آجال الإستئناف بعد الإعلام بالحكم دون أن يقع استئنافه من الطرفين . أمّا إذا تعلّق الأمر بحكم استئنافي فيمكن للمسوّغ أن يتخلّص من دفع الغرامة في ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم

و هذه الآجال هي آجال قصوى يستطيع خلالها مالك العقار ممارسة ذلك الحق و هذا يعني أنه بإمكانه أن يمارس حقه قبل تلك الآجال أي حتى أثناء نشر القضيّة لدى الإستئناف .

فضلا عن ذلك ، إذا عدل مالك العقار عن إخراج المتسوّغ من المحل مقابل التخلّص من دفع غرامة الحرمان خلال الآجال المذكورة أعلاه ، فإنه يتحتم عليه أن يتحمل مصاريف القضية و يقبل تجديد التسويغ الذي تعيّن شروطه في صورة عدم الإتفاق طبق تراتيب الفصل 28 من قانون 1977 .

و يجدر التذكير أنّ مالك العقار لا يستطيع ممارسة الحق المنصوص عليه بالفصل 30 فقرة 2 من قانون 1977 إلاّ إذا كان المكتري مستمرّا على البقاء بالمحل ، أو كذلك إذا لم يسبق له كراء أو شراء عقار آخر . و يكفي أن يتوفر أحد هذين الشرطين حتّى يصبح المسوّغ عاجزا عن استعمال ذلك الحق . فسواء غادر المتسوّغ المكرى أو سوّغ أو اشترى عقارا آخر فإنّ المالك لا يستطيع أن يتراجع عن إخراج المتسوّغ من المحل إلاّ إذا وافق هذا الأخير عن ذلك .

1 الفصول من 1708 إلى 1831 من مجلّة المدينة الفرنسية

2 انظر سمير القلصي حق تجديد الكراء التجاري رسالة الحصول على شهادة الدروس المعقمة في القانون الخاص 1983- ص 3

3 انظر جرارد فرجات النظام العام الإقتصادي –رقم 263

القضائية و من الصعوبات التي اعترضت المحاكم عند تطبيق أمر 1954 ، أساسا في النقاط التالية .

4 ظهر أيضا التشريع الخاص بالأكرية المستعملة للسكنى : قانون 76 – 35 المؤرخ في 18 فيفري 1976 و المنقّح بالقانون عدد 78-19 في غرّة مارس 1978 .

5 انظر رشيد الصباغ : الملكية التجارية الأحكام الجديدة في القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25 ماي 1977 ص 9 .

6 هذا الامر نقله المشرّع التونسي عن الأمر الفرنسي المؤرخ في 30سبتمبر 1953 مع بعض التغيرات الطفيفة

7 الفصل 3 من القانون 1977 الذي يقابله الفصل 4 من أمر1954.

9 هذه الفقرة كانت موجودة قبل تنقيح الفصل الثامن سنة 1976.

10 تولوز Toulouse 13 أفريل 1938 – الأسبوع القضائي 1.8.1938 ص 717

11 الفصل الأول من قانون 25 ماي 1977

12 انظر الفصلين الأول و الثالث من قانون 1974.

13 رشيد الصباغ : ” الملكية التجارية الأحكام الجديدة في القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25 ماي 1977

14 الفصل الثالث من قانون 25 ماي 1977 كرّس حق تجديد كراء المحلات التجاريّّة.

15 رفض التجديد الوارد بالفصل السابع يعتبر رفضا تعسفيا باعتبار أن مالك العقار يرفض التجديد دون تبرير و دون أن يتمكن من إثارة صور الرفض ” القانوني ” الواردة بالفصل الثامن و ما بعده من قانون 25 ماي 1977 ”

16 إستئناف باريس مؤرخ في 14 نوفمبر 1956

17 . تعقيب فرنسي – الدوائر المجتمعة – ج.س.ب J.C.P 1970 الجزء II عدد 16489 .

18 . 20 مارتان ، موس و لافارج الموجز في الأكرية التجاريّة رقم 132

19. انظر سمير القلصي حق تجديد الكراء التجاري رسالة تخرّج لنيل شهادة الدروس المعمقة في القانون الخاص 1983 ص 32.
20. قرار تعقيبي تحت عدد 4671 مؤرخ في 01 فيفري 2002 م.ق.تش لسنة 2003 عدد 4 ص 99
21 تعقيب فرنسي مؤرخ في 7 مارس 1955 جريدة القصر G.P لسنة 1955 الجزء 1 ص 336

22 قرار تعقيبي تحت عدد 6816 مؤرخ في 19 فيفري 1970 م ق تش لسنة 1970 ص 801

23 عن حيثية لقرار محكمة التعقيب عدد 9215 م.ق.تش لسنة 1959 ص92.

24مارتان ، موس و لافارج – المرجع السابق عدد 220

25 تعقيب تجاري فرنسي مؤرخ في 09 نوفمبر 1953 – جريدة القصر لسنة 1954 الجزء I ص 40.

26 قرار تعقيبي تحت عدد 5911 مؤرخ في 17/12/2000 م.ق.تش ، لسنة 2001 ص 514

27 قرار تعقيبي تحت عدد 1305 مؤرخ في 14/11/1977 ن م.ت لسنة 1977 الجزء II ص 186

28 أرشوفاك و من معه ” نظام الأكرية التجارية ط أ ف 36 ”

بيرو و من معه ” الدليل الجديد للأكرية التجارية – الفصل 1 رقم 106.

29 إستئناف تونس تحت عدد 41090 مؤرخ في 25 أكتوبر 1978 غير منشور و يقارن مع تعقيب 11 مارس 1982 تحت

عدد 5335 ن.م.ت ص 183

أنظر أيضا تعقيب تجاري فرنسي مؤرخ في 03 ديسمبر 1958 جريدة القصر G.P لسنة 1959 الجزء I ص 159

30 قرار تعقيبي تحت عدد 21383 ن.م.ت لسنة 1988 – القسم المدني ص 175

31 انظر سمير القلصي – المرجع السابق – ص 47-49

32 انظر الفصل 15 من المجلة التجارية

33 كراء الأراضي الفلاحيّة يخضع لقانون 12 جوان 1987

34 تعقيب تجاري فرنسي مؤرخ في 15 جوان 1964 . R.I لسنة 1964 ص 431

35 انظر ادريال بيتال ” الحرفي “: “مفهومه و نظامه ” جريدة القصر G.P لسنة 1964 الجزء II ص 20

36 تعقيب فرنسي مؤرخ في 23 فيفري 1953 ج س ب ت J.C.P 1953 II عدد 7666

قرار تعقيبي تحت عدد 3728 في 21 ماي 1981 ن.م.ت لسنة 1981 ص 54

37 قرار تعقيبي عدد 15915 بتاريخ 27 أكتوبر 1988 ن.م.ت لسنة 1988 القسم المدني ص 173

38 قرار تعقيبي عدد 11831 مؤرخ في 13 جانفي 1977 م.ق.تش لسنة 1977 عدد 10 ص 75

39 قرار تعقيبي عدد 852 ن.م.ت لسنة 1977 الجزء II ص 87

نطاق نشاطه عمليات بيع و شراء. أمّا الحرفي الذي يعد نشاطه حرفي صرف فإنه لا يمكن أن ينتفع بحق التجديد و لا ينطبق عليه قانون الأكرية التجارية 37.

40 انظر رشيد الصباغ – الملكية التجارية الأحكام الجديدة في القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25 ماي 1977 ص 25

41 أر شوفاك و من معه – المرجع السابق – عدد 355.

42 تعقيب فرنسي مؤرخ في 06 جويلية 1977- جريدة القصر G.P لسنة 1977

43 قرار تعقيبي تحت عدد 1841 .ن.م.ت لسنة 1979 الجزء II ص 114

44 أنظر سمير القلصي – المرجع السابق . ص 65 و ما بعدها .

45 انظر سمير القلصي المرجع السابق – ص 110 و ما بعدها و كذلك أرشوفاك و من معه – المرجع السابق رقم 428.

46 قرار تعقيبي عدد803 مؤرخ في 17 مارس 1977 م.ن.تش لسنة 1978 عدد4 ص 51

47 قرار تعقيبي عدد1606 مؤرخ في03 ماي 2003 م.ن.ت لسنة 2003 الجزء I ص 213

48 انظر أرشوفاك و من معه – المرجع السابق – عدد 509

49 قرار تعقيبي عدد 19090 –ن.م.ت لسنة 1998 القسم المدني ص 306

50 – انظر محمد كمال قرداح ” الإنتزاع للمصلحة العامة فقها و قضاءا ” م ق تش لسنة 1978 ص 7

كذلك ابراهيم الجربي ” الملكية وحق الإنتزاع للمصبحة العامة ” م ق تش لسنة 1962 ص 697

51 قرار تعقيبي عدد 1189 مؤرخ في 25 ماي 1978 ن.م.ت لسنة 1978 الجزء I ص 279

و قرار تعقيبي عدد 1018 مؤرخ في 19 أكتوبر 1978 ن.م.ت لسنة 1978 الجزء II ص 100

52 قرار تعقيبي عدد 6910 ن.م.ت لسنة 1984 – القسم المدني لعام 1983 الجزء الأول

53 قرار تعقيبي عدد 710 مؤرخ في 19 ماي 1977 ن.م.ت لسنة 1977 الجزء I ص 235

54 قرار تعقيبي عدد 1018 مؤرخ في أكتوبر 1978 ن.م.ت لسنة 1978 الجزء II ص 100

55 قرار تعقيبي عدد 2693 بتاريخ 7 سبتمبر 1978 .م.ق.تش لسنة 1979 عدد 8 ص 152

56 مارتان ، موس ، و لافارج – المرجع السابق – ص 319

57 ارشوفاك ، بولو و لوقراند – المرجع السابق ص 230

58 قرار تعقيبي عدد 5226 مؤرخ في 4 جوان 1981 ن.م.ت لسنة 1981 ص 110

في نفس الإتجاه قرار تعقيبي عدد 357 بتاريخ 3 فيفري 1977 ن.م.ت لسنة 1977 الجزء I –

و قرار تعقيبي عدد 1481 مؤرخ في 6 سبتمبر 1978 ن.م.ت لسنة 1978 – الجزء II ص 63

59 قرار تعقيبي عـ1180ـدد بتاريخ 14 جويلية 1977 .ن.م.ت لسنة 1977 الجزء II ص 77

60 قرار تعقيبي عـ8524ـدد بتاريخ 17 فيفري 1983 – ن.م.ت 1984 – القسم المدني لعام 1983 الجزء I ص 144

61 قرار تعقيبي تحت عدد 2620 مؤرخ في 31 مارس 1981 ن.م.ت لسنة 1982 – القسم المدني – الجزء العام 1981

ص 176

62 بيرو ” كيفية تقدير الأصول التجارية ” A.L نوفمبر 1955 – ص 72

63 أنظر محمد الصحبي بودربالة ” غرامة الحرمان” رسالة تخرّج لنيل شهادة الدروس المعمّقة 1978 –ص 51-52

64 حكمإبتدائي عدد 23905 صادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس بتاريخ 20 جانفي 1976 غير منشور

65 أنظر RL 156 فقه قضاء ص 553 .

66 المحكمة الإبتدائية بسان Seine بتاريخ 19 ديسمبر 1960 ج.س.ب J.C.P 1960 جزء II عدد 11816

67 حكم إبتدائي عدد 24318 صادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس بتاريخ 10/06/2006 غير منشور

68 أنظر المحكمة المدنية ” بسان ” 4 ديسمبر 1956 R.L 1957 ص 161

69 أنظر برونو بوكارا ” التسويغ الجديد للأكرية التجاريّة ”

70 أنظر بيرو ” علاقات التسويغ التجارية و غرامات الحرمان A.L 1956 صفحة 391

71 أنظر المحكمة المدنية بسان Seine حكم بتاريخ 9 مارس 1956 مجلّة الأكرية R.I 1956 فقه القضاء ص 556

72 قرار تعقيبي عدد 1444 – ن .م.ت لسنة 1990 الجزء II ص 39

73 أنظر الحكم الإبتدائي الصادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس بتاريخ 20 جانفي 1976 تحت عدد 23905 – غير منشور

74 أنظر الحكم الإبتدائي الصادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس عدد 23905 المشار إليه آنفا .

75 انظر الحكم الإبتدائي الصادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس عدد 23905 المذكور سابقا .

76 أنظر تعقيب تجاري مؤرخ في 24 جانفي 1955 مجلة الأكرية R.I 1955 ص 187

77 نلاحظ في أغلب الحالات أن المتسوّغ يبقى بالمكرى في انتظار صدور الحكم لفائدته بغرامة الحرمان ممّا يضطر المحاكم

78 انظر محكمة سان SENE 25 مارس 1955 مجلة الأكرية R.I 1955 ص 269 و كلك المحكمة الإبتدائية بتونس

حكم عدد 23905

79 انظر الأحكام الإبتدائية غير المنشورة و الملحقة برسالة الأستاذ محمد الصبحي بو دربالة –المرجع السابق

80 – تعقيب تجاري 3 ديسمبر 1952 J.C.P 1953عدد 7489

81 تعقيب فرنسي تجاري 7 ديسمبر 1953 –دالوز dalloz 1954 ص 93

82 Rouen 6 جانفي 1955 – A.J.P.I 1955 – ص 215

تعقيبي تجاري بتاريخ 30 جوان 1959 – النشريّة المدنيّة ص 255 و كذلك تعقيب تجاري مؤرخ في 23 جانفي 1961

جريدة القصرJ.P 1961 ص 221

83 انظر جورج توماس : « libération anticipée des locaux par le preneur et rétention de l’indemnité d’éviction par le bailleur » 1973 page 410 A.J.P.I

84 انظر روبار مارتان و ريني موس ” الموجز في الأكرية التجاريّة رقم 349 – كذلك أرشوفاك المرجع السابق

رقم 319 و أنظر تعقيب تجاري بتاريخ 4 جانفي 1951 – النشريّة المدنية الجزء 111 ص 2

– و كذلك تعقيب تجاري مؤرخ في 20 نوفمبر 1962 – النشرية المدنية الجزء 111 ص 384 .

85 تعقيبي تجاري في 26 ديسمبر 1961 النشرية المدنية الجزءIII عدد 501 ص 438

86 تعقيب تجاري فرنسي مؤرخ في 8 ماي 1963 –A.L 1963 ص 126

78 استئناف آكس Aix 27 نوفمبر 1972 A.L 1972ص 956

88 تعقيب مدني فرنسي بتاريخ 13 مالرس 1973 النشرية الجزءIII ص 138

89 تعقيب تجاري فرنسي بتاريخ 26 ديسمبر 1961 المشار إليه آنفا و كذلك تعقيب مدني فرنسي مؤرخ في 10 جويليا 1963

A.L 1964 ص 453

90 باريس 8 نوفمبر 1957 A.L 1958 ص41

92 باريس 15 أفريل 1958 – مجلة الأكرية – R.L 1958 ص 360

93 تعقيبي تجاري مؤرخ في 5 جانفي 1967 – مجلة الأكرية – 1967 – ص 217

94 قرار تعقيبي عدد 1329 مؤرخ في 15 فيفري 1979 ن.م.ت لسنة 1979 ص 74