مكاتب المحاماة والشركات المساهمة

ماجد محمد قاروب

يجدر بنا أن نتطرق إلى أول أو إحدى مهام ومسؤوليات الإدارة القانونية في الشركات المساهمة في موضوع التقاضي وهي الاتصال، وحصر أسماء مكاتب المحاماة المرخصة من قبل وزارة العدل ثم العمل على محاولة تصنيفها موضوعياً وجغرافياً، ومن ثم عرض الأمر على رئيس مجلس الإدارة لاختيار أحد هذه المكاتب.

وقد تلجأ الشركة المساهمة إلى الاستعانة بمكاتب أجنبية في مجال الاستشارات القانونية، وهذا أمر غير مرغوب لأنها مهما بلغت خبراتها لا تستطيع أن تبدي استشارات قائمة على أسس شرعية ونظامية من مجمل الشرع والنظام والقانون في المملكة وإن بدت استشاراتها أحياناً مزخرفة تسر الناظرين إلا أنها غير قابلة للتطبيق لأنها لم تدرك الواقع العملي في البلاد ولم تعتمد في أعمالها على الكفاءات الوطنية من أصحاب المكاتب، ولكن هذا الأمر ليس بالمطلق فالترحيب بالخبرات الأجنبية أفراداً أو شركات مطلوب وبقوة، ولكن في حال ما توافرت الشروط النظامية الحقيقية لوجودها لا أن تكون مكاتب مراسلة ولا تدفع ما عليها من ضريبة دخل وغير عاملة وفق شروط نظام المحاماة ونظام الاستثمار الأجنبي، فهذه مخالفة صريحة لا يجب القبول بها.

إن الحديث عن أهمية الاستشاري القانوني سواء إدارة قانونية أو مكتب محاماة واستشارات قانونية، يطول، ويطول كل ما ورد في لائحة حوكمة الشركات. فمثلاً من يساعد مجلس الإدارة في إعداد الهياكل التنظيمية والوظيفية ووضع سياسة تعارض المصالح ومعالجة حالات التعارض المحتملة لكل من أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والمساهمين والتي تشتمل إساءة استخدام أصول الشركة ومرافقها وإساءة التصرف الناتج عن التعاملات مع الأشخاص ذوي العلاقة، والتأكد من تطبيق أنظمة رقابية مناسبة لإدارة المخاطر، والمراجعة السنوية لفاعلية إجراءات الرقابة الداخلية في الشركة ووضع نظام حوكمة خاص بالشركة بما لا يتعارض مع أحكام اللائحة، وتعديله عند الحاجة ووضع سياسة مكتوبة تنظم العلاقة مع أصحاب المصالح من أجل حمايتهم وحفظ حقوقهم وإعداد آليات تعويض أصحاب المصالح في حال انتهاك حقوقهم التي تقرها الأنظمة وتحميها العقود، وإعداد آليات تسويات الشكاوى والخلافات التي تنشأ بين الشركة وأصحاب المصالح، وتنظيم قواعد السلوك المهني للمديرين والعاملين في الشركة، ووضع السياسات والإجراءات التي تضمن احترام الشركة للأنظمة واللوائح، وتحديد مسؤوليات مجلس الإدارة بوضوح في نظام الشركة الأساسي، ووضع الصلاحيات التي يفوضها المجلس للإدارة التنفيذية، ووضع إجراءات لتعريف أعضاء المجلس الجدد بعمل الشركة، وخاصة الجوانب المالية والقانونية، وتحديد التصرفات التي لا يجوز لمجلس الإدارة القيام بها إلا بإذن من الجمعية العامة، وتشكيل العدد المناسب من لجان مجلس الإدارة وتحديد مهمة اللجنة وصلاحيتها ولوائح عملها.

هذه أمثلة من أهمية مساعدة الاستشاري القانوني لمجلس الإدارة حتى يستطيع المجلس القيام بمهامه، ولو أنصفنا ولن نكون مغالين البتة إذا ما زعمنا أن مناط تطبيق نظام الحوكمة هو استيعاب الاستشاري القانوني له في ظل باقي الأنظمة وقدرته على إيصال مفاهيمه ومفرداته وكيفية تطبيقها إلى مجلس إدارة الشركة وأن يكون عوناً للمجلس في كل ما جاء بأحكام اللائحة وليس ما ضربنا بأمثلته فقط، ونكرر لهذا جاءت أهمية انتقاء الاستشاري القانوني ودقة اختياره، وبالتالي فإن أعضاء الإدارات القانونية وأصحاب مكاتب المحاماة مطالبين بأن يكون لديهم تطوير وتدريب دائم وشامل ومستمر ليكونوا على اطلاع دائم على تطورات القوانين والتشريعات.

كما يفترض فيهم الالتزام الكامل بلائحة سلوكيات السوق وغيرها من الالتزامات المنصوص عليها في أنظمة العمل والمحاماة وأسواق المال ومن أهمها الشفافية والمصداقية والأمانة مما يجرم بعض التصرفات أو الممارسات السلبية التي يتحدث عنها البعض ونشاهد بعضها مثل:
1- أخذ عمولات مقابل اختيار وتعيين مكاتب المحاماة .
2- فتح مكتب وهمي باسم محام مرخص له للتغلب على مشكلة عدد القضايا بالنسبة للوكلاء.
3- قيام بعض موظفي الإدارات القانونية بالشركات بالعمل لدى الغير في غير الأوقات الرسمية أو في العطل والإجازات.
4- عمل المحامي المرخص كموظف وحصوله على مقابل ثابت والتمتع بمزايا التأمين الصحي والتأمينات الاجتماعية وهذا غير سليم ويحمل مخالفات ضخمة جداً.

إن هذه الأخطاء الشائعة تشمل مخالفة صريحة لأنظمة العمل والمحاماة وغيرها من الأنظمة الواجبة الاحترام والاتباع وقد توجب تحريك الادعاء العام في بعض الحالات.

وفي مقابل ذلك فإن هناك واجبات والتزامات على مكاتب المحاماة حيال التأهيل والتدريب يجب أن تعطى حقها الكامل، وألا تجاري أو تتجاوب مع أي ممارسات غير سليمة ومنها تقديم تخفيضات للأتعاب لأعضاء مجالس الإدارات أو كبار التنفيذيين في أعمالهم الخاصة مقابل التوكل عنهم، ومن ثم التعويض عنها في زيادة الأتعاب عن أعمال الشركات المساهمة لأن في ذلك إثراء على حساب المساهمين والمستثمرين يخالف الأنظمة والقواعد الشرعية والمهنية، ويتضمن مخالفة صريحة لقواعد تضارب المصالح المحظور في نظام المحاماة والأخلاق والآداب العامة والمهنية.

وفي الختام يجب أن نوضح أن الحديث عن مهام ومسؤوليات الإدارات القانونية في الشركات المالية والمصرفية هو نموذج ومثال للشركات المساهمة بشكل عام، نصل معه إلى أن عدم استعانة الشركات بشكل عام والمساهمة بشكل خاص في قضاياها وأعمالها بمكاتب محاماة مرخصة يؤكد وجود خلل في المنظومة الإدارية وخلل في تطبيق مجلس الإدارة لمبادئ الحوكمة المعنية بالحفاظ على حقوق المساهمين أصحاب المصالح.

ونشير إلى أن القضاء الحارس الأمين على تطبيق الأنظمة والقوانين يحرص الحرص الأكيد على تنفيذ الأنظمة العدلية وهي المرافعات الشرعية والمحاماة والإجراءات الجزائية خاصة في القطاعات والاختصاصات الاقتصادية والتجارية لحين الوصول إلى التطبيق الكامل والشامل لها في مختلف أنواع المحاكم في التنظيم القضائي الجديد وكذلك في مختلف مناطق المملكة.

إن الأمل كبير في الصلاح والإصلاح وبدايتهما الحوكمة، وقد بدأ الأمر بحوكمة الشركة المساهمة لما تمثله من قوة اقتصادية كبيرة، فإذا ما طبقت لائحة الحوكمة على هذه الشركة فستقضي على بعض الفساد المتطفل على حياة الشركة وستمحو انتقاداً كبيراً كان يوجه للشركات المساهمة بأن المستأثر بمقدراتها هو مجلس الإدارة ولمصلحة أعضائه دون المساهمين، وستقضي هذه اللائحة على ذلك وتبدأ صفحات جديدة في حياة الشركات شعارها الإفصاح والشفافية وغرضها ليس فقط حقوق المساهمين وإنما حماية أصحاب المصالح بالمعنى الواسع الفضفاض الذي لا يكتفي بالعاملين والدائنين والموردين، وكل شخص له مصلحة مع الشركة ويصل إلى أن من أصحاب المصالح المجتمع. وهنا لابد من وقفة وتحية لهذه اللائحة التي تربط بين حماية مصالح الشركة ومصلحة المجتمع لا انفصال بينهما في ترسيخ واضح لمفهوم المسؤولية الاجتماعية.
ونأمل أن تصدر لوائح حوكمة لشركات الأموال والأشخاص ما دام الكل يساهم في دعم الاقتصاد وتنمية المجتمع.