شركة المحاصة بين التصفية والتسوية
خالد بن محمد العنقري
تعرف شركة المحاصة بأنها شركة مستترة عن الغير يظهر بها أحد الشركاء بصفته الشخصية دون تمثيل لبقية الشركاء ولا تتمتع بشخصية اعتبارية ولا تخضع لإجراءات الشَهر، وهي شركة تمتاز بسهولة الانعقاد واقتصاد في التأسيس، ومن سماتها أنها شركة وقتية يلجأ لها التجار لتنظيم التنافس وبيع السلع، ومن الناحية القانونية لا يوجد ما يمنع من استمرار هذه الشركة لوقت طويل. ومما يترتب على انعدام الشخصية الاعتبارية لهذه الشركة ألا يكون لها ذمة مالية ولا موطن ولا جنسية. كما أنها لا تخضع لقواعد تصفية الشركات، لذا فمن الواجب تحديد ملكية الحصص بشكل واضح في عقد الشركة، وهل هي من قبيل المشاع أم أن لكل شريك حقه في حصته المقدمة وليس للشركاء سوى الأرباح والخسائر، ويترتب على ذلك حقه في نصيبه وحمايته حال الإفلاس، ولا سيما في الحصص العينية كالأجهزة والمعدات.

ليس ثمة إشكال في جميع ما سبق إذا ما تمت صياغة عقد المحاصة بشكل يتوافق مع وضعها القانوني، إلا أن الشائك في هذا الموضوع هو انعقاد الشركة تحت اسم شخصية اعتبارية كمؤسسة فردية وربما لم يتول إدارة هذه الشركة الشريك المنسوبة إليه المنشأة، كما أن شركاء المحاصة عند النزاع أو التسوية لا يهدفون فقط إلى الأرباح بل تتعدى أهدافهم إلى القيمة السوقية للمنشأة، وهذا قد لا يتأتى، كما أن شركة المحاصة قد تحدد بمدة زمنية محددة كما في نظام الشركات السابق حيث نص في المادة (47) من نظام الشركات على أن تسري أحكام المادة (35) على شركة المحاصة وهي تدور حول انقضاء شركة التضامن، الذي نص على جواز انسحاب الشريك ما لم تكن الشركة محددة المدة، وهذا ما تم حذفه في النظام الجديد حيث جعل الانسحاب دون قيد إلا أن ثمة تساؤل إذا ما تم العقد وفق النظام القديم أو تم الاتفاق على زمن معين فهل هو ملزم وما الحل حال تعذر استمرار الشراكة أو اختلاف المصالح أو محاولة التنصل منها لأي سبب؟ ولا شك أن العقد لازم ولكن هل التصفية مستحيلة حال النزاع وهذا بيت القصيد في هذا المقال.

بالنظر إلى النظام الجديد فقد نص في المادة رقم (50) على طرق انقضاء شركة المحاصة، ومنها الانسحاب دون أي قيد ومفهوم ذلك أن شركة المحاصة لا يمكن تحديدها بمدة معينة كما في النظام القديم، إلا أن الإشكال المحير في قيمة النماء وسعر السوق وموجودات الشركة إذا كان محل الشركة مؤسسة فردية مسجلة باسم أحد الشركاء، ومن خلال النظر للمادة (43) من النظام الجديد نجد أنه أضاف قيدا جديدا لتعريف شركة المحاصة وهو (ولا تقيد بالسجل التجاري) فهل المقصود أن لا يكون محلها سجلا تجاريا أم لا تقيد كشركة، مع أن لازم استثنائها من الشخصية الاعتبارية وعدم شهرها يقتضي ذلك. والجواب على هذا السؤال يترتب عليه الجواب عن سابقه.

من وجهة أخرى فقد نص النظام القديم في المادة (41) والجديد في المادة (16) على طرق انقضاء الشركات، ومن تلك الأسباب صدور حكم قضائي نهائي بحلها أو بطلانها ولم يستثن من الشركات شيء حيث جاء اللفظ بصيغة العموم التي تدل عليها لفظة كل حيث نص على (مع مراعاة أسباب الانقضاء العامة والخاصة بكل نوع من أنواع الشركات تنقضي الشركة بأحد الأسباب الآتية…)، وذكر منها الحل بحكم قضائي. ومما تجدر الإشارة إليه أن التسوية في شركة المحاصة لا يختلف عليها جميع شراح القانون إلا أن السؤال حول موجودات الشركة والقيمة السوقية للمنشأة حال كونها مؤسسة فردية هل هي ضمن التسوية أم لا، علما بأن القضاءين الفرنسي والمصري يجيزان تعيين مصف لشركة المحاصة بشرط انحصار مهمته فيما يتفق مع طبيعتها، كما أن نماء الشركة وقيمتها السوقية حق الشركاء دون استثناء وهو حق مشروع مكفول بالشرع والنظام، كما أن شركة المحاصة تنقلب فور كشفها كشركة بأي صورة إلى شركة تضامن واقعية يجب شهرها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت