مقال قانوني حول دور الجمارك في حماية حقوق المؤلف

مقال حول: مقال قانوني حول دور الجمارك في حماية حقوق المؤلف

بقلم ذ عبدالغني الأزهري

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

دكتور في الحقوق باحث في قانون الأعمال
تأتي أهمية طرح مثل هذه الإشكاليات للنقاش بين مختلف الفاعلين، انطلاقا من التحولات الاقتصادية والتكنولوجية الكبيرة التي عرفها العالم خلال السنوات الأخيرة، مما يَسَّرَ عملية انتقال المصنفات بين مختلف الدول،

لترافقه أشكال مختلفة من الاعتداءات على حقوق المؤلفين، وهو ما يستوجب معه تفعيل وتنزيل مجموعة من آليات حماية حقوق الملكية الفكرية، سواء المادية منها أو القانونية. إن مقياس تطور الشعوب هو نجاعة وغزارة إنتاجها الفكري الجاد، التي عبر عنها يوما نوبل بقوله: “قيمتك في الحياة .بقدر ما تضيفه إليها”

فالإنتاج الفكري إذن لا يقِلُّ إن لم نقل يفوق قيمة الإنتاج المادي بل هو المرجع، لذلك فَطن المجتمع الدولي منذ فترة . إلى أهمية حماية المصنفات بمختلف ألوانها

لهذا أصبحت إلزامية محاربة السلع المغشوشة والمقلدة والمنتهكة لحقوق الملكية الفكرية لما تشكله من خطر على صحة . وسلامة وأمن الفرد والمجتمع، مسألة حتمية

:وللإحاطة بموضوع المداخلة، نقترح تسليط الضوء على النقاط التالية
.أولا: ماهية الملكية الفكرية
.ثانيا: مفهوم الحقوق المجاورة
.ثالثا: أهمية حماية حقوق المؤلف
.رابعا: تمييز الملكية الفكرية عن الملكية الصناعية
.خامسا: آليات حماية حقوق المؤلف
.سادسا: التدابير الحدودية لمحاربة الظاهرة

أولا: ماهية الملكية الفكرية
1- تعريف ترتبط الملكية الفكرية بحق المؤلف، فمن تنسحب عليه هذه الصفة؟
المؤَلِّف حسب تعريف المادة الأولى من القانون رقم 00-2 “هو الشخص الذي أبدع المصنَّف”.1)
كما يشمل حق المؤلف أنواع المصنفات التالية:”المصنفات الأدبية مثل الروايات وقصائد الشعر والمسرحيات والمصنفات المرجعية والمصنفات المرجعية والصحف وبرامج الحاسوب وقواعد البيانات والأفلام والقطع الموسيقية وتصاميم الرقصات والمصنفات الفنية مثل اللوحات الزيتية والرسوم والصور الشمسية والمنحوتات ومصنفات الهندسة المعمارية والخرائط الجغرافية والرسوم التقنية”. 2)

فالملكية الفكرية تخضع إذن من حيث تحديدها لمفهوم الملكية الوارد بقانون الالتزامات والعقود بكون المبدع الأصلي . يتمتع بحق مالك الرقبة –إن جاز التعبير والقياس- (الاستغلال، الانتفاع والتصرف)

فحق المؤلف مصطلح قانوني يصف الحقوق الممنوحة للمبدعين عن مصنفاتهم الأدبية و الفنية، و حق المؤلف هو مجموعة من القوانين التي تمنح المؤلفين و الفنانين و غيرهم من المبدعين الحماية لما يبدعونه في مجال الأدب و الفن و يشار إليه عامة باصطلاح “المصنفات”. و لحق المؤلف علاقة وثيقة بمجال آخر من الحقوق المرتبطة به و المشار إليها باصطلاح “الحقوق المجاورة” التي تنطوي على حقوق مشابهة أو مطابقة للحقوق التي يكفلها نظام حق .المؤلف

2- الحقوق الناشئة عن حق المؤلف
بداية لابد من التمييز بين المؤلفين ذوي الحقوق الأصلية (الأصالة المطلقة) وبين ذوي الحقوق المشتقة (الأصالة .النسبية)

فالمبدع الأصلي هو من أبدع المصنف في الأصل، لذلك نجده محمي بموجب حق المؤلف كما تنسحب الحقوق المخولة له إلى باقي ورثته، إذ لهؤلاء الحق الاستئثاري الأساسية في الانتفاع بالمصنف أو التصريح للآخرين بالانتفاع :به بشروط متفق عليها . ويمكن لمبدع المصنف أن يمنع ما يلي أو يصرح به

استنساخ المصنف بمختلف الأشكال مثل النشر المطبعي أو التسجيل الصوتي ؛-

أداء المصنف أمام الجمهور كما في المسرحيات أو كالمصنفات موسيقية ؛ –
إجراء تسجيلات له على أقراص مدمجة أو أشرطة سمعية أو أشرطة الفيديو مثلا ؛ –
بثه بوساطة الإذاعة أو الكابل أو الساتل ؛ –

ترجمته إلى لغات أخرى أو تحويره من قصة روائية إلى فيلم مثلا. 1)-
أما المؤلف ذو الحق المشتق، فهو من ارتكز على مصنف موجود سلفا وقام بإنتاج مصنف أو إبداع آخر مستمد منه، وتشمل (الترجمات والاقتباسات والتعديلات الفلكلورية وأيضا المخطوطات القديمة).2)

:ثانيا- الحقوق المجاورة
ارتباطا مع التطور الحاصل في مجال الإنتاج الأدبي والفني، نشأت حقوق موازية ومرتبطة بحق المؤلف، أُطلِقَ عليها . اسم الحقوق المجاورة

فهذه الحقوق يُرادُ بها وإن كانت أقل سعة وأقصر مدة، “حقوق فناني الأداء (مثل الممثلين والموسيقيين) في أدائهم
كما تتضمن حقوق منتجو التسجيلات الصوتية (مثل تسجيلات الأشرطة والأقراص المدمجة) في تسجيلاتهم؛
وأخيرا حقوق هيئات الإذاعة في برامجها الإذاعية والتلفزيونية ”
ويبدأ سريان هذه الحقوق بمجرد إبداع المؤلف لمصنفه، حيث تتولد عن ذلك حقوقا معنوية متمثلة في الحق في نسب المصنف لاسمه أو استعمال اسم مستعار أو بدون اسم، كما له الاعتراض على أي تحريف أو بتر لمصنفه
في حين تشمل الحقوق المادية، الحق في الاستنساخ، التعديل، الترجمة والإعارة
الحقوق الأدبية أو المعنوية : هي حقوق لصيقة بالشخصية لا يجوز التصرف فيها و لا يلحقها التقادم و أن – :لمؤلف المصنف، بصرف النظر عن حقوقه المادية و حتى في حالة تخليه عنها، يمتلك الحق فيما يلي

أ‌ – أن يطالب بانتساب مؤلفه له
ب‌- أن يبقى اسمه مجهولا أو أن يستعمل اسما مستعارا
ج‌-أن يعترض على كل تحريف أن بتر أو أي تغيير لمصنفه أو كل مس به من شأنه أن يلحق ضررا بشرفه أو .سمعته

:الحقوق المادية
حقوق الاستغلال : يقصد بحقوق الاستغلال التي تنعقد للمؤلف و تخوله سلطات في استغلال مصنفه بأي صورة يراها مناسبة و أن يشارك في عائد استغلاله باعتباره المؤلف الذي يرجع إليه الفضل في وجود هذا المصنف، و :يخول للمؤلف الحق الاستئثاري في القيام بالأعمال التالية
أ‌- إعادة نشر و استنساخ مؤلفه
ب‌- ترجمة مصنفه. ج‌- إعداد اقتباسات أو تعديلات أو تحويلات أخرى لمصنفه
د‌- القيام بتأجير مصنفه أو الترخيص بذلك
هـ- القيام أو الترخيص بالتوزيع على العموم عن طريق البيع أو التأجير أو الإعارة العمومية أو أي شكل آخر
من تحويل الملكية أو الامتلاك لأجل مصنفه أو لنسخ منه لم يسبق أن كانت موضوع توزيع مرخص به من قبله
و‌- عرض أ و أداء مصنفه أمام الجمهور
ز‌- استيراد نسخ من مصنفه
ح‌- إذاعة مصنفه. ط‌- نقل المصنف إلى الجمهور بواسطة كابل أو أية وسيله أخرى

:المصنفات المحمية-
إن القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.20 المؤرخ في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000) يمنح الحماية لمؤلفي المصنفات المبتكرة في الأدب و الفنون أي كان نوع التعبير عن المصنف و شكله و نوعيته و هدفه، وقد مثل لها القانون المذكور في مادته الثالثة بما : يلي

أ) المصنفات المعبر عنها كتابة؛
ب) برامج الحاسوب؛
ج) المحاضرات والكلمات والخطب…؛
د) المصنفات الموسيقية… ؛
هـ) المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية؛
و) المصنفات الخاصة بالرقص والإيماء؛
ز) المصنفات السمعية-البصرية بما في ذلك المصنفات السينيماتوغرافية…؛
ح) مصنفات الفنون الجميلة… ؛
ط) المصنفات الخاصة بالهندسة المعمارية؛
ي) المصنفات الفوتوغرافية؛
ك) المصنفات الخاصة بالفنون التطبيقية؛
ل) الصور والرسوم التوضيحية والخرائط الجغرافية والتصاميم والرسوم …؛
م) التعابير الفولكلورية والأعمال المستمدة من الفولكلور؛
ن‌) رسوم إبداعات صناعة الأزياء

:ثالثا: أهمية حماية حقوق المؤلف
إذا كان الإبداع الأدبي والفني والتكنولوجي، رافد من أهم روافد التطور الإنساني، فلابد من حافز مادي ومعنوي لكل مبدع، وذلك لا يتأتى إلا بتوفير حماية قانونية لما يتولد عن ذلك من حقوق مادية ومعنوية. الأمر الذي أدَّى إلى فرز آليات حمائية، سوف نتطرق لها لاحقا

:رابعا: تمييز حقوق الملكية الفكرية عن الملكية الصناعية
حسب مدلول القانون عدد 97-17 المعدل بمقتضى القانون رقم 31.05، فإن الملكية الصناعية تشمل “براءات الاختراع وتصاميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر المندمجة والرسوم والنماذج الصناعية وعلامات لصنع أو التجارة أو الخدمة والاسم التجاري وبيانات المصدر وتسميات المنشأ وزجر المنافسة غير المشروعة”.1)
كما يراد بلفظة الملكية الصناعية “ما تفيده في أوسع مفهومها وتطبق ليس فقط على الصناعة والتجارة الصرفة والخدمات، ولكن أيضا على كل إنتاج في مجال الصناعات الفلاحية والاستخراجية وكذا على جميع المنتجات المصنوعة أو الطبيعية مثل الأغنام والمعادن والمشروبات.2)
إذن فمجال الملكية الفكرية، ينسحب على كل المنتجات الأدبية والفنية، في حين تنحصر الملكية الصناعية في كل ما هو صناعي تجاري خدماتي أو فلاحي

:خامسا: آليات حماية حقوق المؤلف
حماية لحقوق المؤلف المادية والمعنوية، وتعزيزا للحق الفكري والذهني للإنسان موازاة مع رعاية الشروط اللازمة والضرورية لتشجيع الابتكار والخلق والإبداع، سن المشرع المغربي ترسانة من القوانين وأيضا انخرط في .اتفاقيات دولية وإقليمية، كما أسس جهات رسمية تعكف على مراقبة أي خرق لحقوق المؤلف

: آليات الحماية الوطنية
:إنشاء المكتب المغربي لحقوق المؤلفين-
المكتب المغربي لحقوق المؤلفين جهاز وضعته الدولة لتدبير و رعاية حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة في المغرب، عهد إليه المشرع بموجب الفصل 60 من القانون رقم 2.00 المؤرخ في 15 فبراير 2000 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، كما تم تغييره و تتميمه بموجب القانون رقم 34.05 المؤرخ في 14 فبراير 2006، بمهمة حماية و استغلال حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، وقد أحدث بمقتضى مرسوم رقم 2.64.406 المؤرخ في 5 ذي القعدة 1384 موافق 8 مارس 1965 بعد موافقة الغرفة الدستورية للمجلس الأعلى بتاريخ 27 فبراير 1965، و هو يوجد تحت وصاية وزارة الاتصال، و يتولى القيام وحده باستخلاص وتوزيع مختلف حقوق المؤلفين الموجودة حالا و استقبالا، كما يدبر داخل تراب المملكة المغربية شؤون مصالح مختلف الشركات الأجنبية للمؤلفين في نطاق .الاتفاقيات المبرمة معها

:صلاحيات و مهام المكتب-
تنفيذ سياسة الدولة في مجال الملكية الفكرية –
تمثيل المغرب في المحافل الدولية ذات الصلة بالملكية الفكرية –
إبرام عقود و اتفاقيات مع هيآت دولية مماثلة بقصد حماية و ضمان حقوق المؤلفين المغاربة في الخارج –
تدبير شؤون مصالح مختلف الهيآت الأجنبية للمؤلفين داخل تراب المملكة في نطاق الاتفاقيات المبرمة معها –
تنظيم حملات التحسيس و التوعية و النهوض بالملكية الأدبية و الفنية على الصعيد الوطني-
استلام و تسجيل جميع التصريحات التي من شأنها التعريف بالمصنفات و ذوي حقوق المؤلف طبقا لنظام الانخراط و التصريحات

مراقبة استعمال و استغلال المصنفات الأدبية و الفنية
تسليم الرخص لمستغلي و مستعملي المصنفات الأدبية و الفنية
الترخيص بالاستعمالات المباشرة أو غير المباشرة لتعابير الفولكلور حينما تكون هذه الاستعمالات لأهداف تجارية أو خارج إطارها التقليدي أو العرفي و استخلاص المستحقات المتعلقة بها طبقا لنظام استخلاص حقوق المؤلف
استخلاص مختلف حقوق المبدعين الموجودة حالا و استقبالا
توزيع الحقوق على المبدعين
الدفاع عن الحقوق المادية و المعنوية للمؤلفين أمام المحاكم لصيانة حقوقهم المعنوية و المادية
تأهيل الأعوان المنتدبين من لدن الوزير الوصي بأداء اليمين و تحرير المحاضر لمعاينة المخالفات للقانون
القيام بحجز المسجلات الصوتية و السمعية البصرية و كل وسائل التسجيل المستعملة و كذا كل المعدات التي استعملت في الاستنساخ الغير القانوني
التنسيق مع إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة قصد وقف التداول الحر لسلع مشكوك في مشروعيتها
التنسيق مع مقدمي الخدمات عبر شبكة الانترنيت لتحديد هوية مرتكب خرق مزعوم لحقوق المؤلف أوالحقوق المجاورة و تحديد المسؤولية لمقدمي الخدمات

:التشريع الوطني-
صدر القانون رقم 34.05 بتاريخ 14 فبراير 2006 القاضي بتغيير و تتميم القانون رقم 2.00 المؤرخ في 15 فبراير 2000 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، و هو القانون الذي عزز دور المكتب المغربي لحقوق المؤلفين و وسع نطاق صلاحياته و مكنه من الآليات القانونية و التنظيمية الكفيلة بنهوضه بالمهام الملقاة على عاتقه .على أكمل وجه

ويندرج القانون الجديد في إطار ملائمة القوانين المغربية مع المعايير الدولية في مجال حق المؤلف و الحقوق المجاورة، و هو قانون متقدم في حمايته لأهل الإبداع و لكافة الحقوق المرتبطة بالمصنفات الأدبية و الفنية، مستوعب لأحدث ما تقدمه التطورات التكنولوجية، و مستجيب لكل ما يتطلبه التحديث و العصرنة في هذا المجال، وقد ساهمت عدة اعتبارات وطنية و دولية في مراجعة و تعديل القانون رقم 2.00، و تتعلق هذه التعديلات أساسا ب : مدة الحماية، تعزيز التدابير على الحدود و تأهيل إدارة الجمارك للتدخل المباشر لوقف تداول السلع المشكوك في كونها سلع مقلدة و مقرصنة، تعزيز التدابير التكنولوجية و تعزيز الحماية و الردع ضد كل أشكال التحايل عليها، تعزيز التدابير التحفظية و الجزاءات المدنية و العقوبات الجنائية، و وضع نظام للمسؤولية المحدودة لموفري الخدمات يسمح باتخاذ .تدابير ناجعة ضد كل مس بحق المؤلف و الحقوق المجاورة في الشبكات الرقمية

:آليات الحماية الدولية
الاتفاقيات و المعاهدات
المغرب عضو في الاتفاقيات الدولية الآتية : اتفاقية بيرن المتعلقة بحماية المصنفات الأدبية والفنية ( 9 شتنبر 1886 التي تديرها المنظمة العالمية للملكية الفكرية
انضم المغرب لها بتاريخ 16 يونيو 1917
وصادق على عقد باريس ل 24 يوليوز1971 بتاريخ 17 فبراير 1987
الاتفاقية العالمية لحق المؤلف ( 6 شتنبر 1952 ) التي تديرها منظمة اليونسكو
انضم المغرب لها بتاريخ 8 فبراير 1972
وصادق على عقد باريس ل 24 يوليوز 1971 بتاريخ 28 أكتوبر 1975
الاتفاقية التي أنشئت بموجبها المنظمة العالمية للتجارة والتي تضم الملحق
أ / ج المتعلق باتفاق تريببس ( اتفاق جوانب الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة وقع عليها المغرب بتاريخ 15 أبريل 1994
اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية ” الويبو”
صادق المغرب عليها بتاريخ 27 يوليوز1971
كما أن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين عضو منذ سنة 1970 بالكنفدرالية الدولية لهيآت المؤلفين والملحنين
أما معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف و معاهدة الويبو بشأن الأداء و التسجيل الصوتي (1996 WPPT – WCT)، فالمسطرة جارية لأجل انضمام المغرب إلى هاتين المعاهدتين

: سادسا: التدابير الحدودية لمحاربة الظاهرة
تلعب إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة دورا مهما في حماية الاقتصاد الوطني والمستهلك على السواء من أي تهديد للسلع المستوردة أو المهربة من الخارج والغير الخاضعة للتدابير القانونية المعمول بها أو الغير المتوفر فيها شروط السلامة اللازمة

وتنسجم هذه المهمة مع جملة المهام الموكولة لإدارة الجمارك في هذا الباب، وانطلاقا من ذلك، يحق لإدارة الجمارك أن توقف التداول الحر للسلع المهربة أو المقلدة أو المقرصنة إذا ما شكت أو تأكدت من ذلك.1)

وطبقا للحالة المعروضة أعلاه، تُخبر إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة الشخص المعني مالك البضائع المقلدة أو المهربة كما تطلعه على كل المعلومات بناء على طلب كتابي منه.2)

إلا أن الملاحظ حول هذا القانون أنه لم يجعل من إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، طرفا في موضوع الجرائم المتعلقة بالقرصنة أو التقليد، كما أن مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة قد خلت إلى وقت قريب من جعل هذا الفعل مخالفة جمركية، حيث اقتصر دورها على حجز السلع أو المصنفات إذا ما تأكدت أو شكت في كونها مقرصنة أو مقلدة، مع الاكتفاء بإخبار المالك الحقيقي (المفترض) بتلك الوقائع، هذا الأخير له كامل الصلاحية في إجراء . المتابعة من عدمها

ففي إطار ممارسة إدارة الجمارك لأدوارها المتعددة، تضطلع بمهام توقيف التداول الحر للسلع المشكوك في كونها مقرصنة أو مقلدة فيما يخص عمليات الاستيراد، التصدير و العبور حمايةَََََ لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة تطبيقا لمقتضيات القانون عدد 2.00 بتاريخ 15 فبراير 2000 كما تم تغييره وأيضا حماية لحقوق الملكية الصناعية انسجاماََ و مقتضيات القانون عدد 97- 17 كما تم تغييره و تتميمه

: وفيما يلي سرد لمسطرة الإجراء الجمركي المُتَّبع في هذا الشأن
1- كيفية التوقيف
– يتم هذا التوقيف بناء على طلب كتابي لمالك الحق أو الحق المجاور أو من يمثله أو بواسطة المكتب المغربي لحقوق المؤلف BMDA طبقا لمقتضيات الفصل 60 من القانون2.00 بتاريخ 15 فبرلير 2000.1
أو بمبادرة من إدارة الجمارك.1
و تخص إجراءات التوقيف المتعلقة بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، الأعمال الأدبية و الفنية، سواء منها المستوردة أو المصدرة أو في حالة عبور و المضمنة في الكتب و الوثائق و التسجيلات الصوتية و المرئية و اللوحات الفنية…

2- مسطرة وضع الطلب
يمكن أن يتقدم بإيداع الطلب لدى الإدارة المركزية بالرباط سواء مالك حق المؤلف أو من يمثله أو بواسطة المكتب المغربي لحقوق المؤلف
تتم دراسة الطلب من طرف الإدارة المركزية بالتعاون مع المكتب المغربي لحقوق المؤلف
يُنجز الطلب وفق نموذج محدد لهذه الغاية، يتضمن معلومات بخصوص صاحب الطلب بالإضافة إلى العناصر التي تمكن من تحديد السلع موضوع القرصنة

: كما يُرفق بالطلب
شهادة مسلمة من طرف BMDA بالنسبة للأعمال الوطنية، وشهادات مسلمة من طرف الجمعيات أو مكاتب حقوق المؤلفين الأجانب مقبولة من طرف BMDA بالنسبة للأعمال الأجنبية و التي من شأنها تبرير صفة مالك حق المؤلف أو الحقوق المجاورة

الوثائق التي تمكن من تحديد السلع المقرصنة بالإضافة إلى المعلومات التي من شأنها تمكين الإدارة من اتخاذ القرار

تقديم توكيل خاص في حالة إيداع الطلب من طرف ممثل مالك الحق
:وفي نفس الإطار، يلتزم صاحب الطلب بتقديم
مبررات القيام بالإجراءات الاحتياطية أو المتابعات القضائية داخل أجل عشرة أيام من تاريخ تبليغه من طرف الإدارة بوقف التداول الحر للسلعة المقرصنة
مآل المتابعات القضائية
3- دراسة طلبات التوقيف
بعد دراسة الطلب من طرف الإدارة المركزية بالتعاون مع BMDA يتم إشعار صاحب الطلب بقبول أو رفض طلبه داخل أجل لا يتعدى 30 يوما، في حالة قبول هذا الأخير تخبر الإدارة المركزية المكاتب الجمركية المعنية لتفعيل التوقيف

4- تطبيق إجراءات التوقيف
أثناء المراقبة الجمركية للسلعة موضوع الطلب و بعد معاينتها تقوم المصلحة بوقف التداول الحر بشأنها مع إخبار . صاحب الطلب و المصرح بالسلعة و كذا BMDA في حينه

تقوم المصلحة بتبليغ صاحب طلب التوقيف بالمعلومات اللازمة المتعلقة بهذه العملية حتى يتسنى له القيام بالإجراءات القانونية.2
5- تبعات إجراء التوقيف
:لخلق نوع من التوازن، يرفع إجراء التوقيف من طرف المصلحة في حالة
عدم تقديم صاحب الطلب للمكتب الجمركي المعني بالأمر بما يفيد قيامه بتدابير تحفظية يأمر بها رئيس المحكمة أو أنه رفع دعوى وقدم ضمانات في الموضوع داخل الأجل المحدد(10 أيام من تاريخ الإشعار)
طلب إلغاء التوقيف من المعني بالأمر داخل أجل عشرة أيام من تاريخ التوقيف
صدور حكم قضائي نهائي يثبت أن السلعة موضوع التوقيف غير مقرصنة.3

6- مدة التوقيف
تم تحديد مدة توقيف المؤلفات المقرصنة، في سنة قابلة للتجديد، دون أن تتجمل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة أية مسؤولية في ذلك، إذا ما استوفت عملية التوقيف المقتضيات القانونية المنظمة له

ب / الدور الزجري لتدخل إدارة الجمارك المنحصر في حماية الملكية الصناعية
صنفت مقتضيات قانون المالية لسنة 2014، كل استيراد لبضائع حاملة لعلامة صنع أو تجارة أو خدمات مقلدة في خانة المخالفات الجمركية من الدرجة الأولى طبقا لنص المادة 285 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، حيث أصبحت إدارة الجمارك فضلا عن سلطتها في توقيف التداول الحر للسلع المشكوك في كونها مقلدة تطبيقا لمقتضيات القانون عدد 97-17، مخولة للقيام بالإجراءات التالية 4
ضبط المخالفات التي تتعلق بالسلع المقلدة؛
حجز هذه السلع؛
فض النزاعات المترتبة بشأنها عن طريق الصلح؛
المتابعة القضائية من طرف إدارة الجمارك عن طريق تقديم شكاية لدى النيابة العامة بالمحكمة المختصة و المطالبة بأداء غرامة تعادل ثلاث مرات مبلغ الرسوم
والمكوس مع مصادرة السلع موضوع التقليد إذا ما تعذر إبرام صلح كما هو الشأن بالنسبة لكافة المخالفات الجمركية
– قراءة في المادة 285 من مدونة الجمارك الضرائب غير المباشرة المعدلة طبقا لقانون المالية الجديد برسم سنة 2014
كانت المتابعات قبل قانون المالية لسنة 2014 تتم استنادا للمادة 39 من قانون المسطرة الجنائية (شكاية المتضرر)، حيث لم تكن تعتبر مخالفة جمركية، حينها كانت إدارة الجمارك تكتفي بإشعار مالك المصنف بواقعة حجز المصنفات المقلدة أو المقرصنة، الذي يتقدم بشكاية لدى النيابة العامة في الموضوع
وفقا للتعديل الجديد، أصبحت عمليات التقليد والتزييف المنصبة حول المنتجات الصناعية المضمنة بالقانون 17.97، مخالفة جمركية من الطبقة الأولى عند الاستيراد
إلا أن الملاحظ حول مقتضيات هذه المادة، أنها غيبت المتابعة الجمركية بالنسبة للمصنفات الأدبية المقرصنة، وذلك بحصرها للقانون موضوع المخالفة الجمركية أي القانون 17.97
فضلا على السالف ذكره، فإن حديث المادة 285 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، انصب حول البضائع المقلدة أو المزيفة موضوع الملكية الصناعية أثناء إجراء عمليات استيراد، لِيُطرح مع التساؤل التالي: ما مصير البضائع المقلدة أو المزيفة المصنوعة محليا، هل تنهض مخالفة جمركية طبقا لنص المادة 285 أم أن الأمر يقتصر فقط على ما يتم أثناء الاستيراد؟

بقلم ذ عبدالغني الأزهري
دكتور في الحقوق باحث في قانون الأعمال

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.