مقال قانوني حول الدفاع لرد الدعوى الأصلية في الدعوى المعارضة

مقال حول: مقال قانوني حول الدفاع لرد الدعوى الأصلية في الدعوى المعارضة

الدفاع لرد الدعوى الأصلية في الدعوى المعارضة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

ينص الفصل 28 من م.م.م.ت على أن ” دعوى المعارضة هي التي يقوم بها المطلوب للمدافعة عن نفسه في دعوى موجهة عليه بقصد معارضة طالبه بما يطلبه منه.”.

كما ورد بالفصل 227 من م.م.م.ت أن دعوى المعارضة : ” لا تقبل إلا إذا كان المقصود منها الدفاع لرد الدعوى الأصلية …”.
ويستروح من هذين الفصلين أن المشرع تبنى مفهومين للشرط الموضوعي المتعلق برد الدعوى الأصلية وهو ما يستوجب منا إبداء بعض التوضيحات من خلال العنصرين المواليين ، إذ نتولى تحديد المفهوم الضيق لرد الدعوى ( أ ) ثم في مرحلة لاحقة نتولى تحديد المفهوم الموسع لهذا الشرط ( ب ) .

أ- المفهوم الضيق لرد الدعوى الأصلية
استنادا إلى ما اقتضاه الفصل 227 من م.م.م.ت من أن دعوى المعارضة ” لا تقبل إلا إذا كان المقصود منها الدفاع لرد الدعوى الأصلية …” يتضح أن المشرع قد تبنى مفهوما ضيقا لرد الدعوى لا يتجاوزحدود الدفاع في الأصل .
ومن هذا المنظور فإن المشرع قد اعتبر دعوى المعارضة بمثابة الدفع الموضوعي ويعني ذلك أن دعوى المعارضة تهدف إلى تمكين المطلوب من معارضة المدعي بأية وسيلة من وسائل الدفاع.

وقد سبق أن بينا المقصود بالدفوع وميزنا بين الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية ولا نرى فائدة في التعرض لها في هذا الموضع.
وغني عن البيان أن حصر الغاية من وراء القيام بدعوى المعارضة في مجرد الدفاع في الأصل يتعارض مع الموقف الفقهي السائد في هذا الخصوص، ولكن فقه القضاء التونسي قد أيد المفهوم الضيق لرد الدعوى الأصلية في عديد القرارات نذكر منها ما ورد بالقرار التعقيبي المدني عـــــ9620 ـــدد المؤرخ في 1983 / 07 / 28 إذ جاء في حيثياته ما يلي : ” وحيث يؤخذ من الفصل 28 من م.م.م.ت أن مرماه ينحصر في معارضة الدعوى الأصلية أو طلب المقاصة أو غرم الضرر المترتب عن القيام بتلك القضية.
وحيث أن معارضة الدعوى الأصلية في طلب إبطال التنبيه تتمثل في الحكم بصحة التنبيه أما طلب الحكم بإخراج الشاغل من المحل فهو طلب مغاير لتلك الدعوى ولا علاقة له بموضوعه لكن دعوى الخروج هذه تمثل دعوى أصلية ولا يسوغ القيام بها في قالب دعوى معارضة .” ( 65 ).

كما جاء في قرار تعقيبي آخر ما يلي : ” وحيث أن مناط قبول دعوى المعارضة من جانب المدعى عليه هو أن يكون من شأنها رد الدعوى الأصلية وزوال طلبات المدعي والحكم بعدم سماع دعواه أو التنقيص منها أو تعديلها ” ( 66 ).
وفي نفس هذا السياق أقرت محكمة التعقيب :” أن الدعوى الأصلية من المكتري في إبطال تنبيه للخروج من مكرى تجاري ترمي من وراء إبطال التنبيه للبقاء في المحل وبذلك يجوز دفعها بدعوى معارضة من المالك في طلب الحكم بصحة التنبيه وهو ما يقتضيه الفصل 227 من م.م.م.ت لرفع الدعوى الأصلية ، إلا أن فرع الخروج يعارضه القيام بطلب غرامة الحرمان وبذلك فإن الحكم وإن كان صحيحا في إجابة الدعوى المعارضة بصحة التنبيه فإنه ليس كذلك في فرع الخروج ” ( 67 ).

ويتضح من خلال ما جاء بحيثيات محكمة التعقيب ضمن جملة هذه القرارات أنه تم تكريس المفهوم الضيق لرد الدعوى الأصلية والذي يتماثل مع ما ينتجه التمسك بالدفع الموضوعي وهذا التأويل لمحكمة

التعقيب يجد تبريره من خلال ما ورد بالفصل 227 من م.م.م.ت الذي ينص على أن دعوى المعارضة
” لا تقبل إلا إذا كان المقصود منها الدفاع لرد الدعوى الأصلية ” .
غير أن هذا التأويل اللفظي لمنطوق الفصل 227 من م.م.م.ت يجرد دعوى المعارضة من صبغتها الخاصة والمتمثلة في أنها أولا وبالذات تعتبر إدعاء ، وتستنتج مباشرة من خلال استعمال المشرع لعبارة ” دعوى المعارضة ضمن الفصل 227 ذاته ، فلا وجود لدعوى دون أن تكون متضمنة لطلب معين يتجاوز مجرد الدفاع ضرورة أن الدفاع لا يحتاج إقامة دعوى من قبل المطلوب تكون خاضعة لإجراءات وآجال معينة كما سبق بيانه آنفا سواء من خلال التعرض إلى الشروط الشكلية لدعوى المعارضة أو لطبيعتها القانونية .
كما أن التشبث بالمفهوم الضيق لرد الدعوى يناقض الموقف السائد لدى الفقه أو في التشاريع المقارنة التي أقرت أغـلـبـها الـطـبـيعة الـمـزدوجة لدعـوى الـمـعـارضة وذلـك ما سـنـحاول تـوضـيحـه ضـمـن العنصر الموالي ( ب).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُساهمةموضوع: رد: الدفاع لرد الدعوى الأصلية في الدعوى المعارضة السبت مارس 22, 2008 4:06 pm
ب- المفهوم الموسع لرد الدعوى
انطلاقا من الموقف الفقهي السائد فإنه يمكن تعريف دعوى المعارضة على أنها تلك التي يرفعها المدعى عليه بهدف تحقيق أمرين يتمثل الأول في رد الدعوى الأصلية الموجهة عليه ويتمثل الثاني في طلب الحكم له بمنفعة خاصة به ضد خصمه ( 68 ). وقد تبنى المشرع الفرنسي نفس هذا الموقف من خلال الفصل64 من قانون المرافعات المدنية الجديد ( 69 ).
وتبعا للتعريف الذي اعتمده الفقه أو المشرع الفرنسي فإن دعوى المعارضة تتميز أساسا بطابعها الإدعائي إلى جانب صبغتها الدفاعية .

وفي هذا الصدد ولئن كنا بينا فيما سبق أن المشرع التونسي قد تبنى مفهوما ضيقا لرد الدعوى كشرط موضوعي لقبول دعوى المعارضة ، فإنه وفي غياب نص تشريعي واضح يعّرف دعوى المعارضة ، لا بد من تحديد موقف المشرع من هذه المسألة بالنظر إلى بقية الفصول التي خصصها لدعوى المعارضة دون الاقتصار على ما ورد بالفصل 227 من م.م.م.ت .
إن المتمعن في الفصل 28 من م.م.م.ت يتبين أن المشرع نص في موضع أول على أن” دعوى المعارضة هي التي يقوم بها المطلوب للمدافعة عن نفسه في دعوى مـوجـهـة عـلـيـه بـقـصـد مـعـارضـة طـالـبـه بما
يطلبه منه….” .
يستروح من خلال ما تضمنه الفصل 28 أن المشرع التونسي أيضا تبنى المفهوم الموسع لرد دعوى الأصلية ضرورة أنه اعتبر دعوى المعارضة في مرحلة أولى بمثابة الدفاع في الأصل وفي مرحلة ثانية تصبح بمثابة الدعوى . فبالنسبة لاعتباره دعوى المعارضة بمثابة الدفع والذي يكون الهدف منه منحصرا في تفنيد الادعاء الأصلي فيبرز من خلال استعماله لعبارة ” للمدافعة عن نفسه في دعوى موجهة عليه.”
وغني عن البيان أن الصبغة الدفاعية لدعوى المعارضة لا تعتبر الميزة الأساسية لدعوى المعارضة ضرورة أنه لو انحصر الهدف من دعوى المعارضة في مجرد الدفاع فقط لما استوجب الأمر إفرادها
بجملة من الفصول باعتبار أن حق الدفاع يعد من الحقوق البديهية لكل شخص تتم مطالبته أو مسائلته قضائيا ولا يحتاج إلى تضمينه بنص قانوني مستقل ( 1 ) .

أما بالنسبة لتكريسه للصبغة الادعائية لدعوى المعارضة فإنه يمكن استنتاجه من خلال العبارات الواردة في الفصل 28 من م.م.م.ت ضرورة أنه بعد أن مكن المطلوب من الدفاع عن نفسه أورد ما يلي :” بقصد معارضة طالبه بما يطلبه منه ” .نتبين أن الدفاع في الموضوع ليست الغاية الوحيدة للمدعى عليه ، إذ أنه إضافة إلى المناقشة التي أبداها في خصوص أصل الدعوى ، فهو يتطلع إلى الحصول على منفعة خاصة تتجاوز مجرد رفض الادعاء الأصلي.

وفي هذا السياق يمكن القول أن دعوى المعارضة مثلها مثل الدفوع الموضوعية غايتها تفنيد إدعاء الخصم وعدم الحكم له وفقا لطلباته إلا أنها تصبح مختلفة عنها في مرحلة لاحقة ، إذ أن الدفع الموضوعي يقتصر على المطالبة برفض الدعوى الأصلية أو عدم سماعها في حين أن دعوى المعارضة تخول المطلوب هذا الحق باعتبارها دفعا وتمكنه في ذات الوقت من توجيه طلبات خاصة به على المدعي ، إذ أن معارضة الطالب بما يطلبه منه لا تتوفر منطقيا إلا بتوجيه طلب معين خاص به على هذا الأخير .
ومن المعلوم أن المشرع لا يكرر نفسه وتبعا لذلك يستفاد من خلال إيراد المشرع في مرحلة أولى لكون دعوى المعارضة هي تلك التي يقوم بها المطلوب ” للمدافعة عن نفسه ” ثم ألحقها بعبارة ” بقصد معارضة طالبه بما يطلبه منه ” أنه لا يقصد منها التكرار وتأكيد الصبغة الدفاعية وإنما يستروح من ذلك أن دعوى المعارضة تشكل دفعا ودعوى ، وهذا هو المقصد الحقيقي للمشرع ومراده من وراء تكريس دعوى المعارضة لرد الدعوى الأصلية.

وقد تأيد هذا الموقف من خلال قرارات تعقيبية الصادرة في هذا الاتجاه حيث ورد في إحدى حيثيات القرار التعقيبي عــــ 2707ــــدد المؤرخ في 1980 / 03 / 13 أنه ” يمكن للمحكمة أن تنظر في آن واحد في دعوى استرجاع المكرى من طرف المالك للاحتياج وإلزام المتسوغ بالخروج في نطاق الدعوى المعارضة على أساس الفصل 227 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية إذ المقصود من هذه الدعوى رد الدعوى الأصلية ” ( 71 ).
كما جاء في القرار التعقيبي عـــ6276 ــــدد المؤرخ في 1981 / 10 / 22 أن ” قيام مكترى السكنى بإبطال تنبيه الاسترجاع الوارد له من المالك يرمي للبقاء بالمحل وبذلك فإن دعوى المعارضة للمطالبة بصحة التنبيه والخروج تكون صحيحة في معارضة الدعوى الأصلية وبذلك فإن الحكم بعدم سماع الـدعـوى الأصـلـيـة مـن الـمكـتـرى والـحـكـم عـلـيـه بـصفـة الـتـنـبـيه والـخروج فـي طـريـقـه ولا

مـطعن فيه ” ( 72 ).وبالتالي فقد اعتبرت محكمة التعقيب من خلال هذه القرارات أن دعوى الخروج هي نتيجة حتمية لصحة التنبيه وهي تندرج ضمن الصنف الأول من الأصناف الثلاثة التي تخول فيها ممارسة دعوى المعارضة والتي نص عليها الفصل 227 من م.م.م.ت ، وأكدت موقفها هذا ضمن قرار الدوائر المجتمعة عــــ64559 ــــدد الصادر بتاريخ 2000 / 02 / 17 المشار إليه سابقا .
وتبعا لما ورد بالقرارات المشار إليها أعلاه يتضح أن جانبا هاما من فقه القضاء يعتمد المفهوم الموسع لرد الدعوى كشرط موضوعي لقبول دعوى المعارضة من حيث الأصل.

ومرد هذا الاختلاف لدى فقه القضاء التونسي يكمن أساسا في عدم اعتماد المشرع خلافا لنظيره الفرنسي لتعريف واضح لدعوى المعارضة من جهة ، ومن أخرى إلى طبيعة الطلبات المعارضة المقدمة من المدعى عليه والتي يصعب في بعض الصور إقامة تفرقة بينها وبين الدفوع الموضوعية التي يقدمها الخصم لأن الهدف من هذه الوسائل قد يكون واحدا في بعض الأحيان وهو ألا يحكم للمدعي بطلباته.

غير أنه لا بد من التفرقة بين الدفع الموضوعي ودعوى المعارضة ، ومناط التفرقة يكمن أساسا في كون الدفع الموضوعي هو وسيلة دفاع بحتة لأن المدعى عليه يقتصر به على إنكار حق المدعي ، في حين أن دعوى المعارضة التي يـقـدمها الـمـطلوب يكون الـهـدف مـنـها إلى جانب رفـض طلب المدعي حماية حق يدعيه أمام القضاء الحصول على حكم لفائدته ضد خصمه ، وهذا هو المفهوم الصحيح لرد الدعوى الأصلية تبعا للموقف الفقهي السائد وموقف فقه القضاء المقارن وجانب هام من فقه القضاء التونسي.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.