التسويات الودية للخلافات التجارية

تطورت مؤخراً وسائل حل النزاعات خارج المحاكم خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا التجارية بين الشركات والتجار بصفة عامة. حيث ترتكز هذه الوسائل البديلة لحل النزاعات على عدة مزايا يحتاجها رجال الأعمال والشركات مثل اختصار الوقت و المرونة وانخفاض التكلفة وتفادي كثير من مساوئ التقاضي في المحاكم الرسمية. و من الوسائل البديلة لحل النزاعات في مجال الأعمال التجارية وسيلة التسوية الودية للنزاع أو ما يسمى بالصلح خارج المحاكم.

وهي قيام الطرفين بالتفاوض حول انهاء الخلاف بطرق المفاوضات المباشرة مع الطرف الأخر أو من خلال شخص أو جهة لها ثقل اجتماعي وخبرة ودراية قانونية وتجارية، وذلك بعد الاطلاع على تاريخ الخلاف واسبابه وتفاصيله. يتميز الصلح خارج المحاكم بعدة أمور تجعل منه ليس فقط أحد خيارات حل النزاع، بل يكاد يكون الخيار الأمثل لكثير من النزاعات التجارية. حيث يتمكن طرفي النزاع من حل الأمور في وقت قصير مقارنة بالذهاب الى المحاكم، أو حتى مقارنة بالوسائل الأخرى مثل التحكيم. وتوفير الوقت أمر في غاية الأهمية لكل من يمارس الأعمال التجارية. كما أن الصلح خارج المحاكم وتسوية الخلافات ودياً يساهم في الحفاظ على العلاقة الودية بين أطراف الخلاف.

حيث لا يتوقع من طرفي الخلاف الحفاظ على العلاقة عند الذهاب إلى المحاكم وحل الخلاف بواسطة القضاء، في حين أن الأصل في التسويات الودية والصلح خارج المحاكم هو الحفاظ على ودية العلاقة. حتى و لو اضطر أحد الأطراف لدفع تسوية أكثر من ما توقعه مسبقاً على سبيل المثال، إلا أنه سيتم جني منافع نفسية وتجارية تتجاوز النظرة القصيرة الأجل. وكذلك فإن حل النزاع خارج المحاكم يضمن سرية المداولات ويحفظ لكل الأطراف الخصوصية التامة دون تضرر أي طرف كنتيجة لما يحيط بالقضايا التي تصل إلى المحاكم. حيث تحرص كثير من الشركات على عدم افشاء اسرارها التجارية وطريقة عملها، وتوفر عملية التسوية الودية للنزاع وسيلة مناسبة لتسوية النزاع دون تسرب أي معلومات سرية لأطراف أخرى.

كما يتسم الصلح خارج المحاكم بانخفاض التكاليف و المرونة في التوصل لحل يخدم الطرفين. ذلك أن المفاوضات تؤدي في الغالب لحل وسط يرضي الطرفي، ودون دفع تكاليف للمحامين والمحكمين و الخبراء الفنيين. فعلى سبيل المثال إذا اختلف طرفان بشأن مطالبة بمبلغ 5 مليون ريال، فإن خيار الذهاب للمحكمة أو التحكيم سيحدد إما أن هذا المبلغ مستحق أم لا.

وقد يكون الحكم حكماً آخر و غير متوقع من الطرفين أو أحدهما، بينما يمكن تقليل المخاطرة على الطرفين والتوصل لحل يخدم مصالحهما سوياً وفي حدود توقعاتهما. كما أن الطرف الخاسر غالباً ما يتحمل كامل تكاليف التقاضي والمحامين والخبراء الفنيين الذين أبدو رأيهم للقضاء. وهذا مما يزيد من جاذبية حل الخلافات بالتسوية الودية.

وختاماً، يتسم الصلح خارج المحاكم بمزايا اختصار الوقت و السرية والمرونة و تقليل التكلفة و تقليل المخاطر، مما يجعله الوسيلة الأفضل لحل النزاعات التجارية خصوصاً مع وجود طرف ثالث يسهل التواصل و يدفع باتجاه حل الخلاف دون اللجوء للمحاكم.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت