مقال قانوني حول التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة

مقال حول: مقال قانوني حول التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة

بقلم ذ هشام بركة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

حاصل على شهادة الماستر في تخصص القانون العقاري ملحق قضائي
إن من بين أهم المستجدات التي أتت بها مدونة الحقوق العينية في موضوع دعوى قسمة العقار المحفظ أن يتم تقييد هذه الدعوى تقييدا احتياطيا حيث نصت المادة 316 منها على أن “لا تقبل دعوى القسمة

إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء وتم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ.”

فمن خلال هذا النص يتعين على طالب قسمة عقار محفظ بمجرد تقديم طلب الدعوى لدى المحكمة وأداء الرسوم،وإعطاء رقم للملف أن يبادر إلى تقديم طلب للمحافظة العقارية الكائن العقار موضوع القسمة بدائرتها من أجل تقييد الدعوى تقييدا احتياطيا.

ويقصد بالتقييد الاحتياطي حسب الأستاذ مأمون الكزبري أنه “إجراء يقوم به صاحب حق تعذر عليه تسجيله لسبب من الأسباب ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التسجيل عند زوال المانع، وذلك بان يضع قيدا تحفظيا على رسم التمليك وعلى نسخة من هذا الرسم يتضمن الإشارة إلى الحق الذي يدعيه والذي امتنع تسجيله في الوقت الحاضر لقيام مانع حال دون ذلك فهذه الإشارة من شانها أن تحفظ لصاحب الحق عند زوال المانع إمكانية تسجيل حقه”

وقد نظم المشرع المغربي مؤسسة التقييد الاحتياطي في الفصول 85و86و88 من ظهير التحفيظ العقاري كما غير وتمم بالقانون رقم 14/07 .وميز فيه بين ثلات أنواع

أولا: التقييد الاحتياطي بناءا على سند

تحدد في عشرة أيام مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المطلوب بناء على سند ولا يمكن خلال هذه المدة قبول أي تقييد آخر لحق يقتضي إنشاؤه موافقة الأطراف.

لا يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند إذا كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده النهائي.

وتنحصر في شهر مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.

يشطب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا، بعد انصرام الأجل المذكور، ما لم يدل طالب التقييد بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية طبقا لأحكام الفصل 85.

” يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا.
يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري إما:

بناء على سند يثبت حقا على عقار ويتعذر على المحافظ تقييده على حالته؛ –
بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها؛ –
بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء –
إن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به
تبقى التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص
ثانيا: التقييد الاحتياطي بناءا على أمر صادر عن رئيس المحكمة
يحدد مفعول التقييد الاحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره، ما لم ينجز التقييد النهائي للحق، وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع، ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي.

وفي جميع الحالات، لا يصدر رئيس المحكمة الابتدائية الأمر بالتقييد الاحتياطي إلا بعد تأكده من جدية الطلب
لا يمكن لطالب التقييد الاحتياطي أن يقدم أي طلب جديد بناء على نفس الأسباب
ويمكن اللجوء إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار، بصفته قاضيا للمستعجلات، للأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي كلما كانت الأسباب المستند عليها غير جدية أو غير صحيحة

ثالثا:التقييد الاحتياطي بناءا على مقال دعوى في الموضوع
يحق لأي شخص تقدم بدعوى إلى القضاء المختص قصد الاعتراف له بحق قابل للتقييد بالرسم العقاري إن يطلب من المحافظ تقييدا احتياطيا لهذا الحق مصحوبا بنسخة من مقال الدعوى في الموضوع مرفوعة إلى القضاء

والإشكال الذي كان ولا يزال مطروحا منذ صدور مدونة الحقوق العينية هل التقييد الاحتياطي المنصوص عليه في المادة 316 المشار إليها أعلاه يمثل حالة خاصة نظرا لطبيعة دعوى القسمة والاحتفاظ به إلى أن يتم البث فيه نهائيا في هذه الدعوى أم يجب إخضاعه لمقتضيات الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري بمعنى التشطيب عليه بعد انصرام ثلاثة أشهر إذا كان قد تم تقييده بناءا على أمر ولم يقع تمديده داخل هذا الأجل، أو بعد انصرام أجل شهر إذا تم تقييده بناءا على مقال ولم يقع تمديده داخل هذا الأجل

: وهذا التساؤل في الحقيقة يجعل التقييد الاحتياطي يتأرجح بين الإبقاء والتمديد مما أدى إلى وجود اتجاهين مختلفين
: الاتجاه الأول
ذهب الى القول بأن التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة يشطب عليه تلقائيا من طرف المحافظ على الأملاك العقارية طبقا لمقتضيات الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري بعد انصرام أجل شهر من تاريخ تقييده بناءا على مقال ما لم يدل طالب التقييد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية عملا بمقتضيات الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري المذكور جاء عاما،والعام يؤخذ على عمومه ما لم يرد نص خاص

:أما الاتجاه الثاني
فيرى خلاف ذلك، ويعتبر التقييد الاحتياطي لدعوى قسمة عقار محفظ يجب أن يستمر مفعوله ويبقى ساريا إلى حين الفصل نهائيا في الدعوى،وبذلك يحفظ رتبة التقييد من تاريخ تضمين التقييد الاحتياطي ويستند في ذلك إلى ما نصت إليه المادة 316 من مدونة الحقوق العينية يعتبر نصا خاصا، فلا مجال للعمل بالنص العام الوارد في الفصلين 85و 86 من ظهير التحفيظ العقاري حيت جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 85 ” تبقى التقييدات الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص”

وفي هذا السياق جاء في أمر لرئيس المحكمة الابتدائية بمكناس ما يا لي”وحيث إن الطلب عزز بنسخة من مقال دعوى قسمة العقار المذكور مقدم إلى هذه المحكمة بتاريخ 30/10/2013

وحيث طالما أن الطلب قدم في إطار المادة 316 ممن مدونة الحقوق العينية التي أوجبت تقييد دعوى القسمة تقييدا احتياطيا تحت طائلة عدم قبول الدعوى إذا تعلق الأمر بعقار محفظ، وبالتالي فإن تقييد دعوى القسمة يفترض أن يستمر مفعوله إلى حين انتهاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي بات في الموضوع

: ولأجله
نأمر بإجراء تقييد احتياطي لفائدة الطلب على الملك ذي الرسم العقاري عدد 05/89908 وعلى الملك ذي الرسم العقاري 05/93236

ونصرح باستمرارية صلاحية التقييد إلى حين صدور حكم نهائي في دعوى القسمة المقدمة إلى هذه المحكمة بتاريخ 30/10/2013

كما أن دعوى قسمة عقار محفظ تقتضي سريان مفعولها احتياطيا إلى غاية صدور حكم نهائي،لأن دعوى القسمة دعوى عينية عقارية وأن الأحكام الصادرة بخصوصها هي أحكام كاشفة للحق وليست منشئة له بل اعتبرها بعض الفقهاء رخصة فقط وليست حقا لأن دعوى القسمة لا تمارس من أجل هدف غير مشروع

وقد جاء في الفصل 1088 من ظهير الالتزامات والعقود “يعتبر كل من المتقاسمين أنه كان يملك منذ الأصل الأشياء التي أوقعتها القسمة في نصيبه، سواء تمت هذه القسمة عينا أو بطريقة التصفية كما يعتبر أنه لم يملك قط غيرها من بقية الأشياء “،وهو ما أكدته المادة 322 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها يعتبر كل متقاسم مالكا على وجه الاستقلال للحصة المفرزة التي آلت إليه نتيجة القسمة، وتكون ملكيته خالصة من كل حق عيني رتبه غيره من الشركاء إلا إذا رتب هذا الحق الشركاء مجتمعون “

ونميل إلى الاتجاه الثاني الذي يرى بضرورة استمرارية مفعول التقييد الاحتياطي من غير إخضاعه إلى المقتضيات العامة وخاصة تلك المتعلقة بالتمديد ،ولكونه يتماشى مع المنطق القانوني السليم الذي يضمن ويحفظ رتبة تقييد الأحكام الباتة الصادرة في دعوى القسمة، وهو ما قصده المشرع بإلزامية التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة ورتب عدم سماع وقبول الدعوى كجزاء في حالة عدم تقييدها احتياطيا

وفي جميع الأحوال فان عدم احترام مقتضيات المادة 316 من مدونة الحقوق العينية يجعل المحكمة تصرح بعد قبول الدعوى حيث جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالمحمدية

“وحيث إن الثابت بمقتضى المادة 316 من مدونة الحقوق العينية أن دعوى القسمة لا تقبل إلا إذا أدخل فيها جميع الشركاء وتم تقيدها تقييدا احتياطيا إذا تعلق الأمر بعقار محفظ.
وحيث تبين للمحكمة بعد إطلاعها على شهادة الملكية المؤرخة في 1/04/2016 أن المدعي لم يسلك مسطرة التقييد الاحتياطي مما كانت معه الدعوى مخالفة للمادة أعلاه.
وحيث من جهة أخرى تبين للمحكمة أن المدعي أدخل في الدعوى السيد … وأن المضمن في شهادة الملكية هو السيد …وأن الأمر يتعلق بخطأ لم يتداركه المدعي مما يجعل الدعوى مسجلة ضد شخص غير مسجل بالصك العقاري وتعين تبعا للإخلالات الشكلية المذكورة الحكم بعدم قبول الدعوى .

الفقرة الثانية : تطابق العقار المحفظ موضوع القسمة مع الرسم العقاري
إن قسمة العقارات المحفظة تستلزم أن يكون موضوع دعوى القسمة مطابقا لمندرجات الرسم العقاري الخاص بها، لأن القسمة المنصبة على العقارات المحفظة تبنى على ما هو مضمن بالرسم العقاري الذي يشكل المراَت التي تعكس الوضعية المادية والقانونية التي توجد عليها هذه العقارات،وبهذا فالعقار لمحفظ والمراد قسمته يجب أن يكون وقت دعوى قسمته مطابقا من الناحية المادية لما هو منصوص عليه في الرسم العقاري.الأمر الذي يحثم على الشركاء قبل رفع دعوى القسمة تحيين الرسوم العقارية تحيين الرسوم العقارية الخاصة بالعقار المنوي قسمته إذا كانت غير مطابقة لواقع العقار وقت دعوى القسمة.

وقد تم إقرار مبدأ التحيين حتى تظل الرسوم العقارية وسيلة موثوق بها لتقديم المعلومات الصحيحة حول الواقع المادي للعقار المراد قسمته أو ما يعرف بمصداقية الرسوم العقارية

وبهذا وحتى تظل الرسوم العقارية تضطلع بوظيفتها على أحسن وجه يتعين على الشركاء المالكين للعقارات المحفظة الحرص على تقييد كل عمليات البناء المشيدة على الأرض العارية المحفظة،أو اضافة بعضها إن كانت مبنية في السجلات العقارية

قبل تقديم الدعوى لقسمتها أمام القضاء المختص بها ، والقسمة البتية للعقار يجب أن تشمل الأرض المحفظة وما عليها من بناءات أو أجزاء مضافة، ويجب الاشارة الى ذلك في المقال الافتتاحي لدعوى القسمة حتى يكون هناك تطابق بين ما يطلب قسمته وما هو مشار اليه في الرسم العقاري،والتقييد الذي يرمي الى تحيين الرسوم العقارية لا يقتصر على الأعمال والبناءات الجارية على الأرض المحفظة فقط، بل يستلزم شهر حتى أعمال الهدم الواقع على العقار سواء كان هذا الهدم كليا أو جزئيا،لأن من شأن هذا الهدم أن يحدث شرخا واضحا بين الواقع المادي للعقار وبين ما هو مسجل بالرسم العقاري،بحيث أن هذا الأخير سيظل محتفظا بنفس البيانات السابقة على أعمال الهدم إذا لم يتم تحيينها وتقييد الإحداثيات وبالتالي انعدام التطابق بين وضع العقار وبين الرسم العقاري

وعليه فعملية تحيين الرسوم العقارية من أجل جعلها مطابقة لواقع العقار موضوع دعوى القسمة أمرا ضروريا ويعد من مستلزمات دعوى قسمة العقارات المحفظة لأن نظام التحفيظ العقاري يهدف إلى إشهار وضعية العقار ليس فقط من الناحية القانونية بل أيضا من الناحية المادية،وذلك ليظل التطابق مستمرا بين وضعية العقار في الواقع وبين مندرجات السجل العقاري

إن كل دعوى قضائية موضوعها قسمة عقار محفظ ويكون هذا الأخير مخالف لما هو منصوص عليه في صفحات الرسم العقاري، يكون مصيرها هو عدم القبول.وقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط “إن عدم تضمين الإحداثيات الواردة على العقار المحفظ في الرسم العقاري يجعل دعوى القسمة سابقة لأوانها ويتعين التصريح بعدم قبولها”، وفي قرار أخر لنفس المحكمة انه نظرا للوضع الحالي للعقار يتعين تحيين الرسم العقاري المذكور مراعاة للبناءات التي أقيمت عليه ويكون بذلك طلب القسمة سابقا لأوانه ويتعين تصديا التصريح بعدم قبول الدعوى

وتجدر الإشارة أن إثارة عدم التطابق بين العقار موضوع دعوى القسمة والرسم العقاري يمكن أن يثار من طرف المدعى عليهم . ومن له المصلحة في ذلك بما في ذلك المحكمة

بقلم ذ هشام بركة
حاصل على شهادة الماستر في تخصص القانون العقاري ملحق قضائي

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.